Translate

الأحد، 9 أبريل 2023

غزوة بدر الكبرى معركة الوجود الأولى للمسلمين



مركز البحوث والمعلومات: زيد المحبشي

السبت، 17 رمضان 1444هـ الموافق 08 أبريل 2023

في تاريخ المعارك والغزوات، هناك مرحلة فاصلة ومصيرية في المواجهة العسكرية بين قلة مُستضعفة مُطاردة مُشردة مُعذبة مظلومة مسلوبة حقوقها المادية والسياسية وأكثرية طاغية مستبدة متفرعنة متجبرة، ما يجعل تلك القلة المُستضعفة أمام خيارين لا ثالث لهما، إما أن تكون وتسترد حقوقها وترفع راية دولتها وتكسب نفسها وقضيتها وهويتها وكينونتها وذاتها، أو تتلاشى وتنتهي، وتنتهي كل أحلامها، وتتبخر قضيتها، وتسقط رايتها، ولا تقوم لها بعدها قائمة، ما يجعل من المنازلة بين الفريقين مستميتة.

وهذا ما جرى في غزوة بدر الكبرى، صحيح أنه سبقتها غزوات وسرايا، لكنها كانت محدودة الأهداف ورقعة المواجهة، بمعنى أنها كانت تتجه نحو فئات وأهداف بسيطة، عكس غزوة بدر الكبرى، فقد كانت مفصلية من حيث نوعية الهدف ورقعة المواجهة، وقف فيها ثُلة المؤمنين في مواجهة جبروت وطغيان قريش لأول مرة، وكانت قريش من القوة والمنعة والجبروت والبطش والطغيان بمكانة ترهبها وتهابها كل قبائل جزيرة العرب، ولها سجل أسود مع المسلمين في بدايات الدعوة الإسلامية بمكة المكرمة.

تفنن طُغاة قريش خلال مرحلة الدعوة المكية في تعذيب المسلمين والتنكيل بهم، ومارسوا كل أساليب وألوان الترهيب ضدهم لإجبارهم على ترك دينهم والتخلي عن نبيهم، وسلبوا كل ممتلكاتهم ومدخراتهم، وشرّدوهم من بلادهم، ما جعل من المعركة مصيرية وفاصلة في تاريخ دولة الإسلام الوليدة، فإما أن ترتفع راية الإسلام وتقوم دولة العدل الإلهية أو تتلاشى وتتبخّر معها الدعوة المحمدية الخاتمة للرسالات الإلهية الإنقاذية لبني البشر.

إذن فهي معركة فاصلة بين الإسلام والكفر، وقف فيها الهدى والحق والحقيقة والنور والعلم والخير في مواجهة الضلال والباطل والزيف والظلام والجهل والشر، ووقفت فيها الحرية والكرامة والمساواة والإخاء والعدل والفضيلة والنجاة، في مواجهة العبودية والجاهلية والاستعباد والاستبداد والطغيان والظلم والقهر والطبقية والرذيلة والهاوية.

لقد كانت بوجيز العبارة أول معركة وجودية للمسلمين بعد انتقالهم إلى المدينة المنورة وشروع خاتم الأنبياء والمرسلين في وضع اللبنات الأولى لدولة الحق والعدل الإلهية، وأول اختبار عملي لحصاد 15 عاماً من جهود النبي صلى الله عليه وآله وسلم في البناء الروحي والمعنوي لطليعة المؤمنين الملتحقين بدين الإسلام المنقذ للبشرية من الغواية والظلال، لذا فهي منعطف تاريخي فاصل، وجد المسلمون أنفسهم فيها أمام خيارين لا ثالث لهما، إما أن يكونوا أو لا يكونوا، وأراد الله لهم الكينونة والعزة والرفعة، بعد أن تحققت شروط الإيمان والثقة المُطلقة بنصر الله وتأييده، والتوكل الممهور بتشمير سواعد الجد والعمل والصمود والثبات، لا التواكل والتواني والتراخي كما جرى في غزوة "أحد".

وفي تقديرنا فقد أعاد أحفاد الأنصار في اليمن بقيادة حفيد الإمام علي عليه السلام خلال مواجهتهم لعدوان تحالف العاصفة العبرية على بلادنا في سنوات الجمر الثمان الأخيرة، للذاكرة اليمنية والإسلامية كل مشاهد وإرهاصات ووقائع معركة بدر الكبرى، أسمى تجليات ذلك تمكنهم بفضل الله وتأييده وتوفيقه وتسديده من صدّ ذلك التحالف المعزز بتأييد ودعم كل طُغاة العالم والمدجج بكل ما لذ وطاب مما أنتجته مصانع الأسلحة العالمية، وتجريعه هزيمة مُنكرة لم يكن يتوقعها أحد، رغم قلة عدد المُقاتلة وبساطة الإمكانيات القتالية والمادية إن لم يكن انعدامها.

 

حيثيات المعركة:

 

بلغ النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن قافلة تجارية لقريش قادمة من الشام تضم 1000 بعير مُحمّلة بضائع تُقدّر قيمتها بـ 50 ألف دينار ذهبي، يقودها "أبو سفيان بن حرب"، ومعه "30 - 40" رجلاً.

الهدف ثمين، وفيه تعويض لبعض ما سلبه كفار قريش من المسلمين في مكة من أموال وعقارات ومُدّخرات، والأهم من هذا يُمثّل ضربة قاسية لعصب اقتصاد طُغاة قريش.

طلب صلى الله عليه وآله وسلم من أصحابه التجهز للخروج من أجل الاستيلاء عليها، فخاف بعضهم، وثقُل بعضهم، لأنهم لم يظنوا أن النبي يلقى حرباً.

كلّف صلى الله عليه وآله وسلم "أبو لبابة" بإدارة شؤون المدينة كي لا يحدث فراغ خلال غيابه يتسلل منه الكفار والمنافقين واليهود، و"إبن أم مكتوم" لإمامة الصلاة فيها.

عندما دنا "أبو سفيان" من "الحجاز" تحسس الأخبار فعلم بما عزم عليه رسول الله، فغيّر وجهة القافلة للتمويه، واستأجر "ضمضم بن عمرو الغفاري"، وأرسله إلى مكة لاستنفار أهلها وطلب النجدة.

وكان خروج النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه لاعتراض القافلة بوادي "ذفران" طريق مرورها، في منتصف جمادى الآخرة 2 هـ.

أقبلت قريش بكل قوتها وكبريائها وجبروتها، لإدراك وحماية قافلتها، لم يتخلّف منهم أحد سوى "أبو لهب"، لكنه استأجر مكانه "العاصي بن هشام بن المغيرة".

ورغم نجاة "أبو سفيان" بالقافلة، وطلبه من أصحابه العودة إلى مكة، رفض "أبو جهل" ذلك، وأخذته العزة بالإثم، ورأى وجود إمكانية للقضاء على المسلمين أو توجيه ضربة مُوجعة إليهم، فقرر خوض المعركة، وأصرّ على مواصلة المسير إلى "بدر"، والإقامة فيها 3 أيام، يشربون ويمرحون ويغنون وينحرون حتى تسمع بهم وبمسيرهم كل العرب فتهابهم.

أرسل رسول الله رجلين إلى "بدر" للوقوف على أخبار قريش، وعندما بلغه أنهم مصممون على المواجهة، فضّل في البداية عدم الاصطدام العسكري المباشر، فتوجه إلى قريش، قائلاً: "إني أكره أن أبدأكم فخلُّوني والعرب وارجعوا"، لكنها رفضت دعوته وآثرت الحرب، فلم يكن أمام المسلمين سوى المواجهة العسكرية.

وجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نفسه أمام خيارين أحلاهما مُرّ، إما القتال رغم فارق العدد والعتاد، أو الرجوع إلى المدينة المنورة، وهذا يعني انهيار كل ما كسبه المسلمون من الهيبة والمهابة، بفضل المناورات العسكرية، والعروض النظامية السابقة، وبخاصة إِذا تقدم العدوّ نحو المدينة في ظل هذا الانسحاب واجتاح مركز الإسلام "المدينة المنورة".

لذا اختار صلّى اللّه عليه وآله وسلم خيار المواجهة والمنازلة والمقاومة حتى اللحظة الأخيرة والنفس الأخير.

 

تاريخ المعركة:

 

وقعت في يوم الإثنين 17 رمضان 2 هـ، الموافق 13 مارس 624 م، وقيل يناير 624 م.

واستمرت من صباح ذلك اليوم إلى ساعات الظهر الأولى، وهي من المعارك القصيرة في الإسلام، حيث لم تتجاوز عدة ساعات.

 

مكان المعركة وتسميتها:

 

تُسمّى غزوة بدر الكبرى أو الثانية، وقد سبقتها عدة غزوات وسرايا، لكنها كانت محدودة، وتذكر كُتب السير غزوتين أُخريين باسم بدر، هي بدر الأولى وبدر الموعد أو الثالثة، لكن الأكثر شهرة غزوة بدر الكبرى.

اعتاد العرب على تسمية المعارك التي خاضوها بأسماء المناطق التي دارت فيها، لذا أطلقوا على هذه الغزوة اسم "بدر" نسبة لبئر ماء يعود لشخص يحمل نفس الاسم، دارت حوله المعركة.

يقع هذا البئر في وادي "بدر"، بين مكة والمدينة المنورة، وهو من أسواق العرب في الجاهلية وأحد مراكز تجمُّعهم للتبادل التجاري والمُفاخرة، كانوا يقصدونه كل عام، لذا فهو عندهم بنفس مكانة وأهمية سوق "عكاظ".

ويقع الوادي على بُعد نحو "140 - 160" كيلو متراً جنوب غرب المدينة المنوّرة، و"300 – 343" كيلو متر شمال مكة المكرمة.

وأُطلق على المشاركين من المسلمين في هذه المعركة اسم "البدريين"، وهو وسام تكريمي لثُلة المؤمنين المشاركين في ذلك الحدث العظيم والمفصلي في تاريخ الإسلام والمسلمين، وتخليداً لما سجّلوه من بطُولات، وأصبح المسلمون من بعدهم يتمنون مناداتهم بالبدريين.

 

المعركة في القرآن:

 

وصفها الله في محكم التنزيل بيوم "الفرقان"، وورد ذكرها في عدة مواضع، منها الآيات "1 - 19" و"36 - 51" و"67 - 71" من سورة الأنفال، و"12 - 13" و"123 - 127" من آل عمران، و "77 - 78" من النساء.

وسبب وصف الله سبحانه وتعالى لها بيوم "الفرقان": "يوم الفرقان يوم التقى الجمعان"، لأنها كانت يوماً فاصلاً بين الإسلام والكفر، لذا فهي من المعارك الخالدة التي تركت بصماتها على مسيرة الدعوة الإسلامية ومستقبل الرسالة.

 

قوات الفريقين:

 

1 - المسلمون:

 

313 رجلاً، و70 بعيراً، وفرسان، أحدهما للزبير بن عوام، والآخر للمقداد بن عمرو الكندي، وقيل 3 أفراس.

توزعت قواتهم بواقع 82 من المهاجرين، و230 من الأنصار منهم 170 من الخزرج و61 من الأوس.

 

2 - الكفار:

 

900 - 1000 مقاتل، و700 بعير، و200 وقيل 400 فرس.

 

أجواء المعركة:

 

نزلت قريش بالعدوة القصوى من وادي "بدر"، وبعث الله السماء - أمطرت السماء، وكان الوادي ليِّناً، فأصاب الرسول وأصحابه منها ما لبَّد لهم الأرض، ولم يمنعهم عن السير، وأصاب قُريشاً منها ما لم يقدروا على أن يرتحلوا معه، فنزل الرسول بأدنى ماءٍ من القوم، وهنا تتجلى الحكمة النبوية، في أهمية الاختيار المكاني، للضغط على العدو، وتأمين عوامل القومة والمساومة قبل المواجهة.

دفع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم راية المعركة إلى الإمام علي عليه السلام، وهي راية سوداء اسمها "العقاب"، ولواء المهاجرين إلى "مصعب بن عمير"، ولواء الخزرج إلى "الحباب بن المنذر"، ولواء الأوس إلى "سعد بن معاذ".

ورفع كفه داعياً ومُناجياً ربه، ومستمداً منه العون: "اللَّهُمَّ إنْ تُهلِك هذه العِصابة لا تُعبد في الأرض".

أرسل الكفار 3 من أشرس مقاتليهم، هم: عتبة بن ربيعة بن عبد شمس وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة، وطلبوا من المسلمين المنازلة، فبرز لهم بنو عفراء "معاذ ومعوذ وعوف بن الحارث"، وكانوا من الأنصار، لكن قادة المشركين أنفوا ورفضوا مواجهتهم، لأنهم رأوا فيهم قُدرات قتالية لا ترقَ إلى مستواهم، وطلبوا من رسول الله إرسال 3 أخرين من كبار مُقاتليه يكونوا أكِفاء وأنداداً لهم، فاختار 3 من أقاربه، هم: الإمام علي بن أبي طالب، وعبيدة بن الحارث بن عبدالمطلب، وحمزة بن عبدالمطلب.

نازل عبيدة بن الحارث بن عبدالمطلب - 63 عاماً، عتبة بن ربيعة - جد معاوية بن أبي سفيان لأمه، وكانا أسنّ القوم.

