بقلم// زيد يحيى المحبشي
وحدة اليمن أرضاً وإنساناً من المسلمات الثابتة ثبوت وجود الشعب اليمني والأرض اليمنية منذ أن تمكن يعرب بن قحطان الجد الجامع لهذا الشعب من إقامة أول وحدة يعربية يمانية في الألف الخامسة قبل الميلاد، ومن حينها شكلت الوحدة الهدف الجامع لكافة ملوك وأمراء اليمن سواء في التاريخ القديم أو الوسيط أو الحديث والسمة الغالبة على تاريخ هذا الشعب والقاعدة العاكسة جوهر الإرادة اليمنية الطامحة دوماً إلى التوحد والاتحاد باعتبار ذلك من عوامل القوة في مواجهة أخطار الطبيعة وتطويعها لصالح الإنسان اليمني ومواجهة الأطماع الخارجية بعناوينها المختلفة.
وفي الاتجاه الأخرى شكلت حالة التجزئة والانشطار التي شابت اليمن في بعض المراحل التاريخية على مر العصور ظاهرة استثنائية وعابرة فرضتها ظروف استثنائية وصنعتها إرادة غير يمنية أي أنها لم تكن في يوم من الأيام أمراً طبيعياً بل ظاهرة غريبة ودخيلة على اليمن وشعبه وتاريخه الوحدوي المشرق.
ورغم ما صاحب ذلك من جدل عقيم حول ما إذا كانت الوحدة القاعدة والتجزئة الاستثناء أم العكس؟ فما نجده من خلال قراءتنا السريعة لتاريخ اليمن الوحدوي منذ الألف الخامسة قبل الميلادي وحتى استعادة اليمن عافيته والتئام جسده الواحد في 22 أيار/ مايو 1990 هو تأكيد حقيقة أن فترات التوحد كانت على الدوام الأطول زمنياً وكانت على الدوام عامل أمان واستقرار وانتعاش اقتصادي وفكري وحضاري ليس لليمن فحسب بل ولمحيطها الإقليمي في حين كانت فترات التجزئة قصيرة جداً, كما أن ما شهدته اليمن من ممالك ودول متعددة سواء قبل الإسلام أو بعد استقلال اليمن عن الدولة العباسية وصولاً إلى العام 1914 إنما كان تعدد وتنوع يثير قاعدة التوحد ويعززها لسببين هما: استمرار بقاء التواصل والاتصال الثقافي والمعيشي, ناهيك عن حرية تنقل الناس, فيما بينها وعدم تجاوز سقف الاختلاف المستوى السياسي دون أن يتعداه إلى المستويات الأخرى سواء كانت اقتصادية أو ثقافية أو اجتماعية, وهو ما حافظ على وحدة الشعب ووحدة خصائصه ,كما لم تشهد تلك الفترة وجود حدود سياسية مرسومة بالمعنى المتعارف عليه بين الدول.
منذ العام 1914 بدأت مرحلة جديدة في التاريخ اليمني عندما شرع الانجليز والعثمانيين في تقسيم مناطق نفوذهما وترسيم الحدود بينهما وهو ما مثل سابقة خطيرة على صعيد التجزئة السياسية لأول مرة في تاريخ هذا الشعب والمتعمقة بصورة أكبر عقب رفض الإمام يحيى استلام المناطق الجنوبية التي كانت تحت نفوذ الأتراك إثر انسحابهم من شمال اليمن في العام 1919 وصولاً إلى الاعتراف بالتجزئة كسياسة أمر واقع عندما وقع الإمام في 1934 معاهدة اعتراف وصداقة مع الإنجليز تضمنت الإبقاء على الوضع القائم بالمناطق الجنوبية والشرقية كما هو لأربعة عقود قادمة من تاريخه ومن حينها بدأ الجدل وبدأت مفاهيم الجنوب والشمال تشق طريقها إلى المشهد السياسي.
إن ما تمر به اليمن اليوم هو في حقيقته اجترار شائه واستنساخ مشوهه غايته نسف الصفحة المشرقة لتاريخ اليمن الواحد في أرضه وإنسانه وخواصه الثقافية والحضارية والنفسية والسلوكية الواحدة الموحدة منذ سبعة آلاف سنة.
كل هذا يضعنا أمام سؤال محوري ومصيري هو: هل كانت اليمن فعلاً مجزأة تاريخياً؟, بدلاً من: هل كانت اليمن موحدة تاريخياً؟ ورغم أن الصيغة الأخيرة غير قابلة للشك والتشكيك عكس الصيغة الأولى إلا أن ما شهدته من رواج وجدل ترفي في أوساط الحالمين بعودة عهود السلاطين وعهود الرجعية والتخلف دفعنا إلى هذه القراءة السريعة لتاريخ اليمن الموحد بغية إزالة اللبس والتشكيك وتأكيداً لحقيقة انتصار الصوت الوحدوي في كافة مراحل التاريخ اليمني على الأصوات النشّازة لدعاة الفتنة والتجزئة.
الوحدة اليمنية قبل الإسلام
ذكرت اليمن في الكثير من الكتب القديمة كالتوراة وكتب مؤرخي الإغريق واليونان ووصفت باليمن السعيد ولم يوصف أي بلد غيرها بهذا، ووصفها القرآن الكريم بالجنة والبلدة الطيبة، ولم يصف أي بلد سواها بهذا, وخصها بسورتي سبأ والأحقاف ولم تكن سبأ سوى مملكة اليمن القديمة وهو تعبير لغوي مجازي المقصود منه السلطة اليمنية والشعب اليمني وحضارته الضاربة التي قامت بسبأ مأرب وأحقاف حضرموت.
وسبأ والأحقاف أسماء لمناطق يمانية وفي القصص القرآني نال اليمن ورجاله نصيباً كبيراً منها كأصحاب الجنة وقصص الأخدود والفيل وأبرهة وإرم ذات العماد وذو القرنين السيار وملكة سبأ والسيل العرم وقوم تبع.
وعندما أسلم أهل اليمن طواعية خصهم الله بسورة النصر فيما قال الرسول وهو يستقبل وفودهم [جاءكم أهل اليمن ....]. هكذا تحدث القرآن والرسول الخاتم عن أهل اليمن ومملكة سبأ في إطار منطق الوحدة وليس منطق التجزئة وعن مكانة هذا البلد ودوره الحضاري قبل مجيء الرسول الخاتم على أن هذا الدور وتلك المكانة لم تأتي من فراغ بل كان هناك شعب عظيم وقادة كبار استطاعوا توحيد أيادي سبأ منذ فجر التاريخ في كيان حضاري موحد توفرت له كل أسباب القوة والازدهار بما جعله يصل إلى مستوى تنظيم نفسه في نظم سياسية قوية فرضت نفسها على قبائل الجزيرة العربية وما وراءها من الأمم وما كان لها أن تصل إلى هذا المستوى لو لم تكن موحدة أرضاً وإنساناً في وقت تعاقبت على حكم اليمن العديد من الممالك هي معين وسبأ وحمير وفي فلكها أوسان وقتبان وحضرموت.. إلخ.
وهذه الممالك هي التي تم العثور على آثار تدل عليها والبالغة نحو 5 آلاف نقش أثري كلها تخلص إلى حقيقة واحدة هي اشتراك القادة الكبار لهذه الدول في مساعي تحقيق الوحدة اليمنية والحفاظ عليها، وان بين كل وحدة وأخرى فترات من الضعف والتفكك العابرة, كما تم تحقيق نوعين من الوحدة في تلك العهود, الأول: وحدة شاملة ضمت اليمن والجزيرة العربية وما وراءها من الأمم وأبرز قادتها يعرب وسبأ والحارث الرائش وذو القرنين وكرب آل وتر وغيرهم والثانية وحدة وطنية اقتصرت على اليمن أو الجزء الأكبر منه كما هو حال دولة حضرموت وأوسان وحبان وسمعي حاشد قبل الإسلام , والرسوليين والصليحيين في التاريخ الوسيط.... وفي كليهما فقد كان لتوحد اليمن أهمية كبيرة في استقرار وأمن الجزيرة العربية والعكس في حالة التفرق والتشرذم وهذه الحقيقة لا تزال السمة الغالبة إلى يومنا كون اليمن المركز الرئيسي للأمن والاستقرار الإقليمي نظراً لأهميتها الموقعية والجيوسياسية.
وإجمالاً فقد مرَّ اليمن قبل ظهور الإسلام بمرحلتين هما المرحلة المشرقة واستمرت من القرن 15 قبل الميلاد وحتى العام 115 ق. م وهي مرحلة الدولة السبئية والمرحلة المظلمة واستمرت من 50 ق. م وحتى القرن السادس الميلادي وهي مرحلة الدولة الحميرية وذلك بسبب وقوعها تحت تأثير الأطماع الخارجية كالبطالسة اليونان والرومان والأحباش والفرس..
الممالك القديمة الكبرى
- معين: وهو اللقب الثاني لعبد شمس بن يشجب بن يعرب إلى جانب لقب الشهرة سبأ الأكبر ومعين وسبأ من أعظم دول العهد القديم وبينهما تداخل كبير، ظهرت معين من الجوف في نحو 4000- 900 ق. م وقد عثر على نصب تذكاري بابلي ذُكرت فيه معين وصِلاتها بمملكة بابل يعود تاريخه إلى 3750 ق. م وما يهمنا هنا أن هذه الدولة كانت دولة تجارة وفتح اقتصادي وسلام وفي عهدها تحققت وحدة اليمن والجزيرة ووصل نفوذها الاقتصادي إلى حوض البحر الأبيض المتوسط وإليها يعود فضل اكتشاف فنون الملاحة البحرية وكان نظام الحكم فيها ملكي وراثي معتدل واستشاري على أن تدخل الملك فيها اقتصر على المسائل العليا المتعلقة بحقوق الملك والشعب فقط.
- سبأ: مؤسسها سبأ الأكبر بن يشجب بن يعرب ومرت بمرحلتين هما: سبأ الأولى وكانت معاصرة للحضارة السومرية في بلاد الرافدين وقد عثر على وثائق سومرية تعود إلى الفترة 5000- 3500 ق. م تكلمت عن وجود علاقات ربطتها بمملكة سبأ الأولى السابقة لظهور معين, وسبأ الثانية قامت خلال الفترة 950- 115 ق. م واستطاعت القضاء على معين والحلول مكانها وكانت دولة حروب وفتح وكانت لها صلات مع ملوك آشور وأكثر ملوك سبأ كانوا من موحدي اليمن والجزيرة العربية و ينقسم عهد سبأ إلى مرحلتين هما: مرحلة المكارب 850- 620 ق. م وفي عهدهم تم الجمع بين الحكم والكهانة والرياسة الدينية, فمرحلة الملوك 610- 115 ق. م وإجمالاً فقد لاقت سبأ مقاومة عنيفة من ملوك وأمراء الإقطاع الذين اصطدمت سياسة توسع سبأ بمصالحهم واستقلالهم, على أن النظام فيها كان ديني أكثر منه سياسي.
- حمير: تعود نسبتها إلى حمير بن سبأ, قامت خلال الفترة 115 ق. م- 525 م ويسمى عهدها بعهد التبابعة وفي عهدها تطورت الألقاب الرسمية للملوك تبعاً لتوسع نفوذ الدولة وشهدت بعض فتراتها توحد اليمن والجزيرة وإجمالاً فقد كانت سبأ المملكة وحمير الملوك والدولة وكان بينها وبين ملوك سبأ وكهلان تنافس وتداخل ,لا صراع وتنافر وكل منهما كان يسعى لتوحيد اليمن تحت نفوذه بشتى الوسائل من تحالفات ومعاهدات واندماجات وحروب.
صانعو الوحدة قبل الإسلام
زخرت مرحلة ما قبل ظهور الإسلام بالعديد من عمالقة التوحيد منهم على سبيل المثال:
- يعرب بن قحطان في نحو 5700- 5000 ق. م: وهو الجد الجامع لكل اليمنيين والعرب وأول الملوك في التاريخ القديم وأول من أقام دولة يمانية موحدة وعاصمتها صنعاء دامت من بعده قرابة 500 سنة.
وإسمه يمان أو يمن أو يامن حسب الهمداني وبه سميت اليمن وكونه أول من اشتق وحذف واختصر وأوجز وأعرب في كلامه لقب بيعرب ومن حينها ظهر اسم العرب وفي هذا يقول بن أبي الحديد في الجزء الثاني من شرح نهج البلاغة ص 495 "إن يعرب أول من أقام دولة يمانية عربية في التاريخ القديم، أي وحدّ القبائل القحطانية وكانت قد تكاثرت وانتشرت وانتقلت إلى أطوار الحضارة بما جعلهم يقيمون دولتهم".
- عبد شمس - سبأ الأكبر- بن يشجب بن يعرب نحو 3750- 3500 ق. م: وهو أول من أعاد وحدة اليمن الطبيعية مع الجزيرة العربية واهتم بالزراعة والري والتجارة وأكثر من الغزو وأسس الإمبراطورية السبئية بعهديها المعيني والسبئي وكان يمارس السلطة بواسطة ممثلين عن الشعب من ثلاث طبقات هي المزود والأقيال والأذواء.
- عبد شمس وايل – سبأ الثاني- بن وائل بن الغوث نحو 2750 ق. م: وهو ثالث الموحدين وإليه يعود فضل إنشاء سد مأرب ومن بعده ظلت اليمن موحدة في عهد خلفائه.
- تبع ذي مرائد- الرائد تبع الأكبر- نحو 2150 ق. م: وهو الموحد الرابع وبقيت اليمن موحدة في عهد ابنه شمر ذو الجناحين الأول والملك الصعب ذو القرنين السيار وهو تبع بن تبع الأقرن بن شمر يرعش بن إفريقيس وبقيت اليمن موحدة إلى أن وصل إلى الحكم الملك شدد بن قيس بن صيفي في نحو 1500 ق. م .. وصولاً إلى أخر الموحدين قبل الإسلام وهو سيف بن ذي يزن 575-596م.
