Translate

الأحد، 31 يناير 2021

أزهر الكون بمولد الريحانة الزكية



زيد يحيى المحبشي، 31 يناير 2021

وتُشرقُ شمسُ العشرين من جُمادى الآخرة، تُرسلُ أشعَّتها الذهبية، على قِممِ الجبالِ والسهولِ والأودية، وقافلةُ البُشرى تطوي الفيافي نحو مكة، وكأن الأرض تفتحُ ذراعيها للسرِ المكنون، ونسيمُ الصباحِ يفوحُ على أرجاء الكون، فقد أزهر مولدُ الصِّديقةِ المباركة، سيدةُ النِّساءِ، حبيبةُ قلبِ خاتم الأنبياء، فاطمةُ الزهراء .. عباس فتوني.

إن الحديثَ عن فاطمة البتول الزهراء، حديثٌ عن الكمال البشري في أسمى تجلياته، كيف لا ونحن نتحدثُ عن ابنت من وصفه الله سبحانه وتعالى في محكم التنزيل بقوله: "وإنك لعلى خُلُقٍ عظيم"، كيف لا ونحن نتحدثُ عن امرأةٍ نشأت في أطهرِ بيتٍ على البسيطة، وتكفّل اللهُ بتطهيرها وأسرتها من دنس وأوساخ الدنيا: "إنما يريد الله ليُذِهِب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا"، وأنزل الله فيهم كرائم القرآن، امرأةٍ أستاذها ومعلمها وموجهها ومربيها وقدوتها ومثلها الأعلى خاتم الأنبياء والمرسلين، إنها خلاصة التربية القرآنية، وعصارة شخصية النبي الخاتم.

كانت سلام الله عليها منذ طفولتها خيرُ مواسٍ ومؤانسٍ لأبيها، وتحمّلت ما لا يتحمله الرجال من قساوة الحياة وظُلمها وشدتها، فعايشت كل الصِعاب التي مرّ بها والدها بدءاً بحصار بني هاشم في شعب أبي طالب وعمرها لم يتجاوز السادسة، ومروراً بالهجرة النبوية، وما رافقها من مؤامرات على الإسلام والنبي الخاتم، وانتهاءً بإرساء دعائم الإسلام وتوطيد أركانه في المدينة المنورة وحتى وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وفي جميعها كانت سلام الله عليها اليد الحانية التي تمسحُ جبين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وتسهرُ على رعايته، ولهذا لقَّبها صلوات الله وسلامه عليه وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين بـ "أم أبيها"، وبعد رحيله تقدمت الصفوف في الدفاع عن الدين والقيم الرسالية ومقارعة الظلم والباطل.

ورغم قصر عمرها فقد قدّمت سلام الله عليها لنساء المسلمين في كل عصر وزمان ومكان أروع دروس الجهاد والإخلاص والصبر والتفاني في تحمل أعباء المسؤولية الرسالية.


شذرات من سيرة الزهراء:

مولدها سلام الله عليها بمكة المكرمة في يوم الجمعة 20 جُمادى الأخرة، السنة الثانية وقيل الخامسة بعد البعثة النبوية، وقيل الخامسة قبل البعثة، والثالثة بعد حادثة الإسراء، والـ 18 قبل الهجرة، الموافق 27 يوليو 604 ميلادي.

قال السيد عبدالملك الحوثي: ولادة السيدة الزهراء هي محطة تربوية وثقافية لاستلهام كل معاني السمو والفضل والمجد، هذه المناسبة العزيزة هي بحقٍ جديرةٌ بأن تكون يوماً عالمياً للمرأة المسلمة.

والدها رسول صلى الله عليه وآله وسلم، وأمها خديجة الكبرى سلام الله عليها، وزوجها أمير المؤمنين ويعسوب المتقين ووصي خاتم الأنبياء والمرسلين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، وأولادها المحسن وسيدا شباب أهل الجنة الحسن المجتبى والحسين شهيد كربلاء، وعقيلة بني هاشم زينب الكبرى، وأم كلثوم.

ووفاتها بالمدينة المنورة في 15 وقيل 14 وقيل 13 وقيل 10 جُمادى الأولى، وقيل في أحد الأيام الثلاثة الأول لشهر جُمادى الآخرة سنة 11 للهجرة، الموافق 28 أغسطس 632 ميلادي، عن 28 سنة، قضت 9 سنوات وأشهر منها في بيت زوجها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، قال الإمام مجدالدين المؤيدي في "التحف شرح الزلف": تُوفيت بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم بستة أشهر وعمرها ثمانٍ وعشرون سنة، وقيل: دون ذلك وهو الأصح، كما أوضحه في طبقات الزيدية.

وقال السيد العلامة أحمد الحرازي الشرفي في الجزء الأول من "اللآلئ المضيئة": وكانت وفاة فاطمة عليها السلام ليلة الثلاثاء لثلاثٍ خلون من شهر رمضان سنة احدى عشر، وهي بنت سبعٍ وعشرين سنة، وقيل: ثمانٍ وعشرين سنة، وقيل: تسعٍ وعشرين سنة، وكان مولدها وقريشٌ تبني الكعبة، قبل مبعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم بسبع سنين وستة أشهر، رواه الطبراني.

وروى الحاكم: أنها تُوفيت ولها ثماني عشر سنة، وفي رواية أخرى، كان لها خمسٌ وثلاثون سنة.

خصها الله سبحانه وتعالى دون سائر نساء العالمين بخصائص فريدة، فبلغت مقاماً رفيعاً، حتى صارت سيدة نساء العالمين، قال السيد عبدالملك الحوثي: منح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم السيدة الزهراء وساماً باعتبارها سيّدة نساء العالمين والمؤمنين وأهل الجنة، ..، لقد كانت الرقم الأول للمرأة منذ بداية الوجود البشري وإلى قيام الساعة، وحق لأمتنا الإسلامية أن تفخر بأرقى وأسمى نموذج للمرأة التي جسدت الكمال الإنساني والايماني في كل أبعاده وجوانبه.

أزهر لمقدمها قلبُ أبيه فلُقِّبَة بالزهراء، وسيدة نساء العالمين، والحوراء الإنسية، والممتحنة، والصابرة، والصدِّيقة، والطاهرة، وحبيبة أبيها، وريحانة رسول الله، والبتول، ..، وتكنّت بأم أبيها وأم الحسنين.

وهي سلام الله عليها أشبه الناس بأبيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في مشيتها وسكناتها وحركاتها ومنطقها، وخُلُقِها وأخلاقها، وكانت نحيفة الجسد ومشرقة الوجه.

قال عنها خاتم الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وآله وسلم:

"فاطمة بضعة مني يُرِيبُني ما أرابها ويُؤذيني ما آذاها"، "إن الله عز وجل ليغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها"، "فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبني".

توفت أمها خديجة الكبرى وعمرها 6 سنوات، فخلفتها في رعاية رسول الله، وملء الفراغ الذي نشأ عن رحيل والدتها، وشاركت أباها محنته وهو يواجه أذى المشركين في مكّة، فكانت تُضمِّد جراحه وتغسل عنه ما يُلقيه سفهاء قريش من قاذورات، وتُحدِّثُهُ بما يُسلّي خاطره ويُدخلُ الفرحة في قلبه، وتتحدث بعض الروايات عن مشاركتها في تطبيب وتضميد جرحى معركة أُحد.

وبعد وفاة رسول الله لم يفارقها الحزن عليه، فكانت أول الملتحقين به من بيت النبوة بعد 6 أشهر فقط من رحيله، وأوصت الإمام علي عليه السلام بأن يدفنها سِراً، وألا يحضر ذلك أحدٌ من أعيان القوم، لأنها كانت آخذة عليهم إبطالهم منصوص حديث الغدير، وانتزاعهم "فدك" منها، رغم علمهم وبالإجماع أنها ميراثها الشرعي من رسول الله، بنص كتاب الله، وقد أجمع المفسرون أنه لما نزل قوله تعالى: {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ} دعى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاطمة فأعطاها فدكاً.

 وهي 9 قرى متصلات، حدٌ منها مما يلي وادي القرى، وكانت من أموال بني النظير فنَحَلَها النبي صلى الله عليه وآله وسلم فاطمة عليها السلام كما روى الإمام الهادي يحيى بن الحسين عليه السلام عن أبائه.

وقال في البُلغة: وكانت أموال بني النظير خالصةٌ للنبي صلى الله عليه وآله وسلم يُنفقُ على أهله منها، ويدّخرُ قوت أهله سنة من الشعير، والتمر، وما فَضُلَ يجعله في الكراع والسلاح، وكان تحت النخل زرعٌ كثيرٌ، ونَحَلَ فاطمة عليها السلام - منها - فدكاً.

 وليس هذا محل حديثنا، وعموماً الحديث في ذلك مبسوط في أمهات كتب المدرستين لمن أراد البحث عن الحقيقة وتجرد من داء التعصب والأنا، وهذه القضية من الحقائق التي لا يمكن تجاوزها أو طمسها بإجماع الفريقين. 

ولا يزال موضع قبر الزهراء سلام الله عليها في المدينة المنورة غير معلومٍ الى يوم الناس.


دروس تربوية:

كانت سلام الله عليها شديدة الحرص على اصطحاب أولادها الى محراب عبادتها، وتعليمهم كل أنواع التبتل والتهجد، ومحامد الأخلاق، والترديد على مسامعهم خُطب جدهم رسول الله، وهم لم يبلغوا بعد سن الخامسة.

يروي الإمام الحسن عليه السلام أن أمه سلام الله عليها أجلسته الى جانب سجادتها، وظلت غارقةً بالابتهال والتضرع والدعاء لكل الناس الأقرب فالأقرب منهم من حيث الجوار، حتى انبلج ضوء الصباح، فسألها عن سر ذلك، فنظرة اليه بنظرة مِلؤها العطف والحنان: "يا بُني الجار ثم الدار".

وتحدث القرآن الكريم في "هل آتى على الإنسان" عن جانب من حياتها سلام الله عليها، ومن ذلك آية إطعام المسكين واليتيم والأسير: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورا﴾.

