Translate

الخميس، 20 أكتوبر 2022

الأب الروحي لمطابع صحيفة الثورة الأستاذ القدير "محمد بن أحمد بن علي النهاري"



إداري، فني، مناضل سبتمبري.


مولده في العام 1347 هـ، الموافق 1929، ووفاته بالعاصمة الأردنية في يوم الأربعاء 13 ربيع الأول 1413 هـ، الموافق 9 سبتمبر 1992، وتم تشييع جثمانه الطاهر الى مثواه الأخير بقرية "القابل" بصنعاء في يوم الإثنين 18 ربيع الأول 1413 هــ الموافق 14 سبتمبر 1992.


من رواد الفنيين في مجال الطباعة الصحفية في شمال اليمن، ومن الأوائل القُدامى العاملين في المطابع التابعة لوزارة الإعلام اليمنية، والمساهمين في وضع اللبنات الأولى لبناء المؤسسات الإعلامية الرسمية اثناء وعقب ثورة 26 سبتمبر 1962، والمشاركين في تأسيس مطابع صحيفة "الثورة"، وأحد الثوار المشاركين في صناعة ملحمة الثورة السبتمبرية وكسر حصار السبعين.


أشتهر في أوساط زملائه بالأب الروحي لمطابع صحيفة الثورة.


التحصيل العلمي:


أخذ تعليمه الأولي ببلدته، وأكمل مشواره العلمي بصنعاء، وبرع في الجمع والصف اليدوي على آلة الطباعة العثمانية، وكانت السائدة في شمال اليمن في العهد الملكي، والمُستخدمة في طباعة صحيفة "الثورة" عند انطلاقتها في تعز وبعد انتقالها الى صنعاء.


السجل الوظيفي: 


تنقّل في عدة أعمال بمطابع صحيفة الثورة، ووزارة الإعلام، والإذاعة، والمؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون، منها:


1 - موظف جمع يدوي في مطابع وزارة الإعلام.

2 - أول مدير عام لمطابع صحيفة الثورة بعد نقلها من تعز الى صنعاء، 1967. 

 3 - مدير عام إدارة المحروقات بمؤسسة الإذاعة والتلفزيون - قطاع الإذاعة، البرنامج العام، وهو أخر عمل له قبل وفاته.


أكثر من أربعة عقود من التفاني في خدمة الوطن والدفاع عن الثورة السبتمبرية، وترسيخ دعائمها، كان في كل المهام التي أُوكلت له بشهادة رفاق دربه، نموذجاً للموظف المثالي، واكتسب بطيبة قلبه وصدقه وحبه لعمله وتفانيه في خدمة وطنه وبساطته، حب كل من عرفه، وتخرج على يديه أجيال من العاملين في المؤسسات الإعلامية الرسمية.

 

قالوا عنه:


1 - "أحمد إسماعيل الأكوع":


 المرحوم "محمد النهاري" من أبرز العاملين القُدامى في مطبعة صحيفة "الثورة"، وكان مثالاً للأخلاق في تعامله مع زُملائه من عمال المطبعة، ما جعلهم يضعون تقتهم فيه وترشيحه لمنصب مدير المطابع حينذاك.

وبعد مُعاناة طويلة في العمل بسبب احتكاكه بالمواد "الرصاصية"، وتعرُّض معظم زملائه للتسمم "الرصاصي"، فضّل الانتقال الى "الإذاعة" في مجال الإشراف على المحروقات، بعد تحويل المطابع الى شركة الطباعة والنشر، رغم أن العمل الأخير لا يقل خُطورة عن الأول.

رحل عنا وقد تعرّض جسمه لآثار المادتين "الرصاص" و"البترول"، ولم يكن يتوقع أن هذه المواد ستُؤثر على صحته على المدى البعيد.

كرس حياته لعمله، وخاصة في مثل تلك الظروف الصعبة اثناء حصار العاصمة صنعاء، حيث كانت الإذاعة في حالة طوارئ مُستمرة ليلاً ونهاراً، وكان عليه كمسؤول عن المحروقات أن يظل في عمله على مدى 24 ساعة.  


2 - "محمد حسين محمد الشامي" - نائب سابق لمدير عام المطابع بمؤسسة "الثورة" للطباعة والنشر:


كل من عرف الوالد "محمد النهاري"، يتحسر ألماً وكمداً لفُقدان رجل الإخلاص والصدق والمواقف في سبيل هذه التربة الغالية.


3 - الرائد" عبدالكريم قاسم":


ما زال حديث الفقيد "محمد النهاري" أمام أعيننا، بابتسامته المُشرقة، وحديثه المُتفائل بالخير والحب والصدق والوفاء، ونبراته الهادئة، التي لا تعرف التذمُّر أو التزلُّف أو الخداع أو الشماتة.

كان في كل المهام التي أُسندت إليه مثالاً للإخلاص في واجبه نحو عمله ووطنه.

وأذكر من خلال مجاورتي له أكثر من أربعين عاماً بأنه كان خلال أيام الثورة، ومنذ اندلاع الشرارة الأولى لها يعمل ليل نهار، لدرجة أنه كان ينسى أن له أسرة مُحتاجة إليه في ذلك الوقت العصيب، وكان يبقى في عمله اسبوعاً أو أكثر أحياناً، دون أن يتمكن حتى من إشعار أسرته التي لا تعرف عنه شيئاً، سوى أنه ذهب للعمل، ولم يعد.

كان يُقدِّس عمله أكثر من أي شيئ أخر سواه.

وكما كان له دور عند قيام الثورة، فقد كان له دور في أيام السبعين "أيام حصار صنعاء"، فكان يذهب الى عمله دون أن تُعيقه عن واجبه دوي المدافع وهديرها، كان يذهب تحت نيران الرصاص والرشاشات ومدافع الهاون دون خوف أو وجل، ولا هم له سوى نجاح عمله، واستمرار صدور صحيفة "الثورة".


 4 - "أحمد محيي الدين":


إن قُدامى العاملين في حقل الصحافة والإعلام يعرفون حق المعرفة أن الفقيد "محمد النهاري" كان في مُقدمة الرجال الذين جندوا أنفسهم للعمل ليل نهار في المجال الطباعي، وكان مع نفرٍ قليل من زملائه يتولون طباعة صحيفة "الثورة"، بعد نقلها من تعز الى صنعاء، وطباعة الجريدة الرسمية وغيرها من المطبوعات بجهود جبارة عن طريق "الجمع اليدوي" لحروف "الرصاص"، وبآلة "عثمانية" مُنهكة، في وقتٍ تكالبت فيه كل قوى الظلام والردة بكل امكانياتها من أجل اسكات أي صوت يمُت الى الثورة بصلة.

وكانت الكلمة المطبوعة والمسموعة في معركة الحق ضد الباطل هي الرديف للبندقية وطلقة المدفع والرشاش.

وكان الرجال الأوفياء يصلون الليل بالنهار، كلٌ في موقعه، وهم يخوضون معارك الدفاع عن الثورة ونظامها الجمهوري، ولا يعرفون الكلل ولا يفكرون في المقابل الذي سيعود عليهم نظير السهر والعمل الجاد والجهود المُضنية، لأن الحرية وترسيخ دعائم النظام الجمهوري العادل نصب أعينهم.

أما المقابل المادي فكان أخر شيئ يفكرون فيه، حتى مرتباتهم الشهرية لم يكونوا يهتمون، هل سيتسلمونها في نهاية الشهر أم يتأخر استلامهم لها شهور.

وكان "النهاري" واحداً من أولئك الرجال الأوفياء الذين عملوا في وقتٍ لم تكن قد وُجدت فيه المُكافآت والأجور الإضافية، بينما نحن اليوم في زمنٍ أصبح فيه المقابل المادي والتفكير فيه يسبق التفكير في الوطن، والعمل من أجل تطويره والنهوض به.

إن الجيل الذي سبقنا هو الجدير بالحياة، لأنه جيلٌ أعطى بلا حدود، وبلا مقابل، وعمل في صمت، ودون ضجيج، أما الغالبية العظمى من جيلنا فإنهم يفكرون، ويعملون من أجل الأخذ، وليس بهدف العطاء، على الرغم من رفعهم شعار "الحياة أخذ وعطاء".


5 - "علي الأشموري":


كل من عمل تحت إدارة الفقيد "محمد النهاري"، أو احتك به وعرفه، ذكر فضائله ومحاسنه، فهو الأب البشوش ذو الابتسامة التي لا تُفارق شفتيه حتى في أحلك الظروف.

كان صُلباً، قوياً، كتوماً، لا يُشرك أحداً في مشاكله الخاصة.

رحل عن أولاده وأسرته ومُحبيه عفيفاً، نظيفاً، شريفاً، لم يجرح أحداً أثناء حياته.


6 - صحيفة "22 مايو":


عُرف الفقيد "محمد النهاري" بين زُملاء الصحافة بتفانيه واخلاصه، وظل يتمتع بهذه الصفات في كل الأعمال التي زاولها حتى وفاته.


7 - "أحمد سعدان":


عز الهدى والحب أجمعه .. وأخا المودة والوفاء الحسن

عفواً إذا ما عقّني قلمي .. أو خانني الإلهام بالوهن

أرثيك يا عز الهدى وفمي .. بالدم يفغر والأوجاع في بدن

وعلى فؤادي الجرح مقصلة .. وبأدمعي شُعلٌ من الشجن

في خاطري ذكراك أغنية .. في الصحو تُطربني وفي الوسن

أبياتها من مقلتي نُسجت .. وحروفها من قلبي الوهن

كم كُنت تُسعدنا بمكرمة .. وبداهة التنكيت والفطن

قلبٌ أشف من البلور وأسفي .. أني توقف طي الرمس والكفن

ما كان أنقاه وأطيبه .. واشفاه في ظلمه الزمن

ما خار في يومٍ ولا سكنا .. حتى توارى ولم يهدأ ولم يهن

حبٌ وإخلاصٌ ومكرمةٌ .. وتواضعٌ جم بلا إحن

خمسون أفناها بلا كلل .. جِدٌ وإخلاصٌ بلا وهن

لم يشتك يوماً ولم يخنِ .. أو قال يوماً ضِقت يا وطني


أولاده:


عبدالملك - من القامات الوطنية، شغل العديد من المناصب الإدارية في المؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون، تُوفي بصنعاء في يوم الجمعة 25 رجب الأصب 1441 هـ الموافق 20 مارس 2020.

 

مراجع ذُكر فيها العلم:


1 - صحيفة 22 مايو، العدد 64، 16 سبتمبر 1992، ص 2.

2 - أحمد إسماعيل الأكوع، المرحوم "محمد النهاري" كان مثالاً للعامل المُخلص، صحيفة الثورة، 17 سبتمبر 1992، ص 5.

3 - صحيفة الثورة، كتابات متنوعة لرفاق صاحب الترجمة وتلاميذه بمناسبة مرور أربعين يوماً على رحيله، 27 أكتوبر 1992، ص 5.


https://al-mahbashi.blogspot.com/2022/10/blog-post_20.html