س1: بدءاً نشكر الاستاذ عبدالكريم جدبان
عضو مجلس النواب وعضو لجنة العدل والاوقاف على رحابة صدره وتلبيته دعوة الوكالة لإجراء
هذه المقابلة والهادفة الى استكشاف الرؤية حول القضية الشاغلة للرأي العام حالياً وهي
ظاهرة الثأر في ظل توجه القيادة السياسية لاستئصالها وإيجاد الحلول المنجعة لها لما
لها من آثار سلبية على الامن والسلم الاجتماعي والاقتصاد الوطني والروابط الاجتماعية
وزهق الأرواح البريئة وبدءً نود من أستاذنا إعطائنا نبذة تعريفية عن ظاهرة الثأر والجذور
التاريخية لبروز هذه الظاهرة في المجتمع اليمني؟
ج: بسم الله الرحمن الرحيم إبتداءً الثأر
مشكلة قديمة وليست وليدة العصر، لا من بعد الملكية أو من قبل الملكية ، ولاهي من بعد
الثورة بل هي ضاربة في التاريخ لها جذور قديمة من أيام الجاهلية ولها تاريخ طويل.
وتنشأ هذه الظاهرة في ظل الأوضاع المتردية،
في ظل الجهل وفي ظل غياب العدالة؛ فنبحث مظلوم الذي قُتِلَ أخوه أو أبوه أو قريبه للانتصاف
فإذا لم يجد من ينصفه أضطر أن يأخذ حقه بيده، فهي قديمة جداً وليست خاصة باليمن، يعني
كانت من أيام الجاهلية الأولى وجاء الاسلام وعالجها وكان للرسول صلى الله عليه وسلم
دور كبير في إزالة هذه الظاهرة حتى أنه ورد عنه صلى الله عليه وسلم "ألا وإن كل
رباً موضوع وأول ما أمنع ربا العباس بن عبد المطلب ألا وإن كل دم الجاهلية موضوع وأول
ما أمنع هو دم ربيعة بن الحارث…" يعني أن القضية أو الظاهرة قديمة ضاربة في التاريخ
بجذوره وكما اسلفت أنها تنشأ في ظل غياب العدالة فكل من لم يُنصف ولم يُعمل في قضيته
بعدل يتولد لديه ردود أفعال أنه لابد أن يأخذ حقه بيده فمن هنا تنشأ الظاهرة.
ربما زادت في اليمن من بعد الثورة، حقيقة
أقول: يعني من قبل كان هناك قوانين صارمة أو كان هناك تنفيذ صارم لكثير من القوانين
الشرعية فلذلك كانت محدودة جداً قضية الثأر، بينما في هذه الايام من بعد الثورة ، كثير
من التلاعب في قضايا الناس، عدم البت، التطويل في المحاكم، الاختلالات الامنية اختلال
كبير في القضاء، يولد هذه الظاهرة فنمت هذه المشكلة بشكل أكبر في السنوات الأخيرة.
س2: ذكرت جملة من الأسباب ولكن يظل السبب
الرئيسي هو القضاء لما تم فيه من اختلالات وخاصة عدم تطبيق القانون الجزائي فيما يخص
القضايا الجنائية لكن هناك من يقول أن قواعد الاخاء والرباعة في العرف القبلي دور كبير
في عرقلة القضاء عن أداء رسالته ما صحة هذه المعلومة؟
ج: هناك أعراف تتوافق مع الشرع وتخدم القانون
وتنفيذه وهناك أعراف مخالفة . لكن بشكل عام ما دامت الاعراف موجودة في اليمن لا تخرج
عن إطار الشريعة ، كثير منها ولا عن اطار القانون، لكن التلاعب الذي يحدث أحياناً من
الاعراف، النزعات الشخصية لدى الزعامات القبلية، الاحقاد، البحث عن دور لدى الكثير
من الشخصيات هو الذي يولد هكذا مشاكل، أما أن هناك خلافاً ما كبيراً بين الاعراف والشريعة
والقوانين فليس هذا بصحيح.
س3: تزامناً مع دعوة الرئيس علي عبدالله
صالح الحكومة الى تشكيل لجنة وطنية عليا لمعالجة الثأر، فقد تم تشكيل اللجنة ومباشرة
عملها، ومن خلال نزولها الميداني لبعض المحافظات وجدت بعض العراقيل والضغوط من قبل
بعض الشخصيات النافذة فما رأيك في هذا ؟
ج: هذا الذي أشرت إليه سابقاً أن هناك تجار
حروب، الذين لا يعيشون إلا في ظل أوضاع مختلة، إلا في ظل ثارات وحروب، تجار حروب، لكن
الدعوة التي أطلقها فخامة الاخ الرئيس كانت دعوة موفقة للغاية ولقيت أذاناً صاغية،
وكل الناس متحمسون لها كثيراً، لان كلاً منهم قد أكتوى بنار الثأر، فلا تكاد تجد قبيلة
إلا ومنها كذا كذا قتلى، كذا كذا مطارد، كلهم كنتيجة طبيعية للثأر، فلذلك مجرد أن سمعوا
بالدعوة من فخامة الاخ الرئيس، استجابوا لها ، الأغلب وقرأت في كثير من الصحف ووجدت
كثيراً من الناس يثنون على هذه الدعوة ويبادرون للاستجابة لها حتى في المناطق التي
تكثر فيها عملية الثأر بشكل عنيف.
