Translate

السبت، 31 أغسطس 2019

سبأ تحت الحصار والنار 2011


زيد يحيى المحبشي
ما يتعرض له الصحفيون في اليمن من كبت وترهيب وملاحقة واضطهاد وترويع وقتل وخطف ومصادرة لصحفهم من قِبَل النظام الحاكم, الممعن منذ انطلاقة الثورة الشبابية التغييرية السلمية في شباط/ فبراير 2011 وحتى كتابة هذه السطور, في سياسة التعذيب والتنكيل والملاحقة والاختطاف والمصادرة, وهي وإن كانت من الأمور الطبيعية والمبررة, التي عادةً ما تصاحب أي صراع سياسي بين ثقافتين متناقضتين, الأولى: تُصِر على الرضوخ لثقافة الاستكانة والمهادنة والقبول والرضا والتسليم الإستلابي بالواقع المأفون بكل مساوئه واعتباره من المسلمات والمقدسات التي لا يجوز الخروج عليها أو السعي لتغييرها, والثانية: تنشد ثقافة التغيير والحرية والعدل والمساواة واحترام الرأي والرأي الأخر والتعددية الإيجابية والفاعلة والتداول السلمي للسلطة والحياة والكرامة الإنسانية, ولديها رغبة جامحة في إقامة الدولة المدنية الحديثة والعصرية التي ظلت حُلم كل اليمنيين منذ قيام ثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر, والتي مثلت أيضاً السبب الرئيسي لاندلاع ثورة فبراير 2011 المباركة, تلك هي دولة النظام والقانون, دولة المؤسسات الديمقراطية الحقيقية والسيادة الشعبية المعتبرة والمقررة والمستمدة قوتها من الشرعية الثورية كقوة رئيسية تجاور قوة العسكر والقبيلة والأحزاب والإرث التاريخي ولا تنتظرها في صناعة حاضر اليمن ومستقبله, إنها دولة لا مكان فيها للغبن و التسلط والفساد والاستفراد والاستبداد والجور ومصادرة الحريات العامة وفي مقدمتها الحريات الصحافية.
لكن من غير الطبيعي ومن غير المبرر ظهور قوى ومشيخات قبلية وأصولية وعسكرية وحتى حزبية للأسف الشديد, لم تدخر جهداً ولم تجد حرجاً للإسهام والإدلاء بدلوها في اضطهاد الصحفيين وترويعهم, واضطهاد الحريات العامة ومصادرة سنة التنوع الكونية, بذات الأساليب والوسائل والأدوات التي ينتهجها النظام وبذات الوحشية والهمجية البدائية, ولكن هذه المرة تحت عباءة ثورة التغيير, بعد أن سنحت لهم الفرصة ومكنتهم الأحداث العاصفة بهذا البلد المنكوب, من سهولة ركوب أمواج ثورة شبابه المتطلع نحو المستقبل, ليدفع الصحفيون في كلا الحالتين فاتورة وثمن وضريبة صراع قديم متجدد لا ناقة لهم فيه ولا جمل, وليس أخرها الهجوم الهمجي لمسلحي شيخ قبائل حاشد "صادق الأحمر" على وكالة الأنباء اليمنية "سبأ" يوم الاثنين 23 أيار/ مايو 2011, والذي امتد لنحو سبع ساعات ونصف (من الساعة الواحدة ظهراً وحتى الساعة الثامنة والنصف مساءا), قاموا خلالها بمحاصرة نحو 70 شخصاً من موظفي الوكالة بينهم 13 صحافية و42 صحافي ومنهم طبعاً كاتب المقال, داخل مبنى الوكالة وقصفه بنيران الدوشكا وقذائف الآربي جي وصواريخ لو وغيرها من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة, بصورة عشوائية ووحشية, تمثل سابقة خطيرة وبعيدة كل البعد عن الأعراف والمواثيق الدولية الخاصة بحقوق المدنيين في الحروب الأهلية وتتنافى كليةً مع كل الأخلاقيات والأعراف القبلية والدينية العربية والإسلامية, تعيد للذاكرة هجوم المغول الوحشي والهمجي قبل نحو 400 سنة على بغداد بكل تفاصيله, في الوقت الذي كان فيه قطز المملوكي ممسكاً بمقاليد حكم الخلافة الإسلامية بمصر.