وواجه حمزة بن عبدالمطلب - 57 عاماً، شيبة بن ربيعة، وكانا أوسط القوم سِناً.

وتولّى الإمام علي عليه السلام - 20 عاماً، مهمة منازلة الوليد بن عتبة - وهو خال معاوية بن أبي سفيان، وكانا أصغر القوم سِناً.

ضرب الإمام علي الوليد على يمينه فقطعها، فأخذ يمينه بيساره، فضرب بها هامة الإمام عليه السلام.

ويصف سلام الله عليه ذلك: "ظنَنتُ أنَّ السماءَ وقعت على الأرض"، ثم ضربه ضربة أخرى على أم رأسه فقسمه نصفين.

وبرز له حنظلة بن أبي سفيان، فضربه، فسالت عيناه ولزم الأرض، وأقبل العاص بن سعيد، فلقيه سلام الله عليه فقتله.

وسأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "من له علمٌ بنوفل بن خُويلد".

أجاب الإمام علي عليه السلام: أنا قتلتُه.

فكبَّر صلى الله عليه وآله وسلم، وقال: "الحمدُ للهِ الذي أجاب دعوتي فيه".

بعد مقتل قادة قريش الثلاثة اشتبك الجيشان، وتسبب مقتلهم في انهيار معنويات الكفار وتفرُّق وانهزام جيشهم، وتسهيل المهمة على المسلمين للإجهاز على ما تبقَ منهم.

ويذكر المؤرخون أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أخذ كفاً من الحصى ورمى بها على المشركين، وقال: "شاهت الوجوه"، فلم يبعد منهم أحد إلا بفرك عينيه، فكانت هزيمة قريش.

 

الشورى والتشارك في القيادة:

 

بعد وقوفه صلى الله عليه وآله وسلم على نية قريش بالمواجهة، ومعرفته قوام قوتهم وعتادهم، استشار الصحابة في الإجراء الواجب اتخاذه، وكان يقصد الأنصار، لأنهم الأكثر عدداً في جيش المسلمين، ولأنهم بايعوه قبل الهجرة إلى المدينة على المُؤازرة والنُصرة والحماية.

والاستشارة إجراء غير مألوف في ذلك الزمان، أراد منه معرفة مدى استقامة أصحابه من ألسنتهم، وإشعارهم بأهمية رأيهم عنده، وأنه ليس سُلطاناً مُستبداً يُصادر آراءهم وحريتهم، وإعطائهم درساً عملياً على الاشتراك في القيادة.

وهي أول خطوة في برنامج التعبئة الروحية والمعنوية والعسكرية.

كانت كلمات الصحابة فواحة بالشجاعة والعزة والإباء والاستقامة والثقة بنصر الله والثبات.

تذكر كتب السيرة أنّ المسلمين بعد وصولهم إلى "بدر"، ومعرفتهم بمجيء قريش وقوتهم وعتادهم، جزعوا وخافوا، فاستشارهم النبي في الحرب، قائلاً: "أشيروا عليّ"، فأشار بعضهم بعدم المواجهة، لأن هذه "قريش وخُيلاؤها ما ذُلّت منذ عزّت"، وأشار آخرون بخوض المعركة، وقال المقداد بن الأسود يومها كلمته الشهيرة: يا رسول الله والله لا نقول لك ما قالت بنو اسرائيل لموسى "اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون"، ولكن نقول: "اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكم مقاتلون".

 

الطابور الخامس:

 

كان الطابور الخامس حاضراً بقوة في تلك المعركة المصيرية، وكعادة هذه الفئة المخذولة والمُثبِّطة في كل زمان ومكان، استغل المنافقين واليهود المتخلفين في المدينة فارق العدد في المقاتلة بين المسلمين والمشركين، وخشيتهم من انتصار الرسول والمسلمين، لبث الشائعات والفزع والرعب في أوساط سكان المدينة المنورة، فأشاعوا بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قُتل، وهُزم أصحابه في المعركة، وذلك من أجل نشر الفوضى والاضطراب واليأس، لكن مراميهم خابت وخسرت.

ولخطورة ذلك سارع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بعد انتهاء المعركة مباشرة بإرسال "عبدالله بن رواحة" و"زيد بن حارثة" إلى المدينة، لإخبار سُكانها بنصر الله لعباده المستضعفين، ليقطع الطريق على ذلك الطابور الشائه.

 

الإمام علي بطل المعركة الأول:

 

لم يكن تسليم راية "العقاب" للإمام علي عليه السلام حدث عابر، بل خُطوة مدروسة، لها دلالاتها التي لا يمكن فصلها عن عملية التهيئة للولاية التي أمر الله تبليغها للناس في واقعة الغدير الشهيرة، وهذا يعني ببساطة أن القيادة العامة في المعركة كانت للإمام علي بعد النبي، وفي ذلك تأكيدٌ جلي على قدراته سلام الله عليه، وموقعه في الإسلام، وأنه يُشكِّل الملاذ الآمن للمسلمين، بالنظر إلى البلاء الذي أبلاه في واقعة بدر، ومدى اطمئنان النبي والمسلمين لقيادته رغم صِغر سنه.

سجّل سلام الله عليه بُطولات خارقة في هذه المعركة، وكان قُطبُ رحاها وبطلها بلا منازع.

قال الإمام الباقر عليه السلام: نادى مُنادٍ من السماء يوم بدر يُقال له رضوان، لا سيف إلّا ذو الفقار، ولا فتى إلّا علي.

نظراً لشدة نكايته بالمشركين وفريه لرقابهم، واستئثاره بقتل أكثر من نصف ضحاياهم، منهم كبار قادتهم وأشجع مقاتليهم، وأصحاب ألويتهم.

ويذكر المؤرخون أن رجلاً من بني كنانة دخل على معاوية، فقال له: هل شهدت بدراً؟.

 

قال: نعم.

 

قال: صف ما رأيت؟

 

قال: رأيت علي بن أبي طالب غُلاماً شاباً ليثاً عبقرياً يفري الفري لا يثبت له أحد إلا قتله ولا يضرب شيئاً إلا هتكه، ولم أرَ أحداً من الناس يحمل حملته ويلتفت التفاته، وكان له عينان في قفاه وكأن وثوبه وثوب وحش.

لا نُبالغ إذن إن قلنا أن معركة بدر وضعت الإمام علي عليه السلام في مركز الصدارة بين المسلمين، وأنه أحق الناس بخلافة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سواء على مستوى الميدان، أو ما يتمتع به من حكمة وصواب ورأي، أو من جهة قُدرته وتفانيه في سبيل المبدأ، وأنه لولاه لم تكن نتائج الحرب في صالح المسلمين.

