ضابط، ثائر، مناضل
سبتمبري
مولده بقرية بني
جيش التابعة للأشمور من أعمال محافظة عمران في 1354 هـ، الموافق 1935، ووفاته
بمدينة صنعاء في 27 ربيع الثاني 1382 هـ الموافق 26 سبتمبر 1962، أثناء محاولته
اقتحام دار البشائر، وتمت مواراة جثمانه في مقبرة كانت في حي باب السلام بمدينة
صنعاء القديمة.
المحيط العائلي:
مثلت قرية حصن
جُراع في كحلان عفار - بني جيش – مسقط رأس أسرة الشهيد منذ القرن العاشر الهجري
عندما سكنها لأول مرة الأمير ناصر بن علي المحبشي، إلا أن ما كانت تعانيه المنطقة
من جور وضرائب عثمانية في نهاية القرن التاسع عشر الميلادي اضطرت جد الشهيد نقل
أولاده من جُراع إلى قرية زيلة المحبشي في بني قطيل من أعمال مديرية جبل يزيد في
محافظة عمران، وفيها كان مولد والد الشهيد، في حين فضل الجد الهروب من ملاحقة
الأتراك إلى شعب زقلان عائداً مع أسرته بعد رحيلهم عن اليمن إلى جُراع.
أنجب جد الشهيد
ثلاثة من الأبناء هم "أحمد وعلي ومُحُمد"، توفي أحمد وعلي وبقي مُحُمد
على قيد الحياة، إلا أن رحيل والده المبكر ألقى على كاهله عبئاً ثقيلاً، بحكم أنه
صار وحيد أسرته، في البداية قامت والدته بإرساله إلى المدرسة العلمية في كحلان
عفار لتلقي العلم لدى السيد يحيى شيبان، ونظراً لأملاك أسرته الواسعة لم يتمكن من
مواصلة مشواره التعليمي لذا استدعته والدته للإشراف عليها.
تزوج أربعة من
النساء، وخلّف عدداً من الأولاد منهم الشهيد السبتمبري عبدالرحمن المحبشي.
التحصيل العلمي:
درس الشهيد وإخوانه
العلوم الأساسية في كُتاب القرية، انتقل بعدها إلى مدينة صنعاء في 1953 للدراسة في
المدرسة التحضيرية، إلى أن وجه الإمام أحمد بإغلاقها تحت ذريعة تخوُّفِه من مناصرة
طلابها لأخيه الحسن.
وفي 1960 افتتحت
كلية الطيران تحت إدارة العقيد محمد صالح العلفي وإشراف خبراء روس فالتحق بها، إلا
أن الإمام أحمد في نهاية العام 1961م أمر بإغلاقها أيضاً تحت ذريعة عدم التحمس
لإيجاد سلاح طيران، في وقتٍ كانت مدرسة الأسلحة لا زالت مفتوحة فانتقل إليها برفقة
عدد من زملائه منهم علي عبدالمغني – مؤسس تنظيم الضباط الأحرار- ومحمد مطهر زيد،
وبها اتجه للتخصص في شعبة سلاح المدرعات.
كما كان له نصيبٌ
من العلوم الشرعية خلال الفترة الفاصلة بين إغلاق المدرسة التحضيرية وقبل انضمامه
إلى المدرسة الحربية بالدراسة في جامع الرحمن من العاصمة صنعاء.
الحراك الوطني:
اتسم الشهيد
بالعديد من الصفات والسجايا خلال مسيرته التعليمية منها النبل والخجل والتنظيم
الدقيق لبرنامجه الحياتي، وكان كتومًا إلى درجة لا يفضي بسره ونشاطه لأحد بما فيهم
أقرب الناس إليه وهو أخيه العميد أحمد المحبشي، وكان، ملتزماً، محبًّا للمطالعة
والمتابعة للتطورات التي تشهدها اليمن، والتحرك الفاعل في طوفان الغضب الثوري
المتصاعد ضد الحكم الملكي، والاندفاع الوطني المبكر للمشاركة في الحياة السياسية
والاجتماعية بالجهد والعرق، رغم تواضع إمكانياته.
تفتح وعيه الوطني
نتيجة التأثير السياسي لزملائه فكان من ضمن الخلايا الثورية الناشطة في كلية
الطيران.