وهي إحدى الأوسمة الإلهية والثناء الإلهي لها ولأسرتها، امتحنها الله واسرتها بالجوع، ثلاثةُ أيامٍ، لا يشتكون لأحدٍ حتى لرسول الله، صنعت في الأول أقراصاً من الخبز، فطرق بابُ البيتِ مسكينٌ فأعطته الأقراص، وقررت الصوم هي وأسرتها، وفي الثاني طرق الباب يتيمٌ فأعطته الأقراص، وفي الثالث طرق الباب أسيرٌ فأعطته الأقراص، ثلاثةُ أيامٍ متواليةٍ وهم صيام، فكشف الله لنبيه ذلك وما لحقهم من ضرٍ، بسورة كاملة هي سورة الإنسان.

يقول الشيخ "حسن بدران": لقد ضربت سلام الله عليها أروع الأمثلة في الذوبان في الرسالة الإلهية، والاندماج فيها وتفضيلها على كل العلائق الدنيوية، وشكلّت المثل الصالح والقدوة الحسنة من حيث المبدأ والعقيدة، والخُلق والسلوك، لكل مسلم ومسلمة، فقد شقّت لنا من خلال علاقتها الحميمة بربها نهجاً عِبادياً قويماً بما استلهمته من معين مدرسة أبيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، حتى صار لها تسبيحها وصلاتها وأدعيتها وغير ذلك من سنن فاطمية، شكلت في مجموعها منهجاً تربوياً تبليغياً راقياً على المستوى العبادي.


دروس اجتماعية:

في زواجها سلام الله عليها بالإمام علي بن أبي طالب عليه السلام أروع الدروس في تسهيل المهور وبساطة وتواضع طقوس الزواج، فقد رُوي أن مهرها لم يتجاوز 400 مثقال من الفضة، وقيل 500 درهم، وقيل 480 درهماً، بينما تتجاوز المهور في عصرنا 2 مليون ريال يمني، بما يقارب 35 ألف دولار أميركي، ومثلها تكاليف العُرس، ما جعل الكثير من الشباب يحجم عن الزواج، وبالتالي انتشار الرذيلة، فكم نحن اليوم بحاجة للتعلُم من مدرسة النبوة والاقتداء بنبينا.

وكانت سلام الله عليها في بيتها، تباشرُ بيديها الشريفتين كل الأعمال المنزلية، ولم يكن لها من يساعدها من خدم وما شاكل، وهي بنتُ رسول الله، وفي هذا درسٌ بليغ لنسائنا اليوم، ومن طريف ما يُروى أن رسول الله دخل عليها ذات يوم وهي تطحن بالرحى، وعليها كساء من أجِلَّة الإبل، فلما رآها دمعت عيناه الشريفتان، وقال: "يا بنتاه تعجلي مرارة الدنيا بحلاوة الآخرة".

فقالت: "يا رسول الله، الحمد لله على نعمائه، والشكر لله على آلائه".

فأنزل الله سبحانه وتعالى: "ولسوف يُعطيك ربُك فترضى". 

يقول الشيخ حسن بدران: لقد حرصت الزهراء على تكوين النموذج الأمثل للمرأة المسلمة من خلال سيرتها وأقوالها، فهي مُعلمةُ الصحابة ومُرشدتهم الى القيم الإسلامية التي ينبغي أن تكون عليها نساؤهم، كما كان لها سلام الله عليها دورٌ محوي في التبليغ والإرشاد، ويسرد الشيخ بدران مثالين:

1 –  الخطبة العصماء في المسجد النبوي، تضمّنت أسمى درجات البلاغة والفصاحة وفنون الأدب، والعلم، حيث انتهزت سلام الله عليها الفرصة لتُفجر للمسلمين عيون المعارف الإلهية، وتكشف لهم محاسن الدين الإسلامي، وتُبين لهم علل الشرائع والأحكام.

وضمّنت خطبتها الحِكَم المُثلى ابتداءً من حكمة الخلق ومروراً بحكمة القيم الشرعية، وانتهاءً بحكمة الوفود على الله في يوم المحشر، وبيّنت فيها الأوامر والنواهي، وحددت معالم العدل والظلم الى يوم القيامة، حتى قيل: لو أن مُؤلفاً أو مُفسراً دوّن 10 مجلدات في تفسير هذه الخطبة، وبيان أبعادها وآفاقها، ما بلغ حقها.

 2 – خطبة الدار في جمع من نساء المهاجرين والأنصار الذين حضرن لعيادتها بمنزلها، في مرضها الذي تُوفيت فيه، في قصة مشهورة.

ونصوصهما موجودةٌ في كتب الفريقين، والحديثُ عنهما بحاجةٍ لمباحث مستقلة، وتُمثلُ خُطبُها عليها السلام موسوعة دينية، وفقهية، وعقيدية، وتاريخية، وقانونية، وسياسية، واجتماعية، وتربوية، وثورية، كانت ولا تزال مُرشداً وُموجهاً، ومنهلا للمسلمين والمسلمات في كل زمان ومكان.

ولا عجب، فنحن أمام امرأة هي من أبلغ وأفصح نساء العرب، وقد أورد ابن "طيفور" المتوفى سنة 280 هجرية، خُطَبُها في كتابه "بلاغات النساء"، ناقلاً عن الإمام الأعظم "زيد بن علي بن الحسين" عليه السلام، قوله: "رأيت مشايخ آل أبي طالب يروونه عن آبائهم ويعلمونه أبناءهم.

القاضي العلامة أحمد بن عبدالله بن حسن المحبشي

عالم رباني، فقيه محقق في عدة علوم

مولده في حدود العام 1940، وفاته بمدينة صعدة في 3 نوفمبر 2020.

عاش شطراً من حياته في مدينة صعدة، وكان معظم وقته في ضيافة مسجد الإمام الهادي عليه السلام تالياً لكتاب الله.

له حديث يغسل القلب، زرته عامي 1995 و1997، وسألت عنه بعضاً من أعلام تلك البلاد، فقالوا هو قليل الكلام إلا من نصيحة، وأكثر وقته تالياً لكتاب الله، فاق اترابه في الزهد والورع والتواضع والبساطة.

الاثنين، 25 يناير 2021

من الإرهابي أحرار اليمن أم رُعاة الإرهاب؟


زيد يحيى المحبشي، 25 يناير 2021

منذ اليوم الأول لانطلاق العاصفة العبرية، وتحالف العار السعودي الإماراتي يطالب الأمم "الملتحدة" والبيت الأسود بتجريم حركة أنصار الله، وضمها إلى القائمة السوداء، وقدموا من أجل الفوز بهذه الغاية الدنيئة أموالاً طائلة لإدارة "ترامب"، أينعت شجرتها الخبيثة عدداً من القرارات الأممية المتضمنة سيلاً من العقوبات على حركة "أنصار الله" وقادة الثورة اليمنية المباركة، وهي قرارات ليس لها أي قيمة ولا أي تأثير، فقادة الحركة والثورة مجرد يمنيين بسطاء من عامة الناس، ليس لديهم شركات فرعون البيت الأسود يخافون تضررها، ولا أرصدة قارون الدرعية يخافون تجميدها.

وطوال سنوات العدوان لم تكن العلاقة الملوكية بين أموال الدرعية وأساطين البيت الأسود بخافية على أحد، وهو ما وفر مظلة سياسية للعدوان السافر على اليمن، ودِرعاً واقياً ضد سهام المنظمات الحقوقية المنددة بجرائم التحالف بحق اليمنيين، وفي كل تفاصيل العدوان كانت إدارة "ترامب" حاضرة بقوة السلاح والسياسة والتخطيط والتوجيه والتغطية والتستر والتبرير، مقابل مئات المليارات من الدولارات.

ولم يكن مفاجئاً لأحد إعلان وزير الخارجية الأميركي، في إدارة "ترامب" الآفلة قبل أسبوع واحد من انتهاء ولاية مرؤوسه، وتحديداً في 10 يناير 2021، نية إدارته إبلاغ الكونغرس بتصنيف حركة "أنصار الله" تنظيماً إرهابياً أجنبيا، ووضع قائد الثورة اليمنية السيد عبدالملك الحوثي، وقائد المنطقة العسكرية المركزية اللواء عبدالخالق الحوثي، ورئيس هيئة الاستخبارات والاستطلاع اللواء عبدالله يحيى الحاكم في قائمة المطرودين من جنة البيت الأسود.

وفي 19 يناير 2021، قدم الوزير الفلتة خطته الجهنمية إلى الكونجرس الأميركي، ليدخل معها القرار حيز التنفيذ، ويمنح القانون الأميركي، الكونجرس 7 أيام لمعارضة قرار تصنيف أي جماعة أجنبية كجماعة إرهابية، أو المصادقة، وبما أن إخطاره بقرار ضم "أنصار الله" إلى القائمة السوداء كان في 19 يناير 2021، أي قبل يوم واحد من تنصيب الرئيس المنتخب "جو بايدن"، لكن انشغاله بقضايا أخرى، لا سيما قضية عزل الرئيس الأميركي الأسبق ترامب، جعله يمنح الأولوية لقضايا الداخل الأميركي ليبقى مصير قرار تصنيف أنصار الله مفتوحا على كل الاحتمالات.

وحتى لو لم تعمل إدارة بايدن على إبطال هذا التصنيف، فما ستحصل عليه دول العدوان هو "دعاية" جديدة لتبرير استمرار الحرب على اليمن، بحسب ناطق حكومة الإنقاذ الوطنية اليمنية "ضيف الله الشامي": هذه الخطوة الأميركية تقطع الطريق أمام إيقاف العدوان والحصار.

وأصدر مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية، في 20 يناير 2021، عدداً من التراخيص العامة المتعلقة بالجوانب الإنسانية في اليمن، شملت إعفاءات لأنشطة منظمات إغاثية معيّنة من بينها الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر، ومنظمات غير حكومية تدعم المشاريع الإنسانية، ومعاملات معينة تتعلق بتصدير أو إعادة تصدير السلع الزراعية، والأدوية، والأجهزة الطبية، وقطع الغيار والمكونات للأجهزة الطبية، أو تحديثات برامج للأجهزة الطبية إلى اليمن.

