Translate

الأحد، 7 يونيو 2009

الامريكتان : بداية جديدة ام هدنة مؤقته ؟


سياسة واخبار
التاريخ: الأربعاء, 13 مايو, 2009
زيد يحيى المحبشي - اليمن
التغيير، التعاون، الشراكة التكافؤية، إتحاد الأنداد، الإنصات والتشاور, التعلم من أخطاء الماضي، الاحترام المتبادل،
الرابط : سياسة واخبار زيد يحيى المحبشي - اليمنالتغيير، التعاون، الشراكة التكافؤية، إتحاد الأنداد، الإنصات والتشاور, التعلم من أخطاء الماضي، الاحترام المتبادل، المصالح والقيم المشتركة.. وغيرها من المصطلحات الرائج تداولها في واشنطن خلال الأشهر الأربعة الأخيرة والتي لم يكن لها أي معنى قبل وصول أوباما المفعم بالأمل والحالم بالتغيير , خلافاً لما درجة عليه الإدارة السابق لجورج بوش الابن.
هذه الروح الجديدة الطامحة إلى تغيير بحر الكراهية المحاصرة القطبية الأميركية الأحادية ليس في حديقتها الخلفية فحسب بل وفي جميع أصقاع المعمورة وإعادة بريق الزعامة والقيادة الذابلة, قد توحي في ظاهرها بحدوث نوع من التغيير النسبي في آليات التعاطي تبعاً لدورة البندول بمفردتيها من التمدد في حالة الاستقرار والتماسك والانكماش في حالة عدم الاستقرار والترهل الداخلي, لكنها في نهاية المطاف, لا تخرج عن مبدأ مونرو فيما يتعلق بسياسة الولايات المتحدة إزاء أميركا اللاتينية وحوض الكاريبي, ومن ثم تعزيز القيادة الأميركية المتداعية الأركان وإعادة بعثها من جديد, وهو هدف كان ولا يزال في سُلم أولويات الإدارات الأميركية المتعاقبة منذ الجمهورية الأولى (1823) وحتى اليوم جمهورية كانت أم ديمقراطية باستثناء بعض التغيير في آليات التنفيذ تبعاً لمعطيات الواقع واستحقاقاته.
حقيقة ذلك نجدها في شعار أوباما للتعاطي الخارجي بصورة عامة ومع الجنوب الأميركي بصورة خاصة والمرفوعة هذه المرة تحت يافطة "القوة الذكية" بعد أن كانت في السابق تحت يافطة العصا الغليظة,والتي أضحت المنهج العملي للتعاطي مع اللاتينيين وتحديداً مابعد تأطير الرئيس الأميركي روزفلت (1933- 1945) لمعالمها الرئيسية المستوحاة من المثل الأفريقي "تكلم بلطف، واحمل عصا غليظة، تبلغ مرادك". الأهمية الجيوسياسية التي تتمتع بها أميركا اللاتينية, جعلتها محط اهتمام الأوربيين مابعد القرن 15 ومحور اهتمام الرئيس جيمس مونرو عندما عبّر بصراحة في العام 1823 عن ذلك "أميركا للأميركيين" أي بعد نحو 47 عاماً من استقلال بلاده عن الاستعمار البريطاني في 1776 بهدف التأكيد على الرفض للاحتلال والتدخل الأوربي في شؤون الأميركيتين بينما كان الهدف الحقيقي, الحلول مكان الغرب في استغلال ثروات الأميركيتين والسيطرة الكاملة على قرارها السياسي ,والذي حول فيما بعد تحول الولايات المتحدة من قوة إقليمية إلى قوة عظمى فيما تحولت أميركا اللاتينية إلى حديقة خلفية وإخوان صغار تستخدمهم واشنطن كما يحلو لها ولذلك أسباب أبرزها:
أن أميركا اللاتينية تعد أكبر مورد نفطي أجنبي للولايات المتحدة في العالم والشريك القوي في تطوير الوقود البديل، وأهم الشركاء التجاريين نمواً، وأكبر مصدر للمهاجرين، ولذا فالعلاقة معها تعد جزءاً أساسياً للإستراتيجية الأميركية، وهي القاعدة المتحكمة في علاقة الطرفين على مدى الـ186 عاماً الماضية.إستراتيجية القوة الذكية لإدارة أوباما تقوم حسب هيلاري كلينتون على المزاوجة بين المبادئ والمنهج العلمي أي أنها لن تكون أيديولوجية جامدة تعتمد على الحقائق والأدلة، ولا هي عواطف وانحياز بله أقرب إلى الواقعية العملية بهدف تسهيل تحقيق الأجندة الأميركية الجديدة القديمة المتمحورة حول:- ضمان أمن الولايات المتحدة وشعبها وحلفائها.- تعزيز النمو الاقتصادي وتقاسيم الازدهار داخل وخارج الولايات المتحدة.- تقوية أميركا في القيادة العالمية من باب الشراكة طبعاً.
وفي هذا السياق فقط يمكننا فهم التغيير الدراماتيكي المفاجئة لإدارة أوباما إزاء الدول اللاتينية مؤخراً وليونة المواقف والتخاطب والتعامل وسيل الوعود خلال قمة الأميركيتين الخامسة المنعقدة في جزيرة بورت أوف سبين عاصمة جمهورية ترينيداد وتوباجو في 17- 19 نيسان/ إبريل الماضي وما تخللها من مصافحة ومصالحة ومشاهد أعادة فتح الملفات القديمة الجديدة للعلاقات بين أميركا وحديقتها الخلفية بعد خمسة قرون من نهب ثروات القارة اللاتينية الحلوبة و186 عاماً من السيطرة والتبعية وستة عقود من الصراع بين القوميين المواليين للحظيرة الأميركية واليساريين المتمردين الطامحين إلى الاستقلالية والحرية وعشر سنوات من تزايد موجة الثورة البوليفارية اليسارية.الصورة بمفرداتها المتنافرة والحالمة بحلول السلام والشراكة المتكافئة تضع إمكانية دخول علاقة الطرفين منعطفاً جديداً على مفترق الطرق,خصوصاً وأننا أمام طوفان جارف من انعدام الثقة والعلاقات المخربة والعداء والكراهية المتنامية لأميركا والليبرالية والامبريالية المستعصية حلحلة عقدها على العطار الأميركي الجديد المقر بدوره خلال القمة الأخيرة بالحاجة إلى عقود لإذابة جليد الجمود المتراكم والاكتفاء بالدعوة لطي صفحة الماضي والتطلع إلى المستقبل.
منظمة الدول الأميركيةظهرت أول منظمة إقليمية تجمع بين الأميركيتين في العام 1899 تحت مسمى الاتحاد الأميركي المستبدلة في العام 1948 بمنظمة الدول الأميركية المحتوية حينها 21 دولة أميركية فيما هي اليوم 34 دولة تمثل دول الأميركيتين باستثناء كوبا المستبعدة من عضويتها منذ العام 1962,ورغم مرور 61 عاماً على هذه المنظمة إلا أن بسط واشنطن نفوذها أفرغها من محتواها وحال دون تحقيق أهدافها المتمثلة في:
احترام شخصية وسيادة واستقلال دولها وقيام نظم سياسية ديمقراطية وتجريم الحروب العدوانية وفض النزاعات سلمياً ومراعاة العدالة الاجتماعية واعتبار أي اعتداء ضد دولة أميركية اعتداء على جميع دول المنظمة.وأمام اختراق واشنطن لتلك المبادئ خصوصاً خلال الحرب الباردة صارت المنظمة أداة تنفيذية بيد واشنطن وشرعنة تدخلاتها المتعددة الأوجه في شؤون أعضاء المنظمة والواصل ذروته في 1973 عندما أقدمت واشنطن على إحباط الانتخابات الرئاسية التشيلية كأول تجربة ديمقراطية لاتينية ما ساعد على تفكيك التضامن الأميركي وشل المنظمة كلياً مفسحاً المجال لبروز منظمات إقليمية أخرى بدت أكثر فعالية وحضور خصوصاً بعد انتهاء الحرب البادرة وتنامي الثورة البوليفارية.
ما بعد الحرب الباردة حملت إدارة بيل كلينتون بارقة أمل لإعادة إحياء المنطقة كانت نتيجتها انعقاد أول قمة في 1994 ومن حينها عقدت خمس قمم على مستوى القادة إلا أن ما شهده عهد بوش من إهمال لأميركا اللاتينية بفعل التركيز على حروبه الشرق أوسطية أدى إلى بروز فاعلين دوليين جدد يزاحمون أميركا نفوذها وسيطرتها في فنائها الخلفي وتحديداً الصين في حين اكتفى بوش بإعمال سياسة العصا الغليظة وهو ما أدى إلى الحيلولة دون نجاح قمم المنظمة الأربع والتي كان آخرها في 2005 ليأتي التئام القمة الأخيرة وسط آمال عريضة بإعادة إحياء المنظمة على خلفية وصف أوباما مخرجاتها بالمثمرة رغم تحول كل شيء فيها إلى نوايا حسنة ليبقى الرهان اللاتيني متوقفاً على ترجمة الأجواء الإيجابية والنوايا الحسنة والشعارات الحالمة إلى واقع عملي.
الثورة البوليفاريةسيطرة خلال الحرب البادرة (1947- 1991) على واشنطن هواجس الخوف من انتشار الثورة الشيوعية في جوارها اللاتيني خصوصاً بعد نجاح ثورة فيدل كاسترو في 1959 ومن حينها دأبت واشنطن على محاصرة هذه الثورة ومنع توسعها وإعمال كل الوسائل الكفيلة بوجود قادة موالين لها إلا أن ذلك لم يؤدي إلى فشل محاولات إسقاط نظام كاسترو ومنع الثورة الشيوعية من الانتشار بل العكس تماماً حيث شهدت أميركا اللاتينية تنامياً ملحوظاً في عدد المعتنقين لليسارية وسط تزايد تدخل أميركا وقيامها بإسقاط الكثير من التجارب الديمقراطية الشعبوية اللاتينية.ظهور تشافيز على المسرح اللاتيني أدى إلى بروز ما يسمى بالثورة البوليفارية المبلورة حينها في الرابطة البوليفارية والتي ضمت إلى جانب كوبا وفنزويلا كلاًُ من بوليفيا ونيكاراجوا والهندوراس والدومينيكان وسانت فنسنت والإكوادور وتشيلي وغيرها من الدول التي كانت قبل هذه الثورة مجبرة على تأمين مصالح أميركا والسير في ركابها على حساب دولهم وشعوبهم.
ومن حينها تصاعدت موجة الانتقاد لسياسة واشنطن المصحوب بالنجاح في إيجاد منظمات إقليمية أثبتت فاعليتها وبدأت تنافس دور منظمة الدول الأميركية وأسهمت بفاعلية في تنامي رقعة اليسار وتراجع اليمين الموالي والتحرر من التبعية الاقتصادية وتأميم ثروات بلدانها واستخدام عوائدها في تمويل المشاريع المشتركة وزيادة التبادل التجاري فيما بينها ونسج علاقات اقتصادية بديلة عن واشنطن خصوصاً مع الصين بما مكنها في نهاية المطاف من إحراز نمو بواقع 5 بالمائة وتحديداً في السنوات الخمس الأخيرة وانتشال 40 مليون لاتيني من الفقر المدقع ما جعلها في منأى عن الأزمة المالية العالمية وأكثر تحملاً لتبعاتها إذ اقتصرت تداعياتها على التهديد بتراجع نسبة النمو بواقع واحد بالمائة ما يعني إعادة 15 مليون لاتيني إلى الفقر فقط وهو ما حمل قادتها خلال القمة الأخيرة إلى الإفصاح عن رغبتهم في رؤية واشنطن تتجرع من ذات الكأس.
إذن فالتحرر بعد عقود من التبعية الاقتصادية والطموح إلى التنمية المستقلة وتنويع قاعدة التعامل التجاري مع فاعلين دوليين منافسين لواشنطن كل ذلك يعد بنظر واشنطن خطر مهدد لأمنها الاقتصادي وقيادتها الكونية.الانبعاثة اللاتينية المتصاعدة أتت بالتزامن مع تراجع نفوذ واشنطن في القارة اللاتينية الساعية حثيثاً لاستقلال حقيق يؤسس لمرحلة جديدة من العلاقات الندية مع واشنطن ويضع حداً لـ186 من الهيمنة والسيطرة ويُوجد متنفساً للهروب من التخريب والتدخل وحرية أكبر للتبادل التجاري وتنوع الاقتصاديات الوطنية والتطلعات الشعبية والمؤمل سيرورته في المستقبل المنظور بديلاً معادلاً لاتفاقيات مناطق التجارة الحرة الموقعة مع واشنطن تحت الضغط لضمان حقوق المستثمرين الشماليين..أمام تصاعد المطالب بالتخلص من التبعية وردم الهوة الاقتصادية والاجتماعية بين الغالبية اللاتينية الفقيرة والنخبة الثرية والطبقات الحاكمة تقليدياً وتحقيق العدالة وبالتالي مطالبة أوباما بالكف عن دعم بلاده النخب القديمة وتحريك المافيات الاقتصادية والنقابية الموالية إذا كان فعلاً يريد بناء علاقات متوازنة مع الدول اللاتينية وفتح صفحة جديدة معها، خصوصاً وأن هذه الدول أضحت تمتلك خيارات باتت واشنطن مدركة أنها لم تعد تهدد سيطرتها على فنائها الخلفي فحسب بل وسيطرتها على العالم لا سيما بعد تصاعد نفوذ التنين الصيني الخطر القادم البديل.
رؤية مستقبليةصحيح أن القمة الأخيرة قد شهدت بعد المؤشرات الإيجابية من قبيل تخفيف أوباما قيود سفر الكوبيين الأميركيين وتحويل أموالهم إلى كوبا وتوجيه الشراكة الأميركية لاستكشاف أسواق الاتصالات وخدمات الإذاعة والتلفزة عبر الأقمار الصناعية في الدول الكاريبية وإبداء الاستعداد لمحاورة كوبا حول كل شيء شريطة اتخاذ خطوات ملموسة على صعيد الإصلاح الديمقراطي والتحول نحو اللبرلة وهو ما قابلته كوبا بالمثل شريطة أن يكون الحوار على قدم المساواة ولا يمس السيادة الكوبية وفي ذات النسق ظهور بوادر إيجابية أيضاً مع فنزويلا.
لكن هذا لا يعني أن واشنطن واللاتينيين قد أصبحوا سمن على عسل بدلالة عدم تجاوز مخرجات القمة بيع الوعود حول الشراكة والتي من شأنها في حال قبول الدول اللاتينية بها المصادقة العملية على قيادة واشنطن مجدداً للمنطقة بما يحقق في نهاية المطاف هدف واشنطن لمساعداتها على إعادة إنعاش اقتصادها في ضوء التحديات القارية المتناسلة كما أن هذه الرغبة في التعاون ترمي في الأخير إلى جعلها سلماً لتحقيق واشنطن ما عجزت عنه بالقوة خلال الحرب الباردة فيما يتعلق بتغيير الأنظمة المناهضة لها من الداخل وفي مقدمتها كوبا ولذا كان تشافيز جاداً عندما هدد بالانسحاب من الأنظمة الأميركية إذا لم يتم العدول عن تلك السياسة, إذن فأي تحسن في علاقات واشنطن مع الدول اللاتينية متوقف في الأساس على التحسن في العلاقات الكوبية الأميركية.
يأتي هذا في وقت تطالعنا فيه استقراءات الرأي الأميركية بتأييد 70 بالمائة من الأميركيين لتحسن علاقة بلادهم مع كوبا ولعل ذلك ما حال دون توصل القمة إلى توافق كافة دولها على بيانها الختامي لاسيما وأن الملف الكوبي ظل الفتيل المعيق دون أي تقدم أميركي- أميركي لاتيني خلال العقود الخمسة الأخيرة وهو ما دعا تشافيز إلى التأكيد على أن الروح التي أظهرها أوباما يجب أن تنتقل إلى السفارات والمؤسسات من أجل إحتضانها بشكل حقيق، فهل يفعلها أوباما إذا كان جاداً في تشكيل إتحاد أنداد مع اللاتينيين كجزء من التغيير الواعد به؟ أم أن ما يجري لا يعدو كونه هدنة مؤقتة ريثما تتمكن واشنطن من تجاوز الأزمة المالية العالمية وحينها سيكون في المسألة نظر؟.
هذا المقال من قبل صوت العروبة
رابط هذا المفال:

العلمانية العربية : هل وجدت لتبقى

الرابط : اراء حرة
زيد يحيى المحبشي - اليمن
"العلمانية كلمة لها رائحة البارود، لما تثيره من استجابات متضاربة ومتناقضة"هكذا يراها "جان ريفرو"
الرابط : اراء حرة زيد يحيى المحبشي - اليمن"العلمانية كلمة لها رائحة البارود، لما تثيره من استجابات متضاربة ومتناقضة"هكذا يراها "جان ريفرو" ما جعل منها واحدة من أهم المسائل المثيرة للجدل في الفكر العربي المعاصر منذ أن وطئت أقدام الاستعمار الغربي أرض العرب قبل 200 عام وبداية تبلور معالم صدمة الحداثة والغرب في الوجدان والفكر العربي وذلك لتلازم إدراك ثالوث العلمانية والغرب والاستعمار في المخيلة العربية كمكون منسوب إلى سياق حضاري وتاريخي ليس خارجياً فحسب بل ومعاد ما أدى إلى نقل بساط النقاش حولها إلى حيز السجالات المسيسة و المؤدلجة ومن ثم وضعها في قفص الاتهام!!.
بلغ الجدل ذروته في أواخر القرن 19 وبدايات القرن 20 مصحوباً بتصاعد دعوات الإصلاحات الاجتماعية في ظل وجود الاستعمار وعلى مشارف الحروب العالمة [الأولى والثانية] وبروز معارك الاستقلال الوطني في أكثر من قطر عربي في وقت كان فيه مشروع النهضة العربية قائم في مجمله على محاور العلمانية والحرية والديمقراطية واحترام التعدديات الثقافية والسياسية وحماية حقوق الإنسان، ناهيك عن إفرازات حقب القرن العشرين التاركة بصماتها بصورة أو بأخرى على القيم والمفاهيم بما فيها من تحديات ساكنة ومتحركة دفعة مجتمعة بالعلمانية كأهم معلم كوني في تشكيل ملامح العصر واستشراقاته إلى واجهة الجدل في جسد الاجتماع السياسي العربي الراهن خاصة بعد الصخب المثار حول الحجاب سواء في المجتمعات العربية والإسلامية أو في أوساط مهاجريها بالمجتمعات الغربية مثيرة بذلك العديد من التساؤلات حول الحياة الاجتماعية –المدنية بما فيها حدود الحرية والمسؤولية في السياق المكاني والزماني إلى جانب ثوران قضايا حقوق الأقليات الدينية والقومية والطائفية مع مطلع القرن الواحد والعشرين.
الأزمات العاصفة بالمجتمعات العربية هي الأخرى من وجهة نظر العلمانيين العرب أوجدت قضايا اجتماعية لم تعد تحتمل التأجيل لاسيما فيما يتعلق بالمواطنة والحرية والحداثة بذريعة عدم كفاية الجرعات المؤقتة من الحريات الممنوحة للشعوب العربية بين الفينة والأخرى لتجاوز الأزمات الحالية والمتوالدة لمراوحتها عند حدود مسميات وهياكل المؤسسات المتهالكة مكتفية بأن تترنح مجتمعاتها كل يوم على أن تهتز أركانها ومكتسباتها يوماً!!
نظرياً يبدو أن الأمور في طريقها إلى الحسم بفعل التوجه الأميركي نحو الشرق الأوسط الجديد لصالح التيارات العلمانية كخطوة أولية نحو الأنظمة العصرية ذات الطابع المدني بينما هي في الواقع مغايرة إذا نلمس تقهقراً وتراجعاً مستمراً للعلمانية العربية على أكثر من صعيد لصالح ترعرع وتنامي التيارات الدينية.
ومع ذلك يبقى الجدال الدائر بين العلمانيين والإسلاميين في العديد من الدول العربية نوع من السجال الموسمي خصوصاً وأن ظهوره غالباً ما يكون مرافقاً لبداية ظهور المعارك الوطنية السياسية والإصلاحية أو الجدل السياسي أو الانتخابات بأنواعها ثم ما يلبث أن يهدأ هديره مثال ذلك نجده في التعديلات الدستورية المطروحة مؤخراً في مصر.
إذاً ما هو سر هذا الخلاف هل هو سياسي أم أيديولوجي؟! وهل أضحت العلمانية قدراً كونياً لا مناص منه إذا ما أراد العرب الالتحاق بقاطرة الحضارة الكونية بدلاً من الانتظار الطويل على رصيف التاريخ؟!.

خط ساخن:
تباينت المواقف العربية من العلمانية منذ الوهلة الأولى لظهورها المفاجئ بالتزامن مع ظهور الحركات النهضوية العربية بما فيها التيارات الإصلاحية الإسلامية الداعية منذ القرن 19 إلى تحديث الدول العربية وتغيير أوضاع المجتمع العربي تحت شعار [النهضة من أجل الإصلاح] وهو شعار فجر جدلاً فكرياً واسعاً بين الإصلاحيين والمحافظين شهدت بعدها الساحة بروز المفكرين العرب المتأثرين بالمعرفة الغربية فأخذوا يطرحون على طاولة النقاش ظاهرة الخصوصية الأوربية الثائرة ومقارنتها بظاهرة الخصوصية الإسلامية المحافظة أو المشدودة للماضي بما فيها طرح إشكاليات التناقض بين الدين والعقل وبين الأصالة والحداثة وبين الدين والدولة وبين الدين والعقل والعلم لأول مرة دون أن يصطدم المجتمع بمعادلة فصل الدين عن الدولة لأن الإسلام هو الدين السائد والمتجذر بقوة في وجدان وضمير الشعوب العربية ولأن موقفه من العلم موقف المفاخر والداعي والمحبب إليه إلا أن ظهور الاستعمار وتوجهه إلى تحريك لنزاعات الطائفية والقومية دفع بمفكري الأقليات العرقية والدينية العربية إلى النفوذ من بوابة مشروع الإصلاح والتحديث ومن ثم إثارتهم لمبدأ فصل الدين عن الدولة مع نهاية القرن 19 رغم أن فصل الكنيسة في بلاد المنشأ سابق لدعوات العلمنة بينما هي في الوطن العربي متقدمة حيث كان الاستعمار يستعمل الدين أحياناً لضرب حركات التحرر العربية كما حصل في موقفه المجهض لمشروع محمد علي باشا (1805- 1840) بالقوة لسبب بسيط هو أنه أراد إقامة دولة عصرانية لا يسيطر عليها العقل الديني إلا أن ازدواجية التعامل الغربي حالت دون ذلك.
بصورة عامة إنقسم المفكرين العرب في نهاية القرن 19 وبداية القرن 20 إلى فريقين مثل الأول دعاة الإصلاح والتجديد وهم أغلبية ساحقة بما فيهم دعاة التجديد الديني والثاني دعاة العلمانية وهم قلة محدودة في قادتها المشهورين المتخرج غالبيتهم من الكلية البروتستانتية السورية إلا أن البعض دمج الفريقين في قائمة واحدة بذريعة أن العلمانيين العرب أول من تبنى حركة الإصلاح والتجديد ودعوا في نفس الوقت إلى العلمانية مع أن الفرق بينهما كبير.
أما الموقف الفكري الديني فمنقسم إلى أربعة تيارات دعا الأول منها إلى ضرورة أخذ الحضارة الغربية بغثها وسمينها بينما كان الثاني على النقيض إلى حد تحريمه استخدام الميكرفونات كما هو حال السلفية وفي الثالث تصدر الشيخ محمد عبده وجمال الدين الأفغاني مدرسة التقريب كخط وسطي إلا أن تدخل الماسونية حالت دون ذلك ويبقى الرابع ممثلاً في الحركات الإسلامية المعاصرة الداعية إلى أخذ المفيد ونبذ المتعارض مع الإسلام باعتبار ديننا متطور في فروعه وثابت في أصوله وفي مقدمة هؤلاء المفكر العراقي الكبير محمد باقر الصدر في كتبه التجديدية [فلسفتنا، اقتصادنا، البنوك الغير ربوية في الإسلام],في حين انقسم دعاة العلمانية إلى تيارين معتدل منفتح وراديكالي متطرف.
واقعياً يسود الفضاء العربي الإسلامي في معظمه أنظمه مهجنه نصفيها الدين والعلمانية وبالتالي فالعلمانية كنظام ومشروع سياسي كامل وواع لم تدخل قط العالم العربي رغم ما قامت به أنظمته بعد اتصالها المباشر بالاستعمار من تخلي ممرحل عن بعض الجوانب المستفزة للغرب من قبيل تطبيق العقوبات الشرعية وجباية الجزية عن مواطنيها غير المسلمين باستثناء الدول العربية التي لم تعرف الاستعمار كالسعودية واليمن الشمالي تحديداً قبل الوحدة وهي كذلك بعدها.
تبقى تونس من أهم النماذج للعلمانية العربية الحية منذ أن عمد الطاهر الحداد إلى علمنة فقه القرون الوسطى فيما يتعلق بتحرير المرأة ومنع تعدد الزوجات وإلغاء عدم المساواة في الإرث بين الجنسين إلا أن تنفيذ ذلك في عهد الحبيب بورقيبه اصطدم بتهديد الملك فيصل بقطع العلاقات معها ما دفعه إلى التراجع عن إصدار قانون المساواة في الإرث وفي عهد بن علي نجحت العلمانية في شق طريقها إلى كافة مناحي الحياة.
النموذج الثاني المغرب المتميزة دولته بطابعها العلماني رغم تنصيص دستورها على المكانة الدينية للملك داخل النظام واعتبارها الإسلام الدين الرسمي إلا أنها واقعيا قامت بإقصاء التعليم الديني لصالح التعليم المزدوج العلماني وتقوية قاعدة القوانين الوضعية ومنع تأسيس جمعيات مدنية أو سياسية على أسس دينية أو إثنية ومع ذلك فالأحزاب الدينية متقدمة على العلمانية في الانتخابات حيث اجمعت الاستطلاعات على وجود توجه شعبي طاغي نحو البرامج الدينية!!.
وهو ما نجده في العراق حيث خلصت الاستطلاعات الجارية بعد عامين من احتلاله إلى تنامي النزعة الدينية وارتفاع القناعة بأن العراق يجب أن يحكم بنظام إسلامي يحقق العدالة التي أجهضتها أحلام العلمانيين خصوصاً في مدينة بغداد إلا أن المفارقة أتت من كربلاء بعد تفضيل 71% من سكانها الأحزاب العلمانية في إدارة مجلس المحافظة وفي السعودية أيضا للعلمانية دعاتها في أوساط الشيعة في الشمال للتخلص من كابوس الوهابية بينما هي في مصر بعد تجاوزها التعاطي الفكري إلى إنشاء الأحزاب العلمانية تدخل مرحلة الدفاع الممأسس بالتوازي مع التعاطي الإسلامي الحركي المناوئ
هذا المقال من قبل صوت العروبة
http://www.arabvoice.കോം
/ رابط هذا المفال:

الأربعاء، 3 يونيو 2009

سوات .. معركة على قلب باكستان


زيد يحيى المحبشي

بعد مرور 35 يوماً من اتساع رقعة المواجهات بين الجيش الباكستاني ومقاتلي طالبان بوادي سوات, تمكن الجيش في 30 أيار/ مايو الفائت من استعادة مينجورا, إحدى أهم مدن الوادي, في سياق حملته الواسعة لتطهير الحدود الباكستانية الشمالية الغربية, من الجماعات الدينية المتطرفة الموالية للقاعدة, بعد ثمان سنوات من الصراع الدامي,والذي أضحت بموجبه حركة طالبان الباكستانية خطراً محدقاً ومهدداً هذا البلد بطلبنة قاعدية جديدة.
اتجاه باكستان نحو الحسم العسكري هذه المرة يأتي بعد تردد كبير, خصوصاً وأن طالبان باتت تسيطر على 90 بالمائة من وادي سوات وسط تنامي نفوذها خارجه وتزايد عملياتها في وزيرستان أيضاً - المكونة مع سوات إقليم صوبة سرحد المتمتع بحكم ذاتي مستقل عن الحكومة المركزية- وتصاعد المخاوف الغربية من تمددها بإقليم البنجاب حيث تنشط جماعة عسكر طيبة وغيرها من الجماعات الدينية المتطرفة,وبالتالي السيطرة على باكستان, إذا ما استمرت على ذات الوتيرة, ما يعني وضع هذا البلد على أعتاب مرحلة جديدة.

فزاعة الدين
الأحداث العاصفة بباكستان أعادة إلى الذاكرة مقولة أرنولد تويبي الشهيرة في كتابه أزمة الحضارة "الإسلامية مثل إنسان نائم، ولكن علينا أن نفكر في احتمال أن يستيقظ هذا النائم" وهو ما دعا هيلاري كلينتون إلى اعتبار "الشريعة في وادي سوات تمثل تهديداً مميتاً للعالم"، في وقت تعتقد فيه واشنطن بأن دوافع ذلك, التعصب الديني, فيما ترى إسلام أباد أنه التحام متفجر للحماسة الإسلامية والتوترات العرقية المتهيجة.
الصراع في الداخل الباكستاني بين النخب الحاكمة والجماعات الأصولية المتشددة ليس وليد اللحظة, وإن كان لتحالف هذا البلد مع أميركا حصة الأسد في انفجاره بعد سقوط طالبان أفغانستان في تشرين الثاني/ نوفمبر 2002.
الفزاعة الدينية بصورة عامة مثلت الورقة الرابحة بيد باكستان منذ تأسيس دولتها عام 1947, سواء لتصفية الحسابات الداخلية بين النظام والمعارضة أو للضغط الخارجي على المسرحين الهندي والأفغاني, في حين كان الهدف الأساسي من قيام دولة باكستان استيعاب مسلمي شبه الجزيرة الهندية, ما جعل العديد من المناطق تدار من قبل الراديكاليين وزعماء القبائل الأشد تمسكاً بالمبادئ الجهادية في مراحل الدولة الأولى, لكن ذلك سرعان ما تغير خصوصاً في عهد يحيى خان, حيث شهدت فترته ضم وادي سوات لباكستان عام 1969, بعد أن كان مملكة مستقلة محكومة بالشريعة الإسلامية وقوانينها ومن ثم استبدالها بالقوانين البريطانية.
هذا التحول الدراماتيكي حدا بالرئيس الباكستاني السابق محمد ضياء الحق ( 1978- 1988 ) إلى إطلاق مقولته الشهيرة الملخصة مفرداتها المعضلة الأساسية العاصفة بهذا البلد اليوم "حين قررت تركيا العدول عن الشريعة الإسلامية، بقيت تركيا، وحين قررت باكستان التحول عن الطريق الإسلامي، عادة لتصبح هندية",وبذلك قرر إعادتها دولة إسلامية, وكون ذلك مهدد لمصالح الغرب, تم التخلص منه.
رغم أن باكستان كانت تمثل قاعدة خلفية للأصوليين الذين شاركوا في تحرير أفغانستان من الاحتلال السوفياتي بالتعاون مع "السي آي إيه" والذي أثمر أيضاً في 1995 ولادة نظام طالبان أفغانستان, وإسقاطها عام 2002, في إطار التحالف الاستراتيجي مع أميركا في الحرب على الإرهاب ما بعد أحداث 11 أيلول/ سبتمبر 2001, لكن مع الاستمرار في اللعب بالورقة الإسلامية, إلى أن قرر برويز مشرف في 13 تموز/ يوليو 2007 التخلص منها, تحت وطأت الضغوط الغربية, فكانت نتيجة ذلك تزلزل الأرض من تحت أقدامه وإستغناء واشنطن عنه, على خلفية توقيعه ثلاث اتفاقيات مع طالبان لتطبيق الشريعة بوادي سوات, رأت أميركا أنها أتاحت لطالبان والقاعدة حيزاً من الحرية للتمدد وترسيخ الأقدام وتحويل الوادي إلى مواقد للإرهاب وصناعته وتصديره.
اليوم وبعد مرور تسعة أشهر من تولي المعارضة الحكم بزعامة زرداري لا شيء تغير, بل زادت الأمور سوءاً, كما أنه لم يأتي بجديد عندما وقع في 16 شباط/ فبراير الماضي إفاق سلام رابع لتنفيذ الشريعة في ست مدن من وادي سوات والمصادقة عليه في 13 نيسان/ أبريل 2009 أي بعد اسبوعين من إعلان أوباما إستراتيجيته الجديدة تجاه أفغانستان في 27آذار/ مارس 2009 ووضعه باكستان في قلبها وسط تصاعد الانتقادات لهذا الاتفاق المنهار هو الأخر تحت إيقاع قمة أوباما- قرضاي- زرداري بواشنطن في 7 أيار/ مايو الفائت.
الصراع في جوهره بدا وكأنه وجودي مصيري لدى كافة أطراف اللعبة, فزرداري الذي لا تزال شرعية منصبه محل نزاع مع زعيم المعارضة نواز شريف, أراد من وراء الاتفاق الحفاظ على منصبه وضرب خصوم الداخل والرغبة بعد نسف الاتفاق في دفع الحسم العسكري نحو فك الارتباط بين طالبان والقاعدة كما هي الخشية من توجه أميركا لإحلال الهند محل باكستان في التحالف ضد الإرهاب وإنفاذ تهديداتها بإعادة نواز شريف إلى الحكم إذا لم تُتخذ خطوات جِدية لاستئصال طالبان والقاعدة.
طالبان بالمقابل، رأت في تحالف إسلام أباد مع أميركا فرصتها لتهييج الرأي العام الباكستاني وتهيئة الأرضية لقيام الخلافة الإسلامية الطالبانية في هذا البلد.
في الاتجاه الآخر أعادة الحرب الأخيرة الروح لواشنطن بعد أن كانت قد أحست بأن حليفها وترسانته النووية في خطر والتعويل في أن تؤدي هذه الحرب إلى التخفيف من خسائرها في أفغانستان وتسهيل نجاح إستراتيجيتها الجديدة.
وعليه، فالفزاعة الدينية ليست سوى ذريعة للاستثمار السياسي, كون إعمال الشريعة في الأساس مطلب سكان باكستان قبل أن تكون ورقة استغلال بيد الأطراف المتصارعة وهي كانت ولازالت إشكالية قائمة بذاتها منذ قيام الدولة وحتى اللحظة, فيما لم تكن أحداث وادي سوات سوى نتيجة طبيعية وفاتورة متوجبة الدفع لما ارتكبته المخابرات الأميركية والباكستانية من أخطاء قاتلة خلال حرب السوفيات بأفغانستان وما بعدها في صناعة هذه الجماعات المتطرفة ورعايتها قبل أن تتحول إلى ورم سرطاني مميت.

السيناريوهات
صحيح أن ضم سوات لباكستان حوله إلى جنة سياحية مربحة حيث كانت تدر 25 مليون دولار سنوياً لكن بالمقابل كان هناك تذمر من سكانه قابلته حكومة الإقليم بالتجاهل التام, في حين وجد السكان في بروز نجم الملا صوفي محمد خان وتوجهه في 1992 لتأسيس حركة تطبيق الشريعة المحمدية ضالتهم المنشودة لإعادة الشريعة إلى الوادي.
صوفي إلى جانب الضغط على إسلام آباد لإعادة الشريعة إلى الوادي كان يطمح أيضاً لتعميمها على كامل باكستان,في محاولة منه لاستنساخ نظام طالبان أفغانستان وهو ما أدى إلى اعتقاله وحظر حركته في 2002 على خلفية مشاركته في الحرب ضد أميركا, قاد الحركة بعدها صهره الملا فضل الله وخلال ثمان سنوات من الصراع أنشاء سياسة أكثر نجاحاً بسوات مقارنة بتلك التي أنشأتها طالبان في المناطق الباكستانية النائية الأخرى حسب اعتراف الصحف الأميركية,وقيادته بعد مواجهات المسجد الأحمر في 13 تموز/ يوليو 2007 الجناح العسكري لطالبان.
طالبان اليوم أضحت رقم سياسي يصعب تجاوزه أو القضاء عليه أو فصله عن القاعدة وطالبان الأفغانية بعد أن وجدا في سوات الأرضية المناسبة لإعادة ترتيب أوضاعهما, ما يعني أن باكستان أصبحت في وضع مشابه لذلك الذي تعيشه قوات الناتو بأفغانستان,ولذا فهي اليوم أمام خيارات كلها مفتوحة على عواقب أقلها سوءاً انفصال إقليم سرحد في ظل سيادة الاعتقاد بأن الحرب الأخيرة هي في الأساس حرب أميركية بالوكالة محركاتها القضاء على الملاذات الآمنة التي بنتها القاعدة وطالبان في المناطق القبلية الباكستانية على الحدود الشمالية الغربية وغاياتها إعادة أميركا تشكيل التوازنات بالمنطقة برمتها .
كل هذا جعل من سوات إحدى أكثر المناطق خطورة في العالم وهو سيناريو عادة ما يتكرر لكن هذه المرة قد تكون نهايته مفصلية مع انتقال آلة الحرب الأميركية لخوض معاركها المركزية هناك في سياق إستراتيجية أوباما الجديدة لسبب بسيط هو أن قبائل سوات ووزيرستان عدا تحولها إلى قواعد خلفية للقاعدة وطالبان الأفغانية, أرهقت أيضاً أميركا وشركائها وأفشلت مخططاتهم طوال السنوات الثمان الماضية.

الحرب الأهلية
مباركة أوباما اتفاق السلام بين إسلام أباد وطالبان في البداية والضغط بعدها لجهة الحسم العسكري بدعوى أنها باتت تشكل تهديداً لأمن باكستان وأميركا معاً أتى في سياق الإجراءات المؤقتة ريثما تستكمل واشنطن استعداداتها لشن هجوم واسع على طالبان والقاعدة في أفغانستان ولئلا ينشغل الجيش الباكستاني عن هذه الجبهة بجبهة أخرى, ولذا ليس من قبيل المبالغة بأن الحرب الدائرة أميركية بامتياز لدى غالبية سكان باكستان وحرباً بالوكالة بعد أن كشفت أحداث العامين الأخيرين مدى ضعف حكومة إسلام أباد في بسط سيادتها على حدودها الشمالية الغربية وسط مخاوف الغرب من امتداد ذلك الإخفاق إلى الدول المجاورة وزيادة الأحقاد والنزاعات العرقية بالمنطقة.
بدا معه أي تقارب بين إسلام أباد وطالبان يقابله توتر متصاعد مع واشنطن وبالتالي فرض حربين على واشنطن، واحدة تورطت فيها أصلاً وأخرى لا تستطيع تجاهلها في بلد تشكل قدراته العسكرية وسلاحه النووي أكبر خطر يواجه العالم وهو ما جعل الحديث عن طالبان وكأنها تهديدٌ وجوديٌ لباكستان من الداخل.
يأتي هذا في وقتٍ فشلت فيه إسلام أباد عن التوصل إلى اتفاق مع واشنطن يسمح بإشراف جيشها على تحركات الطيران الأميركي في مناطقها الحدودية، والذي سبب لها إحراجاً كبيراً لدى شعبها أكد صحة ادعاء طالبان بأن حربها ذات دوافع عرقية بغطاء أميركي كون الجيش في غالبيته من البنجاب المتحكمة بالسلطة والثروة ومقاتلي طالبان من البشتون المهمشين عن صنع القرار الباكستاني بالتوازي مع تنامي الشعور في أوساط رتب الجيش الدنيا بأن ما يجري حرب أهلية تدفع فيها بلادهم ضريبة مشاركتها في الحرب على الإرهاب.
ولذا ففهم البعد العرقي للصراع يظل كلمة السر الوحيدة لفصل طالبان عن القاعدة وإحلال الاستقرار في باكستان متعددة الأعراق سياسياً ما يستدعي عسكرياً تجنب أميركا لفت الأنظار إليها من خلالها إنهائها ضرباتها الجوية على مناطق شمال غرب باكستان كونها تدفع نحو إذكاء روح الضحية لدى البشتون وبالتالي تنقيحها سياساتها لإثبات أنها تدعم رغبة البشتون من أجل موقف أقوى تجاه حكومة إسلام أباد خصوصاً وأن طالبان نشأت وترعرعت في أوساط البشتون تلك الأقلية المهمشة التي تعيش خارج السلطة.

شبح التقسيم
صحيح أن طالبان لا تستطيع المزايدة على عسكر وساسة باكستان المتمسكين بقضيتهم المركزية، استعادة كشمير وهذا من أهم عوامل ثقة الجيش بقدرته على التعامل مع التمرد لكن هذا لا يعني أن باكستان لا تواجه مشكلة أكثر خطورة وهي النزعات الانفصالية وسط هاجس الجيش من وجود مؤامرة هندية - أميركية للسيطرة على أفغانستان تمهيداً لتقسيم باكستان نفسها إلى أربع دويلات متصارعة ما دفعه إلى دعم طالبان سراً, لاسيما وأن للهند قنصليات في معظم المدن الأفغانية كما أنها تدعم قرضاي مالياً وسياسياً لمواجهة إسلام آباد, في وقت لا تخفِ فيه أميركا والهند قلقها من دعم الصين لباكستان بهدف جعلها نداً موازياً للقوة الهندية الصاعدة.
كل هذه العوامل أدت إلى الحد من قدرة الجيش على ضبط الحياة السياسية وإدارة توزيع الحصص وحيث ترتفع هذه النزعات تشتد الحاجة إلى حكومة مركزية قوية لا تشبه الإدارة الحالية وإلى عدو مشترك.
من هنا نفهم حقيقة الحراك الأميركي مؤخراً لإشراك نواز شريف في الحكم تمهيداً لجعله رجل المرحلة القادمة بالاستفادة من دفع الأحداث الأخيرة إلى حرق صورة زرداري الذي يبدو أن كرت صلاحيته بالنسبة لواشنطن نوعاً ما قد انتهى, كما أن ضعف حكومة زرداري وافتقارها للخبرة والإدارة في إخراج طالبان نهائياً من سوات، وتوفير الاستقرار وفرض النظام على الحدود الشمالية الغربية كلها تصب في خانة تعزيز توجه أميركا نحو دعم بروز زعماء محليين جدد أكثر حزماً ودفاعاً عن مصالحها هناك, وهو ما يظهر في التسريبات الأميركية الأخيرة حول احتمال أن يكون شريف زعيم الرابطة الإسلامية المعارض بديلاً جيداً في باكستان, والتعويل عليه في تطهير الجيش من الولاءات المزدوجة والمخابرات الباكستانية من المتواطئين مع الإسلاميين وسط مخاوف أميركا من تمكن المتشددين من إضفاء الصبغة الإسلامية على الجيش الباكستاني في المدى المنظور، لكن بالمقابل تجتاح باكستان مخاوف متصاعدة من دفع هذه الحرب البلاد نحو ديكتاتورية عسكرية جديدة.

الاثنين، 1 يونيو 2009

مديرية المحابشة جوهرة بلاد الشرف


بقلم زيد يحيى المحبشي - باحث وصحفي يمني ونائب مدير عام مركز البحوث والمعلومات لشؤون البحوث والإصدارات بصنعاء

البحث لا يزال قيد التحديث، أخر تعديل تم إجرائه على المادة في 14 أبريل 2024


المحابشة بفتح الميم المعجمة والحاء المُهملة وخفض الباء الموحدة، مدينة ‏وجبل وبلدة مشهورة تقع وسط الشرفين، ‏إلى الشمال الغربي من مدينة حجة، وتبعُد عن مركز المحافظة بنحو 68 - 70 كيلو متر، وزمنياً 3 ساعات و15 ‏دقيقة.

تم تسميتها بالمحابشة نسبة إلى أسرة القضاة بيت المحبشي، وورد ذكرها لأول مرة باسم المحابشة في كُتب مُؤرخي الدولة الرسولية ومنهم "عبدالباقي بن عبدالمجيد" وفتح القمر الرسولي الثالث للمحابشة سنة 634 هـ، ومن بعده "عبدالرحمن بن الديبع".

تشتهر بعراقة تاريخها وعلوها المعانق للسحاب على ‏ذروة سنام جبال الشرفين المتراقصة طرباً على أنغام سيمفونية ‏هوائها العليل، ودندنة وديانها المتصافحة ابتهاجاً بزقزقة عصافيرها ‏المُنساحة بين ثنايا فستانها المزدانة تقاسيمه بنظارة مزروعاتها ‏الدائمة الخضرة والكثيفة الانتشار على مُدرجاتها الانسيابية وقيعانها ‏المزركشة بالجمال والإبداع الإنساني والتفنن الفطري الراقي ‏لأبنائها المتفردين منذ القِدَم بذائقتهم الغريزية المنتصرة ‏لإرادة البقاء الوجودي والحضاري والتراثي، والمتوهجة بعبق تاريخهم العريق، ‏والمُترجمة لما لعبته هذه المدينة من أدوار فاعلة ومتميزة في التاريخ اليمني بمراحله المختلفة، حيث قامت على قممها ووديانها وسهولها وقيعانها وهضابها العديد ‏من المراكز الحضارية.

 ولازالت آثارها ماثلة للعيان في ‏الخرائب والأطلال والمدرجات الزراعية والمغارات والكهوف ‏والمدافن والمخازن الصخرية والقصور والحصون والقلاع والمساجد والمواجل والبرك والقباب والأضرحة العائدة جذورها ‏إلى حقب تاريخية متنوعة، لاسيما الكهوف والمغارات والتي أشبه ما ‏تكون بالمدن المتكاملة المعالم تحت الأرض، وفي قمم الجبال، ‏بما لا يدع ‏مجالاً للشك بأن الاستيطان البشري فيها قديم قِدَم التاريخ كما دلّت ‏على ذلك الكشوف الايكولوجية، حيث مارس الإنسان فيها نشاطه ‏وترك آثاره وبصماته على جدران الكهوف والمغارات التي عاش ‏فيها.

وتتحدث المصادر التاريخية عن انتساب بعض مناطقها لتبابعة ‏حمير وغيرهم من ملوك العصر الجاهلي والعهد الإسلامي والتاريخ الوسيط، كمنطقة حجر العائد تسميتها إلى الملك اليماني الجاهلي حجر بن الحارث "آكل المرار"، والد الشاعر الجاهلي المشهور أمرؤ القيس بن حجر بن أسد الكندي، ويتحدث ياقوت الحموي في معجم البلدان عن وقوع معارك طاحنة بين الحارث وقبيلة بني أسد الآتية من مرابعها في "قرنة أسد"، و"صدّف" حضرموت، انتهت بتصالح القوم على أن يكون للحارث وأتباعه ما يُسمى اليوم بـ "حجر الداخلي"، ولبني أسد ما يُسمى بـ "حجر الخارجي"، بحسب الأحاديث المتداولة لدى كبار السن، ويُقال أيضاً أن تسميتها تعود للصحابي الجليل حجر بن عدي.

استخدمت في أيام الإمام أحمد يحيى حميد الدين، منفى داخلي وسجن للرهائن، وممن سُجن فيها رئيس مجلس النواب السابق الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر، وهي آخر المعاقل التي تحصن فيها الإمام محمد البدر بن أحمد حميد الدين وأنصاره بعد أحداث 26 سبتمبر 1962 بين الملكيين والجمهورين، ولا زال بها كهف في أحد جبالها يحمل اسمه.

وتُعد تاريخياً مخزناً للمقاتلة إلى جانب جبال الشرفين، المشتهر رجالها بصلابتهم وشدة مراسهم وبأسهم في القتال، وكانت الدول المتعاقبة والقوى المتصارعة تتزود منها بالمحاربين.


المكونات الجغرافية:‏

مساحتها نحو 83 كيلو متر مربع، يحدها من الشمال مديريات ‏المفتاح وكحلان الشرف وافلح اليمن، ومن الجنوب مديرية الشاهل، ومن الشرق مديريتي المغربة ‏والمفتاح، ومن الغرب مديرية أفلح اليمن وجزء من مديرية قفل شمر.‏

تقع في الشمال الغربي من الجمهورية اليمنية، وتبعد عن العاصمة صنعاء بنحو 200 كم، وعن مركز محافظة حجة نحو 68 - 70 كم.

عاصمة المديرية من أجمل مدن اليمن على الإطلاق، يُطلق عليها "لؤلؤة الشرفين" و"سويسرا اليمن" و"الكويت الصُغرى" بسبب مناظرها الساحرة، وتحتل المرتبة الثانية بعد مدينة حجة من حيث النشاط الاقتصادي ‏والتجاري، نظراً لموقعها الجيوسياسي الهام في جبال الشرف الأعلى الجاعل منها همزة وصل ومُلتقى تجمع لأبناء المديريات التسع، المكونة لما عُرف في التقسيم الإداري السابق بقضاء الشرفين، وعاصمته المحابشة، ومن أهم مديرياته: المحابشة، أسلم، خيران المحرَّق، أفلح اليمن، أفلح الشام، الشاهل، المفتاح، قفل شمر، كحلان الشرف.

تتكون المحابشة من سلسلة جبلية متواصلة، مثيرة للدهشة لما تحويه من مناظر طبيعية وسياحية فريدة وخلابة، وترتفع جبالها الشامخة شموخ أبنائها 2500 متر عن سطح البحر، وتطل على أودية كثيفة بالمحاصيل الزراعية وأشجار البن بالإضافة إلى القرى الجبلية المتناثرة في قمم الجبال وعلى الهضاب القريبة مـن الأودية، تعلوها المدرجات الزراعية العاكسة لإرادة وتصميم الإنسان اليمني منذ القِدم على تكييف معطيات الطبيعة لتلبية حاجاته الاقتصادية حفاظاً على جوهر استمرارية الحياة البشرية جيلاً بعد جيل.

تسودها تضاريس جبلية ذات مناخ معتدل مُمطر مصحوب بالعواصف الترابية والرعدية صيفاً، وبارد مصحوب بالغمام الكثيف والرياح شتاءاً.


جبال الشرفين:

يحمل اسم الشرف في اليمن الكثير المناطق، بحُكم جبالها المنيعة، ويطلق الاسم على المناطق الشاهقة شديدة الارتفاع، ومعنى الشرف في اللغة: العالي وما يشرُف منه على غيره، وظل اسم الشرف مُرتبطاً تاريخياً بالمكان، فنقول "شرف حجة" لارتباطه قبلياً وإدارياً بها، وهو بلدٌ واسع، يُشرف على وادي مور حتى حرض من تهامة.

وجبال الشرفين واحدة من أهم المعالم الجغرافية المشتهرة بها المحابشة، وإحدى أهم وأكبر السلاسل الجبلية في محافظة حجة، يتراوح ارتفاعها عن سطح البحر ما بين "2000 - 2500" متر، تقع في الشمال الغربي من مدينة حجة، يحُدها جنوباً وادي مور ووادي شرس، وشرقاً فرع وادي مور وبني جديلة والأهنوم، وشمالاً جبال وشحة، وغرباً عبس وحجور.

وتُعد جبال حجور الغربية - الكعيدنة - من فصائل جبال الشرفين، ومن أوديتها الغربية وادي عاهم، يصب في جيزان، ومياهه من شمال الشراقي، ومن الجنوب وشحة وكُشر وجبل قارة ووادي بوحل - شمال عبس - النازل إلى عبس من أسلم والشرفين، ووادي القور النازل إلى جنوب عبس ومسيلهما من مشارف جبال الشرفين الغربية وجبال حجور، وتسقي منطقة عبس من تهامة، ومن أوديتها الشرقية الجنوبية وادي الجامعي ووادي اليماني، وهُما من فروع وادي مور ويجتمعان بشرس شمال غرب حجة.


أوديتها:

نخبان، الموز، الشمري، الدودة، لطف الله، شمسان، حوصان، العربي، الغربي، الغرابي، اللفج، اليماني، السايل، الحسية، الهرناعة، بني ذيب، عماد، الوكية، سحين، شريف، خفات، الخمالي، الشوامي، قُديش، الزيح، القصار، الحلاحل، الرباط، الجحفار، العدنة، عبدالله.