كما كانت له مواقف
سياسية ووطنية مُشاد بها عندما انضم إلى التيار الرافض لتوجهات الإمام أحمد بإغلاق
المدارس العسكرية بما فيها كلية الطيران خوفاً من تنامي الوعي الوطني وتخيير
طلابها بالعمل في مجالات مدنية لا تتناسب مع تخصصاتهم كالمواصلات ومراقبة طريق
الحديدة – صنعاء، وبمرتبات مغرية تجاوزت الـ35 ريال (ماريا تيريزا)، إلا أن
المحبشي وغالبية رفاقه رفضوا هذا، ما أدى إلى قيام البدر بإعادة فتح المدارس التي
أغلقها والده، وبهذا بدأت مسيرة التغيير نحو الحرية تفرض نفسها.
ولا غرابة أن نجده
وسط هذا الزخم الثوري منكباً على قراءة الأدبيات الثورية اليمنية والعربية لا سيما
رواية "واق الواق" للزبيري والتي كانت سِفره وزاده الرئيسي.
العمل الثوري:
كان ضابطاً ملتزماً
ونموذجاً للجندية الحقة في كافة المناصب التي أُوكلت إليه بشهادة كافة زملائه،
اتصل بالثوار ضد الحكم الملكي، وشارك في تأسيس تنظيم الضباط الأحرار، الذي قام
بالثورة الجمهورية في اليمن الشمالي معلنًا إسقاط النظام الملكي عام 1382هـ/
1962م، الآتي نتاجاً لتصاعد موجة الغضب الشعبي وتوجه الضباط الأحرار في كانون
الثاني / ديسمبر 1961م إلى رفع وتيرة الاستعدادات لتفجير الثورة من خلال التئام
اجتماعهم التأسيسي الأول المنبثق عنه إقرار الهيكلة التنظيمية بصنعاء عبر تشكيل
القاعدة التأسيسية من 16 عضواً ولجنة القيادة العامة من 5 أعضاء، ومنها امتد
نشاطها إلى تعز والحديدة في العشرة الأشهر اللاحقة.
بموجب ذلك تشكلت
الخلايا الميدانية الأساسية الهجومية والفرعية المساندة، قاد الثامنة منها الفئة
(ب) حمود بيدر والمنبثق عنها مجموعة الهجوم الثانية بقيادة الملازم محمد الشراعي
والملازم عبدالرحمن المحبشي والملازم حسين خيران والعريف أحمد العزكي والمكلفة
بمهاجمة واقتحام دار البشائر - قصر الإمام محمد البدر بن أحمد بن يحيى حميد الدين
– وأثناء محاولتهم اقتحام ساحة القصر الضيقة أصيبت دبابتهم بعطل مفاجئى في أجهزة
الدفع والإعادة وتسرب الزيت بعد إطلاق أول قذيفة فقرروا الانسحاب إلى ميدان
التحرير حيث كانت دبابة المساندة الأولى بقيادة عبدالله عبدالسلام صبرة ترابط هناك
وبعد إفراغ الشراعي ورفاقه ما بقي لديهم من ذخيرة اتجهوا إلى لَكَنَة الدبابات
بالعرضي وهناك استبدلوا دبابتهم بأخرى ذات مدفع متحرك ومنه اتجهوا إلى قصر السلاح
حيث كان الثوار قد نجحوا في فتحه فتزودوا منه بما يلزم من الذخيرة معاودين مسيرتهم
إلى قصر البشائر.
ورغم نجاحهم في
الوصول إليه وتصويب قذائفهم إلى شرفاته، فقد تمكن أحد حرس القصر و يدعى
"عبدالله طميم" الواقف حينها فوق سطح القصر، من صب صفيحة بنزين على
دبابة الشراعي والمحبشي، وإشعال النيران فيها، فاحترق من بداخلها، وفيهم صاحب
الترجمة.
وبذلك سجل الشراعي
والمحبشي وخيران والعزكي الفداء الأول في كتاب قوافل شهداء الوطن والقربان الأول
لثورة السادس والعشرين من سبتمبر.
مراجع ذُكر فيها
العلم:
1 - أسرار ووثائق
الثورة اليمنية، ط1, ص111، 173، 183.
2 - ثورة 26 سبتمبر
.. دراسات وشهادات للتاريخ، ط1، ج3، ص73 – 85.
3 - حقائق ثورة
سبتمبر اليمنية، ط3، ص290.
4 - شهداء الثورة،
ط2، ص79.
5 - موسوعة أعلام
اليمن للشميري.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق