Translate

الأحد، 7 مايو 2023

الأديب الكبير القاضي الأكمل "يحيى بن علي بن عبدالله بن علي البشاري" الشهير بأبو ذر البشاري.







فقيه، قاضي، إداري، أديب، شاعر مخضرم، مستشار، مناضل وثائر سبتمبري.

مولده بقفلة عذر، وقيل بمنطقة كشر في العام 1356 هـ الموافق 1937، ووفاته بصنعاء في يوم الثلاثاء 25 محرم 1423 هـ، الموافق 9 أبريل 2002.

ينتسب لأسرة آل البِشاري الكرام، وهي من الأسر العريقة التي توطنت "قفلة عذر" بحاشد، وأصلهم "عنسيون" من قرية "بِشار" - بكسر الباء - إحدى قرى عزلة "الميثان" بمديرية "الحداء" من أعمال محافظة "ذمار"، لكن غلب عليهم اسم "البشاري" نسبة لتلك القرية.
برز منهم الكثير من القامات العلمية والقضائية والفكرية والأدبية والسياسية والقيادية، ومن أشهر أعلامهم:

العلامة إبراهيم بن منصور البشاري - من كبار فقهاء الزيدية في القرن 6 هـ، العلامة هادي بن يحيى البشاري - من أعلام القرن 11 هـ، الشاعر عبدالله بن حسن البشاري - له ديوان شعري توفي في العام 1048 هـ، القاضي حسين بن قاسم البشاري - من أعلام القرن 13 هـ، القاضي إسحاق بن أحمد البشاري - تصدّر للتدريس في "علمان" بالأهنوم.

يُعد من عمالقة الشعر العمودي في اليمن، وهو من الشعراء القلائل الذين وظفوا شعرهم ووهبوا حياتهم لهموم الناس وقضايا وطنهم وأمتهم، وأحد ملوك الشعر العمودي في اليمن، ومن عمالقة الشعر والفكر والثقافة المنسيين في بلاد السعيدة رغم سجله الوطني والأدبي الحافل.
كان له الفضل في اكتشاف الشاعر الكبير "حسن عبدالله الشرفي" وتحويله من راعي أغنام قروي بسيط إلى أكبر شاعر في اليمن.
غلبت أشعاره نبرة الحزن والأسى والزهد والتصوف، وصار الشعر كل حياته فاعتزل الناس، وفضّل الترهب في صومعة الشعر، والتنسك في بحوره.
أحاط نفسه وشؤونه الخاصة بحالة اعتزاليه، ولم يجرؤ أحد من أصدقائه على الاقتراب إلى داخله طوال حياته.
وصفه كبار شعراء اليمن من أترابه أمثال "حسن عبدالله الشرفي" والدكتور "عبدالعزيز المقالح" بـ "أبو ذر البشاري" لتشابه حياتهما في العديد من الأوجه.
عاش وحيداً غريباً، ومات وحيداً، ولم يكن يُؤنسه شيئ سوى الحق، ولا يُوحشه شيئ سوى الباطل، يقول كلمته ويمشي، لا يخشَ في الله شيخاً ولا مسؤولاً ولا رئيس دولة.
تألم كثيراً لمعاناة الفلسطينيين وحالة الاغتراب التي تعيشها قضيتهم في محيطها العربي والإسلامي، وكان لها مكانة خاصة في أشعار.
غلبت على حولياته وقصائده على تباعدها مسحة "البكائية" التي لم تكد تُفارقه حتى وفاته، فصار الجميع يُعرِّفه بشاعر "البكائيات".

التحصيل العلمي:

درس تعليمه الأولي بكتاتيب بلدته.
أخذ العلوم الشرعية وعلوم اللغة العربية عن كوكبة من مشائخ المدرسة العلمية بقفلة عذر.

السجل الوظيفي:

شغل العديد من المهام في العهدين الملكي والجمهوري، وكان في جميعها بشهادة مجايليه عِنواناً للشرف والأمانة والنزاهة والعفة والإخلاص والتفاني في خدمة وطنه وأمته.

أولا: العهد الملكي:

1 - القيام بأعمال والده عامل كحلان عفار وعمره لم يتجاوز الـ 21 عاماً.
ومما يذكره مجايليه حكمته وحنكته وبُعد نظره في حل المشاكل بين القبائل، وكان له أسلوب فريد في إقناع المتخاصمين بأحكامه.
2 - عامل "بني جديلة" مغربة البطيح، محافظة حجة، 1956.
3 - عامل المفتاح، الشرف الأعلى، محافظة حجة، "1957 – 1958".
4 - عامل أسلم، محافظة حجة، "1958 – 1959".
5 - حاكم مديرية "ذيبين خارف"، حاشد، "1959 – 1962".

ثانياً: العهد الجمهوري:

1 - عامل حراز.
2 - عضو مؤتمر "خمر" بعمران، 2 - 5 سبتمبر 1963.
كان الهدف من المؤتمر مناهضة الوجود المصري في اليمن، والاحتجاج على تحويل مسار الثورة السبتمبرية، وحرفها عن أهدافها.
3 - عضو المجلس الوطني، "1965 - 1969".
 وهو أول تشكيل برلماني بعد ثورة 26 سبتمبر.
4 - عضو القيادة المدنية العليا للمقاومة الشعبية في حصار السبعين، "نوفمبر 1967 - 7 فبراير 1968".
5 - وكيل وزارة الإدارة المحلية.
6 - عضو اللجنة العليا للتصحيح.
7 - مستشار وزارة الإدارة المحلية، "1969 - 2003".
وكان يمارس عمل الوزير ووكيل الوزارة عند غيابهما.
8 - عضو لجنة الإدارة والمرافق العامة المعنية بالإعداد للوحدة اليمنية، بيان "طرابلس"، ليبيا - طرابلس، 28 نوفمبر 1972.

السجل النضالي:

من أوائل قادة الثورة التوعوية التنويرية والكفاح المسلح لثورة 26 سبتمبر 1962.

كان لمناشيره تأثير كبير في التهيئة للفعل الثوري السبتمبري منذ منتصف الخمسينيات من القرن العشرين، وعمره لم يتجاوز بعد الـ 17 عاماً.

تعرّض للاعتقال خلال الفترة "1955 - 1956"، وأُودِع سجن "القاهرة" بمدينة حجة قرابة العام، دون محاكمة، وتم تكبيله بثلاثة قيود، ثالثهما عمودٌ من حديد يتصل بالقيود ويُباعد بين القدمين، إمعاناً في التعذيب، وزيادة في الضغط النفسي عليه، لكن ذلك لم يزده إلاّ حدة وغليان.

عندما قامت ثورة 26 سبتمبر 1962، كان من أبرز الطلائع الشابة التي أدركت أنها مسؤولة عن كل إحباط أو فشل قد يصيب الثورة، فحارب في أكثر من جبهة، وحين كانت مدينة صنعاء الجبهة الواسعة انخرط في القتال بسلاحه وقلمه وكلماته وشعره الذي يحمل نكهة الأرض، وأشواق الجبال، وكان صوته كما يذكر الدكتور الراحل "عبدالعزيز المقالح" صوت الوطن، وصوت الفدائية اليمنية الكامنة في كل صدر.

شارك في الكفاح السبتمبري المسلح بعدة مناطق في صنعاء وصعدة وحجة وعمران.

تحرك مع الشيخ "مجاهد أبو شوارب" لمطاردة "محمد البدر"، وكان الشيخ "مجاهد" جُندياً تحت قيادته كما يذكر المناضل السبتمبري "أحمد قاسم دماج"، ووصل إلى المحابشة، وحرض، ثم عاد إلى صنعاء.

وشهدت الفترة "1965 - 1968" استشهاد القاضي الشاعر "محمد محمود الزبيري" 1 أبريل 1965، وسُجن العديد من العلماء والثوار، وتمكن بعض المتواجدين بصنعاء من الهروب إلى "خمر"، ومنهم صاحب الترجمة، في العام 1966، ومعه رفيق النضال والكفاح والكلمة الأستاذ "عبدالله بن مقبول الصيقل".

الإنتاج الفكري:

تفتقت قريحته الأدبية في العام 1965 كما يذكر الأستاذ القدير "حسن عبدالله الشرفي"، وكانت أشعاره تُوزع في مناشير تحمل اسمه، وهي الطريقة التي فضّلها في إشاعة شعره حتى آخر لحظة من حياته.
ويذكر أحد أقاربه أنه رحمه الله كان يكتب قصائده مُوقعة باسمه، وبعد فراغه يقوم بطبع عدة نسخ منها ويوزعها بنفسه وفي وضح النهار على مُحبيه ومن يريد اطلاعهم على أخر ما أنتجته قريحته الشعرية.
ورغم حدة النقد وجُرئت التعبير في السياسي من أشعاره، وخصوصاً ما يتعلق بالأحداث المعاصرة، لكنه لم يكن يكترث لردة الفعل.
هذه الروح الأدبية الشُجاعة والجريئة في التعاطي مع الأحداث السياسية السائدة سواء في فترة الحكم الملكي أو ما تلاها من اختلالات وصراعات في العهد الجمهوري، من النادر أن تجدها في أدباء عصره، لكنه كان على الدوام أشجعهم وأجرئهم على قول كلمة الحق وتحمل تبعاتها حتى لو كلّفه ذلك حياته.
تمكن شاعر اليمن الراحل "علي عبدالرحمن جحاف" من جمع بعض قصائده بعد جهود مُضنية بالتعاون مع اللواء الراحل "عبدالملك علي البشاري"، وتنسيقها وتشذيبها، في ديوان، وعمل تقديماً لمخطوطتها، وتكرّم الشاعر الكبير "إسماعيل محمد الوريث" بإعداده للنشر، وإجراء دراسة أدبية تحليلية مُقتضبة عنه، وجمع ذلك في كتاب يضم بين دفتيه 261 صفحة، صدرت طبعته الأولى في العام 2007 عن مركز الدراسات والبحوث اليمني بصنعاء، تحت عنوان "ديوان يحيى البشاري"، وهو الديوان اليتيم لهكذا قامة أدبية كبيرة، ولا تزال الكثير من قصائده وتراثه الأدبي طي النسيان والضياع.

من روائع قصائده:

1 - بلقيس وخلود الوساد، نشرتها صحيفة السلام - وهي صحيفة أسبوعية كان رئيس تحريرها وقت نشر القصيدة رفيق دربه "عبدالله بن مقبول الصيقل"، سبتمبر 1977.

2 - بنت الشموس، تتكون من 78 بيتاً، نشرتها صحيفة السلام في سبتمبر 1978.

كان لهما أصداءٌ واسعة، وهما كما يقول الشاعر الكبير "حسن عبدالله الشرفي" من غرر الشعر، أفرغ فيهما كل ما في صدره من حُرقة وحُزن على اليمن.

أبيات عابرة من نهره الجاري:

حُكامنا التجار نعياً لهم .. ليس لهم بالله إيمانُ
لو آمنوا بالله ما آثروا .. أن يشبعوا والشعب جوعانُ
ويحكموه بجواسيس ما .. فيهم لمن يسأل إنسانُ
..
للجواسيس ساعةٌ من نهار .. لو راءها في الحلم طفلٌ لشابا
نحن ثرنا على الإمام وما ثرنا .. لكيما نُسلّط الأحزابا
ما كشّر الحكام شرٌ ولكنّي .. رأيت الأحزاب أدهى مُصابا
..
وغدا للمخنثين الجواسيس .. على الأكرمين نهيٌ وأمرٌ
ليلنا عابس الجوانب مسودٌ .. لجوجٌ مُدمدمٌ مُكفهرٌ.
..
الصديق الذي أراه كعيني .. لا يراني إلاّ بعين ارتيابي
كلَّ شيئ يهون عندي .. غير ذُلِّ الوقوف بالأبواب.
..
ما لبنت الشموس تعرض عني .. أتراها تظنُ فيَّ الظنونا
هل قضت سُلطة الظلام عليها .. أن يظل الصباح فيه سجينا
حسبها أنَّ في الجوانح منها .. جرساً يُرسل الشكاة رنينا
هل رضينا بالليل لو أنه عاد .. حنوناً يهدي إلينا السكونا
غير أنَّا من شره تتلظّى .. كل يوم تأوهً وأنينا
وإذا أبصرت به عين نجم .. غالبها قبل أن نرى مبصرينا
فرؤانا تسري بدون عيون .. ودقيق الكلام صار عجينا
..
كلكم كافرٌ بقدس النضال .. مؤمنٌ بالخداع والاحتيال
بسلامٍ يجيئ من أميركا .. كل يوم بخيبة الآمال
كلكم حاد عن طريق فلسطين .. لتبقى فريسة الاحتلال
..
ألست بذي البلاد لها رئيساً .. فلم صار السواد لها لبوساً
..
من زوامله:

غبني على أعيان البلادي .. الموت قد شلَّ الجيادي
ذي كانهم عند المبادي .. يرفعون الراس
ذكرت أنا عيشي وزادي .. لولا الحيا لأعلن حيادي
كتمت في داخل فؤادي .. شيئ بغير قياس

قالوا عنه:

1 - الدكتور "عبدالعزيز المقالح":

منذ سنوات وبعد أن قرأت إحدى قصائد الشاعر المبدع "يحيى البشاري" فكرت أن أرتقي أحد جبال اليمن العالية وأُشعل في قمته النيران وأقرع الطبول من حول هذه النيران إعلاناً بمولد شاعر كبير وذلك على غرار ما كانت تفعله القبائل العربية حين ينبغ فيها شاعر عظيم.
كان الشاعر الكبير "يحيى البشاري" يرفض المصالحة مع واقعه غير السوي، ويبحث في التغيير الإيجابي عن تغيير أكثر إيجابية، تُحرِّكه نفسٌ شاعر قلقة لا تقبل الرضوخ للباطل أو تقبل الصمت تجاه الأخطاء صغيرة كانت أو كبيرة، وببراءة ثورية وإخلاص مُنقطع النظير، كان لا يكف عن متابعة الأحداث ليس بشعره الوطني المُجلجل فحسب وإنما بمواقفه وأراءه وانتقاداته العلنية إلى أن اختاره الله إلى جواره.
وهو شاعر متواضع يكره الشهرة، ويكره النشر إلاَّ نادراً، وقد كان النُضج والذكاء والتفاني هي الصفات التي توافرت له كشاعر كبير، كانت هي السببُ في عزوفه عن الشهرة، وفي زرع طريقه بالحُزن والبكاء والتأمل والشجن والوحدة.
كان يعيش في شبه عزلة تامة، وفي رهبانية أدبية لا مثيل لها، زَهد في المناصب وفي المال وفي الشهرة، شعره حاد بالأسى لا من أجل نفسه ولكن من أجل الوطن والأمة بأكملها.
كانت الأحداث المحلية تُؤرِّقه وتفرض عليه حالة من الحزن الدائم، كما كانت الأحداث العربية تُضاعف من حدة هذا الحزن، لكن عزلته الاختيارية لم تُباعد بينه وبين الناس الذين أحبهم وعاش يتنفس أحزانهم وتطلعاتهم، يُسجلها شعراً صريحاً صارخاً لا مواربة فيه ولا خوف.

2 - الشاعر الكبير "علي عبدالرحمن جحاف":

كان الشاعر "يحيى البشاري" في معظم قصائده يُمجد وطنه الحبيب، ويحلم له بمستقبلٍ كريم تنتهي فيه الفوارق بين الغني والفقير والمسؤَّد والمسُود، مستقبل تسود المحبة والإخاء فيه بين كل المذاهب والقبائل والشرائح الاجتماعية المختلفة.
فقد كان يحمل بين جنبيه لهذا الوطن الحبيب بخصبه وجَدبه وريفه ومُدنه وجباله وهِضابه وأوديته حُباً لو قُسِّم على أهل الأرض لكفى.
وإني لأخال أن الوطنية لو مُثِّلت ثم سُئلت: من أنت؟.
لقالت: القاضي "يحيى البشاري".

3 - المؤرخ "إبراهيم أحمد المقحفي":

الشاعر المبدع "يحيى البشاري"، مناضل نزيه، وشاعرٌ شامخ، مزّق نفسه وروحه وحياته فداء لليمن.

4 - الشاعر الكبير "إسماعيل محمد الوريث":

"يحيى البشاري" من أكبر شعراء اليمن وأصدقهم وطنية، وبالرغم من انكفائه على ذاته، فإن قصائده التي كانت حوليّة ومُتباعدة، تُوزع كالمناشير السرية، ويتلقفها الناس بشغفٍ بالغ.
ينتمي إلى جيل الستينيات من القرن العشرين، مثله مثل الدكتور عبدالعزيز المقالح، وصديقه الحميم الشاعر عبدالرحمن محمد قاضي، وبينه وبين الشاعر الرائع يوسف الشحاري تقاربٌ كبير في نوعية قصائدهما، وتشابه أسلوبهما سواء من ناحية المواضيع التي طرقاها، أو عدم الاهتمام بالنشر، والانصراف التام عن التمتع بلذات الحياة المُتاحة، والعزوف عن اللهث وراء المناصب والوجاهات التي يسعى إليها لاهثين كثير من الشعراء المتظاهرين بالوطنية حقاً أم باطلاً.
وهو من ألمع شعراء الوطنية في اليمن، وكان غزير التواضع، جمَّ الحياء، وهب للشعر والوطن عمره كله، فالشعر بيته وزوجته وأولاده.
كما أنه جماع الفن كله، وقامته الشعرية تطاول قامتي الجواهري والبردوني، وهما رمزان كبيران للشعر العمودي في عصرهما.

5 - المفكر "عبدالباري طاهر":

"يحيى البشاري" شاعر كبير مُجدد في عمود الشعر، وفي الفصيح والعامية اليمنية.
اتسم سلوكه بالزهد والترفع عن المناصب، وإغراءات التكسب بالشعر، أو المُتاجرة بمواقفه الوطنية الثائرة.
"ديوان النهر الجاري" من أروع القصائد الإبداعية، وتضعه في صدارة الشعراء الكبار: البردوني، وجرادة، والمقالح، والبار، والحامد، وأبو بكرين شهاب.
قصائده نقد مرير للأمن والمُخبرين وأجهزة القمع، ونبوءة راعبة.
قصائده قذائف مدفعية بعيدة المدى، والشاعر يمتلك شجاعة الفادي، وكانت شجاعته ونزاهته وإخلاصه وحبه لأمته ووطنه مضرب المثل.

6 - الأستاذ "أحمد قاسم دماج":

أول شخص من حاشد دخل يقود 800 مسلّح دعماً للثورة بعد قيامها مباشرة، كان شاعراً، تصوّر، اسمه "يحيى البشاري"، وكان من بين عساكره مجاهد أبوشوارب والمشائخ الكبار في حاشد، شاعر قضى حياته وهو ماسك على جمرته.

7 - الأستاذ "محمد عبدالواسع حميد الأصبحي":

شاعر عملاق، واضغط على كلمة "عملاق"، شامخ كشموخ تلك الجبال الرواسي في اليمن، عيبان ونقم وكوكبان وصبر وشمسان وخولان.
هذا الشاعر ليس مغموراً ولكنه دوماً ينكر ذاته، أبيٌ شريفٌ مناضل، مزّق نفسه وروحه وحياته فداءً لليمن.
لم يمدح ولم يتملق ولم يتزلف أحداً طوال حياته، وقد مضى على معرفتي به أكثر من ثلاثين عاماً.
يمشي كألف ابن مُقلة في شوارع صنعاء، على الرغم من أنه لا يملك شيئاً، وكان بوسعه أن يملك الملايين لو أراد.
هناك شعراء مُجيدون وربما يفوقونه، ولكنه يتفوق عليهم بعملقته وإبائه وشممه.
"يحيى البشاري" الذي قال قصائد غاية في الجُرأة وكان يُمكن أن يُعدم لو قالها في غير اليمن، ولكنه دائماً في اليمن وفي غير اليمن لا يخاف، يقول الشعر في سبيل عز اليمن ومجد اليمن وفخر اليمن بماضيها وحاضرها.
له قصيدتان نشرتا في جريدة السلام، وصُودرت الصحيفة، ولكنهم لم يستطيعوا أن يُصادروا "يحيى البشاري" بقامته المديدة، الذي لم ينحنِ حتى توسّد في التراب.

8 - الصحفي اللامع "فتحي أبو النصر":

قليلون جداً من جيل سبتمبر 1962 لم يُسقطوا من ذاكرتهم سهواً أو عمداً الفقيد المنسي "يحيى البشاري"، الشاعر والتنويري الوطني القدير الذي لم يُنصف كما ينبغي؛ بل ويكاد لا يعرفه أحد، مع أنه من أبرز الذين صنعوا سبتمبر الخالد، ومن أبرز الشعراء الذين أنجبهم.
صحيح انه كان معروفاً لدى كثير من رفاق دربه كأيقونة أدبية ووطنية فريدة، إلاّ أن اسمه توارى إلى الهامش بعد عقودٍ، ليقفز إلى المتن أولئك الذين استمروا في تشويه التاريخ الحقيقي لأبطال سبتمبر.
رحل وهو شامخ ونزيه لا يمتلك شيئاً غير مبادئه الخالدة التي ظل يعتز بها.
 
9 - العلامة "عبدالمجيد عبدالمجيد شرف الدين":

"يحيى البشاري" شاعر ثائر، وطني المشاعر، وديوان شعره ناطق بثوريته ووطنيته.
حذّر مُبكراً من مرتزقة اللجنة الخاصة، ومن المد التكفيري، وهذا ما أكد عليه بالنثر والقصيد، وهنا بيت القصيد.
معروفٌ بزهده وعصاميته، مُبدعٌ في ادارته، وفي جميع المواقع التي تولاها بكفاءة واقتدار، عاش مرفوع الرأس، وتُوفي موفور الكرامة.
وقليلٌ هم أمثاله الذين لم يستخفهم بريق طمع، ولا لمعان سلطة فعاش لنفسه ولمجتمعه ووطنه.
وتُوفي بعد أن خلّد نفسه في قلوب ومشاعر كل من عرفه أو سمع عنه.
وهو من أسرة عريقة ترجم لبعض أعلامها العلامة "أحمد بن صالح بن أبي الرجال" وغيره، ولا غرو إذا جاء الخلف على منهاج السلف، ومهما تم الاسترسال في ايضاح مناقب الفقيد سيظل التعبير عاجز عن ايفائه بعض حقه.
وكفاه أنه كان رجلاً يمانياً أصيلاً، عاش النبل واقعاً وقولاً وفعلاً.

مراجع ذُكر فيها العلم:

1 - ديوان يحيى البشاري، إعداد ودراسة إسماعيل محمد الوريث، مركز الدراسات والبحوث اليمني - صنعاء، الطبعة الأولى 2007.
2 - فارع المسلمي، أحمد قاسم دماج .. الرجل الكثير، صحيفة السفير اللبنانية، 8 فبراير 2017.
3 - عبدالباري طاهر، الشاعر يحيى البشاري، بيس هورايزونس الإخباري، 9 أكتوبر، 2020
4 - فتحي أبو النصر، الشاعر السبتمبري يحيى البشاري .. عملاق الأخلاق ونكران الذات، 4 فبراير 2009.
5 - بيان طرابلس، 26 - 28 نوفمبر 1972.

الخميس، 20 أبريل 2023

البروفيسور محمد بن يحيى بن حسن المحبشي


 


أكاديمي، أستاذ ومحاضر جامعي، طبيب واستشاري أنف وأذن وحنجرة، مستشار دولي، إداري.


مولده في يوم الأربعاء 22 ربيع الأول 1382 هـ، الموافق 22 أغسطس 1962.


من الكوادر الطبية النشطة في اليمن، وأحد عمالقة طب الأنف والأذن والحنجرة، وله سجل حافل طبياً ومهنياً وإدارياً.


وهو من القامات الوطنية المشهود لها بالعفة والنزاهة والتفاني في خدمة الوطن.


التحصيل العلمي:


درس الأساسي بصنعاء.

حصل على الثانوية العامة من مدرسة جمال عبدالناصر، صنعاء، 1979.

حصل على درجة البكالوريوس في مجال الطب والجراحة من جامعة "زاباروجيا"، الإتحاد السوفيتي، 1988.

حصل على درجة الماجستير في مجال طب وجراحة الأذن والأنف والحنجرة من جامعة "سانت بطرسبرغ"، روسيا، 1996.

حصل على درجة الدكتوراه في مجال طب وجراحة الأذن والأنف والحنجرة من جامعة "سانت بطرسبرغ"، روسيا، 1999.


يجيد ثلاث لغات كتابة ونطقاً، هي: العربية، الإنجليزية، الروسية.


شارك في العديد من الدورات العلمية التخصصية الدقيقة، منها:


1 - الإحصاء الطبي، المركز اليمني للمعلومات والتعليم الفني، "أغسطس - سبتمبر 2003.

2 - التعليم الطبي بكلية الطب والعلوم الصحية، جامعة صنعاء بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، أكتوبر 2003.

3 - الجراحة الوظيفية للجيوب الأنفية وجراحة الأذن، مدينة الحسين الطبية، عمان - الأردن، "يونيو - سبتمبر 2004".

4 - منهجية البحث، المجلس اليمني للاختصاصات الطبية، وزارة الصحة والسكان، صنعاء، 2007.

5 - الأخلاقيات الصحية والممارسة الطبية والبحوث، جامعة صنعاء، "مارس - أبريل 2008".

6 - السمعيات، مستشفى القصر العيني التعليمي، القاهرة - مصر، "ديسمبر 2015 - مايو 2016".


السجل الوظيفي:


أسندت له العديد من المهام الأكاديمية والمهنية والإدارية، منها:


أولاً: السجل الأكاديمي:


1 - طبيب مُقيم، مستشفى الثورة التعليمي، صنعاء، "1988 - 1994".

2 - مُعيد، قسم الأذن والأنف والحنجرة، كلية الطب، جامعة صنعاء، "1990 - 1994".

3 - طبيب مُقيم، مستشفى "سانت بطرسبرغ" لطب الأذن والأنف والحنجرة، معهد البحوث العلمية، سانت بطرسبرغ، روسيا، "1994 - 1999".

4 - استشاري الأذن والأنف والحنجرة، مستشفى الثورة التعليمي، صنعاء، اليمن، 2000.

5 - مُدرب البورد العربي "طب الأذن والأنف والحنجرة"، وزارة الصحة والسكان اليمنية، "2006 -  .. ".

6 - أستاذ مُساعد، قسم الأذن والأنف والحنجرة، كلية الطب، جامعة صنعاء، "2000 - 2007".

7 - أستاذ مُشارك، قسم الأذن والأنف والحنجرة، كلية الطب، جامعة صنعاء، "2007 - 2014.

8 - أستاذ الأذن والأنف والحنجرة، كلية الطب، جامعة صنعاء، 2014.

9 - أستاذ ومُحاضر جامعي لعدة مساقات علمية طبية، "1999 - .. ".

10 - مشرف البورد العربي "طب الاذن والانف والحنجرة"، مستشفى الثورة التعليمي، وزارة الصحة والسكان اليمنية.

11 - تدريس محاضرات وفصول إكلينيكية في طب الأذن والأنف والحنجرة للبورد العربي.


ثانياً: السجل الإداري:


1 - مدير مستشفى مسور، محافظة عمران، "1989 - 1990".

2 - رئيس نقابة الأطباء اليمنيين، فرع أمانة العاصمة، "2003 - 2005".

3 - مُشرف فروع الجمعية اليمنية لأمراض الأذن والأنف والحنجرة، صنعاء، "2006 - 2018".

4 - رئيس اللجنة الإعلامية للمؤتمر اليمني الأول والثاني لأمراض الأذن والأنف والحنجرة، صنعاء، أبريل 2007، أبريل 2009.

5 - نائب رئيس قسم الأذن والأنف والحنجرة، مستشفى الثورة التعليمي، صنعاء، "2006 - 2018".

6 - نائب رئيس قسم الأذن والأنف والحنجرة، كلية الطب والعلوم الصحية، جامعة صنعاء، "2007 - 2018".

7 - مدير عام المخيمات الطبية المجانية، وزارة الصحة والسكان اليمنية، "2008 - 2018".

9 - مُستشار منظمة الصحة العالمية لإجراء تقييم خدمات العناية بالسمع في اليمن، أغسطس 2017.

10 - رئيس قسم الأذن والأنف والحنجرة، كلية الطب والعلوم الصحية، جامعة صنعاء، "2018 - .. ".

11 - رئيس المجلس العلمي لاختصاص الأذن والأنف والحنجرة وجراحة الرأس والعنق للبورد العربي واليمني، 2022.

12 - مُقرر المجلس العلمي للأذن والأنف والحنجرة، المجلس العربي للاختصاصات الصحية، "٢٠٢٣ - .. ".


الأنشطة الاجتماعية والمهنية:


عضو نشط في العديد من الجمعيات المهنية المحلية والعربية والدولية، منها:


1 - اللجنة الجنائية والعجز، هيئة مستشفى الثورة التعليمي، صنعاء، "2006 - .. ".

2 - المكتب التنفيذي لنقابة الأطباء اليمنيين، صنعاء، "2005 - 2008".

3 - الجمعية الأوربية لأمراض الأنف والجيوب الأنفية، ٢٠٠٨.

4 - الجمعية اليمنية لأمراض الأذن والأنف والحنجرة، 2006.

5 - لجنة الرقابة، الجمعية اليمنية لأمراض الأذن والأنف والحنجرة، 2018.

6 - الجمعية العربية لطب الأنف، 2010.


المؤتمرات العلمية:


شارك في العديد من المؤتمرات العلمية التخصصية المحلية والخارجية، منها:


1 - المؤتمر الطبي اليمني الأميركي الأول، صنعاء، أكتوبر 1999.

2 - المؤتمر الطبي اليمني الإيطالي الرابع، صنعاء، يناير 2004.

3 - المؤتمر اليمني الأول لجراحة العظام، صنعاء، مارس 2004.

4 - المؤتمر الطبي اليمني الألماني الثالث والرابع، صنعاء، مارس 2004، مارس 2006.

شارك في الرابع بورقة عمل تخصصية.

5 - المؤتمر اليمني السعودي الأول والثالث لأمراض الحساسية والمناعة السريرية، صنعاء، مايو 2005، "أبريل - مايو 2008".

6 - المؤتمر الخليجي الثاني للشباب والمراهقة، الكويت، أكتوبر 2009.

7 - المؤتمر السنوي السادس عشر لأمراض الأنف والجيوب الأنفية والمؤتمر السنوي الأول لجمعية الأنف العربية، القاهرة - مصر، فبراير 2010.

8 - المشاركة الفاعلة في مؤتمرات الجمعية المصرية لطب الأذن والأنف والحنجرة، القاهرة - مصر، 2010، 2015، 2016.

9 - المؤتمر العلمي الثاني والثالث لطب القلب، مدينة إب، 2018، 2021.

10 - المؤتمر العلمي لطب القلب، مدينة الحديدة، 2018.

11 - اليوم العالمي لأطباء الأذن والأنف والحنجرة، صنعاء، "17 - 21 يناير 2018".

12 - المؤتمر اليمني الثالث لطب وجراحة الأذن والأنف والحنجرة، صنعاء، 2019.

13 - المؤتمر العلمي الثالث للتيقظ والسلامة الدوائية، صنعاء، 2021.

14 - المشاركة الفاعلة في 30 مؤتمر علمي محلي وخارجي، "2016 -2022".


ورش العمل:


شارك في العديد من ورش العمل التخصُصية، منها:


1 - تصميم وتطوير البرامج التربوية، صنعاء، 2005.

2 - ورشة العمل الأولى للدراسات العليا والبحوث، كلية الطب والعلوم الصحية، جامعة صنعاء، مايو 2005.

3 - إعداد المناهج بكلية الطب والعلوم الصحية، جامعة صنعاء بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، "يونيو - يوليو 2007".

4 - تطوير البرامج الطبية، كلية الطب والعلوم الصحية، جامعة صنعاء، نوفمبر 2013.

5 - إعداد قائمة الأدوية الأساسية، وزارة الصحة اليمنية، 2018.

6 - السمعيات، أطباء البورد العربي، مستشفى الثورة، 2022.


الندوات الطبية:


شارك في العديد من الندوات والحلقات النقاشية الطبية، منها:


الوقاية من العمى، الجمعية اليمنية لطب العيون، صنعاء، 2004.


الإنتاج الفكري:


له العديد من الكتب والمؤلفات المنشورة، والعشرات من الدراسات والأبحاث العلمية، نشرتها مجلات ومواقع مهنية تخصصية محلية وخارجية، منها:


1 - خصائص المناعة الموضعية والعامة في مرضى التهاب الجيوب الأنفية المزمن، أطروحة مٌقدمة لنيل درجة شهادة الدكتوراة جُزئياً، 1999.

2 - الأجسام الغريبة المريئية في اليمن، المجلة الطبية السعودية، المجلد 26 العدد 10، 2005.

3 - الأجسام الغريبة في الجهاز التنفسي لدى المرضى المترددين على مستشفى الثورة التعليمي بصنعاء، مجلة جامعة صنعاء للعلوم الطبية، المجلد 2، العدد 1، يوليو 2005.

4 - مُضاعفات استئصال اللوزتين التقليدي عند المرضى المعالجين في مستشفى الثورة التعليمي، مجلة البورد العربي للاختصاصات الطبية، المجلد 8، العدد 1، 2006.

5 - مُسببات ضعف السمع عند الأطفال المترددين على مستشفى الثورة التعليمي بصنعاء، المجلة الطبية، جامعة القاهرة - مصر، المجلد 74، العدد 3، سبتمبر 2006.

6 - أسباب وعلاج كسور الأنف لدى المرضى المترددين على مستشفى الثورة التعليمي، مجلة البورد العربي للتخصصات الطبية، المجلد 9، العدد 2، 2008.

7 - جودة الحياة بين مرضى السمع اليمنيين البالغين، المجلة الطبية، جامعة القاهرة - مصر، المجلد 79، العدد 2، 2011.

8 - فتح الرغامة لدى المرضى المعالجين بمستشفى الثورة التعليمي، مجلة عين شمس الطبية - مصر، المجلد 63، الأعداد "4 - 6"، 2012.

9 - مُقارنة بين ثلاث تقنيات لاستئصال اللوزتين خلال المخيمات الطبية المجانية، المجلة المصرية لطب الأنف والأذن والحنجرة، 2013.

10 - الموارد البشرية والبُنية التحتية لرعاية أمراض الأنف والأذن والحنجرة في اليمن، مجلة جامعة صنعاء للعلوم الطبية، 2014.

11 - كتاب المخيمات الطبية المجانية، وزارة الصحة العامة والسكان، 2014.

12 - تحليل رعاية طب الأنف والأذن والحنجرة في اليمن، 2020.

13 - الوعي لدى الشباب بصحة الأذن والسمع، 2022.

14 - تعديل انحراف الحاجز الأنفي وتخفيف لحميات الأنف بالمنظار كعملية اليوم الواحد، تحت النشر.

الأربعاء، 19 أبريل 2023

فضيلة العلامة القاضي عبدالمجيد بن عبدالمجيد بن علي بن عبدالله بن علي بن عبدالكريم شرف الدين




عالم فاضل، فقيه، مُستشار قانوني وشرعي، مُفكر، أديب، شاعر، صحفي، كاتب، مُرشد، مُفتي، إداري.


مولده بمدينة "الشغادرة" من أعمال محافظة "حجة" في يوم الأربعاء 12 رمضان 1390 هـ، الموافق 11 نوفمبر 1970.


ينحدر من أسرة الأشراف "آل عبدالكريم شرف الدين"، وهي من الأسر الكريمة التي توطنت مدينة العلم والعلماء "شبام كوكبان"، ومنها نقائل في مناطق عديدة من اليمن بسبب عمل الكثير من أعلامها في مجال القضاء والإرشاد الديني، وبرز منها المئات من القامات العلمية والقضائية المرجعية، والأدباء الذائع صيتهم.


ويُعد من أبرز أقلام الجهاد والاجتهاد في محافظة حجة، وأحد عُلمائها المشتهرين بالتنوع المعرفي والثقافي والتألق الأدبي.


وهو من الشخصيات الدينية والوجاهات الاجتماعية القريبة من كل الناس بمختلف توجهاتهم ومشاربهم.


عُرف كما يحكي مُجايليه ببساطته وتواضعه وعفته وورعه وزهده وتقواه ونظافة قلبه ويده وسيرته الحميدة ومسارعته لأعمال الخير والإصلاح بين الناس ورأب الصدع.


التحصيل العلمي:


أولاً: التعليم الشرعي:


أخذ العلوم الدينية عن كوكبة من علماء أسرته وعلماء محافظة حجة، وحصل على إجازات في مفهوم ومنطوق العلوم الشرعية، ومن أبرز مشائخه:


والده - وهو من العلماء الأفاضل، والدته الشريفة الفاضلة "تقية بنت عبدالله بن ناصر سالم"، العلامة حسين بن علي شرف الدين، العلامة عبدالرحمن بن علي شرف الدين، القاضي العلامة أحمد بن عبدالله المحبشي، العلامة يحيى بن عبدالرحمن عامر، العلامة يحيى بن محمد كوكبان، العلامة علي بن أحمد الشرفي الشهير بأبو هادي.


ثانياً: التعليم النظامي:


درس الابتدائية حتى الصف الخامس بمدرسة "الفلاح"، مديرية الشغادرة.

حصل على الابتدائية العامة من مدرسة "الأمل" الابتدائية، مدينة حجة، 1983/ 1984.

حصل على الإعدادية العامة من مدرسة "الثورة"، مدينة حجة، 1985/ 1986.

حصل على الثانوية العامة من مدينة حجة، 1989/ 1990.

حصل على درجة الليسانس في الشريعة والقانون من كلية الشريعة القانون، جامعة صنعاء، 1995/ 1996.

حصل على دبلوم في مجال الطباعة على الآلة الكاتبة، 1986.

حصل على دبلوم في علوم الحاسوب الآلي "الكمبيوتر"، 2000.


شارك في العديد من الدورات العلمية التخصصية في مجالات متنوعة، منها:


1 - المحاسبة وإعداد الموازنة العامة، المعهد المالي، وزارة المالية، 2007.

2 - كيفية إدارة لجان الانصاف، اللجنة المركزية للإنصاف، صنعاء، 2017.


السجل الوظيفي:


شغل العديد من المناصب الإدارية والمالية في محكمة الاستئناف بمحافظة حجة، منها:


1 - كاتب السجل النوعي الجزائي، 16 مايو 1992. 

2 - أمين سر الشُعبة المدنية، "1993 - 2000".

3 - رئيس قلم أمانة السر، "2000 - 2004".

4 - مدير الرقابة والتحقيق، "2004 - 2005".

5 - مدير مكتب رئيس المحكمة، "2005 - 2007".

6 - مدير الشؤون الإدارية والمالية، "2007 - 2017".

7 - رئيس لجنة الانصاف، محافظة حجة، "2017 - 2021".

8 - رئيس هيئة رفع المظالم، محافظة حجة، "2021 - .. ".


الأنشطة الاجتماعية:


عضو فاعل في العديد من المؤسسات والجمعيات والمنظمات الاجتماعية، منها:


1 - حزب الحق - عضو مُؤسس.

2 - رابطة علماء اليمن - عضو مُؤسس.

3 - وحدة العلماء.

4 - رابطة الإعلاميين والمُبدعين، محافظة حجة. 

5 - أمين عام جمعية حجة الخيرية سابقاً، وعضو مجلس إدارتها حالياً.

6 - نقابة الموظفين الإداريين، وزارة العدل.


الشهائد التقديرية:


حصل على العديد من الشهائد التقديرية والتكريمية من عدة جهات حكومية ونقابية، منها:


1 - مكتب التربية والتعليم، محافظة حجة، لأدائه خدمة التدريس الإلزامي، 1990/ 1991.

2 - الرؤساء المتعاقبين على محكمة الاستئناف، محافظة حجة، "1992 - 2023". 

3 - اللجنة العليا للانتخابات، للدور الذي قام به خلال رئاسته للجنة الأصلية في الدائرة 16 بالأمانة، 1997.

4 - نقابة الفنانين، محافظة حجة، 2018.

5 - مدرسة الصماد. 

6 - مدرسة طه المداني للمتفوقين.


الإنتاج الفكري:


كاتب مُكثر في مجالات معرفية مُختلفة، ويعمل على جمع شتيت كتاباته في كتاب.


له نفثات شعرية في مناسبات متنوعة.


كتب للعديد من الصحف والمواقع اليمنية، منها:


الأمة، البلاغ، الشورى، الثوري، 26 سبتمبر، التصدي، حجة.


أجرت معه العديد من الفضائيات والإذاعات المحلية مقابلات صحفية وتوعوية وإرشادية.


أولاً: القنوات الفضائية: المسيرة، اليمن، الإيمان، اليمن اليوم، اللحظة.


ثانياً: الإذاعات: صنعاء، 21 سبتمبر، سام اف ام، حجة.

 

له محاضرات مُسجلة في مختلف المناسبات الوطنية والدينية التي شهدتها المحافظة.


من إبداعاته الشعرية:


وعامل الناس بالأخلاق تكسبهم .. خُلقاً كريماً وأحباباً وأعوانا

بشاشة الوجه قي رفقٍ وفي كرمٍ .. عنوانُ فضلٍ يزيد المرء احسانا 


قالوا عنه:


1 - القاضي "عبدالله محمد النعمي":


عبدالمجيد عبدالمجيد شرف الدين من أفضل وأتقى وأنزه وأصدق وأنبل من عرفت في حياتي.

لا يختلف على حبه إثنان، فهو كابن عباس الذي أجمع على حبه الموالف والمخالف.

أما كرم يده وجوده وبذله وعطائه فلا أعتقد أن الشاعر عنى غيره عندما قال:


تعوَّدَ بسط الكفِّ حتى لو أنه .. ثناها لقبضٍ لم تُجِبهُ أنامِلُهُ

ولو لم يكن في كفه غيرُ رُوحِهِ .. لجاد بها فليتقِّ اللهَ سائلهُ


2 - "أبو عبدالملك محمد البتري":


القاضي عبدالمجيد شرف الدين، رجل نزيه، خلوق، مُؤدب، متواضع، مُخلص في عمله، ويمتلك الكفاءة والخبرة.


3 - العلامة الأديب "عبدالحفيظ حسن الخزان":


لا عدمناك تحمل الفضل دينا .. سيداً عالماً قوياً أمينا 

وتُحامي عن المروءات فذاً .. وتُداوي القلوب حتى تلينا 

بين جنبيك تحمل النور هدياً .. لا تري الدهر حسرة أو أنينا 

لا تُماري إذا الزمان تهاوى .. بل تُلاقيه هازئاً مُستهينا

كيف لا والكرام فيك أساسٌ .. يابن من روضوا البيان جنينا 

جئت بالخالصات من كل حرف .. يرشد السالكين درباً أمينا

تنشد الخير للجميع وتبغي .. أن يعم السلام في العالمينا 

وإذا الخيِّرون نالوا المعالي .. طلبوا العز للورى اجمعينا

عشت عبدالمجيد حُراً مُعافى .. لك ادعو بصحبة المرسلينا 

واعُذر الحرف عاجزاً لا يوفي .. أيها الشامخ الذي فاق ضينا


4 - الأديب المناضل "علي بن محمد بن أحمد بن حسين النعمي":


بالتهاني هاجسي زف القصائد .. والزوامل والنشيد 

للولي المؤمن الواعي المُجاهد .. سيدي عبدالمجيد 

بك أهني العيد فارح بك معايد .. وأنت للأعياد عيد 

واليمن شامخ على العدوان صامد .. يصنع المجد التليد 


أولاده:


محمد - مهندس اتصالات، هاشم.

كما له أربع بنات.

الاثنين، 17 أبريل 2023

الشيخ عبدالله بن علي بن قاسم بن يحيى قوارة


فقيه، مُرشد، خطيب جامع، حافظ، فرائضي، شاعر، أديب، إداري، محاسب، شيخ قبلي.


مولده بالمفتاح من أعمال محافظة حجة في العام 1371 هـ، الموافق 1952، ووفاته في يوم الأحد 23 رمضان 1443 هـ، الموافق 24 أبريل 2022.


من الأشراف الحسنيين آل قوارة، وهي من الأسرة العريقة التي توطنت بلاد الشرف الأعلى، وبرز منها العديد من القامات والشخصيات الوطنية والعلمية، والمشيخات القبلية الذائعة الصيت.


والده وأخيه محمد من كبار مشائخ بلاد الشرف المُشار إليهم بالبنان، وهم أسرة اشتهرت بالكرم والنخوة والنجدة والشهامة.


وهو من مشائخ بلاد الشرف الأعلى المشتهرين بالإصلاح بين الناس وحل القضايا المجتمعية والقبلية الشائكة، وكان يُمثل الذراع الأيمن لأخيه البرلماني والأديب الشيخ الطيب الذِكر "محمد بن علي بن قاسم قوارة".


التحصيل العلمي:


درس لدى كوكبة من علماء المدرسة العلمية في بلدته.


السجل الوظيفي:


أُسندت له العديد من المهام، منها:


1 - محاسب مالي، خلال حقبة التعاونيات والمجالس المحلية، وتحديداً في فترة الرئيس الخالد الذكر "إبراهيم الحمدي".

2 - أمين خط في قلم التوثيق، المحكمة الابتدائية، مديرية المفتاح. 

3 - مدير مكتب الصناعة والتجارة، مديرية المفتاح.

وهو أخر منصب رسمي له قبل إحالته للتقاعد في العام 2014.

4 - عضو مُؤسس في قيادة فرع حزب المؤتمر الشعبي العام بمديرية المفتاح.

5 - عدل فرائضي مُعتمد في قسمة المواريث وتثمين العقارات والأراضي والزروع.

6 - مهندس معماري بالفطرة، وله بصماته الهندسية في الكثير من بيوت بلدته.

7 - خطيب جامع الطيار بمركز مديرية المفتاح. 


عمل بعد رحيل المصريين وما تبعه من صراعات بين الجمهوريين والملكيين في تفكيك الألغام التي زرعوها في المنطقة، حرصاً منه على سلامة الناس، وفقد في هذا العمل النبيل يداه.


الشهائد التقديرية:


حصل على العديد من الشهائد التقديرية على تفانيه في عمله، من عِدة جهات رسمية، منها:

 

1 - مكتب الصناعة والتجارة بمحافظة حجة.

2 - قيادة محافظة حجة.


المؤتمرات المهنية:


شارك في العديد من المؤتمرات والندوات وورش العمل الخاصة بوزارة التموين سابقاً، والمعروفة حالياً باسم وزارة التجارة الصناعة والتجارة.

 

قالوا عنه:


- الشيخ خالد محمد قوارة:


عُرف الوالد المناضل الشيخ عبدالله بن علي قوارة بالذكاء والفطنة والفراسة والحكمة وقُوة الشخصية وسُرعة البديهة والفصاحة.

وكان رحمة الله عليه ناصراً ومُعيناً للمستضعفين، لا يخاف في الله لومة لائم، ورحل شُجاعاً كريماً صادقا عدلاً سمحاً.

وكان شغوفاً بالمطالعة والقراءة، ولديه مكتبة شهيرة، تضم كتب قيّمة ونادرة قديمة ومُعاصرة في شتى المجالات المعرفية، الدينية والفقهية والتاريخية والشعرية والأدبية والعلمية.

وكان له مجلسٌ عامرٌ بذكر الله ومذاكرة العلوم الدينية والأدبية والفكرية.

وهو مهندس معظم المشاريع الاستثمارية والتنموية والاقتصادية في مديرية المفتاح.


أولاده:


طلال، نجيب، خليل، رضوان، هاني، أسامة، سامي.

