Translate

الأربعاء، 12 يونيو 2024

الشاعر الكبير محمد بن حسين بن عبدالرحمن بن أحمد بن قاسم عامر







فقيه، أديب، شاعر، إداري، محاسب.

مولده بمديرية "ظليمة حبور" من أعمال محافظة عمران في العام 1359 هـ، الموافق 1940، ووفاته بالمحروسة صنعاء في يوم الجمعة 17 جماد الثاني 1413هـ، الموافق 11 ديسمبر 1992.

الشاعر الكبير محمد بن حسين بن عبدالرحمن بن أحمد بن قاسم بن إبراهيم بن يحيى بن إسماعيل بن محمد بن ابراهيم بن أحمد بن عامر الشهيد بن علي بن محمد بن علي بن الرشيد بن أحمد بن الحسين الأملحي بن علي بن يحيى بن محمد بن يوسف الأشل بن القاسم بن الداعي يوسف الأكبر بن المنصور يحيى بن الناصر أحمد بن الهادي يحيى بن الحسين بن القاسم الرسي بن إبراهيم بن إسماعيل بن ابراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب.

أحد أعلام أسرة الأشراف الحسنيين "آل عامر"، وهي من الأسر العريقة في اليمن، لها تواجد في عدة مناطق منها صعدة وصنعاء والأهنوم والمحابشة والجبر وغيرها.

وهو فقيه مفوه وشاعر مغمور، عرفه أكثرية اليمنيين من خلال أشعاره رغم أنه لم يعرفهم.

عاش حياة شبيهة بحياة الشاعر الراحل "يحيى بن علي البشاري" مُنكفئاً على ذاته، ومنعزلاً في صومعة الأدب والشعر والعلم والفكر.

ويعتبر من القامات الأدبية المنسية للأسف الشديد، ولم تنل مدرسته الشعرية حقها من الدراسة والبحث رغم ما تفرّدت به من سمات حملت بصماته الخاصة به، وجعلته بشهادة كبار الشعراء والأدباء من مُعاصريه في مصاف عمالقة الشعر الحميني والشعبي والفصيح في اليمن.

توفى والده وهو لا يزال في السادسة، فتولت تربيته والدته الشريفة الفاضلة "أمة الله بنت إسماعيل بن عبدالرحمن المنصور"، ووالدها من المراجع الدينية والقضائية في زمانه وحاكم محافظة إب عند قيام ثورة 26 سبتمبر 1962 ووفاته بها في العام 1963، وكان لمُلازمة هذا القطب الرباني تأثيرها في تشكيل شخصيته وصقل موهبته.

اتسم بالهدوء كما يحكي ولده الأستاذ "محمود عامر"، وكان رحيماً صبوراً مُحباً لكل الناس، وأّحبَّه كل الناس، وبكى رحيله كل من عرفه، لما لمسوه فيه من طيبة وأخلاق رفيعة ونزعة خيرية.

التحصيل العلمي:

أخذ العلوم الشرعية وعلوم اللغة العربية وعلوم البلاغة والأدب عن كوكبة من علماء الجامع الكبير بمدينة حبور، منهم:
أعمامه العلامة يحيى بن عبدالرحمن عامر، العلامة عامر بن عبدالرحمن عامر، وجده السيد العلامة إسماعيل بن عبدالرحمن المنصور.
ولم يكتفِ بالأخذ عن المشائخ بل واستمر في التعلم الذاتي حتى أصبح ضليعاً في اللغة العربية وأحد أعلامها في زمانه.

السجل الوظيفي:

أُسندت له العديد من المهام في العهدين الملكي والجمهوري.

أولاً: العهد الملكي:

1 - صحي وموظف بإدارة الحسابات، مستشفى جبلة المعمداني في أول شبابه.
تعلم خلال فترة عمله بالمشفى الاسعافات الأولية والعمليات الصُغرى وحصل على إجازة بذلك، كما تعلم جانب كبير من اللغة الإنجليزية.
2 - مأمور/ مدير الواجبات، مدينة جبلة، "1960 - 1967".

ثانياً: العهد الجمهوري:

1 - فتح له في العام 1967 عيادة صحية للإسعافات الأولية بحبور، ونقلها في العام 1973 إلى منطقة القاع بصنعاء.
2 - موظف بالمواصلات في مجال البرق واللاسلكي "التليغراف"، "1967 - 1972".
3 - محاسب بالإدارة المالية، مطار صنعاء الدولي، 1973.
4 - مدير عام الديوان العام بقيادة الجيش الشعبي العام "مصلحة شؤون القبائل"، بداية ثمانينيات القرن العشرين الميلادي وحتى رحيله.

الإنتاج الأدبي:

شاعر مُكثر، له الكثير من القصائد في مجالات متنوعة، وأجاد الأنساق الثلاثة "الحميني، الفصيح، الشعبي".
أذاعت العديد من قصائده إذاعتي صنعاء ولندن، ومن أكثرها شُهرة وانتشاراً، قصيدتي "يقظة الضمير" و"صفعات وقُبل".
ونشرت العديد من الصحف اليمنية ومنها صحيفة الثورة باقة من أشعاره.
استهواه الشعر منذ فترة الطفولة، ومثّل انتقاله في العام 1973 إلى العاصمة صنعاء واتخاذها سكناً دائماً له، مرحلة فارقة في مسيرته الأدبية، وربطته علاقة حميمية مع كبار شعراء تلك المرحلة، منهم: عباس المطاع، علي عبدالرحمن جحاف، على بن علي صبره، محمد قاسم المتوكل، الدكتور عبدالعزيز المقالح وغيرهم.
لم يكن يهتم بجمع أشعاره وتوثيقها، بل كان يسير على درب رفيقيه، "يحيى البشاري" و"علي عبدالرحمن جحاف" رحمة الله عليهم، إرثه الأدبي متناثر، وبسبب إلحاح العديد من الشعراء والأدباء بصنعاء وفي مقدمتهم الدكتور المقالح شرع في جمع ما أمكن جمعه من قصائده في ديوان استعداداً لطباعته، لكن وافته المنية قبل الانتهاء من عملية الجمع والتنسيق، ولذا وجدت أسرته صعوبة كبيرة في جمع تُراثه الأدبي بعد رحيله.

من روائع قصائده:

(1)
"يقظة الضمير"
سبتمبر 1974

لمَّا سـئمت الانتظار نهضتُ .. أبحث عن سِواها
فخرجت في الظلماءِ يدحر .. ضوء مصـباحي دُجاها
وجعلت أرقبُ في الأزقة .. ما تخلَّف من ظِباها
ورميتُ مصيدتي وصِرتُ .. أهزها ماذا عساها
وجذبتُها لكنها طلعت .. ولم يطلع سواها
..
فبصقتُ في وجه الهوى .. ولعنتُ شيطان الغوى
ورجعت نحو البيت .. منهوك العزيمة والقوى
ورميت نفسي في فراش .. السُّخط مشئُوم الـثوا
ووجدت جفني إذ لمست .. النوم (صفر) المحتوى
حالٌ رأيتُ النفس إن .. رضيت به فـقدت إباها
..
وإذا بطيفٍ قد تجسَّد لي .. بأُبَّهةِ الكبير
من أنت؟، قـلت أنا الغوي .. وأنت؟، قال أنا الضمير
أشـفقت أن تحيا وبي .. نبضٌ كما تحيا الحمير
تستطرف الأهواء كما .. يسـتظرف اللعب الصغـير
فخجلت منه لأنه .. قال الحقيقة ما عداها
..                        
ورميت رأيي المستبدَّ .. بـنظرة فيها ارتياب
ماذا ترى؟، فأجاب لا شيئ .. فقلت وما الصواب؟
فأكبَّ يستجدي من الدمع .. الإغاثة بالجواب
وهنا تهيئ للكلام الطيف .. فابتلع اللعاب
وأجال نظرته يشع البرُّ .. نوراً من سناها
..
ودنى وقال أأنت إنسانٌ؟ .. فقلت له أجل
فأجاب كيف تكون إنساناً .. وأنت بلا عمل؟
كسلان اللَّهم إلا .. إن دعا طيش فهل؟
تُبقي لأمك والصغار .. وأمهم فيك الأمل؟
أم أن نفسك قد أبت .. إلاّ بأن تقفو خُطاها؟
..
فـشعرت أن الأرض مادت بي .. كأني في قيامه
ورأيت أني سرت أشواطاً .. ‏بنعلٍ من كرامه
فثأرت للشرف الذي .. عبد الغواني والمدامه
وخلعت (دبلة) ودِّها .. ورميتها رمي القلامة
وذكرت أمي فانتفضتُ ..‏ تألماً مما عناها
 ‏..
ونهضت اطلبها وقد .. أجزلت للشيخ الثناء
ودخلت حُجرتها أيا أماه .. يا كلَّ المُنى
ورميتُ نفسي تحت رجليها .. أفيقي ها أنا
وطفقت الثمها، فقالت أنت؟؟ .. قلت نعم أنا
فحنّت تُضمضمني وقد .. أجهشت أبكي من بُكاها
..
وقفلت اطرُق زوجةً .. قضَّت لياليها انتظار
فوجدتها تستنزف السلوان .. من ضحك الصغار
الصبر والحرمان يعتركان .. فالدنيا غبار
ودنوت في صمت أكاد .. أذوب دمعاً واعتذار
وحصرتُ كلَّ تأسُفـي .. في قُبلة جلبت رضاها
..                                 
وكسوت أطفالي لأول مرة .. منذ الولادة
وجعلت أصحبهـم معي .. نحو المعلم والعيادة
فإذا سلوكي عامرٌ .. بلا تزان وصار عادة
وإذا بمنزلنا يرفرف .. فوقه علم السعادة 
وإذا حياتي جنَّةٌ .. لله ما أحلا شذاها
.. ..
لم يبق لي همُّ سـوى .. شعب تُقاذفه المحن 
شعب يعِزُ علىَّ أن .. ألقاه يوماً ممتهن
قدماه في قيد التخلُّف .. خلف قضُبان الفتن
والعصر عصر الازدهار .. وأيُ ذنبٍ لليمن
حتى لتحتشم الحياة .. امامه من أن يراها
..
أأساء حتى يستحق .. على إساءته الضياع
أجنى بحملِ سلاحهِ .. في وجه (غازٍ) للدفاع
دون الكرامة والكرامة .. لا تُعار ولا تُباع
أبذا غدا والميج ملء .. سماه تقتلع القلاع
وأعيد للغابات تبذُر .. في مواهبه غباها
..
قم يا بن عبدالله فاشهد .. أيها البر الأمين
ما حلّ بالإسلام بعدك .. من بلاء المسلمين
قم فاشهد النار التي .. أخمدت نار الجاهلين
لينين يضرمها (ومصر) .. تمدُّه بالنافخين
(وجمال) يحتَّش العقائد .. موقداً يحمي لظاها
..
قم يا ابن عـبدالله فاشهد .. ذلك العلج الكفـور
يتنسَّم الهوجاء .. في العوجاء حُباً للظهور
ويشُق بالغازات .. والـنابالم مـسلكه الوعور
دقاً لأنف الناهضين .. له وحزاً للنُحور
وتحدياً لشريعة .. أفنيت عمرك في بناها
..
قم يا محمد فاشهد السلال .. خادمة النكود
جرثومة الإلحاد رأس .. الكفر خوَّان العهود
قد سوَّدوه بنا فوجه .. الدهر والأيام سُود
وجهٌ كما يتغوّط المِبطان .. في الماء الركود
وشمائلٌ كشمائل الرقطاء .. ينفر من رآها
..
ومن الفظاعة في المصيبة .. قـادةٌ متغطرسون
رجعوا إلى أمرٍ به .. خُلعوا وأنَّى يعقلون
ما بالهم رجعوا؟ وقد .. دفعوا به العرش المصون؟
ما بالهم رجعوا؟ أداءٌ قد .. عراهم أم جنون؟
داءٌ أراد الله أن يبقى .. لمصلحة رآها
..
ماذا جناه الشعب من .. ثمرات حكمهم الطويل
لا شيء إلا الجهل والإدقاع .. والجسم الهزيل
واليوم ما فتِئُوا يمنُّونا .. بخيرهم الجزيل
لا..  لن نُصدِّق فالذي .. يعدون أضحى مُستحيل
ومتى يُؤَذن للصلاة .. ‏بُعيد وقتٍ من اداها
..
كلٌ له أخطائُه .. والحق أحرى أن يُقال
شعبٌ أصاخ لدعـوةٍ .. شوهاءَ رقَّـشها جمال
وحكومة دلهت فليس .. لشعبها عنها انشغال
خطأ مزيجٌ أعقب العاهات .. والدَّاء العُضال
والحل للطرفين إطباق .. الجفون عـلى قذاها
..
آهٍ على الماضي الذي .. عشناه نمتار السلام
آهٍ على تلك البساطة .. والخشُونة والظلام
آهٍ على الحقل الذي .. كفل البواسق والثِّمام
آهٍ على الكُوخ البعيد .. عن الحضارة والزحام
في فِيّه الدنيا تصيح .. وطفلة تطري أباها
والحقل يزخرُ بالحياة .. وطيبها إذ لم يؤمم
والكوخ يفهقُ بالسعادة .. والهنا إذ لم يُرمَّم
 ‏تا الله إن سعادة الإنسان .. سـورٌ قد تهدّم              
في ظل زيفِ حضارةٍ .. جازت بحملها مداها

(2)
"صفعات وقُبل"
25 سبتمبر1974

الكلب ينبحُ لا يرى شيئاً وينبحُ في انتهار
والقلب أصبح واسع اللفتات مُنزعج القرار
ماذا وراء الهمس والغمزات، ما خلف الستار؟؟
مُنيتِنا بغدٍ وبعد غـدٍ؛ فطال الانتظار
إني لألمح في سحيق الأفق أشباحاً ونار
..
ماذا يقول أخوكِ؟؟ لستِ معي الغُداة براجعه؟
أغدت ذئاب الشؤم في غدنا المؤمَّل طامعه؟
أم مات والدُك التقي فماتت التقوى معه؟
لهفي وما لهفي إذا وقعت علي الواقعة
ماذا يقول؟ أيسحق القلبين تيهاً واحتقار؟
..
جئنا نُعزَّيه بموت أبيكما الشهم الغيور
فإذا به لاهٍ يُدشِّن جهله يخت الغرور
الجاه والسلطان والذهب المكدَّس والزهور
أفلا يتيه على بني الدنيا وإن عدلوا وجار؟
..
قالت فديتك سِرَّ هذا الأمر عندي لوتعي
فبطانة السوء التي تأتي إليه لترتعي  
فيها قصيرٌ أصلع تباً له من أصلع
قد عاد يخطبني كأنك لم تكن يوماً معي
كن مُطمئناً صابراً فالصبر فوزٌ وانتصار
..
لذ بالوساطة من ذوي الإيمان والرأي السديد
فعسى يُغيِّرُ رأيه في الأمر أو يأتي جديد
وتردد الوسطاء وأقنعهم مع الأسف الشديد
بل عاد بعضهموا يراودني ويسأل كم تريد؟
ساموا الكرامة والكرامة لا تُباع ولا تُعار
..
واتيته يوما أحاول بعد طول تردد 
فوجدته يتمخَّر الأحلام من أُفق الغد
والأصلع المِبطان قَرُب مكانه كالمنجد
يصمُ الفراغ بضحكة المتهكم المترصِّد
وهو الذي أغراه بي ودعاه فاتخذ القرار
..
راجعته فيها فحالفني مع الحق الفشل
ذكَّرته بوفاء والده فعلل وانتحل
يا سيدي أترا الحكيم أباك مِغلاطاً وهل
كان الذي منه بـِربْط قلبينا زلل
إني لأذكر يوم جئتُ فجاءني القوم الكبا
..
قالوا مدحت؟، فقلت من؟، قالوا الكريم؟، فقلت لا
إني رأيت المستقى بحراً فجئتُ بلا دِلا
يا قبلة الراجي ويا مستعصم اللاجي الا
تدني يداً من خاطبٍ تعسٍ فقال بلى بلى
أنكحتك الصغرى فقلت قبلت وانهمر النثار
..
اجُننت تطمس صفحة بيضاء عنه ومأثره؟
أتهدَّ قصراً شاده حظي لتنبش مقبره؟
أولا ترى حالي وبين يديك قلبي كالكره؟
يا للفظاعة هل أروح بلوعتي المتسعِّره؟
رُح قال لي في قسوةٍ عصفت كإعصار الدمار
..
وتقضَّت الأيام أحزانا تلفعُ في القلوب  
لا الدمع ينقع غلَّةً فيها ولا احترقت تذوب
والشوق أنهكه الخُطى ما بيننا ساعٍ دؤوب
مني إليها في الضحى واليَّ منها في الغروب
هيهات أسلوها وتسلوني على بُعد المزار
..
رباه قلَّت حيلتي والحال أنت به عليم
إني بجودك مستجيرٌ ..  عزَّ جارك يا كريم
أيظلُ بُؤسي لعنةً كُبرى على أهل النعيم
أيظل قلبي دُميتاً للهو في يد الغريم
فبك استجرتُ ودفع ضيم الجار من حق
الجوار
..
فإذا أبي ذاك الذي قد كان مجهول المصير
تزجيه (أمريكا) إليَّ هدية الرب القدير
المال ملؤ يديه منبجر الحقائب كالسفير
خذ يا بُني وعَبِّ من عرقي فأنت به جدير
ومشيتُ في دربٍ وسار الفقرُ في دربٍ وسار 
..
ذكري طفى صيتاً وشخصي صار نبع المغنطيس
والناس تصنع لي دُمى الزلفى من الملق النفيس
ودلفتُ في شوق جريحٍ نحو عصفوري الحبيس
متجسِّراً خطا يهدهدني عليه (المرسديس)
والحقدُ بين جوانحي أفعى تلمِّظُ في الوجار
..
ولقيتُ (صهري) فعانقـني وطال بنا العناق
ومضى يُعاتبني؛ وكان عتابه محض النفاق
وتبسَّم الدولار والدولار بسمته شِقاق
وغضضت طرفي عن سوابقه وآثرت الوفاق
وأخذتها ريحانة عطشى أضر بها الحصار

أولاده:

أحمد، عبدالله، محمود - إداري بوكالة الأنباء اليمنية سبأ بصنعاء، يحيى، نبيل.

مراجع ذُكر فيها العلم:

1 - إبراهيم المقحفي، موسوعة الألقاب اليمنية، ج 4 و6، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع - بيروت، الطبعة الأولى - 2010.
2 - ابن صاحب الترجمة الأستاذ محمود عامر.