الهجوم القبلي الهمجي على وكالة سبأ أسفر عن تدمير الطوابق الثلاثة العلوية والشبكة التقنية بالكامل, وتدمير المولد الكهربائي الخاص بالوكالة وخزان الديزل التابع له, وسيارتين من سيارات الوكالة, الأولى: تعود لمدير عام الأخبار الأستاذ أسعد الكلالي, والثانية: تعود للأستاذ نصر طه مصطفي كان قد أرجعها للوكالة بعد تقديم استقالته وصارت بعدها في عهدة مدير الموارد البشرية حسين عثمان, كانتا وقتها رابضتين بفناء حوش الوكالة .. الخ, ناهيك عن الأضرار النفسية التي لحقت بموظفي الوكالة, بعد أن كنا قد عشنا تلك الساعات الثقيلة والرهيبة والأكثر سوءا ورعباً بالنسبة لنا, وسط أجواء مخيفة من الموت والهلاك المحقق لولا تدخل عناية السماء أولاً والعقلاء من أبناء هذا الوطن العظيم بعد إيقانهم بخطورة الحدث ومجانبته للصواب ثانياً, للتوسط من أجل إيقاف القصف والحصار وتوفير مخرج آمن, حتى يتسنى إنقاذنا وخروجنا من ذلك المستنقع الملتهب بأمن وسلام, وهو ما تم بالفعل بعد الساعة الثامنة و45 دقيقة من مساء ذلك اليوم الشؤم, حينها فقط أحسسنا بقيمة الحياة ونعمة الأمن والاستقرار.
ساعات لا يمكن نسيانها أو محوها من الذاكرة, عشنا خلالها أجواء رعب حقيقية تشابه إلى حدٍ بعيد الأجواء العنفية لأفلام الكاوبوي الأميركية, بما تخللها من رعب وخوف وقصف عشوائي وهمجي حيناً ومركز ومقصود حيناً, قام خلاله المسلحين القبليين بالاستعانة بالنواظير الليزرية لتحديد أماكن تواجد الصحفيين واقتناصهم ورصد واقتناص كامراتهم الفضولية, إلا أن عناية السماء حالت دون سقوط أي منهم, وهو ما أغاض المهاجمين وأتاح لهم فسحة لإطلاق العنان لمخيلتهم من أجل تبرير الجريمة, ولعلى أسخفها طبعاً الزعم بوجود سبعة مدافع فوق سطح مبنى الوكالة تابعة للحرس الجمهوري وقيام الأخير باستخدامها في قصف بيت الشيح عبدالله بن حسين الأحمر رحمة الله تغشاه, ثم التراجع بعد أن تبين أن المبنى لم يكن فيه أي جندي من جنود الحرس الجمهوري ولا أية مدافع أو صواريخ, معتبرين ما جرى مجرد دعابة ورسالة في ذات الوقت للقيادة السياسية, لكنها للأسف الشديد دعابة قاتلة وسخيفة وثقيلة دم, لأن المستهدفين لم يكونوا جنوداً ومبناهم لم يكن ثكنة عسكرية وإنما هم مجرد مدنيين عُزَّل لا حول لهم ولا قوة يؤدون أعمالهم كأطراف محايدة تقتضي مهنتهم الرسالية نقل المعلومة وتغطية الحدث ولذا فجُل ما يملكونه هو القلم والفكر وأجهزة الحاسوب والأوراق, والأدهى من ذلك أن غالبية المتواجدين ومنهم كاتب المقال, هم من أقلام التغيير ومن الداعمين لثورة التغيير الشبابية السلمية منذ انطلاقتها, ولا زالوا كذلك رغم كل المرارات والتجاوزات والاستهدافات التي حدثت ولا زالت تحدث للحقوق والحريات الصحافية.
ولنا هنا أن نسأل عن الذنب والجريرة التي اقترفناها حتى يتم الزج بنا في محرقة العصبيات والُثارات القبلية ومستنقع تصفية الحسابات السياسية, وتحويلنا إلى أهداف عسكرية في حرب وصراع لا ناقة لنا فيهما ولا جمل.. ولنا أيضاً أن نسأل في وضعٍ مخيف كالذي نعيشه اليوم عن هوية اليمن الجديد يمن ما بعد ثورة شباط فبراير 2011 ؟ وعن مدى إمكانية استنساخ لغم القوى التقليدية والقبلية والأصولية والعسكرتارية المتفجر بعد ثور التغيير المصرية بتداعياته الكارثية المهددة بإهلاك الحرث والنسل في اليمن؟, مع كل الحب لكل أفرقاء الصراع السياسي في اليمن وكل الأمل لإستشعارهم من منطلق الضرورة المرحلية والواجب الديني والوطني قبل فوات الأوان و خراب مالطة بأن الوطن فوق الجميع وأوسع من الجميع, ولذا فهو يستحق التضحية والتنازل من الجميع لأجل الجميع الذين هم نحن اليمنيون لا سوانا, لأن ما عدا ذلك الخراب والدمار والويل والثبور وعظائم الأمور.
** هذا المقال عبارة عن جزئية من ملف توثيقي مطول سمحت لي الفرصة بتحبيره يحمل عنوان "سبأ: سبع ساعات تحت القصف والحصار" أتمنى أن يرى النور قريباً, حاولت فيه توثيق تفاصيل أحداث الاثنين الأسود 23 أيار/ مايو 2011 والتركيز بصورة خاصة على مجريات الهجوم على وكالة سبأ من واقع الحدث, لما شاهدته أثناء تواجدي بمبنى الوكالة يومها, ورصد كافة الوقائع والأحداث التي عشناها بصورة حيادية وموضوعية, بعيداً عن التجني الأيديولوجي والتجيير والمناكفات القبلية والسياسية والحسابات الحزبية الضيقة.
صنعاء 24 أيار/ مايو 2011
Al-mahbashi@maktoob.com

تغاريد حرة حول الحرب الأهلية بجنوب اليمن بقلم زيد المحبشي

* بعد مرور خمس سنوات اكتشف حزب الإصلاح الاحتلال الإماراتي .. ترى كم سيحتاج من السنوات لاكتشاف الاحتلال السعودي؟؟ .. مع أن جدتي رحمة الله عليها قالت أن فورة الإصلاح بالجنوب ليست من أجل طرد الاحتلال الإماراتي بل من أجل حقول النفط ومصالح وشركات على محسن وحميد صندقة
.. حركات نصف كم
* دنابيع أبو الدنابيع يردون على مجزرة الإمارات بإطلاق هشتاق مزلزل في تويتر .. قالوا والعهدة على شاهد ما شفش حاجة ان محمد بن زايد ورجال دولته وأكثر من نصف سكان الإمارات هربوا إلى جمهورية تك تك خوفا من صواريخ هشتاق الدنابيع
.. يا مثبت العقول
* أطراف الصراع بالجنوب تقتتل بقفازات قاعدة الإخوان وداعش السلفيين
حرصت الإمارات من البداية على أن تكون أكثرية جنود النخب والأحزمة والحماة من السلفية المتشددة
بينما حرصت السعودية على أن تكون الأغلبية في جيش هادي الأحمر من الإخوان المتزمتين وذلك لحاجة في نفس يعقوب التحالف
أما القوى الانفصالية الحقيقية حق 1994 و 2007 والحامل الفعلي والشرعي لملف القضية الجنوبية من ساسة وعسكر فلا وجود لهم على شاشات الفضائيات ولا على ساحة الصراع العسكري وكلهم من التيار العلماني
* مسرحية الجنوب بتوافق سعودي إماراتي وتخطيط وإخراج أميركي بريطاني لتنظيف الجنوب من الإخوان والشروع في تنفيذ سيناريو الدويلات الثلاث: دولة الحراك بالجنوب والإخوان بالوسط والأنصار بالشمال
لأنهم توصلوا إلى قناعة مفادها:
استحالة استمرار الحرب في اليمن لأن الفاتورة كبيرة وهزيمة الحوثيين مستحيلة
استحالة إيقاف الحرب لأن هذا محرج ولم يعد أمامهم سوى سيناريو الدويلات الثلاث مع بعض البهارات ستتضح هويتها في مسقط
* قالت العصفورة: الحامل الفعلي للشرعية في الجنوب حراك 2007 وفي الشمال أنصار 2014 وفي الوسط إخوان 2011 .. نقطة من أول السطر
رغم أني لم أفهم كلام العصفورة لكن على ما يبدو أنه الأقرب للواقع لأن شرعية هادي انتهت مع سفك أول قطرة دم يمني في 2015 واستدعاء الأعراب لتمزيق وتدمير اليمن
* تعز المعركة المؤجلة بين موالي التحالف والأكثر دموية
* حرب عواجل طاحنة في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي حول ما يجري بالجنوب بين قوات هادي الأحمر وقوات الزبيدي بن بريك
* بالمختصر المفيد
المجلس الانتقالي اليمني في مهمة مقدسة لتنظيف المحافظات الجنوبية من الإخوان وألوية علي محسن والإصلاحيين جالسين يلاعنوا الإمارات في وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام التابعة لهم ويحملوها مسؤولية ما يجري لهم بالجنوب .. بدل الملاعنة خلوا عندكم قليل كرامة ونظفوا تعز من الوجود الإماراتي وذلك أضعف الإيمان للرد على الانتكاسات المتدحرجة لكم بالجنوب إن كنتم صادقين في التحرر من أغلال الاحتلال
*  الإخوان ضد اليمن وضد انقلاب صنعاء وضد انقلاب عدن وبقدرة قادر أصبحوا ضد التحالف ويهددونه من عقر داره بالطرد من اليمن إذا دعم الانقلاب الثاني بعد أن كانوا يقولون بأن سلمان مرسل من السماء لإنقاذ اليمن من غول الحوثي .. ومقاومتهم في فيسبوك وتويتر تقود معارك طاحنة وتسجل انتصارات خارقة دون كلل ولا ملل .. والمضحك أن قادة الانتصارات الفيسبوكية والمتحدثين باسمهم في الجزيرة يتسكعون في شوارع تركيا وقطر منذ بداية العاصفة ولا يعرفون شيئا عما يجري على الأرض كما لا يعرف الشعب اليمني شيئا عما يريدونه بالضبط .. ونصيحتي بدل هذا التيه والتخبط يدوروا لهم طريقة للتصالح مع الحوثيين ويرجعوا يعيشوا مواطنين صالحين في بلادهم ويصونوا الشمال من التصدعات والتشضيات العاصفة بالجنوب ولله في خلقه نظر
* هل تعيد أحداث عدن وصل ما انقطع بين الحوثيين والإصلاحيين؟؟
من يدري .. فالسياسة لا مقدسات فيها بل هي فن الممكن
 * ‏الإصلاح يستعيد عدن من عملاء إيران الحراكيش في تويتر وفيسبوك بعد ان أعلن قادته الحيار .. الصدق ماعد دربنا من هم عملاء إيران في اليمن الحراكيش أم الحوافيش مع أني سألت ابني الصغير ذي ال12 عاما عما يجري بعدن فقال: صراع مصالح بين ميليشيات السعودية وميليشيات الإمارات والدم من رأس ابناء الجنوب والأمر ذاته فيما تشهده اليمن .. ومن حق أبناء الجنوب والحراك تحديدا تحديد مصيرهم واستعادة دولتهم .. فالوحدة ليست عجل بني إسرائيل المقدس .. لكن من المخجل تحولهم الى مجرد أدوات في صراع المصالح بين طغاة الإقليم بتلاوينهم والأمر ذاته ينطبق على الفاعلين الشماليين الشامتين والمتربصين ولله في خلقه نظر
* ‏خلاصة الخلاصة في قضية التهجير للشماليين
الحوثيين قتلوا قائدهم وردة فعلهم أحرقت صورتهم .. ضربة معلم وردة فعل منفلتة عززت من شعبية الحوثيين وغذت روح الانتقام الشمالية ضد تحالف العاصفة وجعلت الساخطين على الحوثيين يفضلون جحيم الحوثيين على فردوس الغزاة وأدواتهم المحلية ولله في خلقه نظر
 * لا فرق بين هادي وجمل أصحاب الجمل؛ كلاهما قتل بسببه خلق كثير وتشتت القوم بين مؤيد ومعارض ومحايد وتفتت البلاد وتداعت الأكلة على قصعتها من كل حدب وصوب  .. ولولا فطنة أحد عقلاء معركة الجمل وإشارته على القوم بضرورة عقر الجمل من أجل إيقاف نزيف الأخوة الأشقاء قبل أن تفنى أرومتهم وتنقرض جرثومتهم .. لما كان في زماننا عربي واحد ولما رفعت للإسلام راية ولما بقي للعرب دولة تحمل اسمهم ..  وسلامتكم
 * لأصحاب مذهب ذيل بغلة السلطان الذين لا زالوا مصرين على عبادة شرعية هادي من دون الله .. أي شرعية بقية لهذا المسخ بعد كل هذه الكوارث التي لم يأتي بها حتى أشقى أشقياء البشرية منذ عهد أبو البشرية وحتى عهده المشؤم
* سحب الإمارات 75 % من قواتها العاملة باليمن والتهجير القسري للشماليين من الجنوب وإعلان الحوثيين وقف استهداف الإمارات وقصر استهدافهم للوجود الإماراتي المباشر وغير المباشر في اليمن فقط  وو ..
هذه الأمور مجتمعة مجرد مقدمات وإرهاصات لقرب وقوع حدث كبير وفيصل
* قطار التقسيم السياسي لليمن انطلق ولم يعد بمقدور أحد ايقافه للاسف بتواطئ الجميع ومشاركة الجميع ولا نزكي على الله أحدا

* ما يجري بعدن لا يعني بالضرورة قرب انتصار صنعاء بل قد يكون مؤشر لقرب ولادة قوى جديدة قد تغير كل المعادلات والموازين وتقلب الطاولة على رؤوس الجميع

تغاريد حرة حول الهجرة النبوية يكتبها زيد يحيى المحبشي

* كنا أيام زمان نحتفل بذكرى الهجرة النبوية في المساجد بعد صلاة المغرب، نستمع الى كلمات موجزة عن الهجرة والدروس المستفادة منها في حياتنا وأخلاقيات الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم ومعاني الوفاء البكري والتضحية العلوية ووجوب تمثلها في أقوالنا وأفعالنا وسلوكنا .. فكنا ننعم بحياة محمدية تغمرها الفيوضات والرحمات والألطاف والأنوار الإلهية، ونعيش ببهجة وسعادة لا توصف وحب وأخوة لم يعد لهما وجود في حياتنا وإيمان وروحانية صارت من ذكريات الزمن الجميل، فكان الاحتفاء بالهجرة النبوية بحق محطة تزود ايمانية وروحية ووجدانية لا يمكن نسيانها .. 
اليوم للأسف أصبحت ذكرى الهجرة النبوية مجرد محطة عابرة للاستعراض والاستثمار والتوظيف السياسي
* بمناسبة الاستعدادات الجارية للاحتفال بذكرى الهجرة النبوية: تشويه جدران الشوارع والبيوت وفي صنعاء القديمة تحديدا بالرنج الأخضر والشعار لا يسر النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قبره ولا يرتضيه ولا يريده .. ما يريده منا الرسول عافاكم الله الاقتداء به وهو القدوة الحسنة في أقواله وأفعاله ونشر ثقافة الجمال والنظافة والرقي والحياة والرحمة والتسامح والسلام بين الناس وإقامة موازين العدل والظهور بمظهر يليق بأمة خاتم المرسلين وتفقد الفقراء والمساكين والمحتاجين وما أكثرهم وجبر الخواطر والحفاظ على جمالية معالم صنعاء التاريخ والعراقة ووو .. وما عدا ذلك عبث ليس لله فيه شيئ
* يا من جعلت هجرت نبيك ‏مولدا لحياة جديدة للإنسانية
إجعل عامنا الهجري الجديد موعدا لولادة حياة جديدة لليمنيين ويمن جديد تنتهي منه الحروب والصراعات والكراهية والأحقاد والعداوات وترتفع عنه المجاعة والجوائح والأوبئة والأمراض والفقر ويحل فيه السلام والوحدة والأمن والاستقرار والألفة والمحبة والأخوة والتعايش والتسامح والتصالح ..
نسالك اللهم تعجيل الفرج على هذا البلد المنكوب والمظلوم والنظر الينا بعين رحمتك وأن تجعل عامنا الجديد عام فرج وغيث ورحمات وفيوظات تمحي شقاء وعذاب التسع العجاف ..

الأربعاء، 28 أغسطس 2019

حوار مسقط هل يعيد الأمل لليمنيين والسلام لليمن؟

بقلم زيد يحيى المحبشي
الحوار مع أميركا ليس كفرا
والحوار مع السعودية ليس فسقا
والحوار بين القوى المحلية المتصارعة بالوكالة ليس جرما
والحوار بتلاوينه ليس عيبا ولا ضعفا ولا نقيصة بل قوة وحكمة وبعد نظر وشجاعة .. وتنازل المتحاورين لبعضهم البعض من أجل انجاح الحوار ليس جبنا ولا هزيمة بل واجب يكفرون به عما اقترفته أيديهم بحق هذا البلد المنكوب بساسته والمظلوم من جيرانه .. ولو لم تكن روح الأنا متسيدة وطاغية على عقول وأفئدة ساسته لما تجاسر جيرانه على التدخل في شؤونه وفرض اجندتهم وسيطرتهم بشقيها المباشرة/السعودية و الامارات .. وغير المباشرة/ايران .. والعبث بمقدراته وأمنه واستقراره وحياة سكانه وحاضرهم ومستقبلهم ..
ما الذي حققه المتصارعون بعد  خمس سنوات من القتال والتدمير الذى لم يوفر شيئا ولم يرعى حرمة لشيئ .. لا شيئ .. ولن يحققوا شئيا .. فما نراه مراوحة عسكرية .. المتغير الوحيد فيها عدد الضحايا من قتلى وجرحى وما عدا ذلك محلك سر .. وفشل حتى النخاع في ادارة الدولة وعدم القيام بأبسط واجباتها تجاه مواطنيها في صنعاء وعدن على حد سواء .. لأن الدولة اصلا لم يعد لها وجود بل الموجود ألطاف إلهية ترفق بالناس وتحول دون هلاكهم وعصابات تتفيد وتتسيد .. وفشل حتى النخاع سياسيا بعد عدة جولات من المفاوضات العدمية في الكويت وسويسرا ومسقط .. المباشر منها وغير المباشر ..
فيما معاناة الناس تهوي في منزلق الكارثة ومن لم تقتله نيران المتقاتلين قتلته المجاعة وأوجاع الحصار ..
إذا على ما الرهان؟ .. على مجتمع دولي كل ما يعنيه مصالح دهاقنة الفيتو أم على اقليم كفر بالأخوة ورابطة القرابة والدين وحقوق الجوار والانسانية؟ ..
الرهان كل الرهان على ساسة البلاد بأن يتقوا الله في بلدهم ويغلبوا لغة العقل والمنطق ويحتكموا الى صوت الاخوة والقرابة والضمير .. فهل يكون حوار  مسقط بداية جديدة لاعادة الأمل الى هذا البلد المنكوب أم منعطف جديد لجولة جديدة من الصراع المميت والعبثي
* اضاءة
الحوار باب الخلاص للجميع طالت الحرب أم قصرت .. الحوار ليس مسبة أو خطيئة أو ضعف، بل شجاعة وحكمة وقوة .. لأن فيه حقن للدماء وتنفيس على شعب لم يعد يدري ما يعمل لمواجهة تبعات الحياة وقساوتها وإيقاف لحرب مدمرة أكلت الأخضر واليابس دون أي نتائج تذكر لكل الأطراف وإعادة وصل ما إنقطع بين الاخوة الأعداء .. وهذا ما يهم الناس ..
فهل هناك من يتقي الله في هذا الشعب المنكوب والمظلوم ويعيد لغة العقل والسلام والتعايش الى مسارها الصحيح؟؟!!
* طرفة
الحوار اليمني مثل عرس الأخدام - مع احترامنا لهذه الشريحة المهمشة والمظلومة من المجتمع والدولة - الصبح خطبة والظهر عقد والعصر عرس والمغرب طلاق والعشاء مضرابه
ولا خرجنا بنتيجة .. !!
اضحك وافتهن عتفرج