 

نتائج المعركة:

 

لحقت بالكفار هزيمة مُنكرة، وفقدوا فيها كبار القوم وصناديدهم وأشجع شُجعانهم وأعزّ أبنائهم، وبلغ عدد قتلاهم 70 وقيل 72 قتيلاً، وأُسر منهم 70، ومن أبرز قتلاهم: عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة، وأمية بن خلف، وأبو جهل عمرو بن هشام.

 

وقتل الإمام علي "22 - 35" شخصاً من صناديدهم، منهم:

 

1 - حنظلة بن أبي سفيان

2 - العاص بن سعيد بن العاص.

3 - عبدالله بن المنذر.

4 - حرملة بن عمرو.

على الصعيد الإسلامي، ارتقى 22 شهيداً، 14 من الأنصار و8 من المهاجرين، وقيل ما بين "9 - 14" رجلاً، ولم يُؤسر منهم أحد.

 

التعامل الراقي مع الأسرى:

 

عاد المسلمون بالأسرى إلى المدينة، وتعاملوا معهم بطريقة إنسانية راقية كتعاملهم مع أي واحدٍ منهم، على عكس عادة العرب في التعامل مع أسرى الحروب، ثم قبلوا منهم الفداء، ومن لم يكن لديه ما يفدي به نفسه طلبوا منه تعليم 10 من أولادهم مقابل إطلاق سراحه.

 

ومن أهم المبادئ التي أرساها الإسلام في هذا الجانب:

1 - احترام الأسرى والرحمة بهم وعدم إيذائهم.

2 - عدم التنكيل بجثث قتلى العدو.

 

عوامل وأسباب النصر:

 

هناك عدة عوامل ساعدت مُجتمعة في صناعة سيمفونية النصر البدرية، أهمها:

1 - الإيمان المُطلق بالله، والتوكل عليه، والثقة بنصره وتأييده لعباده المستضعفين في أرضه.

2 - عشق الشهادة وإخلاص النية للجهاد في سبيل الله وإعلاء كلمة الله.

3 - الإيمان بالقضية والمظلومية، والاستعداد الكامل للتضحية بالغالي والنفيس في سبيل هذه الغاية السامية، والإخلاص والصدق في مواجهة العدو حتى لو كان من أقرب المقربين.

يقول الإمام علي عليه السلام: كنا مع رسول الله نُقاتل آباءنا وأبناءنا وإخواننا وأعمامنا ما يزيدنا ذلك إلا إيماناً وتسليماً وجِدّاً في جهاد العدو، فلمّا رأى الله صدقنا أنزل بعدونا الكبت، وأنزل علينا النصر حتى استقرّ الإسلام.

كما وجد الأنصار أنفسهم أمام أول تجربة في حماية رسول الله ونُصرته، والوفاء بما قطعوه على أنفسهم في بيعة العقبة، فكان قتالهم شديد الضراوة.

4 - التسديد واللطف والعناية الإلهية، بما في ذلك إمداد الله لعباده المؤمنين بالملائكة، وإرسال النُعاس والمطر، وإلقاء الرعب في قلوب المشركين، وتقليل عدد المشركين في عيون المؤمنين.

5 - التخطيط والتدبير الحربي الجيد، وإعداد العدة والرصد الواعي، ومعرفة نقاط ضعف العدو.

6 - وضع رسول الله أقاربه في الخط الأول للمواجهة، فاختار الإمام علي وحمزة وعبيدة بن الحارث للمبارزة الأولى، ليُبرهن للمسلمين والمشركين على حدٍ سواء أنه صاحب رسالة إلهية، وليس صاحب مشروع شخصي، لذا فهو يبدأ بأهل بيته، ولا يستغلّ الناس للوصول إلى أهداف دنيوية خاصة، مُحيّداً أهل بيته وأقاربه عن المخاطر، كما يفعل الكثيرون من الملوك والزعماء السياسيين ممن يرسلون أبناءهم إلى خارج البلاد في أوقات الحروب ويقاتلون بأبناء الآخرين، وهذا الفداء والتضحية من أهم عوامل النصر.

7 - إدارة رسول الله المعركة بطريقة تُراعي العوامل المادية والمعنوية، وعبّأ أصحابه تعبئة إيمانية فائقة، وأحسّ بهم وأحسّوا به وامتزج بهم، وأصبح أغلى من أنفسهم، واستشارهم وطَّيب خواطرهم، وجعلهم هم الذين يقررون الإقدام على القتال.

8 - تحكُّم المسلمين في مُجريات المواجهة فكانوا أبطال ضرباتهم منذ بداياتها، وسبقوا العدو إلى الميدان والسيطرة على أرض القتال المناسبة، وتحكّموا في الماء، ووراء ذلك كله عناية الله بهم.

 

القيم والدلالات:

 

أسس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في هذه المعركة جملة من المفاهيم والمبادئ والأسس المهمة، منها:

 

1 - التأكيد على أن الغلبة للقوة الروحية وليس للقوة العسكرية كما يتوهّم أباطرة العالم المادّي، متى توافرت شروط الإيمان.

2 - أهمية دور القائد في احتواء المقاتلين ودعمهم مادياً ومعنوياً بالتشجيع والدعاء.

3 - التأكيد على أن أخوّة المسلمين الحقيقية بالعقيدة والإيمان، وجعلها أهم من الأخوّة في الدم إن كان الأخ كافراً بالله.

4 - التأكيد على أن الشورى أمان من الخطأ، وحرز من الخطر، وأن الاستبداد سبب كل الكوارث العاصفة بالبشرية عبر التاريخ.

 

المراجع:

 

1 - الدكتور المرتضى بن زيد المحطوري، السيرة النبوية، مكتبة بدر للطباعة والنشر، نسخة إلكترونية.

2 - أسعد عبدالله علي، قراءة في أبعاد نتائج معركة بدر، شبكة النبأ المعلوماتية، يونيو 2019.

3 - حاتم إسماعيل، دور علي عليه السلام في معركة بدر، موقع شبكة المعارف الإسلامية الثقافية.

4 - عبير المنظور، غزوة بدر الكبرى، انتصار ومنهج حياة، موقع مدونة الكفيل.

5 - علي الصلابي، غزوة بدر الكبرى .. حدث عظيم في شهر رمضان وبداية لانتصارات المسلمين، الجزيرة نت، 23 مايو 2019.

6 - محسن باقر محمد صالح القزويني، بدر: معركة الوجود، جامعة أهل البيت - كلية العلوم الإسلامية.

7 - محمد أحمد حسين، غزوة بدر الكبرى: دروس وعبر، موقع بوابة السيرة النبوية.

8 - محمد طاهر الصفار، معركة بدر .. بوصلة السماء، موقع العتبة الحسينية، 15 مايو 2019.

9 - موقع العلامة حسين الخشن، معركة بدر.. دروس وعبر.