ورغم ذلك، يُتوقّع أن يُعرقل التصنيف الكثير من التعاملات مع أنصار الله، بما فيها التحويلات المالية، والدفعات المالية للطواقم الطبية والمواد الغذائية والمحروقات، خوفاً من التعرّض للعقوبات الأميركية.

مبررات القرار كالعادة لا جديد فيها، ووقائع الميدان لا جديد فيها يدعو لهكذا خطوة غير محسوبة العواقب، وغير مبررة، وحتى ديباجة الإعلان بدت مرتبكة، ومبهمة، وحافلة بالتناقضات، بما في ذلك ربط القرار بالحفاظ على وحدة وسيادة وسلامة اليمن، التي يعملون للسنة السادسة على التوالي على تقطيعها وتمزيقها، وإجبار حركة أنصار الله على التفاوض وتقديم التنازلات، ولا ندري عن أي سلام يتحدثون وهم يُجَرِّمُون فصيلاً يمثل أكثر من 45 % من الشعب اليمني، وكيف لهم أن يطالبوه بالعودة إلى طاولة الحوار، ويُجَرِّمُوه في ذات الوقت، وكيف له العودة وهو مُجَرّم، ثم من يُصدر قراراً كهذا ضد حركة مقاومة وطنية تقاوم الغزاة والمحتلين، عن أي تنازلات يتحدث، وهو يدفع بكل ما أُوتِّي من قوة لتقسيم البلاد وتدنيس سيادتها وتبرير جرائم أدواته الإقليمية بحق شبعها الأعزل المظلوم.

العجيبة الثانية من عجائب الإجراء الأميركي الجائر، تبرير هذا التوجه بالضغط على إيران من البوابة اليمنية، فأين هي إيران وأين هي اليمن، وهو تبرير استهلاكي ودعائي ممجوج وساقط سقوط إدارة السفاح ترامب.

العجيبة الثالثة إقرار وزير ترامب الهُمام بوجود مخاوف من أن يكون للتصنيف "تأثير على الوضع الإنساني في اليمن"، لكنه أكد أن الولايات المتحدة ستضع تدابير للحد من تأثيرها، طيب ما دمتم مُقِرُّون بأن له تأثير على الوضع الإنساني، لما تم إقراره من الأساس، أم أن لأموال أعراب التحالف مفعولها السحري؟.

الأكاديمي العراقي الدكتور محمد العبادي في تعليقه على هذا الإجراء التعسفي أكد عدم وجود أي منطق أخلاقي أو إنساني خلفه سوى رائحة المال، لأنهم يتحدثون عن فرض عقوبات وتصنيف للحركة من دون تقديم أدلة تستند إلى حقائق، وكل ما قدمه هذا الوزير وجوقته هو تبريرات سياسية سمجة فيها تعبيرات عن الإفلاس، كما أن جلسة الإحاطة ومداولاتها مع المسؤولين في الخارجية والخزانة الأميركية داخل الكونجرس، كانت جلسة فيها إثارة وجدل، وقد اُتهموا بالكذب على أعضاء الكونجرس، ولم يُقدموا معلومات تُذكر عن الكيفية التي سيقومون بها في إيصال إمدادات الإغاثة لليمن.

القرار في طابعه العام زاوج بين المال والسياسة، فوزير خارجية ترامب يريد تحسين وضعه ونيل شطراً من حليب الرياض وأبو ظبي، بتقديم خدمة أخيرة لهم قبل رحيل إدارة ترامب حتى وإن لم تكن مجدية، وتقديم خدمة لإسرائيل وحلفائها في الخليج بزيادة الضغط على إيران من بوابة حركات المقاومة والممانعة بمحور المقاومة، وبالتالي تلغيم الملفات التي ستتسلمها إدارة "بايدن"، الذي يريد تخفيف العقوبات على إيران والعودة إلى الاتفاق النووي الذي انسحب منه ترامب، وتصعيب الأمور لوجستياً وسياسياً عليه، خصوصاً فيما يتعلق بعملية السلام في اليمن

 

التداعيات والتأثيرات:

يرى موقع وكالة "سبوتنيك" الروسية في مقال بعنوان "ماذا بعد تصنيف أميركا أنصار الله حركة إرهابية" نُشر بتاريخ 12 يناير 2021، أن القرار الأميركي سيُعقد المشهد اليمني، ويُؤخر العملية السلمية، ووقف الحرب، ولن يكون له تأثير يذكر على حركة أنصار الله، ولن تستفيد منه الحكومة الموالية للتحالف، وهو قرار مليء بالمتناقضات، ففي الوقت الذي يصنف فيه حركة أنصار الله، جماعة إرهابية يدعوها للتفاوض، والجمع بين المتناقضات واحدة من عجائب السياسة الخارجية لإدارة ترامب الآفلة.

إذن فنحن أمام تداعيات إنسانية وسياسية، كلها تقود إلى المجهول، بدلالة تزايد الأصوات المنددة بالإجراء الأميركي والمطالبة بإلغائه.

 

1 - التداعيات الإنسانية:

الجانب الإنساني هو الأكثر تضرراً من القرار الأميركي، ويضع على عاتق المنظمات الدولية والدول الكبرى ثِقلاً كبيراً، مع وصف الأمم المتحدة ما يحدث في اليمن بأنه أكبر أزمة إنسانية في العالم، في ظل تزايد مخاوف المنظمات الإنسانية والشركات التجارية المتعاملة مع حكومة الإنقاذ الوطني.

فالتصنيف الأميركي يعيق الأطراف الخارجية بما فيها المنظمات الدولية العاملة في المجال الإنساني من التعامل مع السلطات في صنعاء، مما قد يحول دون وصول تحويلات بنكية، ويُعيق عمليات شراء مواد غذائية ووقود، وذلك خوفاً من الملاحقة الأميركية، ويعرقل المساعدة الإنسانية، ويشل إيصالها عبر قطع التواصل مع المسؤولين في حكومة الإنقاذ، إضافة إلى جباية الضرائب واستخدام النظام المصرفي وسداد رواتب الطواقم الطبية وشراء المواد الغذائية والنفط ..ألخ.

ولذا ترى منظمات الإغاثة أن "أي تصنيف لأنصار الله يجب على الأقل أن يتضمن إعفاءات واضحة وفورية للمساعدات الإنسانية"، وحتى هذه الإعفاءات لن تحل المشكلة، ما لم تشمل تسهيل أعمال القطاع التجاري الخاص في اليمن، لأن المنظمات عامل مساعد، وليس بديلاً عن القطاع التجاري اليمني، في التخفيف من التداعيات الإنسانية في بلد يعاني من مجاعة هي الأسوأ في العالم منذ 40 عاماً.

 

2 - التداعيات السياسية:

يهدف القرار بدرجة رئيسية ليس للضغط على أنصار الله للعودة إلى طاولة المفاوضات وتقديم التنازلات، بل العمل على الحد من التواصل الدبلوماسي الغربي مع حركة أنصار الله، وإعاقة عملية المفاوضات السياسية لحل الملف اليمني، وبالتالي نسف كل الجهود الأممية لإعادة السلام الى اليمن، وقطع الطريق على إدارة "جو بايدن" التي وعدت بإيقاف الحرب في اليمن، وحل الملف اليمني، وإعادة النظر في بيع السلاح للسعودية.

 

مصداقية أنصار الله:

على عكس ما خططت له إدارة ترامب يرى السفير الأميركي المتقاعد "ريان كروكر" – وهو أحد الذين خدموا في الشرق الأوسط، في تعليقه على قرار تصنيف أنصار الله جماعة إرهابية: هذا لا يحقق أي فائدة على الإطلاق.

ومعلوم إن حركة أنصار الله لم تأتي من خارج النسيج الوطني بل أتت من أوساط اليمنيين، وهي حركة وطنية تحررية، ويمنية الهوى والهوية، لا أحد يزايد على وطنيتها ومشروعية نضالها ضد الغزاة والمحتلين، لذا فمن شأن التصنيف الأميركي منحها قوة إضافية للتمسك بمواقفها الوطنية وتجاهل المطالب والضغوط الدولية لتقديم تنازلات لإنهاء الحرب، وربما إيقاف المفاوضات مع حكومة الفنادق، التي ترعاها الأمم المتحدة.

ومن غير المرجح أن يؤدي التصنيف للجانب الذي يربح على الأرض – أنصار الله - إلى تقدُّم مفاجئ في المفاوضات والمعارك بشهادة الباحث في معهد "بروكينغز" الأميركي، "جورجيو دي جونسنفي".

الكاتب الأميركي "ميشيل هورتون" هو الأخر يؤكد بأن: تصنيف "أنصار الله" بالمنظمة "الإرهابية" لن يُحقّق الكثير على الإطلاق، لكنه قد يُقوّي "الحوثيين" من خلال إثبات "صوابية" خطابهم. 

حركة "أنصار الله" تُقدِّم نفسها على أنها تدافع عن اليمن ضد العدوان الخارجي والمجموعات الإرهابية مثل تنظيم "القاعدة"، "ذلك ليس بعيداً عن الحقيقة"، "أنصار الله" أعداء لتنظيمَي "القاعدة" و"داعش"، وهم منعوا هذيْن التنظيمَيْن من دخول المناطق التي يسيطرون عليها.

المفارقة أن حركة "أنصار الله" تحارب "القاعدة" و"داعش"، في حين أن الإمارات تغضّ الطرف عن هذه التنظيمات الإرهابية.

 ولنا هنا أن نتساءل عطفاً على كلام "هورتون": من هو الإرهاب، الذي يقاتل الإرهاب أم الذي يرعاه ويدعمه ويغض الطرف عنه .. ومن الأحق منهما بالتصنيف الأميركي  .. مالكم كيف تحكمون؟.

التصنيف الإرهابي بحق "أنصار الله" قد يؤدي إلى انهيار المفاوضات غير الرسمية بين الحركة والسعودية وما يسمى "حكومة عبدربه منصور هادي"، لكن لن يكون له تأثير يُذكر على قدرة أنصار الله على مواصلة القتال في اليمن، واعتماد هذا التصنيف قد يدفع بالحركة إلى أحضان إيران.