الجمعة، 23 أغسطس 2019

تغاريد حرة يكتبها زيد يحيى المحبشي

* لا يوجد ما يستحق ان نعادي بعضنا من أجله وأن نقطع روابط الأخوة والقرابة من أجله وأن نلغم حاضرنا ومستقبل أولادنا بالكراهية من أجله .. قادة الصراع والحقد والكراهية راحلون والوطن والأخوة والمحبة باقية وهذا ما يجب أن نهتم لأجله إن أردنا غدا مشرقا ووطنا محتضنا لكل أبنائه قبل أن نعض أنامل الندم على فقدان الوطن والأمل والأخوة
* معلومة غير مهمة
نجحت الامم المتحدة منذ تأسيسها عام ١٩٤٥ في تسوية ٧%  فقط من ٢٨٥ حربا اهلية ودولية
فلا تنتظروا من المبعوث الدولي اجتراح المعجزات
حل الازمة اليمنية بأيدي اليمنيين
وحدهم بعيدا سماسرة هيئة الأمم وقراصنة الإقليم
* هل لموظفي الدولة الحق في المطالبة بمساواتهم بموظفي  الجماعة في الحقوق والواجبات؟؟
* لماذا يصبح البسطاء والكادحين بعد وصولهم الى الحكم أكثر عدوانية وتجاهلا للبسطاء والكادحين وقضاياهم المعيشية والحقوقية والإنسانية؟؟
* سؤال لمفتي الديار:
هل يجوز التضحية ببيضة
فالكبش بمئة ألف ومطلع والدجاجة
وصلت 7 ألف والحمامة فوق 1500
والبقر والثيران كانت في زمن الجاهلية حكرا على رساميل المال وبراميل الدولة والحزب ولا زالت .. ولم يعد أمام البسطاء سوى البيضة وحتى البيضة لم يعد بامكان الكثير منهم شرائها
أفيدونا عافاكم الله
* ذكرت المحابشة بهذا الاسم لأول مرة في كتب مؤرخي الدولة الرسولية في القرن السادس الهجري عندما حاول القمر الرسولي الثالث بسط نفوذه على حجة وبلاد الشرف ونجاح قواته في السيطرة على بلاد المحابشة نحو العام 634 هجري قمري ويقال أنها كانت تسمى قبل المئة الخامسة للهجرة بالعوجاء ولم نقف لهذا الاسم على أساس
* أسماء بيت المحبشي حق صنعاء وشهارة ومحابشة حجة مثل "قل يا أيها الكافرون" .. لكثرة تشابهها وتكرارها ..
أحيانا تضطر للعودة إلى الجد الرابع أو الخامس أو السادس للتمييز بينهم

عيد الغدير بقلم زيد يحيى المحبشي

* بالمختصر المفيد
عيد الغدير إحياء لشعيرة دينية أحياها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومعه الصحابة الراشدين .. ومن يرى غير ذلك فعليه مراجعة الرسول والصحابة .. ‏ومن يرى أن إحياء عيد الغدير يمثل قدحا في الصحابة رضي الله عنهم فهو القادح فيهم، لأنه ينكر عليهم مشاركتهم رسول الله في إحياء وتعظيم عيد الغدير وعلى رأسهم أبو بكر وعمر رضي الله عنهما .. عيد الغدير لا ينتقص من أي صحابي وليس موجها ضد أي صحابي بل هو تكريم لأحد أصحاب الرسول بأمر العلي القدير ..
عيد الغدير لم يأتي مع الحوثيين بل إعتاد اليمنيين إحيائه منذ المئة الأولى للهجرة .. عيد الغدير خطب ومواعظ وتذكير بالله وبعظمة الاسلام وغرس لمكارم الأخلاق ومحامد الأعمال وتعلم للرماية والنصع وكلها لا تخالف شرع الله في شيئ كما يدعى المدعون بل هي من لب وجوهر الدين
* أهوى هوى عبد حكى غدير خم
ست كلمات ابتدأت كل منها بأحد حروف الأظهار وأظهرت مجتمعة  الهوى الذي لا يعذر بتركه أحد
* انتهت الولاية وبقي الوالي
فمتى يقوم الوالى بواجبات الولاية تجاه الرعية
خمس سنوات مرت والناس تسمع الوالي دون ان ترى من افعاله شيئا في حياتها المعيشية
الولاية أفعال تعود بالخير الاعظم على الرعية وتلامس آلامهم المعيشية وتبلسم جراحات قلوبهم المكلومة لا خطب ومهرجانات وبيانات ومسيرات
فهل ما عليه دولتكم يرضي صاحب الولاية يا والينا؟؟؟
* ‏18ذو الحجة يوم من أيام الله عند طائفة من المسلمين وعيد من أعياد الله عند طائفة من المسلمين وكل منهم حر فيما يعتقده ولكل منهم مسوغ ووجهة نظر يجب أن تحترم وهذا حقه لكن ليس من حقك تكفير أو تسفيه أو الغاء فكر الأخر أو منعه من ممارسة معتقداته أو اجباره على اعتناق مالا يؤمن به وتلك سنة الله بالكون

السبت، 17 أغسطس 2019

قراءة في كتاب اليمن مقبرة الغزاة لعبدالله بن عامر بقلم زيد يحيى المحبشي

التاريخ حلقات مترابطة لا يمكن فصلها عن بعضها، بل تشكل تراكم معرفي لقراءة الأحداث القائمة حاليا، ومعرفة خلفياتها وسياقاتها وأبعادها .. وهنا تكمن أهمية الكتاب الذي بين أيدينا كأول مصنف تاريخي يتناول الحملات الاستعمارية التي تعرض لها اليمن منذ العام 25 قبل ميلاد المسيح عليه السلام وحتى القرن العشرين الميلادي، بطريقة سلسة ومقتضبة، ولغة سهل ومبسطة، حيث قام الكاتب إلى جانب توثيق الأحداث بتحليل وقراءة الأبعاد والأسباب والظواهر لكل مرحلة استعمارية على حدة، ومقارنتها مع غيرها من الأحداث في نفس السياق التاريخي، واستخلاص الدروس والعبر والمآلات والنتائج ..
والهدف من هذه الطريقة في صياغة تاريخ الحملات الاستعمارية التي تعرض لها اليمن، وإن بدت غريبة بعض الشيئ كما يذكر الكاتب في مقدمة الجزء الأول، هو تقديم تلك الأحداث في أطر بحثية بعناوين مختلفة، جميعها تسهم في تشكيل الصورة المتكاملة لتاريخ الإنسان اليمني بصلابته وتضحيته وعفويته وعنفوانه وحبه لأرضه التي طالما سقاها من دمه وعرقه، كرامة وعزة وشموخا، فكانت الملاحم وكانت الفدائيات التي تحطمت عليها كل أحلام وأطماع الغزاة والمستعمرين ..
قراءة التاريخ وتقديمه بأسلوب سهل ومبسط يجعله في متناول الجمهور والنخبة والحاكم والمحكوم والباحث والمجتهد والأكاديمي والطالب .. وهذا ليس بالأمر الهين، بل يحتاج إلى عمل وجهد كبير، وسرعة بديهة وخبرة وإلمام واسع بالتاريخ وبالأحداث الحالية، باعتبارها واحدة من حلقات العدوان الاستعماري المتواصلة على اليمن منذ ما قبل ميلاد المسيح، بذات الأهداف والدوافع والأطماع والذرائع والأدوات والأجواء والمنقسم المحلي بشقيه الموالي والممانع ..
الكتاب في إطاره العام وتوقيت نشره وطريقة عرض أحداثه، ضمن ضوابط ومعايير أخلاقية ووطنية، تطلبت ضرورة تجاوز كل ما يتعلق بتغذية الصراعات المحلية ذات الأبعاد الدينية والعصبوية والمناطقية، لما لها من تداعيات كارثية على الأحداث الحالية، كما يبرر الكاتب في سياق حديثه عن المعايير التي اعتمدها، بما فيها من حيادية وموضوعية وحس وطني، وصولا إلى تحقيق الهدف الأهم من وراء الإكتتاب وتوقيت النشر، وهو: ” تقديم الصفحة المشرقة لتاريخ اليمن، وما قدمه اليمنيين من إسهامات في تطوير مسيرة الحضارة الإنسانية عبر التاريخ الإنساني العريض، والوقوف على ما توارثه اليمنيين من قيم وعادات أصيلة، وعلى رأسها تلك القيم الارتباط بالوطن والذود عنه ورفض الخضوع لأية قوة خارجية، مهما كانت ..”، وبالتالي إثراء حاضرنا بتعزيز الهوية الوطنية، وترسيخ مفاهيم واحدية تاريخ اليمن المقاوم وواحدية المصير المشترك لكل أبنائه ..
في المضامين، تحدث الكاتب في الجزء الأول عن الحملات الرومانية والغزو الحبشي الأول والثاني والإمبراطورية الساسانية/ الفارسية والغزو الأيوبي والإسلام والدويلات المستقلة والحالة العسكرية اليمنية/ الجيش والعتاد والتصنيع العسكري .. وفي الجزء الثاني تحدث عن الغزو البرتغالي والغزو المملوكي والغزو العثماني والبريطاني لليمن والمقاومات والثورات اليمنية ضد الغزاة والمحتلين في الحقب التاريخية المختلفة ..
اعتمد الباحث على 127 مرجع، جمع فيها التاريخ الحربي والسياسي والاجتماعي والثقافي لليمن ..
ولنا هنا تسجيل بعض الملاحظات والاستخلاصات، لأهميتها في معرفة خلفيات وأبعاد ومآلات العدوان السعودي الإماراتي المتواصل على اليمن منذ 26 مارس 2015، إنطلاقا من الفرضية التي حاول الكاتب التحقق من صحتها وهي: “واحدية السبب والنتيجة بين كل الغزاة لليمن” .. واحدية الأسباب والدوافع والأهداف والأطماع والمبررات والتفكير والأساليب والممارسات والأدوات الاستعمارية، وواحدية النتائج والمآلات والمصائر لكل المستعمرين لليمن ..
وما بين السبب والنتيجة تتضح الصورة الحقيقية للعدوان الخارجي القائم، وهو الأكثر قذارة بين كل الغزوات الاستعمارية التي تعرض لها اليمن عبر تاريخه العريض، لاصطفاف أكثر من 18 دولة خلفه، واستخدامه أحدث منتجات السلاح في العالم، وإحتمائه بقرارات المؤسسة الأممية الأولى المعنية بحماية الأمن والسلم الدوليين ..
بينما كانت الحملات الاستعمارية التاريخية، مقتصرة على دولة أو إمبراطورية لديها فائض قوة ورغبة جامحة لاستثمار هذا الفائض لتوسيع نفوذها في محيطها الإقليمي أو الدولي من أجل إشباع نشوة الهيمنة والوصاية والتبعية وخدمة أهدافها ومصالحها القومية، إلا أن كل أحلام الغزاة بتلاوينهم تحطمت على صخور جبال اليمن وتحول هذا البلد البسيط والفقير إلى مقبرة لم ولن تنمحي من ذاكرة المستعمرين ..
1 – تسببت لعنة الجغرافيا ولعنة الثروات بالكثير من العذابات والكوارث لليمنيين، وجعلت اليمن على مر التاريخ منصعا لرماح أطماع الغزاة والمحتلين، الذين رأوا في السيطرة على اليمن الواقع جنوب شبه الجزيرة العربية، والمطل على البحرين الأحمر والعربي وخليج عدن والخليج العربي والمحيط الهندي والمتحكم في مضيق باب المندب وخطوط الملاحة البحرية بين المشرق والمغرب، والغني بجزره وسواحله وثرواته المتنوعة وإبداعات أبنائه التاريخية في فنون التسويق والتجارة والزراعة والصناعة، وتنوع منتجاته الطبيعية وثرواته البحرية والنفطية في عصرنا، والثري بالعلوم والمعارف الحضارية والكنوز التاريخية ووو، هذه الأمور مجتمعة جعلت السيطرة على اليمن مفتاحا للمجد الإقليمي والدولي، نظرا لما يمكن أن يجنيه الغزاة من هذا الموقع الجيوستراتيجي من فوائد اقتصادية وعسكرية وسياسية وحتى ثقافية وفكرية، وصولا إلى تعزيز النفوذ والهيمنة والوصاية والتبعية على الإقليم برمته ..
2 – تعدد وتنوع الذرائع والمبررات التي حاول الغزاة استحضارها، فقدموا أنفسهم لليمنيين كمحررين ومنقذين ومصلحين لخلافاتهم وحريصين على تقدمهم، ورفعوا شعارات وطنية محلية وتنقلوا من مشروع إلى أخرى، كي يظفروا بحب اليمنيين ويكسبوا ثقتهم ويوسعوا نفوذهم في اليمن .. وكلها ذرائع ومبررات واهية حملت في طياتها أهداف استعمارية قهرية إذلالية صرفة، سرعان ما تكشفت حقيقتها لليمنيين فتصدوا لها بكل بسالة ورباطة جأش ..
من ذلك على سبيل المثال لا الحصر:
أ – استدعاء الأحباش أصولهم اليمنية، فقالوا أنهم يمنيون، حتى يشرعنوا حكمهم وسيطرتهم واحتلالهم، قبل أن تدحض الأفعال الأقوال وتظهر سوء النية، فتفننوا في جرائم القتل والسجن والتعذيب والنهب والسلب ومصادرة الأموال والأراضي وفرض الضرائب الباهظة على المزارعين ومطاردة المعارضين والتحكم في الموانئ ونهب عوائدها .. والأكثر خطرا محاولتهم فرض ثقافتهم وديانتهم المسيحية بالقوة
ب – تمثل الفرس دور المساعد الحريص وتقديم المشورة، قبل أن يصبحوا المتحكمين بالقرار والراغبين بالاستقرار، فاحتكروا التجارة وفرضوا النفوذ في صنعاء وعدن
ج – رفع العثمانيين شماعة حماية الحرمين الشريفين – وهو نفس مبرر السودانيين اليوم لمشاركتهم في عاصفة الحزم – ومحاربة القوى العالمية المتصارعة على المنطقة، فعاثوا في الأرض الفساد ونهبوا البلاد والعباد وتجبروا على الناس وارتكبوا كل المحرمات، بما فيها سلخ جلود المعارضين من اليمنيين ورميهم من أعالي قمم الجبال أحياءا ونفيهم من البلاد وأخذ الرهائن المثلثة/ رجل، امرأة، طفل .. والأكثر بشاعة استدعاء المناطقية والعشائرية حتى يحققوا أهدافهم، فتعرضت الكثير من العادات والتقاليد اليمنية للتجريف والاستهداف
د – تحرك المماليك تحت مبرر التصدي للبرتغال، فعاثت عصاباتهم في اليمن، ومارست كل أنواع النهب والسلب والقتل والتعذيب بحق اليمنيين
هـ – رفع الأيوبيين شعار حماية البلاد الإسلامية من مخاطر الصليبية المحدقة بهم – بينما يتعلل العدوان السعودي الإماراتي اليوم بحماية اليمن من مخاطر الفكر الصفوي والتمدد الإيراني في اليمن والذي لا وجود لهما على الأرض – قبل أن يكشروا عن أنيابهم باستخدام المذهب لضرب المذاهب الأخرى، وارتكاب أبشع المجازر والجرائم – كعصر الأرجل والرؤوس وطرد الأهالي من بيوتهم ومصادرة أموالهم وبيوتهم وأخذ الرهائن المثلثة/ رجل، مرأة، طفل – وقبل أن يصطدموا بعامة الناس قبل قادتهم
و – رفع السعودية في توسعها الأول محاربة البدع الضلالية ونشر الإسلام الحقيقي/ الوهابية، فلم يسلم من جرائمهم حتى ضيوف الرحمان من اليمنيين، ودمروا البيوت وأحرقوا العشش ونهبوا المسافرين وصادروا الأموال واعتدوا على المحرمات
ز – تذرع بريطانيا بحادثة السفينة المنهوبة لاحتلال عدن، وقالوا نحن هنا للتحالف والمساعدة والحماية، قبل أن يرتكبوا الجرائم ويصادروا الأموال، وينصبوا أنفسهم حكاما مخلدين، ويعذبوا الثوار في السجون
ح – تذرع أميركا اليوم بالإرهاب للسيطرة على المنافذ والممرات البحرية الحيوية والمواقع الجيوستراتيجية ..
3 – اليمن كغيره من بلدان العالم ذات العمق التاريخي، لم يتعرض لأي غزو خارجي وهو في حالة القوة والوحدة، فكل المحاولات الاستعمارية التي تعرض لها، كانت في لحظات الضعف والوهن والتشضي والانقسامات والصراعات والخلافات المحلية:
أ – مجيئ الرومان على خلفية احتدام الخلافات بين الريدانيين الحميريين والسبئيين والحضارم
ب – استغلال الأحباش استمرار الخلاف بين ذات القوى وحالة الضعف والانقسامات المحلية
ج – دفع الفرس قواتهم لتوطيد حكمهم بعد أن كانت الخلافات بين اليمنيين قد وصلت درجة اغتيال الملك
د – دخول الأيوبيين اليمن في مرحلة صراع دامية بين قوى رأى بعضها في غزو الخارج حلا لصالحها
هـ – استفادة المماليك من خلافات الطاهريين مع قبائل تهامة والأمام شرف الدين
و – إتيان العثمانيين في غزوهم الأول على وقع الخلافات المحلية وفي الثاني استدعتهم خلافات القبائل وضعف الدولة، وكذا الحال بالنسبة للاستعمار الإنجليزي
وهذا يضعنا أمام عدة استنتاجات:
– عملت الصراعات والخلافات المحلية، ولا تزال للأسف، على التوفيق بين حاجة أحد الأطراف الداخلية إلى الحسم والرغبة الخارجية في فرض الهيمنة والوصاية والتبعية، ليتعزز بذلك حضور الأجنبي عبر الأدوات المحلية
– استمد كل الغزاة قوتهم من ضعف وتفرق اليمنيين، وأمدوا فترة بقائهم من تغذيتهم للخلافات المحلية، وحرصهم الدائم على استمرارها، والدفع بها في كل لحظة إلى حالة الانفجار، واستغلال أي خلافات في زمن تدخلهم العسكري وتغذيتها وتأجيجها أحيانا، وإستدعاء وإثارة خلافات قديمة من أجل زرع الفتنة بين اليمنيين
– محاربة اليمنيين بأنفسهم، أي حرب اليمنيين بأيدي يمنية، من قبيل استدعاء الأحباش أتباعهم من اليمنيين لتسهيل دخولهم اليمن، واضطرار الدولة السعودية الأولى لطلب العون من مرتزقة محليين، واتخاذ بريطانيا لنفسها الحكام والسلاطين المحليين واستجلاب المرتزقة من مستعمراتها إلى عدن، كما استعان الرومان بمرتزقة من عرب الأنباط واليهود، واستعان الأتراك بمرتزقة محليين وو ..
ولذا كانت ورقة المرتزقة والعملاء، ولا تزال، إحدى الأوراق المهمة بأيدي الغزاة والمستعمرين، إلى جانب توظيف الصراعات والخلافات المحلية .. ففي كل مرحلة استعمارية يتوالد المرتزقة والعملاء بكثرة، فيرى الغازي في هذه الحالة أداة قوية لتحقيق أهدافه، غير أنها لم تفلح، رغم كل ما قدمته في بداية الأمر ..
ومع تقدم زمن الاستهلاك أصبحت صلاحية الاستخدام معدومة، فتفقد أثرها وينتهي مفعولها، عندها تتحول ورقة المرتزقة إلى عبئ كبير على الغازي، ووسيلة من وسائل إنهاكه وإحراقه، فيقوم بالتخلص منها، إما عن طريق تبني رؤية طرف محلي نكاية بالأخر، كما عمل الأتراك، أو تمثل مواقف جماعة أو مذهب ضد الجماعات والمذاهب الأخرى، كما هو حال الأيوبيين، أو دعم شيخ أو سلطان للتخلص من شيخ أو سلطان أخر منافس، ودعم قبيلة لحرب قبائل، وجماعة لدحر جماعات، وقائد لإسقاط قادة، كما عمل الانجليز بالجنوب ..
وما نراه اليوم من صراع بالمحافظات الجنوبية بين مرتزقة العدوان واضح وجلي، على أن صلاحية بعضهم قد انتهت، وحان الأوان للتخلص منهم، واستبدالهم بأوراق أخرى أكثر فاعلية لخدمة أطماع وأهداف الغازي ..
4 – اندفع الغزاة إلى اليمن وهم في ذروة قوتهم السياسية والعسكرية والعلمية والاجتماعية والاقتصادية، فاستدعوا خيرت جنودهم، وصنعوا من الأسلحة والعتاد ما يكفي لغزو اليمن، وعلى النقيض، كانت اليمن قي أسوأ حالات الضعف والوهن والتخلف والتشضي، ومع ذلك كسر ضعف اليمنيين، تفوق الغزاة، وحول أحلامهم الاستعمارية إلى كوابيس ونعوش ومقابر، ولم يستقر لهم حال في اليمن، رغم بقاء بعضهم عقودا من الزمن:
أ – اعتمد الرومان معيار الكيف، فأرسلوا ما يسمى اليوم بقوات النخبة، فواجههم اليمنيين بالكمائن وإستراتيجية الأرض المحروقة وحروب العصابات
ب – مزج الأحباش بين معياري الكيف والكم، فأرسلوا عشرات الآلاف من الجنود معززين بأسلحة متنوعة من السيوف والرماح والنبال واستخدموا الفيلة والخيول والجمال، فنهض اليمنيين رغم خلافاتهم، وإلتحموا في تشكيلات عسكرية نظامية، وأشعلوا الثورات في الأرياف والمدن، واستغلوا الجغرافيا المعقدة في المناطق الداخلية، لإيقاع الخسائر الفادحة بالغزاة
ج – اعتمد الفرس عامل الكيف، من خلال عقلية التخطيط والإدارة والتوجيه، ومع ذلك لم يستقر لهم حال، فقد شهدت مرحلت ما بعد إسلام باذان العديد من الثورات الشعبية حتى تم إزاحتهم من حكم اليمن
د – مزج الأيوبيون بين النوعية والكفاءة القتالية، واستخدموا المنجنيقات، واعتمدوا أعلى درجات التخطيط الحربي، فتم التصدي لهم بالهجمات المتفرقة، والغزوات الخاطفة، والغارات السريعة، وتجنب المواجهة المباشرة، والاستفادة من الجغرافيا اليمنية باللجوء إلى الحصون والقلاع على رؤوس الجبال، فكانت المواجهة بين القلاع والحصون اليمنية والمنجنيقات الأيوبية، واخترع اليمنيون الآلات الحربية لتعطيل فاعلية المنجنيقات، ثم أضاف بعدها الأمام عبدالله بن حمزة أسلوب جديد للمواجهة يعتمد على استثارة الحمية الوطنية واستخدام أساليب الحروب النفسية
هـ – استخدم البرتغال البنادق ولم تكن معروفة لدى اليمنيين، فاعتمدت عدن لمواجهتها على تحصيناتها الدفاعية القوية، وقاومت الشحر بالسيوف والأحجار ومصاحف القرآن، وكتبت دماء الشهداء ال 207 من أبناء الشحر وحضرموت أيقونة النصر
و – استخدم المماليك جيش لديه بنية جسدية ضخمة وخبرة قتالية عالية، فوصلوا إلى تعز، وشقوا طريقهم إلى صنعاء، مستقوين بالأسلحة النارية، إلا أن اليمنيين تصدوا لهم بالسيوف والمقاليع والاحجار، والثورات الأهلية لأبناء صنعاء
ز – أتى الأتراك إلى اليمن بقوة لا تقهر، وجيش نظامي مدرب، بفيالق وفرق وسرايا وكتائب وطوابير ومدافع وبنادق من مختلف الأحجام والأنواع، وجمعيها لم تكن معروفة في اليمن، فاعتمد اليمنيين على أسلوب الهجمات المباغتة للحاميات العثمانية، ونهب الأسلحة والعتاد، وقتل الجنود وأسرهم، وتنوعت أساليب اليمنيين بين المعارك المباشرة والمناورات والخدع والحصار والكمائن
ح – استخدم الانجليز قوتهم البحرية بمدافعها المتحركة والثابتة وأعيرتها النارية الكثيفة وسرعتها المذهلة ودقتها في التصويب، وكانت حينها مالكة البحار والمحيطات، واستخدمت كل أنواع وأساليب الحرب القذرة، وغذت الصراعات والاستقطابات المحلية، وجندت المرتزقة، ورفعت شعارات إنسانية وإنقاذية، ومع ذلك فشلت كل محاولاتها، وتكسرت كل أطماعها على صخور المقاومة اليمنية، رغم أن البريطانيين كانوا أكثر ذكاءا في التعامل مع اليمنيين، على عكس القوى الاستعمارية الأخر، إلا أن اليمنيين لم يقبلوا بهم، وظلوا يقاومونهم حتى تم طردهم ..
5 – يعتقد أغلب المؤرخين عربا وأجانب أن اليمن ظلت عصية على كل القوى الإستعمارية، فلم تخضع أو تستكين لأحد، حتى عرفت بمقبرة الغزاة، ويضيف روبرت كابلان: “لم يتمكن العثمانيون ولا البريطانيون من السيطرة على اليمن أبدا، فاليمن لم يكن مستعمرة حقيقية على الإطلاق” ..
والعجيب، تسبب اليمن إما بشكل مباشر أو غير مباشر في نهاية وتلاشي وتواري وأفول وسقوط كل القوى التي حاولت استعماره، وفقدان هذه القوى عشرات الآلاف من جنودها في اليمن وبعضها مئات الآلاف، من نماذج ذلك: المماليك، فبينما كان جزأ من جيشهم يحارب في اليمن، باغتت قوات العثمانيين مصر واستولت عليها وسقطت دولتهم، والدولة العثمانية هي الأخرى أفل نجمها بعد خروجها من اليمن مباشرة وفقدت في اليمن أكثر من 300 ألف جندي، وكذا الحال بالنسبة للإمبراطورية البريطانية التي لا تغرب عنها الشمس، سرعان ما غربت شمسها بعد إجلاءها من اليمن وفقدانها عشرات الآلاف من جنودها ومن قبلهم الرومان ..
فهل يعتبر الغزاة الجدد مما حل بمن سبقهم؟؟
(صنعاء: دائرة التوجيه المعنوي، يناير 2019)، جزءان، 800 صفحة