10 - موقع حسين أنصاريان، بطولة الإمام علي عليه السلام في معركة بدر.

11 - موقع محمد نبي الرحمة، معركة بدر، 10 نوفمبر 2019.

12 - موقع مركز الاشعاع الإسلامي للدراسات والبحوث الإسلامية، معركة بدر الكبرى.


 

فضيلة العلامة عبدالله بن هاشم بن حسن المدومي


عالم، قاضي، فقيه، مفتي، مدرس، مرشد.

مولده بقرية جبل المحبشي من أعمال مديرية المحابشة في غرة محرم 1340 هـ، الموافق 1922،ووفاته بمدينة حجة في ليلة الإثنين 29 ربيع الثاني 1426 هـ، الموافق 6 يونيو 2005.

كان صاحب نكتة وعاشق للشعر والأدب، وله بعض المطارحات الأدبية.

اشتهر بمقالبه العفوية والجريئة حتى مع كِبار المسؤولين في العهدين الملكي والجمهوري، ومن طريف ما يرويه ولده، أنه ذات مرة كان يتنقل من منطقة الى أخرى، وفي كل منطقة يصل اليها، يُرسِلُ الى الإمام أحمد بن يحيى حميد الدين رسالةً مستفزةً، فيوجه الإمام بالقبض عليه، وظل على ذلك زمناً دون أن يتمكن جنود الإمام من إلقاء القبض عليه، وفي نهاية المطاف دخل على الإمام، وقص عليه مقالبه معه، فضحك الإمام وعفى عنه.

التحصيل العلمي:

درس تعليمه الأولي في معلامة المسجد الفارسي بقرية جبل المحبشي

أخذ عن كوكبة من علماء المدرسة العلمية بجامع حورة في مدينة حجة، منهم:

العلامة حسن المختار، القاضي عبدالله بن ناجي الجوبي، القاضي يحيى بن محمد الجرباني، العلامة محمد بن علي حُميد، القاضي العلامة محمد نصّار، القاضي العلامة محسن الشهاري، 

وأخذ عن علماء الجامع الكبير بالمحروسة صنعاء ومنطقة حبور.

السجل الوظيفي:

شغل العديد من المهام بمدينة حجة، منها:

اولا: قبل ثورة 26 سبتمبر 1962:

1 - تدريس العلوم الشرعية. 
2 - إمامة مسجدي قشية بالحلة، وصعصعة.

ثانيا: بعد ثورة 26 سبتمبر:

1 - مُدرس ومُراقب في المدرسة العلمية بجامع حورة، ..، ومن أبرز طلابه: الدكتور عبدالكريم نصّار، والدكتور إسماعيل حُميد.
2 - موظف في القضاء لفترة وجيزة، ثم اعتزله، وقال: 
لا يشرفني أن أعمل في القضاء، لحديث النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم "قاضيان في النار وقاضي في الجنة"، ..، أعوذ بالله أن أكتوي بنار القضاء في الدنيا، وأغتمس بها في نار جهنم يوم القيامة.
3 - موظف في مكتب التربية والتعليم بحجة. 
4 - كاتب أوراق التقاضي للقبائل، الى جانب الافتاء الشرعي.

أولاده:

 علي -  باحث ومحقق.



 

الجمعة، 31 مارس 2023

عميد الإعلاميين في محافظة حجة الاستاذ القدير أحمد بن يحيى بن أحمد بن عبدالله الفصيح


عميد الإعلاميين في محافظة حجة الاستاذ القدير أحمد بن يحيى بن أحمد بن عبدالله الفصيح

إعلامي، إداري. 

وفاته في يوم الأربعاء 15 رجب الأصب 1443 هجري قمري، الموافق 16 فبراير 2022، ومواراة جثمانه بصنعاء في يوم الخميس 17 فبراير 2022.

من أعلام بلاد الشرف ورموزها الثقافية.

أسندت له العديد من المهام الوطنية، منها مدير عام مكتب الاعلام بمحافظة حجه لأكثر من 30 عاما.

من أولاده:

 د. عبدالسلام، عبدالله.


 

القاضي العلامة محمد بن محمد بن يحيى بن هادي يايه


 

وفاته في يوم الاحد 8 شعبان 1442 هجري قمري، الموافق 21 مارس 2021.


 من علماء مدينة المحابشة الأجلاء المشهود لهم بالورع والزهد والعفة.


وهو من أسرة توارثوا العلم كابر عن كابر فاخوانه عبدالله وأحمد من أعلام عصرهما ووالده آية من آيات الله.

عندما تناهى اسمه إلى الإمام، قالوا له: اشترط العلامة محمد بن يحيى يايه لمبايعتك كذا وكذا، ومن ضمن الشروط عدم احتجاب الامام عن الناس.

فقال الامام: هذا آيه وليس يايه.

فقد كان رحمه الله أفقه علماء عصره، وزين العابدين في زمانه، وعلى نهجه سار اولاده، وعلى رأسهم شيخ الزاهدين فضيلة العلامة أحمد بن محمد يايه، فرغ حياته للعبادة في بيت الله الحرام، والاصلاح بين القبائل اليمنية المتناحرة في المناطق الجبلية خلال زياراته لليمن كما علمنا من حياة شيخنا القاضي صلاح بن أحمد فليته رحمة الله عليهم جميعا.


من اولاده: 


عبدالله - اكاديمي واستاذ جامعي بكلية الزراعة، احمد - تربوي ومربي فاضل.

الثلاثاء، 28 مارس 2023

ثمانية أعوام من استهداف العدوان للنساء والأطفال


مركز البحوث والمعلومات: زيد المحبشي

الأحد، 04 رمضان 1444هـ الموافق 26 مارس 2023

 

ثمان سنوات من العدوان البربري العبري على اليمن، تحول فيها بلد الإيمان والحكمة وأبنائه من أحفاد الأنصار إلى حقل تجارب لآخر ما أنتجت مصانع الأسلحة في العالم، داس خلالها تحالف البغي والعدوان على كل القوانين والأعراف الأممية الخاصة بأخلاقيات الحروب، ورمى بكل نواميس الشرائع السماوية عرض الحائط.

إذن فنحن أمام عدوٍ لا دين ولا أخلاق ولا عهد ولا ذمة له، استخدم في حربه الإجرامية ضد اليمنيين كل الأسلحة المحرمة، ولم يرعَ حُرمة لشيئ، مُستمتعاً طوال سنوات الجمر الثمان بتعذيب وقتل اليمنيين، ومُستخدماً ضدهم سياسة الأرض المحروقة، وكان للأطفال والنساء نصيب الأسد من عدوانه الظالم على كافة الأصعدة.

ورغم كل الأساليب القذرة التي استخدمها من أجل تركيع اليمنيين والنيل من كرامتهم، فها هو اليمن أكثر صموداً وقوة وصلابة وعنفواناً، وتصميماً على المُضي في مقارعة الغزاة والمعتدين، وتطهير اليمن من رجسهم وخُبثهم.

