بقلم زيد المحبشي
23 مايو 2011 يوم أسود لن ينمحي من الذاكرة
في ذلك اليوم الأسود كنت نائما بالمنزل على غير العادة، وفي الساعة 11 ظهراً اتصل بي نائب مدير مركز البحوث والمعلومات بوكالة الأنباء اليمنية سبأ طالباً الحضور لمراجعة مقال عن رياح التغيير بمصر قبل النشر.
لم تمضي سوى نصف ساعة على وصولي إلى المكتب بالطابق الرابع لأتفاجئ بانفجار الوضع بالحصبة واختراق إحدى الرصاصات النافذة المقابلة.
صرخ أحد الزملاء انبطحوا.
تسللنا من المركز زحفاً في قرابة الواحدة ظهراً الى الطابق الأرضي، وبقينا تحت القصف حتى الثامنة والنصف بعد العشاء.
لم نكن نتوقع النجاة، وبفضل الله وتدخل بعض المشائخ والوجاهات الاجتماعية والسفراء الأجانب بصنعاء تم السماح لنا بمغادرة مبنى الوكالة
73 صحفياً وصحفية ظلوا تحت القصف قرابة 8 ساعات ونصف بكل أنواع الأسلحة، لم يكن معهم سوى أقلامهم وأربعة جنود فقط من حراسة البوابة دون أي جريرة اقترفوها سوى شهية القتل والترويع لدى المعتدين.
انتهت حفلة الزار بمغادرة أخر زميل في التاسعة مساءاً، فكان هذا اليوم الأسود؛ اليوم الأخير في حياة الوكالة وأسرتها والتي كانت لحظتها تعيش عصرها الذهبي، بعد أن ذاع صيتها في الافاق؛ وصارت لها علاقات تعاون مع كبريات الوكالات الاخبارية في العالم؛ وكانت مقصد الباحثين من كل المستويات وليس هذا فحسب بل وكانت تصنف في الترتيب الثاني عربياً.
ترى ما الذي تبقى منها بعد مرور 12 عاما من السنوات العجاف؛ تعاقب على حكم سبأ خمسة رؤساء تحرير؛ 4 بصنعاء وواحد بعدن؛ كلهم فشلوا في إعادة الحياة إليها، بل صارت الوكالة وكالتين؛ وكلا منهما يُغني على ليلاه؛ وأصبحت أسرتها إما مشردين أو حبيسي البيوت؛ باستثناء قلة قليلة لا يتجاوز عددهم بوكالة صنعاء كنموذج المئتين بعد أن كان طاقمها يفوق الألف وخمسمائة موظف.
12عاماً مرت لم تعد وكالة سبأ تحمل من رائحة هدهد سليمان الفواحة سوى الاسم والاسم فقط.