ومن سهولها: سهل جبل المحبشي.


المكونات السكانية:

سكانها وفقاً لتعداد العام 2004، نحو 51275 نسمة، منهم 26663 ذكور و24612 إناث، وفي أحدث التقديرات 150000 نسمة.

الكثافة السكانية 618.5 لكل كيلو متر مربع، ومعدل نمو السكان 3.05 %، ومتوسط حجم الأسرة 7.7 فرد.

سكان الريف 60 %، والحضر 40 %، ونسبة السكان أقل من 15 عاماً 54 %، ونسبة سكان المديرية إلى المحافظة 3.5 %، ويشكل النمو فيها نحو 70 %.

عدد الأسر 6164 أسرة، والمساكن 5143 مسكن، والمحلات 244 محلة، والقرى 52 قرية.

تضم خمس عُزل، هي: المحابشة، بني مُجيع، بني حيدان، حجر، المخاويس.


المكونات الاقتصادية:‏

يعمل غالبية السكان في التجارة والزراعة كحرفة أساسية، وتُشِّكل زراعة القات ‏الشهير بالقات الشامي 70 % من مساحة الأراضي الزراعية، وتأتي زراعة البن في المرتبة الثانية بعد أن كان حتى بداية تسعينيات القرن العشرين الميلادي في المرتبة الأولى، إلى جانب ‏زراعة المحاصيل الاستهلاكية كالموز والعمبه "الباباي" والحبوب ‏والمانجو والرمان والبلس التركي الحلو والمر والتين الشوكي والتين العربي والفرسك والليمون والبرتقال والخضروات والبقوليات بأنواعها، الخرمش، وتربية المواشي ‏كالأبقار والأغنام والمناحل والدجاج والحمام.

والصناعات ‏الغذائية كمصنع الحلويات والطحينية، والصناعات الحرفية كالفُخّار بأنواعه - وهي صناعة ‏متجذِّرة، والفضيات، وعسوب الجنابي من شجرة الطنب - وهي من أجود أنواع الأخشاب المُستخدمة في صناعة عِسوب وأغمدت الجنابي وأغلاها ثمناً، وصناعة نِصول الجنابي المبرد والبرق والجنزير وقرون الجنابي الصيفاني والبصلي والعاجي والخشبي، وصناعة الأدوات الزراعية البدائية كالمحاريث والمخاريش ‏والمواقير - المعاول أو المفارس، والمعاقر والعطوف - الفؤوس الأولى منها غليظة وثقيلة الوزن تُستخدم في تقطيع الاخشاب الكبيرة والثانية خفيفة الوزن ورقيقة تُستخدم في تقطيع الأخشاب الخفيفة وسلاح شخصي - والقمريات.

وتوجد بها ثروات ‏معدنية وفيرة منها: الجرانيت والكوارتز والكريستال والأحجار الكريمة، وعُثر أيضاً على مادة لتجميع الحديد في إناء فخاري، وجِدَ منحوتاً بأحد جبال المحابشة.

وأرضها بركانية خصبة تصلح لزراعة مختلف المحاصيل الزراعية، لكن شحة مياه آبارها الارتوازية ونضوب معظم عيونها الجارية يحول دون ذلك، ناهيك عن غياب اهتمام الدول المتعاقبة بها.

وبها نباتات وأشجار تُنتج ثمار يتناولها الأهالي، منها "الذيجيج"، وهي أشجار كبيرة تتواجد في بطون الأودية تُنتج ثمار كُروية يتم قطفها وغمرها بين الرماد إلى أن يتحول لونها من الأخضر إلى الأسود، ثم يتم فتح ثقب بها وتناول ما بداخلها من مادة طيبة المذاق، ومنها شجرة أخرى شبيهة بالبطاط الحلو، تتعرق في باطن الأرض، يتم الحفر لعروقها واستخراج ثمارها، بعضها كروي وبعضها شبيه بالحُمر في طوله، وإزالة القشور عنها وأكلها، وهي مادة لونها مائي وطعمها قريب من طعم الماء تُسمى في تلك البلاد "الجُميز".


النباتات الطبية:

يوجد بها أنواع مختلفة من النباتات الطبية النادرة منها: القيوان "الياسمين"، الحلص، العثرب، الفتح، الأراك، تريمو، الذفران، عصمة السوسن، عود القرح "عرق الصفار" - يُستخدم في علاج الصفراء، وغيرها.


الغابات:

توجد بها العديد من الغابات الحرجية عند مصبات المياه وفي بطون الأودية وقمم الجبال، والأشجار الكثيفة المتفاوت ارتفاعها بين 15 - 20 متراً، كالذرح والقاع - منها نوع يتم تجميع واستخراج الصمغ منه، الطنب والسدر- العلب/ العرج في اللهجة المحلية، تتواجد بكثرة في شلال المعين ومنطقة السايل ووادي اللفج ومنطقة المعاينة ووادي الهرناعة ووادي الحسية وغيرها.

ومن نباتات تلك الأحراج: الأثل وحبة الملوك وجوز القيئ والكاوي.


الحيوانات البرية:

من أهم الحيوانات الموجودة بها: الأسود، الأوبار، القنافذ الشوكية، الضباع، العرج، الثعالب، القرود بما فيها الغوريلا المعروف في المنطقة بالنباش، النمور، الفهود.‏


الزواحف:

بها أنواع عديدة من الحيات والثعابين والورل والحرباء والخُماري والبرم والعقارب.


الطيور البرية:

 تشتهر بأنواع كثيرة من الطيور البرية، أهمها: النسور، الصقور، العقاب، الهُدهد، الحِجل والعُقب - يتم اصطيادها وأكلها، الحمام، الغرانيق، النورس، الخفافيش، البوم، العصافير الصغيرة في الأودية ‏والمناطق الكثيفة الأشجار.


الفراشات:

يتواجد بها أنواع عديدة من الفراشات، منها نوع يؤكل كـ "الشضوه" بحسب تسمية الأهالي، تخرج بعد هطول الأمطار وإشراقة الشمس خلال فصل الصيف، وتحديداً في النجم الزراعي "علان" لظهور قوس علان/ قزح فيه ويقوم الأهالي بعد تجميعها بشويها وأكلها، الجراد بأنواعه.


الأحياء المائية:

يوجد بها أنواع من الأسماك الصغيرة ‏والضفادع في البرك والعيون المائية الجارية.‏


الخدمات:

تُعاني المديرية من تعثر مشروع المياه وعدم رؤيته النور رغم مرور أكثر من أربعة عقود على وضع حجر الأساس، وما يتواجد بها من مشاريع خدمية، محدود ولا يتناسب مع حجم عدد السكان، من ذلك على سبيل المثال الجانب الصحي الذي لا يزال في أدنى مستوياته الخدمية، إلى جانب الكهرباء، ونكتفي هنا بإيراد سطور عابرة عن بعضها.


المياه:

يمثل مشروع المياه واحداً من الآمال البعيدة ‏المنال، فرغم افتتاحه رسمياً في منتصف ثمانينيات القرن العشرين ‏إلا أنه بعد ثلاثة أيام فقط توقف، ومن حينها أكل الصدأ كامل مُعداته، علماً أن نسبة السُكان الحاصلين على مياه مأمونة لا تتجاوز 10 %، وفي العشرية الأولى من القرن الواحد والعشرين الميلادي شهدت المديرية أنشطة خجولة  لإعادة تأهيله، حيث اقتصر الإنشاء السابق على بناء خزان وشبكة جرفتها السيول، ويعيد مسئولي المحافظة سبب التعثر الى الخلاف والجدل  بين المؤسسة العامة للمياه والهيئة العامة لمياه الريف ‏حول استلام المشروع، وشهد العام 2007 إنزال مناقصة لإعادة تأهيل المشروع بتكلفة 8 ملايين دولار، وإجراء الدراسات الميدانية، وبعد أحداث العام 2011 توقف كل شيئ.


الكهرباء:

تم افتتاح مشروع الكهرباء رسمياً في العام 2003، إلا أن نسبة ‏المستفيدين منه لا تتعد 35 %، علماً أن افتتاح المرحلة الأولى منه في 19 نوفمبر 1998، بتكلفة 200 مليون ريال تمويل حكومي، وتدشين استكماله في 13 فبراير 2002، بتكلفة 53 مليون و790 ألف ريال.


المواصلات:

تم إنشاء المواصلات في العام 1995، ونسبة المستفيدين من خدمات الهاتف 43 %، وفي 28 مايو 2003 تم افتتاح مبنى توسعة السنترال بتكلفة بلغت 125 مليون ريال ومبنى الاتصالات السلكية واللاسلكية في قاهرة المحابشة بتكلفة 182 مليون ريال.


الصرف الصحي:

شهد العام 2007 وتحديد في 28 يناير 2007، اجتماع ضم محافظ حجة ووزير المياه والبيئة، تم خلاله التوجيه بتشكيل لجنة لدراسة مشروع مجاري عدد من المدن منها المحابشة والتوصية بسرعة رفع وإقرار نتائجها من قبل قيادة الوزارة.‏


القوى العاملة:

يضم الجهاز الإداري 627 موظفاً وموظفة بحسب إحصائيات العام 2004، وقوة ‏العمل من 15عاماً وأكثر 34.43 %، ومعدل البطالة ‏لذات الفئة العمرية 7.5 %.‏


السدود والحواجز المائية:

شهدت في العام 2004 إقامة ‏حاجز مائي وخزان مائي أرضي هو بركة خزان "القد"، وبدأت وزارة الزراعة في 10 أكتوبر 2003 بتنفيذ سد وادي خفّات بتكلفة 93 مليون ريال، وفي العام 2004 ‏أُضيف سد وادي بني أحمد.

وتكمن المأساة هنا في نضُوب المياه ‏الجوفية وسط تجاهل الدول المتعاقبة لذلك وعدم إيجاد حلول بديلة، وبحسب الأهالي تتجاوز أعماق الآبار الارتوازية ‏والتي نضُب أكثرها 700 متر، وأسعار وايتات المياه في تلك البلاد خمسة أضعاف أسعاره في أمانة العاصمة، ويضطر الأهالي لقطع مسافات كبيرة بحثاً عن المياه تتعدى أحياناً مديرية عبس.


الطرق المعبدة:

تربطها شبكة متنوعة من الطرق، أهمها: طرق "حجة - الخشم - عبس - المحابشة" 163 كم، وطريق "حجة - مبين - الشاهل - المحابشة"، 68 - 70 كم، ناهيك الشبكة الداخلية التي تربط قرها ببعضها وتربطها بمركز المديرية والمديريات المجاورة، وفي التفاصيل:

‏ 1 - طريق "عبس - أسلم - المحابشة": طوله 43 كم وعرضه 7 أمتار مع الأكتاف، وتكلفته 945 مليون ريال، تم التوقيع على تنفيذه في 6 يناير 2003، والبدء بتنفيذه في 7 أكتوبر 2003، مولّت إيطاليا جُزءاً من تكلفته، ويُسهم الطريق في خدمة أكثر من 12 مديرية ذات كثافة سُكانية عالية.

‏2 - طريق "المحابشة - الشاهل - مبين - حجة": طوله 68 - 70 كم، وهو جُزء من الخط الدائري للإمداد العسكري والذي يشمل "حجة - مبين - بني الشومي - الشاهل - المحابشة - المفتاح - كحلان الشرف - أفلح الشام - كشر - وشحة"، طوله 160 كيلو متر، وتكلفته 7 مليارات ريال، وتم وضع حجر الأساس في 14 فبراير 2001، وخط فرعي أخر يربط "الغيانية - بني عكاب - المحابشة"، طوله 12 كيلو متر، وتكلفته 200 مليون ريال، وتم وضع حجر الأساس له في 24 أبريل 2003.‏

3 - طريق "خميس الواعظات - كعيدنة - القفل - المحابشة": طوله 55 كم، تم وضع حجر الأساس له في 17 مارس 1997، وتكلفته مليار ريال، وتم البدء بتنفيذه في 24 مايو 2003.


الصحة العامة:

يتواجد بها ‏مستشفى حكومي واحد هو مستشفى الثورة العام، و6 وحدات ‏صحية ومركزاً صحياً وأخر للأمومة والطفولة يعمل فيها وفقاً لإحصائية ‏العام ‏2004، 7 أطباء و5 ممرضين و65 فنياً، بواقع طبيب واحد لكل 7325 نسمة، وممرض واحد لكل 10255 نسمة، ولذا يضطر الأهالي لنقل مرضاهم إلى العيادات الخاصة في مديرية عبس وحجة.

نسبة الوفيات الخام ‏لكل ألف مولود 11.35 %، ومعدل الخصوبة 5.92 %، ووفيات ‏الأطفال الرُضع لكل ألف مولود 80.92 %، ومُتوقع متوسط الحياة ‏عند الولادات 59.65عاماً.‏


الأسواق الشعبية:

يُمثل الأحد يوم الوعد لدى أبنائها، ‏فيتقاطرون لجلب احتياجاتهم الأسبوعية من السوق المركزي ‏المسمى بـ"القطف"، ولهم سوق يومي يُسمى سوق "المُخضيرة"، وهو أكبر سوق حراج لتوزيع القات الشامي على مستوى اليمن، وتهريب بعضه إلى السعودية عبر منفذ حرض، ولهم سوق أخر يقع جنوب قرية المشن يُسمى سوق حجر، كان مقصداً لأبناء عُزلة حجر للتزود بالمواد التموينية.


التعليم النظامي:

يوجد بها بحسب إحصائيات العام 2004، نحو 49 مدرسة، والفصول الدراسية 371 فصلاً دراسياً، يدرس بها 11254 طالباً وطالبة أساسي وثانوي، والمدرسين 337 مُعلماً ومُعلمة.

معدل الالتحاق بالتعليم من الفئات العمرية 6 - 15 عاماً نحو 55 %، ونسبة من هم في العاشرة وما فوق نحو 69.12 %، ونسبة الأمية تتجاوز 70 % خصوصاً بين الذكور.

وفي إحصائيات العام 2000/2001، نحو 59 مدرسة، منها 47 أساسية و12 ثانوية، والفصول الدراسية 356 فصلاً، منها 310 أساسي و46 ثانوي، يدرس بها 9935 طالباً وطالبة، منهم 2089 ثانوي و7846 أساسي، والمدرسين 473 مُعلماً ومُعلمة، منهم 371 أساسي و102 ثانوي.

وبها معهداً مهنياً وصناعياً، صادق مجلس الوزراء في 19 ديسمبر 2006، ووضع حجر الأساس لتنفيذ المرحلة الأولى منه في 5 يونيو 2007 بتكلفة بلغت 524 مليون ريال.


الأزياء الشعبية:

ترتدي نسائها أثواباً وسراويل مُطرزة يدوياً، بعضها بالفضة وبعضها بالخيوط الحريرية ‏المختلفة الألوان، ويضعن قطعة قماش على الرأس تُسمى بالصارمية، ‏تُلف على الرأس لفاً، ويعتمرِّن كُوفية صغيرة ‏مصنوعة من الخيزران تُثبّت في قطعة قُماش سوداء تُسمّى الشيلة، توضع على مقدمة الجبهة، لها أحجام مختلفة، منها ما تستخدمه النساء الشابات، ‏ومنها ما هو خاص بالمتقدمات في العمر، وكذا الحال بالنسبة للرجال، ‏ولكن بصورة مستطيلة، طولها نحو 20 سنتي متر، يتم ‏وضعها على الرأس، ولبس القُمصان والمقاطب القماشية المعروفة في المناطق الأخرى بالمعاوز، ومن الملابس القديمة الخاصة بالنسبة بالنساء ما يُسمى بـ "العِجرة"، وهي نفس معاوز الرجال لكن لونها أسود، و"القراقيش"، كانت تُوضع على الرأس.


الرقصات الشعبية:

لها مذاق خاص في المحابشة وبلاد الشرف، فهناك رقصة البرع، ‏وهي رقصة حربية رجالية ترمز إلى الاكتمال والتكامل في عناصر ‏الفتوة والرجولة والقُدرة على التحدي، ومنها أنواع عديدة لكلٍ منها إيقاع مُوسيقي خاص، عُنصراه المرفع والطاسة، مصنوعان من الجلد الرقيق ‏لآيلة الخروف، تُوثّق بشكل دائري حول إناء معدني، تُصدر ‏إيقاعات فنية متنوعة تدفع الرجال لاتخاذ أشكال مختلفة من ‏الرقصات منها ما يُؤدى جماعياً بمشاركة أكثر من خمسة أشخاص، ‏ومنها ثلاثية ومختمها رقصة ثُنائية تُسمى "الهوشلية" كما في المحابشة، ‏و"دنة" كما في صعدة، و"نسورية الطير" كما في الجوف ومأرب، يُمسك ‏فيها الرجل الأول بشال في فمه، وتدور الرقصة على نغمات دقات الطاسة ‏والمرفع، ويحاول الثاني الإمساك بالشال دون استخدام الأيدي، وينتهي المشهد بعد مرور 3 دقائق بتمكن الثاني من الإمساك بالشال ومعانقة الأول وسط تصفيق ‏حار من المشاهدين وبهجة غامرة من الحاضرين.‏


المحشوش:

من العادات الفريدة التي تميِّزت بها نساء المحابشة في طباخة لحم أضحية عيد الأضحى المبارك بطريقة تجعله يقاوم الرطوبة والعفن حتى عودة الحجيج من الأراضي المقدسة، وقد يستمر صالحاً للاستخدام لأكثر من عام دون أن يظهر عليه أي تغيُّر في الطعم أو الرائحة أو اللون، وتُسمى هذه الطريقة بـ "المحشوش"، وهي واحدة من العادات المتوارثة التي تفرّدت بها المديرية، تقوم النساء بعد ذبح الأضحية برشها بماء نظيف، ثم تُرش بالحبة السوداء، وبعد تقطيعها سواء في عصر يوم الذبح أو صباح اليوم التالي، تقوم ربة البيت بوضع اللحم في قِدر خاص مُعداً لهذا الغرض - إناء كبير من المعدن أو الفخار، ورصه بطريقة خاصة جداً وبمهارة عالية، ثم تأتي عملية الطبخ فالبعض يستخدم المواقد التقليدية في عملية التنضيج والبعض يستخدم الطُرق الحديثة كالبرتجاز وما شابه، وفي المرحلـة الأخيرة يتم إضافة بهارات مُعدة خصيصاً لهذه المناسبة تتكون من حب الهيل والفلفل الأسود والقرنفل، وآخر ما يضاف الملح.

