"الامام علي بن أبي طالب عظيم العظماء، نسخة مفردة لم يرى الشرق ولا الغرب صورة طبق الأصل لا قديماً ولا حديثاً"..
بهذه الكلمات البسيطة اختصر الكاتب "شبلي شميل" حكاية الامام علي وشخصيته.. إنه وليد الكعبة وشهيد المحراب .. رجلٌ مهما حاول المرء الإلمام بصفاته وسجاياه فلن يستطيع ذلك..
في الهزيع الأخير من ليلة التاسع عشر من رمضان من سنة 40 هـ فُجعت الأمة بإقدام أشقى الأشقياء عبدالرحمن بن ملجم المرادي على إغتيال الإمام علي وهو خارج لأداء صلاة الفجر بجامع الكوفة .. فلق سيف الشقي هامة الوصي سال الدم على اللحية الطاهرة نظر الإمام إلى من حوله باسماً مستبشراً بلقاء ربه: ((فزت ورب الكعبة)).. وفي صبيحة ليلة الواحد والعشرين رحلة الروح الطاهرة الى بارئها لتحل ضيفاً طال إنتظاره إلى جوار الحبيب والحبيبة المصطفى وبضعته الطاهرة..
مؤامرة حاكتها الأيدي الأثمة .. نسجت خيوطها شيطانة الكوفة "قطا" ونفذها الشقي أخو مراد بعدما منته الشيطانة بالزواج منها إن هو أمهرها رأس أخو الصادق الأمين بِئست المقايضة ..
حسن سبط النبوة يلتقط أنفاس الفاجعة خاطباً في القوم:((لقد فارقكم في هذه الليلة، رجلٌ لم يسبقه الأولون ولا يدركه الآخرون كان يبعثه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للحرب وجبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره.. ))
وكانت أخر كلمات الوصي تشهد على حبه لهذه الأمة التي لم تعرفه حق المعرفة .. وعلى إخلاصه لهذه الأرض التي ما وفته حقه أبداً لا في الحياة ولا بعد الممات: ((الله الله في جيرانكم .. الله الله في الفقراء والمساكين فأشركوهم في معايشكم .. الله الله في ما ملكت أيمانكم .. قولوا للناس حُسناً كما أمركم الله .. ولا تتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيتولى ذلك غيركم وتدعون فلا يُستجاب لكم .. وعليكم بالتواضع والتباذل والتبار .. وإياكم والتقاطع والتفرق والتدابر ..))
العالم السني المصري محمود أبو ريه في كتابه القيم "أضواء على السنة المحمدية" تملكته الدهشه مما لحق الوصي من جفاء وتجاهل وغمط في حياته على قرب عهد من رسول الله ومن قوم يفترض أنهم الأكثر معرفة بحق ومكانة هذا الرجل وفي هذا نكتفي باشارة عابرة لما ضمنه هذا العالم السني المنصف حيث اثار الحديث في صفحة 249 عن تعمد المشايخ ومن تابعهم من المحدثة والرواة وكتبة التاريخ تجاهل ذكر اسم الامام علي فيمن قام بجمع القرآن رغم سابقته وأعلميته وأحجيته وإجماع الجميع على أنه أعلم الصحابة بعد رسول الله: ((... حقاً إن الأمر لعجيب .. وما علينا إلا أن نقول كلمة لا نملك غيرها، هي: "لك الله يا علي ما أنصفوك في شيئ!!!"))