الجوف مثلاً وبعض المناطق الأخرى وجدت تجاوباً
كبيراً مع تلك الدعوة، هناك من سيقف حائلاً دون تحقيق العدالة ، دون تنفيذ وترسيخ هذه
الدعوة. دعوة التصالح والترفع عن الثأر لان لهم مصالح، لانهم يريدون إثارة الفتنة في
البلد لانهم لا يعيشون إلا في ظل هذه الأوضاع.
لكن أعتقد أن التوجه العام لدى السلطة لدى
القيادة السياسية ممثلة في الاخ الرئيس وفي وجهة الجماهير كلها تصب في هذا المنحى:
أنها ترفض الثأر وتعمل على خلق جو من الإخاء والتعاون وترك كل ما من شأنه أن يثير الثأر
والعصبية، كل هذا أستطيع أن أقول أنه سيقضي على هذه الظاهرة، فقط نحن بحاجة إلى جدية
من القيادة للضغط في الاتجاه الأمني، يعني أن تؤدي الجهات الأمنية دورها كاملاً، أن
يوجه القضاء بسرعة الفصل في قضايا الناس وسرعة التنفيذ، هذه من أهم ما يمكن أن يحد
من هذه الظاهرة.
س4: بصفتك عضواً بمجلس النواب كسلطة تشريعية
، هل توجد إشارة الى معالجة قضية الثأر في التشريعات اليمنية الموجودة حالياً؟.
ج: بشكل نصي هكذا لم ألحظ لكن معظم توجهات
وجهة النصوص التي تدعو الى الاخاء، كالتي تدعو الى السلم، التي تدعو الى الحد من حمل
السلاح، كلها تصب في هذا المنحى، وقرأت قبل يومين في صحيفة السياسة التي تصدر عن الوكالة
حديثاً مطولاً مع رئيس الدائرة السياسية في المؤتمر: ويتحدث عن قانون حمل السلاح ،
فيقول أن هناك من يحول دون النزول الى مجلس النواب، وهناك التفاف من قديم من دورة ماضية،
شيء من هذا، أعتقد لو فُعِل هذا القانون ونزل لمجلس النواب أنه سيكون له دور كبير في
الحد من حمل السلاح أو في جهة تنظيمه، يعني نحن لا ندعو الى التخلي عن حمل السلاح،
كما أكد الاخ الرئيس في هذا لأننا شعب مسلح كتقليد متوارث، ولا يمكن أيضاً تجريد اليمني
من سلاحه، على الاقل كما نشاهد اليوم في العراق وغيرها من المناطق المتفجرة لا يقف
أمام المستبدين أو أمام الغزاة كالأمريكيين مثلاً إلا الشعوب، فلو جردنا الشعوب من
السلاح من الذي سيقاوم؟.
فالعلاقة القائمة تبدأ منه ولكن الذي قاوم
من بعد سقوط النظام هو الشعب رغم أنه لم يكن شعباً مسلحاً مثل اليمنيين ولذلك وجود
السلاح مع اليمنيين صمام أمان من الاحتلال من الغزو من المؤامرات على اليمن فندعو الى
تنظيم السلاح تنظيم حمله وحيازته وفق الرؤى القانونية التي يمكن ألا تجرد الناس من
حمل السلاح بتاتاً.
وأعتقد أن توجهات السلطة والقيادة السياسية
ممثلة في الاخ الرئيس تصب في هذا التوجه ,أنها تنظم قضية حمل السلاح وحيازته لا امتلاكه
على الاطلاق.
س5: مؤشرات الدراسات الغير رسمية تقول أن
المواطنين اليمنيين يمتلكون أكثر من 60 مليون قطعة سلاح بينما لا يتعد تعدادهم السكاني
20 مليون نسمة والمشكلة اننا ندعو الآن الى عملية تنظيم حمل السلاح كيف لذلك أن يتم
مع هذا الرقم الكبير لاسيما وأن السلاح من أسباب استفحال الثأر؟.
ج: لا تعارض في وجود السلاح وتفعيل قانون
تنظيم وحيازة السلاح، لأنه حقيقة كل بيت مسلح
بكذا كذا قطعة ، أنا نفسي لدي أكثر من خمس قطع صغيرة كسلاح شخصي وغيري كذلك والثاني
والثالث، أما على مستوى الكبير فالبعض يمتلك ربما مئات من القطع، لكن إذا فُعِل هذا
القانون وأيضاً بُت في مسائل القضاء في القضايا المتعثرة، أيضاً نداء عام، قام كثير
من العلماء وأصحاب الصوت المتميز والدعاة الصادقين الذين لهم نفوذ شعبي لدي الجماهير
بتوعية الناس بأهمية تنبه حيازة وحمل السلاح سيحد كثيراً من مشكلة الثأر.
س6: بالنسبة لأسواق بيع السلاح ومنها سوق
الطلح وهي بطبيعة الحال خارج إطار رقابة الدولة كيف يتم معالجة هذه المسألة؟.
ج: أعتقد إذا سار قانون حمل السلاح وحيازته
وتنظيمه سارياً فسيفرض على الأفراد وعلى الجماعات وعلى الاسواق وغيره.
س7: من خلال اطلاعي على تقارير لجنة الثأر
التابعة لمجلس الشورى وجدت عدم الاشارة الى صعدة هل يعني هذا نسبية قضايا الثأر فيها؟.
ج: أنا أعيد هذا ربما لوجود الكثير من العلماء
في هذه المحافظة والدعوة المستمرة للإخاء، الدعوة الى الصلح والكثير من الاباء العلماء
لهم دور متميز في الاصلاح بين القبائل وأشهر دور كان يقوم به الوالد العلامة /إبراهيم
الشهاري رحمة الله عليه أحد العلماء البارزين وصاحب الكلمة النافذة لدى القبائل كان
إذا سمع أو بمجرد أن يسمع باقتتال بين قبيلتين إلا ويذهب ويرمي بنفسه بينهم ويرمي بعمامته
فيتوقف الناس بمجرد أن يروا هذا الشخص، فربما من أجل أن الدور الكبير والاساسي كان
للحركة العلمية المتمثلة في العلماء والوعاظ والمرشدين في تلك المنطقة للحد من ظاهرة
الثأر ، ومع أن المفهوم عند الكثير من الناس أن صعدة بلاد قتل وقتال وسلاح ورغم هذا
وجود السلاح على ما تكون، وكانت خارج القاعدة شذت عن القاعدة الموجودة في اليمن بالنسبة
للثأر أنها ، قليلة الثأر لوجود العلماء الدعاة الى الصلح بين الناس والى دعوة الإخاء والمحبة ووجود
الوازع الديني الذي يردع الكثير من الاقتتال.
س8: لو تكرمتم بإعطائنا معلومات توضيحية
عن قضية الثأر المشتعلة حالياً في منطقة منبه إحدى مديريات صعدة والتي ذكرتها بعض الصحف
مؤخراً؟
ج: ليس لدي تفاصيل بالموضوع نتيجة انشغالنا
كثيراً هذه الأيام في المجلس.
س9: عندما تكلمنا عن اللجنة الوطنية العليا
التي دعا الى تكوينها الرئيس لمعالجة قضايا الثأر بصفتك شخص مشرع هل تعتقد أن صدور
قانون ينظم عمل هذه اللجنة ويفعل آليات عملها أمر ضروري؟
ج: أنا أرى أن هناك أكثر من عامل طبيعي
يجب أن يحشد في هذا التوجه: الجانب القانوني، الحسم في الجانب القضائي، قيام العلماء
والمرشدين الصادقين بالدعوة والتبليغ والارشاد في أوساط الجماهير، ربما هذه العوامل
وغيرها من العوامل الأخرى الثانوية المساعدة سيكون لها الدور الاساسي في التقليل من
مسألة الثأر.
س10: كلمة أخيرة في هذا الخصوص؟
ج: أؤكد على الاستجابة للدعوة التي تفضل
بها الاخ الرئيس للحد من الثأر والدعوة الى الصلح بين الناس وأخص بالذكر الجماهير لانهم
هم الذين يرفعوا السلاح ويضعونه بإذن الله.
ان لا يصغوا الى الدعوات الهدامة، أن لا
يصغوا إلى اصوات المتاجرة بالحروب، أن يراقبوا الله سبحانه وتعالى، أن يصغوا الى كلمة
الحق والعدل، أن يبادر كل من الناس كل من لديه حق إلى إعطاء ما عليه من الحق وأخذ ما
له من الحق بصفة أو بصورة ودية حتى دون اللجوء الى القضاء، خاصة ولدينا أعراف وتقاليد
يمنية مستمدة من روح الاسلام يمكن الاحتكام اليها في إقامة صلح شامل وعام بين القبائل
ورد المظالم إلى أهلها والتعاون مع الجهات المختصة وأخص منها الامنية والقضائية في
تنفيذ مثل تلك الدعوة الرائعة والتي كلنا لها دعم وصوت وسند ونشكر الاخ الرئيس.