Translate

الجمعة، 7 يوليو 2023

فضيلة العلامة الزاهد علي بن عجلان بن حسن النعمي


عالم رباني، فقيه، مُرشد.


مولده بالقزعة من أعمال الجبر في العام 1335 هـ، ووفاته بمدينة المحابشة من اعمال محافظة حجة في يوم الإثنين 3 صفر 1431 هـ، الموافق 18 يناير 2010.


 هو السيد الأجل علي بن عجلان بن حسن بن عبدالله بن طالب بن الحسن بن عبدالله بن محسن بن أحمد بن إبراهيم بن محمد بن عجلان بن محمد بن صلاح بن عيشان بن الحسن بن علي بن عبدالله بن علي بن محمد بن الحسين بن أسعد بن الشريف الحسين الشطبي بن أحمد بن الحسين بن سليمان بن حيان بن علي بن عبدالله الجعفري بن جعفر بن أحمد بن الحسين العابد بن يوسف الزاهد بن نعمة الأكبر بن علي بن داود بن سليمان بن عبدالله بن موسى بن عبدالله المحض بن الحسن بن الحسن بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب.


من أفاضل عُلماء مديرية المحابشة، ومن أهل الله المشتهرين بالورع والزهد والعزوف عن دنيا الناس الفانية. 


التحصيل العلمي:


أخذ عن كوكبة من علماء هجرة السودة والمدرسة العلمية بالمحابشة، منهم:


العلامة محسن السودي، العلامة عبدالملك الغشم، العلامة أحمد شرف، العلامة حسن الغشم، القاضي محمد يايه، القاضي قاسم المغنج، العلامة ناصر المسلي.


السجل الوظيفي والارشادي:


أولا: قبل ثورة 26 سبتمبر 1962:


كاتب تحريرات بأفلح اليمن.


ثانياً: بعد ثورة 26 سبتمبر 1962:


اعتزل العمل الحكومي وتفرغ للتدريس، وتعليم أولاده، وقراءة القرآن الكريم، والعبادة، وإمامة مسجد داوود بمدينة المحابشة.


حج بيت الله الحرام 42 عاماً، منها 12 عاماً سيراً على الأقدام وركوباً على الدواب.


أشتهر بخطه الجميل، ونسخ كتاب الفرائض للعصيفري بيده.


أولاده:


أحمد - فقيه ومرشد وخطيب ومن أفاضل وجهاء بلاد المحابشة، حسن - عالم فاضل وشيخ المدرسة العلمية بالمحابشة.

السبت، 10 يونيو 2023

البهائية وعقائدها الماسونية المسمومة


مركز البحوث والمعلومات: زيد المحبشي، 10 يونيو 2023


البهائية واحدة من صنائع الاستعمار الصليبي بمختلف مسمياته ومراحله التاريخية، وأحد السهام المسمومة للصهيونية والماسونية العالمية، وإحدى أدوات الغزو الفكري القذرة لمحاربة وتشويه الاسلام، وطمس معالم المسلمين، وإضعافهم، وبث الفُرقة والانقسام والبلبلة في أوساطهم، وسلخهم وإبعادهم عن عقيدتهم.

وهي ديانة وضعية مُختلقة تدعي أن لها نبيها وطقوسها ومُعتقداتها الخاصة بها، والمُتأمل في تلك المعتقدات والطقوس يجد أنها مجرد استنساخ شائه لما حفلت به اليهودية الصهيونية والماسونية من هرطقات وسموم استعمارية تضليلية إفسادية، وكلها تندرج تحت مظلة ما يُسمى بـ "الحرب الناعمة"، وهذه الحرب من أكثر أنواع الحروب قذارة وبشاعة وتدميراً وإفساداً، لأن أسلحتها عادةً ما تكون خفية ومُتسترة بشعارات إنسانية وحقوقية خادعة، وهو ما نحاول الوقوف عليه في هذه القراءة، لتعريف أجيالنا بمدى خطورة هكذا نوع من الجماعات التي باعت نفسها ودينها وأوطانها للشيطان والمستعمرين.  


محافل سرية خُنفشارية:


تنتظم البهائية في الدول التي تنتشر فيها تحت مُسميات وهيئات ومحافل سرية، وتتخفّى وراء قائمة طويلة من المنظمات التي غالباً ما تُمارس أعمالها تحت عناوين إنسانية وحقوقية براقة، بينما هي مجرد غطاء للتبشير والتجسس خدمة للصهيونية والماسونية وقوى الاستعمار الإمبريالي.

بعد هلاك قادتها المُؤسسين، قررت الصهيونية العالمية في العام 1963 تشكيل مجلس إداري أعلى يقودها على مستوى العالم، ويُنظم شؤونها، أسموه "بيت العدل الأعظم" يقع مقره الرئيسي على سفح جبل "الكرمل" في ميناء "حيفا" بفلسطين المُحتلة، يضم 9 أعضاء، يتم انتخابهم كل 5 سنوات، تتبعه مجالس مُنتخبة على المستويات المحلية والوطنية والدولية تُسمى "محافل"، وهذه المجالس تنتخب "بيت العدل"، وهو أعلى سلطة إدارية وروحية ومرجعية عالمية لهذه الفرقة الضالة، ويعتبره أنعام الأتباع هيئة معصومة ومُؤيدة من قبل الله، أُذِن لها بالتّشريع فيما ليس مذكوراً في كتب المدعو الدعي "بهاء الله" وألواحه أو في كتابات ولده الدعي "عبدالبهاء"، وتشريعاته نصوص مُقدسة بحسب زعمهم.


فِرية الألوهية والحلولية:


انفردت البهائية عن غيرها من الأديان الوضعية المنحرفة بادعاء ألوهية الفرد ووحدة الوجود والحلول، وعدم الفصل بين اللاهوت والناسوت، وإدعى شيطانها الماسوني النجس "بهاء الله"، حلول الله في بعض خلقه، وتجمُّع الله والرُسل والأنبياء في شخصه، وأنه وسيطٌ بين الناس والخالق، وتجلِّي الله للخلق في هيكله المرئي، وحلوله فيه، وتكلُّمه معهم بلغة بشرية.

وذهب الشيطان البهائي إلى أن الناس عرفت الله من خلاله لأول مرة، وليس من خلال آيات الله المبثوثة في الكون، وأنه من يتولى مهمة محاكمة الخلق يوم التناصف، وأن له كل صفات وأفعال وأسماء الله، وليس لله ذلك، مُتذرِّعاً بأنه لكي يُعرف الله ويراه ويشاهده الناس لا بد من هيكل وجسم يحِل ويتجسّد فيه، وبعد التجسُّد تستطيع الحقيقة الإلهية منح هذا الجسد كل صفات الكمال من القدرة والهيمنة ليمارس عمليات الخلق، والرزق، والإحياء، والإماتة، وبالتالي فظهوره هو ظهور الله، ووجهه وجه الله، ومشيئته مشيئة الله، وإرادته إرادة الله، وجميع صفاته وأسمائه هي بعينها صفات وأسماء الله، ومعرفته هي معرفة الله، وتكذيبه تكذيب لله ذاته، لذا فهو يستحق العبادة دون سواه والعياذ بالله.

 وإدعى بوضوح لا لبس فيه كما هو مدونٌ في كُتبه بأنه "الله"، وأنه خالق السماوات والأرض، وأن المُهمة الكُبرى لرُسل الله كموسى وعيسى ومحمد هي التبشير بظهور الله في جسده، تماماً كما زعم النصارى في ادعائهم بأن مُهمة الرُسل السابقين لعيسى عليه السلام التبشير بحلول الله في جسد عيسى، ولذلك سمّى البهائي الدجال نفسه "مظهر الله"، واستدل أتباعه على ألوهيته بنفس استدلالات النصارى على ألوهية عيسى، وأدعو أنه ابن الله.

وأنكر حقيقة الملائكة والجن والجنة والنار والبعث والنشور والعذاب والثواب ويوم القيامة والحياة الآخرة بعد الموت، وقال بتناسخ الكائنات، ورأى أن الثواب والعقاب يقع على الأرواح فقط، وفسّر القيامة بظهوره، وادعى أن الحياة الآخرة هي المدة بين نبي الله "محمد" صلى الله عليه وآله وسلم والمسيخ الشيرازي "الباب".

ومن خزعبلات هذه الفرقة المارقة أن الحساب يوم القيامة يكون بالفصل بين المؤمنين بالبهاء الدجال والرافضين له، وعدوا الرافضين له كافرين ومطرودين من رحمته، و"الجنة" هي الحياة الروحية البهائية والإيمان بأن "البهاء" رب السموات والأرض.

وذهبوا إلى أن عجلهم  الوحيد القادر على فهم ومعرفة رموز الكتب الإلهية، لعجز أنبياء الله ورُسله عن ذلك، وأي فرية أعظم من هذه، و"أبواب الجنة" هي كِبار أتباع "الباب" الشيرازي، والنار الموت الروحاني، ورؤية الله هي رؤية الجسد الذي حلت فيه روح الله كما أسلفنا، ولقاء الله هو لقاء البهاء، والملائكة هي أئمة البهائية، وملائكة النار المشار اليهم في الآية 30 من سورة المدثر: "عليها تسعة عشر"، هم الـ 19 رجلاً الذين كفروا بالبهاء واتبعوا أخيه غير الشقيق "يحيى صُبح الأزل"، و"الدجال" هو أخيه "يحيى"، وعش رجباً ترى عجباً.

والرد على أكاذيب هذه الفرقة المارقة وتفنيدها مبسوطٌ في كتب علماء المسلمين من سنة وشيعة، وغرضنا هنا هو توضيح أكاذيب هذه الفرقة الشيطانية لا الرد عليها، لكي يعرف الناس مدى خطورتها، ومن يُنكر الله ويُنصِّب نفسه إلهاً للناس من دون الله، ويدعي رؤية الله ويُجسِّمه ويُشبهه بخلقه ويجعله مجرد موظف عنده والعياذ بالله، فكل أكاذيبه باطلة وساقطة ولا تستحق الرد، لأن في ذلك إعلاءٌ لها ورفع لشأن دعِّيِها.


أكذوبة النبوة المفتوحة:


لم تكتفِ البهائية بادعاء الربوبية لعجلها النجس، بل ووصل بها الفجور للادعاء بأن رسول الله "محمد بن عبدالله" صلى الله عليه وآله وسلم، ليس خاتم الأنبياء والمرسلين، والإسلام ليس الدين الخاتم، وأنه لا بُد من استمرار ظهورُ الرُسل الإلهيين كل ألف سنة لتعليم البشرية كيفية الاستمرار فيما أسموه "حضارة دائمة التقدم"، ومن يدعِ النبوة قبل تمام الألف عام بعد ظهور "البهاء" فهو كذّابٌ مُفترٍ، متجاهلين أن رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم خاتم الأنبياء والمرسلين، كما بشر الأنبياء والمرسلين من قبله، ونص الله على ذلك في كتابه، وأنه لا نبي بعده، وأن الإسلام الدين الخاتم لكل الأديان الإلهية، ولا دين بعده.

