Translate

الاثنين، 1 يونيو 2009

الأبعاد القومية للوحدة اليمنية


زيد يحيى المحبشي
أسهمت عدة عوامل في قيام الوحدة اليمنية كثاني مشروع نهضوي قومي في تاريخ العرب بعد الوحدة السورية المصرية 1958م أكسبتها أبعاداً قومية متنوعة داخليا وخارجيا بما أصبحت معه عامل قوة فاعلة على الصعيد القومي العربي ودرعاً واقياً لأمنه واستقراره بعد أن ظلت آليات فاعلية اليمن معطوبة الأداء طيلة فترة التشطير التي استمرت 151 عاما شهدت فيها اختراقات متتابعة تجاوزت عمقها القومي ,ومنه بدت معالم الوحدة القومية اليمنية سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي هي المنتصرة على كل المعوقات ومما نلحظه في هذا الصدد,

على المستوى الداخلي:
1-الوحدة الوطنية اليمنية القائمة على رابطة المواطنة القومية المتوحدة والمتساوية بين أبناء اليمن بما رسخته من عوامل لا يمكن معها اختراق الأمن القومي الوطني والمجسدة في التلاحم الشعبي ضد مشروع الانفصال 7/7/1994م كنتاج طبيعي لوحدة العقيدة واللغة والعادات والتقاليد والعقيدة الوطنية والتاريخ والجغرافيا وحدة الأهداف والرؤى والمصير المشترك في بناء مجتمع صلب الأركان والتوجه الجاد لدولة الوحدة إلى القضاء على الفوارق الطبقية بين سكانها بما من شأنه زيادة صلابة الوحدة الوطنية وتغليب المصالح العليا للوطن على كل اعتبار والتي تمكن بموجبها اليمنيون قديما من ترويض البحر لصالح تجارتهم العالمية وهاهم اليوم بوحدتهم يستعيدون مكانتهم التاريخية مساهمين في تثبيت دعائم الأمن القومي الوطني والعربي ضد المخاطر المحدقة به انطلاقا من واقع الإسهام الفاعل والمبادر بما يليق بموقعهم الجغرافي والسكاني والحضاري الجيوبوليتيكي الهام بين الشعوب والأمم إضافة إلى توحيد القدرات والإمكانيات المتيسرة على أرضهم وفي باطنها وتوجيه الطاقات الموجودة والممكنة لبناء يمن حديث ومواطن منتج .
على هذا الأساس فقد هدفت دولة الوحدة منذ نشأتها إلى بناء دولة حديثة قائمة على أساس تكامل السلطات الدستورية الثلاث لاسيما بعد تمكنها من القضاء على الازدواجية السياسية التي شابت أداء مؤسساتها خلال الأربعة الأعوام الأولى من ولادتها ليجري بعدها اتخاذ رزمة من الإجراءات الهادفة إلى حماية الأمن القومي اليمني وتحصينه بما يكون معه تلمس الفروق عما كانت اليمن عليه قبل 94م واضحا لعدة مبررات منها تبني الخيار الديمقراطي الهادف إلى توسيع المشاركة السياسية وتعميق مفهوم الحرية والحقوق كحق مكتسب لا منحة عبر انتخاب رئيس الدولة مباشرة من قبل الشعب وتخفيف المركزية لصالح السلطات المحلية المنتخبة وثنائية السلطة التشريعية والتوجه إلى انتخاب محافظي المحافظات من الشعب مباشرة .. وإتخاذ الخطوات العملية لتحسين الوضع الاقتصادي المبرمج بطرح الحكومة برنامج الإصلاح في 29/3/1995م الرامي إلى تصحيح مسار الاقتصاد اليمني بما من شأنه تجاوز تداعيات حرب الخليج الثانية وحرب الانفصال التي كلفت خزينة الدولة 11 مليار دولار كما تم إنشاء هيئة عامة لمكافحة الفساد المالي والإداري .
2-الضغط الشعبي الساعي إلى المطالبة بالاستقرار والخروج من الأزمات التي شهدتها فترة التشطير متبوعا بدور ريادي للزعيم الوحدوي فخامة الرئيس علي عبد الله صالح المنتهج الحوار السلمي كآلية عملية لتحقيق الوحدة والتي مرت بعدة مراحل منها:
البناء التدريجي (72-1979م) تمخض عنه تصور حاضر نقصته شرعية المشاركة الشعبية والدستورية، البناء التفعيلي( 80-1986م )تم فيه بناء علاقات جديدة بين الشطرين مستندة إلى مفاهيم العمل المؤسسي الواحد تبعا للخطوات الجسورة التي أتخذها القائد الوحدوي علي عبدالله صالح منذ توليه حكم ما كان يسمى اليمن الشمالي في فترة هي من أخطر الفترات التاريخية, ثم مرحلة التطبيق( 89-1994م) شهدت مسارين هما: مسار التئام مؤسسات الدولة في مشروعية دستورية وقانونية تلتها مسارات رامت خلخلت التأصيل لهذه المؤسسات امتدت من 27/4/93م وحتى 7/7/1994م لتدخل بعدها مرحلة التعميق والتمتين والتحصين للأمن القومي اليمني الرامي إلى الاستقرار السلمي والتغيير الرافض العودة إلى الوراء.