 يُؤكل "المحشوش" مع اللحوح والبسباس والسحاوق، وله طعمٌ لذيذ، ومذاقٌ خاص، وقد يُرسل منه إلى الأقارب والطلاب في المحافظات والمديريات الأخرى وخارج الوطن.


منظمات المجتمع المدني:

تأسست في المحابشة العديد من منظمات المجتمع المدني، منها:

1 - جمعية حجر ‏التعاونية الزراعية، 13 فبراير 1989.

2 - نادي شباب الميثاق الرياضي ‏الثقافي، 1 يناير 1995.

3 - جمعية المحابشة ‏الاجتماعية الخيرية، 11 ديسمبر 1998.

4 - الجمعية الخيرية ‏الاجتماعية للرعاية الصحية، 28 فبراير 2002.

5 - جمعية ‏الخير لطلاب الشرفين، 5 يناير 2003.

6 - جمعية فتاة ‏المحابشة الاجتماعية الخيرية، 13 أكتوبر 2004.


التفاعل السياسي:

تُشكل المديرية دائرة انتخابية مُستقلة هي ‏الدائرة رقم 255، مُسجلٌ بها نحو ‏‏45668 ناخباً وناخبة، بحسب قوائم انتخابات العام 2003.


المكونات الدينية:

كلهم مسلمين على مذهبي الزيدية والشافعية مع ظهور الحنبلية بعد قيام الوحدة اليمنية، وكانت بها أقلية يهودية بقرية "قُزية" - شمال شرق المدينة، تم ترحيلهم في عهد الإمام يحيى حميد الدين بعد أن اشترى منهم أملاكهم من العقارات الثابتة والمُتنقلة، ضمن الأفواج المُرحّلة حينها إلى فلسطين المحتلة، وكان بها وجودٌ لافت للمكارمة والإمامية الإثنى عشرية خلال القرنين الخامس والسادس الهجريين وتحديداً في عهد الإمام عبدالله بن حمزة، وله معهم صولات وجولات ومُناكفات ومُناظرات كما هو موثقٌ في كتابيه مطالع الأنوار ومشارق الشموس والأقمار والعقد الثمين في أخبار الأئمة الهادين للرد على الإمامي صاحب الشرف، وله معهم معارك طاحنة، لم تشهدها اليمن من قبل، انتهت بالقضاء عليهم، واجتثاث جرثومتهم من بلاد الشرف، وقد وثقت أحداثها الكثير من الكتب منها سيرة المنصور بالله عبدالله بن حمزة لأبو فِراس بن دعثم ودرر نحور الحور العين للطف الله جحاف.

يوجد بها أكثر من 132 مسجداً ومدرسة علمية عريقة تخرج منها الكثير من العلماء والأدباء منذ تأسيسها في العام 1361هـ /1942.


من أشهر بيوتها العلمية:

آل المحبشي، آل يايه، آل الخالد، آل المحطوري، آل الخزان، آل الشهاري، آل المنصور، وآل المدومي، آل المتوكل، آل النعمي، آل المُهلاَّ، آل الشرفي، آل أبوهادي، آل الفصيح، آل الهادي، آل عيشان، آل العرجلي، آل الغيلي، آل القاضي، آل شعلان، آل قيس، آل المعمري، آل النعمي، آل المغنج، آل عامر، آل شاكر، آل المهدي.. ألخ.

تضم الكثير من الآثار الإسلامية بعضها يعود إلى عهدي الإمام عبدالله بن حمزة كمسجد شريم، وجامع بني سُمي بقرية المسبح - جبل بني سمي وليس سمين كما هو شائع خطاءً - العائد بنائه إلى القرن ‏الثامن الهجري، كان خلال القرن السابع عشر الميلادي هجرة علمية لطُلاب العلم في عهد ‏العلامة على بن أحمد بن صالح المحبشي، وبه ضريح العلامة علي بن إبراهيم بن منصور المحبشي المتوفي في العام 920 هـ، وبعضها يعود إلى العصر العباسي كجامع القُرانة والجامع الفارسي وجامع عامر وجامع الطيار والجامع المقدس وجامع مدروس.


مشهد وقبة نبي الله أيوب عليه السلام:

قبة كثيرة الزوار، مكونة من مبنى مربع بداخله مبنى مستطيل الشكل، تُظلله قبة مبنية بأحجار مربعة الشكل، لا تزال بحالة شبه جيدة كما يذكر الأستاذ علي الحجري.

تقع في ‏قرية جبل معروف جنوب المحابشة، ومن الأحاديث الشائعة بين الأهالي أنها تحتوي ‏تحت ترابها على جلد نبي الله أيوب عليه السلام، وهو الجلد الذي انسلخ منه في قصة الابتلاء الشهيرة التي تحدث عنها القرآن الكريم، كما يتناقل الأهالي أخباراً لم نقف لها على أساس تتحدث عن أنه سلام الله عليه بعد تماثله للشفاء اغتسل في بئر الدودة الواقع بسوق المُخضيرة شمال المدينة، ونقض زوجته جدائلها بمنطقة الجذلة الواقعة شمال المدينة.


مشهد الشريفة زينب بنت الإمام يحيى بن حمزة:

يقع بالمشاف، إحدى قرى شريم بعزلة حجر، والراجح عودة تاريخ بنائه الى القرن السابع الهجري، وهو عبارة عن مسجد لا زالت حالته جيدة، تم بناؤه بأبعاد 20 * 15 متر، وأبعاد المبنى 6 * 9 متر، له مدخلين، لكل مدخل سُلم درجي يُؤدي إلى بيت الصلاة، المكون من رواقين يفصل بينهما صف من الأعمدة الأسطوانية الشكل، تقع عليها عقود تحمل سقفه الخشبي، ويتوسط جداره الشمالي مِحراب مجوّف معقود بعقد مدبب.

 وإلى الغرب منه يقع المشهد، ويتكون من غرفة مستطيلة أبعادها 5 * 4 أمتار، بجوار الجامع السابق من الناحية الغربية، لها مدخلان إلى أرضية المشهد، يتوسطها عمود أسطواني يحمل عقدين وقبلة المشهد، يتوسط حنية المحراب، ويتوسط تجويفها شريط كتابي، وتكسو كتلة المحراب زخارف نباتية وهندسية، ويتوسط جدار الحُجرة من الداخل شريط أخر من الجص البارز عليه كتابات قرآنية واسم ولقب صاحبة المشهد الشريفة زينب بنت الإمام يحيى بن حمزة.

وهذه المنطقة إحدى مناطق نفوذ الإمام يحيى بن حمزة، وبها العديد من المعالم الأثرية العاكسة سمات تلك الحقبة منها قصبة مكونة من ثلاثة طوابق تقع شمال القرية وتتوسطها، وبها العديد من نوبات الحراسة ومزاغل الرماية، تتميز ببنائها وموقعها الحربي، لازالت بحالة جيدة، وقصبة ثانية في جنوب المشاف، تُطل على خراب شريم تُسمى قصبة الدرب مبنية بشكل مستدير، وبداخلها بركة، معظمها قد اندثر بسبب الإهمال، وبجوارها موقع لإطلاق المنجنيق، وبالأسفل منها مسجد وبركة ماء.


مشهد الفقيه علي بن إبراهيم العنسي:

من علماء عزلة حجر في القرن الحادي عشر الهجري، ومشهده عبارة عن مسجد أبعاده 13 * 15 متراً، وبجانبه يوجد مشهد أبعاده 13 * 10 متر، بداخله حُجرة مستطيلة الشكل، يتوسطها قبر بارز، يعلوه بناء مستطيل أبعاده 2.3 * 1.1 متر، وارتفاعه 60 سم، بداخله يقع الضريح، وإلى الجوار منه مسجد قديم تهدمت بعض أجزائه وتأكلت أخشاب أرضيته، ذاع صيته بسبب كتابة معظم المصحف الشريف على سقفه الخشبي، مساحة هذا الجامع 15 * 12 متراً، وبجواره جامع العارضة في بني أسد، الواقع فوق مُرتفع صخري، يُطل على المشهد، وهو مسجد صغير تم بناؤه في القرن الحادي عشر الهجري، وأبعاده 6 * 4 أمتار، تهدمت أجزاء منه.


جامع القُرانة:

أكبر وأقدم جامع بالمدينة، وهو من الجوامع العائد بنائها إلى العصر الإسلامي أي ما قبل القرن الثامن الهجري تقريباً، يقع جنوب حصن القُرانة على أرضية مستوية، مرتفعة على كرسي يُوازي ارتفاعه بوابة حصن القُرانة، تم بنائه بأحجار سميكة، ويُحيط بحنية محرابه الخارجية شريط حجري مركّن، يتخللها أحجار منخفضة مثلثة الشكل، عليه زخارف من الأحجار المنحوتة.

للجامع بابين من الجنوب، وبداخله أربعة أروقة مصفوفة بنحو 16 عموداً أسطوانياً، يعلوها عقود كبيرة نصف دائرية، تحمل سقفه الخشبي، وللأسف تم إزالة هذا السقف.

وبجوار الجامع من الجنوب بركة ماء ومرافق وغرف محصصة لسكن طلاب العلم عندما كان الجامع مقراً للمدرسة العلمية.

وتُقدّر مساحته بنحو 20 * 30 متر، وهو من الهجر العلمية العريقة في اليمن خلال التاريخ الوسيط والمعاصر.


جامع الشجعة:

يعود فضل بنائه إلى السيد العلامة أحمد بن صلاح الهادي الوشلي النعمي في العام 900 الهجري، كما أنشأ بالشجعة هجرة علمية ذاع صيتها آنذاك وتخرج منها الكثير من علماء اليمن.

الجامع مستطيل الشكل وأبعاده 15 * 12 متر، وله صُوان وسُلم خارجي وبركة واسعة، إلى جانبها صُوان مكشوف.

ومن أهم ما يٌميز هذا المعلم التاريخي الزخارف والكتابات العربية والإسلامية المُنفذة بطريقة الحفر البارز والغائر والملونة بالألوان الزيتية والمائية ناهيك عن الزخارف النباتية والأشكال الهندسية.

والشِّجعة قريةٌ عامرةٌ من بني مَجيع، على بعد 3 كم شرق مدينة المحابشة، كانت من هجر العلم المشهورة، ضبطها إبراهيم بن القاسم في "طبقات الزيدية الكبرى" بفتح الشين، لكن أهل المنطقة ينطقونها بالكسر، وترجم المرحوم القاضي إسماعيل بن علي الأكوع في كتابه "هجر العلم ومعاقله في اليمن" لـ 14 علماً من أعلامها، أكثريتهم من آل المُهلا، وفيهم مراجع دينية كبيرة.


جامع المُقدّس:

يعود تاريخ بنائه الى العصر الإسلامي، ويقع في قفلة المدينة على ارتفاع شاهق يُطل على معظم اجزائها، تم بناؤه على مساحة 12 * 15 متراً، وإلى الشرق منه تُوجد حُجرة صغيرة تتوسط بوابة حوشه الجنوبي، وبداخل الجامع عدد من الاعمدة الأسطوانية يعلوها عقود نصف دائرية تحمل سقفه الخشبي، وتتوسطه حنية المحراب وله عدد من النوافذ والأبواب الخشبية المزخرفة بالنقوش والرسومات النباتية.

 اكتسب أهمية خاصة أيام ثورة 26 سبتمبر 1962 حيث كان أحد المواقع المُستهدفة بالقصف الجوي المصري الغاشم في حادثة مروعة ذهب ضحيتها أكثر من 40 شخصاً كانوا يحتمون بداخله، وتناثرت أشلائهم في أنحاء المدينة.


جامع وهجرة قرية المُسَبَّح:

 يقع في قرية المُسَبَّح الوسطى، كانت بها خلال القرن 12 الهجري هجرة عامرة بالعلماء وطلاب العلم تحت إدارة فضيلة القاضي العلامة علي بن أحمد بن صالح بن محمد المحبشي، وبفناء الجامع من الجنوب ضريح القاضي العلامة علي بن إبراهيم بن منصور بن أحمد بن زيد، عاش خلال القرنين التاسع والعاشر للهجرة، ووفاته في العام 920 هـ.


جامع طلان النُزيلي:

تم بناؤه في مدينة المحابشة على نفقة أحد مشائخ بيت المحبشي في العهد الإسلامي، لا يزال في حالة جيدة، وهو عبارة عن مسجد صغير يتوسط جامع المقدّس من الجنوب وجامع داوود من الشمال، ويقال أن بناء جامع القُرانة بعده بنحو 200 سنة  تقريباً، وإنما اكتسب جامع القُرانة شُهرته من كونه أول جامع كبير يتم بناؤه في المدينة بالعصر الوسيط.


جامع باقُبع:

من الجوامع القديمة يقع في قرية الجرد السُفلى.


جامع دبش:

يقع جنوب الجامع المقدّس، بناه الأمير ناصر بن علي بن زيد بن نهشل المحبشي في حدود القرن العاشر وبجواره يقع منزل الأمير كما علمنا من الأهالي.


المكونات السياحية:

تتميز المحابشة بمدرجات زراعية انسيابية، تربط بصورة هرمية قمم الجبال ‏بقيعانها، في مشهد فني قلَّ نظيره، ناهيك عن ثرائها بالمعالم الأثرية والتاريخية والسياحية كالحصون والقصور والقلاع الأثرية القديمة، المتسمة في جميعها بالزخارف الفنية في المحاريب والأسقف والجدران، والعاكسة للذائقة الفنية لأبناء المنطقة عبر العصور، كما يدل على ذلك التشابه الكبير في بنيانها المستمد من الفن المعماري اليمني الأصيل، والمستخدمة فيه بصورة رئيسية مواد أولية بسيطة منها أحجار البازلت والجص والطين والاخشاب والنورة والقضاض.

برع أبناء المنطقة في بناء العديد من الحصون والقصور والجوامع والقلاع والقصيب المشتركة في معالم بنائها، والمتكونة أساساً من العقود البارزة والغائرة والمتداخلة، والزخارف والنقوش النباتية، والأشكال الهندسية المتنوعة، مطعمةً بالأحجار الموقوصة والمنهدمة والمصقولة، ذات أشكال مدببة ومنحوتة بطريقة الحفر البارز والغائر، والدعائم الأسطوانية، يعلوها عقود نصف دائرية، تحمل الأسقف الخشبية، والفصوص الحجرية المُزيِّنة العقود والنقوش والرسومات المحفورة في الجدران والأسقف والنوافد والأبواب الخشبية، والزخارف العربية والإسلامية بالخط المسند والرقعة والنسخ والكوفي، المنفذة بطريقة الحفر البارز والغائر على الجص، تُزينها ألوان مُختلفة الأفنان، ناهيك عن الاختيار الدقيق للمواقع، والتي غالباً ما تكون ذات طابع عسكري وأمني. 

يوجد بالمديرية أكثر من 215 موقع سياحي وتاريخي وأثري، تُغطي عزلها وقُراها.

وهي بحسب النوع:

20 حصن وقلعة تاريخية، 93 مبنى قديم، 16 جامع تاريخي، 5 مدفن قديم لحفظ الحبوب محفورة في قلب الصخور الجبلية، 9 برك أثرية، 30 قرية أثرية، 2 آثار، 6 مزارات دينية، 2 كهوف أثرية، 2 مدارس علمية قديمة هي الشجعة والقُرانة، 30 مكاناً وموقعاً سياحياً طبيعياً.


على مستوى العزل:

1 - عزلة المدينة 74 موقعاً:

أ - الحصون والقلاع التاريخية: القرانة، دار الشرف (قامت الدولة بهدم طوابقه العُليا وإعادة بنائها من جديد ما تسبب في تشويه طابعه المعماري التاريخي)، دار أبو فارع، براش، القاهرة، الطيار، قيهمة.

ب - المباني القديمة: قشلة شمسان القديمة، سوق مدينة المحابشة القديمة، بيت سعيد، قُزية، القفلة.

ج - الجوامع التاريخية: القرانة، شمسان "عامر"، المُقدّس، دبش، باقُبَع، الطيار، طلان النزيلي.

د - مدافن الحبوب: مدافن عامة تابعة لبيت المال/ الواجبات "قرية الجرد الأسفل"، مدافن خاصة يملكها الأهالي.

هـ - البرك الاثرية: شمسان، القطف - في العشرية الأولى من القرن الواحد والعشرين قامت الدولة بردمها.

و - المدارس الدينية القديمة: المدرسة العلمية بالقُرانة.

ز - الأماكن الطبيعية: جبل القاهرة وهو من الأماكن الجاذبة لعشاق رياضة التسلق والطيران الشراعي، الحضِن، عين المقطرة. 


2 - عزلة حجر 123 موقعاً:

أ - الحصون والقلاع التاريخية: الغماج (1250 هـ)، قصبة المشاف، قصبة دروان (1006 هـ)، قلعة حجر، قصبة الدرب جنوب المشاف، المحطور (580 هـ)، ضلعة الحدمة، الملتوية، الخلاف، ظفر، واصل، الصلقة.

ب - المباني القديمة: الرصعة، بني أسد، جبل المحبشي، المشن.

ج - الجوامع التاريخية: المشهد (720 هـ)، العارضة، الجناح، الفارسي بجبل المحبشي، شريم (يعود تاريخ بنائه إلى القرن الخامس الهجري على الأرجح)، الرصعة القديم، المحطور، مدروس بهيدة (يعود تاريخ بنائه إلى القرن التاسع الهجري على الأرجح).

د - القرى الأثرية: المحطور، هيدة المسبَّح، الجنة، بني عتب، حيد الجاهلي، حيد شمسان، القذف، الرصعة، الكاملي، دروان، المعمر، مورع، الشناظيف، الطوف والمجمع، بني ناصر، المغربة، الخطام، المحدور شرقي عقبة حجر، المدارمة بمعاينة جبل المحبشي، الحسوي، الخوامس (معلم أثري جاهلي)، المنقم، عوِّيد، المهاب، المرمادة، المثمة.

هـ - الكهوف والمغارات القديمة: بني زيد بجبل المحبشي، قلعة بني مصلح.

و - مدافن الحبوب: الصلبة، بني أسد، المحطور، جبل المحبشي.

ز - البرك الأثرية: المحفر، شريم، المرخام، الكراوي، السيد بجبل المحبشي، الحايط، القطع بجبل المحبشي، المحطور.

ح - المزارات والقبب والمشاهد الدينية: قبة أيوب يقال أنها لنبي الله أيوب عليه السلام، قبة المحطور، مشهد الشريفة زينب بنت يحيى بن حمزة (غالب الظن أنها ابنت يحيى بن حمزة شقيق الامام عبدالله بن حمزة فقد تملك وأولاد شقيقه بلاد الشرف)، مشهد الفقيه علي بن إبراهيم (القرن الحادي عشر الهجري).

ط - الأماكن الطبيعية: نبع عين المعين، عين المعاينة (جبل المحبشي)، جبل بني عتب، جبل الغماج، جبل المشاف، جبل المحطور، جبل الجاهلي، جبل المرخام، جبل حبيش، جبل المحبشي، جبل المسبَّح.

3 - عزلتي بني مُجِيع 7 مواقع والمخاويس 4 مواقع:

أ - الحصون التاريخية: جرمة.

ب - الجوامع والمدارس الدينية التاريخية: مسجد الشجعة يرجع بنائه إلى العام 1011 هـ، المدرسة العلمية بالشجعة أسسها الامام السراجي الوشلي سنة 911 هـ.

ج - القرى الأثرية: الضروب ببيت السعدي، الخراب الأحمر بالمخاويس، الهجرة، الرأس ببيت السعدي.

د - المزارات الدينية: قبة القاسمي يرجع بنائها إلى العام 842 هـ.

هـ - الأماكن الطبيعية: جبل الرأس بيت السعدي، عين موردة المخاويس، المخاويس.

4 - عزلة بني حيدان 6 مواقع:

الحصون التاريخية: صنقر، شيبان.

وزارة ‏السياحة نظراً لما تزخر به مديرية المحابشة من معالم أثرية قررت في أوائل العام 2008، إدراجها ضمن قائمة ثانية للترويج ‏السياحي العالمي ضمت 54 مقصداً سياحياً يمنياً.‏


ومن أبرز معالمها السياحية والتاريخية:


حصن القُرانة:

كتلة معمارية، تم بنائها فوق كرسي مرتفع على رأس تبه تقع جنوب وسط مدينة المحابشة، يتكون من عدة مباني وثلاثة قصور متجانسة ومتلاصقة يتراوح ارتفاعها بين ثلاثة إلى خمسة طوابق، ذات شكل رباعي ومستطيل، مُكوِنة فيما بينها لوحة فنية متكاملة تعكس حضارة اليمن القديمة في اتقان الفن المعماري المُحصن ببعضه البعض بتلاصق أبنيته الشامخة والمتناسقة، يعلوها زخارف من الأحجار المهندمة والمصقولة والمنقوشة بأحجار أخرى بارزة ومُدببة تسحر الناظر، تُزينها زخارف هندسية مُطعمة بأحجار موقوصة، وعقود داخلية مُزخرفة، تحضنها عقود خارجية أخرى، مما زادها جمالاً ورونقاً.

يتميز الحصن بموقعه وبنيانه المُشيد بالأحجار السميكة والمهندمة والصلطة، وكأنها خُطت بمنشار حديث، رغم عدم توافر الإمكانيات في الزمن القديم.

 له بابين، وبداخله مسجد صغير وسجن المديرية وعدد من المخازن الأرضية والمدافن المحفورة في قلب صخور البازلت الصماء.

حصلت فيه بعض الترميمات الإسمنتية الحديثة ما تسبب في طمس الكثير من معالمه التاريخية.

بُني في العصر الإسلامي، ودارت فيه معارك حربية طاحنة مع الأتراك أثناء الغزو الثاني لليمن.

تم استخدامه منذ القِدَم مركزاً حكومياً لإدارة المنطقة نظراً لأهميته الموقعية والإستراتيجية.


دار أبو فارع:

تقع في قفلة المدينة، يرجع بناؤها إلى ثلاثينيات القرن العشرين الميلادي، وهي مقر حكومي حالياً.


دار الشرف:

حصن مكون من طابق أرضي وأربعة طوابق فوقية، يقع في أطراف قرية الجرد جنوب مدينة المحابشة، على مرتفع جبلي تتوسطه ساحة مستوية.

يتميز بعقوده المتداخلة وأركانه الخمسة، وطابعه المعماري الأصيل.

يرجع بنائه إلى ثلاثينيات القرن العشرين الميلادي.

 كان في العهد الملكي مقراً حكومياً، وتحول في العام 1942 إلى مدرسة علمية، وفي ثمانينيات القرن العشرين تحول إلى معهد علمي تتبعه مدرسة نظامية.

خلال العدوان السعودي الاماراتي ما بعد العام 2015 تعرّض لعدة غارات تسببت في تدميره.


قلعة الفايش:

تقع على قمة جبل مرتفع في الأطراف الجنوبية لمنطقة جياح، مهدمة جُزئياً، يعود فضل بنائها إلى الأمير ناصر بن علي بن زيد بن نهشل المحبشي في القرن التاسع.


حصن دروان:

كتلة معمارية مبنية على جبل شاهق ووعر المسالك، له مدخل واحد على بوابة مرتفعة.

يقع شمال قرية بني عتب بعزلة حجر.

تم بنائه على مساحة 30*25 متراً.

يعود تاريخ إنشائه إلى العام 1006هـ، وهو من المواقع الأثرية المتميزة والذائعة الصيت.

يتكون من مبنى مربع الشكل - برج - مرتفع البناء، يُطل على جميع المناطق الواقعة تحته من جميع الاتجاهات والطرق، وبجواره برج دفاعي أسطواني الشكل، أُقيم على صخرة كبيرة ومرتفعة عن مستوى سطح الأرض المجاورة التي يقع عليها الموقع كاملاً، مبني من عدة طوابق، وبركة محفورة في بطن صخور البازلت، وعدة أبراج دفاعية تُحيط بالحصن وسوره الخارجي المقام على حافة قمة الجبل المتعرجة، ما يُؤكد أهميته الحربية، ومن المحتمل أن النار كانت تُشعل من الأبراج للتنبيه من الأخطار.

يربط الموقع من الخارج عدة سلالم درجية مُتعرجة ومُتداخلة بالسور أُفقياً إلى البرج المُحاط بذلك السور.


حصن الخلاف:

يقع على قمة جبل شاهق يعلو كل المواقع الأخرى، مربع الشكل، تم بناؤه في العصر الإسلامي، وهو من المواقع العسكرية المهمة، وأحد أبرز النماذج الأثرية الضخمة الزاخرة بها المديرية.

يضم عدة طوابق، وحوش واسع، وسور كبير، ارتفاعه نحو 10 أمتار، مبني على حافة الجبل، تتخلله عدة فتحات ومزاغل دفاعية تطل على كافة الاتجاهات والأودية في عزلة حجر وغيرها من العزل المجاورة، وخارج السور من الجنوب عدة مباني، يليها غرباً مسجد صغير وبركة ماء، وأسفل الموقع مبنى كبير لم يتبقَ منه سوى طابق واحد، مبني بأحجار كبيرة، حجمها يتراوح بين نصف متر ومتر، يُسمى بيت الجبل، وعدد كبير من مدافن الحبوب وماجلين للمياه.


حصن الغماج:

يتكون من خمسة طوابق، لا يزال بحالة جيدة، يعود تريخه إلى العصر الإسلامي، تم بنائه على قمة جبل الحصن المُطل على مُعظم وسط المديرية.

 يتميز بطابعه المعماري، لا يكاد يخلو من الأحجار المستديرة، وبداخله عدد من الأواني المُستخدمة قديماً كالمطحن والمرهى والملكد والمدقة.


حصن ضلعة الحدمة:

كتلة معمارية تقع على قمة جبل الحدمة المطل على وادي شريف شمالاً وعقبة حجر جنوباً، وبجواره توجد عدة حصون حجرية سميكة بألوان مائلة إلى الصفرة.


حصن الملتوية:

بقايا أساسات لعدد من القلاع المرتفعة، بها آثار لمدرجات وسلالم بدائية على بعد 200 متر، يقع غرب حصن الضلعة على قمة عالية ووعرة المسالك.


حصن جرمة:

بقايا حصون ومباني على قمة جبل يعلو جرف عظيم، يقع في قرية الغربي الأعلى على أطراف عزلة بني مُجيع.


حصن ظفر:

بقايا لحصن منيع تم بنائه على سفح جبل ظفر المتمركز على وادي الهرناعة ووادي بني ذيب، محصّن بحوش منيع، بداخله مسجد وبركة ماء مبطنة بالقضاض لا زالت في حالة شبه جيدة، وهو من معالم عزلة حجر.


حصن الصلقة:

كتلة معمارية متناثرة، مبنية من الأحجار الصلطة المكورة، يُحيط به حوش مهدّم، يقع جنوب مدينة المحابشة على مرتفع صخري يتوسط أراضي الصلقة المستوية، ويُسمى بمحدور الصلقة.


حصن سنقر:

أساسات لحصن قديم بُني منذ مئات السنين، يقع على قمة جبل في أعلى بني حيدان، وبه برك ومواجل ومدافن.


حصن شيبان:

أساسات لحصن قديم ببني حيدان، يقع على ربوة قديمة، تُحيط به المدافن المنحوتة في الصخر، ويتمركز على أودية وطرق العزلة منها الوادي الغربي.


حصن الجوانة:

 يقع على صخرة منحدرة ببني حيدان يحده من الشرق سنقر ومن الغرب صرفة.


سمسرة المربخة:

بناية كبيرة، لها مدخل واحد يتسع لجملين مع حمولتهما، وبداخلها صوان يستع لأكثر من 30 جملاً محملة، تقع في وسط عقبة عزلة حجر، وهي من المواقع الأثرية الجاهلية، كانت تُستخدم محطة استراحة - ترانزيت - على طرق قوافل التجارة القديمة الآتية من مكة، خصوصاً في عهد الملك حجر بن الحارث - أكل المرار - قبل مغادرته موطنه الأصلي بعزلة حجر، والمَّارة آنذاك بمديريات المحابشة والمغربة وغيرها من المديريات المرتبطة بوادي حوصان.

لا زالت إلى يومنا بحالة جيدة كما يذكر مدير آثار المحابشة الصديق الأستاذ "علي بن حسين الحجري"، وهو المصدر الأساسي لمعلوماتنا عن نحو 80 % من المواقع التاريخية بالمديرية، فله كل التحية على جهوده الجبارة في تتبع ورصد تلك المواقع.


قاهرة المحابشة: 

هضبة هرمية، تقع على رأس جبل القاهرة المطل على مدينة المحابشة من الغرب، ارتفاعها نحو 2000 متر عن سطح البحر، وهي من ‏المواقع الإستراتيجية المطلة على أكثر من منطقة، تم اتخذاها منذ القِدَم ‏مركزاً وبرجاً للرقابة العسكرية، نظراً لعلوها الشاهق، وموقعها الهام، وهي وفقاً للخبراء ‏الرياضيين من أنسب المناطق لهُواة ممارسة رياضة الطيران ‏الشراعي، وهُواة التسلق.‏


شلال المعين:

عين ماء، تخرج من أسفل الجبل، وتصب مُباشرة في حوض واسع يقع أسفل منه، يوجد به نوع من الأسماك الصغيرة والأشجار الكبيرة والكثيفة، يتراوح ارتفاعها بين 15 - 20 متراً، كأشجار القاع والذرح.


كهف الامام بالشعب:

جرف صخري كبير، مكون طبيعياً، بين طبقتين من الصخور الرسوبية، كان به نبع ماء، يقع تحت قرية الشجعة.

اكتسب أهميته وصيته من اتخاذه ملجأ للإمام البدر محمد بن أحمد بن يحيى حميدالدين أثناء فراره من اليمن إلى السعودية عقب اندلاع ثورة 26 سبتمبر 1962.


قرية جبل المحبشي:

قرية وعزلة تقع جنوب مدينة المحابشة بمحافظة حجة، تنسب للشيخ نهشل المحبشي أحد أعلام في القرن الثامن الهجري، وكانت مقراً للشيخ الأجل أحمد بن ناصر المحبشي أحد أعيان أواخر القرن العاشر الهجري، زخر تاريخها بالعشرات من العلماء والقضاة والقادة والساسة والمشائخ والحكماء.

وهي الجامعة لبيت المحبشي، ومنها تفرق أجدادهم في حدود القرون "9 - 11" الميلادية، فمنهم من توطن شهارة والأهنوم والمدان ومعمرة وحبور وزيلة المحبشي وكحلان عفار، ومنهم من توطن بعض مناطق السالمين بجبلة إب، ومنهم من توطن خولان الطيال وسنحان بمحافظة صنعاء، ومنهم من توطن بعض مناطق المجهل بعنس ذمار، ومنهم من توطن معزبة يهر يافع بلحج، ..، وذكر المرحوم القاضي إسماعيل بن علي الأكوع في كتابه "هجر العلم ومعاقله في اليمن" 32 علم من أعلامهم، كما ترجم المؤرخ إبراهيم المقحفي لأكثر من 20 علماً من أعلامهم، ولنا بحث مبسوط ترجمنا فيه لأكثر من 90 علماً من أعلامهم.

يبلغ تعداد سكانها 1705 نسمة حسب تعداد اليمن لعام 2004؛ الذكور 892؛ والإناث 813؛ وعدد الأسر 223؛ عدد المساكن 134 بحسب إحصاء عام 2004.

وهي قرية صغيرة قديمة، تمتاز بطابعها المعماري، حيث البيوت والحصون المتتابعة والمتراصة على شكل سلسلة، تقع على قمة جبل صخري، مكونة فيما بينها صورة فنية غاية في الجمال والإبداع، تشبه إلى حد كبير جناحي طائر محلِّق فوق سماء مدينة المحابشة من الجهة الجنوبية.

وبسب هذه الميزة الفريدة اتخذها المصريين أثناء ثورة 26 سبتمبر 1962، مقراً عسكرياً.

يوجد بها الكثير من المدافن الأرضية المحفورة في الصخور الرسوبية على شكل غُرف متداخلة كانت تُستخدم لتخزين الحبوب؛ وكهف أو حود - التسمية المحلية - "بني زيد"، وهو جُرف أرضي غائر؛ له منفذان، الأول يقع في وسط القرية والثاني يقع فوق منطقة تُسمى الهرناعة الواقعة نهاية وادي نخبان إلى الجنوب من جبل المحبشي، على امتداد نحو 500 متر، وبداخله العديد من البرك والغرف والتماثيل القديمة والمنزلقات الغائرة تحت الأرض بأعماق تتراوح بين 25 - 50 متر، ذات تفرعات متاهية؛ ومن الشائعات المتداولة بين الأهالي أنه كان قرية عامرة لجماعة بشرية جحدوا نعمتهم فخسف الله بهم الأرض ليكونوا عبرة لغيرهم من الأمم؛ والراجح أنه تكوين طبيعي.

ويوجد بها مسجد أثري يُعتقد بأنه يعود الى القرن الخامس الهجري يُسمى مسجد الفارسي، وخرائب مندثرة لقُرى عامرة تعود للعصر الوسيط بمنطقة المدارمة وبركة أثرية تعود للقرن الحادي عشر الهجري تسمى بركة السيد.

ويُشكل بيت المحبشي نحو 85 % من سكانها، والبقية من بيوت: آل المحطوري، آل المدومي، آل المعمري، آل أبو هادي، آل الشيبة، آل شرجة، آل الشمري، آل الرحبي، آل الأهنومي.


قرية شريم:

أطلال وخرائب مُهدّمة باستثناء جامعها الكبير المبني على مساحة 90 * 50 متراً، فوق هضبة صخرية مرتفعة ومنحدرة، تضم عدة مباني وجامع كبير وثلاثة مساجد صغيرة قديمة موزعة على امتداد الموقع.

تقع على قمة جبل شريم المطل على وادي حوصان، ويرجع تاريخ انشائها إلى عهد الدولة الإسماعيلية - القرامطة - وللإمام عبدالله بن حمزة الكثير من المعارك الطاحنة معهم فيها.


قرية وحصن المحطور:

أطلال مندثرة، بها حصن المحطور التاريخي والأكثر شُهرة بالمنطقة، يقع على جبل المحطور المطل على معظم مناطق عُزلة حجر، ولا زالت هناك بعض الشواهد الأثرية الدالة على أهميته كبقايا الأسوار والأبراج الحربية والمساجد والأضرحة والمقابر والبرك والمخازن الأرضية، وهو من الحصون المنيعة في قمة شاهقة ووعرة المسالك والطرق، يتكون من ساحة واسعة غير مستوية تضم عدد من المباني الحربية والدينية المهدّمة، يُحيط بها سور خارجي ضخم، تتخلله مباني وأبراج دفاعية ونوبات مراقبة ومتاريس حماية ونوافذ ومزاغل رماية وفتحات واسعة لقذف الأحجار الكبيرة على من يحاول التسلق أو التسلل، وبالشمال الغربي منه مدخل يؤدي إلى ساحته الواسعة وعدد من المباني والمرافق. 

يرجع تاريخ انشائها إلى القرن السادس الهجري.


قرية شرق الخراب وحصن واصل:

اطلال مندثرة يقع بها حصن "واصل الحماري"، على قمة تُطل على أراضي كمة شرقاً ووادي اليماني جنوباً وسمايج غرباً، بها عدد من البرك ومخازن الحبوب، ولها سور عظيم.

يرجع تاريخ انشائها إلى العصر الإسلامي، كان يسكنها كما يحكي الأهالي قومٌ ظالمون يحكمهم ملكٌ ظالم غشوم يُسمّى "واصل الحماري"، أهلكهم الله بتسليط بعض دواب الأرض، والراجح أنها دُمرِّت أثناء تطهير سلسلة جبال الشرفين من القرامطة.


خراب الشناظيف:

عدة مباني مندثرة، مشيّدة بجنب بعضها البعض، حولها برك ماء، وفي الغرب جامع صغير مهدّم جُزيئاً وعدد من مدافن الحبوب.

يقع على مُرتفع جبلي، أرضيته صخرية غير مستوية.


خراب الرصعة:

بقايا مباني مندثرة على أرضية منحدرة ومرتفعة، يحيط بها سور، به عدة فتحات للرقابة العسكرية، يضم ساحة كبيرة بها عدد من البرك.


خراب الحسوي:

بقايا أساسات لمباني مهدّمة، يحيط بها سور اندثر معظمه، له مدخل جنوبي، وبجواره بركة واسعة، وهو من الآثار القديمة التي ذكرها الحيمي في كتابه تحقيق من عرف في رحلة بلاد الشرف.


خراب مورع:

كتلة معمارية ضخمة مبنية على مرتفع جبل مورع المطل على أراضي زراعية وأودية.

تضم عدة مباني مُتناسقة، يمثل موقعها فن وروعة البناء المعماري اليمني الأصيل، وهو مُحصّن بموقعه المرتفع، له ممرات سرية وسور ضخم ويضم عدد كبير من البرك والمدافن والمواجل والمساجد، ناهيك عن مناظرته لكافة قمم المديرية، ويعلو بيت الجار الكائن تحت الموقع في الوسط بين خراب المورع وخراب عويد، وهو عبارة عن حصن يتوسط حوش اندثرت معظم أجزائه وحوله عدد من المواجل.


خراب عويد:

من معالم عزلة حجر، يقع على مرتفع سطح قمة جبل يوازي ارتفاعه جبل المورع شمالاً وجبل دروان جنوباً، ويضم عدة أساسات لمباني وحصون وأحواش ومواجل ومدافن حبوب وبرك، أهمها بركة "الشعيف"، الواقعة بجنوب الخراب على مساحة 20*15 متر، وسُمك 20متر، مُبطنة بالقضاض القديم، ولها سُلم واحد مهدّم جُزئياً.


خراب المهاب:

أساسات لعدة حصون مندثرة وبركة ومخازن حبوب تم بائها على قمة هضبة ارتفاعها 850 متر، وفي الأسفل منه مسجد صغير جداً مبني بصورة فنية غاية في الروعة والجمال وعدد أخر من المساجد والبرك.


خراب المثمة:

كتلة معمارية تقع على قمة هضبة مرتفعة تُطل على منطقة المرخام، يتوسطها مسجد صغير أُقيم على حافة بركة، وبها عدد من البرك ومدافن الحبوب.


خراب المرمادة:

أساسات مندثرة لخمسة حصون ومسجد صغير وبركة محفورة في صخرة صماء سُداسية الشكل وعدد من مخازن الحبوب، تقع بعزلة حجر.


خراب الخوامس:

كتلة معمارية مكونة من مباني مهدمة ومتناثرة وشوارع مرتفعة حولها عدد من البرك ومدافن الحبوب والأحواش والأحراش، تقع على سفح جبل زحيم بعزلة حجر، في أطراف المديرية، وتطل على وادي سُحين شرقاً وشعب الحج والوقاير غرباً، وهو من المعالم الأثرية الجاهلية.


خراب المحاجن "الطوف":

كتلة معمارية ممتدة على قمة الجبل تضم عدة مباني وأحواش وأحراش وسراديب وممرات مخفية ومخازن حبوب وبركة، يُطل على وادي العربي غرباً ووادي السايل شرقاً، وهو من المعالم الأثرية العائدة إلى عصور الجاهلية القديمة.

 يقع تحت قرية الشجعة من جهة الشرق.


خراب الضولع:

حصن كبير مسور يضم بداخله عدد أخر من الحصون، يقع بعزلة حجر أسفل جبل الضولع.


خراب الراس:

يقع بقرية بيت السعدي، من أعمال عُزلة بني مجيع، على قمة جبل راس، يضم مسجد قديم وعدة أساسات لحصون ومباني وأسوار وسلالم وبرك.


خراب بيت الحجري:

عدد من المباني القديمة الخربة قائمة على أرضية غير مستوية تقع فوق وادي السايل.


خراب قاهر حجر:

عدة أساسات لمباني وبرك ماء تقع تحت موقع عويد غرباً فوق هضبة قاهر المطلة على وادي خفات والخمالي والشوامي، وسُمي بقاهر بسبب أهميته الموقعية القاهرة للخصم عسكرياً.


خراب الدر:

أساسات لمباني معظمها اسطوانية الشكل - تُسمى قِصِيب بلهجة أبناء المنطقة - مبنية بأحجام سميكة مهندمة شبه مستديرة، يقع تحت في أطراف قرية بيت المغربي شرقاً، وتقع هذه القرية شرق مدينة المحابشة.


خراب قلعة براش:

بقايا أساسات لقلعة تعود إلى ما قبل الإسلام، ربما لعهد دولة حمير، فحجم الأحجار الكبيرة تُؤكد بأنها قديمة حيث ارتفاعها يتراوح بين متر ومتر ونصف.  


خراب بني حيدان:

موقع متناثر مُطل على معظم أراضي بني حيدان وأجزاء من أراضي مديرية أفلح اليمن.


خراب المعمر:

يعلو خراب دروان من الجنوب بشيئ بسيط وإلى الشمال من حصن الخلاف، يقال أن به سجن القلعة في العصور القديمة.

يتميز بوجود عدة قطع فخارية يعود تاريخها إلى العصر الجاهلي، وممر سري تحت الأرض بنحو 20 متراً.


خراب المدارمة:

بقايا أساسات لقرية مندثرة يعود تاريخها إلى العصر الإسلامي، تقع غرب قرية جبل المحبشي، وبأسفلها من جهة الجنوب الشرقي بمنطقة المعاينة مسجد صغير قديم مُهدّم باستثناء جدرانه، ومصرف ماء يمر من تحته، وعين ماء لها مصارف إلى عدة جهات تُسمى "المعاينة"، مائها عذب وبها أسماك صغيرة.


خراب مدرُوس:

بقايا أساسات لقرية مندثرة يعود تاريخها إلى العصر الإسلامي، تقع في الأطراف الجنوبية لقرية جبل المُسَبَّح، وبه مسجد متوسط مبني على حافة الجبل لازالت حالته جيدة.

وجامع مدروس من الجوامع التاريخية، يُقال أن الامام القاسم بن محمد توارى فيه من الاتراك، وكان قد دعى لنفسه نحو العام 1007 هـ من بلدة الشاهل بالشرفين، وله أربع وقفات تاريخية ضد الاحتلال العثماني الأول، تُوّجت بإجلائهم من اليمن، ومما يُحكى أن الأتراك حاولوا ضرب الرمل لمعرفة مكان اختبائه، وفي كل مرة يُظهر لهم المندل وجوده في مكان تحته ماء وفوقه سماء، فقط، دون معرفة المكان.

 يقع المسجد جنوب قرية بني سُمِي/ بضم السين وكسر الميم/ المعروفة أيضا بقرية المسبَّح/ بتشديد الباء المفتوحة/ السفلى، وهو على حافة حيد/ جبل، بالأسفل منه عين ماء جارية، تحيط به خرائب لقرى اندثرت، غالب الظن خلال حروب الامام عبدالله بن حمزة ضد المطرّفية وحروب بنيه وأخيه يحيى بن حمزة نحو نهاية المئة الخامسة وبداية المئة السادسة للهجرة.

يعود تاريخ بنائه على الأرجح إلى المئة الرابعة للهجرة خلال فترة دولة آل الحجوري ببني جل نحو العام 450 هـ


خراب الجذلة:

بقايا أساسات لقرية مندثرة يعود تاريخاها إلى العصر الإسلامي، تقع بالأطراف الشمالية لمدينة المحابشة.


بركة شمسان:

يعود تاريخها إلى القرن التاسع الهجري تقريباً، بنتها الأميرة شمس المحبشي، وهي بركة واسعة تقع غرب ساحة مدينة شمسان.


المراجع:

1 ـ أحمد محمد الشامي، تاريخ اليمن الفكري في العصر العباسي، السفر الأول، دار النفائس - بيروت، الطبعة الأولى 1987، ص 92. 

2 - أحمد القرشي، حجة ذاكرة النضال والتاريخ والجمال، مجلة النور، العدد 147، اكتوبر 2003، ص 22.

وكذا: حجة عالقة بين أكثر من صِفر، صحيفة المصدر، 26 فبراير 2008.

3 - الأديبة والإعلامية بشرى عبدالرحمن الغيلي.

4 - الدكتور خالد طه الخالد.

5 - أرشيف الباحث زيد يحيى المحبشي.

6 - عادل العريقي، المحابشة لؤلؤة الشرفين، صحيفة الجمهورية، 11 يناير 2009.

7 - الناشط الحقوقي والباحث عدنان عبدالرحمن الغيلي.

8- علي بن حسين الحجري - مدير مكتب الأثار بمديرية المحابشة، تقرير يرصد المعالم الأثرية في مديرية المحابشة، 29 مارس 2008.

9 - محمد الدعيس، المحابشة: مناطق أثرية وسياحية ومدرجات زراعية بأشكال هندسية، صحيفة الثورة، العدد 14124، 14 يوليو 2003.

10 - محمد محمد العرشي، مديرية المحابشة: قمم تعانق السماء وهضاب يلفها السحر والجمال، صحيفة الثورة، العدد (18277)، 4 ديسمبر 2014.

11 - محمد سالم مغرسي، المحابشه قات وحلويات وجنابي وقمريات، صحيفة الجمهورية، العدد 42751، 16 يونيو 2007.

12 - الجهاز المركزي للإحصاء.

13 - الدليل الشامل - محافظة حجه - مديرية المحابشة - عزلة بني مجيع.

www.yemenna.com

14 - المركز الوطني للمعلومات باليمن.

الأبعاد القومية للوحدة اليمنية


زيد يحيى المحبشي
أسهمت عدة عوامل في قيام الوحدة اليمنية كثاني مشروع نهضوي قومي في تاريخ العرب بعد الوحدة السورية المصرية 1958م أكسبتها أبعاداً قومية متنوعة داخليا وخارجيا بما أصبحت معه عامل قوة فاعلة على الصعيد القومي العربي ودرعاً واقياً لأمنه واستقراره بعد أن ظلت آليات فاعلية اليمن معطوبة الأداء طيلة فترة التشطير التي استمرت 151 عاما شهدت فيها اختراقات متتابعة تجاوزت عمقها القومي ,ومنه بدت معالم الوحدة القومية اليمنية سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي هي المنتصرة على كل المعوقات ومما نلحظه في هذا الصدد,

على المستوى الداخلي:
1-الوحدة الوطنية اليمنية القائمة على رابطة المواطنة القومية المتوحدة والمتساوية بين أبناء اليمن بما رسخته من عوامل لا يمكن معها اختراق الأمن القومي الوطني والمجسدة في التلاحم الشعبي ضد مشروع الانفصال 7/7/1994م كنتاج طبيعي لوحدة العقيدة واللغة والعادات والتقاليد والعقيدة الوطنية والتاريخ والجغرافيا وحدة الأهداف والرؤى والمصير المشترك في بناء مجتمع صلب الأركان والتوجه الجاد لدولة الوحدة إلى القضاء على الفوارق الطبقية بين سكانها بما من شأنه زيادة صلابة الوحدة الوطنية وتغليب المصالح العليا للوطن على كل اعتبار والتي تمكن بموجبها اليمنيون قديما من ترويض البحر لصالح تجارتهم العالمية وهاهم اليوم بوحدتهم يستعيدون مكانتهم التاريخية مساهمين في تثبيت دعائم الأمن القومي الوطني والعربي ضد المخاطر المحدقة به انطلاقا من واقع الإسهام الفاعل والمبادر بما يليق بموقعهم الجغرافي والسكاني والحضاري الجيوبوليتيكي الهام بين الشعوب والأمم إضافة إلى توحيد القدرات والإمكانيات المتيسرة على أرضهم وفي باطنها وتوجيه الطاقات الموجودة والممكنة لبناء يمن حديث ومواطن منتج .
على هذا الأساس فقد هدفت دولة الوحدة منذ نشأتها إلى بناء دولة حديثة قائمة على أساس تكامل السلطات الدستورية الثلاث لاسيما بعد تمكنها من القضاء على الازدواجية السياسية التي شابت أداء مؤسساتها خلال الأربعة الأعوام الأولى من ولادتها ليجري بعدها اتخاذ رزمة من الإجراءات الهادفة إلى حماية الأمن القومي اليمني وتحصينه بما يكون معه تلمس الفروق عما كانت اليمن عليه قبل 94م واضحا لعدة مبررات منها تبني الخيار الديمقراطي الهادف إلى توسيع المشاركة السياسية وتعميق مفهوم الحرية والحقوق كحق مكتسب لا منحة عبر انتخاب رئيس الدولة مباشرة من قبل الشعب وتخفيف المركزية لصالح السلطات المحلية المنتخبة وثنائية السلطة التشريعية والتوجه إلى انتخاب محافظي المحافظات من الشعب مباشرة .. وإتخاذ الخطوات العملية لتحسين الوضع الاقتصادي المبرمج بطرح الحكومة برنامج الإصلاح في 29/3/1995م الرامي إلى تصحيح مسار الاقتصاد اليمني بما من شأنه تجاوز تداعيات حرب الخليج الثانية وحرب الانفصال التي كلفت خزينة الدولة 11 مليار دولار كما تم إنشاء هيئة عامة لمكافحة الفساد المالي والإداري .
2-الضغط الشعبي الساعي إلى المطالبة بالاستقرار والخروج من الأزمات التي شهدتها فترة التشطير متبوعا بدور ريادي للزعيم الوحدوي فخامة الرئيس علي عبد الله صالح المنتهج الحوار السلمي كآلية عملية لتحقيق الوحدة والتي مرت بعدة مراحل منها:
البناء التدريجي (72-1979م) تمخض عنه تصور حاضر نقصته شرعية المشاركة الشعبية والدستورية، البناء التفعيلي( 80-1986م )تم فيه بناء علاقات جديدة بين الشطرين مستندة إلى مفاهيم العمل المؤسسي الواحد تبعا للخطوات الجسورة التي أتخذها القائد الوحدوي علي عبدالله صالح منذ توليه حكم ما كان يسمى اليمن الشمالي في فترة هي من أخطر الفترات التاريخية, ثم مرحلة التطبيق( 89-1994م) شهدت مسارين هما: مسار التئام مؤسسات الدولة في مشروعية دستورية وقانونية تلتها مسارات رامت خلخلت التأصيل لهذه المؤسسات امتدت من 27/4/93م وحتى 7/7/1994م لتدخل بعدها مرحلة التعميق والتمتين والتحصين للأمن القومي اليمني الرامي إلى الاستقرار السلمي والتغيير الرافض العودة إلى الوراء.

على المستوى الخارجي:
حيث أدت المتغيرات الدولية السابقة والمرافقة إلى التعجيل بمبادرة الرئيس علي عبدالله صالح في 30/11/1989م للاندماج مستفيداً من المتغيرات الدولية.
إذًًاًً فالأمن القومي للجمهورية اليمنية هو الإجراءات والسياسات التي اتبعتها القيادة السياسية والدستورية في حدود طاقتها وإمكانياتها لحماية البلاد وتأمين سلامتها وأمنها وصيانة سيادتها واستقلالها ووحدتها والحفاظ على قيمها ومنجزاتها من أي تهديد داخلي أو خارجي .

التحديات والأبعاد:
واجهت الأمن القومي لدولة الوحدة عدة تحديات داخلية وخارجية ذات أبعاد متنوعة تطلبت التعاطي معها بمسئولية .

داخلياً:
كانت هناك رزمة من التحديات اعترضت بناء الدولة الحديثة لعلى أهمها الموازنة بين معدلات النمو الاقتصادي والنمو السكاني وتكييف معطيات الواقع الجغرافي مع ما تطمح إليه دولة الوحدة من مكانة مرموقة في محيطها القومي .

1- جيبوليتيكياً: فقد تمثلت في عدة عوامل مثلت نقاط قوة للأمن القومي اليمني وعناصر داعمة لقوة دولة الوحدة وفي نفس الوقت عوامل ضعف كالموقع الجغرافي الهام جنوب غرب الجزيرة العربية المتحكم في عدد كبير من جزر البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي والبحر العربي مضافا إليه خط ساحلي بطول2500كم عرض 30-60كم كان دائما عامل اختراق لأمن اليمن ما أدى إلى سعي دولة الوحدة لتطوير سلاح القوات البحرية واتخاذ الخطوات العملية لحل خلافاتها مع دول الجوار لاسيما إريتريا وتفعيل توجهات الحكومة للاستفادة من الثروات البحرية .
2- سياسيا: تفعيل الحياة السياسية النيابية القائمة على الفرص المتكافئة للأحزاب في العمل والوصول إلى السلطة عبر الصناديق وتوفر النية الواضحة والمعلنة لصناعة القرار الواضح والمسئول وتطوير قنوات المشاركة الشعبية في السلطة وقياس الرأي العام بصورة دورية بإنشاء مراكز بحثية متخصصة وإنشاء مجتمع ديمقراطي شوروي وعادل ومجتمع مؤسسي مدني متعدد في تخصصاته وأدائه .

3- اقتصادياً: تطوير الإنتاج المحلي وتقليص الاعتماد على الخارج وإيجاد خطط طويلة الأجل للإنتاج والاستهلاك المحلي وتنظيم التعامل مع الخارج وتوفير المناحي المختلفة للتنمية الاقتصادية المحلية بالإضافة إلى تفعيل ميناء عدن بعد إعلانها منطقة حرة .
4- ثقافيا: توحيد التعليم وتنشيط الفعاليات الثقافية العاكسة لهوية وطنية واحدة بعيدا عن عوامل التفرقة المذهبية والسلالية .. الخ .
5- اجتماعياً: تدشين عدد كبير من الدراسات الميدانية وورش العمل لدراسة التناسب بين العدد والكثافة السكانية مع حجم ومساحة الكيان القومي من اجل تحقيق الحجم الأمثل للسكان بالإضافة إلى القضاء على الفوارق الطبقية تبعا لما أفرزته عملية التعداد السكاني التي جرت في 2004م في عمل نموذجي علمي ممنهج هو الأول من نوعه في منطقة .
6- عسكريا وأمنيا: منذ حرب صيف 94م سعت وزارة الدفاع إلى التسريع بدمج الوحدات العسكرية كليا وبناء القوات المسلحة وفقا لأرقى الأسس العلمية التقنية بعيداً عن الانتماءات, تبعه قرار بتحريم الحزبية على منتسبي القوات المسلحة وقرارا بموجبه تم العفو عن الذين شاركوا في حرب 1994م كان له دور قوي في تمتين تماسك القوات المسلحة كدرع حامي لليمن من الاختراقات الخارجية والقلاقل والفتن الداخلية .

خارجيا:
فقد اعترضت الأمن القومي اليمني عدة تحديات منها الصراع الصومالي الداخلي نجم عنه نزوح عشرات الآلاف إلى اليمن والصراع الإثيوبي الإريتري فالصراع في جنوب السودان والوجود العسكري الفرنسي في جيبوتي ناهيك عن الخلافات العربية - العربية والعربية الإسلامية وتبعات التدخل الغربي وعملية السلام في الشرق الأوسط ... بما لها من تأثير مباشر وغير مباشر على الأمن القومي اليمني بموجبه اتخذت اليمن عدة خطوات عملية أهلتها إلى حماية أمنها القومي والإسهام بدور فاعل في الشأن الإقليمي والقومي العربي أهمها الاحتواء العقلاني للخلاف مع إريتريا وطوي ملفي الحدود مع السعودية 2000م وعمان 1992م والإسهام في حل قضية الصومال .. الخ.
في ضوء ما سبق نجد أن الوحدة اليمنية قد مثلت منذ ولادتها لبنة مهمة في تعزيز الأمن القومي العربي خصوصا في منطقة البحر الأحمر والمحيط الهندي والخليج العربي والقرن الأفريقي لاسيما بعد تخلصها من كافة العوائق التي كانت تكبل دورها قبل الوحدة بما أضحت معه تشكل تعزيزا في الإمكانات وعمقا استراتيجيا بريا وبحريا للأمة العربية لا يمكن تجاهله أو تجاوزه كعامل مهم من عوامل التكامل الاستراتيجي القومي العربي ما انعكس إيجابا على الأمن القومي الوطني اليمني .


الأربعاء، 1 أبريل 2009

العراق الجديد إلى أين؟


زيد يحيى المحبشي

ست سنوات مرت حتى الآن من تاريخ "العراق الجديد", وتحديداً منذ بدء الحرب الأميركية عليه في 20 آذار /مارس 2003 وسقوط نظامه في 9 نيسان/ ابريل 2003، تحت ذرائع شتى أثبتت الأيام عدم صحة أي منها, مخلفةً بذلك صورة كارثية لم يعد فيها المقياس الزمني مُجدياً, حتى أن بعض العراقيين يجزمون بأن حالهم بات أسوأ مما كانوا عليه تحت حكم النظام العراقي السابق، فهم اليوم لم يعودوا محرومين من حقوقهم السياسية فحسب، بل ومن السيادة الوطنية والأمن ومن أبسط ضروريات الحياة, وسط ألغام الطائفية والتطرف الأعمى وغياب الهوية الوطنية لترتفع مكانها هويات الطائفية والمذهب والحزب والعرق.. وهو ما أشار إليه "جون والس" في تعليقه على هذه الحرب المجنونة "لقد جلبنا العذاب والبؤس باسم الحرية".
ست سنوات مرت حتى الآن فُتِحَت خلالها بوابات الماضي على مصراعيها مفجرةً في طريقها قضايا طويت منذ ألف عام, ومُحدِثةً اضطراباً حاداً في مفهوم الوطن وقيمة الوطنية واتجاهات الولاء, في بلد شديد التعقيد تتداخل فيه اعتبارات قومية وطائفية ودينية وجغرافية وتاريخية في غاية الحساسية, ما أدى إلى إرساء ذاكرة جديدة فيه, واضعةً أبنائه أمام خيارات لازال معظمها غامضاً وملتبساً, ما يثير التساؤل عما ستؤول إليه الأمور في السنوات القادمة خصوصاً بعد أن كشفت إدارة أوباما في 27 شباط/ فبراير الفائت عن نيتها الانسحاب منه بحلول 31 آب/ أغسطس 2010 دون اعتذار عما خلفته من تداعيات كارثية ثقيلة وهو ما نحاول مقاربة حقيقته في هذه السطور.

حقائق وأرقام
رغم ما لف ويلف الحرب على العراق من غموض إلا أن ما تكشَّف من أرقام يوضح حجم المأساة التي إرتكبتها أميركا وبريطانيا في العصر الحديث. الغارديان البريطانية في معرض هجومها على لندن وواشنطن عشِية الذكرى السادسة للحرب أشارت إلى أن "أميركا استخدمت نظاماً استعمارياً قديماً, هو التقسيم الطائفي في العراق، وجلبت للعراقيين الكثير من الدمار والحزن، وجلبت لنفسها خسارة إستراتيجية كبيرة على جميع الصُعد العسكرية والاقتصادية والأخلاقية".
إذاعة صوت أميركا في قراءتها للوضع العراقي رأت عكس ذلك، فالعراق يخرج الآن من دائرة العنف الجهنمية، وجميع العناوين الرئيسية القادمة منه إيجابية ناقلة عن لويد اوستن معاون قائد القوات الأميركية بالعراق قوله "نحن قريبون من وضع أمني دائم, لكننا لم نصل إلى ذلك بعد!, ولذا فالتركيز حالياً على تثبيت إستقرار أمني طويل المدى، ولكن يوفره العراقيون أنفسهم!" –كلام جميل ولكن كيف-؟
في البيدر العراقي هناك اتجاهان الأول مثله ثلة من مثقفي العراق الجديد, جندت نفسها لإلقاء اللوم على النفس وجلد الذات وتهيئة الرأي العام العراقي للتسليم بأن القسوة متجذرة فيه, ما دفع أبنائه إلى قتل بعضهم البعض, وبالتالي تسابقها في البحث بعين واحدة عن أمثلة القسوة في التاريخ لتعميمها حاضراً ومستقبلاً, وصولاً إلى تأصيل نظرية متكاملة عن تخلف العراقيين وقسوتهم وهمجيتهم لئلا يشعروا بعار التعاون مع الاحتلال.
الكاتب العراقي حازم النعيمي من جهته قال: بأن هناك متغير وحيد هو أن العراقيين الآن يستطيعون رؤية ضوء في نهاية النفق لكن يبدو أن سنوات الاحتلال الست غير كافية للوصول إليه لسبب بسيط حسب الكاتب غسان العطية هو أن "المارد خرج من القمقم والمجتمع العراقي الآن مستقطب بين القوى الطائفية والعرقية" والتي أضحت سيدة الموقف بلا منازع.
في حين يرى الاتجاه الثاني أن ما لحق العراق من مأساة كارثية أعادته إلى القرون الوسطى دوافعها استعمارية قديمة متجددة, ومحركاتها النفط وأمن الاحتلال الإسرائيلي, وهو ما نجد حقيقته في اتهام الغارديان الصريح لأميركا باستغلال الدين والطائفية وإثارة النعرات الطائفية, ومن ثم وهو الأخطر دأب الحكومات الأميركية المتعاقبة على استخدام ما يسمى بفرق الموت وسط التظليل الإعلامي والتقليل من أهمية التدخل في شؤون الآخرين وامتهان سيادتهم وتوفير الحماية القانونية للاحتلال ومستخدميه, لغرض تفعيل مهام تلك الفرق, حسب الطلب, وصولاً إلى تحقيق رزمة من الأهداف, بما فيها إبقاء حالة الذعر والخوف خصوصاً لدى المتعاونين للمطالبة بالحماية والبقاء وعدم الرحيل, والتذرع المستمر بهشاشة الأمن, كما صرَّح أوباما نفسه, بعد أن كان قد وعد خلال حملته الانتخابية بالانسحاب الكامل، وفي هذا السياق فقط يمكننا فهم الحديث عن التحسن الأمني المفاجئ مؤخراً وكأن هناك جهات غيبية قد أغلقت صنبور الدم والقتل المنظم في هذا البلد.
بلغة الأرقام وهي وحدها الفاضحة لحقيقة التحول المفاجئ في مواقف إدارة أوباما ما يشي بأن مستقبل العراق لم يعد مرهوناً, وهو يدخل عامه السابع تحت الاحتلال, بأفق الحرية فحسب, بل بإمكانية عودته إلى هويته العربية بلداً موحداً بعيداً عن شظايا الطائفية والمذهبية والعرقية والعشائرية, وهو أمرٌ غير بادٍ في الأفق حتى الآن.
أكثر من مليون ونصف شهيد أي بمعدل متوسط 150 قتيل عراقي يومياً, ومليون أرملة تحت سن الـ30 عاماً من أصل 3 ملايين أرملة, ونحو مليون ونصف المليون معاق وجريح لم يحصلوا على حقهم من الرعاية, وأكثر من 5 ملايين مُهجر ومُشرد ونَازح, و5 ملايين يتيم, واغتيال أكثر من 350 عالم نووي عراقي, و1200 أُستاذ جامعي في المعارف العلمية المختلفة على يد الموساد, واغتيال ألف طبيب و5500 أكاديمي وعالم ومثقف, وعودة شبح الكوليرا, في ظل معاناة ثلث أطفال العراق من سوء التغذية, ووجود 4 عراقيين من بين كل عشرة تحت خط الفقر, وتعرض أكثر من 400 ألف عراقي للاعتقال والتعذيب بينهم عشرة آلاف امرأة في ظل وجود 26 سجن رسمي و600 معتقل سري, ناهيك عن حل مؤسسات دولة قائمة وجيش كان يحسب له ألف حساب في المنطقة وتحويل أسلحته إلى خردة يباع الطن الحديد الواحد منها بـ900 دولاً, وضياع 150 بليون دولار تم رصدها لإعادة إعمار ما دمرته آلة الحرب الأميركية على مشاريع وهمية على يد نافذين أميركيين وعراقيين تحول معها العراق إلى ثالث بلد على قائمة الفساد عالمياً بعد الصومال ومانيمار, في وقت لازالت فيه بغداد تعيش في ظلال دامس وسط تذكر أبنائها كيف عادت إليهم الكهرباء في غضون أسابيع بعد حرب 1991 رغم الحصار الاقتصادي الشديد حينها.
وفي المحصلة، فالمنجز الوحيد الذي شهده العراق هو ديمقراطية الدم والقتل والفوضى والصراع الطائفي والسياسي وميليشيات الموت والخراب والفساد، وتحول أبناء أغنى بلد بترولي في العالم إلى مهاجرين ومهجرين ومشردين وامتلاء أرجائه بالمقابر.
والمفارقة هنا إعدام صدام حسين لقتله نحو 148 مواطن من بلدة الدجيل عام 1982، وعدم محاكمة الذين أشعلوا حروباً في العراق وأفغانستان وقتلوا الملايين, وهي مفارقة فاضحة لكل دعاوى الحرية والديمقراطية الغربية، فهل ثمة أي مجال يمكن الحديث عنه بصورة فيها بعض التفاؤل والإيجابية؟.
على صعيد قوات الاحتلال، رغم التعتيم الشديد فالاعتراف الرسمي يذهب إلى مقتل نحو 4260 جندي أميركي وجرح 32 ألف, في حين تشير إحصاءات المقاومة الوطنية العراقية إلى مقتل 35 ألف جندي أميركي وجرح 53 ألف آخرين بمن فيهم المرتزقة والموعودين بالجنسية الأميركية الخضراء إلى جانب 310 قتيل من جنود المتعددة فيما تجاوزت تكاليف الحرب 800 بليون دولار.

العملية السياسية
هي الأخرى تشي مفرداتها رغم تعاقب حكومتين أميركيتين مدنية وعسكرية, وثلاث حكومات عراقية بأن الديمقراطية في هذا البلد لازالت مقطعة الأوصال خصوصاً في العامين الأخيرين, لسبب بسيط هو تركيز حكومة المالكي على الملف الأمني باعتباره مفتاح السر لمعالجة الملفات الأخرى العالقة والمهددة بتفجير العراق مستقبلاً, دون موازاة ذلك بمعالجات سياسية جدية وجذرية, خصوصاً فيما يتعلق بالجدل المحتدم حول التعديلات الدستورية والمصالحة الوطنية وإعادة الإعمار والمناطق المتنازع عليها طائفياً وصلاحيات المركز والأقاليم والصراع على النفط والسلطة ومصير المعتقلين وأعضاء البعث المنحل والمتقاعدين والجماعات المهمشة والمُبعدة عن العملية السياسية وغيرها. وأخطرها على الإطلاق طبعاً, التوتر الدائر حول كركوك وسط تزايد اهتمام الأكراد بضم أجزاء كبيرة من المناطق النفطية خارج حدود كردستان في الموصل وصلاح الدين وبعقوبة أيضاً.
ناهيك عن مشكلة مجالس الصحوة المتفاقمة إثر نقل الاحتلال مسؤولية 90 ألف من عناصرها إلى حكومة المالكي على أن يتم استيعاب 20 ألف منهم في الجيش العراقي الجديد والبحث عن وظائف مدنية للبقية, في وقت دفعت فيه الأزمة المالية العالمية إلى عدم إيفاء المالكي بذلك ومن ثم اندلاع المواجهات بين الطرفين في بغداد في الأيام الجارية والمهددة بالانفجار في ثمان محافظات أخرى.
كل هذا ألقى بظلاله على إستراتيجية أوباما للانسحاب من العراق والتي سنفرد لها حلقة منفصلة، وبالتالي ربطها بمدى قدرة العراقيين على تجنب تفجر أعمال العنف مجدداً ونزع فتيل الخلافات السياسية الحادة على النفط والسلطة وسط تصاعد مخاوف خصوم المالكي وبعض حلفائه وأنصار الديمقراطية من دفع نجاحاته في العامين الأخيرين في تكريس قوة القانون التي أدت إلى فوز ساحق لقائمته في الانتخابات المحلية أواخر كانون الثاني/ يناير الماضي والتي أظهرته في موقف القوي الذي لا يتردد في ضرب حلفائه لتكريس مفهوم دولة القانون بعد أن كان غير مرغوباً فيه ورفع أسهمه في الشارع العراقي، وبالتالي نجاحه في تحويل حكومته سريعاً إلى وريث لتجربة إحياء دور العشائر في مواجهة قوة الحزب التي أغنتها الإستراتيجية الأميركية.
والخوف هنا من تحول زعامة المالكي المتصاعدة إلى ديكتاتورية في بلد جعلته فوضى سنوات الاحتلال مُهيئاً أكثر من ذي قبل لإعادة إنتاجها مجدداً.