ومن هرطقاتهم، إنكار المُعجزات التي أيّد الله بها الأنبياء والمُرسلين، وتخصيصهم نبيهم الكذاب وعجلهم البهائي بها، واعتبروا ذلك مزية تكريمية، وادعوا بأنه يُوحى إليه، وأصبغوا عليه صفة القداسة والعصمة، وذهبوا إلى أن ظهور شيخه الخنزبي "الباب" الشيرازي في العام 1844 كان بداية لعصر جديد نضج فيه الجنس البشري روحياً.

وإدعى "بهاء الله" أنه المسيح المُخلِّص الثالث الذي ادعت اليهود ظهوره في أخر الزمان من أولاد داوود عليه السلام، ووافق النصارى في الإيمان بصلب المسيح عيسى بن مريم عليه السلام، وقال بنبوة "بوذا" و"كونفوشيوس" و"براهما" و"زرادشت" وغيرهم من حكماء الهند والصين والفرس. 

ومن المضحكات أيضاً ادعاء "الباب" أنه حاجب المهدي المُنتظر والمُوصل إليه، ثم تراجعه وادعائه المهدوية، ثم النبوة وأطلق على نفسه لقب "باب الدين"، وزعم أن الوصول إلى الله لا يكون إلا من باب النبوة، وبعدها بفترة وجيزة زيّن له شيطانه الماسوني ادعاء مكانة أرفع من مكانة الأنبياء هي "الألوهية"، وأطلق على نفسه لقب "النُقطة"، وتعني انبثاق الحق، ورأى أتباعه أنه أعظم وأجل مقاماً من جميع الرُسل، وأن ما يُوحى إليه من دين أتم وأكمل من كل وحي ودين سابق.

ومن أكاذيبهم الممجوجة ادعاء استمرارية الوحي بعد وفاة رسول الله "محمد بن عبدالله" صلى الله عليه وآله وسلم، وإنكار ختم النبوة بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم، وذهبوا إلى أن المقصود بـ "خاتم النبيين"، هو "زينة وخير الأنبياء"، كالخاتم يُزِّين الإصبع، وليس أخر الأنبياء.


إلغاء الشريعة الإسلامية:


إدعى الدجال "بهاء الله" أن ظهوره ألغى الإسلام والشريعة الإسلامية، وأن كتابه "الأقدس" ناسخ لجميع الكتب السماوية، وأن الكتب السماوية "التوراة، الإنجيل، القرآن" لم يفهم الأنبياء معانيها لضعف عقولهم، وأنه الوحيد الذي فسّرها بصورة صحيحة، وأن الأنبياء اُختصوا بالتنزيل، وهو مُختصٌ بالتأويل، وزعم أن تفاسير العلماء للكتب الإلهية بما فيها القرآن تافهة، باردة، عقيمة، جامدة، بل مُضلة مُبعدة مُفسدة.

وكتابه "الأقدس" مزيجٌ من عقائد ومذاهب ديانات الهند القديمة، والصين، وفارس، واعتقادات الفلاسفة، والماسونية، والصهيونية.

 ووصف الدجال "البهائي" المسلمين بـ "الهمج الرعاع"، وادعى أنه وجماعته الموحدون الوحيدون بين الأمم، ومن لم يؤمن بما يؤمنون به فهو مشركٌ، مطرودٌ من رحمته.


واختلقوا عبادات خاصة بهم، منها على سبيل المثال لا الحصر:


1 - الصلاة:


حددوا 3 صلوات كبرى وصغرى ووسطى بتسع ركعات، كل صلاة 3 ركعات، تتوزع على الصباح والظهر والليل، وأيٍ منها تُغني عن الأخرى، وعلى الفرد اختيار أحدها.

تُودى صلاتهم بصورة فردية في البيوت، وقبلتهم ليس مكة المكرمة بل قبر عجلهم "بهاء الله" في "عكا"، يسبقها وضوءٌ بـ "ماء الورد"، وهذا الماء عند المسلمين لا يجوز الوضوء به، لأنه طاهرٌ في نفسه غير مُطهرٍ لغيره، ومن لم يجده فعليه الترديد خمساً "بسم الله الأطهر الأطهر".

وألغوا صلاة الجمعة، وأجازوا الجماعة في صلاة الميت فقط، وغايتهم من إبطال صلاة الجماعة تفريق وتشتيت المسلمين، وهذه واحدة من أهم أهداف الصهيونية العالمية إلى جانب إبعاد المسلمين عن القرآن الكريم وإبطال صلاة الجمعة.


2 - الصوم:


استنوا لهم صياماً خاصاً، ودعوا أتباعهم لصيام 19 يوماً في الشهر الأخير من السنة البهائية، وتحديداً خلال الفترة "2 - 20 مارس"، واختتامه بما أسموه "عيد النوروز"، وهو "العيد الأعلى" لديهم.

والصيام لديهم محصورٌ في الامتناع عن الأكل والشرب فقط من الصباح إلى المغرب، وأباحوا نكاح الزوجات أثناء الصيام.

ويبدأ تقويمهم من عام ظهور "الباب" 1844، وبداية سنتهم الجديدة 21 مارس، وهي مكونة من 19 شهراً، كل منها 19 يوماً.

في اليوم الأول من كل شهر يحتفلون بما يُسمى "عيد التاسع عشر"، ورقم 19 من الأرقام المُقدسة عندهم، وفي الفترة "21 أبريل - 2 مايو" يحتفلون بـ" عيد الرضوان"، وينتخبون خلاله قيادتهم المركزية العالمية "بيت العدل الأعظم"، ولهم 9 أيام مُقدسة، ترتبط بحياة "الباب" و"بهاء الله" و"عبدالبهاء"، يتوقفون فيها عن العمل.


3 - الحج:


حرموا الحج إلى "مكة" المكرمة، وأوصوا بهدم بيت الله الحرام عند ظهور "المقتدر" من أتباعهم، وأوجبوا الحج إلى المركز العالمي لهم في مدينتي "عكا" و"حيفا" بفلسطين المحتلة، تضم الأولى ضريح "بهاء الله" والثانية ضريح " الباب"، إلى جانب الدار التي وُلد فيها "الباب" بشيراز، والتي نزل بها "البهاء" في العراق، والحج عندهم لمن استطاع، ومتى أراد من أيام السنة.


هدم الأسرة:


لم يُغفل فكرهم الماسوني الشيطاني الأسرة، لأنها أهم لبنة في بناء المجتمعات، وحفظها من منزلقات الرذائل يعني خلق مجتمع فاضل قوي، وهذا لا يتماشَ مع أهداف قوى الاستعمار "الصهيو - ماسوني"، لذا حرص كلبهم الماسوني البهائي على وضع التعليمات الكفيلة بتدمير وتحطيم الأسرة، فأفتى بحرمة زواج الرجل بزوجة الأب، وأباح له ما دون ذلك من أخوات وخالات وعمات، ووصلت به الوقاحة لإجازة زواج الرجل بأم الأم وابنة الأُخت والأخ.

وحرّموا لبس المرأة الحجاب تحت مُبررات ما أنزل الله بها من سلطان، ودعوا للسفور والفجور، وشيوعية النساء والأموال، وإطلاق العلاقات الكاملة بين الجنسين من دون حدودٍ ولا قيود، بما في ذلك إجازة المثلية، واعتبارها تحضُّراً ورُقياً، في مسعى شيطاني لهدم كل القيم والأخلاق والنواميس، ونقل البشرية لحياة الإباحية البهيمية.

وادعت هذه الطائفة القميئة أن كل شيئٍ طاهرٌ بما في ذلك "ماء النطفة" رحمة من بهائهم الدجال على البرية، ولذا فالاغتسال من الجنابة، والتطهُر من النجاسة المُغلّظة والمُخففة بكل أنواعهما رجس من عمل الشيطان، فمن آمن بالبهائية فقد طهُر حد زعمهم أقماهم الله.

وأجازوا الاستماع للأغاني بأنواعها، وعدّوا ذلك عبادة، واستخدام الذهب كأواني للأكل.

وأباحوا الخمور وأكل لحم الخنزير، وأمروا بإلغاء أصول الذبح الإسلامية.


إلغاء الأديان:


يرى الدجال البهائي أن التمسك بالأديان وعدم تبديل الشرائع مرضٌ عام، ووباء، وأن الاعتقاد بأبدية الشرائع والأديان من المصائب الكُبرى التي اُبتليت بها الأمم الماضية، داعياً لوحدة الأديان والشرائع والإنسانية تحت راية ديانته المزعومة، وهذه واحدةٌ من أبرز أفكار الماسونية العالمية، واليهودي القديمة.

وبعد رحيله نادى ابنه الدجال "عبدالبهاء" بجمع كل الأديان السماوية على أصول نواميس موسى عليه السلام، واتهم المسلمين باضطهاد اليهود وقتل الكثير منهم وإحراق منازلهم ونهب أموالهم وأسر أطفالهم، وإدعى أن أباه "بهاء الله" هو المُجدد لدعوة بني إسرائيل والمسيح. 

وبالمجمل فالغاية من هكذا تقولات تهيئة الساحة العربية والإسلامية لمخططات استبدال الشريعة الإسلامية بالعلمانية، وجعل الأخيرة ديناً عالمياً.

وقد سمعنا خلال العام 2004 وما صاحبه من تباشير إنجيلية "صهيو – أميركية" بولادة "شرق أوسط جديد" تحت الراية الصهيونية، سُرعان ما تحطمت أحلامهم الشيطانية على صخرة المقاومة اللبنانية، والخطير في تلك المحاولة العبثية ظهور ما أسمته الماسونية العالمية "الفرقان الحق"، وعدّته كتاباً مُقدساً عالمياً تجمع نصوصه "القرآن الكريم، التوراة، الإنجيل"، مصحوباً بادعاءات كذاب البهائية الأشر بأن التوراة والإنجيل غير محرّفة، وكتبنا عن خطورة ذلك المنحى الشيطاني يومها مقالاً مطولاً في صحيفة "الأمة" المحلية تحت عنوان "الإسلام في قفص الاتهام"، وضحنا فيه كيف انخدع العديد من أبناء الإسلام في المشرق العربي بذلك الكتاب، وخصوصاً في أوساط الطبقات التي تدعي الانفتاح المنفلت، ولم تتورع يومها بعض صحف دول الخليج العربي عن نشر نصوص ذلك الكتاب المسخ، ولا زال العمل جاري، لجعله واقعاً عالمياً انطلاقاً من المشرق العربي.


هدم الأوطان واللغات القومية:


من أفكارهم المسمومة أيضاً إلغاء فكرة "الأوطان" تحت دعوى فكرة "الوطن العام"، والدعوة إلى وحدة "اللغة"، واستخدام لغة عالمية مُوحدة، تكون "لغة الأمم"، أسموها "النوراء": "يا قلمي الأعلى، بدِّل الفُصحى باللغة النوراء".

وغايتهم من ذلك ترك الناس لغة القرآن الكريم "العربية"، من أجل إضعاف الصلة بين المسلمين و"الأممية"، وهذه واحدة من أهم أهداف ومُخططات الماسونية الخادعة لفصل الأمم عن تراثها وتاريخها وحضارتها، وإلغاء شخصيتها وكينونتها، والقضاء على مقوماتها، وبخاصة الأمة الإسلامية حتى يسهُل على المستعمرين إخضاعها والسيطرة عليها، وصولاً إلى شرعنة الوجود الصهيوني في فلسطين المحتلة، وتقبُّل العرب التعامل معهم كواقع، وتطبيع العلاقات معهم، وجعلهم جُزءاً من المنظومة العربية، وواسطة العقد فيها، ومركز قرارها.

ولهذه الغاية الشيطانية حرص أدعياء البهائية ومُهرطقيها على تحريم الجهاد وإلغاء هذه الفريضة المقدسة، واعتبر كذابها الأعظم "بهاء الله" محو الجهاد من القرآن بشارته الأولى للأمة، وإدعى أن العذاب هو اشتغال أصحاب الشرائع بالصلاة والصوم والحج والجهاد: "لأن تُقتَلوا خيرٌ من أن تَقتُلوا".

وهدفهم من ذلك تحريم حمل السلاح ضد الكيان الصهيوني الغاصب، والعربدة الأميركية في المشرق العربي، والغزاة والمحتلين والمستعمرين بمختلف ألوانهم ومسمياتهم، والتسليم والطاعة والانقياد للحُكام الظلمة وتحريم الخروج عليهم، وتشويه صورة الإسلام الحنيف، وبلبلة أفكار المسلمين، وزعزعة عقائدهم، وبث السموم لتوهين الثوابت في نفوسهم.

وفي هذا تأكيدٌ واضحٌ وجليٌ على صلتهم بالصهيونية والماسونية العالمية، وعملهم على تهيئة العالم الإسلامي ليقع تحت سيطرة الاستعمار والاحتلال، وإحلال العلمانية محل الإسلام، والخضوع لكل حاكم ولو كان ظالماً أو مستعمراً أجنبياً، ويلتقون في ذلك مع أقتام القاديانية والوهابية.

لهذا لا عجب من إجماع الأحرار من علماء ومفكري السنة والشيعة على وجوب التصدي لهذه الفرقة المارقة، والرد عليها، وتفنيد أباطيلها، واعتبارها مُرتدة وخارجة عن رقبة الإسلام، والحكم بنجاستها وضلالها. 


المراجع:


1 - أحمد عامر متولي عامر، النِحل الوضعية المعاصرة وعلاقتها بالصهيونية "البهائية نموذجاً"، ملف بي دي إف.

2 - أسامة شحادة، البهائية حصان طروادة لإسرائيل، موقع عمون، 14 أبريل 2012.

3 - د. خالد السيوطي، البهائية وعلاقتها بالصهيونية وقيام دولة إسرائيل، مركز القائمية للبحوث والتحريات الكمبيوترية، أصفهان، طبعة 2007.

4 - عبدالرحمن الوكيل، البهائية تاريخها وعقيدتها وصلتها بالباطنية والصهيونية، دار المدني للطباعة والنشر والتوزيع - مصر، الطبعة الثانية 1986.

5 - فراس خطيب، البهائية دين بلا سياسة، الأخبار اللبنانية، 26 يوليو 2007.

6 - وليد بدران، ما هي الديانة البهائية ومن هم البهائيون؟، بي بي سي البريطانية، 3 مارس 2018.

7 - المكتبة الشاملة، البابية والبهائية ليسوا مسلمين.

8 - الموسوعة العريقة.

الخميس، 8 يونيو 2023

البهائية نبتة شيطانية بقفازات صهيونية



مركز البحوث والمعلومات: زيد المحبشي، 8 يونيو 2023

 

عبادة وتأليه الإنسان من الكوارث التي مُنيت بها البشرية في تاريخها العريض، وليست "البهائية" بالنشاز عن ذلك التاريخ الشائه لعبدة البشر، لذا لا تندهش إذا زرت أحد أتباعها ووجدت على جدران منزله لوحاً مبروزاً مكتوباً عليه "بهاء يا إلهي"، فأتباع هذه الديانة الشيطانية يعتقدون بأن مُؤسسها مهدياً ونبياً وإلهاً.

بدأت البذرة الأولى لهذه الديانة الوضعية المسخ في إيران، وانتهى بها المطاف إلى أحضان اليهود في عكا وحيفا، وهناك حصلت على الرعاية والحماية من الصهيونية العالمية، التي وجدت فيها ضالتها المنشودة، ومنها انتشرت إلى أنحاء العالم، وأصبح لها في كل قارة مركزاً ومجمعاً بهائياً ومُريدين، وصار قبر مؤسسها في فلسطين المحتلة مزاراً يحج إليه الأتباع الأنعام من أنحاء المعمورة، ويتوجهون إليه في صلاتهم.

ارتبط قادتها بعلاقات وثيقة مع أعداء العالم الإسلامي، وفي مقدمتهم الإنجليز والفرنسيين والروس واليهود، وأعلنوا مساندة الإنجليز لإقامة دولة لليهود في فلسطين المحتلة، وادعى مؤسسها في إحدى نبوءاته الشيطانية تجمع اليهود في فلسطين المحتلة وإقامة دولة لهم هناك، وأحقيتهم في القدس السليبة.

وقد سبق للسيد "عبدالملك الحوثي" التحذير من هذه الحركة، في أكثر من مناسبة وأسماها بـ "الوافد الشيطاني":

"اليوم استجد في ساحتنا اليمنية نشاط جديد يأتي ضمن الحرب التي تستهدفنا في المبادئ والمفاهيم والانتماء الكلي للإسلام، هو نشاط البهائية، تحرك هذا الوافد الشيطاني إلى بلدنا يطعن في الإسلام بكل صراحة ووضوح، ويشن حرباً فكرية تضليلية ضد الإسلام كدين، ويسعى إلى إقناع البعض بالخروج والارتداد عن الإسلام، والكفر بالإسلام، ويلقى هذا النشاط اهتماماً ورعاية ودعماً ومساندة من الغرب".

وأكد رضوان الله عليه بأن نشاط هذه الحركة وانطلاقتها ومنبعها من مدينة "عكا" في فلسطين المحتلة، ونالت رعاية صهيونية كاملة:

"إسرائيل تحتضن وترعى هذا التحرك، تُؤمِّن في هذا التحرك الحرية الكاملة لينطلق من هناك، من داخل هذه الرعاية الإسرائيلية إلى بقية العالم،..، هذا ضمن الحرب الناعمة، هذا استهداف عدواني يشتغل ضد الإسلام لإخراج الأمة من الإسلام والكفر به".

وكشف عن وجود مخططات أميركية وغربية لتهيئة البيئة العربية والإسلامية لهكذا حركات ظلامية:

"الأميركيين والغرب يضغطون على الأنظمة العربية والإسلامية لتغيير القوانين المُستمدة من الشريعة الإسلامية، من أجل صُنع بيئة مفتوحة للجرائم من دون أي عائق، ويقومون بنشر الدعوات والمذاهب غير الإسلامية ودعمها، مثل البهائية والأحمدية والإبراهيمية، من أجل تضليل المجتمع الإسلامي.

البهائية، الأحمدية، ديانات أخرى غريبة على مجتمعاتنا، مخالفة للإسلام، ثم يحاولون أن يفرضوا لها حقوقاً، ما يسمونه هم بالحقوق السياسية وغيرها، ثم يمنعون سيادة الإسلام؛ بحُجة أن هذا البلد فيه أديان مُتعددة، لا يمكن أن يبقَ الإسلام سائداً فيه، وهذه طريقة شيطانية، وغير مقبولة، وغير مُنصفة أصلاً؛ إنما هي من محاربتهم للإسلام".

فما هي عقائد البهائية وشرائعهم وأهدافهم ومخططاتهم؟ وما هو خطرهم على الإسلام والمسلمين؟ وما سر تبني الصهيونية العالمية والقوى الاستعمارية لهم منذ نشأتهم؟

هذا ما سنحاول مقاربته في قراءتين متتابعتين، نُسلط الضوء في الأولى على سياقاتها التاريخية وعلاقاتها المشبوهة مع القوى الاستعمارية والصهيونية العالمية، وأماكن تواجدها في العالم واليمن، ونتناول في الثانية مكوناتها التنظيمية، وعقائدها وأفكارها الماسونية المسمومة، وخطرها على الإسلام والمسلمين.

 

تاريخ أسود:

 

لا يمكن الحديث عن "البهائية" دون الحديث عن "البابية"، فالأخيرة مُقدِمة للأولى، وكلاهما من الفرق الخارجة عن الإسلام عقائدياً وتشريعاً، وكلاهما له نفس الأهداف والأفكار الهدامة وإن اختلفت مسمياتهما فالغاية والأهداف واحدة، وكلاهما مجرد مطية رخيصة للقوى الاستعمارية والصهيونية العالمية.

 

أولا: البابية:

 

أطلق التاجر بمدينة "شيراز" الإيرانية الميرزا "علي محمد رضا الشيرازي"، "20 أكتوبر 1819 - 9 يوليو 1850"، في 22 - 23 يوليو 1844، على نفسه لقب "الباب" - والباب تعني المتحدث الرسمي باسم المهدي المُنتظر وسكرتيره أو حاجبه - وأعلن ديناً جديداً أسماه "البابية"، وعمل على تحضير أتباعه لقدوم رسول إلهي بحسب زعمه، يُعرف باسم "بهاء الله"، ودعا إلى نظام قائم بذاته من المعتقدات والقيم، ولم يكتفِ باسم حاجب المهدي، بل ادعى لنفسه المهدوية، مستغلاً فكرة اختفاء المهدي المنتظر "محمد بن الحسن العسكري" عند إخواننا الجعفرية، وقال أن ظهوره أتى بعد اختفاء "العسكري" بألف سنة، مُدعياً ضرورة ظهور مُجدد رأس كل ألف سنة، وأصبغ على نفسه صفة القداسة والعصمة والألوهية.

أثار ادعائه الاضطراب في أوساط المجتمع الإيراني، فأمرت السلطات بإعدامه رمياً بالرصاص إخماداً للفتنة التي أثارها، وتم التنفيذ في العام 1850 بمدينة "تبريز"، والمضحك أنه بعد علمه بصدور الحكم سارع لإعلان توبته والنطق بالشهادتين والتبرؤ من "البابية".

وفي العام 1909، نُقلت جثته سراً إلى مدينة "حيفا" الفلسطينية بمساعدة اليهود، وأُقام أتباعه في العام 1953 حول قبره معبداً ومقاماً وقبة صفراء.

ويتحدث المؤرخون أن والده من جذور يهودية، أخفى نسبه ودينه، وادعى أن اسمه "محمد الشيرازي"، ولا عجب فقد سبق لمُؤسس الدولة السعودية الأولى "محمد بن سعود" ومُؤسس الحركة الوهابية "محمد بن عبدالوهاب"، إخفاء نسبهم اليهودي والتسمّي بأسماء عربية، وكلهم خرجوا من مشكاة واحدة، وكانت الغاية من زرعهم في جسد الأمة العربية والإسلامية تشويه الإسلام والقضاء عليه، وتهيئة بلاد الإسلام للقوى الاستعمارية، وشرعنة الوجود الصهيوني في فلسطين المحتلة.

استغل الروس ظهوره فسارعوا لاحتوائه وتدجينه، وأوكلوا المُهمة لأحد ضباطهم في سفارتهم بطهران يُدعى "كيتاز دالغوركي"، كما استغل الإنجليز "محمد بن عبدالوهاب" وأوكلوا مهمة احتوائه وتدجينه لأحد ضباط وزارة المستعمرات البريطانية يُدعى "المستر همفر".

 

ثانياً: البهائية:

 

بعد مقتل "الباب" لم تنتهِ حركتها، بل عاودت الظهور في ثوب جديد هو "البهائية"، على يد أحد طلابه هو الميرزا "حسين علي بن عباس بزرك النوري المازندراني"، "12 نوفمبر 1817 - 29 مايو 1892 "، مُدعياً في العام 1852، أنه "الرسول" الذي بشّر به "الباب"، وفي العام 1863 أطلق على نفسه لقب "بهاء الله"، وعلى ديانته مُسمى "البهائية".

وهو من طبقة النبلاء الأثرياء في مدينة "طهران"، سُجن عدة سنوات، ثم أُطلق سراحه، ونُفي مع عائلته إلى بغداد، وفي بغداد ضغط علماء الدين على سلطات الاحتلال العثماني لإخراجه من بلادهم بعد أن كثُرت أباطيله، فانتقل إلى "القسطنطينية" "إسطنبول حالياً"، ثم مدينة "أدريانوبل" المجاورة "أدرنة حالياً"، وفي العام 1868، نُفي للمرة الرابعة والأخيرة إلى "عكا" في فلسطين، فاستقبله اليهود بحفاوة، وأغدقوا عليه الأموال، وأحاطوه بالرعاية والحماية، وسهّلوا له الحركة، وهناك تفرّغ لنشر دعوته، وكسب الأنصار والأتباع.

وأبطل شرعية "الباب" بعد أن ادعى مواصلة مسيرته من حيث انتهى، وزعم أن "الباب" لم يكن إلا نبياً مهمته التبشير بظهوره.

أُصيب في آخر حياته بمرض عُضال، فقرر ابنه "عباس"، حبسه حتى لا يراه الناس، وتحدث باسمه إلى أن هلك في العام 1892، ودُفن في ضريح، ما يزال الوجهة الرئيسية للحجاج البهائيين كأقدس مكان لهم، ومن يومها أضحت "عكا" مقراً دائماً لأتباعه، ومكاناً مُقدساً لهم.

كان له أخٌ غير شقيق يصغُره سناً هو "يحيى صبح الأزل"، وكلاهما من طلاب "الباب"، وساد الاعتقاد بين أتباع "البابية" أن زعيمهم أوصى بالخلافة من بعده لـ "يحيى"، واستغل "بهاء الله" ذلك، فقرر الدعوة لأخيه، وبعد وقتٍ قصير خلعه ودعا لنفسه، وانقسمت جماعتهم إلى "أزلية" و"بهائية"، وامتد الصراع والانقسام إلى أولاد "بهاء الله" وأحفاده، فتدخلت الصهيونية العالمية في العام 1963 وجمعتهم تحت مظلة مجلس قيادي موحّد أسمته "بيت العدل الأعظم".

تولى القيادة بعد هلاك "بهاء الله" ابنه "عباس أفندي"، وأطلق على نفسه لقب "عبدالبهاء" و"الغصن الأعظم"، "1844- 28 نوفمبر 1921"، وسُجن مُعظم حياته، وأطلق سراحه في العام 1908، وفي الفترة "1911 - 1913" قرر التجوال في أوربا وأميركا الشمالية لنشر ديانته.

لم يعتبره أتباعه نبياً كوالده و"الباب"، بل مَثَل أعلى للكيفية التي يجب على البهائيين التصرف بها، وادعوا أن والده كان يُوحى إليه وأن الله حلّ في جسده وتجلّى للخلق من خلاله، وأن كل أفعاله وأقواله لها قوة كلام وأفعال "الله" كما يزعمون والعياذ بالله.

تولى بعده حفيده "شوقي أفندي"، وأطلق على نفسه لقب "ولي أمر الله"، "1897 - 1957".

 

علاقتهم باليهودية وقوى الاستعمار:

 

علاقة البهائية بالصهيونية وقوى الاستعمار قديمة وحميمة ووطيدة، فقد وجدت تلك القوى في هكذا حركات ظلامية غايتها المنشودة لتمرير وتنفيذ أجندتها الاستعمارية، ومع مرور الوقت صارت تلك الحركات واحدة من أهم أدوات الغزو الفكري والاستعمار "الصهيو - غربي" لبلاد الإسلام، كما وجدت البهائية ومن على شاكلتها من الحركات الضلالية كالأحمدية والقاديانية والوهابية وغيرها من الجماعات الخارجة عن الإسلام في قوى الاستعمار الحاضن والحامي والداعم والراعي لنشر وبث سمومها والطعن في دين الله الخاتم.

 

١ - الروس:

 

ربطت مُؤسس "البهائية"، "بهاء الله" وأسرته علاقة وطيدة بالروس وسفارتهم في طهران، ومنحه الروس اهتمام خاص، وسارع سفيرهم في طهران للتوسط من أجل الإفراج عنه بعد القبض عليه بتهمة التدبير لعملية اغتيال فاشلة لشاه إيران عقب مقتل "الباب"، وتم نفيه إلى العراق، ومنحته الحكومة القيصرية الروسية راتباً شهرياً، وتكفلت بالإشراف على حمل ديانته ووضعها ورضاعها، ورعايته، وهي لا تزال في مهدها.

 

2 - الإنجليز:

 

انتقلت حضانة وكفالة ورعاية "البهائية" بعد سقوط الحكومة القيصرية وانقطاع المساعدات الروسية إلى بريطانيا، بالتوازي مع رعاية وكفالة وحضانة بريطانيا للوهابية واليهود، ورداً للجميل لم يبخل البهائيون بالعمل على تمهيد الطريق لدخول الجيش الإنجليزي الغازي إلى فلسطين، وتقديم الأسرار لهم خلال الحرب العالمية الأولى، ومساعدتهم لإيجاد وطن بديل لليهود فيها وإقامة دولة ليهود العالم على أرضها الطاهرة، وتحولهم إلى جواسيس لخدمة مشاريع بريطانيا العظمى في المشرق العربي.

ولم يختلف الأمر كثيراً مع الأميركان وخصوصاً بعد سقوط نظام الشاه في إيران على يد الإمام "الخميني"، وفي هذا يقول رحمة الله عليه في حديث له بتاريخ 27 مايو 1983، رداً على دفاع الرئيس الأميركي "ريغان" في خطابٍ رسمي عن "البهائيين":

"إننا إذا كنا نفتقر إلى دليل يُثبت عمالة البهائيين وتجسسهم لأميركا، فإن دَعمَ ريغان لهؤلاء هو دليلٌ كافٍ على صحة أقوالنا".

ولا يستبعد قيام من تبقَ منهم في اليمن بممارسة نفس الدور خدمة لتحالف عدوان تحالف العاصفة، ولبعضهم علاقة وطيدة بالإمارات، وكانت مقراً لهم بعد نفيهم من جنوب اليمن في العام 1971، وعودتهم المشبوهة إلى اليمن في العام 2013، وحديث السيد "عبدالملك الحوثي" عن خطورتهم في العام 2018، على خلفية ضجة دولية مُفتعلة تتهم النظام الوطني الحر في صنعاء باضطهادهم، والمخجل أن تلك الأصوات الدولية المتباكية عليهم لم تنبس ببنت شفه لما يرتكبه تحالف عدوان العاصفة من جرائم في اليمن، والأكثر إثارة للسخرية التزامهم الصمت لما حصل لبهائية جنوب اليمن في سبعينيات القرن العشرين من تشريد ونفي.

 

3 - اليهود:

 

ساد التناغم والانسجام بين اليهود والبهائيين منذ بدايات ظهور الدعوة البابية الممهدة، وتوطدت في "أدرنة" التركية و"حيفا" و"عكا" الفلسطينية.

في العام 1868 استقبل اليهود "بهاء الله" بحفاوة ومدوه بالدعم والحماية والرعاية، وخالفوا فرمانات الباب العالي العثماني القاضية بفرض الإقامة الجبرية عليه، وأسكنوه قصراً عكاوياً يُعرف باسم "البهجة".

ودأب "البهائيون" على التبشير باجتماع اليهود في فلسطين، وإقامة دولتهم فيها، ولعبوا دوراً هاماً بالتعاون مع الإنجليز لتأسيس ودعم دولة كيان الاحتلال الصهيوني الغاصب، ومنحت الصهيونية العالمية المدعو "عباس أفندي" لقب "سير" وعدداً من الأوسمة الرفيعة في سنين الحرب العالمية الأولى، وتجول في أوربا وأميركا، واستضافته الكنيسة الإنجيلية والمحافل الماسونية والبيَع اليهودية، وشكل محافل بهائية في جميع أنحاء أوربا بمساعدة اليهود والمستعمرين، وبنى علاقات مع جمعية "تركيا الفتاة" التي تدعو إلى القومية "الطورانية"، وعُزلت فيما بعد السلطان "عبدالحميد".

واستقبل "عباس أفندي" بنفسه الجنرال "اللنبي" بعد سقوط فلسطين بحرارة، وحصل منه على وسام فارس الإمبراطورية البريطانية، وحضر المؤتمرات الصهيونية، ومنها مؤتمر "بال" عام 1911، وأيد حق اليهود التاريخي والديني المزعوم في أرض فلسطين المحتلة، وتنبأ ليهود فلسطين بمستقبل مشرق، وعندما مات سار في جنازته الحاكم الإنجليزي الصهيوني لمدينة القدس.

تولى أمر البهائية بعده ابن بنته "شوقي أفندي" وأطلق على نفسه "ولي أمر الله"، وعاش الآخر تحت رعاية الصهيونية، ونشطت حركته بعد قيام دولة كيان الاحتلال الصهيوني، وكتب في 30 يونيو 1948 إلى "بن غوريون" - أول رئيس وزراء للكيان اليهودي، يُعبِّر له عن أطيب تمنياته من أجل رفاهية الدولة الجديدة.

وبعد وفاته تولى زعامة البهائية يهودي أميركي يُدعى "ميسن ريمي" الشهير بـ "ميسون"، وهو ثاني يهودي يقودها.

ويتم معاملة أتباع البهائية في فلسطين المحتلة معاملة اليهود منذ قيام الكيان الصهيوني اللقيط، ويرعى الصهاينة معابدهم ومحافلهم ومراكزهم، وتُصان وتُدعم كما تُرعى المعابد والكُنس اليهودية، ويساند الإعلام اليهودي البهائية، ويبرزها على أنها حركة رائدة في مجال الفكر الإسلامي، وكتب العديد من المستشرقين اليهود عنها وأذاعوا عقائدها.

ويحرم البهائيون الجهاد وحمل السلاح ضد اليهود، ويدعون للسلام معهم، وتقبل الأمر الواقع على أرض فلسطين المحتلة، ويؤيدون تجمع يهود العالم في فلسطين، وادعوا أن ذلك مما جاء في العهد القديم، كما ادعوا أن الفترة التي قضاها "بهاء الله" في السجن والمنفى بلغت 40 عاماً، وهي نفس الفترة التي قضاها بنو إسرائيل في التيه بصحراء سيناء.

 

هويتهم العددية والجغرافية:

 

قدّرت دراسة نشرها مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية في يوليو 2021، عدد أتباعها في اليمن بنحو 2000 شخص، وعلى مستوى العالم "5 - 7" ملايين، موزعين على نحو 235 دولة، تستأثر الهند بأكبر مجتمع بهائي بواقع "1.7 - 2.3" مليون.

وتحدث الكتاب السنوي التابع لموسوعة "بريتانكا" لعام 1992 عن تواجدهم في 247 دولة ومقاطعة في العالم، مُعتبراً إياهم ثاني ديانة عالمية من ناحية الانتشار الجغرافي، ويُمثل أتباعها 2100 عرق وأقلية قبلية.

ويقدّر الكتاب السنوي لعام 2005 التابع لنفس الموسوعة اتباعها بــ 6 ملايين نسمة، بينما ذهبت بعض التقديرات أنهم بين "4 - 8" ملايين نسمة، والمؤكد أن عددهم في الوطن العربي قليل، لكن "الزوبعة" الدولية حولهم كبيرة لأهداف لم تعد خافية على أحد.

لهم تمثيل غير حكومي في منظمة الأمم المتحدة منذ بداية نشأتها، وفي الأوساط العلمية والدينية والاقتصادية في العالم.

في اليمن يدّعي أتباعها أن أول اتصال لهم كان في العام 1844 بمرور "الباب" " بميناء "المخا" أثناء ذهابه إلى مكة للحج وعودته منها، تواصلت بعدها زيارة اتباع "الباب" و"البهاء" للسواحل اليمنية ضمن رحلاتهم التجارية.

وشهدت العقود الأخيرة من القرن التاسع عشر الميلادي مرور بعضهم باليمن في طريقهم إلى شمال البحر الأحمر وفلسطين بعد قرار الاحتلال العثماني نفي "بهاء الله" إلى "عكا" الفلسطينية، واحتكاكهم بسكان المناطق الساحلية في المخا وباب اليمن، وبعد الحرب العالمية الثانية، استقرت موجة منهم في جنوب اليمن، وتحديداً حول ميناء عدن.

بعد نشوء جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية عام 1967، وما تلاها من تأميم للممتلكات في ظل الحزب الاشتراكي، غادر العديد منهم مدينة عدن إلى دول أخرى، أو أُعيد توطينهم في الجمهورية العربية اليمنية، وفي شمال اليمن توطنوا الحديدة وصنعاء ونالوا رعاية نظام "عفاش".

وعموماً يتواجد أتباعهم في عدن والمكلا وصنعاء وتعز والحديدة وإب وسقطرى ولحج، وهم خليط من أبناء القبائل، والقوميات غير اليمنية التي قطنت اليمن لفترات طويلة وتزاوجت مع اليمنيين.

ومن رموزهم في اليمن: كمال بن حيدرة، حامد بن كمال بن حيدرة، محمد مهدي مولوي في عدن، عبدالله أنور في صنعاء، وليد عياش في بني مطر، وتم إنشاء أول محفل محلي لهم في صنعاء عام 1961 وعدن عام 1962، والمحفل الوطني الأول والوحيد في اليمن بصنعاء عام 1984 بحسب ناطقهم الرسمي "عبدالله العلفي".

واعترف نظام "عفاش" جُزئياً بهم، وسمح لهم الحصول على وثائق رسمية، وكتابة اسم ديانتهم فيها.

ولديهم مقابرهم الخاصة مثل اليهود تماماً.

 

المراجع:

 

1 - محمد علي الخطيب البهائية والاستعمار والصهيونية: علاقة حميمة منذ الولادة، مجلة الوعي الإسلامي، العدد 491، السنة 43، أغسطس 2006.

2 - ميساء شجاع الدين، كيسي كومبس، عبدالله العلفي، البهائيون في اليمن، مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، 6 يوليو 2021.

3 - بوابات كنانة أونلاين، علاقة البهائية باليهودية، 22 مايو 2006.

4 - مؤسسة تحقيقات حضرت ولي العصر، البهائية، منظمة، صهيونية.

5 - الموسوعة الحرة "ويكيبيديا".

6 - موسوعة المعرفة.

7 - وكالة الأنباء اليمنية سبأ بصنعاء.


الثلاثاء، 23 مايو 2023

الذكرى 12 لنكبة وكالة الانباء اليمنية بصنعاء


بقلم زيد المحبشي

23 مايو 2011 يوم أسود لن ينمحي من الذاكرة في ذلك اليوم الأسود كنت نائما بالمنزل على غير العادة، وفي الساعة 11 ظهراً اتصل بي نائب مدير مركز البحوث والمعلومات بوكالة الأنباء اليمنية سبأ طالباً الحضور لمراجعة مقال عن رياح التغيير بمصر قبل النشر. لم تمضي سوى نصف ساعة على وصولي إلى المكتب بالطابق الرابع لأتفاجئ بانفجار الوضع بالحصبة واختراق إحدى الرصاصات النافذة المقابلة. صرخ أحد الزملاء انبطحوا. تسللنا من المركز زحفاً في قرابة الواحدة ظهراً الى الطابق الأرضي، وبقينا تحت القصف حتى الثامنة والنصف بعد العشاء. لم نكن نتوقع النجاة، وبفضل الله وتدخل بعض المشائخ والوجاهات الاجتماعية والسفراء الأجانب بصنعاء تم السماح لنا بمغادرة مبنى الوكالة 73 صحفياً وصحفية ظلوا تحت القصف قرابة 8 ساعات ونصف بكل أنواع الأسلحة، لم يكن معهم سوى أقلامهم وأربعة جنود فقط من حراسة البوابة دون أي جريرة اقترفوها سوى شهية القتل والترويع لدى المعتدين. انتهت حفلة الزار بمغادرة أخر زميل في التاسعة مساءاً، فكان هذا اليوم الأسود؛ اليوم الأخير في حياة الوكالة وأسرتها والتي كانت لحظتها تعيش عصرها الذهبي، بعد أن ذاع صيتها في الافاق؛ وصارت لها علاقات تعاون مع كبريات الوكالات الاخبارية في العالم؛ وكانت مقصد الباحثين من كل المستويات وليس هذا فحسب بل وكانت تصنف في الترتيب الثاني عربياً. ترى ما الذي تبقى منها بعد مرور 12 عاما من السنوات العجاف؛ تعاقب على حكم سبأ خمسة رؤساء تحرير؛ 4 بصنعاء وواحد بعدن؛ كلهم فشلوا في إعادة الحياة إليها، بل صارت الوكالة وكالتين؛ وكلا منهما يُغني على ليلاه؛ وأصبحت أسرتها إما مشردين أو حبيسي البيوت؛ باستثناء قلة قليلة لا يتجاوز عددهم بوكالة صنعاء كنموذج المئتين بعد أن كان طاقمها يفوق الألف وخمسمائة موظف. 12عاماً مرت لم تعد وكالة سبأ تحمل من رائحة هدهد سليمان الفواحة سوى الاسم والاسم فقط.

الاثنين، 22 مايو 2023

التآمر الاستعماري القديم المتجدّد ضد الوحدة اليمنية


 

مركز البحوث والمعلومات: زيد المحبشي


 


“الوحدة اليمنية دائماً وأبداً قضية اليمن الأولى ومُعضلته الكبرى، وعبر التاريخ كانت تُشكّل عاطفة وجدانية محفورة في ضمير كل اليمنيين، وكانت القوى السياسية والوطنية تستمدّ شرعيتها من تبنيها لمشروع الوحدة، ونضالها من أجل تحقيقها”.


هكذا يرى الرئيس الخالد الذكر الشهيد “صالح الصماد” الوحدة اليمنية، حُلمنا الباقي والمتجدد، المحفور في وجدان كل اليمنيين بمختلف مكوناتهم وأطيافهم، وأحد أهم الأهداف السامية والثوابت المقدسة غير القابلة للمساومة والمتاجرة عبر مراحل التاريخ المختلفة من كل القوى اليمنية الحية والحرة.


الشهيد “الصماد” أشار إلى جُزئية في غاية الأهمية، هي استمداد القوى السياسية والوطنية الحرة شرعيتها من “تبنيها لمشروع الوحدة، ونضالها من أجل تحقيقها”، ومن يُعاكس هذه الحقيقة، ويضع بيضه في سلال المستعمرين، ويعمل على تقويض أحلام أبناء بلاده في التوحد فمآله الزوال والتلاشي والضعف والهوان.


صحيح أن الحكم في بعض الفترات التاريخية كان مُقسماً بين أكثر من دويلة يمنية، لكنها لم تنجح في إرساء أي شكل من أشكال الانفصال، لأن الوحدة الجغرافية والتاريخية والاجتماعية والثقافية كانت أقوى وأكثر صلابة من النزعات الانفصالية الشاذّة والغريبة على اليمن وشعبه الواحد الموحد منذ فجر التاريخ في مساره ومصيره، وهذه واحدة من الحقائق المهمة التي عملت القوى الاستعمارية المختلفة على تذويبها، لكن كل محاولاتها باءت بالفشل، ما جعلها تتجه إلى وضع المعرقلات واختلاق المعضلات أمام الدول اليمنية الموحدة بهدف إغراقها في مستنقع الصراعات والحروب البينية، وكبح جماح جهودها الوحدوية، وإبقاء اليمن ضعيفاً، ومُجزئاً، ومُفتّتاً، ومُقسّماً.


وصحيحٌ أيضاً أن قضية الوحدة قد وُضِعت على بساط البحث في مراكز نضال الشعب اليمني، في كل مراحل تاريخه المليئة بالصراعات من أجل الوحدة، لكن هذا لا يعنِ عدم وجود قوى ذات نزعات انفصالية ضيقة الأفق، اتسعت في كل مراحل التاريخ اليمني، لتسير عكس تيار الوحدة تبعاً للعلاقة “البندولية”، تمدداً وانكماشاً، بين الثقافة المحلية والثقافة الوطنية، والهويات المحلية والهوية الوطنية، والصراعات المحلية ومكانة الدولة المركزية من حيث الضعف والقوة، والاستعمار والوحدة اليمنية.


ولم تكن قوى الاستعمار المختلفة بعيدة عن تغذية وغرس نزعات التشظّي والتشطير، وتقوية التوجهات والأفكار والأطروحات “الشوفينية” المغايرة لاتجاه حركة التاريخ الوحدوي اليمني، وتجذيرها، بهدف تمرير أجندتها الاستعمارية، وعلى رأسها إحكام السيطرة على باب المندب الذي يُمثل المفتاح السحري للتحكّم في التجارة البحرية بين الشرق والغرب، والتحكّم في منطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر وجزيرة العرب، وهذه واحدةٌ من اللعنات التي جعلت اليمن منصعاً للقوى الاستعمارية منذ العام 70 قبل ميلاد المسيح عليه السلام، بدءاً بالرومان والفرس، ومروراً بالفرس والأحباش، ووصولاً إلى البريطانيين والعثمانيين، وانتهاءً بصبيان العاصفة العبرية.


ناهيك عن لعنة الثروات البكر التي تختزنها بلاد السعيدة، وهي الغاية الثانية للقوى الاستعمارية.


في هذه القراءة السريعة سنكتفي بالتوقف على أهم مُدخلات الاستعمار “البريطاني – العثماني” ومُخرجات الاحتلال “السعودي – الإماراتي”.


ومن المفارقات العجيبة هنا أن الاستعمار “السعودي – الإماراتي”، من صنيعة الاستعمار “البريطاني”، ومخرجاته مجرد استنساخ شائه لمدخلات الأب البريطاني غير الشرعي لهم وللصهاينة، والمفارقة الثانية عمل صبيان العاصفة لذات الأهداف وهي خدمة الصهيونية العالمية الطامحة إلى خلق بحر أحمر عبريّ الهوى والهوية وبسط السيطرة على مدخله الجنوبي لاعتقاد كيانيّ الاحتلال “الصهيو – سعودي” أن بقائهم الوجودي مرهونٌ ببقاء اليمن ضعيفاً مُجزئاً.


مداليل ذلك نجدها في وصية مؤسس الدولة السعودية الثالثة “عبدالعزيز بن سعود”، لأولاده وهو يحتضر، بعد أن أشار إلى موقع اليمن على الخريطة: “انتبهوا.. انتبهوا فمن هنا سيأتي هلاككم وزوال مُلككم، فلا تطمئنوا لهم وحاربوهم باستمرار وبكل الوسائل وفى كل الأوقات سلماً أو حرباً”، وكذا دعوة الصهيوني “بن غوريون” في مذكراته إلى ضرورة السيطرة على باب المندب، من أجل ضمان بقاء كيانه اللقيط في قلب الأمة العربية “فلسطين المحتلة”.


وكليهما استخدما نفس السياسة والأدوات لإجهاض حُلم الوحدة اليمنية، بما في ذلك إعمال سياسة “فرّق تسُد”، وتقوية النزعات والكيانات والهيئات الانفصالية، وتغذية العصبيات المناطقية، وإحياء العنصريات والتعصبات الجاهلية، وضرب النسيج الاجتماعي.


التآمر الاستعماري “البريطاني – العثماني”:


احتل الانجليز مدينة عدن في العام 1839 م بتواطؤ من العثمانيين، لإيقاف زحف “محمد علي باشا”، وبالتالي عودة العثمانيين إلى اليمن ثانية في العام 1849م، وفتح الباب على مصراعيه لسيناريوهات غرس مفاهيم التقسيم الجغرافي والسياسي لأول مرة في تاريخ اليمن الواحد، وإن اختلفت الأهداف.


تزامن الدخول العثماني الأول إلى اليمن في العام 1535م، مع تفرّق أيادي سبأ، ومع ذلك فقد حرص العثمانيون على إبقاء اليمن تحت رايتهم موحداً باستثناء بعض المناطق، ليتم إخراجهم في العام 1636م تحت ضغط المقاومة الوطنية المستمدة قوتها من وحدتها الوطنية، بينما كان الدخول الثاني للعثمانيين في العام 1849م متزامناً مع التمدد الإنجليزي، في وقت كانت فيه اليمن قد وصلت ذروة الانقسام والتشرذم، لذا كان من الطبيعي أن تُسجل المقاومة الوطنية فشلاً ذريعاً، لأنها كانت في غياب الوحدة.


إخراج العثمانيين في المرة الأولى أعقبه قيام دولة يمنية موحدة هي الدولة القاسمية، لكنها لم تدم طويلاً بفعل الانقسام المزري بين حكامها في فترة ضعفها، والذي أغرى في نهاية المطاف الإنجليز والأتراك لاحتلال اليمن، وتوجههما منذ القرن الثامن عشر الميلادي إلى إنشاء كيانين جغرافيين وسياسيين عُرفا لاحقاً باليمن الشمالي والجنوبي، وتعميد هذا الانشطار بخط حدود النفوذ “البريطاني – العثماني” “1902 – 1904″، وتسجيله رسمياً في العام 1914 بتوقيعهما معاهدة ترسيم الحدود، وهي أول إقرار رسمي مُوثق لتقسيم اليمن سياسياً وجغرافياً، والإشارة الأولى لوجود شطرين منفصلين، رسمت الحدود بينهما دولتان دخيلتان على الشعب اليمني، وبهذا بدأت مرحلة جديدة في تاريخ اليمن الحديث عنوانها “التقسيم المصطنع من أجل تثبيت الاستعمار المستغل”.


ورغم ذلك بقي اليمن موحداً في علاقاته الاجتماعية والثقافية والنضالية ضد الاستعمار “الإنجليزي – العثماني”، الأمر الذي مكّنه من إجلاء العثمانيين في نهاية العام 1918، لكن عن جزء من اليمن، وبقي الجزء الآخر تحت الاستعمار الإنجليزي، وتسلّم “آل حميد الدين”، حكم المناطق الشمالية والغربية، بعد أن كانوا قد استطاعوا بفضل رفعهم شعار إعادة الوحدة اليمنية، طرد العثمانيين كمقدمة لتحرير الجنوب المحتل.


السياسة الإنجليزية المتدحرجة في المناطق اليمنية المحتلة في طابعها العام اتسمت بالحرص الشديد على تعميق تمزيق الوحدة اليمنية، وتعميق اليأس في أوساط أبناء الشعب اليمني من عودة التحام جسدهم الواحد، سيما بعد خروج العثمانيين من حلبة الصراع، وتقاسم اليمن بين ثلاث سلطات لثلاثة أجزاء هي: الانجليز والأدارسة والأئمة.


في حين كانت عناوين السياسة الاستعمارية واحدة في معانيها ومبانيها منذ العام 1839 بدءاً بفرّق تسُد، ومروراً بمعاهدات واتفاقيات الحماية، وانتهاءً بالتقدم نحو الأمام وإعمال نظام الانتداب والاستشارة، كمُعطى فرضته مُقتضيات التجزئة ومُتطلبات كبح جماح نمو الوعي الوطني، الواصلة ذروتها في العام 1959 بإنشاء اتحاد الجنوب العربي، باعتباره أخر رهانات الاستعمار لتمديد سيطرته السياسية والعسكرية على المنطقة أكبر مدة ممكنة، وقريبٌ من ذلك ما تعمل عليه قوى الاحتلال “السعودي – الإماراتي” اليوم في تقوية القوى اليمنية ذات النزعات الانفصالية.


هذا التوجه الجهنمي نتاج طبيعي للعمل الاستعماري الدؤوب والممنهج، المستمر منذ العام 1934 لسلخ هوية الأجزاء الجنوبية والشرقية من اليمن عن هويتها التاريخية والجغرافية عبر تغليب الثقافات والهويات المحلية وتغذية النزعات الانفصالية، لضمان طمس الثقافة والهوية الوطنية اليمنية، وتعميق التناقضات الداخلية، وإسكات الصوت الوحدوي اليمني.


ولهذا الغرض القذر تم إيفاد “وليم هارولد إنجرامز” “1897 – 1973” الضابط السياسي الإنجليزي الشهير بذكائه ودهائه، ومهندس معاهدة الصداقة “الإنجليزية – المتوكلية”، وأحد أخطر مُنظري التجزئة، والمسئول الأول عن المفاوضات حول الحدود مع الأئمة وتنفيذ سياسة التقدم نحو الأمام.


حرص منذ وصوله إلى عدن عام 1934 على تأليف عدة كتب عن اليمن، الغرض الأساسي منها سلخ حضرموت وشبوة عن اليمن، وحصر مصطلح اليمن على الأجزاء الواقعة تحت نفوذ الأئمة فقط، فيما أعاد الأجزاء الجنوبية والشرقية الأخرى إلى ما أسماه بالجنوب العربي، مُدعياً بأنه استخدم هذا المصطلح كما استخدمه الجغرافيون والمؤرخون العرب لتمييز تلك المناطق عن اليمن، في وقت كان الانجليز يطمحون إلى خلق دولة بالجنوب اليمني على النمط الغربي وتحويل عدن إلى قاعدة لإطلاق ما أسموه “العالم الحر”.


يأتي هذا بعد فشل السياسات الاستعمارية المُتبعة قبل العام 1934، وإدراكهم خطورة تنامي الوعي الوطني اليمني على مخططاتهم البعيدة المدى، وبالتالي تطلب المرحلة ضرورة دق إسفين التجزئة وإشاعة التمايز التاريخي والاجتماعي والجغرافي والثقافي بين أبناء الشعب الواحد في خطوة مكشوفة لإحباط أحلام إعادة التحام الجسد اليمني.


ويكفينا للدلالة على هذا التوجه الخطير الوقوف عند مقولة “انجرامز” في كتابه “اليمن: الأئمة والحكام والثورات” صفحة 45 – 47:


“لقد وصفت اليمن ككيان طبيعي ضمن العالم العربي على الرغم من عدم اندماجها في كيان سياسي متحد.. إنها إقليم عربي مُعترف به تاريخياً وجغرافياً، وأولئك الذين يعيشون فيه أصبحوا يحملون في أعماقهم شعوراً مناطقياً مشتركاً.. إنه لم يكن لهذا الكيان على الإطلاق صفة الأمة الموحدة، بالمعنى الذي يفهمه الأوربيون من كلمة الأمة، فلم يحدث أبداً أن اعتبر اليمنيون أنفسهم بهذا المعنى حتى الوقت الحاضر.. إن العرب واليمنيون جزء أصيل منهم ميالون بطبعهم إلى الاختلاف والفُرقة والتنافس على السلطة، لذا فهم فرديون وأصحاب طفرات وفورات مفاجئة، ومفهومهم للوحدة ليس إلا فكرة غامضة وصوفية يمكن أن تتغلب عليها المغريات المادية..”


مع إطلالة العام 1952 بدأ الانجليز بترجمة سياستهم الجديدة عبر الترويج لإقامة كيانين اتحاديين فيدراليين حسب التقسيم الإداري القائم في الإمارات ومستعمرة عدن، وتوحيدها في دولة جديدة تُسمى “دولة الجنوب العربي الاتحادية”، على أن تبقى مستعمرة عدن خارج الاتحاد.


وفي العام 1954 قدموا وجهة نظرهم بشأن الاتحاد الفيدرالي وإدارته المكونة من:


1 – المندوب السامي، تكون له رئاسة الاتحاد والصلاحيات المطلقة في إدارة ملف العلاقات الخارجية والقرار الأول في حالة الطوارئ.


2 – مجلس رؤساء يضم رؤساء البلاد الداخلية في الاتحاد.


3 – مجلس تنفيذي وآخر تشريعي.


وفي 19 فبراير 1959 أُعلن رسمياً عن قيام اتحاد إمارات الجنوب العربي بالتوازي مع إعلان الإمام “أحمد حميد الدين” الانضمام للجمهورية العربية المتحدة، وهو ما جعل الجامعة العربية تنتقد اتحاد الجنوب بشدة مُحذرة من خطورته في ترسيخ التجزئة.


مصطلح دولة الجنوب العربي يظل في حقيقته مصطلح جهوي مزيف ومجافي للحقائق التاريخية والسياسية والاجتماعية والثقافية، لذا لم يشذّ عن مخططات تدجين الهوية الوطنية وإعلاء الهوية المحلية المصطنعة، وتعميق الهوة بين أبناء هذه المناطق وبين هويتهم الوطنية الأم، وتعميق النزعة الانفصالية، والتي وجدت في الجمعية العدنية ورابطة أبناء الجنوب العربي ضالتها المنشودة على أمل الحلول مكان الاستعمار بعد رحيله لتنفيذ مخططاته.


والحقيقة أن الاستعمار وجد حينها أن قوة وجوده واستمراره ومقومات أمانه متوقفة على التجزئة، لأنها ستبقى إذا اُضّطر للرحيل، تماماً كما يعمل اليوم الاستعمار “السعودي – الإماراتي”، ما نجد دلالته في قراءة “انجرامز” لمستقبل اليمن بعد زوال الوجود المصري والبريطاني:


“سيبقى – اليمن – على عادته القديمة في الانقسام، لأن طبيعة الأثرة والفردية عند العرب كفيلة بذلك، ولأن لهفتهم للفوز بالمغانم المادية.. ستقودهم حتماً بعيداً عن التسامي الروحي.. ومعنى ذلك أن التحديث سيأخذ مدى أبعد، لكن دون أن يكون هناك اتجاه أكثر من وحدة متماسكة إلا إذا كان نكاية في حكم مكروه من الشعب أو استجابة لبريق فكرة جديدة، وإذا ولدت هذه الوحدة فلا شك أنها ستدفع اليمنيين إلى الأمام ولكن لا بُد أنه سيمر وقت طويل قبل أن يمكن لأي أفكار جديدة أو وعي اجتماعي عميق أن يتغلب على تلك الأفكار القديمة”.


التآمر الاستعماري السعودي:


لأكثر من 100 عام والنظام السعودي يعمل بلا كلل ولا ملل على إجهاض جهود الوحدة اليمنية، وإبقاء اليمن مُقسماً وضعيفاً، وتحويله إلى مجرد حديقة خلفية، خوفاً على مملكتهم من التلاشي والزوال.


وتنتاب النظام السعودي مخاوف مُزمنة من قدرة الشعب اليمن وقوته في حال توحده وتمكنه من استعادة أراضيه السليبة في المخلاف السليماني، لذا كانت الوحدة على الدوام تُشكّل خطراً داهماً على هيمنة، ناهيك عن طمعه في ثروات اليمن وأرضه، وإيجاد منفذاً له على البحر العربي، بالإضافة إلى التخوف من التقارب الأيديولوجي بين القوميين في صنعاء واليساريين في عدن خلال فترة حكم الرئيس الشهيد “إبراهيم الحمدي”، وما يترتب على ذلك التقارب في حال انجاز حلم الوحدة من تهاوي الأنظمة الرجعية في الخليج، واستبدالها بأنظمة اشتراكية تقدمية.


بعد فشل الصراع “السعودي – المصري” في اليمن عقب ثورة 26 سبتمبر1962، وانتهاء ذلك الصراع بتصالح الجمهوريين والملكيين، تحول التدخل والعداء السعودي في اليمن من الطابع العسكري، إلى الطابع الاستخباراتي التآمري، فعملوا على تغذية وتمويل وتأجيج الصراعات والحروب بين شطريه، وتأزيم العلاقات “اليمنية – اليمنية”.


وتصدروا قائمة المعارضين الإقليميين للوحدة اليمنية منذ المصالحة الوطنية في شمال اليمن، والمصالحة القومية في الخرطوم، وعملوا على وأد أي تقارب بين الطرفين يُؤدي إلى التسريع بتحقيق الوحدة، وتعميق الخصومة والقطيعة بين أبناء الوطن الواحد، واحتضنوا قوى المعارضة اليمنية من شماليين وجنوبيين.


وبدأ اعتراض النظام السعودي بصورة واضحة وصريحة على إعادة تحقيق الوحدة اليمنية منذ اتفاقية القاهرة الوحدوية في 28 أكتوبر 1972، واستمر حتى حرب صيف 1994، ومارس كل الأساليب القذرة لإحباط واجهاض جهود التوحد، من ذلك:


1 – اغتيال وتصفية الرؤساء اليمنيين، منهم:


أ – الرئيس “إبراهيم الحمدي” في 11 أكتوبر 1977 بعد اتفاقه مع الرئيس “سالم ربيع علي” ” سالمين” على إعلان الوحدة اليمنية في 14 أكتوبر 1977 من مدينة عدن، ليكون هذا الحدث التاريخي متزامناً مع ذكرى ثورة 14 أكتوبر، لذا قرروا التخلص منه قبل يوم واحد فقط من زيارته المقررة لعدن.


استبقوا ذلك بعدة محاولات للانقلاب عليه في 13 يوليو 1975 و16 أغسطس 1975 و20 فبراير 1976 ويوليو، وعندما عجزوا قتلوه بدم بارد.


ب – الغشمي، رغم مشاركته في تصفية الحمدي، لكن ذلك لم يشفع له لدى السعوديين فقرروا التخلص منه في العام 1978.


ج – سالم ربيع، تم إعدامه في العام 1978.


2 – ممارسة كل أنواع الضغوطات لإقالة رؤساء الوزراء كما جرى مع “محسن العيني” بعد أن عجزوا عن ترويضه، وأحياناً فرض رؤساء وزراء موالين كما جرى مع “حسن العمري”.


3 – تجنيد العديد من القادة والمشيخات القبلية عملاء ومخبرين، أمثال: “عبدالله الأصنج” و”عبدالله بن حسين الأحمر”، وكانا أكثر عدائية للوحدة، من ذلك استخدام “الأحمر” في المفاوضات الوحدوية خلال الفترة “1979 – 1990” للتأثير على قرارات شمال اليمن حينها بشأن الوحدة في كل جلسات المفاوضات، وعدم تنفيذ اتفاقيات الوحدة التي وقعها مع اليمن الجنوبي.


كما استخدموا عملائهم لإشعال حرب الجبهة في المناطق الوسطى، وحرب الحدود بين الشطرين عدة مرات.


4 – الإغراءات المالية:


إرسال السعودية في العام 1989 وزير ماليتها “محمد أبا الخيل” إلى عدن، ليعرض على قيادتها مساعدات مالية بقيمة 17 مليار دولار مقابل التخلِّي عن اتفاقية الوحدة.


5 – الضغط الاقتصادي:


في العام 1990 استغل النظام السعودي حرب الخليج الثانية، فقام بطرد 2 مليون يمني من الأراضي السعودية، بهدف الإنهاك الاقتصادي لدولة الوحدة الوليدة.


6 – إفراغ الوحدة اليمنية من محتواها وجعلها بدون قيمة تُذكر، بعد موافقة نظام “علي عبدالله صالح” على ترسيم الحدود عام 2000 “اتفاقية جدة”، تاركاً لهم عسير وجيزان ونجران اليمنية.


7 – اقتطاع الأراضي اليمنية:


بعد العدوان “السعودي – الإماراتي”، وتقاسم قواه النفوذ والثروة في المناطق اليمنية المحتلة، دفعت السعودية بقواتها إلى محافظتي المهرة وحضرموت، واقتطعت مساحات واسعة من الأراضي اليمنية تُقدر بـ 45 ألف كيلو متر مربع من صحراء حضرموت، وأزالت مراسم الحدود، بهدف الاقتراب من البحر العربي، وفصل حضرموت والمهرة عن اليمن، مقابل تمدد الإمارات في “سقطرى” و”شبوة”.


ولم تكتفِ الرياض بذلك، بل وعملت على تعميق الهوة بين الشمال والجنوب، وليس آخرها تجاهل بيان القمة العربية المنعقدة في مدينة جدة السعودية في 19 مايو 2023 ذكر الوحدة اليمنية لأول مرة في تاريخ القمم العربية، في مؤامرة واضحة وفاضحة لعمل تحالف العاصفة على تشطير اليمن وإعادته إلى ما كان عليه قبل العام 1990.


ويذكر الكاتب اليمني “عبدالسلام قائد” في مقالٍ له بعنوان “العداء الأجنبي للوحدة اليمنية الجذور والدوافع”، نُشر بتاريخ 17 مايو 2022، عدة شواهد حية على العمل السعودي السافر لتقسيم اليمن، من ذلك:


1- تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صورة لاتفاقية تمديد فترة الإيداع للوديعة السعودية لليمن التي سبق تقديمها في العام 2018 لدى البنك المركزي اليمني بعدن، وفيها تظهر لافتة كُتب عليها اسم شمال اليمن قبل الوحدة “الجمهورية العربية اليمنية”، ويظهر في الصورة طرفا التوقيع.


2 – تداول ناشطون صور وثائق سعودية لمُقيمين يمنيين في المملكة كُتبت فيها هوياتهم بمسميات انفصالية أو هوياتية صغيرة، مثل: يمني شمالي، يمني جنوبي، حضرمي، وغير ذلك من المسميات.


وتهدف السعودية من هكذا تصرفات إلى جسّ نبض اليمنيين بشأن الوحدة والانفصال واستفزازهم، ليكون أمر فصل الجنوب عن الشمال سهلاً عليهم في حال صدرت التوجيهات الصهيونية للرياض وأبو ظبي بإصدار القرار.


وختموا ذلك بتصفية قائمة طويلة من الشخصيات الوطنية ذات النفس الوحدوي، على رأسهم الرئيس الشهيد “صالح الصماد”.


التآمر الاستعماري الإماراتي:


في منتصف ثمانينيات القرن العشرين دخلت الإمارات على الخط معززة بطموحات “التعملق” الإقليمي من البوابة اليمنية، ثم أتت ما تُسمى بعاصفة الحزم ليجمع صبيان بريطانيا معاول الهدم في اليمن، ويمزقوا جسده الضعيف بسهام حقدهم الدفين.


الإمارات وجدت في اليمن “بساط علي بابا” للسيطرة على موانئ القرن الأفريقي واليمن، والتموضع في جزر وسواحل تلك المنطقة المنكوبة من العالم بالحروب والصراعات والفقر وغياب الدولة المركزية القوية، والتحكم في قرارها، خدمة لأسيادهم في تل أبيب.


فأعادت ممارسة كل القذارات البريطانية في اليمن، بعد سيطرتها المباشرة وغير المباشرة على المواقع الحيوية والاستراتيجية، أغلبها ساحلية، كجزيرة سقطرى وميناء عدن، وجزيرة ميون، والتمدد في معظم الخطوط الجوية والقواعد والموانئ البحرية على طول السواحل الجنوبية والغربية.


وتعمل الإمارات بكل قوتها لمنع وجود يمن قوي، لأن ذلك يُشكل خطراً على مصالحها، ومصالح أولياء نعمتها في تل أبيب والبيت الأسود، كما تطمح في توسيع نفوذها الإقليمي عبر الممرات المائية، وبسط نفوذها على السواحل والموانئ والقنوات المائية الدولية.


وترى في انفصال جنوب اليمن بوابة السعد للتحكم والسيطرة والنفوذ، لذا كانت مواقفها منذ وقت مبكر ضد الوحدة اليمنية، ويتحدث الشيخ “عبدالله بن حسين الأحمر” في مذكراته، عن زيارة قام بها للإمارات أثناء حرب 94 ولقائه الشيخ “زايد” وموقف الأخير الرافض للوحدة.


ومن أهم فرشات العمل الميدانية لتجذير وتعميق الانقسام اليمني:


1 – تشكيل المجلس الانتقالي الجنوبي المعروف بنزعته الانفصالية، في 5 مايو 2017، ورعايته مالياً وعسكرياً وسياسياً.


2 – تشكيل ميليشيات يمنية ذات نفس ونزعة وعقيدة انفصالية تضم نحو 200 ألف مرتزق، منها:


أ – قوات الحزام الأمني بعدن – تضم نحو 30 ألف جندي.


ب – النخبة الحضرمية.


ج – النخبة الشبوانية.


د – النخبة المهرية.


هـ – النخبة السقطرية.


و – ميليشيات المقاومة الجنوبية.


ز – ميليشيات المقاومة التهامية.


3 – دعم واحتضان القوى التكفيرية السلفية أمثال كتائب “أبو العباس” في تعز، والسعي لإنشاء حزام أمني هناك، وجماعات “هاني بن بريك” في عدن.


4 – إنشاء قوات تابعة في الساحل الغربي، ومحاولة فصل المخا عن محافظة تعز.


5 – قيام مواليها في عدن ولحج بعمليات تهجير وترحيل واسعة للسكان من المحافظات الشمالية، في محاولة قذرة لتعميق الفجوة المجتمعية، وطالت تلك الإجراءات الإجرامية المسافرين في الضالع ومأرب وعدن.


6 – إطلاق دعاية إعلامية واسعة للترويج لانفصال الجنوب، وإنشاء قناتين فضائيتين تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي.


7 – أطلق العديد من مسؤوليها ومغرديها سلسلة من المواقف المؤيدة للانفصال.


المراجع:


1 – زيد المحبشي، الوحدة اليمنية.. القلب ينبض جنوباً، قراءات، 20 مايو 2010.


2 – د. رفعت سيد أحمد، حقائق تاريخية هامة عن العداء السعودي لليمن، تنوع نيوز، الحلقة الأولى، 12 نوفمبر 2021.


3 – محمد شرف، الوحدة اليمنية.. حلم اليمنيين الذي تصر الرياض وأبوظبي على اغتياله، صحيفة الثورة، 22 مايو 2022.


4 – مذكرات الشيخ عبد الله الأحمر، الآفاق للطباعة والنشر – صنعاء، الطبعة الثانية – 2008.


5 – جريدة الشرق، الإمارات تطلق قناتين تليفزيونيتين لدعم انفصال جنوب اليمن، 21 أبريل 2019.


6 – موقع صحيفة 26 سبتمبر، السعودية والامارات.. مؤامرات مستمرة ضد الوحدة اليمنية، 22 مايو 2022.


7 – موقع المجلس الزيدي الإسلامي، نص كلمة رئيس المجلس السياسي لأنصار الله “صالح الصماد”، بمناسبة الذكرى الـ 26 لعيد الوحدة، 22 مايو 2016.

الثلاثاء، 16 مايو 2023

الأستاذ القدير "محمد بن علي بن عبدالله العمراني"


فقيه، تربوي، مُربي فاضل، مُرشد، مُنشد، مناضل سبتمبري.


مولده بحارة "الوشلي" من أعمال مدينة صنعاء القديمة في العام 1317 هـ، الموافق 1899، ووفاته بقرية "حرف عباس" من أعمال مغرب عنس التابعة لمحافظة ذمار في يوم الأربعاء 25 رمضان 1400 هـ، الموافق 6 أغسطس 1980.


التحصيل العلمي:


أخذ تعليمه الديني عن كوكبة من علماء الجامع الكبير وجامع الوشلي بمدينة صنعاء القديمة.


واصل تعليمه بدار المعلمين المتوكلي بصنعاء، وحصل منه على إجازة شاملة، وحاز الترتيب الثاني على دفعته، "1349 - شعبان 1353 هـ"، الموافق "1930 - ديسمبر 1934".


السجل الوظيفي والنضالي:


عمل مُدرساً ومُرشداً بعدة مناطق من محافظتي ذمار وإب، لأكثر من 45 عاماً "1353 – 1400 هـ، الموافق 1935 - 1980"، وتخرج على يديه المئات من القامات الوطنية في مختلف مجالات المعرفة والعمل الوطني، والتي كان لها بصماتها في كافة المراحل الي مهّدت لثورة 26 سبتمبر 1962، وساعدت في بناء النظام الجمهوري وترسيخ قواعده ما بعدها، ومن أهم المناطق التي عمل فيها:


1 - قرية "حرف عباس - حرف القُضاة بني عبدالرزاق من أعمال مغرب عنس، محافظة ذمار، 1353 هـ، الموافق 1935.

2 - قرية "ذي عرام"، مديرية حبيش، محافظة إب، 1359 هـ، الموافق 1940.

3 - مغرب عنس، محافظة ذمار، 1361 هـ، الموافق 1942.

4 - عزلة "خاو" وقرية "المنجر" - من أعمال بني قيس خبان، مديرية يريم، محافظة إب، 1363 هـ، الموافق 1944.

5 - عزلة بني طيبة، مديرية مغرب عنس، ذمار.

6 - قرية سنبان، مديرية ميفعة عنس، ذمار.


كما مارس عدة مهن قبل الالتحاق بالقطاع التربوي، منها العمل بحاراً لدى مجموعة سفن العيساوي بجدة السعودية، وأجاد خلالها اللغتين الإنجليزية والفرنسية، "1339 - 1347 هـ، الموافق 1921 - 1928".


وهبه الله صوت جهوري، واستهواه الإنشاد إلقاءاً وتلحيناً، وكان لهذه الموهبة دور فاعل في الزخم الثوري السبتمبري وتلحين الأناشيد الثورية، وجمعته صداقة بالقاضي والأديب السبتمبري "محمد محمود الزبيري"، وبعد قيام ثورة 26 سبتمبر 1962 شارك في إلقاء وتلحين الأناشيد بالعديد من الفعاليات والمهرجانات الوطنية والخاصة.


وأشتهر بخطه الراقي، وعمل خطاطاً فترة من الزمن.


قالوا عنه:


1 - القاضي "عبدالله بن يحيى بن أحمد عبدالرزاق":


"محمد علي العمراني"، أستاذ وشيخ عالم بجميع العلوم الدينية والدنيوية، وفقيهاً وثورياً، ومثالاً في الأدب، رحيماً في التعامل، شُجاعاً في النزال، كريماً في العطاء، وجوهرة مُضيئة في غابة مُظلمة من الجهل والمرض والحرمان.

وهو مُقرئ ومُنشد وموسيقي ثوري، يُحِبُ الفُكاهة والنُكتة، ويحفظُ من الحكم والأمثال الشيئ الكثير.

كانت الجهات المُختصة بالتربية والتعليم تُرسل إليه القصائد، وهو يقوم بتلحينها لحناً جميلاً حماسياً ثورياً.

وتمتع رحمه الله بخلفية ثقافية وسياسية، حيث كنا خلال دراستنا المرحلة الأساسية لديه بعد قيام ثورة 26 سبتمبر 1962 نسمع الناس تقول أنه ليس في "مغرب عنس" من يُؤيد الثورة سوى ثلاثة أشخاص، هم:

"العلامة يحيى بن أحمد عبدالرزاق، العلامة يحيى بن أحمد الصديق، العلامة محمد بن علي العمراني".


2 - القاضي "حمود بن محمد بن حسن عبدالرزاق":


الأستاذ المعلم والمربي القاضي "محمد بن علي العمراني" هامة علمية فريدة، وفيلسوف وتربوي ومنُظِّر، وإداري فذ في زمن القحط والانحطاط الفكري، ومُناضل، ومُناهض للظلم، ومن الهامات الأولى لثورة 26 سبتمبر 1962.


3 - الأستاذ "حميد بن إسماعيل بن أحمد عبدالرزاق":


عمل الأستاذ "محمد بن علي العمراني" في خدمة العلم 45 عاماً، لم يلتهِ عن التعليم قيد أنمُلة، وكله حماس في شبابه وشيخوخته، يُعطي دون ملل، إنه "كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ"، ونحن المُشتاطين لهذا الزرع والثمر من معلمٍ تألف مع الحياة الصعبة في البر والبحر، وفي كل الظروف، وواجه كل الصعاب بعزيمة لا تلين، فاستقينا منه هذا البيان المرصوص في الأفئدة والذاكرة.


أولاده:


حميد - تربوي وإداري.