فحزب الله في لبنان - كنموذج - تمكن من تطوير قدراته رغم قيام واشنطن بتصنيفه بالمنظمة الإرهابية عام 1997، كما قام بتعميق علاقاته مع إيران بعد ذلك.

ويضع "هورتون" مقاربة بديلة تتضمن تشجيع المفاوضات "عبر القنوات الخلْفية" بين السعودية و"أنصار الله"، وتكثيف الضغوط عليهم عبر سلطنة عمان وقوى إقليمية أخرى.

 

إفلاس تحالف العاصفة:

التحالف العبري وحكومة الفنادق اعتبرت التصنيف الأميركي هدية الوداع من إدارة ترامب قبل رحيله، على أمل أن يحقق التصنيف ما عجزت عن تحقيقه الترسانة العسكرية والمفاوضات السياسية، ولذا اعتبرته الرياض على لسان سفيرها في الأمم المتحدة، "عبدالله المعلمي"، "خطوة إيجابية"، في محاولة للفت أنظار المجتمع الدولي للتعاطف معها وإنقاذها من صواريخ أحرار اليمن، وهي محاولة عبثية لن يُكتب لها النجاح، وقد جربوا ذلك سابقاً فكان الخزي والعار مكسبهم الوحيد.

وقرار التصنيف الأميركي هو عامل إضافي لكشف مدى إفلاس دول العدوان وغرقها في مستنقع اليمن، لذا فهي تحاول التمسك بـ"قشة" التصنيف؛ أملاً في الحصول على دعم دولي لإنقاذها من فشلها العسكري الفاضح، في الوقت الذي تُحبط المواقف الدولية ومواقف الداخل الأميركي هذه الآمال، ويعود الضوء مُسلطاً على انعدام الخيارات ذات الفعالية أمام تحالف العدوان، بينما تزداد إنجازات صنعاء وتتطور قدراتها أكثر فأكثر، ويبقى النصر والتمكين حليف أصحاب الحق والأرض، والخزي والعار للغزاة والمعتدين ومن تحالف معهم من أبناء اليمن المنفوثين منها كما تنفث النار خبثها.

 

الأصداء والمواقف:

تباينت المواقف الدولية والمحلية من قرار إدارة الرئيس الأميركي الأسبق "دونالد ترامب"، الخاص بتصنيف حركة أنصار الله، جماعة إرهابية أجنبية، ما بين منتقد ومندد ومطالب بمراجعته وإلغائه.

وهو واحداً من رزمة قرارات أصدرتها هذه الإدارة الهمجية قبل رحيلها، واستهدفت بشكل سافر محور المقاومة والممانعة وأحرار العالم أفراداً وحركات ودول، بالتوازي مع انكشاف وإفلاس محور العمالة والتطبيع والإنبطاح والركوع والخنوع، عسكرياً وسياسياً وأخلاقياً وإنسانيا، ما جعل قرارات ضم مكونات الفعل الثوري والتحرري في محور المقاومة إلى القائمة السوداء لإمبراطورية الإرهاب الإمبريالي العالمي، خطوة مكشوفة الهدف، غايتها التغطية على عوار عملائها في المنطقة، وخدمة جليلة لربيبتها الصهيونية.

ورغم تصدر الأمم المتحدة بمنظماتها المختلفة قائمة الناقدين لهذا القرار الهمجي، لكنها لم تُقدم أي بديل عملي لتجاوز مفاعيله، وحلحلة عُقده، في حين لا تزال آلية تعاطي الإدارة الأميركية الجديدة مع الملف اليمني غير واضحة المعالم، ولا نتوقع حدوث تغييرات جوهرية في تعاطي إدارة بايدن مع الملف اليمني، باستثناء بعض الرتوش التجميلية لوجه تمثال الحرية القميئ.

 

1 - الأمم المتحدة:

للمرة الأولى في تاريخها الانهزامي تنتقد تصرفات الولايات المتحدة بصورة واضحة وصريحة، مُطالبة واشنطن بالتراجع عن قرار تصنيف حركة أنصار الله جماعة إرهابية أجنبية وإلغائه، ومُحذرة على لسان أمينها العام "أنطونيو غوتيريش"، من عواقب التصنيف: إن اليمن في خطر وشيك بدخول أسوأ مجاعة يشهدها العالم منذ عقود.

وأكد المتحدث باسم مكتبه، "ستيفان ديوجاريك" أن تنفيذ القرار الأميركي سيؤدي على "الأرجح" إلى "تداعيات إنسانية وسياسية خطيرة"، مطالباً واشنطن بسرعة إصدار "التراخيص والاستثناءات الضرورية، لضمان استمرار وصول المساعدات الإنسانية اللازمة إلى كل الناس دون انقطاعات".

فواردات الأغذية وغيرها من المواد الأساسية قد تتأثر سلباً، في وقت يتضور فيه المزيد من اليمنيين جوعاً، لكن العملية الإنسانية الضخمة في هذا البلد، وهي الأكبر في العالم، لا يمكن أن تحل محل القطاع الخاص أو تعوض عن الانخفاضات الكبيرة في الواردات التجارية، يمكن فقط للقطاع الخاص مواصلة العمل من أجل درء الانهيار الاقتصادي الكامل والمجاعة واسعة النطاق.

كما لقرار التصنيف تأثير سلبي على الجهود الرامية إلى استئناف العملية السياسية في اليمن، ويؤدي إلى مزيد من الاستقطاب في مواقف أطراف النزاع.

وتعهد بأن تواصل المنظمة الدولية العمل مع جميع الأطراف "لاستئناف ومواصلة عملية سياسية شاملة، للتوصل إلى تسوية تفاوضية شاملة لإنهاء الصراع"؟!.

وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ "مارك لوكوك" في مداخلة أمام مجلس الأمن بتاريخ 14 يناير 2021 لم يخفِ مخاوفه من تسبب التصنيف في حدوث "مجاعة على نطاق لم يشهده العالم منذ ما يقرب من 40 عاماً"، فالتصنيف قد يكون القشة الأخيرة التي تنقل اليمن من مجاعة محدودة، إلى مجاعة ضخمة بالفعل.

كما أنّ منح الوكالات الإنسانية إعفاءات لتوصيل المواد الأساسية إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، لن يساعد في تفادي الكارثة.

هناك نحو 50 ألف يمني يعانون من الجوع لدرجة الموت، ما يعني مجاعة على نطاق صغير، و5 ملايين شخص باتوا على عتبة المجاعة، والإجراءات المقترحة من قبل الإدارة الأميركية – السابقة - لن تساعد في تفادي المجاعة، في بلد يستورد 90 % من احتياجاته الغذائية، حيث تشير التقديرات إلى أنّ 16 مليون شخص من سكان اليمن يعانون من الجوع بالفعل، وما يساعد في تفادي المجاعة، هو تراجع الولايات المتحدة عن التصنيف.

ومعلومٌ أن معظم المواد الغذائية في اليمن، مستوردة عبر القنوات التجارية، لذا لا يمكن لوكالات الإغاثة – المستثناة من القرار الأميركي - أن تصير بديلة عن منظومة الاستيراد التجاري.

وكشف عن مبادرة بعض الموردين، والمصارف، وشركات الشحن والتأمين، إلى إخطار شركائهم اليمنيين بأنّهم "يخططون لمغادرة اليمن بالكامل"، لأنهم يخشون "المخاطرة الكبيرة" أو مواجهة مشاكل بسبب "الإجراءات التنظيمية الأميركية، ما قد يتسبّب في إفلاسهم أو سجنهم".

ويقدّر التجار الراغبون في مواصلة العمل، بأن ترتفع التكاليف بنحو 400 %، ما قد يجعل الغذاء باهظ الثمن بالنسبة لعدد كبير من اليمنيين.

وبدوره أبدى مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، "مارتن غريفيث"، في احاطته إلى مجلس الأمن، 14 يناير 2021، تأييده المطلق لموقف الوكيل المساعد للأمم المتحدة البريطاني "مارك لوكوك"، وطالب واشنطن بالتراجع عن القرار في أقرب فرصة ممكنة لأسبابٍ إنسانية، كما أبدى مخاوفه من أن يؤدي القرار الأميركي إلى إبطاء وعرقلة عمل بعثة السلام الأممية في إحداث تقارب بين الأطراف اليمنية.

وتتحدث أرقام صادرة عن الأمم المتحدة في ديسمبر 2020، عن مقتل أكثر من 230 ألف يمني في الحرب، معظمهم بسبب نقص الغذاء والخدمات الصحية والبنى التحتية، ونزوح نحو 3.3 ملايين شخص، وترك بلداً بأسره على شفا المجاعة، وحدوث "أسوأ كارثة إنسانية في العالم"، نظراً لكون 80 % من السكان بحاجة لمساعدة أو حماية، ومعاناة أكثر من مليوني طفل من سوء التغذية الحاد.

 

2 - المنظمات والوكالات الإغاثية:

لم يختلف موقفها عن موقف الأمم المتحدة، وكان لافتاً فيها وصف مدير برنامج الأغذية العالمي، والحائز على جائزة نوبل للسلام عام 2020، الأميركي "ديفيد بيسلي"، القرار الأميركي بالـ "كارثة": ما الذي تعتقدون أنه سيحدث لخمسة ملايين شخص مصنفين حالياً على أنهم في وضع طارئ؟، سوف يتراجع وضعهم إلى حالة المجاعة، نحن الآن نكافح ضد التصنيف – الذي - سيكون كارثياً، سيكون حرفياً "حكماً بالإعدام" على مئات الآلاف إن لم يكن الملايين من الأبرياء في اليمن، يجب إعادة التفكير في هذا التصنيف، وبصراحة إلغاؤه.

اللجنة الدولية للصليب الأحمر في اليمن، في بيان لها دعت واشنطن إلى ضرورة أن تضع في اعتبارها العواقب الإنسانية وأن تتخذ خطوات، من قبيل منح استثناءات للأعمال الإنسانية، للتخفيف من أي أثر سلبي على السكان المتضررين وعلى الأعمال الإنسانية غير المتحيزة.