في هذا التقرير سنكتفي بتقديم قراءة رقمية مُوجزة لأهم الأضرار التي لحقت بنساء وأطفال اليمن خلال سنوات العدوان الثمان، والتوقف عند أبرز محطات وعناوين ذلك العدوان الأرعن، لأن الإحاطة بكل تفاصيل وتداعيات الأضرار التي لحقت بنسائنا وأطفالنا بحاجة لسلسلة من التقارير، وغرضنا كشف وتعرية حقيقة العدوان أمام محكمة الضمير العالمية البكماء والصماء والعمياء، وإذا تحدثت الأرقام خرُست ألسن أدعياء حقوق الإنسان.

ما لحق اليمن في سنوات العدوان الثمان وصمة عار في جبين الإنسانية ولعنة ستُلاحق أدعياء حقوق الإنسانية في محكمة الضمير العالمية لعقود قادمة.

 

الشهداء والجرحى:

 

قدّرت منظمة "انتصاف" وهي من المنظمات المختصة بشؤون المرأة والطفل ضحايا العدوان من الأطفال والنساء في اليمن منذ بدء العدوان وحتى 24 مارس 2023م بسبب الغارات والصواريخ بلغ ثلاثة آلاف و896 قتيلاً من الأطفال وألفين و445 من النساء، فيما بلغ عدد الجرحى أربعة آلاف و298 طفلاً وألفين و869 امرأة.

إجمالي ضحايا الأطفال 8195 شهيداً وجريحاً، والنساء 5314 شهيدة وجريحة.

وبلغت نسبة الوفيات في أوساط مرضى النساء بسبب إغلاق مطار صنعاء الدولي 30 %، وهي نسبة كارثية، خصوصاً وأنها شملت شريحة من المرضى يعانون من أمراض يمكن الشفاء منها لو تم السماح بسفرهم لتلقي العلاج في الخارج في الوقت المناسب.

وفي تقديرات مركز "عين الإنسانية" للحقوق والتنمية، للضحايا خلال 8 أعوام بلغ 48,349 بينهم 18,140 شهيداً و30,254 جريحاً.

وأكد المركز أن عدد الشهداء والجرحى من الأطفال خلال 8 أعوام من العدوان 4,079 شهيدا 4,790 جريحا، فيما بلغ عدد الشهداء والجرحى من الرجال 11,603 شهداء و22,476 جريحا، فيما بلغ عدد الشهداء والجرحى من النساء 2,458 شهيدة و2,988 جريحة.

بينما تذهب التقديرات الأممية إلى أن نسبة الضحايا في أوساط الأطفال والنساء 15 % من إجمالي ضحايا الحرب في اليمن، وتحدث وزير الصحة بصنعاء عن 16000 شهيد وجريح من الأطفال والنساء.

الأمم المتحدة في تقرير لها نشرته في العام 2022 تحدثت عن مقتل أو تشويه أكثر من 10200 طفل.

 

أبرز مجازر العدوان بحق النساء والأطفال:

 

1 - مجزرة صلاح الدين السكنية بتعز، في 22 أغسطس 2015، تسبب فيها طيران العدوان بإصابة واستشهاد العشرات من المدنيين الأبرياء، بينهم أطفال ونساء.

2 - حفل زفاف قرب ميناء المخا من أعمال محافظة تعز، في 28 سبتمبر 2015، أدى إلى استشهاد أكثر من 135 مدنياً، غالبيتهم من الأطفال والنساء.

3 - حفل زفاف سنبان ذمار، في 8 أكتوبر 2015، أسفر عن استشهاد 54 مدنياً، جُلُّهم من النساء والأطفال، وإصابة 31 آخرين، بينهم 15 طفلاً و17 امرأة.

4 - تجمع نسائي حول بئر بمديرية المسراخ من أعمال محافظة تعز، في 29 نوفمبر 2015، أَدَّى إلى استشهاد 12 امرأة.

5 - استهداف موكب تشييع جنازة، في 8 أكتوبر 2016، استشهد فيها وجُرح أكثر من 750 شخصاً.

6 - مدرسة الفلاح الابتدائية شمال شرقي صنعاء، في 10 يناير 2017، أسفر عن استشهاد 3 أطفال، بينهم فتاة تُدعى "إشراق المعرفي"، كانت مُلقاة على الأرض بالزي المدرسي وحقيبتها المدرسية بجانبها، وإصابة 4 أطفال.

7 - مجزرة "أرحب" بمحافظة صنعاء، في 15 فبراير 2017، راح فيها عشرات الشهداء والجرحى بينهم نساء وأطفال.

8 - مجزرة حي فج عطان جنوب غرب العاصمة صنعاء، في 25 أغسطس 2017، فقدت فيها "بثينة" (8 أعوام) والديها وعمها و4 من أشقائها، وأثارت صورتها وهي تحاول فتح عينها اليُمنى المصابة بينما تنتفخ عينها اليسرى، الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإعلامية، وكانت خير شاهد على جرائم العدوان العبري.

9 - استهداف مجموعة من النساء في منطقة حسان بحريب القرامش من أعمال محافظة مأرب أثناء عودتهن من حفل زفاف، في 17 ديسمبر 2017

10 - حفل زفاف "يحيى جعفر" في منطقة بني قيس من أعمال محافظة حجة، في 22 أبريل 2018، أدى إلى استشهاد أكثر من 30 مدنياً، معظمهم من النساء والأطفال، وبقيت صورة الطفل الذي ظل قريباً من جسد والده نتيجة الاعتداء في الأذهان.

11 - حافلة مدرسية في سوق مزدحم بضحيان من أعمال محافظة صعدة، في 9 أغسطس 2018، أسفر عن استشهاد وإصابة أكثر من 120 طفلاً.

12 - مجزرة الحي الليبي غرب صنعاء، في 17 يناير 2022، أسفر عن استشهاد 29 شخصاً، بينهم مدير مدرسة الطيران والدفاع الجوي، وخلال تلك العملية منع طيران العدوان سيارات الإسعاف من الوصول إلى الأحياء السكنية في تلك المنطقة.

وكلها جرائم لا يمكن أن تنمحي من ذاكرة اليمنيين لعقودٍ قادمة لبشاعتها وفضاعة مُرتكبيها.

 

الإعاقات والتشوهات:

 

تسببت صواريخ وقذائف العدوان وأسلحته المحرمة وألغامه وبقايا قنابله العنقودية بعاهات وإعاقات ستظل وصمة عار في جبين الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المدعية حماية حقوق النساء والأطفال.

وتتحدث الإحصائيات عن ارتفاع عدد الأشخاص ذوي الإعاقة من 3 ملايين قبل العدوان إلى 4.5 ملايين، منهم 6000 مدني أصيبوا بإعاقات نتيجة العدوان "السعودي - الإماراتي"، بينهم 5559 طفلاً، ومن المتوقع أن يكون العدد الفعلي أعلى بكثير.

كما تعرّضت آلاف النساء لإعاقات جسدية ونفسية، وهناك أكثر من 16 ألف حالة من النساء والأطفال بحاجة إلى تأهيل حركي.

وبلغ عدد ضحايا الألغام وبقايا القنابل العنقودية 8104 ضحية من الأطفال والنساء، بينهم 204 طفلاً، منهم 44 شهيداً في 11 محافظة، و26 امرأة، بينهن 4 شهيدات، منذ سريان الهدنة في 2 أبريل 2022 وحتى 1 مارس 2023، ناهيك عن آلاف الإصابات والشهداء بسبب الألغام والقنابل العنقودية منذ بداية العدوان الآثم على اليمن.

وتتحدث الأرقام عن استشهاد 1019 شخصاً بسبب بقايا القنابل العنقودية، بينهم 115 طفلاً و39 امرأة، واصابة 2822 بجروح.

والأكثر فظاعة ارتفاع نسبت التشوهات الخُلقية وإجهاض الأجنة بمعدل 350 ألف حالة إجهاض، و12 ألف حالة تشوه، بسبب استخدام العدوان للأسلحة المحرمة، وتسجيل 3000 حالة من الأطفال يعانون من التشوهات القلبية بحاجة للسفر للعلاج في الخارج.

 

النزوح مآسي لا تنتهي:

 

ارتفاع عدد النازحين خلال الفترة "مارس 2015 - فبراير 2023" إلى 5160560 نازح نصفهم نساء وأطفال، تضمهم 740122 أسرة، 27 % من النساء دون سن الـ 18، وهو ما يزيد احتمالات تعرضهن للعنف.

وعدد النازحين من الاطفال 1.71 مليون طفل.

21 % من الأسر النازحة تعولها نساء أعمارهن أقل من 18 عاماً، بواقع 1 من 3 أسر نازحة، تعولها نساء.

60000 امرأة فقدن أزواجهن بسبب الحرب، بحسب التقارير الاممية.

417 ألف أسرة يمنية، تتولّى مسؤولية إعالتها النساء، بحسب التقارير الاممية.

 

 

الساحل الغربي والمحافظات الجنوبية المحتلة:

 

تنوعت وتعددت صور وأساليب جرائم العدوان العبري بحق نساء وأطفال الساحل الغربي والمحافظات الجنوبية المحتلة، وتجاوز عدد الانتهاكات في الساحل الغربي 695، منها 132 جريمة اغتصاب، و56 جريمة اختطاف، وفي المحافظات الجنوبية، وعدن خاصة 443 جريمة اغتصاب بحسب البلاغات، وما خفي أعظم وأبشع.

 

التعليم:

 

تتحدث الأرقام عن وجود 2400000 طفل خارج أسوار المدراس، من 10.6 ملايين طفل في سن الدراسة (من 6 إلى 17 عاما)، وتدمير وتضرر 3500 مدرسة، وإغلاق نحو 27 % مـن المدارس، وتضرر 66 % مـن المدارس، واستخدام 7 % مـن المدارس كمراكز إيواء للنازحين.

6 - 6.1 ملايين طفل يواجهون انقطاعاً عن التعليم بحسب إحصائيات وزارة التربية والتعليم بصنعاء.

8.1 ملايين طفل بحاجة إلى مساعدات تعليمية طارئة في جميع أنحاء البلاد.

31 % من فتيات اليمن خارج نطاق التعليم.

 

عمالة الأطفال:

 

تسبب العدوان العبري في تدمير البنية التحتية وانقطاع المرتبات وشلل الحياة الاقتصادية، كما تسبب الإمعان في المجازر ضد الأبرياء في وفاة الآلاف من أولياء الأمور، ما أدى إلى إلقاء عبء كبير على كاهل الأطفال، وتحملهم مسؤولية إعالة أسرهم، وحرمانهم من حقهم في التعليم، والاستمتاع بطفولتهم.

وتتحدث الأرقام عن 1.4 مليون طفل يعملون في اليمن محرومون من أبسط حقوقهم، 34.3 % منهم تتراوح أعمارهم ما بين 5 و17 عاماً، و12.6 مليون طفل يحتاجون لشكل من أشكال المساعدة الإنسانية أو الحماية، من بين كل 10 أطفال يعيش أكثر من 8 أطفال لدى أسر ليس لديها دخل كافٍ لتلبية احتياجاتهم الأساسية.

وارتفع معدل ظاهرة عمالة الأطفال خلال فترة العدوان 4 أضعاف، عما كانت عليه قبل العدوان، ومعدلات الفقر إلى 80 %.

 

الصحة:

 

تتحدث الأرقام عن 2.3 - 3.6 مليون طفل دون الخامسة يعانون من سوء التغذية، بزيادة قدرها 66 % خلال العامين الأخيرة.

632 ألف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد الوخيم المهدد لحياتهم بالوفاة خلال العام 2022.

1.5 مليون من الأمهات الحوامل والمرضعات يعانين من سوء التغذية، منهن 650495 امرأة مصابات بسوء التغذية المتوسط.

وفاة امرأة و6 مواليد كل ساعتين، بسبب مضاعفات الحمل أو الولادة، وتدهور خدمات الرعاية الصحية، بحسب منظمة "اليونيسيف" يونيو 2019، والأمم المتحدة 24 نوفمبر 2019.

وفاة طفل كل 10 دقائق، بسبب سوء التغذية وأمراض أخرى يمكن الوقاية منها، و15 حامل يومياً، وامرأة كل يوم عند الولادة، بحسب أرقام الأمم المتحدة، في سبتمبر 2018.

وفاة أكثر من 288 - 300 طفل يومياً دون سن الخامسة بسبب سوء التغذية، و500 حالة وفاة من الأمهات بسبب الحمل والولادة لكل 100 ألف ولادة حية، بعد أن كان معدل وفيات الامهات عند الولادة 148 لكل 100 ألف حالة، بزيادة تصل الى 200 %.

وفاة 100 ألف طفل من حديثي الولادة، و40320 امرأة حامل، ووفيات الأطفال خلال فترة العدوان 727760.

والنساء المتوقع فقدانهن حياتهن أثناء الحمل أو الولادة 17 ألف امرأة تقريباً.

8 ملايين امرأة بحاجة لتوفير الخدمات المنقذة للحياة.

86 % من الأطفال دون سن الخامسة يعانون من أحد أنواع "فقر الدم"، و46 % منهم يعانون من "التقزّم".

8 من كل 10 أطفال يعانون من سوء التغذية، وفقاً لأرقام إحدى الوكالات التابعة للأمم المتحدة.

1000 طفل يمني يموتون يومياً، و150 ألف طفل يموتون سنوياً، بسبب العدوان والحصار ونقص الأجهزة والأدوية، بحسب تقارير المنظمات الدولية.

85 طفل دون الخامسة من أصل ألف طفل يموتون بسبب نوع من أنواع الأمراض التي يمكن الوقاية منها، وموت 80 مولود من أصل 1000 ولادة.

265 ألف طفل يموتون سنوياً بسبب أحد الأمراض الخمسة "الالتهاب الرؤي، الإسهال، الحصبة، الملاريا، سوء التغذية"، ولم تكن نسبة الوفيات السنوية قبل العدوان تتجاوز 80 ألف طفل.

 

سرطان الأطفال:

 

3000 طفل مصابين بالسرطان، معرضين للموت، وبحاجة للسفر الى الخارج.

71 ألف حالة سرطانية تم تسجيلها بين الأطفال منذ بداية العدوان.

80 ألف مصاب بالسرطان في اليمن، خلال سنوات العدوان نتيجة استخدام الأسلحة المحرمة دولياً بحسب وزارة الصحة بصنعاء.

9000 حالة مصابة بالسرطان تُضاف سنوياً، 15 % من الأطفال، بحسب وزارة الصحة بصنعاء.

وفاة 12 ألف حالة جراء هذا المرض.

ارتفع عدد المصابين بسرطان الدم في أوساط الأطفال في الأمانة من 300 حالة إلى 700 حالة، نتيجة استخدام العدوان للأسلحة المحرمة دولياً في عطان ونقم، وإصابة 1000 طفل في بقية المحافظات.

ولنا قراءة تفصيلية عن السرطان نُشرت العام الماضي، وأكثر من 20 قراءة عن تداعيات العدوان على كافة الأصعدة، نشرتها وكالة سبأ وصحيفة السياسية في الأعوام الثلاثة الأخيرة.

 

المواليد الخُدّج:

 

ارتفاع نسبة المواليد الخُدّج إلى 8 % مقارنة بالوضع قبل العدوان، بمعدل 22566 حالة، وبلغ عدد المواليد في العام 1120000، بينهم 39 % يولدون خُدّج، و80 مولود يتوفون يومياً، بسبب الأسلحة المحرمة دولياَ المستخدمة في العدوان على اليمن، وقلة الأجهزة والأدوية والخبرات الطبية بسبب الحصار الجائر.

ونعني بمصطلح "الخُدّج" الطفل الذي يولد قبل 3 أسابيع من تاريخ الولادة الطبيعية.

وتعظم الكارثة مع محدودية الحضانات والتي لا تتجاوز 600 حضانة، بينما الاحتياج الفعلي للقطاع الصحي 2000 حضانة، ما تسبب في وفاة 50 % من المواليد الخُدّج، بفعل تداعيات العدوان والحصار

 

الأدوية الخاصة بالمرأة:

 

تسبب الحصار الظالم في انعدام أكثر من 50 % من أدوية مرضى السرطان، وخاصة الأدوية الموجهة والكيماوية، وعدم توافر 70 % من أدوية الولادة.

 

تجارياً:

 

كشفت إحصائيات وتقارير صدرت في العام 2015، أن الشركات المملوكة للنساء كانت أكثر تضرراً من العدوان مقارنة بالشركات المملوكة للذكور، رغم من أن عدد الشركات النسائية المتضررة كانت تمثل 4 % فقط من إجمالي الشركات قبل العدوان.

وتحدثت دراسة أجراها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي عن إغلاق 42 % من الشركات المملوكة للنساء في قطاعات التجارة والخدمات والصناعة في العام 2015، بسبب الأضرار المادية التي لحقت بها جراء العدوان، إضافة إلى فقدان رأس المال ونقص الكهرباء والوقود.

ولنا تصور حجم وفداحة الضرر الذي لحق المرأة اليمنية في عالم المال والأعمال خلال سنوات العدوان الثمان.

 

المراجع:

 

1 - موقع وكالة الأنباء اليمنية سبأ، منظمة انتصاف: ضحايا العدوان من الأطفال والنساء تجاوز 13 ألفاً و384 قتيلاً وجريحاً، 8 سبتمبر 2022.

وكذا:

منظمة انتصاف لحقوق المرأة والطفل: أكثر من 5 آلاف امرأة ضحايا العدوان منذ ثماني سنوات، 27 نوفمبر 2022.

منظمة انتصاف: أكثر من 13 ألف امرأة وطفل ضحايا العدوان خلال 8 سنوات، 11 ديسمبر 2022.

منظمة انتصاف: 8 آلاف طفل وطفلة ضحايا العدوان خلال ثماني سنوات، 20 نوفمبر 2022.

منظمة انتصاف: 6 ملايين طالب وطالبة يعانون من انهيار نظام التعليم في اليمن، 24 يناير 2023.

منظمة انتصاف: أكثر من 3 آلاف طفل مصابون بالسرطان ومعرضون للموت، 4 فبراير 2023.

2 - أحمد داوود، الأحزمة الناسفة وغارات طيران العدوان السعودي الأميركي، شهارة نت، 2 يناير 2016.

3 - مهدي البحري، أكثر من ثلاثة آلاف طفل مصابون بالسرطان يواجهون المرض والمواقف المخزية للأمم المتحدة، وكالة سبأ للأنباء، 5 فبراير 2023.

4 - وكالة سبأ، مؤتمر صحفي لوزارة الصحة حول آثار وتبعات العدوان والحصار على القطاع الصحي، 27 أغسطس 2022.

5 - مركز عين الإنسانية، أكثر من 8600 شهيد وجريح من أطفال اليمن خلال سنوات العدوان، 22 نوفمبر 2022.

6 - موقع الحقيقة، ضحايا العدوان السعودي يتجاوز 13 ألف شهيد وجريح، 9 سبتمبر 2022.

7 - وكالة الأنباء اليمنية سبأ، المرأة اليمنية.. أدوار ملموسة في مواجهة تبعات العدوان والحصار، 11 مارس 2022.

8 - موقع العهد الاخباري اللبناني، اليمن: أرقام صادمة لضحايا العدوان والحصار، 28 ديسمبر 2022.

9 - الميادين نت، مركز "عين الإنسانية" للحقوق والتنمية: بعد 7 سنوات من العدوان على اليمن.. عدد الضحايا بلغ أكثر من 46 ألفاً، 23 مارس 2022.

10 - موقع وكالة مهر للأنباء، منظمة انتصاف تكشف عن وفاة طفل كل عشر دقائق خلال سنوات العدوان والحصار على اليمن، 4 مارس 2023.