Translate

‏إظهار الرسائل ذات التسميات مقالاتي. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات مقالاتي. إظهار كافة الرسائل

الثلاثاء، 28 يناير 2020

طريق الإنسان إلى السعادة

بقلم //زيد يحيى المحبشي
الثلاثاء 23 ديسمبر 2008م
بين الأمل والطموح تُحلّق أرواحنا من أجل الظفر بالسعادة التي تبقى حيّةً في آفاقٍ حاضرة ونحن نعتقد أنه لابُدَّ من الوصول إليها يوماً ما، ولا يوقفنا عن هذا الشعور المخملي إلا الموت وسخرية نهاية الحياة.. إنها أمل كل إنسان ومنشود كل البشر لأن بها يتحقق الأمن الروحي والنفسي، وهو مطلبٌ دونه عقباتٌ كثيرة بفعل بواعث القلق والخوف والاكتئاب، ودواعي التردد والارتياب والشك.. وهي أيضاً قصة الإنسان وشاغله الأول في مسيرة حياته، والفجوة الشاغرة بين الامتلاك والرضا، بين ما لدى الإنسان وما يريده، والحلقة المفقودة المصاحبة له في مكابدته الحياتية من المهد إلى اللحد..
ولذا قال الحكماء “الشيطان يُمنّيِك بالمفقود لتكره الموجود، ولكن الإنسان يظل باحثاً عن المفقود، حتى إذا امتلكه تحول إلى شقاءٍ موجود”، وقالوا أيضاً "إذا لم تستطع أن تعمل ما تُحب، فأحب ما تعمل، فإن السعادة تتحقق حين يسعد الإنسان بما لديه، حين يعجز عن الحصول على ما يتمنى، حين يسعى ويرضى" .
اليوم ونحن في عصر الحداثة والعولمة صارت السعادة بعيدة المنال بل وتكاد أن تنظم إلى قائمة المستحيلات بفعل تعقيدات الحياة، فملامح الاكتئاب تكسو وجوه الكثير ممن لازالوا في مقتبل العمر وأمامهم آمالٌ عريضة، شاخت نُفوسهم باكراً وأصبحوا حين يسألون عن السعادة يبادرونك بتنهدات الأسى والحزن.
لكن ما هي السعادة؟ ببساطة هي حالة معنوية نسبية تختلف من شخص لآخر تبعاً لمقومات الحياة وتطور الإنسان في مراتب الإنسانية وسلالم الكمال البشري، ولذا فهي لا تقاس بالكم ولا تحتويها الخزائن ولا تُشترى بالمال، لأنها حالة من الشعور والإحساس الداخلي بالابتهاج والاستماع وصفاء النفس واطمئنان القلب وانشراح الصدر وراحة الضمير، بصورة تصير معها حياتنا جميلةً مستقرةً خالية من الآلام والضغوط.
دينياً، يختزل الحديث الشريف ماهيتها في ثلاث كلمات “من بات آمناً في سربه، معافى في بدنه، عنده قوت يومه، فقد حِيزت له الدنيا بحذافيرها” وهو إيجاز بالغ الدلالة توحي مفرداته بأن الإيمان إشعاعه الأمان، والأمان يبعث الأمل، والأمل يُثمِرُ السكينة، والسكينة نبعُ السعادة، والسعادة حصادها (أمن وصحة وهدوء واطمئنان قلبي).
 وذلك سرّ استمتاعنا بالحياة رغم مرورنا بالشدائد والنكبات، وسرّ تغلبنا على الصعاب المعترضة طريقنا وسرّ معالجتنا المشاكل بنفوس راضية، وصولاً إلى تسخير ما في الكون لمصلحة الإنسان ولتحقيق إنسانيته، وتلك هي السعادة الحقيقية التي عناها الأثر الشريف “بقاءٌ بلا فناء، وعلم بلا جهل، وقُدرةٌ بلا عجز، وغِنى بلا فقر”.
وقد قيل للسعادة يوماً: أين تسكنين؟
قالت: في قلوب الراضين،
قيل: فبم تتغذين؟
قالت: من قوة إيمانهم،
قيل: فبم تدومين؟..
قالت: بِحُسن تدبيرهم،
قيل: فبم تُستجلبين؟
قالت: أن تعلم نفس أن لا يصيبها إلا ما كُتِبَ لها،
 قيل: فبم ترحلين؟
قالت: بالطمع بعد القناعة، وبالحرص بعد السماحة، وبالهم بعد السعادة، وبالشك بعد اليقين.
من خلال الحوار السابق نخلص إلى ضرورة توافر عدة مقومات لأهميتها في تمكين الإنسان من تحديد ما هو الشيء الأهم بالنسبة له والذي يحقق سعادته والتي بدونها يعيش في صراع داخلي وقلق دائم، والعوامل المؤثرة فيها والمثبطات الحائلة دونها وكلها لا تخرج عن مبدأ “الألم واللذة” المعني أساساً بقياس مدى سعادتنا أو تعاستنا، تبعاً للأساليب الحياتية والرغبات الإنسانية المصاحبة لها سواء كانت نبيلة أو غير نبيلة باعتبارها الفيصل في تجسيد سعادتنا أو تعاستنا.
 إن وجود أهداف حقيقية وواقعية وقابلة للتطبيق في حياتنا تساعدنا لنكون سعداء، لأن الإنسان بلا هدف إنسان ضائع وتمتعنا بالقدرة على الاستجابة الصحيحة لتحديات الحياة ومتطلباتها بما يتفق مع طبيعتنا كبشر من قبيل المسؤولية تجاه أنفُسنا، ومن يعتمدون علينا، ومن نتعامل معهم، يجعلنا أقرب إلى بلوغ السعادة. وذلك لن يتم إلا من خلال تقديرنا لذاتنا وللآخرين والشعور بالسيطرة على مجريات الحياة اليومية، ونسج العلاقات الحميمية الدافئة وإعمال الوسطية في كل أمورنا، والقدرة على التفكير والتحكم واتخاذ القرارات الرشيدة في الوقت المناسب، والصحة الروحية، والعقلية والعاطفية والجسدية، ناهيك عن الأحوال المعيشية والعلاقات الاجتماعية والمعتقدات الدينية والقيم الثقافية والحضارية، والانشغال بعمل أو نشاط منتج، والسلوك الحميد الطيب وتوافر القدرة على نسيان وإغفال الماضي بمثالبه ومآسيه، ويبقى الأهم من كل ذلك وهو توافر الإرادة.
وعلى العكس من ذلك، فإن الإخفاق في تحقيق الأهداف أو عدم وجود أهداف متتابعة أو بعيدة المدى، ووجود الحسد والخمول والكسل والتواكل والتسويف والعلاقات السيئة والعزلة والخوف من انتقاد الآخرين يجعل من السعادة أمراً بعيد المنال. ذلك أن الحياة السعيدة تصنعها الأفكار والعمل لا الانتظار والركون.
 فلنستيقظ حتى نرى كم الحياة جميلة.

الأحد، 26 يناير 2020

البحث عن الثقة الضائعة

كتب زيد يحيى المحبشي
عامل الثقة مفقود بين المؤتمر وأنصار الله
عامل الثقة مفقود بين الإصلاح والسلفيين
عامل الثقة مفقود بين الانتقالي والاصلاح
عامل الثقة مفقود بين الحراك والشرعية
عامل الثقة مفقود تماما بين المؤتمر والاصلاح
عامل الثقة مفقود بين المؤتمر الانتقالي
عامل الثقة معدوم تماما بين القوى الموالية للتحالف العربي: الإصلاح وهادي والحراك والسلفيين والناصريين والاشتراكيين والسلاطين والمشائخ وجماعة طارق
عامل الثقة مفقود تماما بين الحوثي والتحالف السعودي الاماراتي
عامل الثقة مفقود بين السعودية والإمارات
عامل الثقة مفقود بين السعودية وقطر
عامل الثقة مفقود بين إيران والسعودية ونص خمدة بين إيران والإمارات ونص خمدة بين روسيا وأميركا
 ومن يدفع الثمن وسط هذا البحر الهائج من إنعدام الثقة هو الشعب اليمني المنكوب واليمن الممزق
والنتيجة: المزيد من الصراع على حساب اليمن أرضا وإنسانا  وثروة وأمل يزداد كل يوم بعدا بقرب انفراج الأزمة .. لأن إعادة ترميم وبناء الثقة بين هذا الشبكة المعقدة من المصالح المتصادمة دونها مراحل طويلة في حال صدقة النوايا للحلحلة وإحلال السلام قد تستغرق أعواما ..
ما لم يكن هناك متغيرات ميدانية تفرض نفسها بقوة على مائدة المفاوضات من هذا  الطرف أو ذاك بحجم إسقاط مدن استراتيجية كانت وما تزال  تعد خطوط حمراء بالنسبة للرعاة الدوليين وحتى أدواتهم المحلية والاقليمية
أو حدوث تفاهمات وانفراجات روسية أميركية حول الملفات المشتعلة بالمشرق العربي برمته تمهد الطريق لتفاهمات إيرانية سعودية
أو عودة القوى المحلية المتصارعة إلى رشدها وتقديمها تنازلات متبادلة ومؤلمة لبعضها البعض من أجل إنقاذ وطن لم يعد له وجود يسمى اليمن الذي كان ذات يوم سعيدا فصار اليوم من أتعس بلاد البسيطة وتصالحها بعيدا عن تدخلات وأجندات الخارج
أو نزول صاعقة من السماء تخارج الشعب اليمني منهم جميعا
أو تخارجهم من الشعب اليمني
وكلها أماني تحتاج إلى معجزة في زمن لا وجود فيه للمعجزات
والله أرحم بعباده

الأربعاء، 27 نوفمبر 2019

30 نوفمبر عيد الجلاء للاستعمار البريطاني من عدن

يقلم  زيد يحيى المحبشي
يعود اهتمام الاستعمار البريطاني باليمن إلى القرن السابع عشر الميلاد عندما حاول احتلال جزيرة ميون الواقعة في مدخل باب المندب، ودافعهم الموقع الاستراتيجي لليمن، وتحديداً عدن وسقطرى وباب المندب، وتحكم اليمن في طريق الملاحة البحرية بين الشرق والغرب، ناهيك عن الأهمية الجيوسياسية، المتيحة للاستعمار البريطاني، التحكم بمستعمراته في شرق وجنوب أفريقيا وغرب وجنوب آسيا إنطلاقاً من عدن، أضف لذلك الأطماع البريطانية في الثروات الزاخرة بها بلاد اليمن.
وفي التاسع عشر من كانون الثاني/ يناير1839 تمكن الاحتلال البريطاني عملياً من وضع اللبنة الأولى لمخططاته باحتلال مدينة عدن، وعلى الرغم من المقاومة اليمنية الباسلة للغزاة، فقد تمكنت بريطانيا مع مرور السنين من تكبيل العديد من السلطنات المجاورة لعدن، باتفاقات مختلفة وتسميات عدة، هدفت من ورائها إلى إحكام القبضة على كامل المناطق الجنوبية والشرقية من اليمن، وفي 1 أبريل 1937 كبل الاستعمار الانجليزي المحميات الشرقية ومستعمرة عدن، بعد فصلها عن بومباي وإلحاقها بوزارة المستعمرات البريطانية.
المتغيرات العالمية التي استجدت ما بين الحربين العالميتين وبداية انهيار النظام الاستعماري فيما بعد الحرب العالمية الثانية وظهور المنظومة الاشتراكية وتعاظم مد حركة التحرر الوطني وجلاء القواعد العسكرية البريطانية من أكثر البلدان المستعمرة، جعل أنظار البريطانيين ترنو إلى عدن كمركز مستقبلي، لقيادات قواتهم المسلحة المختلفة في المشرق العربي ولحماية مصالحهم في المنطقة عامة، فشرعوا بإدخال بعض التطورات التي من شأنها مواكبة هذه المتطلبات، من قبيل تشجيع نمو "برجوازية كمبرادورية" طفيلية مرتبطة بالمصالح البريطانية، وإقامة عدد من المشاريع الاقتصادية الهامشية، فشجعت زراعة القطن في أبين 1947 ولحج في 1954 وزراعة الفواكه الأوربية، وبناء مصفاة عدن في عام 1954 وقيام شبكة واسعة من مشاريع البناء، لتلبية احتياجات القوات البريطانية في عدن، وفتح أبواب الهجرة الأجنبية اليها، ومحاربة العنصر الوطني، بغرض التهيئة لهندسة مشاريع سياسية مستقبلية للمنطقة مرتبطة بالاستعمار البريطاني، مثل: الحكم الذاتي لعدن، إتحاد الجنوب العربي، الحكومة الانتقالية.
حرصت السياسة الانجليزية في المناطق اليمنية المحتلة في طابعها العام على تمزيق الوحدة اليمنية والنسيج اليمن, وتعميق اليأس في أوساط أبناء الشعب اليمني من عودة التحام جسدهم الواحد, في وقت تجزأ فيه اليمن إلى ثلاثة أجزاء هي الانجليز والأدارسة والإمامة؛ في حين كانت عناوين السياسة الاستعمارية واحدة في معانيها ومبانيها منذ عام 1839 بدءاً بسياسة "فرق تسد" ومروراً بسياسة معاهدات واتفاقيات الحماية وانتهاءاً بسياسة التقدم نحو الأمام وإعمال نظام الانتداب والاستشارة، تبعاً لمقتضيات التجزئة ومتطلبات كبح جماح نمو الوعي الوطني، الواصلة ذروتها في 1959 بإنشاء اتحاد الجنوب العربي، بدعم وتواطؤ رابطة أبناء الجنوب والجمعية العدنية, أملاً في تمديد سيطرة الاستعمار السياسية والعسكرية على المنطقة أكبر مدة ممكنة.
وتكمن خطورة ذلك في توجه الاستعمار منذ بداية عام 1934 إلى سلخ هوية الأجزاء الجنوبية والشرقية من اليمن، عن هويتها التاريخية والجغرافية، عبر تغليب الثقافات والهويات المحلية وتغذية النزعات الانفصالية وتعميق هوة الخلافات والصراعات البينية, لضمان طمس الثقافة والهوية الوطنية اليمنية وتكبيل ووأد أي هبة شعبية تحررية.
ومع إطلالة العام 1952 بدأ الانجليز بترجمة سياستهم الجديدة عبر الترويج لإقامة كيانين اتحاديين فيدراليين حسب التقسيم الإداري في الإمارات ومستعمرة عدن وتوحيدها في دولة جديدة تسمى "دولة الجنوب العربي الاتحادية"، على أن تبقى مستعمرة عدن خارج الاتحاد, وفي 1954 قدموا وجهة نظرهم بشأن الاتحاد الفيدرالي وإدارته، على أن تتكون من المندوب السامي, وتكون له رئاسة الاتحاد والعلاقات الخارجية والقرار الأول في حالة الطوارئ, ومجلس رؤساء يضم رؤساء البلاد الداخلية في الاتحاد, ومجلس تنفيذي وآخر تشريعي، وفي 19 شباط/ فبراير 1959 أُعلن رسمياً عن قيام اتحاد إمارات الجنوب العربي.
حدث إعلان دولة الجنوب العربي المزيف والمجافي للحقائق التاريخية والسياسية والاجتماعية والثقافية، لم يشذ عن مخطط تدجين الهوية الوطنية لصالح الهوية المحلية المصطنعة, وتعميق الهوة بين علاقات أبناء هذه المناطق وهويتهم الوطنية الأم, وتعميق النزعة الانفصالية التي وجدت في الجمعية العدنية ورابطة أبناء الجنوب العربي ضالتها المنشودة على أمل الحلول مكان الاستعمار بعد رحيله لتنفيذ مخططاته.
والحقيقة أن الاستعمار وجد حينها أن قوة وجوده واستمراره ومقومات أمانه متوقفة على تجزئة المجتمع اليمني واغراقه في الخلافات والصراعات البينية، لأنها ستبقى إذا اُضّطر للرحيل, وذلك ما نجد دلالته في قراءة "انجرامز" لمستقبل اليمن بعد زوال الوجود المصري والبريطاني: "سيبقى [اليمن] على عادته القديمة في الانقسام، لأن طبيعة الأثرة والفردية عند العرب كفيلة بذلك, ولأن لهفتهم للفوز بالمغانم المادية"
وهو ما بدى واضحا في تباين وجهات نظر رفاق الكفاح المسلح واختلاف صفوفهم ووصولهم الى مرحلة الصدام الدامي في أكثر من مرة، خلال مرحلة النضال لنيل الحرية والاستقلال، وما بعد نيل الحرية والاستقلال للأسف الشديد، كما أن ما نراه اليوم بالمحافظات الجنوبية والشرقية مجرد صدى واجترار ممجوج لأثار تلك الحقبة المظلمة من تاريخ اليمن.
وسنكتفي في هذا التقرير بإيجاز أهم المحطات التاريخية لتفاعلات ومخاضات الكفاح المسلح ضد الاستعمار البريطاني وما رافقه من تباينات في أوساط رفاق النضال والكفاح المسلح:
1832 احتل البريطانيون ميناء عدن، نظراً لموقعه الهام بالقرب من خليج عدن، وأنشئوه كمستعمرةٍ بريطانية.
 19 يناير1839 سيطر البريطانيين على مدينة عدن، حيث قامت شركة الهند الشرقية بإرسال مشاة البحرية الملكية إلى شواطئ المدينة، وكانت تحكم كجزء من الهند البريطانية إلى سنة 1937 عندما أصبحت مستعمرة بحد ذاتها تابعة للتاج البريطاني.
25 أبريل 1958 اضطرابات عامة في عدن، من أهم أسبابها الغلاء وتدفق الهجرة الأجنبية الى عدن بتشجيع من الاستعمار البريطاني.
11 فبراير 1959 إعلان بريطانيا رسميا عن قيام اتحاد إمارات الجنوب العربي، ضم في البداية 6 إمارات من إمارات محميات عدن البالغ عددها 20 إمارة مع تخلف سلطنة لحج، وهي مجموعة من القبائل المتنافرة والمتناحرة، وكان هدف الاستعمار البريطاني من هذه الخطوة تصفية قضية تحرير جنوب اليمن، وإبقاء عدن قاعدة عسكرية إستراتيجية لبريطانيا، واستغلال الاتحاد لتهديد شمال اليمن، والضغط على السلطات الجنوبية للحصول على المزيد من التنازلات للمستعمر في الجنوب، وجعل الاتحاد قاعدة متقدمة لضرب الحركات التحررية العربية، وقمع أية انتفاضة شعبية وطنية.
1954 – 1960 معارك الرابطة ضد الاستعمار في الجنوب، واستشهد أحد مناضليها أثناء مطاردة الإنجليز له وهو هارب الى شمال الوطن بتقلب سيارته في منطقة الحدود.
24 سبتمبر 1962 مسيرة كبرى في كريتر، سميت بمسيرة الزحف المقدس ضد الاستعمار، وضد دمج عدن في الإتحاد الفدرالي، وسقوط ضحايا، وفتاة عدنية تنزل علم الإتحاد.
23 فبراير 1963 تشكيل جبهة التحرير "الأولى"، جبهة تحرير الجنوب اليمني المحتل، في مؤتمر لمناضلي الجنوب بكل فئاتهم في صنعاء، وصدور ميثاقها ونشرة خاصة بها.
19 أغسطس 1963 الإعلان عن تشكيل الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن، إنقلابا على جبهة التحرير، بتغيير الإسم دون مؤتمر، وحضور 10 أفراد فقط من حركة القوميين العرب، ويكون الإسم: الجبهة القومية لتحرير "جنوب اليمن"، بدلاً من "الجنوب اليمني" وتكونت الجبهة من اندماج 7 فصائل سرية.
14 أكتوبر 1963 انطلاق الشرارة الأولى للثورة ضد الاستعمار البريطاني، من جبال ردفان، بقيادة عضو جبهة التحرير راجح غالب لبوزة، الذي أستشهد مع مغيب شمس هذا اليوم، ومنذ اليوم الأول لانطلق ثورة التحرير، شنت سلطات الاستعمار البريطاني حملات عسكرية غاشمة ضد قبائل ردفان، استمرت 6 أشهر، اعتمد فيها العدو على إستراتيجية "الأرض المحروقة"، وخلفت كارثة إنسانية فضيعة جعلت أحد أعضاء مجلس العموم البريطاني يدين تلك الأعمال اللا إنسانية.
اندلاع الثورة من ردفان هي البداية لمرحلة الكفاح المسلح، الذي استمر ملتهبا طيلة أربع سنوات كاملة (1963 - 1967) إلى أن انتهى باستقلال الشطر الجنوبي من اليمن في 30 نوفمبر 1967، وفي الثمانية الأشهر الأولى من عام 1964، اضطرت بريطانيا إلى القيام بعمليات حربية كبيرة ضد الثوار، عُرِّفت بعضها في الوثائق البريطانية بعمليات "نتكراركر" و"رستم" و"ردفورس"، وكانت تلك المعارك بالفعل أكبر معارك بريطانيا خلال حرب التحرير، فقد اشترك فيها آلاف الجنود واستخدمت فيها مختلف أنواع الأسلحة الثقيلة، كما أن الصحافة البريطانية أصبحت تسمي ثوار ردفان بـ"الذئاب الحمر".
10 ديسمبر 1963 عضو الحركة العمالية بعدن "خليفة عبدالله حسن خليفة" يلقي قنبلة في مطار، عدن تصيب المندوب السامي البريطاني "كنيدي ترافيسكس"، وتقتل نائبه "جورج هندرسن" وتجرح 53 من كبار موظفي الانجليز، فيقص بذلك شريط الكفاح المسلح في عدن، وكانت هذه العملية الفدائية، هي البداية لانتقال الكفاح المسلح من الريف الى المدينة.
4 يوليو 1964 تشكيل جبهة تحرير الجنوب اليمني، بعد حوار مستفيض بمقر الجامعة العربية بالقاهرة، وإعلانها الكفاح المسلح وبد عملياتها، وكان قيامها نتيجة قناعة توصل اليها أطراف تمثل الجبهة القومية وأطراف تمثل منظمة التحرير وكان يرأس منظمة التحرير حينها عبدالله الأصنج.
أغسطس 1964 أول عملية إطلاق رصاص للجبهة القومية في عدن.
22 –  25 يوليو 1965 انعقاد المؤتمر الأول للجبهة القومية، تم فيه إقرار الميثاق الوطني للجبهة.
سبتمبر 1965 فشل الجبهة القومية في عملية "حافون" بالمعلا، وتوقفها عن النشاط، بينما تواصل جبهة التحرير عملياتها العسكرية.
2 أكتوبر 1965 إعلان بريطانيا عزمها البقاء في عدن حتى عام 1967، وانتفاضة شعبية عنيفة ضدها بعدن، تسفر عن خسائر بشرية ومادية كبيرة.
13 يناير 1966 إعلان قيام جبهة تحرير الجنوب اليمني "الثانية"، نتيجة اندماج بين منظمة تحرير الجنوب المحتل والجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني، بموجب اتفاق، تم التوقيع عليه بتعز تحت رعاية الحكومة المصرية، إلا أن الجبهة القومية عادة وأعلنت انفصالها عن جبهة التحرير، والقوميين يرفضون التوحيد والتوقف عن الكفاح المسلح والعمليات "المتوقفة أصلا" بعد عملية "حافون"، لتعود من جديد إلى العمل السياسي والكفاح المسلح بمفردها تحت اسمها السابق الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني في نوفمبر 1966.
14 فبراير 1966 الجبهة القومية تقص شريط الاغتيالات السياسية، باغتيال الزعيم العمالي بعدن "علي حسين القاضي".
22 فبراير 1966 الخارجية البريطانية تصدر الكتاب الأبيض، الذي أعلن رسميا عن قرار بريطانيا القاضي بمنح عدن والمحميات الجنوبية والشرقية الاستقلال مطلع 1968.
13 مايو 1966 حكومة اتحاد الجنوب العربي، تعلن اعترافها بقرار اتخذته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 1965 أكدت فيه حق الشعب اليمني في الجنوب في تقرير مصيره.
مايو 1966 مؤتمر جبلة، بعد الدمج بين الجبهة القومية وجبهة التحرير مباشرة، انسحبت مجاميع من الجيش الوطني التابع للجبهة القومية في كلٍ من الضالع وردفان والشعب والحواشب والصبيحة والواحدي ويافع، وانضمت إلى جبهة التحرير، وبدأت هذه المجاميع تنتقد أساليب بعض قادة الجبهة القومية وتصرفاتهم.
يوليو 1966 تشكيل التنظيم الشعبي للقوى الثورية، من المنتفضين على الجبهة القومية، ومن قطاعات شعبية واسعة، بأسلوب تعبئة عامة مفتوحة وبد عملياتها.
8 أغسطس 1966 اتفاقية الإسكندرية نتيجة الصراع بين بعض أطراف الجبهة القومية في داخل جبهة التحرير وخارجها، وكمحاولة لتجسيد اللقاء بين الأطراف الوطنية الممثلة في الجبهة القومية وجبهة التحرير، واقتضى الاتفاق إنهاء انفصال الجبهة القومية وإعادة الوحدة وتوقيع قادتها على ذلك.
14 أكتوبر 1966 انقلاب الجبهة القومية على اتفاق الإسكندرية.
نوفمبر 1966 المؤتمر الثالث للجبهة القومية وإعلان الانفصال من جديد في قرية "حُمر" في إب وتأكيد مواصلة الكفاح المسلح، ومن أهم قراراته انسحاب الجبهة القومية من جبهة التحرير، وإعادة تنظيم الجبهة القومية كتنظيم منفصل، ورفض اتفاقية الإسكندرية.
يناير 1967  مسيرة جماهيرية للجبهة القومية بنعوش ملفوفة بالأعلام البريطانية.
فبراير 1967 فدائيو حرب التحرير ينفذون عدة عمليات ضد مواقع وتجمعات الاحتلال في الشيخ عثمان وظهور أهم شخصية في الجبهة القومية في مؤتمر صحفي علني في أبين دون تعرض قوات الاحتلال له ومظاهرات عارمة في عدن، في 11 فبراير للمطالبة بمقاطعة الاحتفالات، بالذكرى الثانية لقيام اتحاد الجنوب العربي الموالي للاحتلال، وتجددت المظاهرات الشعبية المعادية للاحتلال بعدن في 15 فبراير، حاملين على أكتافهم جنازة رمزية للشهيد مهيوب علي غالب "عبود"، احد شهداء انتفاضة السيخ عثمان، كما حفل شهر فبراير بسلسلة من الاغتيالات السياسية في أوساط الفصائل الجنوبية المناهضة للعدوان، وسط اتهامات متبادلة بين منظمة التحرير والجبهة القومية والرابطة الجنوبية.
1 مارس 1967 إطلاق قوات الاحتلال النار على المتظاهرين بعدن، انتقاما لمقتل امرأة بريطانية بسبب انفجار قنبلة.
8 مارس 1967 إصدار الجامعة العربية قراراً تشجب فيه التواجد البريطاني في جنوب اليمن.
2 أبريل 1967 إضراب عام شل كافة أجهزة العمل في مدينة عدن، دعت إليه الجبهة القومية وجبهة التحرير في وقت واحد.
3 أبريل 1967 فدائيو حرب التحرير ينفذون عدة عمليات عسكرية ناجحة ضد مواقع وتجمعات المستعمر البريطاني في مدينة الشيخ عثمان بعدن، كبدوا خلالها القوات الاستعمارية خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، وسقط خلالها عدد من الشهداء في صفوف الفدائيين.
مايو - يونيو 1967 محادثات الوحدة الوطنية "الأولى" بين الجبهة القومية وجبهة التحرير بالقاهرة، ركزت على إعادة تشكيل الجبهة المتحدة الوطنية، على أساس جبهوي، أي أن أداة الثورة تظل جبهة التحرير، وتوحد قيادة الجبهتين، وتظل كل جبهة محتفظة بتنظيمها الخاص، وتوزيع نسب التمثيل بالقيادة بواقع الثلثان لجبهة التحرير والثلث للجبهة القومية.
وتبعها جولة ثانية من المحادثات استجابة لنداء علماء الدين والشعب وعدد من الشخصيات الوطنية، المطالبة بانهاء الاقتتال الأهلي بين الجبهتين، وضرورة توحيد القوى الوطنية، كون المستفيد الوحيد من الشقاق بينهما هو الاستعمار.
يونيو 1967 هزيمة العرب في حرب حزيران 1967 مع الكيان الصهيوني، وكتيبتان من جيش التحرير من أبناء عدن والجنوب تستشهدان بالكامل في سيناء
20 يونيو 1967 تمكن الفدائيون من السيطرة على مدينة كريتر لمدة أسبوعين.
21 يونيو 1967  ثوار الجبهة القومية يسيطرون على عاصمة إمارة الضالع ومعهم آلاف المواطنين الذين دخلوها في مسيرة حافلة يتقدمهم "علي احمد ناصر عنتر".
يوليو 1967 انقلاب الجبهة القومية من جديد على الجبهة الوطنية المتحدة.
يوليو 1967  التنظيم الشعبي وجبهة التحرير يقصفون مواقع الجبهة القومية في دار سعد ويخرجونها منها.
أغسطس 1967 تأهب الجبهة القومية والإنجليز والجيش الموالي لتصفية فدائيي التنظيم الشعبي وجبهة التحرير.
12 أغسطس 1967 الجبهة القومية تسيطر على مشيخة المفلحي، بعد أن زحفت عليها، بمظاهرة كبيرة شارك فيها أبناء القرى والمناطق المحيطة بالمشيخة، وتوالى بعد ذلك سقوط السلطنات والمشيخات بيد الجبهة.
17 سبتمبر 1967 الجبهة القومية تسيطر على السلطنة القعيطية، التي كانت تسيطر على ساحل حضرموت وبعض مناطق وادي حضرموت.
سبتمبر 1967 أخر اتفاق مع الجبهة الوطنية المتحدة من قبل القوميين.
28 سبتمبر 1967 تأسيس إذاعة المكلا، التي انطلقت باسم “صوت الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل".
2 أكتوبر 1967 سيطرة الجبهة القومية على السلطنة الكثيرية، التي كانت تسيطر على مناطق حضرموت الداخل.
2 نوفمبر 1967 انقلاب القوميين "الجبهة القومية" على الاتفاق وتفجيرها الاقتتال، فيما اعتبر حرب أهلية.
5 نوفمبر 1967 قيادة الجيش الاتحادي في الجنوب المحتل تعلن وقوفها إلى جانب الثورة ودعمها للجبهة القومية، بعد أن باتت غالبية المناطق تحت سيطرت الجبهة.
7 نوفمبر 1967 انسحاب جزء كبير من الفدائيين إلى شمال اليمن تحت تهديد الطائرات البريطانية ووقوع 7 آلاف يمني في الأسر في معتقلات عشوائية بعدن وأبين.
14 نوفمبر1967  وزير الخارجية البريطاني "جورج براون" يعلن أن بلاده على استعداد تام لمنح الاستقلال لجنوب اليمن في 30 نوفمبر 1967 وليس في 9 يناير 1968، كما كان مخططاً له سابقاً.
 21 – 22 نوفمبر1967 بدأ المفاوضات في جنيف بين وفد الجبهة القومية ووفد الحكومة البريطانية من أجل نيل الاستقلال، وانسحاب القوات البريطانية من الجنوب، وجرى في ختام المفاوضات توقيع اتفاقية الاستقلال بين وفد الجبهة القومية برئاسة قحطان "محمد الشعبي"، ووفد المملكة المتحدة البريطانية برئاسة اللورد "شاكلتون" وممن حضر هذه المفاوضات من القوميين العرب "نايف حواتمه" كمراقب غير معلن.
26 نوفمبر 1967 بدأ انسحاب القوات البريطانية من عدن، ومغادرة الحاكم البريطاني "هامفري تريفليان".
29 نوفمبر1967 جلاء آخر جندي بريطاني من مدينة عدن، وتوقيع بريطانيا والجبهة القومية إتفاقا، وافقت بموجبه بريطانيا على استقلال الجنوب بشكل مؤقت، على أن تستكمل المفاوضات حول الاستقلال النهائي في ديسمبر 1968 بين الحكومة البريطانية والحكومة الجديدة للجمهورية الشعبية للجنوب اليمني.
30 نوفمبر 1967 إعلان الاستقلال الوطني وقيام جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية، بعد احتلال بريطاني دام 129 عاماً، وأصبحت الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل إبان حرب التحرير تتولى مسؤولية الحكم، وصدور قرار القيادة العامة للجبهة القومية بتعيين قحطان "محمد الشعبي" أمين عام الجبهة، رئيساً لجمهورية اليمن الجنوبية الشعبية لمدة سنتين، وإعلان تقسيم سياسي وإداري جديد للمحافظات الشمالية والشرقية، يضم 6 محافظات و30 مديرية، وكان الاستعمار البريطاني قد عمل على تقسيم الجنوب إلى 21 إمارة وسلطنة ومشيخة، بالإضافة إلى مستعمرة محمية عدن، لكل منها كيانها السياسي والإداري وحدودها وعلمها وجواز سفرها وجهازها الأمني، والمرتبطة في الأخير بالمندوب السامي البريطاني في عدن.
عوامل عديدة ساعدت على تعجيل خروج الاستعمار في نهاية نوفمبر من عام 1967 بعد أربع سنوات من الكفاح المسلح المتدحرج من السرية إلى العلنية، وما تخلله من تباينات بين فصائل الكفاح المسلح، دفعتهم الى التصادم والاقتتال أكثر من مرة، والالتهاء عن العدو الأكبر المتمثل في الاستعمار البريطاني، ليكون العام 1967 فاتح خير لتكتل القوى الوطنية بقيادة الجبهة القومية، وخصوصا بعد مؤتمر حُمر الثالث، وبعد قرار الجبهة القومية الانسلاخ عن جبهة التحرير والعمل بشكل مستقل، ما ساعدها على الارتقاء بالعمل الفدائي إلى مستوى المجابهة اليومية المباشرة مع قوات الاحتلال في عدن، اعتبارا من مطلع 1967 مرورا ببعثة الأمم المتحدة في أوائل أبريل 1967 وتحرير كريتر لمدة 15 يوما في 20 يونيو 1967 وإقامة سلطة الجبهة القومية في الأرياف ومحاصرة مدينة عدن وتحريرها نهائياً وانتزاع الاستقلال والحرية في 30 نوفمبر 1967،  وما كان لهم ذلك، لولا توافر عدة عوامل ساعدت في تطور ونجاح العمل الفدائي بعدن، أهمها بحسب الأستاذ المناضل محمد سعيد عبدالله "محسن":
1 – توجيه الضربات القوية للعملاء والأجانب من الهنود والصوماليين، الذين كانوا يلعبون دوراً كبيراً في مراقبة ومتابعة الفدائيين، ورصد تحركات المشكوك فيهم، ورفعها إلى الاستخبارات البريطانية.
2 – وقوف الشعب إلى جانب الثورة بمدينة عدن.
3 – السلوك والأخلاق الجيدين اللذين كان يتحلى بهما الثوار في علاقاتهم وتعاملهم مع المواطنين.
4 – العلاقة الرفاقية الحميمة بين رفاق النضال. والثقة الكاملة وعدم التفكير إلا بنجاح مهماتهم. وحفاظهم على بعضهم

المصادر:
1 - سلطان ناجي، التاريخ العسكري لليمن 1839 – 1967، دار العودة – بيروت، الطبعة الثانية 1988
2 - محمد سعيد عبدالله "محسن"، عدن كفاح شعب وهزيمة إمبراطورية، دار بن خلدون/ بيروت، الطبعة الثانية 1989
3 - مركز البحوث والمعلومات، اليمن في 100 عام، وكالة الأنباء اليمنية، الطبعة الأولى 2000
4 - عادل رضا، ثورة الجنوب – تجربة النضال وقضايا المستقبل
5 - زيد يحيى المحبشي، الوحدة اليمنية القلب ينبض جنوبا، قراءات، وكالة سبأ، أغسطس 2009
6 - الجمهورية، ملحق خاص، 26 سبتمبر 2009
7 - الجمهورية، ملحق خاص عن ثورة 14 أكتوبر، 14 أكتوبر 2010

الخميس، 17 أكتوبر 2019

التداعيات الكارثية لاحتجاز التحالف العربي سفن الوقود والغذاء اليمنية

 زيد يحيى المحبشي
مسلسل تقييد الواردات الى اليمن والاحتجازات التعسفية المتكررة لسفن المشتقات النفطية والمواد الغذائية والإغاثية والأدوية، ومنعها من دخول اليمن، مستمرٌ بلا كلل ولا ملل ولا ضوابط أخلاقية ولا إنسانية ولا دينية للعام الخامس على التوالي، وهذا الإجراء التعسفي أحد أسلحه القتل البطيئ التي حرص التحالف على إشهارها ضد اليمنيين، في حرب اليمن المنسية، المتحررة من كل أخلاقيات الحروب المضمنة مواثيق وعهود هيئة الأمم واتفاقيات فيينا الأربع واتفاق السويد والقانون الدولي الإنساني والاتفاقيات الدولية بشأن النقل البحري .. من أجل تركيع اليمنيين والنيل من ثباتهم، وقتل كل مظاهر الحياة والأمل في اليمن، وإصابة الاقتصاد اليمني بمقتل، بعد تدمير كل مقوماته وبنيته التحتية تدميرا كليا، سواء من خلال الغارات التي لم توفر شئيا على الأرض، ولم ترعى حرمة لشيئ، أو من خلال الإجراءات التعسفية من قبل التحالف العربي وأدواته المحلية ضد التجار اليمنيين وبضائعهم من اتاوات وضرائب باهظة واحتجازات تعسفية متكررة للسفن التجارية ..
خمس سنوات من خنق اليمنيين وتشديد الحصار البري والبحري والجوي غير المشروع، وإخضاع سفن الوقود والدواء والغذاء لإجراءات رقابية جائرة واحتجازات تعسفية متكررة، تمتد أحيانا لعدة أشهر، ما يؤدي أحيانا كثيرة إلى تلف حمولة السفن، رغم التزام الجهات المعنية بحكومة الانقاذ بصنعاء بكافة التعاليم والإجراءات المفروضة ..
خمس سنوات من تلاعب وعبث التحالف العربي بدماء وحياة وقوت اليمنيين، والضغط بالورقة الاقتصادية، أملا في تحقيق ما عجزت عن تحقيقه ترسانته الحربية ..
فما الذي حققته التحالف العربي بقيادة السعودية في اليمن، وأين هي الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان مما يجري في اليمن؟
في هذا التقرير نحاول تسليط الضوء على تداعيات الاحتجازات المتكررة من قبل التحالف وحكومة هادي للسفن التجارية .. وليس أخرها كنموذج احتجاز  13 سفينة محملة بالوقود والغذاء بميناء جيزان منذ منتصف اغسطس الماضي 2019 ، رغم حصولها على ترخيص آلية تحقق الأمم المتحدة (انفم)، واستيفاء إجراءات التفتيش بجيبوتي .. وتتوزع حمولتها على النحو التالي:
1 -  بترول + ديزل 20959 طن، تاريخ الاحتجاز 14أغسطس 2019
2 - بنزين 30054 طن، تاريخ الاحتحاز 20 أغسطس
3 - غاز 5704 طن، تاريخ الاحتجاز 27 أغسطس
4 - ذرة 31000 طن، تاريخ الاحتجاز 28 أغسطس
5 - غاز 3721 طن، تاريخ الاحتجاز 2 أغسطس
6 - مازوت + ديزل 15928 طن، تاريخ الاحتجاز 2 أغسطس،  مخصصة لكهرباء الحديدة
7 - ديزل 10818 طن، تاريخ الاحتجاز 3 أغسطس
8 - ديزل 10937 طن، تاريخ الاحتجاز 5 أغسطس
9 - ديزل + بنزين 29900 طن، تاريخ الاحتجاز 6 أغسطس
10 - غاز 3722 طن، تاريخ الاحتجاز 6 أغسطس
11 - شحن قمح 3500 طن، تاريخ الاحتجاز 6 أغسطس
12 - قمح 31000 طن، تاريخ الاحتجاز 9 أغسطس
13 - رز + سكر 4173 طن، تاريخ الاحتجاز 9 أغسطس
هذا وقد أعلنت شركة النفط اليمنية في 26 سبتمبر الماضي عن وصول السفينة "أدفنشر" الى غاطس ميناء الحديدة، بعد جهود مضنية من وزارة الخارجية بحكومة الإنقاذ والجهات المعنية، وتحمل على متنها 30054 طن من البنزين، وكان التحالف قد قام باحتجازها في 20 أغسطس الماضي، وهي لا تغطي الاحتياج الحقيقي للاستهلاك المحلي لأكثر من خمسة أيام في الظروف الطبيعية ..
وفي 9 أكتوبر الجاري تم الإفراج عن السفينة "ديستا بوشتي" المحتجزة، منذ 14 أغسطس, وتحمل على متنها 9951 طن من مادة البنزين و 11008 أطنان من مادة الديزل، وهي بالكاد تكفي لـ ٣ أيام فقط ..
كما تم الإفراج عن سفينة محملة بالغاز، فيما لا يزال التحالف محتجزا لعشر سفن، ورغم إعلان حكومة هادي الموالية للتحالف موافقتها على إطلاق سراح هذه السفن قبل أيام، فقد نفت شركة النفط بصنعاء ذلك في بيان لها بتاريخ 15 أكتوبر الجاري، كما أكد مدير منشآت النفط بالحديدة عدم وصول أي ناقلات نفط الى غاطس الميناء وعدم تبلغهم بأي معلومات تتعلق بما روجه إعلام حكومة المرتزقة ..
وكانت شركة النفط بصنعاء قد أوضحت في بيان لها بتاريخ 2 أكتوبر الجاري أن ثمان سفن نفطية لا تزال محتجزة في عرض البحر قبالة ميناء الحديدة، تحمل على متنها أكثر من 76 ألف طن بنزين و82 ألف طن ديزل بالإضافة إلى سفينة مازوت مخصصة لكهرباء الحديدة وسفينتين تحت التفتيش في جيبوتي تحملان حوالي 60 ألف طن من مادتي البنزين والديزل ..
منسقة الشؤون الإنسانية لدى اليمن ليزا غراندي في لقاء لها بوزير النفط في حكومة الانقاذ بتاريخ 9 أكتوبر 2019 أبدت الاستعداد لبذل جهود حثيثة، لإطلاق السفن المحتجزة .. ونوه الوزير بجهود المنسقة الأممية فيما يتعلق بتسهيل دخول سفن الغاز المنزلي .. مؤكدا أن الشعب اليمني لا ينسى من وقف إلى جانبه واسهم في التخفيف من معاناته ..
لكن ما يريده الشعب اليمني من منسقة الشؤون الإنسانية والأمم المتحدة هو إيجاد آلية عملية دائمة وملزمة لوقف عبثية الاحتجاز التعسفي لسفن الوقود والغذاء والدواء المستمر منذ خمس سنوات في ظل صمت أممي فاضح ..

التداعيات والأضرار
من المعلوم أنه كلما طالت فترة احتجاز السفن، كلما زادت الأعباء على المستهلكين، وبالتالي زيادة معاناتهم، ففي تصريح لمستشار وزير النفط حسن الزايدي في مارس الماضي حول تبعات اجتجاز التحالف حينها ست سفن جاء فيه: "الأمم المتحدة معنية قبل غيرها بوضع حد لهذه القرصنة، التي تزيد من معاناة المواطن المستهلك، كون غرامات التأخير المحددة بـ22 ألف دولار لليوم تضاف إلى الكلفة (دمريجات ) لهذه المواد, ويترتب على ذلك زيادة أسعار مختلف السلع التموينية والغذائية الأساسية" .. وأضاف: "إن غرامة توقف سفينة محملة بـ15 ألف طن ديزل, مثلا، تغطي استهلاك 3 - 4 أيام، تعد رقما كبيراً، نظراً لطول فترة الاحتجاز، إضافة إلى ما تحدثه تلك القرصنة من اختلال في العملية التموينية وفى احتساب الكلفة التي تتضاعف على كاهل المستهلك" ..
وبصورة أوضح  تعمد التحالف على مدى الخمس سنوات الماضية إطالة فترة احتجاز السفن حتى تتساوى غرامات التأخير لكل سفينة مع قيمة حمولتها من المشتقات، وهو ما يؤدي الى زيادة الأعباء على المستهلك اليمني والمتمثلة في الارتفاع الجنوني في أسعار الوقود والغذاء والدواء وبالتالي الحكم على اليمنيين بالموت البطيئ ..
وتدمير الاقتصاد الوطني اليمني، من خلال استهداف رؤوس أموال القطاع الخاص، وإيصال مستوردي المشتقات النفطية في صنعاء إلى حالة الإفلاس، وبالتالي تسليم الاسواق الشمالية لتاجر النفط ألعيسي الموالي للتحالف، وتسليم الاسواق الجنوبية لشركة أبو ظبي للخدمات النفطية ..
وهو ما يسعى له التحالف منذ عام 2015 ، ورغم ادعاءات رئيس اللجنة الاقتصادية بحكومة هادي "حافظ معياد" بأن احتجاز سفن الوقود يأتي تنفيذا للقرار ٧٥ أو القرار ٤٩ لحكومة لحكومة هادي، فهذا ادعاء باطل، بدلالة  فشل تلك القرارات في الجنوب، ناهيك عن عدم إقرار حكومة هادي الحالية، للآلية التنفيذية للقرار ٤٩ الذي يخول مصافي عدن المفلسة أصلا والمؤجرة مخازنها العملاقة للعيسي باستيراد المشتقات النفطية ..
وكانت منظمة اليونيسيف في تقرير لها بتاريخ 19 ديسمبر 2017 قد حذرت من مضاعفة القيود المفروضة على واردات الوقود إلى اليمن، من مشاكل النقص في الوقود والارتفاع الحاد في الأسعار في جميع أنحاء البلاد، مما أعاق وبشدّة الحصول على المياه النظيفة والخدمات الحيوية الأخرى، بما فيها الرعاية الصحية والصرف الصحي ..
وقال خِيرْت كابالاري، المدير الإقليمي لليونيسف في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: يؤدي نقص الوقود المتكرر في اليمن إلى تعميق أزمة المياه والصحة .. أزمات انعدام الوقود تحدث في وقت هو الأسوأ بالنسبة لأطفال اليمن الذين يعانون من الترنّح ما بين العنف وسوء التغذية وانتشار الأمراض، بما فيها الإسهال المائي الحاد والكوليرا .. لا يستطيع أكثر من ثلثي اليمنيين والذين يعيشون في فقر مدقع تحمل نفقات المياه الآمنة بتاتاً ..
منظمة انقذوا الطفولة الدولية في تقرير لها بتاريخ 11 أكتوبر 2019 قالت أن: الارتفاع الكبير في أسعار النقل يعني أن الآباء غير قادرين على تحمل تكاليف نقل أطفالهم إلى المستشفيات .. وتحدث مدير المنظمة "تامر كيرلس" عن تأثر العمليات الإنسانية التي تقدمها منظمتهم، والمعتمدة بشدة على توفر الوقود لنقل المساعدات إلى المرافق التي تدعمها، بين أغسطس وسبتمبر 2019، كان هناك انخفاض بنسبة 60 ٪ في كمية الوقود القادمة عبر ميناء الحديدة .. وهذا بسبب قرار صادر عن الحكومة اليمنية التابعة هادي، يشترط دفع الرسوم الجمركية في عدن قبل السماح للسفن بتفريغ حمولتها  في الحديدة، وهو ما أدى إلى ارتفاع سعر الوقود بنسبة 100 بالمئة على مدار الأربعين يوما الماضية، مما جعل نقل البضائع المنقذة للحياة إلى المجتمعات المحتاجة أكثر تكلفة بنسبة  30٪ ، فيما يستغرق النقل، الذي كان يستغرق يوما واحدا، الآن ثلاثة أيام، حيث يتعين على الشاحنات الانتظار للحصول على الوقود، مما يؤدي إلى تأخير كبير في توصيل الغذاء والأدوية إلى المجتمعات ..
نفاذ مخزون الوقود نتيجة الحصار الجائر والاحتجاز المتكرر لسفن الوقود تسبب لليمنيين بالكثير من الكوارث الإنسانية، منها على سبيل المثال لا الحصر:
 1 – توقف أكثر من نصف المصانع الحيوية بسبب نفاد مخزون المشتقات النفطية لدى القطاع الصناعي والتجاري، ما تسبب في اتساع دائرة الفقر والمرض والبطالة والأوبئة، في وقت وصلت فيه نسبة الفقر في اليمن الى 75 بالمئة بعد أن كانت قبل العدوان في حدود 47 بالمئة، وسط تحذيرات أممية من احتلال اليمن المرتبة الأولى للدول الأكثر فقرا في العالم مع استمرار العدوان والحصار بحلول العام 2022 
2 -  مضاعفة معاناة المرضى وزيادة نسبة الوفيات وتفشي الأمراض والأوبئة واضطرار معظم المستشفيات الى تقليص ساعات العمل وتهديد أزمة الوقود الحالية بحسب تقارير وزارة الصحة بصنعاء من الناحية العملية بتوقف 120 مستشفى حكومي و 255 مستشفى خاص، و 3000 مركز صحي حكومي، و 900 مركز صحي خاص، وأكثر من 5000 صيدلية عامة وخاصة، ومئات المختبرات، و27 مركزا لغسيل الكلى، و3 مراكز  لعلاج السرطان ..
3 - توقف ضخ المياه والعمل في محطات الصرف الصحي، وإغلاق الكثير من محطات تحلية مياه الشرب في العاصمة صنعاء والعديد من المحافظات اليمنية أبوابها جراء أزمة المحروقات ..
4 - التأثير على القطاع السمكي ونقل وحفظ وتخزين الأسماك والأحياء البحرية، والذي انعكس سلبا على عدم توفر الأسماك وارتفاع قيمتها ..
5 - التأثير السلبي على إنتاج المحاصيل الزراعية التي تعتمد على الري من الآبار ..
6 - ارتفاع أسعار المياه بنسبة 50% ، وتعرفة الكهرباء بنسبة 33%، وتوقف نصف الحافلات الخاصة بنقل طلاب المدارس، وتراجع حركة النقل الداخلي بين المدن وبين المدن والقرى إلى 50%، بسبب ارتفاع تعرفة النقل بنسبة 50% عمّا كانت عليه قبيل الأزمة الأخيرة ..
ويبقى التساؤل عن موقع الأمم المتحدة من الإعراب، مع كل عملية احتجاز ينفذها التحالف ضد سفن تجارية وإغاثية مرخصة وخاضعة لمعايير وآليات الأمم المتحدة ممثلة بمكتبها في جيبوتي، سفن لا تحمل على متنها أية أسلحة أو مواد متعلقة بالحرب، مثيرا للسخرية والجدل، بعد أن تسبب عدم تقيد واحترام التحالف لتصاريح السفن الصادرة من مكتب الأمم المتحدة بجيبوتي، في زعزعة ثقة اليمنيين في قدرة الأمم المتحدة على إنهاء الحرب في اليمن وإعادة البسمة والأمل والسلام الى هذا البلد المنكوب والمظلوم والمنسي ..
فهل من صحوة ضمير أممية، تعيد لليمنيين الثقة بهيئة الأمم، بعد خمس سنوات من الصمت الأممي على ما يجري في اليمن؟؟

السبت، 5 أكتوبر 2019

اليمن ازمات لا تنتهي

بقلم زيد يحيى المحبشي
* وزير للكهرباء والكهرباء تجاري
وزير للمياه والماء وايتات والفواتير تأتي شهريا بلا خجل
وزير للنفط والوزاره بتشتري من التجار
وزير للرياضة والدوري موقف
وزير للتجارة ولايوجد ضابطي للتجار
وزير للعدل والظلم حدث ولاحرج
وزير للنقل ومطار صنعاء مغلق
‏‎وزير للخارجية ومابش معهم ولا سفير
وزير للمالية  ومابش نفط نبيع
وزير للسياحة وقد اليمنيين بيهاجروا
وزير للمغتربين وقد المغتربين غربوا
وزير للخدمة المدنية ومابش وظائف وعاد يعلنوا كل سنة وبكل وقاحة عن تجديد القيد الوظيفي
وزير للتعليم العالي ومابش سفر ولا منح خارحية
وخاتمة الاثافي تعيين محافظين لمحافظات خارج سيطرتهم وعاد معهم حكومة من 44 ولي لم تقدم للناس شيئ منذ تشكيلها وكتائب من المستشارين لم يقدموا استشارة واحدة منذ تعيينهم
وووو
هذا ومابش موارد والبلاد في حرب وحصار
 هيا وكيف النهاية
* السلة البطاط بعشرة ألف والكيلو ب 500 ريال يمني لا غير .. ارتفاع جنوني في الاسعار يستدعي
أولا: عدم تصديق الإشاعات المغرضة والحقودة التي يروج لها المرجفين في الأرض بأن البطاط قاتله الله قوت الفقراء والمساكين وهو ادعاء غير صحيح ومردود عليه ..
وثانيا: تأكيد هذا الارتفاع الجنوني لسعره بأنه أحد الأدوات القذرة التي تعمل لصالح الأعداء ..
وهذا يستوجب من كل الأحرار والشرفاء مقاطعته وتركه يعفن لدى باعته: وهذا اقل ما يجب اتخاذه لحماية الاقتصاد الوطني والبلاد من الاعداء وتصفيتها من العملاء الذين يسعون لاثارة الضجيج والبلبلة وتعكير الصفو العام وفي مقدمتهم البطاط .. والتوجه لاستخدام اوراق الحلص/ الحدق كبديل وطني خالي من شوائب العمالة والارتزاق

السبت، 31 أغسطس 2019

سبأ تحت الحصار والنار 2011


زيد يحيى المحبشي
ما يتعرض له الصحفيون في اليمن من كبت وترهيب وملاحقة واضطهاد وترويع وقتل وخطف ومصادرة لصحفهم من قِبَل النظام الحاكم, الممعن منذ انطلاقة الثورة الشبابية التغييرية السلمية في شباط/ فبراير 2011 وحتى كتابة هذه السطور, في سياسة التعذيب والتنكيل والملاحقة والاختطاف والمصادرة, وهي وإن كانت من الأمور الطبيعية والمبررة, التي عادةً ما تصاحب أي صراع سياسي بين ثقافتين متناقضتين, الأولى: تُصِر على الرضوخ لثقافة الاستكانة والمهادنة والقبول والرضا والتسليم الإستلابي بالواقع المأفون بكل مساوئه واعتباره من المسلمات والمقدسات التي لا يجوز الخروج عليها أو السعي لتغييرها, والثانية: تنشد ثقافة التغيير والحرية والعدل والمساواة واحترام الرأي والرأي الأخر والتعددية الإيجابية والفاعلة والتداول السلمي للسلطة والحياة والكرامة الإنسانية, ولديها رغبة جامحة في إقامة الدولة المدنية الحديثة والعصرية التي ظلت حُلم كل اليمنيين منذ قيام ثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر, والتي مثلت أيضاً السبب الرئيسي لاندلاع ثورة فبراير 2011 المباركة, تلك هي دولة النظام والقانون, دولة المؤسسات الديمقراطية الحقيقية والسيادة الشعبية المعتبرة والمقررة والمستمدة قوتها من الشرعية الثورية كقوة رئيسية تجاور قوة العسكر والقبيلة والأحزاب والإرث التاريخي ولا تنتظرها في صناعة حاضر اليمن ومستقبله, إنها دولة لا مكان فيها للغبن و التسلط والفساد والاستفراد والاستبداد والجور ومصادرة الحريات العامة وفي مقدمتها الحريات الصحافية.
لكن من غير الطبيعي ومن غير المبرر ظهور قوى ومشيخات قبلية وأصولية وعسكرية وحتى حزبية للأسف الشديد, لم تدخر جهداً ولم تجد حرجاً للإسهام والإدلاء بدلوها في اضطهاد الصحفيين وترويعهم, واضطهاد الحريات العامة ومصادرة سنة التنوع الكونية, بذات الأساليب والوسائل والأدوات التي ينتهجها النظام وبذات الوحشية والهمجية البدائية, ولكن هذه المرة تحت عباءة ثورة التغيير, بعد أن سنحت لهم الفرصة ومكنتهم الأحداث العاصفة بهذا البلد المنكوب, من سهولة ركوب أمواج ثورة شبابه المتطلع نحو المستقبل, ليدفع الصحفيون في كلا الحالتين فاتورة وثمن وضريبة صراع قديم متجدد لا ناقة لهم فيه ولا جمل, وليس أخرها الهجوم الهمجي لمسلحي شيخ قبائل حاشد "صادق الأحمر" على وكالة الأنباء اليمنية "سبأ" يوم الاثنين 23 أيار/ مايو 2011, والذي امتد لنحو سبع ساعات ونصف (من الساعة الواحدة ظهراً وحتى الساعة الثامنة والنصف مساءا), قاموا خلالها بمحاصرة نحو 70 شخصاً من موظفي الوكالة بينهم 13 صحافية و42 صحافي ومنهم طبعاً كاتب المقال, داخل مبنى الوكالة وقصفه بنيران الدوشكا وقذائف الآربي جي وصواريخ لو وغيرها من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة, بصورة عشوائية ووحشية, تمثل سابقة خطيرة وبعيدة كل البعد عن الأعراف والمواثيق الدولية الخاصة بحقوق المدنيين في الحروب الأهلية وتتنافى كليةً مع كل الأخلاقيات والأعراف القبلية والدينية العربية والإسلامية, تعيد للذاكرة هجوم المغول الوحشي والهمجي قبل نحو 400 سنة على بغداد بكل تفاصيله, في الوقت الذي كان فيه قطز المملوكي ممسكاً بمقاليد حكم الخلافة الإسلامية بمصر.
الهجوم القبلي الهمجي على وكالة سبأ أسفر عن تدمير الطوابق الثلاثة العلوية والشبكة التقنية بالكامل, وتدمير المولد الكهربائي الخاص بالوكالة وخزان الديزل التابع له, وسيارتين من سيارات الوكالة, الأولى: تعود لمدير عام الأخبار الأستاذ أسعد الكلالي, والثانية: تعود للأستاذ نصر طه مصطفي كان قد أرجعها للوكالة بعد تقديم استقالته وصارت بعدها في عهدة مدير الموارد البشرية حسين عثمان, كانتا وقتها رابضتين بفناء حوش الوكالة .. الخ, ناهيك عن الأضرار النفسية التي لحقت بموظفي الوكالة, بعد أن كنا قد عشنا تلك الساعات الثقيلة والرهيبة والأكثر سوءا ورعباً بالنسبة لنا, وسط أجواء مخيفة من الموت والهلاك المحقق لولا تدخل عناية السماء أولاً والعقلاء من أبناء هذا الوطن العظيم بعد إيقانهم بخطورة الحدث ومجانبته للصواب ثانياً, للتوسط من أجل إيقاف القصف والحصار وتوفير مخرج آمن, حتى يتسنى إنقاذنا وخروجنا من ذلك المستنقع الملتهب بأمن وسلام, وهو ما تم بالفعل بعد الساعة الثامنة و45 دقيقة من مساء ذلك اليوم الشؤم, حينها فقط أحسسنا بقيمة الحياة ونعمة الأمن والاستقرار.
ساعات لا يمكن نسيانها أو محوها من الذاكرة, عشنا خلالها أجواء رعب حقيقية تشابه إلى حدٍ بعيد الأجواء العنفية لأفلام الكاوبوي الأميركية, بما تخللها من رعب وخوف وقصف عشوائي وهمجي حيناً ومركز ومقصود حيناً, قام خلاله المسلحين القبليين بالاستعانة بالنواظير الليزرية لتحديد أماكن تواجد الصحفيين واقتناصهم ورصد واقتناص كامراتهم الفضولية, إلا أن عناية السماء حالت دون سقوط أي منهم, وهو ما أغاض المهاجمين وأتاح لهم فسحة لإطلاق العنان لمخيلتهم من أجل تبرير الجريمة, ولعلى أسخفها طبعاً الزعم بوجود سبعة مدافع فوق سطح مبنى الوكالة تابعة للحرس الجمهوري وقيام الأخير باستخدامها في قصف بيت الشيح عبدالله بن حسين الأحمر رحمة الله تغشاه, ثم التراجع بعد أن تبين أن المبنى لم يكن فيه أي جندي من جنود الحرس الجمهوري ولا أية مدافع أو صواريخ, معتبرين ما جرى مجرد دعابة ورسالة في ذات الوقت للقيادة السياسية, لكنها للأسف الشديد دعابة قاتلة وسخيفة وثقيلة دم, لأن المستهدفين لم يكونوا جنوداً ومبناهم لم يكن ثكنة عسكرية وإنما هم مجرد مدنيين عُزَّل لا حول لهم ولا قوة يؤدون أعمالهم كأطراف محايدة تقتضي مهنتهم الرسالية نقل المعلومة وتغطية الحدث ولذا فجُل ما يملكونه هو القلم والفكر وأجهزة الحاسوب والأوراق, والأدهى من ذلك أن غالبية المتواجدين ومنهم كاتب المقال, هم من أقلام التغيير ومن الداعمين لثورة التغيير الشبابية السلمية منذ انطلاقتها, ولا زالوا كذلك رغم كل المرارات والتجاوزات والاستهدافات التي حدثت ولا زالت تحدث للحقوق والحريات الصحافية.
ولنا هنا أن نسأل عن الذنب والجريرة التي اقترفناها حتى يتم الزج بنا في محرقة العصبيات والُثارات القبلية ومستنقع تصفية الحسابات السياسية, وتحويلنا إلى أهداف عسكرية في حرب وصراع لا ناقة لنا فيهما ولا جمل.. ولنا أيضاً أن نسأل في وضعٍ مخيف كالذي نعيشه اليوم عن هوية اليمن الجديد يمن ما بعد ثورة شباط فبراير 2011 ؟ وعن مدى إمكانية استنساخ لغم القوى التقليدية والقبلية والأصولية والعسكرتارية المتفجر بعد ثور التغيير المصرية بتداعياته الكارثية المهددة بإهلاك الحرث والنسل في اليمن؟, مع كل الحب لكل أفرقاء الصراع السياسي في اليمن وكل الأمل لإستشعارهم من منطلق الضرورة المرحلية والواجب الديني والوطني قبل فوات الأوان و خراب مالطة بأن الوطن فوق الجميع وأوسع من الجميع, ولذا فهو يستحق التضحية والتنازل من الجميع لأجل الجميع الذين هم نحن اليمنيون لا سوانا, لأن ما عدا ذلك الخراب والدمار والويل والثبور وعظائم الأمور.
** هذا المقال عبارة عن جزئية من ملف توثيقي مطول سمحت لي الفرصة بتحبيره يحمل عنوان "سبأ: سبع ساعات تحت القصف والحصار" أتمنى أن يرى النور قريباً, حاولت فيه توثيق تفاصيل أحداث الاثنين الأسود 23 أيار/ مايو 2011 والتركيز بصورة خاصة على مجريات الهجوم على وكالة سبأ من واقع الحدث, لما شاهدته أثناء تواجدي بمبنى الوكالة يومها, ورصد كافة الوقائع والأحداث التي عشناها بصورة حيادية وموضوعية, بعيداً عن التجني الأيديولوجي والتجيير والمناكفات القبلية والسياسية والحسابات الحزبية الضيقة.
صنعاء 24 أيار/ مايو 2011
Al-mahbashi@maktoob.com

الأربعاء، 28 أغسطس 2019

حوار مسقط هل يعيد الأمل لليمنيين والسلام لليمن؟

بقلم زيد يحيى المحبشي
الحوار مع أميركا ليس كفرا
والحوار مع السعودية ليس فسقا
والحوار بين القوى المحلية المتصارعة بالوكالة ليس جرما
والحوار بتلاوينه ليس عيبا ولا ضعفا ولا نقيصة بل قوة وحكمة وبعد نظر وشجاعة .. وتنازل المتحاورين لبعضهم البعض من أجل انجاح الحوار ليس جبنا ولا هزيمة بل واجب يكفرون به عما اقترفته أيديهم بحق هذا البلد المنكوب بساسته والمظلوم من جيرانه .. ولو لم تكن روح الأنا متسيدة وطاغية على عقول وأفئدة ساسته لما تجاسر جيرانه على التدخل في شؤونه وفرض اجندتهم وسيطرتهم بشقيها المباشرة/السعودية و الامارات .. وغير المباشرة/ايران .. والعبث بمقدراته وأمنه واستقراره وحياة سكانه وحاضرهم ومستقبلهم ..
ما الذي حققه المتصارعون بعد  خمس سنوات من القتال والتدمير الذى لم يوفر شيئا ولم يرعى حرمة لشيئ .. لا شيئ .. ولن يحققوا شئيا .. فما نراه مراوحة عسكرية .. المتغير الوحيد فيها عدد الضحايا من قتلى وجرحى وما عدا ذلك محلك سر .. وفشل حتى النخاع في ادارة الدولة وعدم القيام بأبسط واجباتها تجاه مواطنيها في صنعاء وعدن على حد سواء .. لأن الدولة اصلا لم يعد لها وجود بل الموجود ألطاف إلهية ترفق بالناس وتحول دون هلاكهم وعصابات تتفيد وتتسيد .. وفشل حتى النخاع سياسيا بعد عدة جولات من المفاوضات العدمية في الكويت وسويسرا ومسقط .. المباشر منها وغير المباشر ..
فيما معاناة الناس تهوي في منزلق الكارثة ومن لم تقتله نيران المتقاتلين قتلته المجاعة وأوجاع الحصار ..
إذا على ما الرهان؟ .. على مجتمع دولي كل ما يعنيه مصالح دهاقنة الفيتو أم على اقليم كفر بالأخوة ورابطة القرابة والدين وحقوق الجوار والانسانية؟ ..
الرهان كل الرهان على ساسة البلاد بأن يتقوا الله في بلدهم ويغلبوا لغة العقل والمنطق ويحتكموا الى صوت الاخوة والقرابة والضمير .. فهل يكون حوار  مسقط بداية جديدة لاعادة الأمل الى هذا البلد المنكوب أم منعطف جديد لجولة جديدة من الصراع المميت والعبثي
* اضاءة
الحوار باب الخلاص للجميع طالت الحرب أم قصرت .. الحوار ليس مسبة أو خطيئة أو ضعف، بل شجاعة وحكمة وقوة .. لأن فيه حقن للدماء وتنفيس على شعب لم يعد يدري ما يعمل لمواجهة تبعات الحياة وقساوتها وإيقاف لحرب مدمرة أكلت الأخضر واليابس دون أي نتائج تذكر لكل الأطراف وإعادة وصل ما إنقطع بين الاخوة الأعداء .. وهذا ما يهم الناس ..
فهل هناك من يتقي الله في هذا الشعب المنكوب والمظلوم ويعيد لغة العقل والسلام والتعايش الى مسارها الصحيح؟؟!!
* طرفة
الحوار اليمني مثل عرس الأخدام - مع احترامنا لهذه الشريحة المهمشة والمظلومة من المجتمع والدولة - الصبح خطبة والظهر عقد والعصر عرس والمغرب طلاق والعشاء مضرابه
ولا خرجنا بنتيجة .. !!
اضحك وافتهن عتفرج

الجمعة، 2 أغسطس 2019

تغاريد حرة يكتبها زيد يحيى المحبشي

* ذكرت المحابشة بهذا الاسم لأول مرة في كتب مؤرخي الدولة الرسولية في القرن السادس الهجري عندما حاول القمر الرسولي الثالث بسط نفوذه على حجة وبلاد الشرف ونجاح قواته في السيطرة على بلاد المحابشة نحو العام 634 هجري قمري ويقال أنها كانت تسمى قبل المئة الخامسة للهجرة بالعوجاء ولم نقف لهذا الاسم على أساس
* ما ينقص صنعاء وجود دولة تمارس وظائف الدولة المتعارف عليها دوليا .. دولة حقوق وواجبات  لا دولة جبايات .. دولة لكل الناس لا لجماعة من الناس .. واذا وجدت هذه الدولة حينها فقط يمكن الحديث عن الحاجة لرؤية وطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة .. فابحثوا أولا عن الدولة بدل الغرق في رمال الرؤية بلا رؤية
* ‏مهما عكسنا الحقائق ولوينا الامور ولعبنا بالحروف
وغيرنا معاني الكلمات فالصحيح سيبقى صحيح
والخطأ سيبقى كما هو خطأ الى نهاية الزمان ..
هنيئا لمن اعتبر مما حل بغيره وسعى الى تصحيح أخطائه قبل أن تغرقه وتجرفه كما جرفت من سبقه
* دبيب الغاز المسربة تواصل حصد أرواح الناس وتدمير بيوتهم وحكومة البقباق الوطني وكأن الأمر لا يعنيها باستثناء كذبة الاعلان الدعائي للصيانة الجزئية بدأ بمدينة صنعاء والتي سرعان ما تبخرت قبل ولادتها كما هو حال كل وعود هذه الحكومة الكسيحة
* في العام 1896 حاول الأتراك غزو بلاد الشرف بحجة فسقط منهم في احدى المعارك نحو ألف قتيل وأسر منهم الكثير مقابل استشهاد 413 من قبائل الشرف وتكسرت شراع احتلالهم البغيض على جبال الشاهل .. ألف قتيل تركي في معركة واحدة فقط من اصل 300 ألف قتيل حصيلة الاحتلال التركي الثاني لليمن لم تخلو منطقة في اليمن من مقابرهم ولم يستقر لهم حال طيلة سنوات الغزو والاحتلال لليمن .. فهل يعتبر الغزاة الجدد مما حل بسابقيهم؟؟
* ‏‎من حق الجنوبيين تحديد مصيرهم
ومن حق المناطق الوسطى تحديد مصيرها
ومن حق شمال الشمال تحديد مصيره
حقيقة لم تعد محل خلاف بين أطراف الصراع المحلي ورعاتهم الاقليميين وانما الاشكال في تحديد توقيت الاعلان عن ذلك كأمر واقع ومخرج وحيد للجميع .. لأنه لم يعد بالامكان اعادة ضبط المصنع على ايقاع اليمن الموحد باتفاق واجماع الجميع
* الحرب في اليمن ستنتهي في 2019 بإجماع الساسة والمنجمين والعلماء والمفكرين في الداخل والخارج
.. اخواني متحوث في حديث طريف معه دون توضيح  ماهية وسيناريو النهاية التي يتحدث عنها مع أننا لا نرى أي مؤشر يدل على ذلك ومع ذلك نتأمل خير فالناس تعبت والقلوب بلغت الخناجر
* وراء كل رجل عظيم إمرأة ..
فهي من تصنع العظماء وهي من تدمرهم .. وفي اليمن دمر سرها الباتع بلد بأكمله
وهذه واحدة من الظواهر العجيبة والغريبة في تاريخ البشرية
* عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: حجوا قبل أن لا تحجوا ..
قالوا: وما شأن الحج يا رسول الله ؟! ..
قال: تقعد أعرابها على أذناب شعابها ولا يصل إلى الحج أحد ..
وفي رواية: حجوا قبل أن لا تحجوا قبل أن يمنع البر جائبه والبحر راكبه ويخدع الصاحب صاحبه ..
ومحصلتها وإن تعددت الروايات: حجوا قبل أن تمنعكم العرب ..
ها هم العرب يمنعون العرب من أداء فريضة الحج يا رسول الله!!
* الزج بالأطفال ووحيد الأسرة في المعارك وكذا أخذهم الى المعارك بدون إذن ورضا أهاليهم عمل مدان سواء كان من قبل القوى الموالية للتحالف أو من قبل قوى الممانعة والصمود .. وبحاجة الى إعادة النظر إن كان لا يزال هناك بقية من ضمير لدى المتصارعين فالأطفال مكانهم المدارس لا المتارس وأخذ وحيد الاسرة معناه الحكم بفنائها وكلاهما جرائم حرب تدينها كل المواثيق والقوانين والأعراف الارضية والسماوية
* قالت جدتي رحمة الله عليها:  لا تحزنوا يا اولادي فمهما طال سواد هذا الليل الكالح لا بد من إشراقت شمس الأمل، وسينتصر شعبكم المظلوم يوما ما، أحسبه قريبا،  إن لذتم بالصبر قليلا، وستكلل كل مآسيكم بالأعياد .. لكن الحب أيضا يجب أن ينتصر .. كي يعيش الشعب .. ويبقى الوطن .. فالشعب يا أولادي هو الحب، والحب هو الوطن، والوطن هو الحرية والحياة الكريمة والمواطنة المتساوية والدولة المدنية العادلة، المتسعة لكل أبنائها، والكبيرة بكل أبنائها، والمستظل بها كل أبنائها .. هذا هو اليمن الجديد المتخلق من رحم المأساة .. بعد عقود من الظلم والذل والخضوع والتبعية وتسع سنوات من الاحتراب والكراهية
* أقاويل
قالوا: اشتدي أزمة تنفرجي ..
قلنا: ومن الحب ما قتل .. ألم تسمعوا عن الحب السادي الذي يتلذذ فيه المُحِب بتعذيب من يُحٍِب، هكذا هم ساستنا يتلذذون بتعذيب الشعب وكلٌ منهم يفعل الأفاعيل تحت شعار حب الوطن والوطنية وحب المواطن
وكل ما نراه مجرد حب سادي ممزوج بسم زعاف ولله جند من عسل ..
قالوا: ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فرجت وكنت أظنها لن تفرجِ ..
قلنا: كلما قلنا عساها تنجلي قالت الأيام هذا مبتداها ..
تسع سنوات وأنتم تعزفون هذه المقطوعة الموسيقية على مسامعنا دون ان نرى أي طحين ..
قالوا: ان جديد تحولات ربيع المطاحسة العربية الوحيد هو أن الشعوب العربية في ستينيات القرن العشرين كانت تشعر بالهزيمة وهي مهزومة فعلاً ما دفعها الى المقاومة .. بينما هي اليوم تشعر بالنصر والانتشاء وهي مهزومة .. وهذه أم المصائب
قلنا: يا لبؤس مجتمع لا يعرف وسيلة دفاعية أفضل من الجلاد

الثلاثاء، 16 يوليو 2019

مصر الجديدة معاناة الولادة وبشائر الأمل

بقلم// زيد يحيى المحبشي
23 مايو /ايار 2011
الثورات كالحروب، تظل امتداداً للسياسة، ولكن بوسائل أخرى، ولذلك تستمر الثورة المصرية، ويحتدم الصراع السياسي بين القوى التقليدية وقوى الحداثة المدنية, وبين دعاة التغيير الشامل ودعاة التغيير المؤطر, وسط حالة مخيفة من الانفلات الأمني والشرخ الطائفي والفوضى الضاربة في كل مكان والثورة المضادة الضارية والاستقطابات الحادة حول: محاكمة مبارك وأسرته, وطبيعة الدولة الوليدة، وملامح النظام السياسي الجديد، وفي قلب أحداث الثورة والصراع على المستقبل, وفقاً لذلك تتشكل ملامح مصر الجديدة, ببطء شديد ورتابة قاتلة.
أحلام ومخاوف لا تنتهي
هكذا بدت صورة مصر الجديدة, وهي تلج أعتاب المئوية الثانية, ذلك أن ثورتها الشعبية جددت الأحلام والمخاوف معاً وأنزلت الهواجس محل الأفكار، بعد أن كانت النشوة والأمل تتصدر عناوين المئوية الأولى, أحلام التحول الفعلي والجاد نحو الديمقراطية الحقيقية, وسط بيئة عربية غير مشجعة, واستنفار إسرائيلي وأميركي وحتى عربي غير مسبوق, تحسباً لما قد يحمله ربيع مصر من تحولات قد تقلب كل المعادلات القائمة في المنطقة وتخلط كل الأوراق, لاسيما إذا أتت متناغمة مع تطلعات وطموحات الشعب المصري, ومخاوف الانتكاسة ومعاودة اجترار الماضي بكل مساؤه.
وفي كلا الحالتين, لا يمكن تجاوز أو تجاهل وزن وأهمية مصر بين دول المنطقة من الناحية الجيوستراتيجية والجغرافيا السياسية بما لها من تأثير مباشر على مجمل السياسات الدولية في الشرق الأوسط, وعلى بوصلة الأحداث في المجتمعات العربية، بحكم المكانة والموقع ضمن شبكة المصالح العربية والإقليمية والدولية, ولذا لم يكن غريباً أن تكون ثورتها أكثر إثارة للتخوفات الدولية والإقليمية على حدٍ سواء، لما يترتب عليها من تداعيات تتعدى حدود مصر عكس تونس تماماً، ولعلى هذا واحداً من أهم أسباب تزايد مخاوف صانعيها، خشية موتها وخوفاً عليها لا منها.
مخاوف ربيع مصر الثورة اليوم لا تنتهي, فهناك خوف من تزايد الضغوط والتدخلات الخارجية، وخوف من استمرار الفكرة المستبدة للعقل السياسي الجمعي الداخلي في ممارسة سطوتها العنفوانية، وخوف من رتابة وبطئ أو تباطؤ المجلس العسكري في الاستجابة لمطالب التغيير والتي لا زالت تأخذ شكل الصدمات المفاجئة، بسبب غياب رؤية واضحة الترتيب لأولويات المرحلة، نظراً لعدم امتلاك قيادة الجيش وشباب الثورة على حدٍ سواء لجهاز سياسي مؤهل ومدرب على إدارة الأزمات وعملية التحول، والأهم من هذا وذاك: إدارة المجلس العسكري البلد في غياب أي سلطة رقابية على القرارات الصادرة عنهم بعد حل مجلسي الشعب والشورى, بالتوازي مع عجز شباب الثورة فرض إرادتهم فيما يتعلق بإيجاد إصلاحات سياسية واقتصادية تلبي احتياجات الشعب، مصحوباً بتزايد قلق المصريين من تراجع الاقتصاد الوطني المخيف بعد الثورة, إذ تشير الدراسات الاقتصادية إلى خسارة الإقتصاد المصري نحو ثلاثة مليارات من الدولارات شهرياً بعد الثورة مضافاً إليها وراثة مصر الثورة من النظام السابق أزمة اقتصادية خانقة يعجز أي نظام عن حلها, يأتي هذا في وقتٍ لا يزال تركيز الجيش فيه منصبٌ على محاولة ضبط إيقاعات الشارع وضبط إيقاعات المرحلة الانتقالية, وإعادة هيبة الدولة وسط حالة من الحيادية السلبية والارتباك وعدم الوضوح.
إذن فنحن أمام: جيش متريث ومنشد للماضي, يريد وضع الثورة على قضبان نظام, وثورة متوقدة ومتطلعة للمستقبل, تريد التحليق إلى نظام جديد, برؤية مستقبلية تقطع كل الصلات مع الماضي، وفي لحظة عبور إجباري للنفق الوحيد نحو المحطة الثانية من عملية التحول, كانت هناك أشباح مترصدة, لم يعفيها سقوط النظام من الظهور والعمل على تدوير ماكينة العنف بين الجيش والثورة وبين الجيش والقوى الديمقراطية وبين قوى التغيير الرئيسية في الداخل وقوى التأثير الخارجية المتضررة من عملية التغيير المصرية، ما أوجد هالة من المخاوف لدى الجيش دفعته إلى محاولة تحويل الثورة إلى مجموعة مطالب ممرحلة مدعوماً هذه المرة بتأييد الإخوان المسلمين(التعديلات الدستورية, والاكتفاء بإحداث تغييرات طفيفة وسطحية تطال الأشخاص والسياسات دون المساس بهيكل الدولة وأجهزة النظام السابق وترحيل المطالب العمالية والاجتماعية إلى ما بعد المرحلة الانتقالية, نموذجاً)، الأمر الذي أدى إلى خلق شعور عام بأن الثورة بدأت تتلاشى وتخبو, وبالتالي إثارة الشكوك حول نوايا الجيش السلطوية بعد انتهاء المرحلة الانتقالية, ومدى استعداده لإحداث التغيير الحقيقي والشامل بشكل يقطع نهائياً مع عصر استبدادي كامل، باعتباره المطلب الحقيقي للثورة, الذي قدم المصريون من أجله أكثر من 800 شهيد، والتي يُفترض أن تكون دافعاً قوياً للانتقال من مرحلة المشروع الوطني، إلى مرحلة الدولة الوطنية، ومن مرحلة الحكم الفردي المتسلط والمتحكم بغرفة الأقدار قبل الثورة، ومرحلة القبضة الحديدية للحرس القديم - المجلس الأعلى للقوات المسلحة - بعد الثورة, التي لازالت تتحكم بكل شيء, غير آبهة بالمظاهرات المليونية التي ما تزال تهدر عالياً في كل الطرق، إلى مرحلة جديدة يقرر فيها الشعب انتزاع حقوقه بيده, وتكون فيها "السيادة الشعبية" قوة مقررة تجاور قوة العسكر ولا تنتظرها, في صناعة المعادلات السياسية الجديدة وفي اختيار الحكام, باعتبارها الضمانة الوحيدة لقطع الطريق نهائياً أمام إمكانية عودة الأفاعي من الشوارع الخلفية, انطلاقاً من قاعدة: أن البلد لا يمكن أن تدار بالانفراد والاحتكار, بل عن طريق الشراكة العامة، وأن مهمة التغيير لا يمكن أن تتحملها فئة بعينها مهما كانت قوتها أو سندها الاجتماعي، حينها فقط يمكن القول: أن مصر الجديدة لم يعد فيها مكان للاستبداد والمستبدين.
التطورات المتسارعة للأحداث في مصر, تثير سؤال في غاية الأهمية, سبق للدكتور إبراهيم أبراش أن طرحه على بساط البحث والجدل قبل انتصار ثورة 25 يناير بأيام ولا يزال صداه يتردد إلى يومنا هذا, هو: "هل بمجرد خروج الناس إلى الشارع وهروب الرئيس أو تخليه عن السلطة يمكن القول بأن الثورة قد حققت أهدافها؟"، الإجابة قطعاً ستكون "لا" أو على الأقل ما تزال بحاجة للكثير من الدراسة من قبل علماء الاجتماع, كوننا اليوم أمام نموذج ثوري حطم كل ضوابط وشروط الثورات التقليدية, وهو ما يدعو للأمل والخوف في نفس الوقت, لماذا؟، لأننا أمام ثورة شعبية قامت بلا قائد وبلا خطة، ومع ذلك فهي وإن كانت قد نجحت في إسقاط رأس أو رؤوس النظام، لكن جسد النظام ما يزال قائماً، ما يعني أن الثورة مازالت ناقصة، لأن عملية الهدم لا قيمة لها ما لم تكن بهدف البناء, وهو النصف الثاني والأهم في أي عمل ثوري, ذلك أن طريق عملية البناء والتنمية والديمقراطية والرفاه, ليست مفروشة بالورود بل مزروعة بالكثير من الألغام والمفاجآت الكفيلة بنسف كل الأحلام في حال فقدت الثورة زخمها ويقظتها
وعليه يمكن القول بأن: "هدم نظام فاسد بدون خطة حقيقية وواضحة لبناء نظام عادل, هو أخطر من النظام الفاسد ذاته" بدلالة تغيُّر وتزايد مطالب قوى الفعل الثوري يوماً بعد آخر, وتزايد اتساع رقعة الجدل وتخبط الرؤى وتشعبها وتصادمها بين قوى التغيير الرئيسية حول أولويات المرحلة, ما يعني ببساطة: "استحالة بناء مستقبل واضح على رؤى غير واضحة".
مصر اليوم تقف على أعتاب مرحلة مفصلية وحاسمة, قد تنقلها إلى المستقبل وقد تعيدها قروناً إلى الوراء, طريق الماضي واضحة وسالكة, عكس طريق المستقبل, حساسية المرحلة بما يحيطها من أخطار, تستدعي من الجميع ضرورة التغلب على التباينات الداخلية والتخلص من لعنة اللهث وراء المكاسب السياسية الآنية, وتغليب المصلحة الوطنية على ما عداها إذا ما أرادوا الانتصار للمستقبل.
تاريخياً, كل الثورات السياسية والاجتماعية المشهورة - والكلام هنا للدكتور أبراش- استمدت قوتها وأهميتها من قدرتها على التغيير الواسع في كل بنيات المجتمع، ذلك أنها تُمثل نقطة تحول مفصلية في حياة الشعوب، لذا فمن الطبيعي أن يكون هدفها: تحقيق التحول نحو الأفضل، لأنها تعمل على الإطاحة بكل ما تعتبره الشعوب مسئولاً عن بؤسها وشقائها وبالنخبة المحيطة به وبمرتكزات نظامه السياسي، وإقامة نظام بديل، يأخذ بعين الاعتبار المطالب والتطلعات الشعبية، إذن فالثورة: فعل جماهيري شامل غايته تغيير الأوضاع القائمة تغييراً جذرياً، في مرحلة تعتبرها نهاية المراهنة على التغيير والإصلاح من خلال النظام القائم, بالتوازي مع عجز المعارضة السياسية عن الإمساك بزمام المبادرة وتهيبها من الإقدام على تحمل مسؤولية التغيير، ما يجعل من الجماهير هي المتصدرة للمعركة، وهذا ما حدث في مصر ومن قبلها تونس.
إشكالية هذا النموذج من الثورات تمكن في سيولة ألوان الطيف الثوري وتعدد الرؤى في صفوفه، وهي سلاح ذو حدين، فهي من جهة مصدر قوة في انجاز مهمة الهدم، ومن جهة ثانية مصدر ضعف من حيث تمييع المطالب وغياب التوافق حول كيفية إدارة مرحلة ما بعد الهدم بصورة سلسلة وآمنة تضمن تحقيق أهداف الثورة وتوجيه مساراتها وتحولاتها وإيصالها إلى بر الأمان بأقل التكاليف والخسائر الممكنة.
بواعث هذا التباين والتبلبل كثيرة لعلى أهمها: غياب القوى الوطنية القيادية عن الثورة, حيث كشفت الأحداث المتسارعة أنها مازالت مهتمة بنفسها أكثر من اهتمامها بالوطن سواء أثناء الثورة أو بعدها, بدلالة فشلها في توحيد صفوفها وكلمتها حول كيفية إدارة المرحلة الانتقالية, ناهيك عن عدم أهلِّية شباب الثورة لقيادة البلد، ما أدى في النهاية إلى القبول بقيادة الجيش ورعايته للمرحلة الانتقالية, أي القبول بقيادة الحرس القديم لتجديد النظام وتحديد وتوجيه مسارات عملية التطوير وضمان مرحلة التحول, في حين يقتضي المنطق أن يكون الشعب هو الضامن والراعي لهذه العملية, وليس الجيش بصلاته القوية مع النظام السابق ومع مراكز القوى المؤثرة في الخارج.
هذه الأمور مجتمعة تجعل الجيش يفكر ألف مرة قبل الإقدام على اتخاذ أي خطوة عملية نحو التغيير, واضعاً بالحسبان التداعيات المترتبة عليها وردود الأفعال الداخلية والخارجية, ولذا لم يكن غريباً أن نجد الجيش كثير التردد في مواطن تستدعي الحسم الفوري, والأخطر من ذلك مصاحبة عملية التحول ثورة مضادة تزداد ضراوتها وشراستها يوماً بعد آخر, تريد ضرب نقاوة الثورة وحرفها عن أهدافها, وتوسيع رقعة الانفلات الأمني الذي بات أشبه بالفوضى الشاملة, وضرب السِّلم الأهلي والوحدة الوطنية، الأمر الذي جعل الجيش في موقف حرج للغاية, وأشاع في نفس الوقت الخوف من سرقت الثورة وإجهاضها واحتمالات تصفيتها أو تحويلها إلى فولكلور, وبالتالي إثارة التساؤل عن مستوى التغيير, وما إذا كانت مصر ستشهد تغييراً جزئياً يطال الأشخاص والسياسات فقط بصورة تضمن توفير البحبوحة والحرية والعدالة, ولكن بصورة ممرحلة كما هو واضح من أداء الجيش الحالي, أم أنها ستشهد إحداث تغيير شامل رغم كلفته الباهظة كما يطالب شباب الثورة, ورغم هذا يمكن الزعم بأن ثمة ما يشير إلى أن مصر أمام مرحلة جديدة, هي: مرحلة اكتشاف الجماهير لكرامتها ومعرفتها بأنها عامل مؤثر وقادر على إحداث التغيير الذي من الممكن أن يُرضي طموحات وتطلعات الشارع المصري.
حقائق على طريق التحول
عندما ثارت شعوب أوربا الشرقية ضد القبضة السوفياتية والشيوعية لم يخُن الثوار شعوبهم بعد الثورة, بل أقاموا أنظمة ديمقراطية أعادت لشعوبها الحياة من جديد لكن عوامل الخوف والقلق لم تختفِ.
وعندما قامت الثورة الفرنسية عام 1789 لم تحمل معها بوادر الاستقرار إلا بعد مرور أكثر من عشر سنوات (1799), عانت فرنسا خلالها من مختلف مظاهر الفوضى والصدامات الدموية, وفي الحالتين فأوربا الشرقية وفرنسا الغربية بعد الثورة لم تكن كما كانت عليه قبلها, بل صارت في وضع أفضل نسبياً، وفي الحالتين أيضا ً ظلت الديمقراطية منذ روما القديمة وحتى اليوم, هي ذاتها رغم تعدد مسمياتها وشعاراتها: (ديمقراطية الأغنياء وليس ديمقراطية الفقراء).
الثورات العربية اليوم تبدو أكثر انجذاباً للنموذج الفرنسي, وما نريد الوصول إليه من وراء هذه المقاربة البسيطة, هو التأكيد على حقيقتين فيما يتعلق بالثورة المصرية ومستقبلها:
الأولى: أن القلق والخوف من المشاعر الطبيعية التي تنتاب الكثيرين عقب كل تحول جذري يهز المجتمع ويقلب أوضاعه سواء كان ثورة أو حرباً أو زلزالاً .
الثانية: أن الإنسان العربي على مدى تاريخه العريض: يحلم بالتغيير لكنه يخشاه، ويصيح بالثورة لكنه يرفض دفع الثمن, والسبب في ذلك بحسب شجعان القزي (نائب رئيس حزب الكتائب اللبناني) يعود إلى: "عدم وجود قائد قوي يملك حجة الحديث والمنطق، لا قوة السلاح والبطش، لديه رؤية واضحة وعلمية، ومستعد أن يموت من اجلها، لإيمانه بالوطن وبالمستقبل، وعدم وجود إرادة أو قاعدة شعبية حقيقية ومؤثرة تفهم مدنية الدولة بصورة يمكن البناء عليها بشجاعة، ومستعدة لفعل أي شيء من أجل الوصول إليها" .
في الحالة المصرية، هناك ثورة لازالت محتفظة بزخمها ويقظتها, ولازالت تختلق الآليات الثورية الملهمة, الكفيلة بتعميق مسارات الثورة وتوسيعها, وهي حالة غير معهودة في عالمنا العربي, وبالمقابل هناك ثورة مضادة موازية في القوة والشراسة, وهذا أمر طبيعي في أي عمل ثوري شعبوي، لكن الخوف هنا من أن يؤدي بقاء الحرس القديم في هرم السلطة وإدارة مرحلة التحول إلى استمرار الصراع والتصادم بين القديم والجديد, وبالتالي بقاء النظام المنبثق من رحم الثورة "مجرد ديكور جديد لمعطيات ثابتة وعقائد جامدة", دون أن يكون لذلك أي اثر على صعيد الحرية والديمقراطية التي هي أساس المشكلة وأساس الحل.
التوجه نحو المستقبل, يحتاج لنُخب ودماء سياسية جديدة, تقود عملية التحول وقاطرة التغيير, لأنها تظل الضمانة الوحيدة لأن يأتي هذا المستقبل مختلفاً عن الماضي، بينما التوجه نحو المستقبل بنُخب قديمة، يعني أن شيئاً لم يحدث وأن مصر ما تزال رهينة الدائرة الجهنمية المفرغة, التي ظلت تحكم مصيرها ومسارها منذ عصر الفراعنة وحتى ثورة 25 يناير, بحلقاتها المتداخلة والمتدفقة بانتظام: "مركزية مطلقة، تمرد وخروج على السلطة، فوضى وهرج ومرج وثورة بيضاء أو حمراء، ثم سلطة وسيطرة وحكم مركزي وفساد وتمادي وخلل بلا حدود" والسؤال هنا: كيف يمكن لمصر اليوم التحول نحو الديمقراطية والخروج من تلك المتاهة القاتلة دون أن يكون لدى أبنائها توجه نحو المستقبل؟.
الواضح وليس الأكيد أن مصر في طريقها نحو الأفضل, رغم صعوبة ادعاء فهم ثورتها حتى الآن فهماً كاملاً وصعوبة ادعاء الظن بأنها تمتلك مفاتيح الحل والمستقبل والنهضة, على الأقل خلال المرحلة الانتقالية وفي أسوأ الأحوال خلال السنوات العشر القادمة على أبعد تقدير, حينها فقط يمكن ادعاء فهم ثورة 25 يناير, وما إذا كانت قد نجحت بالفعل في إحداث التغيير المنشود والانتصار للمستقبل أم أنها مازالت تعيش في جلباب ودهاليز التاريخ؟.
الإشكاليات والتحديات المرحلية
في القرن الماضي كتب والتر بنجامين: "إن الأمل لم يُكتب لنا إلا بسبب أولئك الذين هم بلا أمل", ذلك هو الأمل الذي يعني: ثورة الإنسان على واقعه, بالصورة التي تضمن له حرية الاختيار لطريق "اللاء" الرافضة لكل الأشكال اللاحضارية المتخلفة التي تشدنا إلى الوراء, بمعنى أن يكون للإنسان هدف عقلاني مستقبلي حضاري، الأمل يعني أيضاً ثورة القانون والديمقراطية والحرية والعدالة والشرف والنزاهة، أما "اللاأمل" فتعني: الاستكانة للواقع اللاعقلاني القائم على حالة الفوضى وعدم المسؤولية واللامبالاة وعدم وجود هدف عقلاني مستقبلي حضاري، وبالتالي الاكتفاء بالتفرجة على نهر التاريخ, والجلوس على هامش التاريخ, والرضوخ لمبدأ الفيلسوف هوبز: "من الواجب تفضيل الحاضر والدفاع عنه واعتباره خير ما يوجد"، وما بينهما تبقى هناك فسحة كبيرة للمخاوف والهواجس من احتمال تمكن الفريق الثاني الذي لا يزال رغم سقوط النظام ذا شوكة وقوة ونفوذ لا يُستهان بها, من تحويل الثورة المصرية المُلهَمة بآلياتها إلى عامل فوضى وانقسام, واستغلالها سياسياً بشكل يحيدها عن أهدافها النبيلة, إذا لم تتجسد في ديمقراطية مؤسساتية تُمارس فيها السياسة والحكم بتجرد, وضمن أصول دستورية وديمقراطية تضمن الحريات وتقبل التعددية وشروط تداول السلطة.
الكل يدرك اليوم سواء شباب الثورة أو السلطة التي تدير المرحلة الانتقالية أن الثورة لم تكتمل ولن تكتمل بمجرد إزاحة نظام مبارك وأركانه القريبة والبعيدة، فهذا هو جانب الهدم من العملية الثورية, فكيف إذا كان جسد النظام لا يزال قائماً, ما يعني أن على الشعب المصري أن يتمتع بالصبر والنفس الطويل, بالنظر إلى حجم وضراوة الثورة المضادة, لأننا أمام تجربة فريدة هي الأولى من نوعها في تاريخ مصر, ولا بُد أن تأخذ وقتها ومداها الطبيعي حتى تنضج الصورة قبل التحول إلى مرحلة البناء, والتي يجب أن تنطوي على جانبين في غاية الأهمية، الأول: "داخلي" يقوم على إرساء الديمقراطية وفتح الطرق إلى العدالة الاجتماعية وإزالة العوائق المكبلة للحياة السياسية, وأهمها إلغاء قانون الطوارئ بصورة نهائية، والثاني: "خارجي" يتمثل في انتهاج سياسة خارجية ترضى عنها الجماهير المصرية بأغلبيتها العظمى، تُعيد مصر إلى مكانتها القومية والإقليمية والدولية, لكن دون ذلك هالة كبيرة من الإشكاليات والتحديات والمعضلات بعضها داخلي تقرر مصر الثورة وحدها أن تتحداها، وتتحدى النتائج التي يمكن أن تنتج عنها, وهذه ذات شقين بعضها مبرر وطبيعي كالأزمة الاقتصادية وحالة الاستقطابات الحادة والتوازنات المتقلبة بين ألوان الطيف السياسي, وبعضها غير مبرر وغير طبيعي كالفتنة الطائفية المهددة الوحدة الوطنية بمقتل.
وهناك تحديات خارجية إقليمية ودولية تتمثل في قدرات الأطراف الأخرى على التصدي المباشر لتحدي التغيير الحقيقي لما يترتب عليه من أضرار على هذه الدول كما هو حال إسرائيل وأميركا والاتحاد الأوربي, بما لها من ارتباطات داخلية لا تُعدم الوسيلة من أجل إعاقة الثورة وإثقالها بهواجس ومخاوف تحيدها عن أهدافها الحقيقية تمهيداً لضرب نقاوة الثورة وإدخالها في متاهات لا تحمد عقباها.
صحيح أن ما أنجزته الحكومة والحكم الحالي حتى الآن لا يرقى إلى مستوى مطالب وأهداف الفعل الثوري, كما أن بعضه أتى متعارضاً مع مطالب الثورة, خصوصاً فيما يتعلق بإجراء الاستفتاء الشعبي على تعديل بعض مواد الدستور دون ملامسة جوهر المشكلة المتعلقة بدين الدولة وصلاحيات رئيس الدولة, والخطوات العملية للانتقال من المرحلة الانتقالية إلى مرحلة البناء القائمة على إجراء انتخابات برلمانية في أواخر أيلول/ سبتمبر المقبل تمهيداً لانتخابات رئاسية يتم إجرائها في نهاية العام الجاري أو أوائل العام المقبل وتشكيل لجنة وطنية بعد ستة أشهر من الانتخابات البرلمانية تكون مهمتها إعداد دستور جديد لمصر.
ومع ذلك تظل هناك إنجازات محل ترحيب الثوار أبرزها: حل البرلمان بمجلسيه وتعيين حكومة تسيير أعمال جديدة من التكنوقراط يحظى رئيسها عصام شرف بقبول الشارع، وحل جهاز أمن الدولة والحزب الوطني الديمقراطي الحاكم ومحاكمة رموز الفساد في النظام السابق وعلى رأسهم مبارك وأسرته بعد أن كان الجيش متردداً في ذلك, ومن ثم البدء بتفكيك منظومة الفساد التي حكمت مصر لثلاثة عقود، وعودة الحريات العامة والكرامة الإنسانية، والأهم من ذلك وضع مهمة محددة لعمل حكومة عصام شرف تتمثل بتهيئة الملعب السياسي والتحضير للانتخابات البرلمانية والشروع في استعادة أموال مصر المنهوبة، على أن الملاحظ حتى الآن، أن بعض التشريعات التي صدرت لم تأتِ تعبيراً عن إرادة الثورة ولم تأتِ تعبيراً عن حوار مجتمعي حقيقي كما هو حال التعديلات الدستورية والترتيبات المرحلية للانتخابات العامة، كما أن هناك قوانين وتشريعات لابد من اتخاذها كما هو حال قانون الأجور والقانون الانتخابي الذي لا يزال محل جدل كبير، وهياكل ومؤسسات لابد من إعادة بنائها كما هو حال المؤسسات الإعلامية والأمنية وأخرى بحاجة للحل وفي مقدمتها المجالس المحلية, لاسيما وأن مصر اليوم تدخل مرحلتها الثانية من مراحل التحول وهي مرحلة التطبيع السياسي المنهجي القائم على الشرعية الشعبية.
على مستوى السياسة الخارجية, فاجأت مصر كلاً من إسرائيل وأميركا بانجازها اتفاق المصالحة بين فتح وحماس دون إلقاء أي اعتبار للضغوط وردود الأفعال الخارجية، والتأكيد على فتح معبر رفح بصورة دائمة ونهائية لتخفيف الحصار عن غزة بالتوازي مع بدء القضاء المصري بإجراءات إعادة النظر في اتفاقية بيع الغاز لإسرائيل وتوجيه الاتهام لوزير النفط السابق سامح فهمي بسبب توقيعه عقد البيع وقبوله بسعر أدنى من الأسعار العالمية، والأهم من هذا وذاك تعالي الأصوات المطالبة بحق مصر في إعادة النظر باتفاقيات كامب ديفيد مع إسرائيل كواحد من حقوق مصر المشروعة التي يضمنها القانون الدولي والذي يظل أمضى وأقوى من اتفاقية تجعل من المساعدات الأميركية لمصر رهينة رضا إسرائيل.
هذا التغيير المفاجئ في السياسة الخارجية المصرية يأتي رغم أن تحديد ملامحها يظل من مهام الحكومة المدنية التي ستخلف العسكر في السلطة بعد انتهاء المرحلة الانتقالية، وهو ما يشي بأن مصر بعد الثورة في طريقها لاستعادة قيمتها ودورها الإقليمي الأمر الذي يجعلها الأكثر قدرة على بناء نظام جديد يُحسِّن شروط التبعية للخارج بصورة تجعل الدولة المصرية الجديدة شريكاً فاعلاً لا تابعاً ثانوياً في العلاقات الإقليمية والدولية بعد عقود من التبعية السلبية, بمعنى اكتساب العلاقات المصرية- الإسرائيلية بعد الثورة طابع الندية, وهذا بلا شك سيصب في صالح القضية الفلسطينية والعلاقات المصرية- الفلسطينية بعد أن كان مبارك قد ارتكب كل الكبائر في العلاقة مع إسرائيل وتجاوز كل المحرمات في العلاقة مع الفلسطينيين.
ولصحافة اليمن نصيب من المأساة
ما يتعرض له الصحفيون من كبت وترهيب وملاحقة وترويع وقتل ومصادرة لصحفهم في اليمن سواء من جانب النظام الممعن في سياسية التنكيل والملاحقة والمصادرة أو من جانب المشيخات القبلية والاصولية والتي كان لها قصد وافر أيضاً في اضطهاد الصحفيين وترويعهم وليس أخرها الهجوم الهمجي لمسلحي شيخ قبائل حاشد "صادق الاحمر" على وكالة الانباء اليمنية يوم الاثنين 23 ايار/مايو الفائت ولمدة سبع ساعات ونصف امتدت من الساعة الواحدة ظهرا الى الساعة الثامنة والنصف مساء قاموا خلالها بمحاصرة نحو 13 صحفية و42 صحفي منهم طبعاً كاتب المقال, داخل مبنى الوكالة وقصفه بالدوشكا وقذائف الآربي جي وصوارخ لو وغيرها من الاسحلة بصورة وحشية غير مسبوقة تذكرنا بهجوم المغول على بغداد أيام قطز المملوكي, الهجوم اسفر عن تدمير الطوابق الثلاثة العلوية والشبكة التقنية بالكامل مع العلم ان المبنى لم يكن فيه اي جندي من الحرس الجمهوري ولا اية مدافع أو صواريخ وجُّل ما كان بحوزتنا هو القلم والفكر والادهى من ذلك أن غالبية المتواجدين ومنهم كاتب المقال, هم من اقلام التغيير ومن الداعمين لثورة التغيير السلمية منذو إنطلاقتها ولا زالوا.
ولنا هنا أن نسأل عن الذنب والجريرة التي إقترفناه.. وعن هوية اليمن الجديد يمن ما بعد ثورة 11 شباط فبراير 2011 ؟
وعن امكانية استنساخ شبح سلفية مصر في اليمن؟

الأربعاء، 3 يوليو 2019

حكايات جدتي بقلم زيد يحيى المحبشي



قالت جدتي رحمة الله عليها: النصر يا أولادي يكون للأتقى ثم للأقوى
قلت: وما الذي تقصدينه بالأتقى والأقوى؟
قالت رحمة الله عليها:
الأتقى: هو المتقي لله في نفسه وعباده وبلاده، المقيم لموازين العدل بلا تمييز ولا محاباة، المهتم بالفقراء والمساكين والذين بهم لا بسواهم يكون النصر والتمكين، المتورع وجنوده وحكومته ومسؤولي دولته عن محارم الله ، الحاكم في الناس بالسوية بعيدا عن العنصرية والمناطقية والجهوية والسلالية، العزيز في نفسه، النظيف القلب والبطن واللسان ... فاذا توافرت هذه العناصر فحليفه من الله النصر والتمكين والغلبة على من بغى عليه من الطغاة والجبابرة الأقتام ..  وفي هذا يا أولادي يحكى أن الهادي يحيى بن الحسين رحمة الله عليه عندما خرج الى اليمن قرابة العام 284 هجري قمري بدعوة من أهلها وصل صنعاء فتناهى الى مسامعه أن أحد الجنود غصب شيئا يسيرا من المتاع من أحد البيوت .. فغضب الامام غضبا شديدا وعاد الى المدينة المنورة ولسان حاله يقول: هؤلاء قوم لا ينتصر بهم .. ثم لحقت به قبائل اليمن وأعطته العهود والمواثيق على الاستقامة .. فعاد الى اليمن مرة ثانية وكان النصر والتمكين حليفه .. فتأملوا يرحمكم الله..
اما الأقوى يا أولادي: فهو من يملك العدة والعتاد والمال والنفوذ لكنه على باطل ومع ذلك فالنصر حليفه في حال عدم وجود خصم متقي لله بسبب فارق التسليح وعديد المسلحين والله أعلم

الأحد، 2 يونيو 2019

عيد الله تراحموا فيما بينكم يرحمكم الرحمن

بقلم زيد يحيى المحبشي
العيد على الأبواب وهناك أناس لم يعودوا يملكون من مال الله شيئ فقراء ومساكين وعزيزوا نفوس ونازحين لم يعد يخلو منهم شارع ولا حارة ولا حي .. ولم يعد لدينا دولة لا في صنعاء ولا في عدن تتقي الله في رعيتها وتقوم بواجبها تجاه هؤلاء المنكوبين ..
 وتعظم المأساة في ظل الظروف الكارثية التي نعيشها .. فتراحموا يرحمكم الرحمن .. ادخلوا السرور على قلوبهم وقلوب أطفالهم يخلف الله عليكم بخير ..
تفقدوا جيرانكم واقاربكم المعسرين ..
دعوا فرحة العيد تتوزع على كل القلوب المكلومة والمحرومة ..
مدوا يد العون والمساعدة لأصحاب الحاجة كل قدر استطاعته ولا تخجلوا من البذل والعطاء ولو شيئا يسيرا فهو عند الله عظيم ..
وكل من موقعه ومكانه؛ في المدينة والقرية والحي والحارة ..
تأزروا وتراحموا وتعاضدوا وفرجوا كرب بعضكم وأغيثوا الملهوف وخففوا عن بعضكم .. لعلى الله ينظر إلينا بعين رحمته ويعجل بالفرج على هذا البلد المنكوب بساسته وقادته وأحزابه وحكامه والمظلوم من جيرانه وإخوانه وأشقائه ..
فالرحمة أيها الأعزاء من الإيمان .. فلا تضيعوا الإيمان كما ضيع ساستكم الايمان والحكمة .. فتغضبوا الله وتخيبوا ظن رسول الله فيكم عندما وصفكم بأنكم أرق قلوبا وألين أفئدة وبأنكم يمن الإيمان والحكمة ..
فإذا لم يتجلى الايمان وتتجلى الرحمة في هذه الايام وفي هكذا ظروف .. فلا نحن أنصار رسول الله ولا نحن يمن الايمان والحكمة ولا نحن أرق قلوبا ولا نحن ألين أفئدة ولا عاد لنفس الرحمن أثر فينا ولا نستحق مباركة رسول الله لنا ووا خجلاه  يوم نلقاه

السبت، 2 مارس 2019

الإنسان بين الحب والكراهية ؟!

الحب.. هذه الكلمة الساحرة ذات الظلال الرقيقة في النفس الإنسانية ، والإسلام اعترف بعاطفة الحب بأنها من أهم الدوافع الإنسانية والمحركات الفعالة في السلوك الفردي والجماعي.
الكره.. هو وقود الحقد المبني على أساس الخطيئة ، والتي يصاحبها عزلة واشمئزاز شديد ونفور وعداوة وعدم تعاطف وتجنب مقابلة ذلك الشخص المكروه.
لفظ " الكراهية " يستخدم للمبالغة في وصف شيء لا نطيقه أو لا يعجبنا بإجحاف أو حكم مسبق ، تعصب أو إدانة تجاه فئة أو طبقة أو مجموعة من الناس.
الحب والكراهية.. هل هما وجهان لعملة واحدة ؟؟ تمثل مشاعر الكراهية للكثيرين الوجه المناقض والمعاكس لمشاعر الحب.. إلا أن إمعان النظر والتدقيق في هذين الشعورين يكشف عن حالة التقارب العجيب والتشابه الفريد التي تجمع بينهما بشكل يكاد يجعل منهما وجهين لعملة واحدة.
من خلال تعاملي مع البشر وتواصلي مع الآخرين واحتكاكي بالأصدقاء وعملي مع الزملاء وقربي من الأهل والجيران.. تولدت لدي تساؤلات حياتية لم أجد لها إجابة.
لماذا نحن نجيد فقط التعبير عن الغضب والكراهية ؟؟
لماذا نجيد التفنن في التعبير عن الخصومات والمشادات الكلامية ؟؟
لماذا نجيد الكلام الجارح بامتياز دون احراج ؟؟
لكن على النقيض فيما يخص التعبير عن المشاعر الإيجابية والأحاسيس الجميلة أو الامتنان أو حتى الشكر فإننا نصاب بالإحراج والخوف والوجل والشلل الذهني المؤقت.
فهل هذه السلوكيات السلبية التي تصاحبنا ليل نهار هي نابعة عن ثقافة موروثة من جيل إلى جيل ؟؟ أم هو سلوك شخصي ينم عن سوء تربية في البيت والمدرسة والمجتمع .!!
والحل.. هو أن نصنع أيامنا بالحب ، ونتعامل بالحب ، ونجعل من أيامنا أيام حب للآخرين ، والبحث عن رياح الحب ، والابتعاد عن أشباح الكره.. ونجعل الحب في حياتنا أكثر من الكراهية ؟!

السبت، 16 فبراير 2019

دردشة على طريق التقريب المذهبي بقلم زيد المحبشي

شهد العالم العربي والإسلامي عقب الحرب العالمية الأولى العديد من المبادرات والمطارحات والمناظرات والمباحثات العلمية بين علماء السنة والشيعة، على أمل تسوية الخلافات السياسية والدينية بين المسلمين، حكاماً وشعوباً، فرقاً ومذاهب، وخلق صيغة روحية علمية، تعيد إحياء التسامح والحب والاحترام المتبادل في أوساط أمة الضاد، بعد قرون من الصراعات المذهبية المزرية والانقسامات الجاهلية المقيتة.
هذه الجهود الرائعة وإن لم يكتب لها النجاح، إلا أنها عكست رغبة إيمانية حقيقية لدى كبار علماء الفريقين حول ضرورة استمرار التواصل والتوافق على انتقاء المبادئ المتفق عليها، في كل فرقة إسلامية، وما أكثرها، والتخلي عما يسيئ عمله، من أي طرف كان، والاجماع على أن الاعتداد بشخصية الإمام علي بن أبي طالب بوصفه المثال الذي ينبغي الاحتذاء به، لا ينبغي أن يفضي إلى التعريض ببقية صحابة النبي أو أن ينتقص من أقدارهم..
في هذه الدردشة السريعة نقف لحظة تأمل مع إحدى تلك المبادرات الرائعة، ذكرها "إبراهيم الراوي – المتوفي سنة 1946" أحد كبار فقهاء السنة الشافعية ببغداد ضمنها كتابه الصادر عام 1930 تحت عنوان "داعي الرشاد إلى سبيل الاتحاد" لخص فيه حصيلة عامين من الحوار الراقي والمطارحة العلمية الهادفة مع العالم الشيعي "محمد مهدي السبزواري – المتوفي سنة 1931 " من أجل الوصول إلى نظرية متكاملة في تعامل أصحاب المذاهب الإسلامية بعضهم مع الأخر، ومما لفت انتباهي في تلك المساجلات، دعوة "السبزواري" إلى أهمية تبني علماء الأمة سنة وشيعة المشتركات، عبر ما أسماه:
1 – ترك التعصب الجاهلي الذي كان سبباً عظيماً للنفاق المؤدي إلى انحطاط المسلمين وتقهقرهم، وتأخرهم.
2 – ترك الطعن في صحابة الرسول والقدح فيهم.
3 – ترك المجادلات المذهبية والمكابرات الطائفية، فهي – برأيه – من بواعث اختلاف الكلمة والنزاع.
4 – رفع الأسماء التي أوجبت الاختلاف كالسني والشيعي والزيدي والوهابي، فإذا سُئل عن مذهبه يكتفي بالقول: "أنا مسلم"، وهذه الأسماء هي التي أوجبت – بنظره – الاختلاف في نظام أبناء الدين الواحد.
5 – عدم تعرض أحد المذاهب للمستحبات والمندوبات الواردة عند أصحاب المذهب الاخر، مثل: عدم تعرض الوهابيين للزيارات المستحبة لدى سائر المسلمين.
6 – احترام كل طائفة للطائفة الاخرى، وعم التمييز بين طائفة واخرى، فلا يفرق أحد أبناء الطوائف بين من يدين بمذهبه، وبين من يخالفه
.. بقلم زيد يحيى المحبشي

السنة الفرعونية بقلم زيد المحبشي

انشغل الحكام العرب في العقود الستة الماضية بالتفنن في صناعة الفتن الداخلية بتلاوينها، وصناعة الخصوم والخصومة، والاستمتاع بعراك ديوك السياسة، ظناً منهم، وبعض الظن إثم، أن هذه السُنّة الفرعونية ستحميهم وتحمي عروشهم من طوفان الجياع .. دون إدراك أو تنبه لحقيقة أن يكون الوطن للجميع من دون إقصاء أو تهميش أو تمييز .. اليوم ورغم مرور ثمان سنوات على ما يسمى بثورة الجياع .. ووصول حكام جُدد وأنظمة جديدة من جحور الربيع العربي أو العبري لا فرق .. ما الذي تغيّر؟! .. لا شيئ .. فالسنة الفرعونية ولله الحمد لا زالت محتفظة بقوامها ورشاقتها ومكانتها وليس هذا فحسب بل وصارت السيدة الأول مع مرتبة الشرف؟؟!!
ولله في خلقه نظر
.. زيد يحيى المحبشي

الأربعاء، 20 يونيو 2018

محاولة للتقريب المذهبي بقلم زيد المحبشي

دردشة على طريق التقارب المذهبي
شهد العالم العربي والإسلامي عقب الحرب العالمية الأولى العديد من المبادرات والمطارحات والمناظرات والمباحثات العلمية بين علماء السنة والشيعة، على أمل تسوية الخلافات السياسية والدينية بين المسلمين، حكاماً وشعوباً، فرقاً ومذاهب، وخلق صيغة روحية علمية، تعيد إحياء التسامح والحب والاحترام المتبادل في أوساط أمة الضاد، بعد قرون من الصراعات المذهبية المزرية والانقسامات الجاهلية المقيتة.
هذه الجهود الرائعة وإن لم يكتب لها النجاح، إلا أنها عكست رغبة إيمانية حقيقية لدى كبار علماء الفريقين حول ضرورة استمرار التواصل والتوافق على انتقاء المبادئ المتفق عليها، في كل فرقة إسلامية، وما أكثرها، والتخلي عما يسيئ عمله، من أي طرف كان، والاجماع على أن الاعتداد بشخصية الإمام علي بن أبي طالب بوصفه المثال الذي ينبغي الاحتذاء به، لا ينبغي أن يفضي إلى التعريض ببقية صحابة النبي أو أن ينتقص من أقدارهم..
في هذه الدردشة السريعة نقف لحظة تأمل مع إحدى تلك المبادرات الرائعة، ذكرها "إبراهيم الراوي – المتوفي سنة 1946" أحد كبار فقهاء السنة الشافعية ببغداد ضمنها كتابه الصادر عام 1930 تحت عنوان "داعي الرشاد إلى سبيل الاتحاد" لخص فيه حصيلة عامين من الحوار الراقي والمطارحة العلمية الهادفة مع العالم الشيعي "محمد مهدي السبزواري – المتوفي سنة 1931 " من أجل الوصول إلى نظرية متكاملة في تعامل أصحاب المذاهب الإسلامية بعضهم مع الأخر، ومما لفت انتباهي في تلك المساجلات، دعوة "السبزواري" إلى أهمية تبني علماء الأمة سنة وشيعة المشتركات، عبر ما أسماه:
1 – ترك التعصب الجاهلي الذي كان سبباً عظيماً للنفاق المؤدي إلى انحطاط المسلمين وتقهقرهم، وتأخرهم.
2 – ترك الطعن في صحابة الرسول والقدح فيهم.
3 – ترك المجادلات المذهبية والمكابرات الطائفية، فهي – برأيه – من بواعث اختلاف الكلمة والنزاع.
4 – رفع الأسماء التي أوجبت الاختلاف كالسني والشيعي والزيدي والوهابي، فإذا سُئل عن مذهبه يكتفي بالقول: "أنا مسلم"، وهذه الأسماء هي التي أوجبت – بنظره – الاختلاف في نظام أبناء الدين الواحد.
5 – عدم تعرض أحد المذاهب للمستحبات والمندوبات الواردة عند أصحاب المذهب الاخر، مثل: عدم تعرض الوهابيين للزيارات المستحبة لدى سائر المسلمين.
6 – احترام كل طائفة للطائفة الاخرى، وعم التمييز بين طائفة واخرى، فلا يفرق أحد أبناء الطوائف بين من يدين بمذهبه، وبين من يخالفه
.. كتب زيد يحيى المحبشي

الامام علي حروف مضيئة

حكم الناس خمس سنوات تحت شعار : "المال مال الأمة والفقراء مسؤولية الحكومة" ..
وكانوا عنده في الحق سواء، وخاطبهم: "إنما أنا رجل منكم، لي ما لكم، وعلي ما عليكم" ..
جاع مع شعبه، وعاش بين الفقراء، وضد الفقر، ومع المحرومين، وضد الحرمان، ومع الجماهير، وضد الطغيان ..
قاوم كل أشكال الظلم، والعنصرية، والاستحواذ، والفساد، والاستغلال، والاحتكار، والاستعباد ..
ورفض النصر بالجور، والحكم بالمخادعة، والاستقرار بالاستسلام ..
خاض أكثر من ستين حربا، ولم يكن لديه أي مانع من أن يقاتل جيشا كاملا، إذا تعدى هذا الجيش على مظلوم واحد حتى يأخذ حقه منهم ..
ذلكم لمن يعرفه شهيد المحراب الامام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه المقتول ظلما وهو خارج لأداء صلاة الفجر صبيحة التاسع عشر من شهر رمضان بمسجد كوفة العراق على يد أشقى الأشقياء عبدالرحمن بن ملجم ..
فأين نحن من سيرته وأين حكام صنعاء من نهجه؟؟؟؟؟
وكأني به سلام الله عليه صارخا بوجه من يحكمنا اليوم باسمه: "بؤسا لمن خصمه عند الله، الفقراء والمساكين .." .. متمتما: "اتقوا الله في عباده وبلاده فإنكم مسؤولون حتى عن البقاع والبهائم .." .
.. زيد يحيى المحبشي

معركة الحديدة قراءة في نقاط الضعف والقوة بقلم زيد المحبشي

أولا: أنصار الله:
* نقاط القوة: يستمدون قوتهم من الوحدة الصاروخية وهي كابوس مؤرق للطرف الآخر إلى جانب عدالة القضية التي يناضلون من أجلها والعقيدة القتالية والايمانية العالية
* نقاط الضعف:
غموض موقفهم من القضية التهامية وتجاهلها في أطاريحهم وأدبياتهم ..
التباينات المذهبية والفكرية والثقافية والسياسية مع المجتمع التهامي ..
اهمالهم عامل الفقر الطاغي في المجتمع التهامي وعدم التعاطي الجدي مع الحاجات المعيشية للناس هناك ..
إلقاء الخلافات والاشكاليات المتراكمة بين حركة الأنصار وحزب المؤتمر بظلالها على مجريات الأحداث بتهامة ..
الاستعانة بمقاتلين أغلبهم من خارج المحافظة ..
تواجدهم داخل مدينة مكتظة بالسكان كمدينة الحديدة مما يحد من حركتهم ومناورتهم ..
ترامي مساحة الساحل الغربي  وهشاشة الحماية البحرية ..
تواجدهم بمنطقة رخوة سهلة الاختراق ..
ثانيا: الشرعية:
* نقاط القوة: تستمد الجماعات المسلحة المنضوية تحت مظلة شرعية هادي قوتها من الغطاء الجوي الكثيف لطيران وبوارج التحالف والذي بدونه لا يمكنها فعل شيئ ولا تساوي شيئا ..
 نوعية المعدات العسكرية ..
المساندة العسكرية البرية والبحرية الكبيرة من دول التحالف وحلفائهم ..
الخدمات الاستخبارية الأميركية وحتى الإسرائيلية النوعية ..
الاستغلال القذر لعامل الفقر في المجتمع التهامي والتباينات المجتمعية والفكرية والمذهبية والسياسية والثقافية بين المجتمع التهامي وأنصار الله والتوظيف الاقذر للخلافات المتراكمة بين أنصار الله والمؤتمر .. ما جعل مما يجري في جانب منه مصبوغا بطابع ثأري لم تعد معالمه خافية على أحد ..
بسط التحالف نفوذه على كل جزر المحافظة والساحل الغربي سهل له سرعة الحركة والمباغتة والاسناد
* عوامل الضعف:
من القواعد العسكرية التي يجب وضعها بالحسبان أن الأرض دائما تحارب إلى جانب أصحابها ودول التحالف وإن ستروا عورتهم بشرعية هادي غزاة ومحتلين أتوا للبسط والاستيلاء ونهب الثروات والقتل ولا يعنيهم بالمطلق سوى تحقيق مصالحهم المتمثلة في الاحتلال بكل ما تحمله الكلمة من كوارث ومآسي وتصريحاتهم أكثر وضوحا من ابن جلاء ..
استعانة التحالف بمجاميع مسلحة يحركها المال فقط وليس العقيدة العسكرية ما يجعل منها سلاحا ذو حدين ..
اعتماد التحالف على سياسة الأرض المحروقة وعدم تقديمه أي نموذج مشجع في المناطق الواقعة تحت سيطرته بالجنوب على صعيد احترام كرامة اليمنيين وحريتهم واستقلالهم واحترامه سيادتهم والسماح لهم بإقامة دولة مؤسسات ذات سيادة في تلك المناطق وتشغيل الموانئ والمطارات ..
وكل هذا يؤكد بأن هؤلاء لم يأتوا لتحرير اليمن من ايران التي لا جود لها سوى في مخيلتهم للتدليس على البسطاء من عوام الناس بل أتوا للاحتلال وتحرير اليمن من أبنائها وفتح بلد جديد لا تزال أرضه البكر زخارة ومبشرة بخيرات كثيرة ..
وكلها عوامل ضعف قاتلة للتحالف ومواليه إن أحسن أنصار الله استغلالها وتوظيفها لصالح قضيتهم المحقة وقبل هذا مراجعة طريقتهم في الحكم والتعاطي مع حاجة الناس المعيشية ومراجعة طريقتهم في التعامل مع شركائهم السياسيين في صفوف مقاومة العدوان وفي المقدمة حزب المؤتمر ..
فهل يفعلونها أم أن وراء الأكمة ما ورائها؟؟!!!
.. بقلم زيد يحيى المحبشي

الأربعاء، 2 مايو 2018

نتن - ياهو "أبو النار" بقلم زيد المحبشي

نتن - ياهو "أبو النار"
"عيلوم" يلبس "الطاقية" على رأسه، كلما لزم الأمر، ويقف أمام حائط المبكى - عفواً حائط البراق قبل النكبة- مُديراً مؤخرته النتنة لكل قيم العالم.
ويمسح "بالطاقية" نفسها كلما لزم الأمر "حذائه" إذا ما أحس أن في تلميع الحذاء تلميعاً لصورته القبيحة في أي موقف وأي وقت.
جاء به "أرينز" من الولايات المتحدة الأميركية، حيث كان يعمل في بيع المفروشات ليدفئ اليمين الصهيوني، فلم يكتفي بفرش المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة المتبقية من ذكرى المرحومة "خارطة طريق اوسلو – 2" رحمة الله تغشاها، بل عمد إلى إخلاء البيوت المفروشة من ساكنيها في القدس زهرة المدائن..
يكذب كلما يتنفس .. لكنه اليوم بحسب بعض المراقبين المشاغبين، لا يستطيع التنفس بسهولة ..لأن هناك من يقطع أو يحاول أن يقطع عليه انفاسه بالحديث عن انتفاضة حق العودة لأصحاب الأرض الذين شردتهم أموال السعودية وقرارات الأمم الملتحدة الأميركية وخذلان الجامعة العبرية والمؤتمر الذي كان ذات يوم اسلامي
.. 

الجمعة، 6 أبريل 2018

حق العوده والسقوط الاسلوي بقلم زيد المحبشي

الكاتب : زيد يحيى المحبشي
 22 يوليو، 2009
حق العودة هو السلاح الآخر ضد أطروحات الوطن البديل والتوطين،كما أن المطالبة به كانت ولازالت تمثل الحجر الأساس والمركزي في بناء الثقة حسب اعتقاد “سيلفان شالوم” وهو ما يعني بداهة جدية الحسم الإسرائيلي لهذه المسألة والقائم على ركيزتين،
الأولى: المطالبة بتوطين اللاجئين الفلسطينيين حيث يقيمون أو يعيشون والمقصود هنا الأردن المتواجد على أرضه أكثر من مليون و700 ألف لاجئ يأتي بعدها مصر وسوريا ولبنان والعراق وربما أجزاء من شمال غرب العربية السعودية،
والثانية: مطالبة إسرائيل الدول العربية بتعويض اليهود الذين أُخرجوا منها عما لحقهم من اضطهاد وهي مقايضة من شأنها وضع اللبنة الأولى نحو المسار الصحيح لبناء الثقة.
الوجه الآخر لهذا السجال، هو إسقاط حق عودة أكثر من ستة ملايين لاجئ فلسطيني في الداخل والخارج إلى الأبد كونه يمثل حجر عثرة أمام مفاوضات السلام وأمام مساعي اليهود لإقامة دولتهم الخالصة وفقاً للمستجدات الميدانية المتمثلة في المستوطنات ما بعد نكبة 1967 تحديداً ولذا فهو في المنظور الإسرائيلي خطر حقيقي على حق الوجود اليهودي.
بنيامين نيتنياهو زعيم حزب الليكود المتطرف في مقولته المشهورة كان واضحاً أيضاً ” أيها الفلسطينيون ممنوع عليكم أن تكونوا حتى لاجئين”.
محمود عباس هو الآخر بعد 18 عاماً من المفاوضات المسدودة الأفق في حديث له نشرته هآرتس في 12 أيلول/ سبتمبر 2008
 بات مقتنعاً بعدم عقلانية عودة هذا الرقم “إذا أردتم دولة فلسطينية عليكم أن تنسوا العودة”.
وما بين الموقفين بدت الدلالات الصادرة من واشنطن وتل أبيب والمؤتمرات الإقليمية والدولية، وفي ظل حقيقة مفرزات سياسة “الغيتو” الإسرائيلية الدافعة إلى تهجير نحو 15 ألف فلسطيني سنوياً, مجمعة على إسقاط هذا الحق إذا ما أُريد التوصل إلى تسوية نهائية للصراع العربي الإسرائيلي ما يعني وجود إجماع بين كافة الأطراف بما فيها تلك الموقعة اتفاقات سلام مع إسرائيل على إبقاء الشعب الفلسطيني لاجئاً ما دام هناك من يرى بأن التجنيس لا يؤثر على التوطين، وبالتالي عدم استعداد بعض الأطراف الفلسطينية التخلي عن هويتها الخارجية وبروز تيارات خصوصاً في أراضي 1948 لا تتحرج من تحويل قضية حق العودة إلى حق للحصول على أوراق ثبوتية إسرائيلية؛ بمعنى الدفع نحو ربط حق العودة بحق إسرائيل في الوجود لا بالحق العربي التاريخي، وبالتالي سيرورته حق عودة فردي مشروط بالموافقة الإسرائيلية تمهيداً لشطبه نهائياً.
صحيفة “وطن” العربية الصادرة من أميركا أشارت في عدد 13 أيلول/ سبتمبر الماضي إلى وجود اتفاق بين السلطة الفلسطينية وحكومة الاحتلال يضم 12 بنداً أبرزها: التنازل عن عودة اللاجئين الذين أبعدوا في 1948 باستثناء السماح لعودة نحو 15- 20 ألف ممن تتراوح أعمارهم بين 60- 80 عاماً دون عائلاتهم شريطة أن يتم ذلك خلال عشر سنوات وهو ما ألمح إليه عباس في مقابلته مع “هآرتس” في إشارة إلى أن المطالبة بعودة الخمسة ملايين لاجئ سيؤدي إلى انهيار إسرائيل ما لم يتم التوصل إلى تسوية عقلانية فيما يتعلق بالعدد المسموح بعودته إلى أراضي 1948 وعودة من لم يسمح لهم إلى الضفة والقطاع مع الإشارة إلى توطين الآخرين في الدول التي تستوعبهم مقابل التعويضات المغرية المعروضة من قبل الإتحاد الأوربي والولايات المتحدة كون ذلك مما تضمنته المبادرة العربية والقرار ألأممي 194 لعام 1948وهو ما يضع قضية حق العودة على مفترق الطرق.

الخميس، 29 مارس 2018

شذرات من دفاتر الفارس النبيل الشهيد عبدالمطلب يحيى المحبشي

شذرات من دفاتر الفارس النبيل الشهيد عبدالمطلب يحيى المحبشي .. الجزء الثاني
* آلام البعاد:
ما أمر الفراق وأصعب الغربة عن الأهل والأصدقاء والخلان .. حتى وإن كانت الغربة داخل الأوطان .. فلا حياة تعيشها ولا سعادة تشعر بها .. كيف والبال مشغول بذكر الأهل والخلان .. كم يا عرب رحلت لعندهم وأقمت بينهم أيام بل أشهر والتقصير معي أبد ما حصل منهم .. عشت وكأني واحد منهم .. حبوني وغمروني بودهم وحبهم؛ وكثرت علي جمايلهم .. أحيان بطيبهم أنسى حبايبي وأهلي .. وحين أفرح معهم يعود قلبي ويحضن الجراح من جديد  .. وأقول: وين أنا من أهلي وربعي؟ ..
عاصفة من الإشتياق تعم صحراء قلبي .. فتحدث الأوجاع ولا تسمع إلا أنين وزفرات الفؤاد الذي يعاني آلام البعاد
* يا صاحبي أنصحك تراجع ملف الذكريات قبل ما تحوله على الإرشيف؛ فقد تلقى داخل الملف أشياء تفيدك في حياتك الجديدة
* المحبة كلمة جميلة قليلة الحروف لكنها كثيرة المعاني وعظيمة الأسرار
* فقدتك والزمن ما يرحم أوجاع الحزن ولا يداريها
فقدتك وإنكسر قلبي من الدنيا وما أدري كيف تاليها
فقدتك وإنطفى فرحي من الدنيا وما فيها
فقدتك أه لو تدري حياتي كيف أقضيها:
دايخ في زمن بايخ