وسبق لمنظمة "هيومن رايتس ووتش" الأميركية وأن حذرت في تقرير لها بتاريخ 11 ديسمبر 2020 من تداعيات أي تصنيف أميركي لحركة أنصار الله، لأن "العديد من اليمنيين باتوا على شفا المجاعة بالفعل، والتحركات الأميركية التي تتداخل مع عمل منظمات الإغاثة ستكون لها تداعياتٌ كارثية".

وفي نوفمبر 2020 أكد الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين، "يان إغلاند" على ضرورة أن تكون منظمات الإغاثة قادرة على التفاوض مع كل الأطراف في كل الصراعات بشأن وصول المساعدات وحماية المدنيين، ولا بديل من التعامل مع حكومة الإنقاذ الوطني بصنعاء، ولا يجوز تجريم أو عرقلة العمل في المجال الإنساني، تحت إي اعتبارات كانت، فالوضع الإنساني في اليمن مُزري بالفعل بحسب مدير المجلس في اليمن "محمد عبدي"، وخطوة واشنطن "ستعرقل قدرة وكالات الإغاثة على الاستجابة".

فالقرار "سياسة خطرة وغير مُجدية، تعرض حياة الأبرياء للخطر"، بحسب منظمة "أوكسفام" الخيرية الدولية، وستترتب عليه عواقب تطال كل أنحاء البلاد التي تعاني من الجوع والأوبئة.

 

3 - روسيا والإتحاد الأوربي:

استنكرت القرار العديد من الدول من أبرزها روسيا والمكسيك والنيجر وبريطانيا، وإيران والاتحاد الأوربي، ..، وطالب بعضها بإلغائه، كما هو موقف روسيا والاتحاد الأوربي، خوفاً من تداعياته السلبية على المساعدات الإنسانية والجهود الرامية لإطلاق عملية السلام في اليمن، بحسب المندوب الروسي في مجلس الأمن، واصفاً القرار بأنه "خطأ لا يُغتفر"، بينما اعتبره الرئيس التنفيذي للجنة الإنقاذ الدولية "ديفيد ميليباند"، "تخريب دبلوماسي محض".

ومن جهته أكد الاتحاد الأوربي أنه سيواصل الدعوة للحوار بين كل أطراف الصراع في اليمن.

 

4 - الإدارة الأميركية الجديدة:

تعهّد فريق الرئيس الأميركي الجديد "جو بايدن" بإعادة النظر فوراً بقرار تصنيف حركة أنصار الله اليمنية منظمة إرهابية، ويتطلع مستشاروه إلى إنهاء حرب اليمن، وهي نوايا طيبة لكن آلية التنفيذ محاطة بهالة كبيرة من علامات الاستفهام والتعجب والغموض.

وكان 25 من أبرز المشرعين الأميركيين قد أخطروا في 19 يناير 2021 وزير خارجية "ترامب" من خطورة قرار تصنيف أنصار الله في تقويض أعمال الإغاثة الإنسانية، والجهود الرامية للتوصل إلى حلٍ سلمي في اليمن، واعتبر  السيناتور الديمقراطي "كريس مورفي" "تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية، حكم بالإعدام على آلاف اليمنيين".

واستهجنوا قيام إدارة ترامب باتخاذ هذه الخطوة في أيامها الأخيرة، في إشارة إلى أنها خطوة "سياسية " تأتي ضمن صفقات خاصة بهذه الإدارة، وهو ما كشفته مختلف المؤشرات والتداعيات المصاحبة لهذا القرار الكارثي، ودعوا إلى التراجع سريعاً عن هذه الخطوة.

وأكد مستشار الأمن القومي في إدارة بايدن، "جيك سوليفان" زيادة قرار التصنيف معاناة اليمنيين، وعرقلت كـل الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب.

وتعهد وزير خارجية بايدن، "أنتوني بلينكن" في 19 يناير 2021 بإعادة النظر فوراً بقرار وزير الخارجية المنتهية ولايته "مايك بومبيو" تصنيف أنصار الله منظمة إرهابية: سنقترح إعادة النظر فوراً بهذا القرار لضمان عدم إعاقة وصول المساعدات الإنسانية، وأوضح الرئيس المنتخب أنّنا سننهي دعمنا للحملة العسكرية في اليمن، سنفعل ذلك بسرعة كبيرة.

وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية في إدارة "بايدن" في 22 يناير 2021 أن الوزارة بدأت في مراجعة تصنيف حركة أنصار الله في اليمن، منظمة إرهابية، وتعمل بأسرع ما يمكن لإنهاء العملية واتخاذ القرار.

نظرياً، يمكن لوزير خارجية "بايدن" إلغاء التصنيف إذا ما انتفت أسباب صدوره، لكن هذا غير وارد كما هو واضح من تصريحات "أنتوني بلينكن"، فهو يُحَمّل أنصار الله "مسؤولية كبيرة" عن الأزمة الإنسانية في اليمن، وفي ذات الوقت يقول أّن الحملة العسكرية للتحالف العبري "ساهمت بشكل كبير في هذا الوضع"، وهو بذلك يساوي بين الضحية والجلاد، والجمع بين المتناقضات من عجائب الإدارات الأميركية المتعاقبة، بما يفتح أبواب المساومة والمتاجرة على مصراعيها.

كما أن الرئيس الأميركي المنتخب "جو بادين"، هو الأخر بإمكانه إلغاء قرار التصنيف الجائر، لكن قرار الإلغاء يتطلب مراجعة قانونية تستغرق أشهراً في العادة بحسب القوانين الأميركية، ما يعني التسويف والمماطلة، وما بينهما استمرار المتاجرة بمآسي اليمنيين، واستمرار التغطية على جرائم التحالف العبري بحق اليمنيين ما دامت عطاياه لراعي البقر الجديد مستمرة، وربما يكون "بايدن" أكثر نهماً وشبقاً على حليب بقر الخليج من إدارة سلفه.

وفي المحصلة لا نتوقع تراجعاً سريعاً لإدارة "بايدن" عن هذا القرار التعسفي، وإنما إصدار حزمة من القرارات لتخفيف القيود عن منظمات الإغاثة، وأتاحت المجال أمام الكونجرس للتعاطي مع ملفات المنطقة، بعد أن كان "ترامب" يقطع عليه أنفاسه، ولا نتوقع حدوث تغييرات ذات أهمية في علاقة الإدارة الأميركية مع حلفائها العتيدين في المنطقة وبالأصح أدواتها الإقليمية القذرة، وفي مقدمتهم السعودية والإمارات، ما دامت علاقة هذه الدول في تحسُّن مستمر مع الكيان الصهيوني، وقد قالها "بايدن" صراحة: "أنا صهيوني أكثر من الصهاينة".

 

5 - أحرار صنعاء:

دانت السلطات في صنعاء ممثلة بالمجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ الوطني وأطياف الفعل السياسي والمكونات المجتمعية المختلفة القرار الأميركي التعسفي الظالم، وأكدت احتفاظها بحق الرد المشروع، أمام أي تصنيف ينطلق من إدارة ترامب أو أي إدارة أخرى – إدارة بايدن - بحسب الناطق باسم حكومة الإنقاذ الوطني "ضيف الله الشامي"، مؤكداً بأن تأثيرات الخطوة الأميركية على المساعدات الدولية ليست بذاك القدر الذي يصورونه، فنحن نعتمد على الله وعلى شعبنا وعلى ما تنتجه أرضنا.

ولا معنى للقرار على الأرض، ولن يؤثر على مسارنا العسكري أو الاجتماعي، بل سنزداد قوة وعزيمة وإصراراً لمواجهة أميركا، والهدف منه في الأساس تخفيف الوطأة على حلفاء واشنطن السعوديين والإماراتيين.

وأوضح عضو المجلس السياسي الأعلى، "محمد علي الحوثي"، بأن: "أميركا هي مصدر الإرهاب، وسياسة إدارة الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب إرهابية، وتصرفاتها إرهابية، وما تُقدِمُ عليه من سياسات، تُعبِرُّ عن أزمة في التفكير"، ولذا فالتصنيف الأميركي "لا يهم الشعب اليمني كون الولايات المتحدة شريكاً فِعلياً في قتله وتجويعه".

وأكد مستشار وزارة الإعلام في حكومة الإنقاذ بصنعاء، "توفيق الحميري"، أن: التصنيف الأميركي، لن يكون له تأثير على مجريات الأحداث، وهو محاولة أخيرة من إدارة ترامب الفاشلة التي مارست الإرهاب والحصار في حق الشعب اليمني دون مسوغ قانوني، كما أن دعمها للعدوان وبيعه الأسلحة المحرمة دوليا هو عين الإرهاب.

هذا التصنيف لن يبقينا معزولين عن العالم وإنما سيضع النظام والقانون الدولي أمام رهان خاسر، وسيجعل المنطقة برمتها غير خاضعة لمثل هذا التصنيف الأميركي، وسوف يُكسر هذا التصنيف على مستوى المنطقة والعالم في القريب العاجل، لأننا نفرض تواجدنا وحضورنا، ولسنا معتمدين على أحد سوى الله، ثم الواقع الميداني عسكرياً، وقوتنا الحاضرة في المنطقة، والتي لا يمكن تجاوزها أو تصنيفها بحسب رغبة أميركا أو غيرها.

صنعاء ترفع شعار "الموت لأميركا" علناً ومنذ سنوات، وبالتالي لا يخيفنا تصنيف أميركا ولا شطحات إسرائيل، هذا القرار لن يكون له تأثير إلا على زيادة تعاطف خصوم أميركا معنا، ولا يمكن إسقاطه على الواقع، لأننا قوة حاضرة وفاعلة، والمرحلة القادمة سوف تشهد تواجد "قوة إقليمية" من محور المقاومة ومعترف بها رغماً عن أميركا وحلفائها.

مؤكداً بأن التصنيف الأميركي، مجرد غطاء لطمس معالم الجرائم التي تم ارتكابها، وما تعرض له الشعب اليمني من جرائم وحصار يفوق أي تأثير لمثل هذه القرارات.

ناطق أنصار الله، رئيس الوفد الوطني، "محمد عبدالسلام"، في تصريح لوكالة "سبوتنيك" الروسية أكد هو الأخر عدم وجود أي جديد في الموقف الأميركي على المستوى العملي، فقد مارسوا بحق الشعب اليمني أبشع أنواع الجرائم والعقوبات الاقتصادية والإنسانية والتدخل العسكري والدعم الشامل للعدوان، لذا إذا لم تحصل مراجعة جادة من قبل الولايات المتحدة، فإن هذا الموقف سيفرض علينا أن نتعامل بالمثل مع الأميركيين في ملفات كثيرة.

الجمعة، 22 يناير 2021

دردشة حول بيت المحبشي

 توضيح غير مهم نشرته قبل أشهر لمن يتسائل لماذا نكتب عن شخصيات محددة .. مما جاء فيه:

قبل فترة تواصل معي أحد الاخوة الاعزاء من بيت المحبشي وقال أن لوالده بصمات انسانية واجتماعية بمنطقة (..) وسأل إذا عندي معلومات عنه .. فأجبته بعدم توافر أي معلومات واحلته الى أخي وأستاذي الفاضل القاضي الجليل طه عبدالله المحبشي وهو من المهتمين بتوثيق تاريخ بيت المحبشي ويعكف على تحرير كتاب عنهم كما علمت.

وقبلها بسنوات التقاني أحد الأخوة الاعزاء من بيت المحبشي الساكنين بالمحروسة صنعاء وابتدرين بالقول: يا زيد أنت ما تكتب إلا عن الأشخاص الذي يعجبوك فقط .. 

والخلاصة مما سبق أود هنا التوضيح والتأكيد على عدة حقائق

1- ليست لدينا مشكلة في الكتابة عن المبرزين من بيت المحبشي من أدباء ومثقفين ومبدعين ومفكرين وفقهاء وقضاة وعلماء دين ومحامين وأطباء واكاديميين واداريين وتربويين وعسكريين وسياسيين ودبلوماسيين واعلاميين ومشائخ ووجاهات اجتماعية .. ألخ

والكتابة عنهم شرف لنا .. بل وواجب علينا .. فهذه الأسرة كانت في إحدى الحقب التاريخية واحدة من أهم أربع أسر سكنت صنعاء ...

لكن ما لا يعلمه الكثير هو أن الاخ زيد سامحه الله لا يعرف سوى اشخاص محدودين بمسقط رأسه بمحابشة حجة ومدينة صنعاء ممن له تواصل معهم.

2 - الكتابة ليست ابتكار واختراع بل معلومات وحقائق؛ والكاتب ليس نبي يوحى اليه بل بشر يبحث عن المعلومات وبدون توافرها لا يمكنه فعل شيئ؛ ومصدر المعلومات إما الكتب أو الأحياء من المبرزين أو أقاربهم؛ وفي الحالتين إذا لم يكن هناك مبادرة ذاتية وتعاون شخصي من المبرزين أو أقاربهم فلن يكون بمقدور الكاتب فعل شيئ ولا لوم عليه بل على روح الآنا .. وفي هذه النقطة تحديدا أود الإشارة الى عدة نقاط كي تكون الصورة واضحة

أ - بدأ اهتمامنا بكتابة وجمع  ما تيسر عن بعض المبرزين من بيت المحبشي خلال الفترة 2007  -  2004 بعد سؤال محرج في العام 2004 من مدير عام الأخبار حينها بالإذاعة عن سبب عدم توافر أي معلومات عن بيت المحبشي بالشبكة العنكبوتية رغم أنهم من أعرق البيوت في اليمن ولها تاريخ قضائي وعلمي مشرق ..

لم أجد حينها جوابا واكتفيت بالصمت .. فبدأت بالبحث في بطون الكتب وجمع ما سمحت به ظروفي العملية والمالية وكتبت عن بعضهم منهم الشيخ ناصر بن حسين المحبشي والقاضي الحجة عبدالرحمن المحبشي والد حاكم الحديدة القاضي محسن المحبشي؛ وعملت ترجمة مرتجلة عن الأمير ناصر بن علي المحبشي معلوماتها سماعية من القاضي عبدالوهاب المحبشي والشيخ أحمد علي المحبشي وأخرون وقد سمحت الظروف في السنوات الاخيرة بالوقوف على جانب من سيرته ومعاركه وولاياته وتنقلاته ودوره في التوسط بين الاتراك والامام القاسم وسنحاول كتابة سيرة موثقة عن هذا العلم ان كان في العمر بقية وولده أحمد وحفيده عبدالله بن سراج واولاد عمومته محمد بن ناصر وعلي بن الهادي وابراهيم بن الحسين وكلهم من الشخصيات المبرزة في التاريخ الوسبط وهذا ما يجب ان يتجه اليه الاهتمام وبالنسبة لشخصيات القرنين الاخيرة فأهل مكة أدرى بشعوبها ..

كما قمت باستخراج نحو 12 ترجمة عن بيت المحبشي من موقع اعلام اليمن التابع للدكتور عبدالولي الشميري ونشرت جميعها بمدونة باسم المحابشة لؤلؤة الشرفين بموقع مكتوب واخرى على موقع قوقل؛ ناهيك عن بعض التراجم المتناثرة في معجم بلدان المقحفي ومعجم القاب القبائل والاخير تحديدا حوى تراجم موجزة لنحو 25 علم في مختلف الحقب؛ والروض النظير وطبقات الزيدية وهجر العلم وغيرها؛ ونشرنا ما امكن منها بمدونتنا على قوقل.

تواصلت بعدها مع عدت شخصيات من قضاة وضباط للكتابة عن اقارب لهم منهم الشهيد عبدالرحمن المحبشي وزرت منزل شقيقه بالحصبة عدة مرات دون ان أجد اي تجاوب فاكتفيت بجمع ما أمكن عن هذه القامة الوطنية من مذكرات رفاقه ونشرتها؛ ولا يزال ينقصها الكثير من المعلومات ووصلتني عدة انتقادات من اقارب له وعندما طلبنا منهم تزويدنا بما لديهم من معلومات احالونا الى صحيح البطرق ومسند البحرق؛

 وكذا الحال بالنسبة لسيرة القاضي فتح الله عبدالله المحبشي فاكتفينا بما أمكن العثور عليه من معلومات متناثرة اغلبها قياسا من سيرة اخيه القاضي عبدالرزاق المحبشي وأحد كتب العلامة مطير عن الحديدة ..

وفئة كان موقفهم بين متسائل: كم عتدي زلط كي نعطيك معلومات؛

 وآخرون: ما تشتي؛ ما قد معك من خبيرات؛

وفئة منحتنا اسماء اشخاص لديهم معلومات ومشجرات عن بيت المحبشي أغلبهم لا يقطنون صنعاء بل في بلاد واق الواق وجمهورية العكابر ومتابعتهم بحاجة لامكانيات مادية تفوق قدرتنا؛

وفئة خافت على قطع الدولة مرتبات ذويها الراحلين إذا تم الكتابة عنهم؛ ولا أدري حتى اللحظة ما دافع الخوف الغير مبرر والغير منطقي.

 وللاسف لا زالت تلك حجتهم الداحضة رغم كل المتغيرات العاصفة بالبلد؛

وفئة جلسنا نلاحقهم سنوات وكل ما حصلنا عليه منهم مواعيد عرقوب وبعضهم رحل ورحل معه عرقوب. 

باستثناء قلة قليلة أدركت اهمية تدوين سيرة احبتهم واعتبرت ذلك أقل ما يجب تقديمه للبر بهم بعد رحيلهم؛ وبادروا بالتواصل معنا وتزويدنا بما لديهم من معلومات؛ وبالفعل ساعدنا هذا في تدوين سيرة القاضي محسن عبدالرحمن المحبشي والقاضي عبدالحفيظ المحبشي والقاضي عبدالرزاق عبدالله المحبشي.

ب - بعد عام 2007 توقفنا نهائيا عن الاهتمام بهذا الملف واكتفينا بنشر ما نعثر عليه من تراجم مبثوثة في بطون الكتب والصحف.

 ومع بداية نكبة 2011 قامت السعودية بشراء موقع مكتوب وحذفت مدوناته بما فيها مدونتي للاسف وضاع مني كم هائل من المعلومات عن بيت المحبشي والمحابشة والشرف بحجة.

وشاءت الأقدار بعد 2012 و2015 ان يشرفني أخي وأستاذي العزيز القاضي الأديب عبدالوهاب المحبشي بالزيارة فاغتنمت الفرصة وطلبت منه تزويدي باسماء ما أمكن من الكتب التي تحدثت عن المحابشة والشرف وبالفعل زودني بأكثر من 60 عنوان تمكنت من مطالعة نحو 15 عنوان فقط منها؛ بسبب الظروف التي مرت بها البلد ولا زالت.

 ووجدت مادة خصبة تحتاج الى جهد وامكانيات وجمعت كم هائل من المعلومات عن تاريخ بلاد الشرف بحجة بشكل عام وهو محور اهتمامنا اذا سمحت الظروف وكان في العمر بقية؛ وبالنسبة لتاريخ بيت المحبشي فما أمكنني العثور عليه نشرته تباعا، وما يستجد أنشره أول بأول، ولم يعد لدي اي جديد.

.. 

في المحصلة:

وما أريد الوصول اليه من وراء هذه الهدرة هو التأكيد على أنه لا يوجد لدينا أي موقف ضد أحد من بيت المحبشي بتلاوينهم الطبقية والمذهبية والحزبية والمناطقية وكلهم مبعث فخرنا واعتزازنا وتاج راسنا، والكتابة عن المبرزين منهم وما أكثرهم شرف لنا .. لكن إذا لم تهتم أنت بمن يعز عليك وتبادر بالتواصل فلا تتوقع من الاخرين فعل ما عجزت عن فعله.

أرجو ان تكون الصورة قد اتضحت والرسالة قد وصلت ولكم كل الحب والتقدير

الأربعاء، 20 يناير 2021

ضحايا الفشل الكلوي في اليمن لا بواكي لهم

زيد يحيى المحبشي؛ مركز البحوث والمعلومات؛ 20 يناير 2021

مرضى الفشل الكلوي هم الأكثر معاناة في اليمن، حقيقةٌ لا تُخطِئُها العين، إنهم يدفعون ثمن هذه الحرب الظالمة على بلادنا للسنة السابعة على التوالي، في ظل غياب تام للمنظمات العالمية العاملة في المجال الإنساني، وصمت مخجل لضمير العالم والإنسانية، وإذا حضرت كان الموت رفيقها إلى اليمنيين، وتتحدث تقارير المشافي اليمنية عن موت الكثير من مرض الفشل الكلوي بسبب تناولهم أدوية مغشوشة قدمتها المنظمات الأممية بلا خجل ولا وازع من ضمير، ولسان حالها يقول لليمنيين: من لم يمت بصواريخ وقذائف وحمم تحالف العاصفة، فأدويتنا كفيلة بتحقيق ما عجزت عنه ترسانة الموت العبرية.


الإصابات:

10 آلاف مريض بالفشل الكلوي في اليمن، و40 ألف يمني مصاب بأمراض الكلى الأخرى، بحسب تقارير رسمية تحدثت عنها قناة الجزيرة القطرية بتاريخ 28 نوفمبر 2020، وسجلت إحصائيات شبه رسمية نُشِرت في أبريل 2019 نحو 8000 مصاب بالفشل الكلوي، وبلغ عدد المصابين في 2018 نحو 7800 مريض، وفي العام 2017 نحو 6800 مريض.

وكشف رئيس قسم أمراض وزراعة الكلى بمستشفَى الثورة العام بصنعاء الدكتور "مجاهد البطاحي"، في أبريل 2018، أن الحالات المصابة بالفشل الكلوي الحاد تُقّدر بنحو 30 – 50 حالة حادة بجميع المراكز، والمرضى تحت الغسيل الدموي 25 ألف مريض، والمرضى المرشحون 40 ألف مريض، وهم مرضى الضغط والسكري ومرضى المناعية مثل الذيبة الحمراء ومرضى كبيبات الكلى وإفراز البروتين في البول والتكيسات الكلوية، ..، ومرضى تحت العلاجات التحفظية، لم يستطيعوا الحصول على العلاجات الأصلية، ما أدى إلى دخولهم في الفشل الكلوي بسرعة.

ويستقبل مركز الغسيل الكلوي التابع لمستشفى الثورة بصنعاء كنموذج بسيط لحجم الكارثة 5 – 6 حالات مرضية جديدة يومياً.

وكان العام 2018 الأكثر سوداوية بالنسبة لضحايا الأمراض الكلوية، حيث تحدثت الإحصائيات عن حاجة 2200 مريض من زارعي الكلى إلى العلاج اللازم للبقاء على قيد الحياة، و7800 مريض بالفشل الكلوي إلى غسيل دوري في وقت محدد، بإجمالي احتياج سنوي 700 ألف جلسة غسيل، بينما وصلت نسبة العجز في مراكز الغسيل إلى 50 %، وتوقف الخدمات الصحية في 54 % من المنشآت الطبية، ما اضطر العديد من المشافي الحكومية إلى خفض أو إغلاق بعض أقسامها نتيجة النقص الحاد في الإمدادات الطبية، خصوصاً فيما يتعلق بالأمراض المزمنة وعلى رأسها مرضى الفشل الكلوي.

وشهد العام 2018 أيضاً، إغلاق 4 مراكز غسيل كلوي من أصل 32 مركزاً في اليمن، واستمرار 28 مركزاً فقط في تقديم خدماتها في مختلف أرجاء اليمن، وهذه المراكز تعاني نقصاً حاداً في المعدات واللوازم، مع وجود الكثير من الحالات التي تتطلب العلاج في الخارج، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية والصليب الأحمر الدولي، والذي أعلن حينها أن حياة آلاف اليمنيين الذين يعانون من أمراض الكلى في خطر بسبب انعدام الأدوية وتهالك معدات الغسيل الكلوي.

وتحدثت الإحصائيات شبه الرسمية في أبريل 2019 عن توقف 32 مركز للغسيل الكلوي كلياً بسبب انعدام المشتقات النفطية، نتيجة احتجاز العدوان سفن المشتقات في عرض البحر، ما أدى إلى تفاقم الحالات المرضية وارتفاع عدد الوفيات في أوساط المصابين بالفشل الكلوي.

28 مركزاً للغسيل الكلوي لا زالت تعمل، بها 400 جهاز للغسيل فقط، تتواجد في محافظات معينة، رغم وجود حاجة مُلحة لتوافر 70 مركزاً على الأقل لمواجهة الازدياد المضطرد في عدد الإصابات، وضرورة توفير ألف جهاز للغسيل الكلوي بحسب رئيس مؤسسة الشفقة لرعاية مرضى الفشل الكلوي، "واثق القرشي" في حديث له مع موقع الجزيرة نت بتاريخ 26 نوفمبر 2020، كما أن هناك مواد وأجهزة رديئة، تُستخدم في جلسات غسيل الكلى، كانت نتائجها سيئة، وراح ضحيتها المئات من المرضى.

وسجلت سنوات العدوان ارتفاع كبير في عدد الإصابة بالفشل الكلوي في أوساط الأطفال، نتيجة تعرُّضهم للخوف أثناء سماعهم للانفجارات الشديدة التي تسببها غاراتُ العدوان على مختلف المحافظات اليمنية.


الوفيات:

يعيش مرضى الفشل الكلوي في أصعب الحالات، فالكارثة كبيرة وفقاً للدكتور "راجح الحصن" – أحد العاملين في وحدة الغسيل الكلوي بمستشفى الثورة العام بصنعاء، لأن عدد كبير منهم بالكاد يقوون على التنفس، وذلك من فرط السموم الزائدة في الدم، وآخرون يدخُلون في غيبوبة بين الفَينة والأُخرى، فيتم نقلُهم إلى العناية المركزة الممتلئة أصلاً بالمرضى الوافدين إليها من جميع الأقسام، وفي حالة عدمِ توفّر السرير فإن المريضَ يفارِقُ الحياةَ.

وسجلت المشافي اليمنية وفاة 1500 مريض من مرضى الفشل الكلوي خلال الفترة مارس 2015 – يونيو 2018، بسبب عدم الوصول إلى مراكز الغسيل الكلوي بسهولة، وانقطاع الكهرباء، مما أثر على العلاج.

وكشف رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في اليمن "الكسندر فيت" في مؤتمر صحافي بصنعاء نهاية ديسمبر 2018 عن وفاة 25 % من مرضى الفشل الكلوي في اليمن سنوياً، أي بواقع 1 من كل 4، نتيجة نقص أو غياب الرعاية الصحية:

"هناك حاجة عاجلة لتوفير الرعاية الصحية، للتيقن من أن معدل الوفيات لن يرتفع أكثر بالنسبة لمرضى الفشل الكلوي،..، نجاة الآلاف من المرضى تعتمد على الوصول إلى علاج يتمثل في غسيل الكلى من دون انقطاع".

وأكدت منظمة الصحة العالمية في تقرير لها عام 2018 أن 5200 مريض بالفشل الكلوي في اليمن معرضون للموت، بسبب نقص إمدادات غسيل الكلى، التي لا تكفي لتوفير 700 ألف جلسة غسيل مطلوبة سنوياً.

وكان المعدل اليومي لوفيات مرضى الفشل الكلوي في اليمن خلال العام 2017 ما بين 2 – 3 يومياً، نتيجة انعدام محاليل الغسيل الكلوي وقساطر المرضى، والأجهزة المستخدمة للغسيل.


زراعة الكلى:

كشف مستشار وزير الصحة لشؤون أمراض الكلى الدكتور "نجيب أبو أصبع" في تصريحٍ لوكالة الصحافة اليمنية بتاريخ 28 نوفمبر 2017 عن إجراء 244 عملية مجانية لزراعة الكلى في أوقات سابقة، وتحدث في سبتمبر 2020 عن تمكن برنامج زراعة الكلى خلال ستة أشهر من إجراء 12 عملية زراعية للكلى.

مؤكداً تمكن 3 آلاف مريض يمني من زراعة الكلى، منها 258 عملية زراعة في مركز مستشفى الثورة بصنعاء، إلا أن معظمهم لم يحصلوا على الأدوية المجانية التي كانت تُصرف عبر وزارة الصحة، نظراً لصعوبة الحصول عليها من الشركات الأصلية، ما أدى إلى وفاة عدد منهم.

ويوجد بالمركز 528 مريض، يتداولون على 32 جهاز، بواقع جلستين إلى ثلاث جلسات اسبوعياً، بينما الطاقة الاستيعابية الطبيعية للمركز لا تتجاوز 230 مريض.

وفي سبتمبر 2020 أعلنت منظمة الصحة العالمية عن توفير نحو 110340 جلسة غسيل كلى لأكثر من 4300 مريض، يعانون من الفشل الكلوي المزمن خلال الفترة سبتمبر 2019 – مايو 2020، وأكدت أن مرافق علاج مرضى الفشل الكلوي في اليمن، تعاني نقصاً حاداً في الأدوية والوقود، فضلاً عن نقص الأموال اللازمة لدفع أجور العاملين بانتظام.

وأوضح مسئول الأمراض غير المعدية بالمنظمة في اليمن، "عبدالوهاب النهمي"، أن "الوصول المحدود لجلسات غسيل الكلى والعلاج يُعرِّض حياة المرضى المستضعفين للخطر، ويؤدي إلى نتائج مُهلكة، ناهيك عن المعاناة التي يمرون بها وأسرهم بسبب نقص العلاج.

وكان برنامج زراعة الكلى قد توقف منذ بداية العدوان العبري على اليمن، وعاود توقفه في العام 2019 بسبب جائحة كورونا، وانعدام المشتقات النفطية.


صعوبات تدق أجراس الخطر:

مرضى الفشل الكلوي في اليمن لا يحصلون على حقوقهم الطبيعية كمرضى بحسب القانون الدولي، بما في ذلك الرعاية النفسية والطبية، وجلسات الغسيل المقررة لهم أسبوعياً، والسبب بحسب رئيس قسم غسيل الكلى بالمستشفى الجمهوري بصنعاء، الدكتور "عادل الهجامي" دخول البلاد في أزمات وحروب، وحتى المساعدات التي تقدمها المنظمات الدولية لا تفي بالغرض.

كما أن انتشار نسبة الفقر والبطالة فاقم من أعداد مرضى الفشل الكلوي بشكل كبير، ووفاة كثير منهم في منازلهم نتيجة وضعهم المعيشي، والنقص الكبير في عدد مراكز الغسيل، وهذا بحد ذاته سبب ضغطاً على مراكز الغسيل في المدن الرئيسة، لكثرة المرضى القادمين من الأرياف والمدن المفتقرة لمراكز الغسيل، كما أن بعض هذه المناطق شهدت حروباً، أدت إلى صعوبة وصول المرضى.

وقالت رئيس بعثة "أطباء بلا حدود" في اليمن "جون بيسيلينك" في تصريحات صحفية عام 2018 أن معظم المرضى المصابين بالفشل الكلويّ لا يملكون القدرة الجسدية أو المالية للتنقّل من أجل الحصول على العلاج، وحتى إذا تمكّنوا من الوصول إلى مركز يوفّر الخدمة، فإنّه من المحتمل أن لا يقدروا على تحمُّل نفقات العلاج.

عدد كبير من المرضى المصابين بالفشل الكلوي، موظّفون حكوميون لم يتقاضوا أجورهم، فتضاءلت فرص تلقّيهم الرعاية الطبية المنقذة للحياة.

وتُصارع المستشفيات لمتابعة عملها، بينما يتعرّض بعضها للغارات الجوية أو القصف المدفعيّ، ما يضطرّها إلى إغلاق أبوابها، ومن بينها مرافق منظّمة أطباء بلا حدود، إنّ الاحتياجات الطبية ضخمة والوضع مزرٍ.

ويضيف ممثل منظمة الصحة العالمية في اليمن الدكتور "نيفيو زاغاريا": "لا يمكنني تخيل شكل حياة مرضى الفشل الكلوي الذين يحصلون على جلسات الغسيل مرة أو مرتين في الأسبوع، فيما كل ما يحتاجه هؤلاء ٣ جلسات غسيل أسبوعياً".

أسباب كثيرة أدت إلى تفاقم الحالة الصحية لمرضى الفشل الكلوي وتزايد عدد الإصابات والوفيات بشكل مخيف، وكلها نتاج طبيعي للعدوان العبري وحصاره الظالم على بلادنا، وتواطؤ المنظمات الدولية وأدعياء حقوق الإنسان في هذا العالم الأصم، مع ذلك العدوان الجائر:

1 - تهالك أجهزة الغسيل الكلوي وخروج العديد منها عن الخدمة، وعجز الفنيين عن إصلاح العاطل منها بسبب عدم توافر قطع الغيار، وعد سماح العدوان باستيراد قطع الغيار والمواد الخاصة بالغسيل الكلوي.

2 – معاناة مراكز غسيل الكلى من تعثر الميزانية التشغيلية لضمان بقاء أبوابها مفتوحة، لمنع الموت البطيئ لهؤلاء المرضى.

فعلاج غسيل الكلى ليس فقط تحدياً للمرضى، ولكن أيضا لمراكز غسيل الكلى، التي تحتاج إلى تمويل منتظم للاستمرار في عملها.

ورغم نداءات الاستغاثة المحلية المتكررة للمنظمات الدولية، بسرعة الدعم بالمحاليل والمتطلبات الطبية، لمواصلة خدمة المرضى المهددين بالموت، في حال توقفت تلك المرافق، لا يزال التعاطي الأممي مع هذه الكارثة في حدود الوعود والتمنيات والمتاجرة السافرة بمآسي اليمنيين لاستدرار أموال الدول المانحة، دون أن يكون لها أي أثر في واقع اليمنيين.

3 - إغلاق الممرات البحرية والبرية والجوية أمام المرضى المحتاجين لزراعة الكلي، أو العلاج في الخارج، ما أدى إلى زيادة العبء على المشافي في الداخل، وخلق كارثة إنْسَانية.

4 – نفاذ أو عدم وجود المحاليل والأدوية الخاصة بالفشل الكلوي ومعدات المحاليل، أو توفر شيئ بسيط منها، وصعوبة شرائها بسبب ثمنها الباهظ، وعدم توافر السيولة نتيجة انقطاع المرتبات.

ويستهلك الفشل الكلوي مبالغ مادية كبيرة، بسبب تكاليف الفحوصات والعلاجات والمواصلات، حتى أن بعض المرضى بلغ مرحلة الفقر بسبب معاناته من تبعات مرضه، وتتراوح قيمة الجلسة الواحدة للغسيل ما بين 80 إلى 100 دولار، ما أدى الى ازدياد التزاحم على مراكز الغسيل الحكومية وطول فترة الانتظار للمرضى أمام تلك المراكز، وطول الانتظار حتى تتوفر الأدوية، ما تسبب في تدهور حالتهم المرضية.

وتعمد العدوان في استهداف مصانع الأدوية بصنعاء وعدد من المحافظات، كانت تنتج أكثر من 80 صنفاً، وتغطي 15 % من احتياجات السوق الدوائية، ما تسبّب في توقفها كلياً، كما منع تدفق الدواء، وفرض ضرائب كبيرة على تجار الأدوية في المناطق اليمنية غير المحتلة، حتى وإن أعلن بعضهم الولاء لعاصفة العدوان، لكن الأدوية المسموح باستيرادها تدخل إلى البلاد بصعوبة، وتباع بأسعار مضاعفة.

وبلغ عدد أصناف الأدوية المفقودة من السوق اليمنية نحو 600 صنف، معظمها أدوية خاصة بالأمراض الهضمية والجلدية والعصبية، وأمراض القلب والسكري والضغط والصرع والحالات النفسية والمضادات الحيوية، والأدوية الخاصة بالجلطات.

وكشف مصدر طبي بوزارة الصحة في صنعاء في تقرير نشرته صحيفة الأخبار اللبنانية بتاريخ 22 أكتوبر 2018 عن نفاذ الأدوية الخاصة بمرضى زراعة الكلى من مخازن الوزارة، وتهديد المنظمات الدولية اليوم بإيقاف الدعم لتلك الأدوية بسبب عدم إيفاء المانحين بالتزاماتهم المادية، ما يعني مضاعفة معاناة المرضى، والحكم عليهم بالموت البطيئ.

5 - الانقطاع المستمر للكهرباء، مما تسبب في إعطاب وتوقف عدد كبير من الأجهزة الخاصة بالغسيل الكلوي، وتزايد الازدحام على الأجهزة والمراكز التي لا زالت تؤدي رسالتها، وتقلص جلسات الغسيل الكلوي من 6 إلى 3 غسلات وفي أحيان كثيرة جلستين اسبوعياً، بعد أن كان المريض قبل العدوان العبري يحصل على 12 جلسة اسبوعياً، وتقلصت ساعات الغسيل من 12 ساعة، إلى 6 ساعات.


المحاليل الأممية تقتلنا:

وصلت أزمة مرضى الفشل الكلوي في اليمن ذروتها في العام 2018، ومن يومها بدأت الحقائق تتكشّف حول الدور المشبوه والقذر للمنظمات الأممية، وعدم حياديتها في العدوان على اليمن، ومشاركتها دول التحالف في قتل اليمنيين وتسميم حاضرهم ومستقبلهم بأدوية مغشوشة بل وقاتلة، وبشهادة رئيس قسم غسيل الكلى بالمستشفى الجمهوري بصنعاء، الدكتور "عادل الهجامي"  فإن الدعم الذي تحصل عليه مراكز غسيل الكلى من محاليل تكون غير نظيفة ومخالفة للمواصفات والمقاييس، ولا يستفيد منها المريض سوى بنسبة 40 %.

ويؤكد مستشار وزارة الصحة العامة والسكان لشؤون أمراض الكلى الدكتور "نجيب أبو اصبع" في تصريح صحفي بتاريخ 24 فبراير 2019، تسجيل مركز الاستصفاء الدموي بمستشفى الثورة العام بصنعاء في العام 2018 عدد من الحالات التي أصيبت بفشل كلوي مزمن تحت التأثير السلبي للأدوية التي قدمتها منظمة الصحة العالمية، ومنها دواء "السكلسبورين"، هندي المنشأ.

رئيس جمعية الرحمة لزارعي الكلى ورعاية مرضى الفشل الكلوي "أمين محرم" في مقابلة صحفية بتاريخ 24 فبراير 2019، هو الأخر لا يستبعد أن تكون المنظمة الأممية قد اتخذت من كلى اليمنيين معامل اختبارات لأدوية مشبوهة: أصبحنا حقل تجارب لمنظمة الصحة العالمية، يعني حصار وعدوان على اليمن بالإضافة إلى حرب العلاجات للقضاء على المرضى.

الاثنين، 18 يناير 2021

القاضي العلامة حسين بن عبدالله بن عبدالله بن عبدالرزاق المحبشي


عالم محقق، فقيه مجتهد

من القضاة النابهين، والعلماء المجتهدين

عاش وتوفي بقرية جبل المحبشي من أعمال محافظة حجة.

عمل بعدة محاكم منها محكمة الشاهل، وكان من أهل الخير والإصلاح بين الناس، وله كتاب لا يزال مخطوط

أولاده: محمد، عبدالحفيظ

القاضي العلامة عبدالله بن عبدالله بن عبدالرزاق المحبشي


عالم رباني، فقيه مجتهد

من العلماء المشار إليهم بالبنان، والقُضاة الساطع نور عدلهم.

مسكنه ووفاته بقرية جبل المحبشي من أعمال محافظة حجة.

 شغل العديد من المناصب القضائية في العهد الملكي.

أولاده: أحمد، يحيى، حسين، محمد، حسن، عبدالخالق، عبدالقدوس