على المستوى الخارجي:
حيث أدت المتغيرات الدولية السابقة والمرافقة إلى التعجيل بمبادرة الرئيس علي عبدالله صالح في 30/11/1989م للاندماج مستفيداً من المتغيرات الدولية.
إذًًاًً فالأمن القومي للجمهورية اليمنية هو الإجراءات والسياسات التي اتبعتها القيادة السياسية والدستورية في حدود طاقتها وإمكانياتها لحماية البلاد وتأمين سلامتها وأمنها وصيانة سيادتها واستقلالها ووحدتها والحفاظ على قيمها ومنجزاتها من أي تهديد داخلي أو خارجي .

التحديات والأبعاد:
واجهت الأمن القومي لدولة الوحدة عدة تحديات داخلية وخارجية ذات أبعاد متنوعة تطلبت التعاطي معها بمسئولية .

داخلياً:
كانت هناك رزمة من التحديات اعترضت بناء الدولة الحديثة لعلى أهمها الموازنة بين معدلات النمو الاقتصادي والنمو السكاني وتكييف معطيات الواقع الجغرافي مع ما تطمح إليه دولة الوحدة من مكانة مرموقة في محيطها القومي .

1- جيبوليتيكياً: فقد تمثلت في عدة عوامل مثلت نقاط قوة للأمن القومي اليمني وعناصر داعمة لقوة دولة الوحدة وفي نفس الوقت عوامل ضعف كالموقع الجغرافي الهام جنوب غرب الجزيرة العربية المتحكم في عدد كبير من جزر البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي والبحر العربي مضافا إليه خط ساحلي بطول2500كم عرض 30-60كم كان دائما عامل اختراق لأمن اليمن ما أدى إلى سعي دولة الوحدة لتطوير سلاح القوات البحرية واتخاذ الخطوات العملية لحل خلافاتها مع دول الجوار لاسيما إريتريا وتفعيل توجهات الحكومة للاستفادة من الثروات البحرية .
2- سياسيا: تفعيل الحياة السياسية النيابية القائمة على الفرص المتكافئة للأحزاب في العمل والوصول إلى السلطة عبر الصناديق وتوفر النية الواضحة والمعلنة لصناعة القرار الواضح والمسئول وتطوير قنوات المشاركة الشعبية في السلطة وقياس الرأي العام بصورة دورية بإنشاء مراكز بحثية متخصصة وإنشاء مجتمع ديمقراطي شوروي وعادل ومجتمع مؤسسي مدني متعدد في تخصصاته وأدائه .

3- اقتصادياً: تطوير الإنتاج المحلي وتقليص الاعتماد على الخارج وإيجاد خطط طويلة الأجل للإنتاج والاستهلاك المحلي وتنظيم التعامل مع الخارج وتوفير المناحي المختلفة للتنمية الاقتصادية المحلية بالإضافة إلى تفعيل ميناء عدن بعد إعلانها منطقة حرة .
4- ثقافيا: توحيد التعليم وتنشيط الفعاليات الثقافية العاكسة لهوية وطنية واحدة بعيدا عن عوامل التفرقة المذهبية والسلالية .. الخ .
5- اجتماعياً: تدشين عدد كبير من الدراسات الميدانية وورش العمل لدراسة التناسب بين العدد والكثافة السكانية مع حجم ومساحة الكيان القومي من اجل تحقيق الحجم الأمثل للسكان بالإضافة إلى القضاء على الفوارق الطبقية تبعا لما أفرزته عملية التعداد السكاني التي جرت في 2004م في عمل نموذجي علمي ممنهج هو الأول من نوعه في منطقة .
6- عسكريا وأمنيا: منذ حرب صيف 94م سعت وزارة الدفاع إلى التسريع بدمج الوحدات العسكرية كليا وبناء القوات المسلحة وفقا لأرقى الأسس العلمية التقنية بعيداً عن الانتماءات, تبعه قرار بتحريم الحزبية على منتسبي القوات المسلحة وقرارا بموجبه تم العفو عن الذين شاركوا في حرب 1994م كان له دور قوي في تمتين تماسك القوات المسلحة كدرع حامي لليمن من الاختراقات الخارجية والقلاقل والفتن الداخلية .

خارجيا:
فقد اعترضت الأمن القومي اليمني عدة تحديات منها الصراع الصومالي الداخلي نجم عنه نزوح عشرات الآلاف إلى اليمن والصراع الإثيوبي الإريتري فالصراع في جنوب السودان والوجود العسكري الفرنسي في جيبوتي ناهيك عن الخلافات العربية - العربية والعربية الإسلامية وتبعات التدخل الغربي وعملية السلام في الشرق الأوسط ... بما لها من تأثير مباشر وغير مباشر على الأمن القومي اليمني بموجبه اتخذت اليمن عدة خطوات عملية أهلتها إلى حماية أمنها القومي والإسهام بدور فاعل في الشأن الإقليمي والقومي العربي أهمها الاحتواء العقلاني للخلاف مع إريتريا وطوي ملفي الحدود مع السعودية 2000م وعمان 1992م والإسهام في حل قضية الصومال .. الخ.
في ضوء ما سبق نجد أن الوحدة اليمنية قد مثلت منذ ولادتها لبنة مهمة في تعزيز الأمن القومي العربي خصوصا في منطقة البحر الأحمر والمحيط الهندي والخليج العربي والقرن الأفريقي لاسيما بعد تخلصها من كافة العوائق التي كانت تكبل دورها قبل الوحدة بما أضحت معه تشكل تعزيزا في الإمكانات وعمقا استراتيجيا بريا وبحريا للأمة العربية لا يمكن تجاهله أو تجاوزه كعامل مهم من عوامل التكامل الاستراتيجي القومي العربي ما انعكس إيجابا على الأمن القومي الوطني اليمني .


ليست هناك تعليقات: