الرابط : اراء حرة
زيد يحيى المحبشي - اليمن
"العلمانية كلمة لها رائحة البارود، لما تثيره من استجابات متضاربة ومتناقضة"هكذا يراها "جان ريفرو"
الرابط : اراء حرة زيد يحيى المحبشي - اليمن"العلمانية كلمة لها رائحة البارود، لما تثيره من استجابات متضاربة ومتناقضة"هكذا يراها "جان ريفرو" ما جعل منها واحدة من أهم المسائل المثيرة للجدل في الفكر العربي المعاصر منذ أن وطئت أقدام الاستعمار الغربي أرض العرب قبل 200 عام وبداية تبلور معالم صدمة الحداثة والغرب في الوجدان والفكر العربي وذلك لتلازم إدراك ثالوث العلمانية والغرب والاستعمار في المخيلة العربية كمكون منسوب إلى سياق حضاري وتاريخي ليس خارجياً فحسب بل ومعاد ما أدى إلى نقل بساط النقاش حولها إلى حيز السجالات المسيسة و المؤدلجة ومن ثم وضعها في قفص الاتهام!!.
بلغ الجدل ذروته في أواخر القرن 19 وبدايات القرن 20 مصحوباً بتصاعد دعوات الإصلاحات الاجتماعية في ظل وجود الاستعمار وعلى مشارف الحروب العالمة [الأولى والثانية] وبروز معارك الاستقلال الوطني في أكثر من قطر عربي في وقت كان فيه مشروع النهضة العربية قائم في مجمله على محاور العلمانية والحرية والديمقراطية واحترام التعدديات الثقافية والسياسية وحماية حقوق الإنسان، ناهيك عن إفرازات حقب القرن العشرين التاركة بصماتها بصورة أو بأخرى على القيم والمفاهيم بما فيها من تحديات ساكنة ومتحركة دفعة مجتمعة بالعلمانية كأهم معلم كوني في تشكيل ملامح العصر واستشراقاته إلى واجهة الجدل في جسد الاجتماع السياسي العربي الراهن خاصة بعد الصخب المثار حول الحجاب سواء في المجتمعات العربية والإسلامية أو في أوساط مهاجريها بالمجتمعات الغربية مثيرة بذلك العديد من التساؤلات حول الحياة الاجتماعية –المدنية بما فيها حدود الحرية والمسؤولية في السياق المكاني والزماني إلى جانب ثوران قضايا حقوق الأقليات الدينية والقومية والطائفية مع مطلع القرن الواحد والعشرين.
الأزمات العاصفة بالمجتمعات العربية هي الأخرى من وجهة نظر العلمانيين العرب أوجدت قضايا اجتماعية لم تعد تحتمل التأجيل لاسيما فيما يتعلق بالمواطنة والحرية والحداثة بذريعة عدم كفاية الجرعات المؤقتة من الحريات الممنوحة للشعوب العربية بين الفينة والأخرى لتجاوز الأزمات الحالية والمتوالدة لمراوحتها عند حدود مسميات وهياكل المؤسسات المتهالكة مكتفية بأن تترنح مجتمعاتها كل يوم على أن تهتز أركانها ومكتسباتها يوماً!!
نظرياً يبدو أن الأمور في طريقها إلى الحسم بفعل التوجه الأميركي نحو الشرق الأوسط الجديد لصالح التيارات العلمانية كخطوة أولية نحو الأنظمة العصرية ذات الطابع المدني بينما هي في الواقع مغايرة إذا نلمس تقهقراً وتراجعاً مستمراً للعلمانية العربية على أكثر من صعيد لصالح ترعرع وتنامي التيارات الدينية.
ومع ذلك يبقى الجدال الدائر بين العلمانيين والإسلاميين في العديد من الدول العربية نوع من السجال الموسمي خصوصاً وأن ظهوره غالباً ما يكون مرافقاً لبداية ظهور المعارك الوطنية السياسية والإصلاحية أو الجدل السياسي أو الانتخابات بأنواعها ثم ما يلبث أن يهدأ هديره مثال ذلك نجده في التعديلات الدستورية المطروحة مؤخراً في مصر.
إذاً ما هو سر هذا الخلاف هل هو سياسي أم أيديولوجي؟! وهل أضحت العلمانية قدراً كونياً لا مناص منه إذا ما أراد العرب الالتحاق بقاطرة الحضارة الكونية بدلاً من الانتظار الطويل على رصيف التاريخ؟!.
خط ساخن:
تباينت المواقف العربية من العلمانية منذ الوهلة الأولى لظهورها المفاجئ بالتزامن مع ظهور الحركات النهضوية العربية بما فيها التيارات الإصلاحية الإسلامية الداعية منذ القرن 19 إلى تحديث الدول العربية وتغيير أوضاع المجتمع العربي تحت شعار [النهضة من أجل الإصلاح] وهو شعار فجر جدلاً فكرياً واسعاً بين الإصلاحيين والمحافظين شهدت بعدها الساحة بروز المفكرين العرب المتأثرين بالمعرفة الغربية فأخذوا يطرحون على طاولة النقاش ظاهرة الخصوصية الأوربية الثائرة ومقارنتها بظاهرة الخصوصية الإسلامية المحافظة أو المشدودة للماضي بما فيها طرح إشكاليات التناقض بين الدين والعقل وبين الأصالة والحداثة وبين الدين والدولة وبين الدين والعقل والعلم لأول مرة دون أن يصطدم المجتمع بمعادلة فصل الدين عن الدولة لأن الإسلام هو الدين السائد والمتجذر بقوة في وجدان وضمير الشعوب العربية ولأن موقفه من العلم موقف المفاخر والداعي والمحبب إليه إلا أن ظهور الاستعمار وتوجهه إلى تحريك لنزاعات الطائفية والقومية دفع بمفكري الأقليات العرقية والدينية العربية إلى النفوذ من بوابة مشروع الإصلاح والتحديث ومن ثم إثارتهم لمبدأ فصل الدين عن الدولة مع نهاية القرن 19 رغم أن فصل الكنيسة في بلاد المنشأ سابق لدعوات العلمنة بينما هي في الوطن العربي متقدمة حيث كان الاستعمار يستعمل الدين أحياناً لضرب حركات التحرر العربية كما حصل في موقفه المجهض لمشروع محمد علي باشا (1805- 1840) بالقوة لسبب بسيط هو أنه أراد إقامة دولة عصرانية لا يسيطر عليها العقل الديني إلا أن ازدواجية التعامل الغربي حالت دون ذلك.
بصورة عامة إنقسم المفكرين العرب في نهاية القرن 19 وبداية القرن 20 إلى فريقين مثل الأول دعاة الإصلاح والتجديد وهم أغلبية ساحقة بما فيهم دعاة التجديد الديني والثاني دعاة العلمانية وهم قلة محدودة في قادتها المشهورين المتخرج غالبيتهم من الكلية البروتستانتية السورية إلا أن البعض دمج الفريقين في قائمة واحدة بذريعة أن العلمانيين العرب أول من تبنى حركة الإصلاح والتجديد ودعوا في نفس الوقت إلى العلمانية مع أن الفرق بينهما كبير.
أما الموقف الفكري الديني فمنقسم إلى أربعة تيارات دعا الأول منها إلى ضرورة أخذ الحضارة الغربية بغثها وسمينها بينما كان الثاني على النقيض إلى حد تحريمه استخدام الميكرفونات كما هو حال السلفية وفي الثالث تصدر الشيخ محمد عبده وجمال الدين الأفغاني مدرسة التقريب كخط وسطي إلا أن تدخل الماسونية حالت دون ذلك ويبقى الرابع ممثلاً في الحركات الإسلامية المعاصرة الداعية إلى أخذ المفيد ونبذ المتعارض مع الإسلام باعتبار ديننا متطور في فروعه وثابت في أصوله وفي مقدمة هؤلاء المفكر العراقي الكبير محمد باقر الصدر في كتبه التجديدية [فلسفتنا، اقتصادنا، البنوك الغير ربوية في الإسلام],في حين انقسم دعاة العلمانية إلى تيارين معتدل منفتح وراديكالي متطرف.
واقعياً يسود الفضاء العربي الإسلامي في معظمه أنظمه مهجنه نصفيها الدين والعلمانية وبالتالي فالعلمانية كنظام ومشروع سياسي كامل وواع لم تدخل قط العالم العربي رغم ما قامت به أنظمته بعد اتصالها المباشر بالاستعمار من تخلي ممرحل عن بعض الجوانب المستفزة للغرب من قبيل تطبيق العقوبات الشرعية وجباية الجزية عن مواطنيها غير المسلمين باستثناء الدول العربية التي لم تعرف الاستعمار كالسعودية واليمن الشمالي تحديداً قبل الوحدة وهي كذلك بعدها.
تبقى تونس من أهم النماذج للعلمانية العربية الحية منذ أن عمد الطاهر الحداد إلى علمنة فقه القرون الوسطى فيما يتعلق بتحرير المرأة ومنع تعدد الزوجات وإلغاء عدم المساواة في الإرث بين الجنسين إلا أن تنفيذ ذلك في عهد الحبيب بورقيبه اصطدم بتهديد الملك فيصل بقطع العلاقات معها ما دفعه إلى التراجع عن إصدار قانون المساواة في الإرث وفي عهد بن علي نجحت العلمانية في شق طريقها إلى كافة مناحي الحياة.
النموذج الثاني المغرب المتميزة دولته بطابعها العلماني رغم تنصيص دستورها على المكانة الدينية للملك داخل النظام واعتبارها الإسلام الدين الرسمي إلا أنها واقعيا قامت بإقصاء التعليم الديني لصالح التعليم المزدوج العلماني وتقوية قاعدة القوانين الوضعية ومنع تأسيس جمعيات مدنية أو سياسية على أسس دينية أو إثنية ومع ذلك فالأحزاب الدينية متقدمة على العلمانية في الانتخابات حيث اجمعت الاستطلاعات على وجود توجه شعبي طاغي نحو البرامج الدينية!!.
وهو ما نجده في العراق حيث خلصت الاستطلاعات الجارية بعد عامين من احتلاله إلى تنامي النزعة الدينية وارتفاع القناعة بأن العراق يجب أن يحكم بنظام إسلامي يحقق العدالة التي أجهضتها أحلام العلمانيين خصوصاً في مدينة بغداد إلا أن المفارقة أتت من كربلاء بعد تفضيل 71% من سكانها الأحزاب العلمانية في إدارة مجلس المحافظة وفي السعودية أيضا للعلمانية دعاتها في أوساط الشيعة في الشمال للتخلص من كابوس الوهابية بينما هي في مصر بعد تجاوزها التعاطي الفكري إلى إنشاء الأحزاب العلمانية تدخل مرحلة الدفاع الممأسس بالتوازي مع التعاطي الإسلامي الحركي المناوئ
هذا المقال من قبل صوت العروبةhttp://www.arabvoice.കോം
الرابط : اراء حرة زيد يحيى المحبشي - اليمن"العلمانية كلمة لها رائحة البارود، لما تثيره من استجابات متضاربة ومتناقضة"هكذا يراها "جان ريفرو" ما جعل منها واحدة من أهم المسائل المثيرة للجدل في الفكر العربي المعاصر منذ أن وطئت أقدام الاستعمار الغربي أرض العرب قبل 200 عام وبداية تبلور معالم صدمة الحداثة والغرب في الوجدان والفكر العربي وذلك لتلازم إدراك ثالوث العلمانية والغرب والاستعمار في المخيلة العربية كمكون منسوب إلى سياق حضاري وتاريخي ليس خارجياً فحسب بل ومعاد ما أدى إلى نقل بساط النقاش حولها إلى حيز السجالات المسيسة و المؤدلجة ومن ثم وضعها في قفص الاتهام!!.
بلغ الجدل ذروته في أواخر القرن 19 وبدايات القرن 20 مصحوباً بتصاعد دعوات الإصلاحات الاجتماعية في ظل وجود الاستعمار وعلى مشارف الحروب العالمة [الأولى والثانية] وبروز معارك الاستقلال الوطني في أكثر من قطر عربي في وقت كان فيه مشروع النهضة العربية قائم في مجمله على محاور العلمانية والحرية والديمقراطية واحترام التعدديات الثقافية والسياسية وحماية حقوق الإنسان، ناهيك عن إفرازات حقب القرن العشرين التاركة بصماتها بصورة أو بأخرى على القيم والمفاهيم بما فيها من تحديات ساكنة ومتحركة دفعة مجتمعة بالعلمانية كأهم معلم كوني في تشكيل ملامح العصر واستشراقاته إلى واجهة الجدل في جسد الاجتماع السياسي العربي الراهن خاصة بعد الصخب المثار حول الحجاب سواء في المجتمعات العربية والإسلامية أو في أوساط مهاجريها بالمجتمعات الغربية مثيرة بذلك العديد من التساؤلات حول الحياة الاجتماعية –المدنية بما فيها حدود الحرية والمسؤولية في السياق المكاني والزماني إلى جانب ثوران قضايا حقوق الأقليات الدينية والقومية والطائفية مع مطلع القرن الواحد والعشرين.
الأزمات العاصفة بالمجتمعات العربية هي الأخرى من وجهة نظر العلمانيين العرب أوجدت قضايا اجتماعية لم تعد تحتمل التأجيل لاسيما فيما يتعلق بالمواطنة والحرية والحداثة بذريعة عدم كفاية الجرعات المؤقتة من الحريات الممنوحة للشعوب العربية بين الفينة والأخرى لتجاوز الأزمات الحالية والمتوالدة لمراوحتها عند حدود مسميات وهياكل المؤسسات المتهالكة مكتفية بأن تترنح مجتمعاتها كل يوم على أن تهتز أركانها ومكتسباتها يوماً!!
نظرياً يبدو أن الأمور في طريقها إلى الحسم بفعل التوجه الأميركي نحو الشرق الأوسط الجديد لصالح التيارات العلمانية كخطوة أولية نحو الأنظمة العصرية ذات الطابع المدني بينما هي في الواقع مغايرة إذا نلمس تقهقراً وتراجعاً مستمراً للعلمانية العربية على أكثر من صعيد لصالح ترعرع وتنامي التيارات الدينية.
ومع ذلك يبقى الجدال الدائر بين العلمانيين والإسلاميين في العديد من الدول العربية نوع من السجال الموسمي خصوصاً وأن ظهوره غالباً ما يكون مرافقاً لبداية ظهور المعارك الوطنية السياسية والإصلاحية أو الجدل السياسي أو الانتخابات بأنواعها ثم ما يلبث أن يهدأ هديره مثال ذلك نجده في التعديلات الدستورية المطروحة مؤخراً في مصر.
إذاً ما هو سر هذا الخلاف هل هو سياسي أم أيديولوجي؟! وهل أضحت العلمانية قدراً كونياً لا مناص منه إذا ما أراد العرب الالتحاق بقاطرة الحضارة الكونية بدلاً من الانتظار الطويل على رصيف التاريخ؟!.
خط ساخن:
تباينت المواقف العربية من العلمانية منذ الوهلة الأولى لظهورها المفاجئ بالتزامن مع ظهور الحركات النهضوية العربية بما فيها التيارات الإصلاحية الإسلامية الداعية منذ القرن 19 إلى تحديث الدول العربية وتغيير أوضاع المجتمع العربي تحت شعار [النهضة من أجل الإصلاح] وهو شعار فجر جدلاً فكرياً واسعاً بين الإصلاحيين والمحافظين شهدت بعدها الساحة بروز المفكرين العرب المتأثرين بالمعرفة الغربية فأخذوا يطرحون على طاولة النقاش ظاهرة الخصوصية الأوربية الثائرة ومقارنتها بظاهرة الخصوصية الإسلامية المحافظة أو المشدودة للماضي بما فيها طرح إشكاليات التناقض بين الدين والعقل وبين الأصالة والحداثة وبين الدين والدولة وبين الدين والعقل والعلم لأول مرة دون أن يصطدم المجتمع بمعادلة فصل الدين عن الدولة لأن الإسلام هو الدين السائد والمتجذر بقوة في وجدان وضمير الشعوب العربية ولأن موقفه من العلم موقف المفاخر والداعي والمحبب إليه إلا أن ظهور الاستعمار وتوجهه إلى تحريك لنزاعات الطائفية والقومية دفع بمفكري الأقليات العرقية والدينية العربية إلى النفوذ من بوابة مشروع الإصلاح والتحديث ومن ثم إثارتهم لمبدأ فصل الدين عن الدولة مع نهاية القرن 19 رغم أن فصل الكنيسة في بلاد المنشأ سابق لدعوات العلمنة بينما هي في الوطن العربي متقدمة حيث كان الاستعمار يستعمل الدين أحياناً لضرب حركات التحرر العربية كما حصل في موقفه المجهض لمشروع محمد علي باشا (1805- 1840) بالقوة لسبب بسيط هو أنه أراد إقامة دولة عصرانية لا يسيطر عليها العقل الديني إلا أن ازدواجية التعامل الغربي حالت دون ذلك.
بصورة عامة إنقسم المفكرين العرب في نهاية القرن 19 وبداية القرن 20 إلى فريقين مثل الأول دعاة الإصلاح والتجديد وهم أغلبية ساحقة بما فيهم دعاة التجديد الديني والثاني دعاة العلمانية وهم قلة محدودة في قادتها المشهورين المتخرج غالبيتهم من الكلية البروتستانتية السورية إلا أن البعض دمج الفريقين في قائمة واحدة بذريعة أن العلمانيين العرب أول من تبنى حركة الإصلاح والتجديد ودعوا في نفس الوقت إلى العلمانية مع أن الفرق بينهما كبير.
أما الموقف الفكري الديني فمنقسم إلى أربعة تيارات دعا الأول منها إلى ضرورة أخذ الحضارة الغربية بغثها وسمينها بينما كان الثاني على النقيض إلى حد تحريمه استخدام الميكرفونات كما هو حال السلفية وفي الثالث تصدر الشيخ محمد عبده وجمال الدين الأفغاني مدرسة التقريب كخط وسطي إلا أن تدخل الماسونية حالت دون ذلك ويبقى الرابع ممثلاً في الحركات الإسلامية المعاصرة الداعية إلى أخذ المفيد ونبذ المتعارض مع الإسلام باعتبار ديننا متطور في فروعه وثابت في أصوله وفي مقدمة هؤلاء المفكر العراقي الكبير محمد باقر الصدر في كتبه التجديدية [فلسفتنا، اقتصادنا، البنوك الغير ربوية في الإسلام],في حين انقسم دعاة العلمانية إلى تيارين معتدل منفتح وراديكالي متطرف.
واقعياً يسود الفضاء العربي الإسلامي في معظمه أنظمه مهجنه نصفيها الدين والعلمانية وبالتالي فالعلمانية كنظام ومشروع سياسي كامل وواع لم تدخل قط العالم العربي رغم ما قامت به أنظمته بعد اتصالها المباشر بالاستعمار من تخلي ممرحل عن بعض الجوانب المستفزة للغرب من قبيل تطبيق العقوبات الشرعية وجباية الجزية عن مواطنيها غير المسلمين باستثناء الدول العربية التي لم تعرف الاستعمار كالسعودية واليمن الشمالي تحديداً قبل الوحدة وهي كذلك بعدها.
تبقى تونس من أهم النماذج للعلمانية العربية الحية منذ أن عمد الطاهر الحداد إلى علمنة فقه القرون الوسطى فيما يتعلق بتحرير المرأة ومنع تعدد الزوجات وإلغاء عدم المساواة في الإرث بين الجنسين إلا أن تنفيذ ذلك في عهد الحبيب بورقيبه اصطدم بتهديد الملك فيصل بقطع العلاقات معها ما دفعه إلى التراجع عن إصدار قانون المساواة في الإرث وفي عهد بن علي نجحت العلمانية في شق طريقها إلى كافة مناحي الحياة.
النموذج الثاني المغرب المتميزة دولته بطابعها العلماني رغم تنصيص دستورها على المكانة الدينية للملك داخل النظام واعتبارها الإسلام الدين الرسمي إلا أنها واقعيا قامت بإقصاء التعليم الديني لصالح التعليم المزدوج العلماني وتقوية قاعدة القوانين الوضعية ومنع تأسيس جمعيات مدنية أو سياسية على أسس دينية أو إثنية ومع ذلك فالأحزاب الدينية متقدمة على العلمانية في الانتخابات حيث اجمعت الاستطلاعات على وجود توجه شعبي طاغي نحو البرامج الدينية!!.
وهو ما نجده في العراق حيث خلصت الاستطلاعات الجارية بعد عامين من احتلاله إلى تنامي النزعة الدينية وارتفاع القناعة بأن العراق يجب أن يحكم بنظام إسلامي يحقق العدالة التي أجهضتها أحلام العلمانيين خصوصاً في مدينة بغداد إلا أن المفارقة أتت من كربلاء بعد تفضيل 71% من سكانها الأحزاب العلمانية في إدارة مجلس المحافظة وفي السعودية أيضا للعلمانية دعاتها في أوساط الشيعة في الشمال للتخلص من كابوس الوهابية بينما هي في مصر بعد تجاوزها التعاطي الفكري إلى إنشاء الأحزاب العلمانية تدخل مرحلة الدفاع الممأسس بالتوازي مع التعاطي الإسلامي الحركي المناوئ
هذا المقال من قبل صوت العروبةhttp://www.arabvoice.കോം
/ رابط هذا المفال:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق