Translate

السبت، 7 ديسمبر 2019

الانتخابات الرئاسية الجزائرية

تغيير تحت عباءة النظام

تقرير: زيد يحيى المحبشي
يستعد الجزائريون يوم الخميس 12 ديسمبر 2019 لانتخاب أول رئيس جمهورية بعد تسعة أشهر من الحراك الشعبي السلمي, وما رافقه من أزمات, في ظل تساؤلات مفتوحة عن مصير هذا البلد المكتوي بنيران الربيع العربي، ما بعد الانتخابات الرئاسية, وما إذا كانت هذه الانتخابات ستقود الجزائر إلى بر الأمان، أم إلى تعميق الأزمة وإطالة عمر نظام الرئيس المستقيل عبدالعزيز بوتفليقة، وتوسيع الهوة بين الشعب والدولة، خصوصاً وأننا أمام دولة عميقة ينفرد فيها الجيش بغرفة الأقدار وصناعة الرؤساء.
ودفعت رغبة الرئيس المستقيل عبدالعزيز بوتفليقة الترشح لولاية خامسة، كان مخططاً إجرائها في 18 أبريل 2019، إلى إثارة غضب الشارع الجزائري واندلاع الاحتجاجات الشعبية في 22 فبراير 2019 للمطالبة بإلغاء العهدة الخامسة وتنحي بوتفليقة ورحيل نظامه بكل رموزه، ما اضطره إلى تقديم استقالته في 2 أبريل 2019 ، وإلغاء انتخابات 18 أبريل، وتولي عبدالقادر بن صالح منصب رئيس الجمهورية مؤقتاً، تفعيلاً للمادة 102 من الدستور الجزائري التي تقضي بعزل الرئيس لأسباب صحية.
مع تولي الرئيس المؤقت تقرر إجراء انتخابات رئاسية في 4 يوليو 2019 ، لكنها تأجلت إلى 12 ديسمبر بسبب انعدام المترشحين.
وحينها كانت هناك جبهة أوسع تعارض إجراء انتخابات الرئاسة، في ظل وجود من يوصفون برموز نظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، وفي مقدمتهم الرئيس المؤقت عبد القادر بن صالح ورئيس الوزراء نور الدين بدوي، غير أن تدحرج الأحداث وتسارع وتيرتها وتخوف الجيش من انزلاق البلاد في مستنقع الحرب الأهلية، دفعه للضغط من أجل تعجيل الانتخابات، رغم رفض الحراك الشعبي لها واعتبارها ثورة مضادة لإعادة تخليق نظام بوتفليقة من جديد.
 وفي تقديرنا أن الانتخابات كإستحقاق ستنجح، خصوصا أن الجيش يرمي بكل ثقله فيها، بدافع الخوف من تداعيات الفراغ السياسي، لكن أن تكون هذه الانتخابات مدخلا لتغييرات جذرية في النظام وحلحلة فعلية لملفات الأزمات المتراكمة ومعالجة عملية للفساد المستشري، فالصورة لا تزال محاطة بالكثير من علامات الاستفهام، لما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع في الجزائر ما بعد 12 ديسمبر.
المراحل الانتخابية
26 أكتوبر 2019 إغلاق باب القبول لملفات المرشحين لمنصب رئيس الجمهورية.
2 نوفمبر 2019 إعلان السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات استيفاء ملفات 5 مرشحين لشروط الترشح للاقتراع الرئاسي من أصل 23 متقدم، ورفض ملفات 18 مرشح بسبب عدم استيفاء شرط جمع 50 ألف استمارة موقعة من طرف مواطنين مسجلين على القوائم الانتخابية، موزعة على 25 ولاية من أصل 48 ولاية في الجزائر.
ومن بين هؤلاء الوزير السابق عبد القادر ساحلي رئيس الحزب الوطني الجمهوري المقرب من السلطة، والذي دعم بوتفليقة حتى بعد بدء الحركة الاحتجاجية في 22 فبراير 2019 .
ويعطي القانون الجزائري للمرشحين المرفوضين حق الطعن في قرار السلطة لدى المجلس الدستوري المخول بإعلان القائمة النهائية للمرشحين خلال سبعة أيام من إعلان السلطة الوطنية المستقلة أسماء المستوفين للشروط.
9 نوفمبر 2019 مصادقة المجلس الدستوري على القائمة النهائية لمرشحي الرئاسة المرفوعة من السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، ورفضه طعون 9 مرشحين.
16 نوفمبر 2019 توقيع المرشحين الخمسة ميثاق أخلاقيات الممارسات الانتخابية.
17 نوفمبر - 9 ديسمبر 2019 الحملة الدعائية الانتخابية للمرشحين.
6 ديسمبر 2019 مناظرة تلفزيونية بين مرشحي الرئاسة الخمسة استعرضوا فيها برامجهم الانتخابية.
12 ديسمبر 2019 مشاركة نحو 24 مليونًا و 474 ألف و161 ناخبًا في الاقتراع السري لاختيار أول رئيس جمهورية بعد نجاح الاحتجاجات الشعبية في إبطال العهدة الخامسة لبوتفليقة وإجباره على الاستقالة، من بينهم  914 ألف و 308 ناخبين على مستوى المراكز الدبلوماسية والقنصلية بالخارج.
طريقة الاقتراع
تتم من خلال الاقتراع العام والمباشر، بمشاركة من يحق له الانتخاب، وفي حال لم يحصل أحد المرشحين على أغلبية الأصوات، فإن الناخبين يذهبون مرة أخرى إلى الدور الثاني، وهو المتوقع في الحالة الجزائرية بالنظر إلى ثقل وتقارب بعض المرشحين في الشعبية والنفوذ المستمد من مواقعهم الحكومية السابقة وقربهم من النظام السابق.
وتشرف السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات على كافة المراحل التنظيمية للانتخابات، وهي هيئة مستقلة عن وزارة الداخلية، بينما يقوم القضاة بمراقبة قوائم الناخبين، والمصادقة على محاضر فرز الأصوات والنتائج.
ورغم أن القضاة لم يكونوا جزءاً من الحراك الشعبي السلمي، فقد أضربوا بالتزامن مع مسيرات الحراك الشعبي اليومية، من أجل المطالبة بحقوق مهنية واجتماعية، ورفضاً لسيطرة السلطة التنفيذية على السلطة القضائية.
وكان عدد كبير من الناشطين والمتظاهرين قد علقوا آمالاً كبيرة على القضاة، بعد تهديدهم بعدم الإشراف على الانتخابات، أو تبرئة ساحة عدد من الناشطين والمثقفين الذين اعتقلوا بتهمة المساس "بالأمن العام وسلطة الدولة".
إلا أن الحكومة توصلت إلى اتفاق مع نقابة القضاة الوطنية، أنهوا بموجبه حركتهم الاحتجاجية، لكنهم خلفوا أيضاً صدمة كبيرة بين ناشطي الحراك السلمي.
أمنياً، تشرف وزارة الدفاع  وقيادة الجيش على تأمين كافة مراحل الانتخابات.
تأتي هذه الإجراءات التنظيمية والرقابية والأمنية من أجل ضمان نزاهة الانتخابات وضمان نجاحها وضمان مشاركة أكبر عدد ممكن من الجزائريين في عملية الاقتراع وضمان سلمية التحول.
فرسان السباق الرئاسي
يخوض 5 مرشحين سباق المنافسات الرئاسية، كلهم من الشخصيات المحسوبة على نظام بوتفليقة بعد امتناع الحراك السلمي والقوى القريبة منهم عن تسمية مرشح يمثلهم في السباق الرئاسي وإعلان مقاطعة عملية الاقتراع والتأكيد على استمرار المظاهرات والاحتجاجات المطالبة برحيل النظام بما فيها التوعد بالإضراب العام.
وكانت السلطة الوطنية المستقلة قد نظمت مناظرة تلفزيونية في 6 ديسمبر 2019 بين المرشحين، لأول مرة في تاريخ الانتخابات الرئاسية الجزائرية، من أهم مخرجاتها إجماع المرشحين على مباشرة إصلاحات في حال انتخابهم، ووضع دستور توافقي، في حين تمسك جلهم بثوابت السياسة الخارجية للبلاد، وفي مقدمتها عدم التدخل في شؤون الدول.
وخلال رد المرشحين على أسئلة الملف السياسي ظهر شبه إجماع على فتح ورشة تعديل الدستور مباشرة بعد الوصول إلى منصب الرئاسة، من خلال فتح حوار مع كافة الأطراف في الساحة، كما اتفقوا على اعتماد نظام شبه رئاسي، تكون فيه السلطة التنفيذية، برأسين: رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المنبثق عن الأغلبية البرلمانية.
وشكّل ملف السياسة الخارجية شبه تطابق في موافق المرشحين، حيث أعلنوا تمسكهم بثوابت سياسة البلاد، وهي عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، ورفض التدخل الخارجي ودعم حركات التحرر، وكذا التركيز على البعد الأفريقي والمغاربي لدبلوماسية البلاد.
وفي الشق الاقتصادي، تعهدوا بإعادة النظر في سياسة الدعم الاقتصادي للطبقات الهشة في البلاد، والمقدرة سنويا بنحو 17 مليار دولار بسبب استفادة أثرياء وأشخاص لا يستحقون هذا الدعم، كما تعهدوا بالعمل على الخروج من تبعية الاقتصاد لمداخيل النفط التي تمثل نحو 95% من عائدات البلد الخارجية، وذلك بإصلاحات في المؤسسات المصرفية، والنهوض بقطاعات مثل الفلاحة.
1 - عبدالمجيد تبون
سياسي وبرلماني ورئيس حكومة سابق، ومرشح مستقل، وأحد  أبرز المرشحين
من مواليد 17 نوفمبر 1945 ، المشرية، ولاية النعامة
تخرج من المدرسة الوطنية للإدارة اختصاص اقتصاد ومالية 1965 -  1969.
شغل عدة وظائف سياسية وبرلمانية ووزارية، أبرزها:
أمين عام لكل من ولايات أدرار، باتنة والمسيلة، ووالي لكل من ولايات الجلفة، أدرار، تيارت، وتيزي وزو 1975 - 1992 ، وزير منتدب بالجماعات المحلية 1991 – 1992، وزير الاتصال 1991 – 2000، وزير السكن والعمران 1999، 2001 – 2002 ، 2012 – 2014، مكلف بمهام وزير التجارة بالنيابة 2017، رئيساً للحكومة، أنهيت مهامه من طرف رئيس الجمهورية في 2017.
ورغم انتمائه للنظام بحكم المسؤوليات السياسية التي تولاها، يحاول تقديم نفسه كمعارض قديم لنظام بوتفليقة، نافياً أن يكون مرشح السلطة، ودافع بقوة عن خيار تنظيم الانتخابات، التي قال أنها كانت مطلب الحراك الشعبي في بدايته.
وفي مؤتمر صحفي عقب تقديم ملف ترشحه، وصف نفسه بالديمقراطي، وعبر عن رفضه خيار الفترة الانتقالية، موضحا أنه مع الالتزام بنصوص الدستور، ووعد بتقديم برنامج اجتماعي اقتصادي أخلاقي يقوم على المصالحة بين الجزائريين، ويسمح بانطلاقة مالية اقتصادية جديدة لجمهورية جديدة، وإعادة النظر في الدستور"  من أجل تشديد "الرقابة على السلطة" وتفادي "الحكم الفردي"، مؤكدا رفضه فكرة الجمهورية الثانية.
2 - علي بن فليس
سياسي وقانوني وقاضي ومحامي ومؤلف ووزير سابق للعدل ورئيس سابق للحكومة وأحد أبرز المرشحين.
من مواليد 8 سبتمبر 1944 بباتنة، في الأوراس، ينتمي لعائلة ثورية، فهو ابن شهيد وأخ شهيد فقدهما وهو لا يتجاوز سن الثالثة عشر.
حصل على الليسانس من كلية الحقوق الجزائرية في العام 1968
انخرط في السلك القضائي في 1967 وتقلد العديد من المناصب أهمها وزيراً للعدل في 1988واحتفظ بهذا المنصب خلال فترة ثلاث حكومات.
لمع اسمه في المجال السياسي في ديسمبر 1989 بانتخابه لعضوية اللجنة المركزية والمكتب السياسي لحزب جبهة التحرير الوطني، كما حظي بتزكية الحزب له في عضوية المكتب السياسي بإعادة انتخابه على التوالي في 1991 و 1996 و 1998 و 2000، وانتخابه أمينا عاما للحزب في 20 سبتمبر 2001 ، وأعيد انتخابه في مارس 2003، وفي أبريل 2004 أعلنت الجبهة عن عزمها ترشيحه لرئاسيات أبريل 2004 على الرغم من ميل ما يسمى بالحركة التصحيحية (جناح من الجبهة موال لبوتفليقة) إلى الرئيس الجزائري بوتفليقة، وقد جمد القضاء الجزائري نشاط الجبهة في 30 ديسمبر 2003.
تقلد فيما بعد على التوالي مناصب الأمين العام لرئاسة الجمهورية ومدير ديوان رئاسة الجمهورية، ورئيس الحكومة 1999 – 2000 ، 2002 - 2003.
توارى عن الأنظار بعد التزوير الفاضح في الانتخابات الرئاسية 2004 وانسحب من حزب جبهة التحرير الوطني، على إثر عدالة الليل التي حيكت ضده، ليعود من جديد بعد عشر سنوات قبيل الانتخابات الرئاسية 2014 بدعوة من أنصاره ومحبيه للترشح مرة أخرى للانتخابات الرئاسية، لكنه لم يفز، وكانت من أهم مطالبه التغيير والإصلاح السياسي واستقلالية القضاء، وانضم في السنوات الماضية إلى المعارضة.
في 21 ديسمبر 2014 أسس حزب طلائع الحريات، ويقوم هذا الحزب على فلسفة تثمين الحريات الفردية والجماعية لبناء دولة الحق والقانون.
وينظر لبن فليس على أنه "جزء من النظام السابق" وأنه أقرب لأحزاب المعارضة التقليدية، خاصة بعد رفضه للمرحلة الانتقالية، وقبوله دعوة الجيش للانتخابات.
وقال في تصريح له إن قرار ترشحه لم يكن سهلاً بالنظر إلى الظروف العصيبة التي تشهدها الجزائر، معتبراً أن الانتخابات إذا أجريت في ظروف ملائمة، يمكن أن تأتي بقيمة مضافة، وبإجراء التغيير المنشود بقيادة مؤسسات شرعية.
ومن أهم وعوده الانتخابية: سن دستور جديد وضمان استقلالية القضاء ودعم الحقوق والحريات، وإعادة الشرعية للمؤسسات من القمة إلى القاعدة، و"أخلقة" العمل السياسي، وتحرير العدالة.
3 - عزالدين ميهوبي
 سياسي وبرلماني وإعلامي وأديب وشاعر وروائي وقاص ومؤلف ووزير سابق للثقافة
من مواليد سنة 1959 بعين الخضراء (ولاية المسيلة)
 جده محمد الدراجي، من معيني الشيخ عبد الحميد بن باديس في جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، كان جده قاضياً أثناء الثورة التحريرية الجزائرية، ووالده جمال الدين من قدماء المجاهدين.
حاصل على بكالوريا آداب، ودبلوم تخصص في الإدارة العامة، ودبلوم في الدراسات العليا المتخصصة - فرع الاستراتيجيات، ودراسة متقطعة بالمدرسة الوطنية للفنون الجميلة ومعهد اللغة والأدب العربي بجامعة باتنة.
شغل العديد من المناصب الإعلامية والثقافية، أخرها وزيراً للثقافة 2015 – 2019، كما تم انتخابه لعضوية البرلمان عن حزب التجمع الوطني الديمقراطي 1997 – 2002، وهو عضو في المرصد الوطني لحقوق الإنسان (ممثلا للمجلس الدستوري) 2006،  واللجنة الوطنية لإصلاح العدالة 2001.
وهو أمين عام بالنيابة لحزب التجمع الوطني الديمقراطي، أحد الحزبين الرئيسيين للسلطة، إلى جانب جبهة التحرير الوطني، وأحد أعمدة التحالف الرئاسي الذي كان يدعم بوتفليقة، وتولى ميهوبي قيادة شريك جبهة التحرير الوطني في التحالف الحاكم بعد سجن الأمين العام السابق للتجمع الوطني "أحمد أويحيى" في قضايا فساد والجارية محاكمة حالياً.
من أهم وعوده الانتخابية: العمل من أجل احتواء الحراك الشعبي والاعتماد على الكفاءات فيه لبناء الدولة، وتقديم برنامج طموح قابل للتطبيق لتلبية كل حاجيات المواطنين، خاصة المستعجلة منها، وإصدار قرارات مستعجلة في حال فوزه بالرئاسة، مشددا على أن من بين أولوياته مكافحة الفساد، وضمان استقلال القضاء، ودعا إلى حوار بين مختلف القوى السياسية والمجتمعية لرأب الصدع بين الجزائريين، وتعهد بتعزيز وضع المؤسسة العسكرية في الدستور، مشيدا بأدائها في الفترة الأخيرة.
4 - عبدالقادر بن قرينة
 سياسي ونقابي ووزير ورئيس للبرلمان.
من مواليد عام 1962 بورقلة، في الجنوب.
شغل العديد من المناصب، أهمها: وزيرا للسياحة والصناعات التقليدية 1997، عضوية البرلمان لمدة 13 سنة، نائب رئيس البرلمان، عضو الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي، عضو مؤسس في مؤتمر الأحزاب العربية، أول رئيس اتحاد لخبراء السياحة العرب - عضو مؤسس، مديرا ولائي للتشغيل والتكوين بولاية تمنراست، رئيس حزب حركة العدالة والبناء الوطني، وهو حزب إسلامي ينتمي إليه رئيس المجلس الشعبي الوطني (الغرفة الأولى في البرلمان)، وكان أحد مؤسسي حركة مجتمع السلم (تيار الإخوان المسلمين) قبل أن ينشق عنها ويؤسس حركة البناء الوطني، وهي الحزبي الإسلامي الوحيد الذي يقرر خوض السباق الرئاسي، في ظل مقاطعة كل التيارات والأحزاب الإسلامية للانتخابات الرئاسية.
ويرفض وصفه بمرشح الإسلاميين، مؤكداً بأنه مرشح كل الجزائريين، وأنه يحمل برنامجاً سياسياً طموحاً يعيد بناء الدولة، ويؤسس للديمقراطية، ويمنح الجزائر دورها الإقليمي.
وأشار في مقابلة تلفزيونية أنه "سيكتسح" الانتخابات، رغم أنه ليس هناك حتى الآن مؤشرات حقيقية تدعم هذا الافتراض.
5 - عبد العزيز بلعيد
سياسي وبرلماني ونقابي، وهو الأقل شهرة بين المترشحين
من مواليد 16 يونيو 1963 ببلدية مروانة في ولاية باتن، حاصل على دكتوراه في الطب وليسانس في الحقوق.
تدرج في المنظمات الشبابية الموالية للسلطة، إلى أن أصبح رئيس حزب، وكان طيلة مسيرته، من بين من اعتمد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة على دعمهم في سنوات حكمه.
ناضل طوال مسيرته في حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم، قبل أن ينشق عنه لتأسيس حزب "جبهة المستقبل" المقرب من السلطة في فبراير 2012، حيث انظم لجبهة التحرير في 1986، وأصبح في ما بعد أصغر عضو في اللجنة المركزية للحزب وعمره 23 سنة فقط.
انتخب نائباً بالمجلس بالبرلمان لعهدتين متتاليتين 1997 و2007.
وهو أصغر مترشح لرئاسة الجزائر في انتخابات 2014.
جدلية التأييد والمقاطعة
يشهد الشارع الجزائري انقساماً حاداً بين مؤيد ومعارض ومقاطع للانتخابات الرئاسية، فالمؤيدين يصرون على ضرورة اجراء الانتخابات في وقتها من أجل اختيار رئيس جمهورية ينفذ مطالب الإصلاح التي ينادي بها الشارع وتفاديا لخروج الأزمة عن السيطرة والوقوع في المحظور، بينما يرى المعارضين ضرورة تأجيلها بدعوى أن "الظروف غير مواتية لإجرائها في هذا التاريخ" وأنها طريقة فقط لتجديد نظام الرئيس المستقيل عبدالعزيز بوتفليقة وبالتالي تعميق الأزمة.
وفي مواجهة الحراك الشعبي المستمر، حذر الرئيس الجزائري المؤقت عبد القادر بن صالح وقائد أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح رافضي الانتخابات من أن القانون سيُطبق بصرامة على من يتورط في تعطيلها، لأن غالبية الشعب مع تنظيمها، حسب قولهما، بينما يتوعد الحراك والقوى القريبة منه بمقاطعة شعبية صادمة لعملية الاقتراع وتصعيد الاحتجاجات حتى رحيل كامل النظام.
1– المؤيدين والداعمين
أ – قيادة الجيش: منذ اليوم الأول لاستقالة الرئيس الجزائر عبدالعزيز بوتفليقة، لم تخفي المؤسسة العسكرية رغبتها بتعجيل الانتخابات، خوفاً من حدوث أي عملية انتقالية خارج إطار الدستور، قد تدفع بالبلاد إلى ما لا يُحمد عُقباه، وبحسب رئيس أركان الجيش ورجل الجزائر القوي "أحمد قايد صالح"، فقرار الانتخابات، لا رجعة عنه، لأنها: استكمال لتطبيق المادة 102 من الدستور، والبديل لأي مبادرات أخرى يمكن أن تعرض أمن الجزائر للخطر.
ومعروف أن الجيش من يصنع الرؤساء في الجزائر منذ الاستقلال عن الاستعمار الفرنسي ولا يمكن صعود أي مرشح لرئاسة الدولة ما لم يحظى بمباركة الجيش.
ب – الحكومة: هي الأخرى ترى في الانتخابات الرئاسية المفتاح الوحيد لحل الأزمة التي فجرتها رغبة بوتفليقة في الترشح لفترة خامسة، والحل الوحيد الذي يكرس الخيار الدستوري، لضمان الخروج من الفراغ السياسي المؤسساتي الذي تعيشه البلاد، وكما هو موقف الجيش، تفضل الحكومة المرور بالاقتراع بديلاً عن ألغام وأفخاخ وكوارث المرحلة الانتقالية.
ويتهم شباب الحراك رئيس الحكومة بتزوير انتخابات سابقة، ما يشكك في نزاهة الانتخابات الحالية.
ج – الأحزاب الخارجة من عباءة النظام السابق.
2 - الرافضين والمقاطعين
أ – الحراك الثوري الشعبي السلمي: يصر على ضرورة رحيل رموز نظام بوتفليقة بما فيهم قائد الجيش ورئيس الحكومة والرئيس المؤقت، وإقامة مؤسسات انتقالية قبل إجراء أي انتخابات رئاسية، ويرى في الانتخابات الحالية، محاولة بائسة لتكريس الثورة المضادة وإعادة إنتاج النظام السابق ورموزه.
ويطالب ناشطو الحراك بتغيير جذري في أعلى هرم السلطة كي تصبح الانتخابات حلا للأزمة وليس مشكلاً آخر يزيد الهوة بين السلطة والشعب، وهذا لا يمكن حدوثه ما لم تكن هناك مرحلة انتقالية حقيقية لا يشارك فيها أي من رموز النظام السابق ومسؤوليه، ثم يُصار بعدها إلى إجراء انتخابات تشرف عليها سلطة تنفيذية مستقلة، تنبثق عن حوار شامل مع كل قوى المجتمع، ويتوعدون بمقاطعة تاريخية للانتخابات الحالية، خاصة في منطقة القبائل.
ب - حركة مجتمع السلم: وهي من القوى السياسية المشاركة في "التحالف الرئاسي" الداعمة لبوتفليقة، قبل انسحابها منه في 2012.
ج – الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية باستثناء حركة البناء الوطني: تمسكا منها بمواقفها الرافضة لتنظيم هذا الاستحقاق في ظل الظروف السياسية الراهنة، منها جبهة العدالة والتنمية الإسلامية التي يرأسها عبدالله جاب الله.
د - الحزب الديمقراطي الاجتماعي: أسسه كريم طابو أحد المسئولين السابقين في جبهة القوى الاشتراكية المعارضة.
هـ - عدد من الشخصيات السياسية، أبرزهم: رئيس الحكومة السابق مولود حمروش، وهو من الشخصيات الإصلاحية في جبهة التحرير الوطني، وكان قد رفض دعوات شعبية تطالبه بالترشح، مشككاً في أن تؤدي إلى حل جذري للأزمة التي تمر بها الجزائر.
و – حزب جبهة التحرير الوطني: وهي الحزب الحاكم والمهيمن على الحياة السياسية قبل رحيل بوتفليقة، على عكس شريكه السابق في الحكم، التجمع الوطني الديمقراطي، وكان القيادي في جبهة التحرير عبدالوهاب بن زعيم، قد صرح في  أواخر الشهر الماضي أن الحزب لن يقدم أي مرشح عنه لانتخابات الرئاسة، لكن يمكن أن يساند أحد المترشحين بعد أن يدرس برنامجه.

قرية جبل المحبشي








































قرية وعزلة تقع جنوب مدينة المحابشة بمحافظة حجة، تنسب للأمير نهشل المحبشي أحد أمراء الاقطاع في القرن التاسع الهجري وكانت مقرا للأمير أحمد بن ناصر   بن علي بن زيد المحبشي أحد أعيان أواخر القرن العاشر الهجري ..

 يبلغ تعداد سكانها 1705 نسمة حسب تعداد اليمن لعام 2004؛ الذكور 892؛ والإناث 813؛ وعدد الأسر 223 ؛ عدد المساكن 134 بحسب إحصاء عام 2004

وهي قرية صغيرة قديمة، تمتاز بطابعها المعماري، حيث البيوت والحصون المتتابعة والمتراصة على شكل سلسلة، تقع على قمة جبل صخري، مكونة فيما بينها صورة فنية غاية في الجمال والإبداع، تشبه إلى حد كبير جناحي طائر محلِّق فوق سماء مدينة المحابشة.

ويوجد بها الكثير من المدافن الأرضية المحفورة في الصخور الرسوبية على شكل غرف متداخلة كانت تستخدم لتخزين الحبوب؛ وكذا كهف أو حود - التسمية المحلية – بني زيد وهو جرف أرضي غائر؛ له منفذان، الأول يقع في وسط القرية والثاني يقع فوق منطقة تسمى الهرناعة الواقعة نهاية وادي نخبان إلى الجنوب من جبل المحبشي، وعلى امتداد نحو 500 متر، وبداخله العديد من البرك والغرف والتماثيل القديمة والمنزلقات الغائرة تحت الأرض باعماق تتراوح بين 25 - 50 متر، ذات تفرعات متاهية؛ ومن الشائعات المتداولة بين الأهالي أنه كان قرية عامرة لجماعة بشرية جحدوا نعمتهم فخسف الله بهم الأرض ليكونوا عبرة لغيرهم من الأمم؛ والمرجح أنه تكوين طبيعي .

يذكر أن وزارة السياحة كانت قد أرسلت في تسعينيات القرن الماضي موفداً للاطلاع على هذا المعلم التاريخي والأثري الهام وهي مبادرة يتيمة سرعان ما تبخرت ..

كما يوجد بها مسجد أثري يعتقد بأنه يعود الى القرن الخامس الهجري يسمى مسجد الفارسي وبها خرائب مندثرة لقرى عامرة تعود للعصر الوسيط بمنطقة المدارمة وبركة أثرية تعود للقرن الحادي عشر الهجري تسمى بركة السيد

ويشكل بيت المحبشي نحو 85 بالمئة من سكان القرية والبقية من بيوت آل المحطوري وآل المدومي وآل المعمري وآل أبو هادي وآل الشيبة وآل شرجة وآل الشمري وآل الرحبي وآل الاهنومي


الأربعاء، 27 نوفمبر 2019

30 نوفمبر عيد الجلاء للاستعمار البريطاني من عدن

يقلم  زيد يحيى المحبشي
يعود اهتمام الاستعمار البريطاني باليمن إلى القرن السابع عشر الميلاد عندما حاول احتلال جزيرة ميون الواقعة في مدخل باب المندب، ودافعهم الموقع الاستراتيجي لليمن، وتحديداً عدن وسقطرى وباب المندب، وتحكم اليمن في طريق الملاحة البحرية بين الشرق والغرب، ناهيك عن الأهمية الجيوسياسية، المتيحة للاستعمار البريطاني، التحكم بمستعمراته في شرق وجنوب أفريقيا وغرب وجنوب آسيا إنطلاقاً من عدن، أضف لذلك الأطماع البريطانية في الثروات الزاخرة بها بلاد اليمن.
وفي التاسع عشر من كانون الثاني/ يناير1839 تمكن الاحتلال البريطاني عملياً من وضع اللبنة الأولى لمخططاته باحتلال مدينة عدن، وعلى الرغم من المقاومة اليمنية الباسلة للغزاة، فقد تمكنت بريطانيا مع مرور السنين من تكبيل العديد من السلطنات المجاورة لعدن، باتفاقات مختلفة وتسميات عدة، هدفت من ورائها إلى إحكام القبضة على كامل المناطق الجنوبية والشرقية من اليمن، وفي 1 أبريل 1937 كبل الاستعمار الانجليزي المحميات الشرقية ومستعمرة عدن، بعد فصلها عن بومباي وإلحاقها بوزارة المستعمرات البريطانية.
المتغيرات العالمية التي استجدت ما بين الحربين العالميتين وبداية انهيار النظام الاستعماري فيما بعد الحرب العالمية الثانية وظهور المنظومة الاشتراكية وتعاظم مد حركة التحرر الوطني وجلاء القواعد العسكرية البريطانية من أكثر البلدان المستعمرة، جعل أنظار البريطانيين ترنو إلى عدن كمركز مستقبلي، لقيادات قواتهم المسلحة المختلفة في المشرق العربي ولحماية مصالحهم في المنطقة عامة، فشرعوا بإدخال بعض التطورات التي من شأنها مواكبة هذه المتطلبات، من قبيل تشجيع نمو "برجوازية كمبرادورية" طفيلية مرتبطة بالمصالح البريطانية، وإقامة عدد من المشاريع الاقتصادية الهامشية، فشجعت زراعة القطن في أبين 1947 ولحج في 1954 وزراعة الفواكه الأوربية، وبناء مصفاة عدن في عام 1954 وقيام شبكة واسعة من مشاريع البناء، لتلبية احتياجات القوات البريطانية في عدن، وفتح أبواب الهجرة الأجنبية اليها، ومحاربة العنصر الوطني، بغرض التهيئة لهندسة مشاريع سياسية مستقبلية للمنطقة مرتبطة بالاستعمار البريطاني، مثل: الحكم الذاتي لعدن، إتحاد الجنوب العربي، الحكومة الانتقالية.
حرصت السياسة الانجليزية في المناطق اليمنية المحتلة في طابعها العام على تمزيق الوحدة اليمنية والنسيج اليمن, وتعميق اليأس في أوساط أبناء الشعب اليمني من عودة التحام جسدهم الواحد, في وقت تجزأ فيه اليمن إلى ثلاثة أجزاء هي الانجليز والأدارسة والإمامة؛ في حين كانت عناوين السياسة الاستعمارية واحدة في معانيها ومبانيها منذ عام 1839 بدءاً بسياسة "فرق تسد" ومروراً بسياسة معاهدات واتفاقيات الحماية وانتهاءاً بسياسة التقدم نحو الأمام وإعمال نظام الانتداب والاستشارة، تبعاً لمقتضيات التجزئة ومتطلبات كبح جماح نمو الوعي الوطني، الواصلة ذروتها في 1959 بإنشاء اتحاد الجنوب العربي، بدعم وتواطؤ رابطة أبناء الجنوب والجمعية العدنية, أملاً في تمديد سيطرة الاستعمار السياسية والعسكرية على المنطقة أكبر مدة ممكنة.
وتكمن خطورة ذلك في توجه الاستعمار منذ بداية عام 1934 إلى سلخ هوية الأجزاء الجنوبية والشرقية من اليمن، عن هويتها التاريخية والجغرافية، عبر تغليب الثقافات والهويات المحلية وتغذية النزعات الانفصالية وتعميق هوة الخلافات والصراعات البينية, لضمان طمس الثقافة والهوية الوطنية اليمنية وتكبيل ووأد أي هبة شعبية تحررية.
ومع إطلالة العام 1952 بدأ الانجليز بترجمة سياستهم الجديدة عبر الترويج لإقامة كيانين اتحاديين فيدراليين حسب التقسيم الإداري في الإمارات ومستعمرة عدن وتوحيدها في دولة جديدة تسمى "دولة الجنوب العربي الاتحادية"، على أن تبقى مستعمرة عدن خارج الاتحاد, وفي 1954 قدموا وجهة نظرهم بشأن الاتحاد الفيدرالي وإدارته، على أن تتكون من المندوب السامي, وتكون له رئاسة الاتحاد والعلاقات الخارجية والقرار الأول في حالة الطوارئ, ومجلس رؤساء يضم رؤساء البلاد الداخلية في الاتحاد, ومجلس تنفيذي وآخر تشريعي، وفي 19 شباط/ فبراير 1959 أُعلن رسمياً عن قيام اتحاد إمارات الجنوب العربي.
حدث إعلان دولة الجنوب العربي المزيف والمجافي للحقائق التاريخية والسياسية والاجتماعية والثقافية، لم يشذ عن مخطط تدجين الهوية الوطنية لصالح الهوية المحلية المصطنعة, وتعميق الهوة بين علاقات أبناء هذه المناطق وهويتهم الوطنية الأم, وتعميق النزعة الانفصالية التي وجدت في الجمعية العدنية ورابطة أبناء الجنوب العربي ضالتها المنشودة على أمل الحلول مكان الاستعمار بعد رحيله لتنفيذ مخططاته.
والحقيقة أن الاستعمار وجد حينها أن قوة وجوده واستمراره ومقومات أمانه متوقفة على تجزئة المجتمع اليمني واغراقه في الخلافات والصراعات البينية، لأنها ستبقى إذا اُضّطر للرحيل, وذلك ما نجد دلالته في قراءة "انجرامز" لمستقبل اليمن بعد زوال الوجود المصري والبريطاني: "سيبقى [اليمن] على عادته القديمة في الانقسام، لأن طبيعة الأثرة والفردية عند العرب كفيلة بذلك, ولأن لهفتهم للفوز بالمغانم المادية"
وهو ما بدى واضحا في تباين وجهات نظر رفاق الكفاح المسلح واختلاف صفوفهم ووصولهم الى مرحلة الصدام الدامي في أكثر من مرة، خلال مرحلة النضال لنيل الحرية والاستقلال، وما بعد نيل الحرية والاستقلال للأسف الشديد، كما أن ما نراه اليوم بالمحافظات الجنوبية والشرقية مجرد صدى واجترار ممجوج لأثار تلك الحقبة المظلمة من تاريخ اليمن.
وسنكتفي في هذا التقرير بإيجاز أهم المحطات التاريخية لتفاعلات ومخاضات الكفاح المسلح ضد الاستعمار البريطاني وما رافقه من تباينات في أوساط رفاق النضال والكفاح المسلح:
1832 احتل البريطانيون ميناء عدن، نظراً لموقعه الهام بالقرب من خليج عدن، وأنشئوه كمستعمرةٍ بريطانية.
 19 يناير1839 سيطر البريطانيين على مدينة عدن، حيث قامت شركة الهند الشرقية بإرسال مشاة البحرية الملكية إلى شواطئ المدينة، وكانت تحكم كجزء من الهند البريطانية إلى سنة 1937 عندما أصبحت مستعمرة بحد ذاتها تابعة للتاج البريطاني.
25 أبريل 1958 اضطرابات عامة في عدن، من أهم أسبابها الغلاء وتدفق الهجرة الأجنبية الى عدن بتشجيع من الاستعمار البريطاني.
11 فبراير 1959 إعلان بريطانيا رسميا عن قيام اتحاد إمارات الجنوب العربي، ضم في البداية 6 إمارات من إمارات محميات عدن البالغ عددها 20 إمارة مع تخلف سلطنة لحج، وهي مجموعة من القبائل المتنافرة والمتناحرة، وكان هدف الاستعمار البريطاني من هذه الخطوة تصفية قضية تحرير جنوب اليمن، وإبقاء عدن قاعدة عسكرية إستراتيجية لبريطانيا، واستغلال الاتحاد لتهديد شمال اليمن، والضغط على السلطات الجنوبية للحصول على المزيد من التنازلات للمستعمر في الجنوب، وجعل الاتحاد قاعدة متقدمة لضرب الحركات التحررية العربية، وقمع أية انتفاضة شعبية وطنية.
1954 – 1960 معارك الرابطة ضد الاستعمار في الجنوب، واستشهد أحد مناضليها أثناء مطاردة الإنجليز له وهو هارب الى شمال الوطن بتقلب سيارته في منطقة الحدود.
24 سبتمبر 1962 مسيرة كبرى في كريتر، سميت بمسيرة الزحف المقدس ضد الاستعمار، وضد دمج عدن في الإتحاد الفدرالي، وسقوط ضحايا، وفتاة عدنية تنزل علم الإتحاد.
23 فبراير 1963 تشكيل جبهة التحرير "الأولى"، جبهة تحرير الجنوب اليمني المحتل، في مؤتمر لمناضلي الجنوب بكل فئاتهم في صنعاء، وصدور ميثاقها ونشرة خاصة بها.
19 أغسطس 1963 الإعلان عن تشكيل الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن، إنقلابا على جبهة التحرير، بتغيير الإسم دون مؤتمر، وحضور 10 أفراد فقط من حركة القوميين العرب، ويكون الإسم: الجبهة القومية لتحرير "جنوب اليمن"، بدلاً من "الجنوب اليمني" وتكونت الجبهة من اندماج 7 فصائل سرية.
14 أكتوبر 1963 انطلاق الشرارة الأولى للثورة ضد الاستعمار البريطاني، من جبال ردفان، بقيادة عضو جبهة التحرير راجح غالب لبوزة، الذي أستشهد مع مغيب شمس هذا اليوم، ومنذ اليوم الأول لانطلق ثورة التحرير، شنت سلطات الاستعمار البريطاني حملات عسكرية غاشمة ضد قبائل ردفان، استمرت 6 أشهر، اعتمد فيها العدو على إستراتيجية "الأرض المحروقة"، وخلفت كارثة إنسانية فضيعة جعلت أحد أعضاء مجلس العموم البريطاني يدين تلك الأعمال اللا إنسانية.
اندلاع الثورة من ردفان هي البداية لمرحلة الكفاح المسلح، الذي استمر ملتهبا طيلة أربع سنوات كاملة (1963 - 1967) إلى أن انتهى باستقلال الشطر الجنوبي من اليمن في 30 نوفمبر 1967، وفي الثمانية الأشهر الأولى من عام 1964، اضطرت بريطانيا إلى القيام بعمليات حربية كبيرة ضد الثوار، عُرِّفت بعضها في الوثائق البريطانية بعمليات "نتكراركر" و"رستم" و"ردفورس"، وكانت تلك المعارك بالفعل أكبر معارك بريطانيا خلال حرب التحرير، فقد اشترك فيها آلاف الجنود واستخدمت فيها مختلف أنواع الأسلحة الثقيلة، كما أن الصحافة البريطانية أصبحت تسمي ثوار ردفان بـ"الذئاب الحمر".
10 ديسمبر 1963 عضو الحركة العمالية بعدن "خليفة عبدالله حسن خليفة" يلقي قنبلة في مطار، عدن تصيب المندوب السامي البريطاني "كنيدي ترافيسكس"، وتقتل نائبه "جورج هندرسن" وتجرح 53 من كبار موظفي الانجليز، فيقص بذلك شريط الكفاح المسلح في عدن، وكانت هذه العملية الفدائية، هي البداية لانتقال الكفاح المسلح من الريف الى المدينة.
4 يوليو 1964 تشكيل جبهة تحرير الجنوب اليمني، بعد حوار مستفيض بمقر الجامعة العربية بالقاهرة، وإعلانها الكفاح المسلح وبد عملياتها، وكان قيامها نتيجة قناعة توصل اليها أطراف تمثل الجبهة القومية وأطراف تمثل منظمة التحرير وكان يرأس منظمة التحرير حينها عبدالله الأصنج.
أغسطس 1964 أول عملية إطلاق رصاص للجبهة القومية في عدن.
22 –  25 يوليو 1965 انعقاد المؤتمر الأول للجبهة القومية، تم فيه إقرار الميثاق الوطني للجبهة.
سبتمبر 1965 فشل الجبهة القومية في عملية "حافون" بالمعلا، وتوقفها عن النشاط، بينما تواصل جبهة التحرير عملياتها العسكرية.
2 أكتوبر 1965 إعلان بريطانيا عزمها البقاء في عدن حتى عام 1967، وانتفاضة شعبية عنيفة ضدها بعدن، تسفر عن خسائر بشرية ومادية كبيرة.
13 يناير 1966 إعلان قيام جبهة تحرير الجنوب اليمني "الثانية"، نتيجة اندماج بين منظمة تحرير الجنوب المحتل والجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني، بموجب اتفاق، تم التوقيع عليه بتعز تحت رعاية الحكومة المصرية، إلا أن الجبهة القومية عادة وأعلنت انفصالها عن جبهة التحرير، والقوميين يرفضون التوحيد والتوقف عن الكفاح المسلح والعمليات "المتوقفة أصلا" بعد عملية "حافون"، لتعود من جديد إلى العمل السياسي والكفاح المسلح بمفردها تحت اسمها السابق الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني في نوفمبر 1966.
14 فبراير 1966 الجبهة القومية تقص شريط الاغتيالات السياسية، باغتيال الزعيم العمالي بعدن "علي حسين القاضي".
22 فبراير 1966 الخارجية البريطانية تصدر الكتاب الأبيض، الذي أعلن رسميا عن قرار بريطانيا القاضي بمنح عدن والمحميات الجنوبية والشرقية الاستقلال مطلع 1968.
13 مايو 1966 حكومة اتحاد الجنوب العربي، تعلن اعترافها بقرار اتخذته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 1965 أكدت فيه حق الشعب اليمني في الجنوب في تقرير مصيره.
مايو 1966 مؤتمر جبلة، بعد الدمج بين الجبهة القومية وجبهة التحرير مباشرة، انسحبت مجاميع من الجيش الوطني التابع للجبهة القومية في كلٍ من الضالع وردفان والشعب والحواشب والصبيحة والواحدي ويافع، وانضمت إلى جبهة التحرير، وبدأت هذه المجاميع تنتقد أساليب بعض قادة الجبهة القومية وتصرفاتهم.
يوليو 1966 تشكيل التنظيم الشعبي للقوى الثورية، من المنتفضين على الجبهة القومية، ومن قطاعات شعبية واسعة، بأسلوب تعبئة عامة مفتوحة وبد عملياتها.
8 أغسطس 1966 اتفاقية الإسكندرية نتيجة الصراع بين بعض أطراف الجبهة القومية في داخل جبهة التحرير وخارجها، وكمحاولة لتجسيد اللقاء بين الأطراف الوطنية الممثلة في الجبهة القومية وجبهة التحرير، واقتضى الاتفاق إنهاء انفصال الجبهة القومية وإعادة الوحدة وتوقيع قادتها على ذلك.
14 أكتوبر 1966 انقلاب الجبهة القومية على اتفاق الإسكندرية.
نوفمبر 1966 المؤتمر الثالث للجبهة القومية وإعلان الانفصال من جديد في قرية "حُمر" في إب وتأكيد مواصلة الكفاح المسلح، ومن أهم قراراته انسحاب الجبهة القومية من جبهة التحرير، وإعادة تنظيم الجبهة القومية كتنظيم منفصل، ورفض اتفاقية الإسكندرية.
يناير 1967  مسيرة جماهيرية للجبهة القومية بنعوش ملفوفة بالأعلام البريطانية.
فبراير 1967 فدائيو حرب التحرير ينفذون عدة عمليات ضد مواقع وتجمعات الاحتلال في الشيخ عثمان وظهور أهم شخصية في الجبهة القومية في مؤتمر صحفي علني في أبين دون تعرض قوات الاحتلال له ومظاهرات عارمة في عدن، في 11 فبراير للمطالبة بمقاطعة الاحتفالات، بالذكرى الثانية لقيام اتحاد الجنوب العربي الموالي للاحتلال، وتجددت المظاهرات الشعبية المعادية للاحتلال بعدن في 15 فبراير، حاملين على أكتافهم جنازة رمزية للشهيد مهيوب علي غالب "عبود"، احد شهداء انتفاضة السيخ عثمان، كما حفل شهر فبراير بسلسلة من الاغتيالات السياسية في أوساط الفصائل الجنوبية المناهضة للعدوان، وسط اتهامات متبادلة بين منظمة التحرير والجبهة القومية والرابطة الجنوبية.
1 مارس 1967 إطلاق قوات الاحتلال النار على المتظاهرين بعدن، انتقاما لمقتل امرأة بريطانية بسبب انفجار قنبلة.
8 مارس 1967 إصدار الجامعة العربية قراراً تشجب فيه التواجد البريطاني في جنوب اليمن.
2 أبريل 1967 إضراب عام شل كافة أجهزة العمل في مدينة عدن، دعت إليه الجبهة القومية وجبهة التحرير في وقت واحد.
3 أبريل 1967 فدائيو حرب التحرير ينفذون عدة عمليات عسكرية ناجحة ضد مواقع وتجمعات المستعمر البريطاني في مدينة الشيخ عثمان بعدن، كبدوا خلالها القوات الاستعمارية خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، وسقط خلالها عدد من الشهداء في صفوف الفدائيين.
مايو - يونيو 1967 محادثات الوحدة الوطنية "الأولى" بين الجبهة القومية وجبهة التحرير بالقاهرة، ركزت على إعادة تشكيل الجبهة المتحدة الوطنية، على أساس جبهوي، أي أن أداة الثورة تظل جبهة التحرير، وتوحد قيادة الجبهتين، وتظل كل جبهة محتفظة بتنظيمها الخاص، وتوزيع نسب التمثيل بالقيادة بواقع الثلثان لجبهة التحرير والثلث للجبهة القومية.
وتبعها جولة ثانية من المحادثات استجابة لنداء علماء الدين والشعب وعدد من الشخصيات الوطنية، المطالبة بانهاء الاقتتال الأهلي بين الجبهتين، وضرورة توحيد القوى الوطنية، كون المستفيد الوحيد من الشقاق بينهما هو الاستعمار.
يونيو 1967 هزيمة العرب في حرب حزيران 1967 مع الكيان الصهيوني، وكتيبتان من جيش التحرير من أبناء عدن والجنوب تستشهدان بالكامل في سيناء
20 يونيو 1967 تمكن الفدائيون من السيطرة على مدينة كريتر لمدة أسبوعين.
21 يونيو 1967  ثوار الجبهة القومية يسيطرون على عاصمة إمارة الضالع ومعهم آلاف المواطنين الذين دخلوها في مسيرة حافلة يتقدمهم "علي احمد ناصر عنتر".
يوليو 1967 انقلاب الجبهة القومية من جديد على الجبهة الوطنية المتحدة.
يوليو 1967  التنظيم الشعبي وجبهة التحرير يقصفون مواقع الجبهة القومية في دار سعد ويخرجونها منها.
أغسطس 1967 تأهب الجبهة القومية والإنجليز والجيش الموالي لتصفية فدائيي التنظيم الشعبي وجبهة التحرير.
12 أغسطس 1967 الجبهة القومية تسيطر على مشيخة المفلحي، بعد أن زحفت عليها، بمظاهرة كبيرة شارك فيها أبناء القرى والمناطق المحيطة بالمشيخة، وتوالى بعد ذلك سقوط السلطنات والمشيخات بيد الجبهة.
17 سبتمبر 1967 الجبهة القومية تسيطر على السلطنة القعيطية، التي كانت تسيطر على ساحل حضرموت وبعض مناطق وادي حضرموت.
سبتمبر 1967 أخر اتفاق مع الجبهة الوطنية المتحدة من قبل القوميين.
28 سبتمبر 1967 تأسيس إذاعة المكلا، التي انطلقت باسم “صوت الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل".
2 أكتوبر 1967 سيطرة الجبهة القومية على السلطنة الكثيرية، التي كانت تسيطر على مناطق حضرموت الداخل.
2 نوفمبر 1967 انقلاب القوميين "الجبهة القومية" على الاتفاق وتفجيرها الاقتتال، فيما اعتبر حرب أهلية.
5 نوفمبر 1967 قيادة الجيش الاتحادي في الجنوب المحتل تعلن وقوفها إلى جانب الثورة ودعمها للجبهة القومية، بعد أن باتت غالبية المناطق تحت سيطرت الجبهة.
7 نوفمبر 1967 انسحاب جزء كبير من الفدائيين إلى شمال اليمن تحت تهديد الطائرات البريطانية ووقوع 7 آلاف يمني في الأسر في معتقلات عشوائية بعدن وأبين.
14 نوفمبر1967  وزير الخارجية البريطاني "جورج براون" يعلن أن بلاده على استعداد تام لمنح الاستقلال لجنوب اليمن في 30 نوفمبر 1967 وليس في 9 يناير 1968، كما كان مخططاً له سابقاً.
 21 – 22 نوفمبر1967 بدأ المفاوضات في جنيف بين وفد الجبهة القومية ووفد الحكومة البريطانية من أجل نيل الاستقلال، وانسحاب القوات البريطانية من الجنوب، وجرى في ختام المفاوضات توقيع اتفاقية الاستقلال بين وفد الجبهة القومية برئاسة قحطان "محمد الشعبي"، ووفد المملكة المتحدة البريطانية برئاسة اللورد "شاكلتون" وممن حضر هذه المفاوضات من القوميين العرب "نايف حواتمه" كمراقب غير معلن.
26 نوفمبر 1967 بدأ انسحاب القوات البريطانية من عدن، ومغادرة الحاكم البريطاني "هامفري تريفليان".
29 نوفمبر1967 جلاء آخر جندي بريطاني من مدينة عدن، وتوقيع بريطانيا والجبهة القومية إتفاقا، وافقت بموجبه بريطانيا على استقلال الجنوب بشكل مؤقت، على أن تستكمل المفاوضات حول الاستقلال النهائي في ديسمبر 1968 بين الحكومة البريطانية والحكومة الجديدة للجمهورية الشعبية للجنوب اليمني.
30 نوفمبر 1967 إعلان الاستقلال الوطني وقيام جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية، بعد احتلال بريطاني دام 129 عاماً، وأصبحت الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل إبان حرب التحرير تتولى مسؤولية الحكم، وصدور قرار القيادة العامة للجبهة القومية بتعيين قحطان "محمد الشعبي" أمين عام الجبهة، رئيساً لجمهورية اليمن الجنوبية الشعبية لمدة سنتين، وإعلان تقسيم سياسي وإداري جديد للمحافظات الشمالية والشرقية، يضم 6 محافظات و30 مديرية، وكان الاستعمار البريطاني قد عمل على تقسيم الجنوب إلى 21 إمارة وسلطنة ومشيخة، بالإضافة إلى مستعمرة محمية عدن، لكل منها كيانها السياسي والإداري وحدودها وعلمها وجواز سفرها وجهازها الأمني، والمرتبطة في الأخير بالمندوب السامي البريطاني في عدن.
عوامل عديدة ساعدت على تعجيل خروج الاستعمار في نهاية نوفمبر من عام 1967 بعد أربع سنوات من الكفاح المسلح المتدحرج من السرية إلى العلنية، وما تخلله من تباينات بين فصائل الكفاح المسلح، دفعتهم الى التصادم والاقتتال أكثر من مرة، والالتهاء عن العدو الأكبر المتمثل في الاستعمار البريطاني، ليكون العام 1967 فاتح خير لتكتل القوى الوطنية بقيادة الجبهة القومية، وخصوصا بعد مؤتمر حُمر الثالث، وبعد قرار الجبهة القومية الانسلاخ عن جبهة التحرير والعمل بشكل مستقل، ما ساعدها على الارتقاء بالعمل الفدائي إلى مستوى المجابهة اليومية المباشرة مع قوات الاحتلال في عدن، اعتبارا من مطلع 1967 مرورا ببعثة الأمم المتحدة في أوائل أبريل 1967 وتحرير كريتر لمدة 15 يوما في 20 يونيو 1967 وإقامة سلطة الجبهة القومية في الأرياف ومحاصرة مدينة عدن وتحريرها نهائياً وانتزاع الاستقلال والحرية في 30 نوفمبر 1967،  وما كان لهم ذلك، لولا توافر عدة عوامل ساعدت في تطور ونجاح العمل الفدائي بعدن، أهمها بحسب الأستاذ المناضل محمد سعيد عبدالله "محسن":
1 – توجيه الضربات القوية للعملاء والأجانب من الهنود والصوماليين، الذين كانوا يلعبون دوراً كبيراً في مراقبة ومتابعة الفدائيين، ورصد تحركات المشكوك فيهم، ورفعها إلى الاستخبارات البريطانية.
2 – وقوف الشعب إلى جانب الثورة بمدينة عدن.
3 – السلوك والأخلاق الجيدين اللذين كان يتحلى بهما الثوار في علاقاتهم وتعاملهم مع المواطنين.
4 – العلاقة الرفاقية الحميمة بين رفاق النضال. والثقة الكاملة وعدم التفكير إلا بنجاح مهماتهم. وحفاظهم على بعضهم

المصادر:
1 - سلطان ناجي، التاريخ العسكري لليمن 1839 – 1967، دار العودة – بيروت، الطبعة الثانية 1988
2 - محمد سعيد عبدالله "محسن"، عدن كفاح شعب وهزيمة إمبراطورية، دار بن خلدون/ بيروت، الطبعة الثانية 1989
3 - مركز البحوث والمعلومات، اليمن في 100 عام، وكالة الأنباء اليمنية، الطبعة الأولى 2000
4 - عادل رضا، ثورة الجنوب – تجربة النضال وقضايا المستقبل
5 - زيد يحيى المحبشي، الوحدة اليمنية القلب ينبض جنوبا، قراءات، وكالة سبأ، أغسطس 2009
6 - الجمهورية، ملحق خاص، 26 سبتمبر 2009
7 - الجمهورية، ملحق خاص عن ثورة 14 أكتوبر، 14 أكتوبر 2010

الاثنين، 25 نوفمبر 2019

سعادة السفير عبدالحفيظ بن يحيى بن عبدالله بن عبدالله بن عبدالرزاق المحبشي








دبلوماسي، سياسي، مُفكر، أديب، ناقد.


مولده في العام 1956، ووفاته بصنعاء في يوم الأحد 27 ربيع الأول 1441 هـ، الموافق 24 نوفمبر 2019.


من رموز الثقافة والسياسة في صنعاء.

كان مجلسه قبلة السياسيين والمثقفين والأدباء والعلماء وكبار رجالات الدولة، ومهوى الباحثين عن النصيحة والمعلومة في كافة مجالات المعرفة، ومجالسته لا تُمل، وابتسامته لا شبيه لها، يُخجِلك بدماثة أخلاقه، وحُسن معشره، ولين جانبه، وشدة تواضعه، ويأسِرُك بسحر بيانه، وفيض حكمته، ونهر ثقافته، وعذوبة كلامه، وسلسبيل منطقه.


التحصيل العلمي:


درس الأساسي والثانوي بصنعاء، وفي بداية السبعينيات من القرن العشرين التحق بجامعة القاهرة، وحصل منها على الماجستير في العلوم السياسية في العام 1977.


السجل الوظيفي:


التحق في العام 1977 بوزارة الخارجية بصنعاء، وتدرج في السلك الدبلوماسي من ملحق دبلوماسي، فمستشار، فقنصل، فوزير مفوض، وفي 22 يونيو 2016 صدر قرار جمهوري بترقيته إلى رتبة سفير.

شغل العديد من المناصب في ديوان عام وزارة الخارجية، وتحديداً في دوائر آسيا وأستراليا والدائرة الإعلامية.

مثّل اليمن في العديد من الدول منها الولايات المتحدة الأميركية والسعودية، وأثيوبيا، وفي الأخيرة أُسند له منصب نائب السفير.


الفعاليات والمؤتمرات:


شارك في العديد من الدورات التأهيلية، والمؤتمرات العلمية المحلية والعربية والدولية.


الإنتاج الفكري:


قارء متذوق وناقد من الطراز الأول في مختلف مجالات المعرفة.

له العديد من الأبحاث، والكتابات، منها ما تم نشره في مجلة الكلمة وصحيفة الثورة.

له سلسلة من المذكرات الشخصية، لا زالت مخطوطة.


قالوا عنه:


1 - الأستاذ "مهدي المشاط":

تقلد السفير عبدالحفيظ المحبشي العديد من المناصب الدبلوماسية بوزارة الخارجية، مثّل من خلالها البلاد خير تمثيل.

وكان نموذجاً مشرفاً لرجال الدولة، حيث قضى حياته في خدمة الوطن وتعزيز العلاقات الدبلوماسية لبلادنا إقليمياً ودولياً.

لقد خسر الوطن برحيله أحد أبرز الشخصيات السياسية التي كانت لها بصمات ورصيد نضالي في خدمة الوطن.


2 - وزارة الخارجية بحكومة عدن:

عمل السفير عبد الحفيظ يحيى المحبشي في عدد من دوائر وزارة الخارجية أبرزها دائرة آسيا وأستراليا والدائرة الإعلامية، كما عمل في بعثات بلادنا في كل من واشنطن والرياض وأديس أبابا.

وبرحيله خسرت الدبلوماسية اليمنية أحد أبرز الدبلوماسيين المشهود لهم بالكفاءة والاقتدار.


3 - وزارة الخارجية بحكومة صنعاء:

شغل السفير عبدالحفيظ المحبشي العديد من المناصب القيادية بديوان عام الوزارة وعمل في بعثات اليمن في كل من واشنطن والرياض وأديس أبابا.


4 - الأستاذ "عبدالباري طاهر":

المثقف عبدالحفيظ المحبشي إنسان عظيم ورائع من جيل الثورة اليمنية، ومن ثمار التعليم الحديث.

في مطلع شبابه اقترب كثيراً من التيار القومي الناصري، كان مثقفاً واسع الاطلاع.

أتذكر في بداية السبعينيات أنه بدأ الكتابة، فكتب في مجلة الكلمة والثورة.

وهو قارئٌ جيد لا تراه إلا والكتاب رفيقه، جمُ الأدب، شديدُ التواضع، لا يتفوق على تواضعه إلا علمه ومعرفته، ولكنه شديدُ العزوف عن التفاخر وحب الظهور.

بيته منتدى وقبلة لكل الأصدقاء.

وهو من أسرة كريمة تحترف القضاء لآماد متطاولة، واشتهر بعضها بالنزاهة والكفاءة والإنصاف؛ فالقاضي محسن المحبشي حكم على الإمام أحمد في نزاعه مع قبيلة القُحرى، وعبدالحفيظ إنسان عظيم الخلق، واسع المعرفة من "الذين يمشون على الأرض هونا، وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً".


5 - الدكتور عبدالله زيد عيسي:

عرفته إنسانٌ متواضعٌ وبسيط، دمثُ الأخلاق، حلو المعشر، تَسعدُ بصحبته، والجلوس معه، أحبه كل من عرفه.


6 - العلامة عبدالمجيد شرف الدين:

الأستاذ عبدالحفيظ بن يحيى بن عبدالله المحبشي رجل تجمعت فيه جميع الصفات العظيمة من ود وكرم وجود، بشوش الوجه، سخي العطاء، بنفس أبية واخلاق سوية وحُسن معشر وثقافة واسعة وكفاءة نادرة ونزاهة وأمانة، وصولٌ للأقارب والأرحام والجيران والإخوان، لا يبخل بشفاعة، ويبادر لعون المحتاج بما يستطيع من منفعة، كوّن صداقات مع الجميع بانفتاح يدل على سعة أفق وحرص على وحدة الصف وألفة القلوب.


7 - الشاعر الكبير إسماعيل بن محمد الوريث، كتب لصديقه السفير المحبشي في أبريل 2006، قصيدة بعنوان "شمس في القلب"، مما جاء فيها:

أغراهم وهم ليسوا بنصاح .. صمتي وأني مقصي عن الساح

قالوا: تناءيت عن دنيا تفيض هوى .. وصحبة جمعتهم نشوة الراح

وأسرفوا في ملامي، ليت أنهم .. عنوا بقولهم المكذوب إصلاحي

يجري النفاق على أفواههم عسلاً .. وخلف ضحكاتهم، أنياب تمساح

قوم يسرهم موتى ويحزنهم .. إذا تنامى إليهم، فوز أقداحي

أنا الذي كنت ماءً، إن هم عطشوا .. والزاد، حين توارى كل شحاح

عجمت ودهم، دهراً، بلا أمل .. لا يفلح النصح من شان، ومن لاحي

تلك الصداقات، ما كانت بصادقة .. والأصدقاء لم يكونوا غير أشباح

ومن محضنا هم حباً بلا ثمن .. وما بخلنا بأكباد، وأرواح

تبدلوا ومطايا الشوق ما برحت .. تسري بليل، على جهد، وإصباح

لبث قليلاً فلن تبقى الأمور كما .. تبدو، وكل سيغني، بعد إنجاح

هابيل أرفع من قابيل منزلة .. فليعتبر كل مغرور وسفاح

والحادثات لها سهم تديل به .. من قد تنيل بأفراح، لا تراح

والكبر داء عضال يستعين به .. ذو النقص يعرف هذا كل لماح

رباه ما للمنايا أصبحت فرحاً .. والأمنيات غدت صندوق وضاح

وغيمت سحب الأحزان في نقم .. وورد صنعاء اضحى غير فواح

بك استجرت من الدنيا وزخرفها .. وما بها، من غوايات، وأطماح

ما دمت في وحشتي أنسي وملتجأي .. إن تهت يوماً وفي الظلماء مصباحي

فلا أخاف الليالي المثقلات ولا .. أخشى مقالة لوام وقداح

إن تكسف الشمس يمحو نورها قمر .. فأنت في القلب شمس مالها ماحي

أنا الغريب بأطراف الديار، كما .. قبر غريب "بصنعاء" لابن مفتاح

أشاهد الناس، عن بعد وتشغلني .. عن لغوهم، سود أوراقي، والواحي

أولاده: معاذ، جمال، زيد، عبدالله.


الأحد، 3 نوفمبر 2019

قراءة في دلالات المولد النبوي

بقلم زيد يحيى المحبشي
تاريخ الإنسانية عجلة تدور من السنين، أتراسها هي مكونات دورة الحياة، وما يميز هذه الدورة المستمرة إلى قيام الساعة أن القادم المجهول أكثر  فضاعة من الماضي المهجور، وشواهد الاستدلال الحاضر المنخور بكل لحظاته الدالية ..
وإذا بنا نواحون على ماضينا التليد، متحسرون من حاضرنا المأساوي، متشائمون من مستقبلنا الغامض ..
هذا الأمر لا يعني سوداوية النظرة، كما لا يجب أن ينم عن طوباوية الموقف لما نحن فيه، إذ ذلك يعني الاستسلام والهزيمة لواقعنا المرير ..
وهذا أمر مرفوض شرعا، لأن الحياة قائمة على الأمل،  مادامت عجلة الزمن تدور، مع وجوبية الأخذ بالأسباب والاستفادة من أخطاء الماضي القريب، للانطلاق إلى المستقبل المفتوح بخطى ثابتة ورؤى واثقة وآمال عريضة، للتغيير، وبالصبر والمثابرة والجدية تُبلغ الآمال، "ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين" ..
إذا كانت هذه هي الرؤية العمومية لتاريخ البشرية، فكيف بخصوصية الرؤية لأمة الإسلام، المحتفية هذه الأيام بأعظم ذكريات التغيير الكوني، في أجواء إيمانية غامرة بأنوار مولد خاتم الأنبياء والمرسلين، محمد الصادق الأمين صلى الله عليه وآله وسلم ..
لقد كان مولده صلى الله عليه وآله وسلم يوم الإثنين 12 ربيع الأول من عام الفيل، بعد 55 يوما من هلاك أصحاب الفيل (عام 570 وفي رواية 571 م)، وفي أيام سلطنة أنو شروان ملك الفرس وملك الحبشة أبرهة الأشرم ..
تزامن إنبلاج نور مولده الشريف، المضيئ الكون بأسره بأنوار شأبيب الرحمة المزجاة، مع وجود قوتين من قوى الجبروت والطغيان العالمي هما:
1 - ملك الحبشة أبرهة الأشرم: الواصل به الغرور والغطرسة، حد الاعتراض على تعاليم الله لخليله إبراهيم وولده إسماعيل عليهما السلام في بناء الكعبة المشرفة، ليؤمها عباد الرحمن من أنحاء المعمورة، وهو أمر جلل نغص على أبرهة الأشرم حياته، وحولها إلى جحيم لا يطاق، فقرر بناء كنيسة القليس بصنعاء، على أمل صرف الناس عن مكة المكرمة، لكن الناس لم تستجب لإرادة التحويل البشري، لتعارضها مع إرادة الله ..
لهذا قرر أبرهة الأشرم هدم الكعبة المشرفة، وتحويل الناس إلى كنيسته، بقوة جبروته وطغيانه، لكن قوت الله حالت دون ذلك، بهلاك الأشرم وقواته؛ على يد أضعف مخلوقات الله، هي الطير الأبابيل .. فكانت المعجزة الأولى لدلالات وإرهاصات انبعاث نور الرحمة المهداة ..
واللافت هنا اتخاذ أبرهة الأشرم دليلا يرشده إلى مكة المكرمة، هو الخائن الأشر أبو رغال، المقتول فيما بعد شر قتلة، بعد أن صار رمزا لكل خائن وعميل ومرتزق يجلب الغزاة والمحتلين والخراب والدمار لبلاده ..
وهاهم المسلمون يرجمون قبره في المغمس - موضع بطريق الطائف - إلى يومنا، إعلاما بأنه لا مكان لخائن وطنه وأمته بينهم، وما أشبه حال مرتزقة تحالف العدوان على اليمن بمعلمهم أبو رغال ..
2 - كسرى الفرس أنو شروان: وما شهده قصره من تصدع، وانطفاء نيران معبوده، في يوم مولد الهدى، إيذاناً بإندراس ذكر أنوشروان وأفول نجمه، وذلك ما كان، ليتملك العرب بعده أعظم قوتين في العالم، هما: الفرس والروم، ليس بحد السيف، بل بحجة وبرهان الرسالة المحمدية الخاتمة للرسالات السماوية، والمتسمة بالديمومة والعالمية، وهم يومئذ قلة مستضعفة معذبة، بينما نحن اليوم أكثر من مليار وثلاث مئة مليون مسلم، لكننا كغثاء السيل ..
إننا أمام أعظم رجل عرفته البشرية في تاريخها الإنساني العريض، كان مجيئه دنيانا الإثمية من أسرة فقيرة، عايش الفقر واليتم بعد موت أبيه وهو لا يزال في بطن أمه، وموت أمه وعمره لم يتجاوز الثمان سنوات، وموت جده شيبة الحمد عبدالمطلب، وموت مربيه شيخ الأبطح أبو طالب وموت المنفس عنه همومه خديجة الكبرى، في شعب أبي طالب، عام الحصار ..
مما جعله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين قريباً من الفقراء، في زمنٍ طغت فيه العنصرية الفوقية، وبلغ فيه الظلم مداه، وسقطت فيه كل محامد ومكارم الأخلاق، وتحكمت في أبناء عصره الأطماع والنزوات والصراعات والعداوات والحروب، وصار لقانون الغاب الكأس المُعلّا ..
وإذا بهذا اليتيم المخلِّص والمُنقذ للعالم مما إعتراه من تخلف وجهل وظلم وتفسخ وإنحطاط وغطرسة وجبروت وطغيان، يتمكن في فترة وجيزة لم تتعدى 23 عاما و7 أشهر و3 أيام، من بناء أعظم دولة عرفها التاريخ البشري، عبر مرحلتين هما:
1 – مرحلة الدعوة المكية: استمرت 13 عاماً، إهتم فيها صلى الله عليه وآله وسلم ببناء طليعة المؤمنين، بناءً عقائدياً محكماً، مكنهم من الصمود والثبات أمام جبروت وطغيان وتسلط كفار قريش ..
2 -  مرحلة إرساء دعائم الدولة: بعد موت المناصر أبو طالب، قرر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الهجرة إلى يثرب/ المدينة المنورة، وفيها قام ببناء العلاقات البينية المعاملاتية الكفيلة بإرساء قواعد دولة الإسلام، وخلال 9 سنوات وبضعت أشهر أقام صلى الله عليه وآله وسلم دعائم دولة الإسلام، على أساس تنظيم علاقة المسلم مع ربه، ومع نفسه، ومع أخيه المسلم، وبمن جاوره من يهود وكفار ..
كللت هذه الرؤية المحمدية النورانية بفتح مكة المكرمة في العام الثامن للهجرة، وما تبعها من مراسلات لقادة الأقاليم المجاورة، بعد أن عمّ الإسلام ربوع جزيرة العرب، داعياً إياهم للدخول في الإسلام، فاستجاب البعض وتحفظ آخرون وجاهر بعضهم بالعداوة والشنان ..
وبعد أن وضع صلى الله عليه وآله وسلم لأمته، ما يكفل لها حياة كريمة وعيشاً رغيداً وسعادة أبدية، كان انتقال وعروج روحه الطاهرة إلى خالقها في السنة الحادية عشرة للهجرة، ويحكي المؤرخين أن وفاته كانت بسبب تأثره بسم قاتل من إحدى اليهوديات كما في سيرة الحلبي ..
وهذا يؤكد أن اليهود، كانوا وما زالوا أكثر المتضررين من دعوة الرسول الخاتم، لأنه صلى الله عليه وآله وسلم أضاء دروب ربيع الإنسانية، وبدد ظلمات حيواتها البهيمية، وبشّر بما لم يكن في حسبان أحد منهم روحياً ومادياً، ولأن رسالته صلى الله عليه وآله وسلم لم تكن مجرد طقوس وشعائر جامدة، بل هي: ثورة على مبادئ وعادات وأخلاق الجاهلية الجهلاء، ثورة على تاريخ طالما احتضن الفساد لا سواه، ثورة على حياة جاهلية شبيه بحياة البهائم السائمة على وجوهها، ثورة رسالية عالمية غير مسبوقة في تاريخ الإنسانية، غيّرت مجرى التاريخ البشري كله، لأنها أكبر من التاريخ، وأقوى منه على الصمود والديمومة والخلود، ثورة رسالية حملت بين ثناياها آمال الإنسانية وأحلامها وتطلعاتها، واحتضنت بين آياتها وسورها خيرات الأمم والشعوب وعزتها وكينونتها وكرامتها، ورفعت على الرؤوس لواء الحق والعدل والحرية والأمن والسلام والرحمة والتسامح والتعايش والإنصاف ..
ولا نستغرب اليوم مما نراه من اليهود والأميركان ومواليهم من صهاينة العرب، من أفاعيل لا إنسانية، ضد أبناء الإسلام وأنصار الرسول الخاتم، وكلها تؤكد حقيقة واحدة، هي إجترار عداوتهم التاريخية لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وللمسلمين وللإسلام .. وفي هذا يقول العالم الفيزيائي الشهير صاحب نظرية النسبية "ألبرت آينشتاين: "أعتقد أن محمداً استطاع بعقلية واعية مدركة لما يقوم به اليهود، أن يحقق هدفه في إبعادهم عن النَّيْل المباشر من الإسلام، الذي مازال حتى الآن هو القوة التي خلقت ليحل بها السلام" .. ولأنه كان ولا يزال القوة التي خُلقت ليحل بها السلام، فسهام اليهود لن تتوقف عن استهدافه، ما نجد حقيقته في مقولة منظر البيت الأبيض "صموئيل هينجنتون": "ليس صحيحاً أن الإسلام لا يشكل خطراً على الغرب وأن المتطرفين الإسلاميين فقط هم الخطر .. إن تاريخ الإسلام خلال أربعة عشر قرناً يؤكد بأنه خطرٌ على أي حضارة واجهها خاصة المسيحية"!! ..
ومما شجع الأميركان والصهاينة على استهداف نبينا وديننا، الحالة التي وصل إليها المسلمين اليوم، وابتعادهم عن تعاليم الرسول الخاتم والقرآن الكريم، وكيف كانوا سادة العالم، فإذا بهم أكثر الأمم تخلفاً وتناحراً وتفرقاً وتشرذماً .. وهذا ليس بالأمر الغريب .. ألم يكن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أول من شخّص حالنا: "يوشك أن تداعى عليكم الأمم من كل أفق، كما تداعى الأكلة إلى قصعتها"، قيل: يا رسول الله فمن قلة نحن يومئذ ..؟
قال: "لا، ولكنكم غثاء، كغثاء السيل، يجعل الوهن في قلوبكم، وينزع الرعب من قلوب عدوكم؛ لحبكم الدنيا وكراهيتكم الموت" .. وبحقٍ بدأ الإسلام غريباً، وسيعود غريباً، فطوبى للغرباء
والعيب فيما وصلنا إليه سببه من يمثل الإسلام، وليس الإسلام، ألم يقل الله سبحانه وتعالى: "يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ" ..
كم نحن اليوم بحاجة إلى قدوة نتبعها، ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو القدوة والأسوة الحسنة، ليس للمسلمين فحسب، بل لكل إنسان يريد أن يحيا حياة كريمة، يقول المستشرق الإسباني "جان ليك": "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ)[الأنبياء: 107]، وقد برهن بنفسه على أن لديه أعظم الرحمات لكل ضعيف، ولكل محتاج إلى المساعدة، كان محمد رحمة حقيقة لليتامى، والفقراء، وابن السبيل، والمنكوبين، والضعفاء، والعمال، وأصحاب الكد والعناء، وإني بلهفة وشوق .. أصلي عليه وعلى أتباعه" ..
لقد كان لكم في رسول الله إسوة حسنة
كم هي الأمة الإسلامية اليوم بحاجة إلى معيار؛ تعايير عليه حياتها وشؤونها، لقيادتها نحو الأفضل، وأي قدوة أعظم من خاتم المرسلين، يقول الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام: "كنا إذا اشتد البأس وحمي الوطيس وإحمرت الحدق، إتقينا برسول الله، فما كان أحدٌ منا أقرب إلى العدو منه" ..
لقد جسد صلى الله عليه وآله وسلم الفضيلة في أبهى صورها، وكم هي الإنسانية المعذبة والحائرة اليوم بحاجة إلى ضمير تستمع إليه حين الأوبة وحين التوبة وحين الرجوع إلى الحق أو حين إرادة الرجوع إلى الحق؛ والرسول الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم هو ضمير العالم والكون، لأنه رحمة: "إنما أنا رحمة مهداة" ..
إذن ليست أميركا التي يطلب قادة العالم الإسلامي وصهاينة العرب رضاها؛ ويخطبون ودها؛ هي ضمير الكون؛ وإن كانت الأكثر قوة وفحشا وطغيانا وجبروتا؛ لكنها ليست رحمة، أيها الحالمون الواهمون المخدوعون؛ أليست يداها الأثمة تقطر بدمائنا ودماء عشرات الملايين من الأبرياء في هذا الكون المكتوي بنيران عربدتها وطغيانها ..
وهي ليست العالم، رغم كل ما ترفعه من شعارات كاذبة؛ وليست القوة المادية؛ لأنها ظالمة ومجرمة؛ ولأن القائمين على إدارة دفة حكمها لا يعرفون أي معنى من معاني الإنسانية ولا العدالة ولا الحقيقة، إنهم يميلون كل الميل مع الرذيلة والخبائث المزكمة لأنوف أحرار العالم؛ خصوصا وأن من يحكمها أكثر الناس بُغضاً وكراهية لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وللإسلام، وهم اليهود الأقتام، فما الذي جناه العالم منها غير الخراب والدمار والدماء؟؟ ..
إذا كنا نعلم ذلك؛ فلماذا ابتعدنا عن تعاليم ديننا وسنة نبينا، لا سيما وأن ما لحقنا من أميركا وإسرائيل وحلفائهم من صهاينة العرب، ليس بالأمر الهين؛ في حين أننا نقرأ ليل نهار: "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين" ..
رحمة للإنسان والشجر والحجر وكل المخلوقات؛ بينما من ركنا إليهم واغتررنا بقوتهم من الأميركان والصهاينة، لا يأتون إلا بكيد ساحر: "إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى" ..
أما حان الوقت لنصحو ونعترف بأن ما يمارسه أعدائنا في اليمن وفلسطين والعراق وليبيا وسورية والبحرين ولبنان، ووو، لا يعدو كونه كيد ساحر ..
ليكن مولد خاتم الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وآله وسلّم بداية الصحوة والمراجعة والتصحيح والرجوع إلى الله ونفض جلباب الذل والهوان، وصدق الله القائل: "وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ"

الأحد، 27 أكتوبر 2019

جامع مدروس بهيدة المحابشة في محافظة حجة










من الجوامع التاريخية، يقال أن الامام القاسم بن محمد توارى  فيه من الاتراك، وكان قد دعى لنفسه نحو العام 1007 هجري قمري من بلدة الشاهل بالشرفين من محافظة حجة، وكانت له أربع وقفات تاريخية ضد الإحتلال العثماني الأول، توجت بإجلائهم من اليمن، ومما يحكى أن الأتراك حاولوا ضرب الرمل لمعرفة مكان اختبائه، وفي كل مرة يُظهر لهم المندل وجوده في مكان تحته ماء وفوقه سماء، فقط، دون معرفة مكان إختبائه، ويقع هذا المسجد جنوب قرية بني سُمِي/ بضم السين وكسر الميم/ المعروفة أيضا بقرية المسبَّح/ بتشديد الباء المفتوحة/ السفلى، وهو على حافة حيد/ جبل، تقع بالأسفل منه عين ماء جارية، وتحيط به خرائب لقرى إندثرت، غالب الظن خلال حروب الامام عبدالله بن حمزة ضد المطرفية وحروب بنيه وأخيه يحيى بن حمزة نحو نهاية المئة الخامسة وبداية المئة السادسة للهجرة، ويعود تاريخ بناء هذا الجامع على الأرجح الى المئة الرابعة للهجرة خلال فترة دولة آل الحجوري نحو العام 450 هجري قمري