وفي المحصلة فما يهمنا هنا هو إشتهار هذا العهد بالكثير من العمالقة الذين استطاعوا أن يوحدوا اليمن والجزيرة وأن يفرضوا أنفسهم على غيرهم من الأمم وبين كل وحدة وأخرى فترة ضعف ووهن وتشرذم لكنها ظلت في الحدود السياسية دون أن تطال الجوانب الأخرى كما كان هناك تنافس بين ملوك اليمن في تلك الحقبة ترك بصماته على المنطقة ولذا كان من الطبيعي أن يجتمع باجتماع ملوك اليمن وتوحدهم العرب ويفترقون لتفرقهم.
مظاهر الوحدة
- وحدة الأرض والإنسان: بإجماع المؤرخين ظلت اليمن في مساحتها الطبيعية وحدة لا تتجزأ منذ أن سكنها نبي الله نوح وحتى منتصف العقد الثالث من القرن العشرين مع عدم ورود أي ذكر لشمال أو جنوب وعليه يحدد المؤرخون مساحتها الطبيعية بالقسم الجنوبي من شبه الجزيرة العربية والذي يشمل اليوم الجمهورية اليمنية وسلطنة عمان والجزء الأعظم من جنوب العربية السعودية وهي الأرض التي أخذت مسماها من الملك يمن بن قحطان الملقب بيعرب - وقحطان ليس الأب المباشر ليعرب بل بينهما نحو ثلاثة آلاف سنة- وسمي شعبها باليمنيين ودولتها باليمن ومن ذرية هذا الملك تناسلت قبائل العرب قاطبة يقول ابن هشام "ان يعرب بن قحطان سمي يمناً وبه سميت اليمن" ويضيف ابن منظور "وهو أبو اليمن كلهم".
ولا زالت القبائل اليمنية عبر العصور تحتفظ بأنسابها وأصولها وفروعها المكونة فيما بينها نسيجاً اجتماعياً واحداً ناهيك عن التجانس في العادات والتقاليد والقيم والأهداف والهموم والطموحات والتطلعات.
- الوحدة الاقتصادية والحضارية: من الأمور اللافتة إدراك الممالك اليمنية المبكر لمساوئ تعدد الكيانات القبلية ذات النفوذ المحلي والكيانات الإقطاعية لما لها من ضرر على وحدة اليمن فحاولت تلافي ذلك عبر إقامة روابط اجتماعية على أسس اقتصادية قُسمت بموجبها قبائل اليمن إلى وحدات مجمعة زراعية وصناعية ومهنية... وربطت بينها بروابط العمل والإنتاج بدلاً من أواصل القرابة والدم أي أن تلك الممالك فضلت ربط القبائل بالروابط الدينية والاجتماعية والاقتصادية لا رابطة الدم والنسب وعلى أساسه برز ما يسمى بالعمل الجماعي التعاوني, هذا وقد تعددت صور الحضارات القديمة ما نجد دلالته في آثارها ونقوشها وفي وضع أسس السدود وإنشاء المحافد والمدن والقصور والمدرجات الزراعية والمعابد وشبكات الري والصهاريج والحاميات التجارية والمنارات, كما أقامت مستوطنات حضارية في مختلف المناطق وسنت ما يستلزمها من التشريعات والتنظيمات... على أن الطابع العام للنظام السائد قبل الإسلام هو النظام الإقطاعي, لكنه كان أقرب إلى التعاونيات الجماعية, فيما كانت الحياة الاجتماعية تتسم بالطابع القبلي مع هيمنة واضحة للسلطة الدينية.
كما شهدت تلك الفترة حضارة إنسانية رفيعة من أبرز مظاهرها اللغة السبئية القديمة والخط المسند, كما أظهرت الآثار والنقوش المنتشرة في أنحاء اليمن تشابهاً وتجانساً كبيراً بين أسماء الأوائل في السكن ومحال الإقامة.
- الوحدة السياسية: ضم اليمن عدداً من مراكز القوى الساعي كل منها إلى مد النفوذ والاستقطاب على سائر المجال الحيوي لليمن، في وقت كانت الوحدة فيه تمثل قوة وسلاح في وجوه الأعداء وغضب الطبيعة وغالباً ما كان يصحبها نظم سياسية شوروية تعطي للشعب حق المشاركة الفعلية في صناعة القرار سواء عبر اتحادات مجالس القبائل أو المجالس الاستشارية (المسود).
ومن مظاهر الوحدة السياسية أيضاً الأسماء والمسميات التي أطلقت على الأماكن والتعاريف الفنية منها المحفد والمخلاف حيث أطلق الأول على القصور والقلاع المحصنة والثاني على الأقاليم وهي تسميات إدارية, ويعد يعرب أول من قسم جزيرة العرب إلى ولايات وجعل على كل منها والي فيما كان سبأ بن حمير أول من وضع التقسيمات الإدارية فجعل المحفد مسمى للناحية أو المديرية عليها أمير والمخلاف مسمى للإقليم عليه قيل, وحسب الهمداني فإن عدد المخاليف وصلت إلى 30 مخلاف يمني سُمي كلٌ منها بمن سكنه من ملوك حمير وكهلان المتغلبين في عصورهم وهو ما جعل أسماء أماكن سُكنة الممالك اليمنية القديمة وأسماء أعلامها ومشاهيرها متشابهة ومتجانسة.
العوامل المؤثرة على وحدة اليمن
يأتي في مقدمتها نزعات التسيد والاستئثار بالسلطة إلى جانب العوائق الطبيعية والنزعات السياسية وجماعات المصالح والضغط خصوصاً أمراء الإقطاع مع دخول العامل الخارجي منذ النصف الثاني من القرن الأول قبل الميلاد وتحديداً في 24 ق. م عندما حاول الرومان احتلال اليمن ومن بعدهم الأحباش والبطالسة اليونان والفرس وما أوجده هذا التنافس الحاد على اليمن من صراع وتعصب أيديولوجي وفكري لازالت اليمن تكتوي بناره إلى يومنا..ناهيك عن ضعف بعض ملوك تلك الحقبة وخلودهم إلى الترف والاسترخاء وتخليهم عن القيم السياسية لبناء الأسرة والمجتمع والفرد وهو ما جعل القرون السبعة المستبقة ظهور الإسلام نقطة مظلمة في تاريخ اليمن القديم باستثناء فترات متقطعة منها.
الوحدة اليمنية في عهد الإسلام
أتى الإسلام واليمن في ذروة الانقسام والتشرذم والتمزق والحروب ما جعل أبنائه يسارعون إلى اعتناق هذا الدين طواعية لأنهم وجدوا فيه الطريقة المثلى لاستعادة وحدتهم وبالفعل تمكن الرسول الخاتم من توحيد أبناء اليمن والقضاء على الطبقات وحكومات الأقاليم والأقيال فأرسل إلها رجالاً كثيرين ليسوا جميعاً حُكاماً أو ولاة بقدر ما كانوا يحققون التوعية بالإسلام وتحقيق سيادة الدولة المركزية وبالتالي التعامل مع اليمن كوحدة إدارية وسياسية متكاملة وهكذا ظل التعامل بعهد الرسول والخلفاء الراشدين والعهد الأموي وشطراً من العهد العباسي إلى أن شهدت اليمن قيام أول إمارة مستقلة في عهد المأمون العباسي.
واللافت هنا أنه رغم نجاح الرسول في معالجة الصراع والتعصب الأيديولوجي والفكري الذي ساد اليمن قبل ظهور الإسلام, لكن ذلك سرعان ما عاد إلى الواجهة تحت مسميات آخر مع نهاية عهد الخلفاء الراشدين وما صاحبه من صراع وتعصب أيديولوجي وفكري بين العلويين والأمويين وبين الأمويين والعباسيين والعلوية والإسماعيلية وغيرها, فكان اليمن وشعبه الأكثر تأثراً وإكتواءاً بمياسيمها إلى يومنا وهو ما حال دون توحد اليمن بعدها باستثناء فترات متقطعة ولعقود, كما أتاح ذلك فسحة وفرصة ذهبية للأطماع الخارجية في اليمن كالعثمانيين والفرس والجراكسة والأيوبيين،والفاطميين والمماليك والاستعمار الغربي وما بينهما شهدت اليمن العديد من الإمارات والممالك والدول كانت تتوسع وتنكمش حسب الظروف الداخلية والخارجية وشخصية الحكام.
صانعو الوحدة في العصر الوسيط
- محمد بن عبدالله بن زياد: وهو أول الموحدين في العصر الوسيط لمعظم أجزاء اليمن وأول من أقام إمارة يمنية مستقلة عن العباسيين في عام 819م /207هـ واستمرت نحو 200 عام وتوحدت اليمن في عهده لمدة ثلاثة عقود ومما ساعده على ذلك تحقيقه لبعض الإصلاحات العمرانية والثقافية ومن بعده تمكن حسين سلامه مولى بني زياد من توحيد اليمن لفترة قصيرة وامتد سلطانه من الشحر إلى مكة المكرمة.
- علي بن مهدي الحميري: تمكن في 1159 م من القضاء على الدولة النجاحية في تهامة وإخضاع معظم أجزاء اليمن وإقامة نظام قريب من الاشتراكية وهو ما أثار القوى الإقطاعية ضده وبالتالي التحالف مع الأيوبيين لإسقاط دولته في 1173م.
وبالفعل استطاع الأيوبيين بالتعاون مع أمراء الإقطاع المحليين من السيطرة على اليمن وتوحيده تحت حكمهم باستثناء القسم الأعلى الواقع تحت نفوذ الأئمة.
- علي بن الفضل الخنفري 889- 914م: كان هدفه توحيد اليمن وقد اشتملت دولته على أغلب أجزاء اليمن لكن ذلك لم يدم سوى 17 عاماً ومما ساعده على ذلك نجاحه في إسقاط إمارات الإقطاعيين.
- عمر بن علي بن رسول 1230- 1455م: أحد أشهر موحدي اليمن بعد الإسلام واستمرت في عهد خلفائه قرابة 93 سنة ووصل نفوذه الأدبي إلى عمان شرقاً والحجاز غرباً.
- علي محمد الصليحي 1048- 1150م: ثاني الموحدين لليمن بكاملها بعد بني رسول واستمرت كذلك إلى آخر عهد الملكة سيدة بنت أحمد الصليحي ومما ساعده على توحيد اليمن حينها أخذه أمراء الإقطاع وإسكانهم العاصمة صنعاء ليكونوا تحت رقابته المباشرة هذا وقد أمتد نفوذه الأدبي إلى الحجاز.
- المتوكل إسماعيل بن القاسم 1654- 1686: وهو آخر الموحدين في العصر الوسيط.
مما سبق نجد أن تعدد الدول وتداخلها واستعانة بعضها بالقوى الخارجية قد أدى في خاتمة المطاف إلى إنهاكها وضعفها وكون العامل الاقتصادي في طبيعته من العوامل القابلة للتفجير في أية لحظة فإننا نلحظ جلياً أهمية تعامل الدول اليمنية المتعاقبة والمتداخلة مع أمراء الإقطاع باعتباره من العوامل الحاسمة في توحيد اليمن وأمنه واستقراره في حال نجح ملوك تلك الدول في تحجيم الإقطاعيين وتقليص نفوذهم والعكس في حالة الفشل وهو ما نجد دلالته في السمات العامة لفترات التوحد والتي حملت معها الأمان والاستقرار والانتعاش الاقتصادي النسبي والرضا الجماهيري كما هو حال الدولة الصليحية والدولة الرسولية.
على أن هذا التعدد والتباين بين تلك الدول ظل محصوراً في الجانب السياسي من منطلق التسابق إلى توسيع النفوذ والسيطرة على كامل الأرض اليمنية أو معظم أجزائها لكن تحوله إلى صراع أسري داخل الدولة ذاتها كما هو حال الأئمة والنجاحيين والعبيديين وغيرهم وأحياناً فكري وأيديولوجي أوجد ظروفاً سيئة أتاحت للخارج فرصة ذهبية للتدخل وفرض الأجندة المعادية لليمن ووحدته, وصولاً إلى فرض الإنجليز والعثمانيين في 1914 م التجزئة السياسية على اليمنيين كأمر واقع لأول مرة في تاريخ اليمن ومن حينها برزت مسميات الشمال والجنوب.
عوامل كثيرة ساهمت في تكريس ظاهرة التجزئة في الثقافة اليمنية في مقدمتها سياسة الاستعمار البريطاني والحكم الإمامي والتي مثلت العقبة الكبرى أمام استعادة اليمن وحدته وهو ما أدى إلى توحد هدفي ثورتي سبتمبر وأكتوبر للتخلص من الاستعمار والإمامة تمهيداً لإعادة التحام الجسد اليمني وبغض النظر عن العوامل التي حالت دون التوحد بعد الثورة فقد مثل انتخاب علي عبدالله صالح في 17 يوليو 1978 لرئاسة ما كان يسمى بالجمهورية العربية اليمنية نقطة فارقة في تاريخ اليمن الوحدوي ومن حينها أضحت ثقافة الوحدة الثقافة المقروءة ولغة التفاهم والحوار الوحيدة والأقوى من الأيديولوجيات الدخيلة ومن الطائفية والمناطقية وبالتالي سيرورة حلم الأمس القريب حقيقة اليوم في 22 مايو 1990.
ا لمصادر:
- محمد ناصر ناصر حسن هادي, عمالقة الوحدة اليمنية في التاريخ القديم والحديث , مركز عبادي,ط1 , 2001.
- محمد سالم شجاب, الوحدة والثورات اليمنية عبر العصور , ط1 , 2007.
- القاضي عبدالله الشماحي, اليمن الإنسان والحضارة , منشورات المدينة- بيروت,ط3 ,1985.
- محمد يحيى الحداد,التاريخ العام لليمن, ج1-4, منشورات المدينة-بيروت, ط1, 1986م.
- سلطان أحمد عمر, نظرة في تطور المجتمع اليمني, دار الطليعة , ط1 , شباط1970.
- حسن قاضي, متى تجزأت اليمن؟ بدلاً من: متى توحدت اليمن؟,مجلة الحكمة,إتحاد الأدباء والكتاب-صنعاء, العدد149,سبتمبر1987.
- د.أحمد الأصبحي ,قراءة في تاريخ اليمن الوحدوي,ورقة عمل – ندوة الوحدة اليمنية في عامها ألـ 17 , معهد الميثاق 20 أيار/مايو2007.
- د. عبدالعزيز الشعيبي, الخلفية التاريخية للوحدة اليمنية,ندوة الوحدة اليمنية,المرجع السابق.
وحدة اليمن أرضاً وإنساناً من المسلمات الثابتة ثبوت وجود الشعب اليمني والأرض اليمنية منذ أن تمكن يعرب بن قحطان الجد الجامع لهذا الشعب من إقامة أول وحدة يعربية يمانية في الألف الخامسة قبل الميلاد، ومن حينها شكلت الوحدة الهدف الجامع لكافة ملوك وأمراء اليمن سواء في التاريخ القديم أو الوسيط أو الحديث والسمة الغالبة على تاريخ هذا الشعب والقاعدة العاكسة جوهر الإرادة اليمنية الطامحة دوماً إلى التوحد والاتحاد باعتبار ذلك من عوامل القوة في مواجهة أخطار الطبيعة وتطويعها لصالح الإنسان اليمني ومواجهة الأطماع الخارجية بعناوينها المختلفة.
وفي الاتجاه الأخرى شكلت حالة التجزئة والانشطار التي شابت اليمن في بعض المراحل التاريخية على مر العصور ظاهرة استثنائية وعابرة فرضتها ظروف استثنائية وصنعتها إرادة غير يمنية أي أنها لم تكن في يوم من الأيام أمراً طبيعياً بل ظاهرة غريبة ودخيلة على اليمن وشعبه وتاريخه الوحدوي المشرق.
ورغم ما صاحب ذلك من جدل عقيم حول ما إذا كانت الوحدة القاعدة والتجزئة الاستثناء أم العكس؟ فما نجده من خلال قراءتنا السريعة لتاريخ اليمن الوحدوي منذ الألف الخامسة قبل الميلادي وحتى استعادة اليمن عافيته والتئام جسده الواحد في 22 أيار/ مايو 1990 هو تأكيد حقيقة أن فترات التوحد كانت على الدوام الأطول زمنياً وكانت على الدوام عامل أمان واستقرار وانتعاش اقتصادي وفكري وحضاري ليس لليمن فحسب بل ولمحيطها الإقليمي في حين كانت فترات التجزئة قصيرة جداً, كما أن ما شهدته اليمن من ممالك ودول متعددة سواء قبل الإسلام أو بعد استقلال اليمن عن الدولة العباسية وصولاً إلى العام 1914 إنما كان تعدد وتنوع يثير قاعدة التوحد ويعززها لسببين هما: استمرار بقاء التواصل والاتصال الثقافي والمعيشي, ناهيك عن حرية تنقل الناس, فيما بينها وعدم تجاوز سقف الاختلاف المستوى السياسي دون أن يتعداه إلى المستويات الأخرى سواء كانت اقتصادية أو ثقافية أو اجتماعية, وهو ما حافظ على وحدة الشعب ووحدة خصائصه ,كما لم تشهد تلك الفترة وجود حدود سياسية مرسومة بالمعنى المتعارف عليه بين الدول.
منذ العام 1914 بدأت مرحلة جديدة في التاريخ اليمني عندما شرع الانجليز والعثمانيين في تقسيم مناطق نفوذهما وترسيم الحدود بينهما وهو ما مثل سابقة خطيرة على صعيد التجزئة السياسية لأول مرة في تاريخ هذا الشعب والمتعمقة بصورة أكبر عقب رفض الإمام يحيى استلام المناطق الجنوبية التي كانت تحت نفوذ الأتراك إثر انسحابهم من شمال اليمن في العام 1919 وصولاً إلى الاعتراف بالتجزئة كسياسة أمر واقع عندما وقع الإمام في 1934 معاهدة اعتراف وصداقة مع الإنجليز تضمنت الإبقاء على الوضع القائم بالمناطق الجنوبية والشرقية كما هو لأربعة عقود قادمة من تاريخه ومن حينها بدأ الجدل وبدأت مفاهيم الجنوب والشمال تشق طريقها إلى المشهد السياسي.
إن ما تمر به اليمن اليوم هو في حقيقته اجترار شائه واستنساخ مشوهه غايته نسف الصفحة المشرقة لتاريخ اليمن الواحد في أرضه وإنسانه وخواصه الثقافية والحضارية والنفسية والسلوكية الواحدة الموحدة منذ سبعة آلاف سنة.
كل هذا يضعنا أمام سؤال محوري ومصيري هو: هل كانت اليمن فعلاً مجزأة تاريخياً؟, بدلاً من: هل كانت اليمن موحدة تاريخياً؟ ورغم أن الصيغة الأخيرة غير قابلة للشك والتشكيك عكس الصيغة الأولى إلا أن ما شهدته من رواج وجدل ترفي في أوساط الحالمين بعودة عهود السلاطين وعهود الرجعية والتخلف دفعنا إلى هذه القراءة السريعة لتاريخ اليمن الموحد بغية إزالة اللبس والتشكيك وتأكيداً لحقيقة انتصار الصوت الوحدوي في كافة مراحل التاريخ اليمني على الأصوات النشّازة لدعاة الفتنة والتجزئة.
الوحدة اليمنية قبل الإسلام
ذكرت اليمن في الكثير من الكتب القديمة كالتوراة وكتب مؤرخي الإغريق واليونان ووصفت باليمن السعيد ولم يوصف أي بلد غيرها بهذا، ووصفها القرآن الكريم بالجنة والبلدة الطيبة، ولم يصف أي بلد سواها بهذا, وخصها بسورتي سبأ والأحقاف ولم تكن سبأ سوى مملكة اليمن القديمة وهو تعبير لغوي مجازي المقصود منه السلطة اليمنية والشعب اليمني وحضارته الضاربة التي قامت بسبأ مأرب وأحقاف حضرموت.
وسبأ والأحقاف أسماء لمناطق يمانية وفي القصص القرآني نال اليمن ورجاله نصيباً كبيراً منها كأصحاب الجنة وقصص الأخدود والفيل وأبرهة وإرم ذات العماد وذو القرنين السيار وملكة سبأ والسيل العرم وقوم تبع.
وعندما أسلم أهل اليمن طواعية خصهم الله بسورة النصر فيما قال الرسول وهو يستقبل وفودهم [جاءكم أهل اليمن ....]. هكذا تحدث القرآن والرسول الخاتم عن أهل اليمن ومملكة سبأ في إطار منطق الوحدة وليس منطق التجزئة وعن مكانة هذا البلد ودوره الحضاري قبل مجيء الرسول الخاتم على أن هذا الدور وتلك المكانة لم تأتي من فراغ بل كان هناك شعب عظيم وقادة كبار استطاعوا توحيد أيادي سبأ منذ فجر التاريخ في كيان حضاري موحد توفرت له كل أسباب القوة والازدهار بما جعله يصل إلى مستوى تنظيم نفسه في نظم سياسية قوية فرضت نفسها على قبائل الجزيرة العربية وما وراءها من الأمم وما كان لها أن تصل إلى هذا المستوى لو لم تكن موحدة أرضاً وإنساناً في وقت تعاقبت على حكم اليمن العديد من الممالك هي معين وسبأ وحمير وفي فلكها أوسان وقتبان وحضرموت.. إلخ.
وهذه الممالك هي التي تم العثور على آثار تدل عليها والبالغة نحو 5 آلاف نقش أثري كلها تخلص إلى حقيقة واحدة هي اشتراك القادة الكبار لهذه الدول في مساعي تحقيق الوحدة اليمنية والحفاظ عليها، وان بين كل وحدة وأخرى فترات من الضعف والتفكك العابرة, كما تم تحقيق نوعين من الوحدة في تلك العهود, الأول: وحدة شاملة ضمت اليمن والجزيرة العربية وما وراءها من الأمم وأبرز قادتها يعرب وسبأ والحارث الرائش وذو القرنين وكرب آل وتر وغيرهم والثانية وحدة وطنية اقتصرت على اليمن أو الجزء الأكبر منه كما هو حال دولة حضرموت وأوسان وحبان وسمعي حاشد قبل الإسلام , والرسوليين والصليحيين في التاريخ الوسيط.... وفي كليهما فقد كان لتوحد اليمن أهمية كبيرة في استقرار وأمن الجزيرة العربية والعكس في حالة التفرق والتشرذم وهذه الحقيقة لا تزال السمة الغالبة إلى يومنا كون اليمن المركز الرئيسي للأمن والاستقرار الإقليمي نظراً لأهميتها الموقعية والجيوسياسية.
وإجمالاً فقد مرَّ اليمن قبل ظهور الإسلام بمرحلتين هما المرحلة المشرقة واستمرت من القرن 15 قبل الميلاد وحتى العام 115 ق. م وهي مرحلة الدولة السبئية والمرحلة المظلمة واستمرت من 50 ق. م وحتى القرن السادس الميلادي وهي مرحلة الدولة الحميرية وذلك بسبب وقوعها تحت تأثير الأطماع الخارجية كالبطالسة اليونان والرومان والأحباش والفرس..
الممالك القديمة الكبرى
- معين: وهو اللقب الثاني لعبد شمس بن يشجب بن يعرب إلى جانب لقب الشهرة سبأ الأكبر ومعين وسبأ من أعظم دول العهد القديم وبينهما تداخل كبير، ظهرت معين من الجوف في نحو 4000- 900 ق. م وقد عثر على نصب تذكاري بابلي ذُكرت فيه معين وصِلاتها بمملكة بابل يعود تاريخه إلى 3750 ق. م وما يهمنا هنا أن هذه الدولة كانت دولة تجارة وفتح اقتصادي وسلام وفي عهدها تحققت وحدة اليمن والجزيرة ووصل نفوذها الاقتصادي إلى حوض البحر الأبيض المتوسط وإليها يعود فضل اكتشاف فنون الملاحة البحرية وكان نظام الحكم فيها ملكي وراثي معتدل واستشاري على أن تدخل الملك فيها اقتصر على المسائل العليا المتعلقة بحقوق الملك والشعب فقط.
- سبأ: مؤسسها سبأ الأكبر بن يشجب بن يعرب ومرت بمرحلتين هما: سبأ الأولى وكانت معاصرة للحضارة السومرية في بلاد الرافدين وقد عثر على وثائق سومرية تعود إلى الفترة 5000- 3500 ق. م تكلمت عن وجود علاقات ربطتها بمملكة سبأ الأولى السابقة لظهور معين, وسبأ الثانية قامت خلال الفترة 950- 115 ق. م واستطاعت القضاء على معين والحلول مكانها وكانت دولة حروب وفتح وكانت لها صلات مع ملوك آشور وأكثر ملوك سبأ كانوا من موحدي اليمن والجزيرة العربية و ينقسم عهد سبأ إلى مرحلتين هما: مرحلة المكارب 850- 620 ق. م وفي عهدهم تم الجمع بين الحكم والكهانة والرياسة الدينية, فمرحلة الملوك 610- 115 ق. م وإجمالاً فقد لاقت سبأ مقاومة عنيفة من ملوك وأمراء الإقطاع الذين اصطدمت سياسة توسع سبأ بمصالحهم واستقلالهم, على أن النظام فيها كان ديني أكثر منه سياسي.
- حمير: تعود نسبتها إلى حمير بن سبأ, قامت خلال الفترة 115 ق. م- 525 م ويسمى عهدها بعهد التبابعة وفي عهدها تطورت الألقاب الرسمية للملوك تبعاً لتوسع نفوذ الدولة وشهدت بعض فتراتها توحد اليمن والجزيرة وإجمالاً فقد كانت سبأ المملكة وحمير الملوك والدولة وكان بينها وبين ملوك سبأ وكهلان تنافس وتداخل ,لا صراع وتنافر وكل منهما كان يسعى لتوحيد اليمن تحت نفوذه بشتى الوسائل من تحالفات ومعاهدات واندماجات وحروب.
صانعو الوحدة قبل الإسلام
زخرت مرحلة ما قبل ظهور الإسلام بالعديد من عمالقة التوحيد منهم على سبيل المثال:
- يعرب بن قحطان في نحو 5700- 5000 ق. م: وهو الجد الجامع لكل اليمنيين والعرب وأول الملوك في التاريخ القديم وأول من أقام دولة يمانية موحدة وعاصمتها صنعاء دامت من بعده قرابة 500 سنة.
وإسمه يمان أو يمن أو يامن حسب الهمداني وبه سميت اليمن وكونه أول من اشتق وحذف واختصر وأوجز وأعرب في كلامه لقب بيعرب ومن حينها ظهر اسم العرب وفي هذا يقول بن أبي الحديد في الجزء الثاني من شرح نهج البلاغة ص 495 "إن يعرب أول من أقام دولة يمانية عربية في التاريخ القديم، أي وحدّ القبائل القحطانية وكانت قد تكاثرت وانتشرت وانتقلت إلى أطوار الحضارة بما جعلهم يقيمون دولتهم".
- عبد شمس - سبأ الأكبر- بن يشجب بن يعرب نحو 3750- 3500 ق. م: وهو أول من أعاد وحدة اليمن الطبيعية مع الجزيرة العربية واهتم بالزراعة والري والتجارة وأكثر من الغزو وأسس الإمبراطورية السبئية بعهديها المعيني والسبئي وكان يمارس السلطة بواسطة ممثلين عن الشعب من ثلاث طبقات هي المزود والأقيال والأذواء.
- عبد شمس وايل – سبأ الثاني- بن وائل بن الغوث نحو 2750 ق. م: وهو ثالث الموحدين وإليه يعود فضل إنشاء سد مأرب ومن بعده ظلت اليمن موحدة في عهد خلفائه.
- تبع ذي مرائد- الرائد تبع الأكبر- نحو 2150 ق. م: وهو الموحد الرابع وبقيت اليمن موحدة في عهد ابنه شمر ذو الجناحين الأول والملك الصعب ذو القرنين السيار وهو تبع بن تبع الأقرن بن شمر يرعش بن إفريقيس وبقيت اليمن موحدة إلى أن وصل إلى الحكم الملك شدد بن قيس بن صيفي في نحو 1500 ق. م .. وصولاً إلى أخر الموحدين قبل الإسلام وهو سيف بن ذي يزن 575-596م.
وفي المحصلة فما يهمنا هنا هو إشتهار هذا العهد بالكثير من العمالقة الذين استطاعوا أن يوحدوا اليمن والجزيرة وأن يفرضوا أنفسهم على غيرهم من الأمم وبين كل وحدة وأخرى فترة ضعف ووهن وتشرذم لكنها ظلت في الحدود السياسية دون أن تطال الجوانب الأخرى كما كان هناك تنافس بين ملوك اليمن في تلك الحقبة ترك بصماته على المنطقة ولذا كان من الطبيعي أن يجتمع باجتماع ملوك اليمن وتوحدهم العرب ويفترقون لتفرقهم.
مظاهر الوحدة
- وحدة الأرض والإنسان: بإجماع المؤرخين ظلت اليمن في مساحتها الطبيعية وحدة لا تتجزأ منذ أن سكنها نبي الله نوح وحتى منتصف العقد الثالث من القرن العشرين مع عدم ورود أي ذكر لشمال أو جنوب وعليه يحدد المؤرخون مساحتها الطبيعية بالقسم الجنوبي من شبه الجزيرة العربية والذي يشمل اليوم الجمهورية اليمنية وسلطنة عمان والجزء الأعظم من جنوب العربية السعودية وهي الأرض التي أخذت مسماها من الملك يمن بن قحطان الملقب بيعرب - وقحطان ليس الأب المباشر ليعرب بل بينهما نحو ثلاثة آلاف سنة- وسمي شعبها باليمنيين ودولتها باليمن ومن ذرية هذا الملك تناسلت قبائل العرب قاطبة يقول ابن هشام "ان يعرب بن قحطان سمي يمناً وبه سميت اليمن" ويضيف ابن منظور "وهو أبو اليمن كلهم".
ولا زالت القبائل اليمنية عبر العصور تحتفظ بأنسابها وأصولها وفروعها المكونة فيما بينها نسيجاً اجتماعياً واحداً ناهيك عن التجانس في العادات والتقاليد والقيم والأهداف والهموم والطموحات والتطلعات.
- الوحدة الاقتصادية والحضارية: من الأمور اللافتة إدراك الممالك اليمنية المبكر لمساوئ تعدد الكيانات القبلية ذات النفوذ المحلي والكيانات الإقطاعية لما لها من ضرر على وحدة اليمن فحاولت تلافي ذلك عبر إقامة روابط اجتماعية على أسس اقتصادية قُسمت بموجبها قبائل اليمن إلى وحدات مجمعة زراعية وصناعية ومهنية... وربطت بينها بروابط العمل والإنتاج بدلاً من أواصل القرابة والدم أي أن تلك الممالك فضلت ربط القبائل بالروابط الدينية والاجتماعية والاقتصادية لا رابطة الدم والنسب وعلى أساسه برز ما يسمى بالعمل الجماعي التعاوني, هذا وقد تعددت صور الحضارات القديمة ما نجد دلالته في آثارها ونقوشها وفي وضع أسس السدود وإنشاء المحافد والمدن والقصور والمدرجات الزراعية والمعابد وشبكات الري والصهاريج والحاميات التجارية والمنارات, كما أقامت مستوطنات حضارية في مختلف المناطق وسنت ما يستلزمها من التشريعات والتنظيمات... على أن الطابع العام للنظام السائد قبل الإسلام هو النظام الإقطاعي, لكنه كان أقرب إلى التعاونيات الجماعية, فيما كانت الحياة الاجتماعية تتسم بالطابع القبلي مع هيمنة واضحة للسلطة الدينية.
كما شهدت تلك الفترة حضارة إنسانية رفيعة من أبرز مظاهرها اللغة السبئية القديمة والخط المسند, كما أظهرت الآثار والنقوش المنتشرة في أنحاء اليمن تشابهاً وتجانساً كبيراً بين أسماء الأوائل في السكن ومحال الإقامة.
- الوحدة السياسية: ضم اليمن عدداً من مراكز القوى الساعي كل منها إلى مد النفوذ والاستقطاب على سائر المجال الحيوي لليمن، في وقت كانت الوحدة فيه تمثل قوة وسلاح في وجوه الأعداء وغضب الطبيعة وغالباً ما كان يصحبها نظم سياسية شوروية تعطي للشعب حق المشاركة الفعلية في صناعة القرار سواء عبر اتحادات مجالس القبائل أو المجالس الاستشارية (المسود).
ومن مظاهر الوحدة السياسية أيضاً الأسماء والمسميات التي أطلقت على الأماكن والتعاريف الفنية منها المحفد والمخلاف حيث أطلق الأول على القصور والقلاع المحصنة والثاني على الأقاليم وهي تسميات إدارية, ويعد يعرب أول من قسم جزيرة العرب إلى ولايات وجعل على كل منها والي فيما كان سبأ بن حمير أول من وضع التقسيمات الإدارية فجعل المحفد مسمى للناحية أو المديرية عليها أمير والمخلاف مسمى للإقليم عليه قيل, وحسب الهمداني فإن عدد المخاليف وصلت إلى 30 مخلاف يمني سُمي كلٌ منها بمن سكنه من ملوك حمير وكهلان المتغلبين في عصورهم وهو ما جعل أسماء أماكن سُكنة الممالك اليمنية القديمة وأسماء أعلامها ومشاهيرها متشابهة ومتجانسة.
العوامل المؤثرة على وحدة اليمن
يأتي في مقدمتها نزعات التسيد والاستئثار بالسلطة إلى جانب العوائق الطبيعية والنزعات السياسية وجماعات المصالح والضغط خصوصاً أمراء الإقطاع مع دخول العامل الخارجي منذ النصف الثاني من القرن الأول قبل الميلاد وتحديداً في 24 ق. م عندما حاول الرومان احتلال اليمن ومن بعدهم الأحباش والبطالسة اليونان والفرس وما أوجده هذا التنافس الحاد على اليمن من صراع وتعصب أيديولوجي وفكري لازالت اليمن تكتوي بناره إلى يومنا..ناهيك عن ضعف بعض ملوك تلك الحقبة وخلودهم إلى الترف والاسترخاء وتخليهم عن القيم السياسية لبناء الأسرة والمجتمع والفرد وهو ما جعل القرون السبعة المستبقة ظهور الإسلام نقطة مظلمة في تاريخ اليمن القديم باستثناء فترات متقطعة منها.
الوحدة اليمنية في عهد الإسلام
أتى الإسلام واليمن في ذروة الانقسام والتشرذم والتمزق والحروب ما جعل أبنائه يسارعون إلى اعتناق هذا الدين طواعية لأنهم وجدوا فيه الطريقة المثلى لاستعادة وحدتهم وبالفعل تمكن الرسول الخاتم من توحيد أبناء اليمن والقضاء على الطبقات وحكومات الأقاليم والأقيال فأرسل إلها رجالاً كثيرين ليسوا جميعاً حُكاماً أو ولاة بقدر ما كانوا يحققون التوعية بالإسلام وتحقيق سيادة الدولة المركزية وبالتالي التعامل مع اليمن كوحدة إدارية وسياسية متكاملة وهكذا ظل التعامل بعهد الرسول والخلفاء الراشدين والعهد الأموي وشطراً من العهد العباسي إلى أن شهدت اليمن قيام أول إمارة مستقلة في عهد المأمون العباسي.
واللافت هنا أنه رغم نجاح الرسول في معالجة الصراع والتعصب الأيديولوجي والفكري الذي ساد اليمن قبل ظهور الإسلام, لكن ذلك سرعان ما عاد إلى الواجهة تحت مسميات آخر مع نهاية عهد الخلفاء الراشدين وما صاحبه من صراع وتعصب أيديولوجي وفكري بين العلويين والأمويين وبين الأمويين والعباسيين والعلوية والإسماعيلية وغيرها, فكان اليمن وشعبه الأكثر تأثراً وإكتواءاً بمياسيمها إلى يومنا وهو ما حال دون توحد اليمن بعدها باستثناء فترات متقطعة ولعقود, كما أتاح ذلك فسحة وفرصة ذهبية للأطماع الخارجية في اليمن كالعثمانيين والفرس والجراكسة والأيوبيين،والفاطميين والمماليك والاستعمار الغربي وما بينهما شهدت اليمن العديد من الإمارات والممالك والدول كانت تتوسع وتنكمش حسب الظروف الداخلية والخارجية وشخصية الحكام.
صانعو الوحدة في العصر الوسيط
- محمد بن عبدالله بن زياد: وهو أول الموحدين في العصر الوسيط لمعظم أجزاء اليمن وأول من أقام إمارة يمنية مستقلة عن العباسيين في عام 819م /207هـ واستمرت نحو 200 عام وتوحدت اليمن في عهده لمدة ثلاثة عقود ومما ساعده على ذلك تحقيقه لبعض الإصلاحات العمرانية والثقافية ومن بعده تمكن حسين سلامه مولى بني زياد من توحيد اليمن لفترة قصيرة وامتد سلطانه من الشحر إلى مكة المكرمة.
- علي بن مهدي الحميري: تمكن في 1159 م من القضاء على الدولة النجاحية في تهامة وإخضاع معظم أجزاء اليمن وإقامة نظام قريب من الاشتراكية وهو ما أثار القوى الإقطاعية ضده وبالتالي التحالف مع الأيوبيين لإسقاط دولته في 1173م.
وبالفعل استطاع الأيوبيين بالتعاون مع أمراء الإقطاع المحليين من السيطرة على اليمن وتوحيده تحت حكمهم باستثناء القسم الأعلى الواقع تحت نفوذ الأئمة.
- علي بن الفضل الخنفري 889- 914م: كان هدفه توحيد اليمن وقد اشتملت دولته على أغلب أجزاء اليمن لكن ذلك لم يدم سوى 17 عاماً ومما ساعده على ذلك نجاحه في إسقاط إمارات الإقطاعيين.
- عمر بن علي بن رسول 1230- 1455م: أحد أشهر موحدي اليمن بعد الإسلام واستمرت في عهد خلفائه قرابة 93 سنة ووصل نفوذه الأدبي إلى عمان شرقاً والحجاز غرباً.
- علي محمد الصليحي 1048- 1150م: ثاني الموحدين لليمن بكاملها بعد بني رسول واستمرت كذلك إلى آخر عهد الملكة سيدة بنت أحمد الصليحي ومما ساعده على توحيد اليمن حينها أخذه أمراء الإقطاع وإسكانهم العاصمة صنعاء ليكونوا تحت رقابته المباشرة هذا وقد أمتد نفوذه الأدبي إلى الحجاز.
- المتوكل إسماعيل بن القاسم 1654- 1686: وهو آخر الموحدين في العصر الوسيط.
مما سبق نجد أن تعدد الدول وتداخلها واستعانة بعضها بالقوى الخارجية قد أدى في خاتمة المطاف إلى إنهاكها وضعفها وكون العامل الاقتصادي في طبيعته من العوامل القابلة للتفجير في أية لحظة فإننا نلحظ جلياً أهمية تعامل الدول اليمنية المتعاقبة والمتداخلة مع أمراء الإقطاع باعتباره من العوامل الحاسمة في توحيد اليمن وأمنه واستقراره في حال نجح ملوك تلك الدول في تحجيم الإقطاعيين وتقليص نفوذهم والعكس في حالة الفشل وهو ما نجد دلالته في السمات العامة لفترات التوحد والتي حملت معها الأمان والاستقرار والانتعاش الاقتصادي النسبي والرضا الجماهيري كما هو حال الدولة الصليحية والدولة الرسولية.
على أن هذا التعدد والتباين بين تلك الدول ظل محصوراً في الجانب السياسي من منطلق التسابق إلى توسيع النفوذ والسيطرة على كامل الأرض اليمنية أو معظم أجزائها لكن تحوله إلى صراع أسري داخل الدولة ذاتها كما هو حال الأئمة والنجاحيين والعبيديين وغيرهم وأحياناً فكري وأيديولوجي أوجد ظروفاً سيئة أتاحت للخارج فرصة ذهبية للتدخل وفرض الأجندة المعادية لليمن ووحدته, وصولاً إلى فرض الإنجليز والعثمانيين في 1914 م التجزئة السياسية على اليمنيين كأمر واقع لأول مرة في تاريخ اليمن ومن حينها برزت مسميات الشمال والجنوب.
عوامل كثيرة ساهمت في تكريس ظاهرة التجزئة في الثقافة اليمنية في مقدمتها سياسة الاستعمار البريطاني والحكم الإمامي والتي مثلت العقبة الكبرى أمام استعادة اليمن وحدته وهو ما أدى إلى توحد هدفي ثورتي سبتمبر وأكتوبر للتخلص من الاستعمار والإمامة تمهيداً لإعادة التحام الجسد اليمني وبغض النظر عن العوامل التي حالت دون التوحد بعد الثورة فقد مثل انتخاب علي عبدالله صالح في 17 يوليو 1978 لرئاسة ما كان يسمى بالجمهورية العربية اليمنية نقطة فارقة في تاريخ اليمن الوحدوي ومن حينها أضحت ثقافة الوحدة الثقافة المقروءة ولغة التفاهم والحوار الوحيدة والأقوى من الأيديولوجيات الدخيلة ومن الطائفية والمناطقية وبالتالي سيرورة حلم الأمس القريب حقيقة اليوم في 22 مايو 1990.
ا لمصادر:
- محمد ناصر ناصر حسن هادي, عمالقة الوحدة اليمنية في التاريخ القديم والحديث , مركز عبادي,ط1 , 2001.
- محمد سالم شجاب, الوحدة والثورات اليمنية عبر العصور , ط1 , 2007.
- القاضي عبدالله الشماحي, اليمن الإنسان والحضارة , منشورات المدينة- بيروت,ط3 ,1985.
- محمد يحيى الحداد,التاريخ العام لليمن, ج1-4, منشورات المدينة-بيروت, ط1, 1986م.
- سلطان أحمد عمر, نظرة في تطور المجتمع اليمني, دار الطليعة , ط1 , شباط1970.
- حسن قاضي, متى تجزأت اليمن؟ بدلاً من: متى توحدت اليمن؟,مجلة الحكمة,إتحاد الأدباء والكتاب-صنعاء, العدد149,سبتمبر1987.
- د.أحمد الأصبحي ,قراءة في تاريخ اليمن الوحدوي,ورقة عمل – ندوة الوحدة اليمنية في عامها ألـ 17 , معهد الميثاق 20 أيار/مايو2007.
- د. عبدالعزيز الشعيبي, الخلفية التاريخية للوحدة اليمنية,ندوة الوحدة اليمنية,المرجع السابق.