Translate

السبت، 22 مارس 2014

المحابشة: آثار شاهدة على حضارات أفلت

المحابشة  أكثر من 215 موقعاً سياحياً وتاريخياً في مهب الريح
تشتهر مديرية المحابشة بالعديد من المواقع الأثرية والسياحية والمزارات الدينية الجاذبة للسياح وعشاق الأثار والتاريخ من دارسين وباحثين، لاعتبارات كثيرة اهمها: توسط المديرية مديريات محافظة حجة ما جعلها ساحة للعديد من الأحداث التاريخية في المرتفعات الجبلية ومخزن امداد عسكري وبشري بالغ الأهمية لبسط النفوذ على الواحات والرمال التهامية في أكثر من فترة تاريخية، ما نجد دلائله في العديد من الأثار والمواقع التاريخية.
انها نعمة الجغرافيا المتحولة في بعض الفترات التاريخية الى لعنة ونقمة كما هو حال صراع الرسوليين والأئمة في القرن الخامس الهجري وما بعهده ما يؤكد الاهمية الجغرافية والتاريخية للمحابشة في الحقب التاريخية المختلف.
• سياحة جاذبة:
في يناير 2008 دشنت وزارة السياحة المرحلة الثانية من الخطة الوطنية الترويجية للمواقع والمعالم السياحية اليمنية عالمياً.. والتي ضمت 54 مقصداً سياحياً يمنياً من بينها "مدينة المحابشة ومدينة شهارة" عن محافظة حجة.. في حين تضمنت المرحلة الأولى المنطلقة في نهاية اكتوبر 2007 نحو 53 مقصداً سياحياً.
اختيار مدينة المحابشة ضمن المرحلة الثانية للترويج السياحي خارج اليمن يعد انعكاسه طبيعية لوفرة العوامل والسمات السياحية الجاذبة بها من قبيل:
1 – موقعها الجغرافي المتوسط مديريات المحافظة والحد الفاصل بين الشرف الأسفل والشرف الأعلى والذي ظل الى عهد قريب مخلافاً قائماً بذاته (مخلاف الشرفين) وعاصمته المحابشة الى جانب حجة والمخلافة (الشغادرة).
2 – تنوع المناخ والتضاريس.
3 - كسوة جبالها بالخضرة طوال العام.
4 – كثرة حصونها وقلاعها ومبانيها وجوامعها التاريخية والدالة في ذات الوقت على أهميتها السياحية والدينية والاقتصادية.
كما أن التكوينات الجيولوجية وأشكال الصخور ووجود الأحياء البرية في بعض مرتفعات المحابشة وانتشار العيون.. عوامل اضافية لجعلها من مناطق الجذب السياحي الواعدة وبخاصة في مجال السياحة الجبلية ورياضة المشي والطيران الشراعي..
• عوائق على الطريق:
لا تزال عملية تقييم الجوانب الأثرية والتاريخية والسياحية الزاخرة بها المحابشة بصورة عامة تعاني من الضعف والقصور والإهمال وعدم الاهتمام من قبل الدولة والجهات المعنية بالسياحة والاثار والتاريخ تحديدا، لا سيما فيما يتعلق بإرسال الخبراء الى المنطقة .. فعلى مدى الخمسة العقود الاخيرة شهدة المحابشة زيارة واحدة ويتيمة لأحد خبراء الأثار في منتصف ثمانينيات القرن العشرين قام خلاها بتفقد كهف بني زيد التاريخي بجبل المحبشي.. واجمالاً فالجانب السياحي والذي لا يزال مادة خام بحاجة لوقف رسمية جادة لتنشيطه لما لذلك من اهمية مادية ومعنوية للدولة والمنطقة وهذا يستوجب التنبيه لعدة نقاط لا زالت تمثل حجرة عثرة امام تفعيل هذا المورد الهام منها:
1 -  عدم وجود مكتب مختص للاهتمام بالمواقع والاماكن السياحية والأثار التاريخية وصيانتها واعداد الدراسات حولها.
2 – غياب وعي المواطن بأهمية هذه المواقع الأمر الذي جعل الكثير منها عرضة للإهمال والعبث والهدم والنهب والطمس والضياع كما حدث في منطقة شريم ومنطقة هيدة وغيرها.
3 – أن أغلب هذه المواقع لا يعرف العصر التاريخي الذي تنتمي اليه كما هو حال سمسرة المربخه بعزلة حجر.. وهذا يستدعي ارسال الدولة خبراء مختصين لدراستها وتحديد الحقب التاريخية التي تنتمي اليها.
4 – تعرض العديد من النقوش والمخطوطات والأثار الاحفورية للضياع والطمس والاندثار والنهب نتيجة عدم الاهتمام بها.
• تقييم عام للجانب السياحي بالمديرية (تحليل سوات): ويشمل نقاط القوة والضعف والفرص والتهديدات.
أولاً: نقاط القوة:
تمتاز المديرية بمناظر طبيعية خلابة وموروث ثقافي وفكري وتاريخي ثري ووفرة في المواقع والأماكن الأثرية العائدة لحقب تاريخية مختلفة ومناخ جميل ومعتدل خلال فصول السنة الاربعة ما يجعلها من المناطق الواعدة في الجانب السياحي.
ثانياً: نقاط الضعف:
يأتي في مقدمتها كما ذكرنا في الجزء الأول، ضعف الاهتمام الرسمي، إذ الملاحظ حتى الأن اقتصار اهتمام وزارة الثقافة والسياحة (سابقاً) على ايجاد مكتب للأثار والمتاحف والمخطوطات بمديرية المحابشة، تم افتتاحه في العام 2005 وهو عبارة عن دكان يديره قائم بالأعمال (علي حسين أحمد الحجري) يحمل مؤهل الثانوية العامة وبمخصص سنوي قدره 192 ألف ريال يمني لتغطية الايجارات .. ورغم ذلك فقد تمكن الحجري وبجهد ذاتي يُشكر عليه من انجاز تقرير أولي في 2 مايو 2008 ضمّنهُ حصر وصفي ميداني لنحو 48 موقعاً تاريخياً وكلها لا زالت مفتقرة للدراسات التاريخية لمعرفة الازمنة التي تنتمي اليها.
وفي العام 2007 اصدر مشروع دعم اللا مركزية والتنمية المحلية التابع لوزارة الادارة المحلية بالتعاون مع الادارة المحلية بالمحابشة: (الخطة التنموية لمديرية المحابشة للأعوام 2008 - 2010) أكتفى مُعِدّوه بطرح المشاكل التي يعاني منها القطاع السياحي بالمحابشة دون الحديث عن المعالجات الواجب اتخاذها لحلحلت هذه المشاكل باستثناء وضع هدف تنموي مستقبلي للإدارة المحلية تمثل بإنجاز دليل سياحي للمديرية!! وكأن الدليل الذي لم يرى النور بعد كفيل بإنعاش القطاع السياحي وحفظ الاثار التاريخية من الضياع والاندثار.
ونقاط الضعف التي يعاني منها القطاع السياحي بحسب الخطة التنموية:
1 – عدم توفر الخدمات السياحية.
2 – عدم توفر الطرق الجيدة والمعبدة.
3 – عدم وجود الدليل السياحي للمديرية.
4 – ضعف الخدمات الفندقية المتوفرة.
5 – ضعف الترويج السياحي.
6 – اندثار المواقع الاثرية والتاريخية.
7 – غياب الوعي بأهمية الاثار والمواقع التاريخية.
8 – عدم وجود حصر أو دراسة لهذه المواقع والاثار لمعرفة العصور التي تنتمي اليها.
ثالثاً: الفرص:
وتتمثل في ضرورة توجه الدولة للاهتمام بقطاع السياحة بالإضافة إلى زيادة الوعي المجتمعي من قبل الادارة المحلية بالمديرية والسكان بأهمية هذا القطاع مادياً ومعنوياً للدولة والمديرية والاهالي.
رابعاً: التهديدات:
 تتلخص في اندثار معظم القلاع والحصون التاريخية والعبث بالأثار لدى بعض السكان وسرقة ونهب وتهريب المخطوطات القديمة.
• اثار شاهدة على حضارة افلت:
يوجد بمديرية المحابشة أكثر من (215) موقع سياحي وتاريخي وأثري تغطي عزل المديرية الخمس وقراها البالغة نحو 35 قرية وبلغة الارقام يمكن توزيعها على النحو التالي:
أولاً: بحسب العزل:
1 – عزلة المدينة 74 موقعاً.
2 – عزلة حجر 123 موقعاً.
3 – عزلة بني مجيع 7 مواقع.
4 – عزلة المخاويس 4 مواقع.
5 – عزلة بني حيدان 6 مواقع.
ثانيا: بحسب النوع:
1 – الحصون والقلاع التاريخية 20
2 – المباني القديمة 93
3 – الجوامع التاريخية 16
4 - المدافن القديمة لحفظ الحبوب والمحفورة في قلب الصخور الجبلية 5
5 – البرك الاثرية 9
6 – القرى الاثرية 30
7 – الاثار 2
8 – المزارات الدينية 6 
9 – الكهوف الأثرية 2
10 – المدارس العلمية القديمة 2 (الشجعة والقرانة)
11 – الاماكن السياحية الطبيعية 30
ثالثاً: قائمة بأهم المواقع بحسب العزل
1 – عزلة المدينة:
أ – الحصون التاريخية: حصن القرانة – حصن دار الشرف (قامت الدولة بهدم طوابقه العليا واعادة بنائها من جديد ما أدى الى تشويه طابعه المعماري) – حصن دار أبو فارع – حصن براش – قلعة القاهرة.
ب – المباني القديمة: مباني قشلة شمسان القديمة – مباني سوق مدينة المحابشة القديمة – مباني بيت سعيد – مباني قزية – مباني القفلة.
ج – الجوامع التاريخية: جامع القرانة – جامع شمسان(عامر) – الجامع المقدس – مسجد دبش – مسجد باقُبَع – مسجد الطيار – جامع طلان النزيلي.
د – مدافن الحبوب: مدافن عامة تابعة لبيت المال/ الواجبات(قرية الجرد الاسفل) – مدافن خاصة يملكها الأهالي.
هـ - البرك الاثرية: بريكة شمسان – بريكة القطف (قامت الدولة بردمها قبل سنوات لتوسطها ساحة المدينة).
و – المدارس الدينية القديمة: المدرسة العلمية بالقرانة.
ز – الأماكن الطبيعية: جبل القاهرة(من الأماكن الجاذبة لعشاق رياضة التسلق والطيران الشراعي) – الحضن – عين المقطرة – وادي الموز.
2 – عزلة حجر:
أ – الحصون والقلاع التاريخية: حصن الغماج (1250 هـ) – حصن قصبة المشاف – حصن قصبة دروان (1006 هـ) – حصن قلعة حجر – حصن قصبة الدرب جنوب المشاف – حصن المحطور (580 هـ) – حصن ضلعة الحدنة – حصن الملتوية – حصن الخلاف – حصن ظفر – حصن واصل – حصن الصلقة.
ب – المباني القديمة: مباني الرصعة – مباني بني أسد – مباني جبل المحبشي – مباني قرية مشن.
ج – الجوامع التاريخية: جامع المشهد (720 هـ) – جامع العارضة – جامع الجناح – مسجد الفارسي بجبل المحبشي – مسجد شريم (القرن الخامس الهجري على الارجح) – مسجد الرصعة القديم – جامع المحطور – جامع هيدة (القرن التاسع الهجري على الارجح).
د – القرى الأثرية: أثار المحطور – أثار هيدة المسبَّح – أثار الجنة – أثار بني عتب – أثار خراب حيد الجاهلي – أثار خراب حيد شمسان –أثار خراب القذف – أثار خراب الرصعة – أثار خراب الكاملي – أثار خراب دروان – أثار خراب المعمر – أثار خراب مورع – أثار خراب الشناظيف – أثار الطوف والمجمع – أثار بني ناصر – خراب المغربة – خراب الخطام – خراب المحدورة شرقي عقبة حجر – أثار خراب المدارمة بمعاينة جبل المحبشي – خراب الحسوي – خراب الخوامس (معلم أثري جاهلي) – خراب المنقم – خراب عويد – خراب المهاب – خراب المرمادة – خراب المثمة.
هـ - الأثار القديمة: كهف/ مغارة بني زيد بجبل المحبشي – كهف قلعة بني مصلح.
و – مدافن الحبوب: مدافن الصلبة بني أسد – مدافن المحطور – مدافن جبل المحبشي.
ز – البرك الأثرية: بريكة المحفر – بريكة شريم – بريكة المرخام – سد الكراوي – بريكة السيد بجبل المحبشي – بريكة الحايط – بريكة القطع بجبل المحبشي – بريكة المحطور.
ح – المزارات الدينية: قبة أيوب يقال أنها لنبي الله أيوب عليه السلام – قبة المحطور – قبة علم الدين بن القاسم (القرن الحادي عشر الهجري) – مشهد الشريفة زينب بنت يحيى بن حمزة (غالب الظن أنها ابنت يحيى بن حمزة شقيق الامام عبدالله بن حمزة فقد تملك وأولاد شقيقه بلاد الشرف) – مشهد الفقيه علي بن إبراهيم (القرن الحادي عشر الهجري).
ط – الأماكن الطبيعية: الهرناعة – وادي بني ذيب – وادي اللفج (جبل المحبشي) – وادي الزيح – وادي خفات – وادي القصار – نبع عين المعين – وادي الحلاحل  - المعاينة (جبل المحبشي) – جبل بني عتب – جبل الغماج – جبل المشاف – جبل المحطور – جبل الجاهلي – جبل المرخام – جبل حبيش – جبل المحبشي – جبل المسبَّح – وادي الحسية.
3 – عزلتي بني مُجِيع والمخاويس:
أ – الحصون التاريخية: حصن جرمة.
ب – الجوامع والمدارس الدينية التاريخية: مسجد الشجعة يرجع بنائه إلى 1011 هـ - المدرسة العلمية بالشجعة أسسها الامام السراجي الوشلي سنة (911 هـ).
ج – القرى الأثرية: قرية الضروب ببيت السعدي – الخراب الأحمر بالمخاويس – خراب قرية الهجرة – خراب الرأس ببيت السعدي.
 د – المزارات الدينية: قبة القاسمي يرجع بنائها إلى سنة 842 هـ .
هـ - الأماكن الطبيعية: جبل الرأس بيت السعدي – عين موردة المخاويس – المخاويس.
4 – عزلة بني حيدان:
أ – الحصون التاريخية: حصن صنقر – حصن شيبان.
ب – الأماكن الطبيعية: وادي الرباط – وادي الجحفار - وادي العدنة - وادي عبدالله.

الجمعة، 21 مارس 2014

القاضي عبدالحفيظ بن عبدالرزاق بن عبدالله بن عبدالرزاق المحبشي



عالمٌ عارف بالفقه مع مشاركة في غيره، فقيه مجتهد

مولده بشهارة عام 1346 هـ، ووفاته بالمحروسة صنعاء في 11 صفر 1422 هـ، الموافق 5 مايو 2001.

تلقى العلم والخبرة القضائية من والده، وتولى القضاء في قفلة عذر خلفاً له، ثم انتقل الى المحكمة الجنوبية بالمحروسة صنعاء، فالمحكمة الجزائية، ثم عضواً بمحكمة الاستئناف بصنعاء، فرئيساً لمحكمة محافظة المحويت، ثم عضواً في المحكمة العليا بصنعاء.

أولاده: عبدالله، حسين، أحمد، عبدالرزاق

 

قالوا عنه:

1 - القاضي عبدالوهاب بن يحيى بن عبدالله المحبشي:

كان نموذجاً للحاكم الفطن والعالم الورع، وكان لاتفاق القبائل على الرضى بأحكامه والتوقف عليها سر يدل على ورعه وحزمه خلال توليه القضاء في منطقة قفلة عذر الشديدة الاضطراب.

تلك المسيرة الوضاءة التي قضاها في سلك القضاء، إن دلت على شيئ فإنما تدل على أنه كان من القضاة والعلماء والعقول التي أينما نبغت وفي أي زمن وجدت فهي من المقومات الأساسية لزمنها ومكانها، فلم تتوقف مسيرته القضائية سواء في عهد ما قبل الثورة أو ما بعدها حرصاً من قِبَل ذوي الشأن على عدم الاستغناء عن شخص من أعمدة القضاء نزاهةً وعلماً وحزماً وبُعد نظر.

لقد رسم هذا القاضي الفاضل، وكثير من قضاة جيله الأسس التي حددت معالم مؤسسة القضاء في بلادنا، والتي استمدت عناوينها ومضامينها من روح الشريعة الإسلامية، والتي تلقاها هذا العالم ووالده والذين قبلهم من حلقات المساجد التي لعبت دوراً مشرفاً في نشر الشريعة، وفي أحضان أعرق وأعمق مدرسة في الفكر الإسلامي والتي تخرج منها عباقرة العلم في اليمن، الذين ورثتهم اليمن الحديث كأفضل ما ورثته من مرحلة عاش فيها اليمن أزهى عصوره الفكرية إشراقاً واستنارةً، في حين كانت الأمة الإسلامية تعيش عصور الظلام الدامس في ظل الدولة العثمانية قروناً من الزمن.

وحبذا لو يحترم اليمنيون هذا التراث، ولكن الذي نشاهده هو توجه كل الجهات المتنفذة إلى إلغاء ماضي اليمن المشرق بدءاً بالنظام وإنتهاءاً بالإسلام التجاري الذي كان مصدر كل الانحرافات عن مسار الإسلام الصحيح منذ بزوغ الدعوة إلى يوم الناس هذا، وهذا مصداق لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "إن الشيطان قد يئس أن يُعبد في أرضكم، وإن أخوف ما أخاف عليكم الدنيا والدرهم" أو كما قال صلى الله عليه وآله وسلم.

 

عزاءً كل طاقتنا العزاءُ ** فما الأموات كلهم سواءُ

عزاءً للبلاد ومن عليها ** إذا رحل الرجال الأتقياءُ

نودعهم تباعاً ثم نأوي ** إلى مدن بدونهم خلاءُ

نعم يابن الكرام فذا مصاب ** لهول وقوعه ارتجف القضاءُ

وحار الشعر فيه فليت شعري ** أجل الخطب أم ذهب الرثاءُ

وغاض الدمعُ إذ قد جف نبع ** فحف بذلك النعش الظماءُ

وغارت أنهرٌ للعلم تجري ** وكان بهن للظمأن ماءُ

كذا تهوي نجوم الأرض إما ** بها ضاقت فتأخذها السماءُ

وتأبى أن تظل بدار قوم ** على الإجحاف عدلهم غطاءُ

أيا عبدالحفيظ المحبشي قد ** رحلت رفيق رحلتك الإباءُ

وقد كان الإباءُ رديفَ عدلٍ ** إذا أبدى الضغوط الأقوياءُ

وقد رحل الإباءُ أبا حسين ** أظن العدل ليس له بقاءُ

نسائل بعدك الحكام لكن * يعيد لنا صدى الصوت الخواءُ

أحُكَّامَ الملازم أي عدل ** سيصنعه قضاة أدعياءُ

من القاعات هل جئتم بفقهٍ ** بيوم الإختبار له انتهاءُ

وكيف ستحكمون بدار حرب ** بها الثارات تلعبُ والدماءُ

سلوا عِذَراً سلوا الأهنومَ فيها ** لحنكة ذلك القاضي جلاءُ

قضى في القفلة الأعوام تمضي ** فبان بها لعزمته مضاءُ

سَرَت بين القبائل في بلاد ** يسود طباعَ أهليها الجفاءُ

ولا يثقون في أحدٍ ولكن ** به استجلى لدائهم الدواءُ

وكان محل إجماع لديهم ** فيقضي ما لهامته انحناءُ

من البسطاء تعرف فضل شخصٍ ** فليس لهم دوافع أن يراؤوا

هم الحكم المحق فكل فضل ** من الإعلام مصدره هراءُ

تولى الفضل في العلماء ماذا ** تبقى كي يصاغ له الثناء

وما فضل الذين مضوا فهذا ** عن العلماء يسأل: كيف جاؤا؟

فقلت: أتوا من اليمن الذي ما ** هوى لعمود حكمته بناءُ

من اليمن الأغر بخير فكرٍ ** تحصن أن يشاب له نقاءُ

نعم جاؤا من الحلقات منها ** استنارت كل حالكة أضاؤا

من الأزهار هم نبتوا ومما ** مورثه إليهم أنبياءُ

وها هم يرحلون فمن نعزي ** فبعدهم على الدنيا العفاءُ

2 - العلامة يحيى بن محمد مرغم:

قد غبت تحت الثرى ولم يكن ** ظني تغيب في الثرى الأقمارُ

يا أيها القبر الذي في لحده ** قمرُ الهدى وخضمه الزخارُ

كيف امتشقت البحر وهو غطمطم ** وتركبت من فوقه الأحجارُ

لو كانت الأعمار تفدي هالكاً ** لفدتك يا قمر الهدى الأعمارُ

 

مراجع ذكر فيها العلم:

ابراهيم المقحفي، معجم القاب القبائل اليمنية وكذا معجم القبائل والبلدان اليمنية

الاكوع، هجر العلم ومعاقله

القاضي عبدالوهاب بن يحيى بن عبدالله المحبشي، نبذة من سفر القضاء في اليمن: القاضي عبدالحفيظ بن عبدالرزاق بن عبدالله بن عبدالرزاق المحبشي، صحيفة الأمة اليمنية، العدد(201) السنة العاشرة، 21 مايو 2001 ، ص 4

القاضي العلامة عبدالوهاب بن يحيى بن عبدالله المحبشي، تعيد أُباة الضيم، الطبعة الأولى 2020.

الأحد، 16 مارس 2014

الملازم عبدالرحمن بن مُحُمد بن حسن المحبشي



ضابط، ثائر، مناضل سبتمبري

مولده بقرية بني جيش التابعة للأشمور من أعمال محافظة عمران في 1354 هـ، الموافق 1935، ووفاته بمدينة صنعاء في 27 ربيع الثاني 1382 هـ الموافق 26 سبتمبر 1962، أثناء محاولته اقتحام دار البشائر، وتمت مواراة جثمانه في مقبرة كانت في حي باب السلام بمدينة صنعاء القديمة.

المحيط العائلي:

مثلت قرية حصن جُراع في كحلان عفار - بني جيش – مسقط رأس أسرة الشهيد منذ القرن العاشر الهجري عندما سكنها لأول مرة الأمير ناصر بن علي المحبشي، إلا أن ما كانت تعانيه المنطقة من جور وضرائب عثمانية في نهاية القرن التاسع عشر الميلادي اضطرت جد الشهيد نقل أولاده من جُراع إلى قرية زيلة المحبشي في بني قطيل من أعمال مديرية جبل يزيد في محافظة عمران، وفيها كان مولد والد الشهيد، في حين فضل الجد الهروب من ملاحقة الأتراك إلى شعب زقلان عائداً مع أسرته بعد رحيلهم عن اليمن إلى جُراع.

أنجب جد الشهيد ثلاثة من الأبناء هم "أحمد وعلي ومُحُمد"، توفي أحمد وعلي وبقي مُحُمد على قيد الحياة، إلا أن رحيل والده المبكر ألقى على كاهله عبئاً ثقيلاً، بحكم أنه صار وحيد أسرته، في البداية قامت والدته بإرساله إلى المدرسة العلمية في كحلان عفار لتلقي العلم لدى السيد يحيى شيبان، ونظراً لأملاك أسرته الواسعة لم يتمكن من مواصلة مشواره التعليمي لذا استدعته والدته للإشراف عليها.

تزوج أربعة من النساء، وخلّف عدداً من الأولاد منهم الشهيد السبتمبري عبدالرحمن المحبشي.

التحصيل العلمي:

درس الشهيد وإخوانه العلوم الأساسية في كُتاب القرية، انتقل بعدها إلى مدينة صنعاء في 1953 للدراسة في المدرسة التحضيرية، إلى أن وجه الإمام أحمد بإغلاقها تحت ذريعة تخوُّفِه من مناصرة طلابها لأخيه الحسن.

وفي 1960 افتتحت كلية الطيران تحت إدارة العقيد محمد صالح العلفي وإشراف خبراء روس فالتحق بها، إلا أن الإمام أحمد في نهاية العام 1961م أمر بإغلاقها أيضاً تحت ذريعة عدم التحمس لإيجاد سلاح طيران، في وقتٍ كانت مدرسة الأسلحة لا زالت مفتوحة فانتقل إليها برفقة عدد من زملائه منهم علي عبدالمغني – مؤسس تنظيم الضباط الأحرار- ومحمد مطهر زيد، وبها اتجه للتخصص في شعبة سلاح المدرعات.

كما كان له نصيبٌ من العلوم الشرعية خلال الفترة الفاصلة بين إغلاق المدرسة التحضيرية وقبل انضمامه إلى المدرسة الحربية بالدراسة في جامع الرحمن من العاصمة صنعاء.

الحراك الوطني:

اتسم الشهيد بالعديد من الصفات والسجايا خلال مسيرته التعليمية منها النبل والخجل والتنظيم الدقيق لبرنامجه الحياتي، وكان كتومًا إلى درجة لا يفضي بسره ونشاطه لأحد بما فيهم أقرب الناس إليه وهو أخيه العميد أحمد المحبشي، وكان، ملتزماً، محبًّا للمطالعة والمتابعة للتطورات التي تشهدها اليمن، والتحرك الفاعل في طوفان الغضب الثوري المتصاعد ضد الحكم الملكي، والاندفاع الوطني المبكر للمشاركة في الحياة السياسية والاجتماعية بالجهد والعرق، رغم تواضع إمكانياته.

تفتح وعيه الوطني نتيجة التأثير السياسي لزملائه فكان من ضمن الخلايا الثورية الناشطة في كلية الطيران.

كما كانت له مواقف سياسية ووطنية مُشاد بها عندما انضم إلى التيار الرافض لتوجهات الإمام أحمد بإغلاق المدارس العسكرية بما فيها كلية الطيران خوفاً من تنامي الوعي الوطني وتخيير طلابها بالعمل في مجالات مدنية لا تتناسب مع تخصصاتهم كالمواصلات ومراقبة طريق الحديدة – صنعاء، وبمرتبات مغرية تجاوزت الـ35 ريال (ماريا تيريزا)، إلا أن المحبشي وغالبية رفاقه رفضوا هذا، ما أدى إلى قيام البدر بإعادة فتح المدارس التي أغلقها والده، وبهذا بدأت مسيرة التغيير نحو الحرية تفرض نفسها.

ولا غرابة أن نجده وسط هذا الزخم الثوري منكباً على قراءة الأدبيات الثورية اليمنية والعربية لا سيما رواية "واق الواق" للزبيري والتي كانت سِفره وزاده الرئيسي.

العمل الثوري:

كان ضابطاً ملتزماً ونموذجاً للجندية الحقة في كافة المناصب التي أُوكلت إليه بشهادة كافة زملائه، اتصل بالثوار ضد الحكم الملكي، وشارك في تأسيس تنظيم الضباط الأحرار، الذي قام بالثورة الجمهورية في اليمن الشمالي معلنًا إسقاط النظام الملكي عام 1382هـ/ 1962م، الآتي نتاجاً لتصاعد موجة الغضب الشعبي وتوجه الضباط الأحرار في كانون الثاني / ديسمبر 1961م إلى رفع وتيرة الاستعدادات لتفجير الثورة من خلال التئام اجتماعهم التأسيسي الأول المنبثق عنه إقرار الهيكلة التنظيمية بصنعاء عبر تشكيل القاعدة التأسيسية من 16 عضواً ولجنة القيادة العامة من 5 أعضاء، ومنها امتد نشاطها إلى تعز والحديدة في العشرة الأشهر اللاحقة.

بموجب ذلك تشكلت الخلايا الميدانية الأساسية الهجومية والفرعية المساندة، قاد الثامنة منها الفئة (ب) حمود بيدر والمنبثق عنها مجموعة الهجوم الثانية بقيادة الملازم محمد الشراعي والملازم عبدالرحمن المحبشي والملازم حسين خيران والعريف أحمد العزكي والمكلفة بمهاجمة واقتحام دار البشائر - قصر الإمام محمد البدر بن أحمد بن يحيى حميد الدين – وأثناء محاولتهم اقتحام ساحة القصر الضيقة أصيبت دبابتهم بعطل مفاجئى في أجهزة الدفع والإعادة وتسرب الزيت بعد إطلاق أول قذيفة فقرروا الانسحاب إلى ميدان التحرير حيث كانت دبابة المساندة الأولى بقيادة عبدالله عبدالسلام صبرة ترابط هناك وبعد إفراغ الشراعي ورفاقه ما بقي لديهم من ذخيرة اتجهوا إلى لَكَنَة الدبابات بالعرضي وهناك استبدلوا دبابتهم بأخرى ذات مدفع متحرك ومنه اتجهوا إلى قصر السلاح حيث كان الثوار قد نجحوا في فتحه فتزودوا منه بما يلزم من الذخيرة معاودين مسيرتهم إلى قصر البشائر.

ورغم نجاحهم في الوصول إليه وتصويب قذائفهم إلى شرفاته، فقد تمكن أحد حرس القصر و يدعى "عبدالله طميم" الواقف حينها فوق سطح القصر، من صب صفيحة بنزين على دبابة الشراعي والمحبشي، وإشعال النيران فيها، فاحترق من بداخلها، وفيهم صاحب الترجمة.

وبذلك سجل الشراعي والمحبشي وخيران والعزكي الفداء الأول في كتاب قوافل شهداء الوطن والقربان الأول لثورة السادس والعشرين من سبتمبر.

 

مراجع ذُكر فيها العلم:

1 - أسرار ووثائق الثورة اليمنية، ط1, ص111، 173، 183.

2 - ثورة 26 سبتمبر .. دراسات وشهادات للتاريخ، ط1، ج3، ص73 – 85.

3 - حقائق ثورة سبتمبر اليمنية، ط3، ص290.

4 - شهداء الثورة، ط2، ص79.

5 - موسوعة أعلام اليمن للشميري.