الأحد، 16 أبريل 2023

المناضل السبتمبري اللواء يحيى بن محمد بن علي بن ناصر النهمي
















ضابط، مُعلم ومُدرب عسكري، إداري، مُناضل وثائر سبتمبري.


مولده بصنعاء في حدود العام 1349 هـ، الموافق 1928، ووفاته في يوم الثلاثاء 8 شعبان 1431 هـ، الموافق 20 يوليو 2010، ومواراة جثمانه الطاهر في صباح الأربعاء 9 شعبان 1431 هـ، الموافق 21 يوليو 2010.


من الرعيل الأول لثورة 26 سبتمبر 1962، وأحد مُناضلي ثورة 1948 وحركة 1955، وحصار السبعين "نوفمبر 1967 - 7 فبراير 1968"، وأحد المشاركين في تأسيس الكلية الحربية وكلية الطيران وكلية الشرطة ومدرسة الأسلحة خلال فترة الحكم الملكي، ومن المعلمين الأوائل فيها.


تسبب سجله النضالي الزاخر وصرامته العسكرية في تنفيذ المهام الوطنية الموكلة له، في إقصاء نظام "علي عبدالله صالح" له، وإحالته للتقاعد الإجباري، منذ اليوم الأول لحكمه 1978.


وهو من الشخصيات الوطنية والنضالية المغمورة والمظلومة، وتعرض للغمط والتجاهل من قبل مدوني تاريخ ثورة 26 سبتمبر 1962، رغم أنه من أساتذتها الأوائل، وأحد أباءها الروحيين.


التحصيل العلمي:


درس تعليمه الأولي بكتاتيب جوامع المحروسة صنعاء.

التحق قبل ثورة 1948 بالكلية الحربية بصنعاء، وكان من طليعة الضباط المتخرجين منها.


السجل الوظيفي:


أُسندت له العديد من المهام الوطنية، في العهدين الملكي والجمهوري.


أولاً: العهد الملكي:


1 - مُعلم ومُدرب بكلية الشرطة في تعز، برتبة ملازم، "1954 - مارس 1955".


2 - مُدرب وقائد سرية في فوج البدر، سبتمبر 1956.


3 - ضابط تدريب وقائد سرية في الكلية الحربية وكلية الطيران بصنعاء، 11 يناير 1959.


4 - ضابط ومُدرب بمدرسة الأسلحة، برتبة مقدم، "1959 - مايو 1960".


5 - ضابط في الحرس الملكي التابع للأمير محمد البدر بن أحمد حميد الدين، يونيو 1960.


ثانياً: العهد الجمهوري:


1 - مدير ومُؤسس إدارة التموين العسكري.


2 - قائد سلاح المُشاة.


3 - نائب قائد لواء صعدة.


4 - قائد منطقة رازح بصعدة.


تم اختياره لقيادتها بسبب أهميتها الحدودية مع السعودية، وتواجد "محمد البدر" فيها.


خاض فيها معارك عنيفة ضد الملكيين، ومن رفاق الكفاح المسلح: المقدم عبدالكريم السكري.


5 - قائد لواء "النصر" بالحيمة الداخلية.


6 - مدير العمليات الحربية، 7 مايو 1966.


7 - نائب رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة للشؤون الحربية، وترقيته إلى رتبة عقيد، 12 أكتوبر 1966.


قاد بعد تعيينه مباشرة، حملة عسكرية ضد الملكين في آنس - 10 ديسمبر 1966.


8 - قائد لواء رداع، خلفاً للرائد علي حمود الجبرتي، 18 نوفمبر 1967.


صدر قرار تعيينه في اليوم الأول لبدء حصار السبعين، وكانت رداع يومها تحت حكم الملكيين، فخاض معهم معارك ضارية، وبعد أيام من استقرار الوضع فيها تم استدعائه إلى صنعاء.


9 - قائد القطاع الشمالي للعاصمة صنعاء - همدان، خلال حصار السبعين، خلفاً للمقدم عبدالله صبره، 8 فبراير 1968.


خاض في هذا القطاع معارك ضارية ضد الملكين، ومن الضباط العاملين تحت إمرته في تلك المواجهات:


 المقدم مفلح الحربي، المقدم حسين كويل، العقيد علي عبدالله صالح.


ومن سخرية القدر أن من كان يعمل تحت إمرته، تنكر له بعد وصوله إلى الحكم في العام 1978، وكان أول قرار أصدره تحويل قائده إلى التقاعد الإجباري تحت شعار "خليك بالبيت".


ومن المهام التي أسندت له: قائد معسكر البقع بصعدة


السجل النضالي:


لعب أدواراً بارزة في كافة مراحل الفعل الثوري السبتمبري "1948 - 1962"، مُدرساً ومُدرباً عسكرياً وقائداً ومُنسقاً ومُوجهاً ثورياً.


وكانت له صولات وجولات في الأحداث التي أعقبت الثورة السبتمبرية "1962 - 1968"، وما تخللها من جهود مُضنية لتثبيت دعائم النظام الجمهوري الوليد.


ثورة 1948:


انخرط وزملائه بالكلية الحربية في صفوف ثورة "عبدالله الوزير" عام 1948، وجرى توزيعهم على المواقع الهامة في مدينة صنعاء، وضواحيها، وتسبب فشلها في اعتقال المشاركين فيها، فزُج به وزملائه في سجن "العُرضي" أو ما يُسمى بحوش "دهاق"، ووجه الإمام بإغلاق الكلية الحربية ومدرسة المخابرات "الإشارة".

ومن أبرز المُعتقلين الضابط العراقي "جمال جميل" - وهو الدينامو المُحرك والمُخطط للثورة.


حكم النظام بإعدامه وكل المشاركين فيها، وفي اليوم الأول للتنفيذ، أخذ الجنود كل المحكومين بما فيهم "النهمي" إلى ساحة "شرارة" - ميدان التحرير حالياً، لمشاهدة إعدام زميلهم "جمال جميل"، ليكون ذلك رادعاً لهم.


وبعد مراجعات وتوسلات أُسرهم، وافق الأمير "الحسن بن يحيى بن محمد حميد الدين" على إطلاق سراحهم، شريطة قيامهم بشق طريق سيارات في "حاشد"، وبالفعل نقلوهم الى قرية تقع خلف منطقة "الغولة" لمباشرة العمل.


 استمروا في ذلك قرابة العام، ووصلوا إلى منطقة "حوث"، وحينها زارهم الأمير "الحسن"، وطلبوا منه إجازة عيدية، فوافق شريطة الرجوع لعملهم.


 بعد انتهاء الإجازة رفضوا العودة إلى حاشد، فقرر التخفيف عنهم ونقلهم للعمل في مطار صنعاء تحت إشراف قائد المدفعية حينها "حمود رشدي".


أثناء عملهم في المطار، تمكنوا من الفرار إلى "تعز"، على دفعات، فاستقبلهم الإمام "أحمد بن يحيى حميدالدين"، ووضعهم تحت رقابة شديدة.


وهناك نصحه بعض مُستشاريه بتشتيت وتفريق وتوزيع تلك الكوكبة من ثوار 1948، من أجل إضعافهم، ومنعهم من التفكير في الأعمال الثورية مرة أخرى، فوزع بعضهم على الصحة والبعض على الزراعة ونقل آخرون إلى الطيران، وأرسل مجموعة منهم إلى مصر، ووزع من تبقى منهم وهم الأكثرية على سرايا الجيش النظامي، المنتشرة في مناطق متفرقة من البلاد.


بقي المقدم "النهمي"، ومحمد علي الأكوع، وحسين الغفاري، وعلي الحاضري، وأخرون، في "تعز"، وهناك جمعتهم الأقدار ببعض زملائهم من خريجي الكلية الحربية، منهم: 


هادي عيسى، محسن الصعر، حسن الجناتي، علي زيدان، أحمد الدفعي، قائد معصار، شرف المروني، أحمد الثلايا، فاستغلوا تلك اللقاءات الحميمية لمناقشة الأوضاع التي تمر بها البلاد، وطُرق الخلاص، وكان لذلك الفضل في التمهيد لحركة 1955.


حركة 1955:


احتضنت مدينة "تعز" قبل حركة 1955 بفترة وجيزة، فعاليات عيد "النصر"، ووقع الاختيار عليه لإلقاء كلمة الجيش بحضور الإمام "أحمد".


استغل الموقف وضمّنها بعض التلميحات عن الأوضاع المُزرية التي يعيشها الجيش النظامي، وكان بجواره "أحمد الثلايا"، فغضب الإمام، ووجه له إنذار بالموت.


في العام 1374 هـ، الموافق 1954، اُفتتحت كلية الشرطة بتعز، وتم تعيينه مُعلماً فيها، واستمر في التدريس حتى قيام حركة 1955.


وضمت تلك الكلية كوكبة الضباط الوطنين، منهم: 


أحمد الثلايا، يحيى الرازقي، أحمد الرحومي، يوسف الشحاري، علي السلال، محمد مرغم، علي علاية، صالح الأشول.


ومن أستاذتها: محسن الصعر، علي زيدان.


في يوم الأربعاء 7 شعبان 1374 هـ، الموافق 30 مارس 1955 انخرط بصفوف حركة 1955، رغم معارضته لتوقيت انطلاقتها.


فشلت الحركة الثورية بسبب بقاء الإمام "أحمد" في قصره بما فيه من إمكانيات، وتبعتها ملاحقات واعتقالات واسعة للثوار، وصدرت أحكام بإعدام العديد منهم، أبرزهم:


أحمد الثلايا، حسين الجناتي، علي السمة، أحمد الدفعي، محسن الصعر، قائد معصار، محمد القحوم، الشيخ علي المطري، محمد عبدالقادر، عبده باكر ..ألخ.


ولحسن حظه تم استدعائه إلى ساحة الإعدام مع الدفعة الأخيرة من الضباط الأحرار، غير أن مصادفة حلول شهر رمضان في اليوم الثاني لتنفيذ أحكام الإعدام واعتذار الإمام "أحمد" عن الحضور في ذلك اليوم، كان له الفضل في نجاته ومن تبقَ من زملائه من الموت، ومن رفاقه الناجين: 


علي محمد الربيدي، حسين الغفاري، عبدالملك السمة - ضابط صحي.


ومن المدنيين: القاضي حسين العنسي، السيد محمد الحكيم.


وفي أوائل العام 1375 هـ الموافق أكتوبر 1955، صدرت التوجيهات بالإفراج عنهم.


بعد نجاته من مقصلة السياف، غادر مدينة "تعز" بمساعدة بعض رفاقه في الشُعبة العسكرية، وتوجه الى صنعاء، وفيها التقى ببعض زملائه العائدين من مصر، منهم: 


المقدم لطف الزبيري، المقدم عبدالله صبره، المقدم عبداللطيف ضيف الله، علي سيف الخولاني، محمد المأخذي، وتدارس معهم أسباب الإخفاق في حركة 1955.


فوج "البدر":


في صفر 1376 هـ، الموافق سبتمبر 1956 صدرت التوجيهات بتشكيل فوج "بدر" من المناطق الغربية، وتعيينه وعدداً من زملائه فيه، منهم: 


عبدالله اللقية، محمد العلفي، حميد سوار، عبدالكريم السكري، حسين السكري، عبدالرحمن الترزي، عبدالله صبره، حسين الغفاري.


باشروا بعدها في تشكيل أول مجموعة للضباط الأحرار، على شكل مجموعات تعاونية، وخصصوا جُزءاً من مرتباتهم لمساعدة أي شخص منهم تحل به مصيبة.


وكان ضمن مجموعة: 


علي الربيدي، محمد الربيدي، محمد القادري، لطف الزبيري، وكلفت المجموعة "الزبيري" ليكون همزة وصل مع بقيت الأحرار وعلى رأسهم "محمد محمود الزبيري"، وأرسلت "محمد الربيدي" إلى "عدن" لشراء ماكنة لطباعة المنشورات.


نظمت تلك المجاميع داخل فوج البدر ومعها بعض السرايا النظامية مظاهرة صاخبة للمطالبة بضرورة تسليحهم وتسويتهم بالأخرين.


وفي منتصف الليلة الثانية للمظاهرة، تم خطفه ورفاقه من بيوتهم، ونقلهم مُكبلين الى سجني حجة والمنارة، وأفرجت عنهم السلطات في ربيع الثاني 1378 هـ، الموافق أكتوبر 1958. 


الكلية الحربية وكلية الطيران:


في نهاية العام 1958 استغل الأمير "محمد البدر" سفر والده الى "روما"، فقرر إعادة إنشاء الكلية الحربية وكلية الطيران ودمجهما مع كلية الشرطة، غير أن الإمام "أحمد" بعد عودته وجه بإغلاقها.


وفي 2 رجب 1378 هـ، الموافق 11 يناير 1959 صدرت التوجيهات بتعيينه وعدداً من زملائه ضباط تدريب وقادة سرايا في الكلية الحربية وكلية الطيران، ومن زملائه: 


حسين السكري - كبير المعلمين، عبدالرحمن الترزي، عبدالكريم السكري، سعد الأشول، وتعيين حمود  الجايفي مديراً لها.


وفيها تواصلوا مع طلابها المتميزين وأضافوهم إلى الخلايا السرية الممهدة للثورة السبتمبرية، منهم: 


ناجي الأشول، محمد مطهر، حمود بيدر، علي الجايفي، علي عبدالمغني.


مدرسة الأسلحة:


في العام 1959، وما تلاه، وصلت للقوات النظامية أسلحة روسية متنوعة منها الدبابات والمدفعية، فجرت محاولة جديدة لتجميع الضباط الوطنيين الأحرار في الجيش والأمن، وتم إنشاء مدرسة الأسلحة، ونقله وعدداً من زملائه إليها.


الحرس الملكي:


في النصف الثاني من العام 1960 صدرت التوجيهات بنقله وبعض رفاقه للعمل بمقام "محمد البدر"، بسبب تزايد الشكوك حول توجهاتهم الثورية، وهناك تمكنوا من التنسيق مع زملائهم العاملين بالحرس، منهم: 


نائب قائد الحرس المقدم حسين السكري، علي النعامي، واستطاعوا معاً توظيف المعلومات الواصلة إلى "البدر" حول تحركات الثوار وأماكنهم وأسمائهم، وإبلاغ رفاقهم أولاً بأول من أجل أخذ الحيطة والحذر، والتخلص في نفس الوقت من جواسيس "البدر"، وإحباط محاولاتهم للإيقاع بالثوار.


اغتيال الإمام أحمد:


في يناير 1961، قام زملائه: 

عبدالله اللقية، محمد العلفي، محسن الهندوانة، بمحاولة لم يُكتب لها النجاح، لاغتيال الإمام "أحمد"، أثناء زيارته لبعض حرسه، أسعفوا إلى مستشفى الحديدة، بسبب انقلاب إحدى سيارات موكب الإمام، فأطلق الثلاثة النار عليه وأصابوه إصابة مباشرة، لكنه لم يمت، وألقي القبض عليهم، ونقلهم الى "تعز"، وإعدامهم.


ثورة 26 سبتمبر 1962:


توالت الأحداث سراعاً، وتظافرت الجهود، وتوافرت الأسباب المُشجعة للثورة السبتمبرية، ليكون الانفجار الكبير في 26 سبتمبر 1962، وكانت لجهوده ورفاقه الأحرار خلال الفترة "1948 - 1961" عظيم الأثر في تفجيرها ونجاحها، وحماية النظام الجمهوري وتثبيت أركانه، والدفاع المستميت عن صنعاء خلال حصار السبعين.


وشارك عند قيامها وما تلاها من أحداث أرادت كبح جماح الفعل الثوري بعدة مناطق، منها: 


المنطقة الشرقية، الحيمة الداخلية، رازح، آنس، رداع، المنطقة الشمالية، همدان.


من أقواله:


ما من أحدٍ وعى ذهنه شيئاً من مفاهيم الحياة، والكرامة البشرية، والعدالة الإنسانية، يستطيع أن يخلُد إلى الاطمئنان والراحة في مجتمع تظافرت عليه قوى الشر، وتجمّعت حوله كل عوامل الإبادة والفناء.


أولاده:


محمد، علي، خالد - مهندس، عادل - مهندس، نبيل، عبدالله - طبيب، أحمد - طبيب، نجيب - مهندس.

الجمعة، 14 أبريل 2023

يوم القدس العالمي .. صرخة في وجه التحالف الشيطاني “الصهيو – أميركي”


مركز البحوث والمعلومات: زيد المحبشي


تُسمى الجمعة الأخيرة من شهر رمضان بالجمعة اليتيمة أو جمعة الوداع، ولهذا اختارها الإمام الخميني رحمه الله لتكون يوماً عالمياً للقدس السليب واليتيم:


"أدعو المسلمين في جميع أنحاء العالم لتكريس يوم الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك ليكون يوم القدس، وإعلان التضامن الدولي من المسلمين في دعم الحقوق المشروعة للشعب المسلم في فلسطين، وأطلب من جميع المسلمين في العالم والحكومات الإسلامية العمل معاً لقطع يد هذه الغاصبة – إسرائيل – ومُؤيديها".


تم إعلان هذا الاختيار المُبارك في يوم 13 - 15 رمضان 1399هـ، الموافق 7 أغسطس 1979، وتحديداً عقب احتلال الكيان الصهيوني الغاصب لجنوب لبنان، وكان الجنوب اللبناني يومها مرتعاً بلا راعٍ ولا حامٍ، يعاني التهميش والإهمال الحكومي، وها هو اليوم قلعة حصينة للمقاومة الإسلامية بقيادة حزب الله.

 

هذه المقاومة واحدة من ثمار دعوة الإمام الخميني المباركة لإعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية، وتدشين الجهاد المُقدس ضد الكيان الصهيوني الغاصب على كل الأصعدة والجبهات.


والحديث عن دور حزب الله وحركة أمل في تحرير جنوب لبنان وتكوين جبهة رديفة ومُساندة لقوى المقاومة الفلسطينية بحاجة لقراءة مستفيضة مستقلة.


الاختيار دقيق، والتوقيت في غاية الأهمية، فهو يأتي بعد شهرٍ حافلٍ بالعبادة والطاعات، وقلوب المسلمين أكثر قُرباً من الله، وأكثر إحساساً وإدراكاً للمخاطر المُحدقة بمدينة الأنبياء والبقاع المقدسة فيها، وعلى رأسها المسجد الأقصى، والمخططات الصهيونية الرامية لصهينة وأسرلة وعبرنة ما تبقَ من المعالم الإسلامية والمسيحية في المدينة المقدسة، وطمس هويتها العربية، وجعلها مدينة خالية من العرب، وعاصمة أبدية للكيان الصهيوني اللقيط.


اختياره رحمة الله عليه لجمعة القدس أتي بعد 6 أشهرٍ فقط من عودته إلى إيران وإعلانه قيام الجمهورية الإسلامية في هذا البلد المسلم، وفي قتٍ لم تعد فيه القضية الفلسطينية تُمثل قضية العرب والمسلمين الأولى وهمهم الأول، بل صار العديد من قادة العرب يتأمرون جهاراً نهاراً على الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة في استعادة أرضه وإقامة دولته الحرة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وهرول البعض مُسرعاً للتطبيع مع الصهاينة بلا كوابح أخلاقية ولا دينية ولا قومية ولا عروبية، فاتحين بازار المساومة والمتاجرة بالقضية الفلسطينية على مصارعيه، وهي متاجرة رخيصة في زمنٍ عزّ فيه الناصر.


 وأراد رضوان الله عليه بذلك التأكيد على أن القضية الفلسطينية تقع على قمة سُلم الأولويات للجمهورية الإسلامية الإيرانية الوليدة، والتي وضعت في بنك أهدافها منذ يومها الاول التصدي لمخططات الصهاينة الساعية بلا كلل ولا ملل للقضاء على الشعب الفلسطيني وإزالة كافة المظاهر الإسلامية في هذه الأرض المقدسة.


إعادة الإمام الخميني الاعتبار للقضية الفلسطينية، وتصحيح مسار النضال الفلسطيني، وتوجُهه بخطاب الاستنهاض الى الشعوب العربية والإسلامية بعيداً عن الحُكام والأطر الرسمية للأنظمة المتآمرة والمسبحة بحمد أبقار البيت الأسود وقرود تل أبيب، فتح على الشعب الإيراني الحر ونظامه الإسلامي الوليد أبواب جهنم، وجعله على قائمة المغضوب عليهم في جنة البيت الأسود الأميركي.


وعلى مدى أربعة عقود ونيف مارس النظام الأميركي ضد إيران الإسلامية كل أنواع الضغوطات والعقوبات من أجل إجبار نظامها على التخلي عن القضية الفلسطينية وعن دعم قوى المقاومة الإسلامية في المنطقة، واستخدمت الاستخبارات الأميركية والصهيونية كل الأساليب القذرة للتأليب ضد النظام الإسلامي الإيراني والعمل على خلخلته من الداخل وتصفية قائمة طويلة من رموزه الوطنية والعُلمائية في كافة المجالات، في محاولة عبثية مفضوحة لإسقاط هذا النظام الحر، لكن كل مراميهم ومساعيهم باءت بالفشل. 


ومن أهم ثمار مُبادرته رضوان الله عليه انتظام القوى الإسلامية الحية والحرة في فلسطين ولبنان تحت راية حركات المقاومة الإسلامية، بعد سنوات من دعوته، وبفضل الله وتوفيقه وتأييده أصبحت هذه القوى الحرة اليوم من القوة بمكان، واستطاعت إحباط العديد من المخططات "الصهيو – أميركية" في المنطقة، على رأسها مشروع الشرق الأوسط الجديد والقرن الأفريقي الكبير وإسرائيل الكبرى.


وتُحيي العشرات من الدول والقوى والحركات والأحزاب والتجمعات والتكتلات العربية والإسلامية والدولية يوم القدس بفعاليات متنوعة، تُحاكي مظلومية القدس والشعب الفلسطيني، وتكشف خفايا وأسرار المؤامرات "الصهيو – أميركية" المتناسلة للقضاء على القضية الفلسطينية نهائياً.


هذه الفعاليات كان لها الفضل في تشكيل الوعي العربي والإسلامي المُقاوم، وتزايد قوته ومنعته، وتحصين قوى الممانعة والمقاومة، وإيصالها الى مستوى أصبحت معه مُتحكِّمة بكل أوراق القوة في رقعة شطرنج الصراع المصيري مع ما يسمى بمحور الاعتدال "الصهيو – أميركي" في المشرق العربي.


والجميل في تلك الفعاليات المشاركة الواسعة من كل الأطياف والتوجهات والشرائح، وفي هذا تأكيدٌ جلي على أن قضية القدس "قضية إنسانية عالمية"، تتجاوز كل الحدود القومية والعرقية والدينية والمذهبية والطائفية والفكرية والسياسية والحزبية، لأنها تهم كل الأحرار الرافضين لجرائم الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة وجبروت وطغيان الحامي والحاضن الأميركي في المشرق العربي.


كما تعكس تلك الفعاليات المكانة الرفيعة لمدينة القدس والمسجد الأقصى في وجدان وذاكرة المسلمين بمختلف توجهاتهم، وأهمية الحفاظ على هذه الأماكن المُقدسة وعدم التفريط بها، مهما كانت الأسباب والمُغريات والضغوطات.


ويكتسب يوم القدس هذا العام أهمية خاصة، فهو يأتي مع تفاعل انتفاضة الضفة الغربية، وتصاعد المخاوف الصهيونية من تأثير ذلك على الوضع الصهيوني الداخلي الذي يشهد أزمة خانقة بين لفيف قواه السياسية المتصارعة على كعكة الحكم، هي الأسوأ منذ تشكُّل كيانه اللقيط في فلسطين المحتلة، بالتوازي مع ما تشهده المنطقة من مُتغيرات ليست في صالح الكيان العبري، أهمها عودة الدفئ إلى العلاقات "السورية – السعودية"، و"الإيرانية – السعودية"، والفشل الذريع الذي سجله تحالف العاصفة في اليمن، ونجاح القوى الحُرة في صنعاء في إرغام السعودية للجلوس على طاولة المفاوضات المُباشرة، وفرض صنعاء شروطها للسلام على المعتدين من موقع القوة.


هذه المتغيرات جعلت الكيان الغاصب مرعُوباً من فعاليات يوم القدس هذا العام، فقرر رفع كامل الجهوزية الأمنية لمواجهة أي طارئ قد يتهدد كيانه خصوصاً الجبهة الشمالية مع لبنان، تحسُّباً لمفاجآت وعد بها سيد المقاومة "حسن نصر الله" في يوم القدس.


وتنقل قناة الميادين اللبنانية عن مُعلق الشؤون العربية في القناة "13" العبرية "تسفي يحزكيلي" أنّ جهوداً قُصوى تُبذل من الأمين العام لحزب الله "حسن نصر الله" ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس "إسماعيل هنية"، وحركة أنصار الله، من أجل ممارسة الضغط على كيانه.


وتحدث الإعلام العبري عن وجود رغبة "لدى محور المقاومة في الربط بين ما يحصل على الأرض وبين يوم القدس"، مؤكداً بأن "التطورات التي تحصل في الشرق الأوسط تُقلق المؤسسة الأمنية، ولا يمكن فصلُها عما يحدث في إسرائيل".


يمنياً، شهدت البلاد بعد قيام ثورة 21 سبتمبر 2014 المباركة تفاعُلاً كبيراً مع فعاليات يوم القدس على مختلف الأصعدة، ويُؤكد قائد الثورة وأحد قادة محور المقاومة السيد "عبدالملك الحوثي" حفظه الله أن قضية القدس وفلسطين المُحتلة تعني الشعب اليمني بشكل مُباشر باعتباره واحداً من الشعوب الإسلامية الرافضة للظلم والضيم بكل صوره وأشكاله، فكيف إذا كان ذلك مُتعلقاً بأهم مُقدسات الأمة وقلبها النابض:


"قضية الأقصى والمقدسات وفلسطين شعباً وأرضاً تعنينا كأمة إسلامية بشكل مباشر، وموقع القضية يعبر عنه يوم القدس الذي اختاره الإمام الخميني رضوان الله عليه في آخر جمعة من شهر رمضان، ليكون ذلك بنفسه مُعبراً عن أهمية هذه القضية وعن موقعها وعن مرتبتها في سلم المسؤوليات، وعن طبيعة هذه المسؤولية باعتبارها مسؤولية إيمانية دينية تتصل بمسؤولياتنا الدينية وبالتزامنا الديني، وجُزء من مسؤولياتنا وواجباتنا التي فرضها الله سبحانه وتعالى، فهي فريضة دينية والتفريط بها خللٌ كبير في التزامنا الديني والإنساني والأخلاقي.


يوم القدس فرصةً مهمة للالتفات إلى القضية الفلسطينية التفاتةً عملية، بدلاً من الانتظار، والجمود، والتفرّج، والتعامل مع الموضوع وكأنه لا يعنِ الأمة إلا من واقع التعاطف، أن تدخل الأمة في إطار الموقف، في إطار المسؤولية والفعل، والتعبير والتحرك الجاد، وفرصةً كبيرة لتدارس هذه القضية، وتدارس ماذا تعنيه بالنسبة لنا كأمةٍ مسلمة، وفي نفس الوقت ما هي الحلول والخطوات العملية المُناسبة والصحيحة والحكيمة تجاه هذه القضية".


مؤكداً بأن الهدف من إحياء يوم القدس العالمي هو بقاء مشاعر الجهاد ورفض إسرائيل "حية" في نفوس المسلمين، ويقظة الشعوب الإسلامية من خلال البحث عن الرؤية الصحيحة للوصول إلى النتيجة المحتومة في الوعد الإلهي بتحقيق النصر الحاسم وإنقاذ الشعب الفلسطيني المظلوم وتطهير فلسطين والأقصى من رجس الصهاينة.


وتحتل القضية الفلسطينية موقع الصدارة في كافة أدبيات حركة أنصار الله والمسيرة القرآنية المباركة منذ انطلاقتها على يد الشهيد القائد السيد "حسين بدرالدين الحوثي"، وكانت أول ملزمة له عن يوم القدس العالمي، ولنا قراءة حولها، نشرتها وكالة سبأ العام الماضي.


وتعتبر المسيرة القرآنية المباركة "الجهاد ضد العدو الصهيوني والهيمنة الأميركية مُرتكزاً أساسياً لمشروعها، وعاملاً مُهماً في نهضة الأمة وتغيير واقعها وذلك من خلال الرؤية القرآنية التي ترتقي بالأمة في وعيها وتُحيي الروح الجهادية وتنتقل بالأمة من حالة الجمود وتلقى الضربات إلى موقع الفاعلية والتحرك الجاد في كل المجالات".


وفي المحصلة، سيظل يوم القدس صرخة مدوية في وجه التحالف الشيطاني "الصهيو – أميركي"، تستنهض الأمة لمواجهة هذا التحالف، وتُبقي قضية القدس حية في الوعي الجمعي للعرب والمسلمين الى أن يأتي النصر الإلهي بالتحرير والتنظيف لتلك البقاع الطاهرة من دنس ورجس اليهود.


 وسيظل أيضاً كما يرى الدكتور "وليد القططي" حداً فاصلاً بين تيارين:


"الأول يُوّجه بوصلته نحو القدس، ويُصوّب بندقيته نحو الكيان الغاصب للقدس، ويُريد أن تكون كل البلاد فلسطين، وكل الأيام للقدس، ويتوق لرؤية كل الأمة عزيزة، ويزرع كل الأرض مقاومة. 


والثاني يُوّجه بوصلته إلى كل الاتجاهات ما عدا القدس، ويُصوّب بندقيته إلى كل الأماكن ما عدا الكيان الغاصب للقدس، ويُريد أن تُحذف فلسطين من الجغرافيا، ويُحذف يوم القدس من التاريخ، ويتوق لرؤية كل الأمة ذليلة، ويزرع كل الأرض مساومة".


وعلينا أن نختار إما محور المقاومة والممانعة الرافع راية الحرية والكرامة ومقارعة التحالف الاستعماري "الصهيو – أميركي"، أو الانسياق وراء محور الاعتدال والانبطاح الرافع راية العمالة والتطبيع ومحاربة قوى المقاومة الإسلامية الحرة والمتاجرة بالمقدسات الإسلامية وقضايا الأمة المصيرية.


ولا وجه للمقارنة بين محورين:


الأول مركزه "القدس" قلب فلسطين، ومشاعله كل القوى الحرة الرافضة لأن تكون أميركا قدراً جبرياً والكيان العبري اللقيط قضاء قهرياً على الأمة.


والثاني مركزه "أورشليم" قلب الاحتلال الصهيوني، وأدواته صهاينة العرب المطبعين وكلابهم المسعورة من الجماعات التكفيرية.


الاختيار صعب، لكن لا مجال للبقاء في المنطقة الرمادية، ولذا فنحن اليوم مطالبون أكثر من أي وقتٍ مضى بإعادة التفكير في الأحداث العاصفة بنا، بما فيها من مؤامرات تروم طمس هويتنا وديننا ومقدساتنا، وجعلنا أمة مسلوبة القرار والإرادة والأرض والسيادة والثروة والهوية، وإعادة توحيد كل الطاقات والجهود باتجاه المعركة الحقيقية مع الاحتلال الصهيوني وقوى الاستكبار العالمي، وتجديد تأكيد القوى الحية والحرة في العالم العربي والإسلامي على دورها المبدئي والعقدي والتاريخي والمقاوم في دعم ومساندة الفلسطينيين والمقدسيين في هذه المعركة المقدسة والفاصلة بين الحق والباطل.

الأحد، 9 أبريل 2023

غزوة بدر الكبرى معركة الوجود الأولى للمسلمين



مركز البحوث والمعلومات: زيد المحبشي

السبت، 17 رمضان 1444هـ الموافق 08 أبريل 2023

في تاريخ المعارك والغزوات، هناك مرحلة فاصلة ومصيرية في المواجهة العسكرية بين قلة مُستضعفة مُطاردة مُشردة مُعذبة مظلومة مسلوبة حقوقها المادية والسياسية وأكثرية طاغية مستبدة متفرعنة متجبرة، ما يجعل تلك القلة المُستضعفة أمام خيارين لا ثالث لهما، إما أن تكون وتسترد حقوقها وترفع راية دولتها وتكسب نفسها وقضيتها وهويتها وكينونتها وذاتها، أو تتلاشى وتنتهي، وتنتهي كل أحلامها، وتتبخر قضيتها، وتسقط رايتها، ولا تقوم لها بعدها قائمة، ما يجعل من المنازلة بين الفريقين مستميتة.

وهذا ما جرى في غزوة بدر الكبرى، صحيح أنه سبقتها غزوات وسرايا، لكنها كانت محدودة الأهداف ورقعة المواجهة، بمعنى أنها كانت تتجه نحو فئات وأهداف بسيطة، عكس غزوة بدر الكبرى، فقد كانت مفصلية من حيث نوعية الهدف ورقعة المواجهة، وقف فيها ثُلة المؤمنين في مواجهة جبروت وطغيان قريش لأول مرة، وكانت قريش من القوة والمنعة والجبروت والبطش والطغيان بمكانة ترهبها وتهابها كل قبائل جزيرة العرب، ولها سجل أسود مع المسلمين في بدايات الدعوة الإسلامية بمكة المكرمة.

تفنن طُغاة قريش خلال مرحلة الدعوة المكية في تعذيب المسلمين والتنكيل بهم، ومارسوا كل أساليب وألوان الترهيب ضدهم لإجبارهم على ترك دينهم والتخلي عن نبيهم، وسلبوا كل ممتلكاتهم ومدخراتهم، وشرّدوهم من بلادهم، ما جعل من المعركة مصيرية وفاصلة في تاريخ دولة الإسلام الوليدة، فإما أن ترتفع راية الإسلام وتقوم دولة العدل الإلهية أو تتلاشى وتتبخّر معها الدعوة المحمدية الخاتمة للرسالات الإلهية الإنقاذية لبني البشر.

إذن فهي معركة فاصلة بين الإسلام والكفر، وقف فيها الهدى والحق والحقيقة والنور والعلم والخير في مواجهة الضلال والباطل والزيف والظلام والجهل والشر، ووقفت فيها الحرية والكرامة والمساواة والإخاء والعدل والفضيلة والنجاة، في مواجهة العبودية والجاهلية والاستعباد والاستبداد والطغيان والظلم والقهر والطبقية والرذيلة والهاوية.

لقد كانت بوجيز العبارة أول معركة وجودية للمسلمين بعد انتقالهم إلى المدينة المنورة وشروع خاتم الأنبياء والمرسلين في وضع اللبنات الأولى لدولة الحق والعدل الإلهية، وأول اختبار عملي لحصاد 15 عاماً من جهود النبي صلى الله عليه وآله وسلم في البناء الروحي والمعنوي لطليعة المؤمنين الملتحقين بدين الإسلام المنقذ للبشرية من الغواية والظلال، لذا فهي منعطف تاريخي فاصل، وجد المسلمون أنفسهم فيها أمام خيارين لا ثالث لهما، إما أن يكونوا أو لا يكونوا، وأراد الله لهم الكينونة والعزة والرفعة، بعد أن تحققت شروط الإيمان والثقة المُطلقة بنصر الله وتأييده، والتوكل الممهور بتشمير سواعد الجد والعمل والصمود والثبات، لا التواكل والتواني والتراخي كما جرى في غزوة "أحد".

وفي تقديرنا فقد أعاد أحفاد الأنصار في اليمن بقيادة حفيد الإمام علي عليه السلام خلال مواجهتهم لعدوان تحالف العاصفة العبرية على بلادنا في سنوات الجمر الثمان الأخيرة، للذاكرة اليمنية والإسلامية كل مشاهد وإرهاصات ووقائع معركة بدر الكبرى، أسمى تجليات ذلك تمكنهم بفضل الله وتأييده وتوفيقه وتسديده من صدّ ذلك التحالف المعزز بتأييد ودعم كل طُغاة العالم والمدجج بكل ما لذ وطاب مما أنتجته مصانع الأسلحة العالمية، وتجريعه هزيمة مُنكرة لم يكن يتوقعها أحد، رغم قلة عدد المُقاتلة وبساطة الإمكانيات القتالية والمادية إن لم يكن انعدامها.

 

حيثيات المعركة:

 

بلغ النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن قافلة تجارية لقريش قادمة من الشام تضم 1000 بعير مُحمّلة بضائع تُقدّر قيمتها بـ 50 ألف دينار ذهبي، يقودها "أبو سفيان بن حرب"، ومعه "30 - 40" رجلاً.

الهدف ثمين، وفيه تعويض لبعض ما سلبه كفار قريش من المسلمين في مكة من أموال وعقارات ومُدّخرات، والأهم من هذا يُمثّل ضربة قاسية لعصب اقتصاد طُغاة قريش.

طلب صلى الله عليه وآله وسلم من أصحابه التجهز للخروج من أجل الاستيلاء عليها، فخاف بعضهم، وثقُل بعضهم، لأنهم لم يظنوا أن النبي يلقى حرباً.

كلّف صلى الله عليه وآله وسلم "أبو لبابة" بإدارة شؤون المدينة كي لا يحدث فراغ خلال غيابه يتسلل منه الكفار والمنافقين واليهود، و"إبن أم مكتوم" لإمامة الصلاة فيها.

عندما دنا "أبو سفيان" من "الحجاز" تحسس الأخبار فعلم بما عزم عليه رسول الله، فغيّر وجهة القافلة للتمويه، واستأجر "ضمضم بن عمرو الغفاري"، وأرسله إلى مكة لاستنفار أهلها وطلب النجدة.

وكان خروج النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه لاعتراض القافلة بوادي "ذفران" طريق مرورها، في منتصف جمادى الآخرة 2 هـ.

أقبلت قريش بكل قوتها وكبريائها وجبروتها، لإدراك وحماية قافلتها، لم يتخلّف منهم أحد سوى "أبو لهب"، لكنه استأجر مكانه "العاصي بن هشام بن المغيرة".

ورغم نجاة "أبو سفيان" بالقافلة، وطلبه من أصحابه العودة إلى مكة، رفض "أبو جهل" ذلك، وأخذته العزة بالإثم، ورأى وجود إمكانية للقضاء على المسلمين أو توجيه ضربة مُوجعة إليهم، فقرر خوض المعركة، وأصرّ على مواصلة المسير إلى "بدر"، والإقامة فيها 3 أيام، يشربون ويمرحون ويغنون وينحرون حتى تسمع بهم وبمسيرهم كل العرب فتهابهم.

أرسل رسول الله رجلين إلى "بدر" للوقوف على أخبار قريش، وعندما بلغه أنهم مصممون على المواجهة، فضّل في البداية عدم الاصطدام العسكري المباشر، فتوجه إلى قريش، قائلاً: "إني أكره أن أبدأكم فخلُّوني والعرب وارجعوا"، لكنها رفضت دعوته وآثرت الحرب، فلم يكن أمام المسلمين سوى المواجهة العسكرية.

وجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نفسه أمام خيارين أحلاهما مُرّ، إما القتال رغم فارق العدد والعتاد، أو الرجوع إلى المدينة المنورة، وهذا يعني انهيار كل ما كسبه المسلمون من الهيبة والمهابة، بفضل المناورات العسكرية، والعروض النظامية السابقة، وبخاصة إِذا تقدم العدوّ نحو المدينة في ظل هذا الانسحاب واجتاح مركز الإسلام "المدينة المنورة".

لذا اختار صلّى اللّه عليه وآله وسلم خيار المواجهة والمنازلة والمقاومة حتى اللحظة الأخيرة والنفس الأخير.

 

تاريخ المعركة:

 

وقعت في يوم الإثنين 17 رمضان 2 هـ، الموافق 13 مارس 624 م، وقيل يناير 624 م.

واستمرت من صباح ذلك اليوم إلى ساعات الظهر الأولى، وهي من المعارك القصيرة في الإسلام، حيث لم تتجاوز عدة ساعات.

 

مكان المعركة وتسميتها:

 

تُسمّى غزوة بدر الكبرى أو الثانية، وقد سبقتها عدة غزوات وسرايا، لكنها كانت محدودة، وتذكر كُتب السير غزوتين أُخريين باسم بدر، هي بدر الأولى وبدر الموعد أو الثالثة، لكن الأكثر شهرة غزوة بدر الكبرى.

اعتاد العرب على تسمية المعارك التي خاضوها بأسماء المناطق التي دارت فيها، لذا أطلقوا على هذه الغزوة اسم "بدر" نسبة لبئر ماء يعود لشخص يحمل نفس الاسم، دارت حوله المعركة.

يقع هذا البئر في وادي "بدر"، بين مكة والمدينة المنورة، وهو من أسواق العرب في الجاهلية وأحد مراكز تجمُّعهم للتبادل التجاري والمُفاخرة، كانوا يقصدونه كل عام، لذا فهو عندهم بنفس مكانة وأهمية سوق "عكاظ".

ويقع الوادي على بُعد نحو "140 - 160" كيلو متراً جنوب غرب المدينة المنوّرة، و"300 – 343" كيلو متر شمال مكة المكرمة.

وأُطلق على المشاركين من المسلمين في هذه المعركة اسم "البدريين"، وهو وسام تكريمي لثُلة المؤمنين المشاركين في ذلك الحدث العظيم والمفصلي في تاريخ الإسلام والمسلمين، وتخليداً لما سجّلوه من بطُولات، وأصبح المسلمون من بعدهم يتمنون مناداتهم بالبدريين.

 

المعركة في القرآن:

 

وصفها الله في محكم التنزيل بيوم "الفرقان"، وورد ذكرها في عدة مواضع، منها الآيات "1 - 19" و"36 - 51" و"67 - 71" من سورة الأنفال، و"12 - 13" و"123 - 127" من آل عمران، و "77 - 78" من النساء.

وسبب وصف الله سبحانه وتعالى لها بيوم "الفرقان": "يوم الفرقان يوم التقى الجمعان"، لأنها كانت يوماً فاصلاً بين الإسلام والكفر، لذا فهي من المعارك الخالدة التي تركت بصماتها على مسيرة الدعوة الإسلامية ومستقبل الرسالة.

 

قوات الفريقين:

 

1 - المسلمون:

 

313 رجلاً، و70 بعيراً، وفرسان، أحدهما للزبير بن عوام، والآخر للمقداد بن عمرو الكندي، وقيل 3 أفراس.

توزعت قواتهم بواقع 82 من المهاجرين، و230 من الأنصار منهم 170 من الخزرج و61 من الأوس.

 

2 - الكفار:

 

900 - 1000 مقاتل، و700 بعير، و200 وقيل 400 فرس.

 

أجواء المعركة:

 

نزلت قريش بالعدوة القصوى من وادي "بدر"، وبعث الله السماء - أمطرت السماء، وكان الوادي ليِّناً، فأصاب الرسول وأصحابه منها ما لبَّد لهم الأرض، ولم يمنعهم عن السير، وأصاب قُريشاً منها ما لم يقدروا على أن يرتحلوا معه، فنزل الرسول بأدنى ماءٍ من القوم، وهنا تتجلى الحكمة النبوية، في أهمية الاختيار المكاني، للضغط على العدو، وتأمين عوامل القومة والمساومة قبل المواجهة.

دفع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم راية المعركة إلى الإمام علي عليه السلام، وهي راية سوداء اسمها "العقاب"، ولواء المهاجرين إلى "مصعب بن عمير"، ولواء الخزرج إلى "الحباب بن المنذر"، ولواء الأوس إلى "سعد بن معاذ".

ورفع كفه داعياً ومُناجياً ربه، ومستمداً منه العون: "اللَّهُمَّ إنْ تُهلِك هذه العِصابة لا تُعبد في الأرض".

أرسل الكفار 3 من أشرس مقاتليهم، هم: عتبة بن ربيعة بن عبد شمس وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة، وطلبوا من المسلمين المنازلة، فبرز لهم بنو عفراء "معاذ ومعوذ وعوف بن الحارث"، وكانوا من الأنصار، لكن قادة المشركين أنفوا ورفضوا مواجهتهم، لأنهم رأوا فيهم قُدرات قتالية لا ترقَ إلى مستواهم، وطلبوا من رسول الله إرسال 3 أخرين من كبار مُقاتليه يكونوا أكِفاء وأنداداً لهم، فاختار 3 من أقاربه، هم: الإمام علي بن أبي طالب، وعبيدة بن الحارث بن عبدالمطلب، وحمزة بن عبدالمطلب.

نازل عبيدة بن الحارث بن عبدالمطلب - 63 عاماً، عتبة بن ربيعة - جد معاوية بن أبي سفيان لأمه، وكانا أسنّ القوم.

وواجه حمزة بن عبدالمطلب - 57 عاماً، شيبة بن ربيعة، وكانا أوسط القوم سِناً.

وتولّى الإمام علي عليه السلام - 20 عاماً، مهمة منازلة الوليد بن عتبة - وهو خال معاوية بن أبي سفيان، وكانا أصغر القوم سِناً.

ضرب الإمام علي الوليد على يمينه فقطعها، فأخذ يمينه بيساره، فضرب بها هامة الإمام عليه السلام.

ويصف سلام الله عليه ذلك: "ظنَنتُ أنَّ السماءَ وقعت على الأرض"، ثم ضربه ضربة أخرى على أم رأسه فقسمه نصفين.

وبرز له حنظلة بن أبي سفيان، فضربه، فسالت عيناه ولزم الأرض، وأقبل العاص بن سعيد، فلقيه سلام الله عليه فقتله.

وسأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "من له علمٌ بنوفل بن خُويلد".

أجاب الإمام علي عليه السلام: أنا قتلتُه.

فكبَّر صلى الله عليه وآله وسلم، وقال: "الحمدُ للهِ الذي أجاب دعوتي فيه".

بعد مقتل قادة قريش الثلاثة اشتبك الجيشان، وتسبب مقتلهم في انهيار معنويات الكفار وتفرُّق وانهزام جيشهم، وتسهيل المهمة على المسلمين للإجهاز على ما تبقَ منهم.

ويذكر المؤرخون أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أخذ كفاً من الحصى ورمى بها على المشركين، وقال: "شاهت الوجوه"، فلم يبعد منهم أحد إلا بفرك عينيه، فكانت هزيمة قريش.

 

الشورى والتشارك في القيادة:

 

بعد وقوفه صلى الله عليه وآله وسلم على نية قريش بالمواجهة، ومعرفته قوام قوتهم وعتادهم، استشار الصحابة في الإجراء الواجب اتخاذه، وكان يقصد الأنصار، لأنهم الأكثر عدداً في جيش المسلمين، ولأنهم بايعوه قبل الهجرة إلى المدينة على المُؤازرة والنُصرة والحماية.

والاستشارة إجراء غير مألوف في ذلك الزمان، أراد منه معرفة مدى استقامة أصحابه من ألسنتهم، وإشعارهم بأهمية رأيهم عنده، وأنه ليس سُلطاناً مُستبداً يُصادر آراءهم وحريتهم، وإعطائهم درساً عملياً على الاشتراك في القيادة.

وهي أول خطوة في برنامج التعبئة الروحية والمعنوية والعسكرية.

كانت كلمات الصحابة فواحة بالشجاعة والعزة والإباء والاستقامة والثقة بنصر الله والثبات.

تذكر كتب السيرة أنّ المسلمين بعد وصولهم إلى "بدر"، ومعرفتهم بمجيء قريش وقوتهم وعتادهم، جزعوا وخافوا، فاستشارهم النبي في الحرب، قائلاً: "أشيروا عليّ"، فأشار بعضهم بعدم المواجهة، لأن هذه "قريش وخُيلاؤها ما ذُلّت منذ عزّت"، وأشار آخرون بخوض المعركة، وقال المقداد بن الأسود يومها كلمته الشهيرة: يا رسول الله والله لا نقول لك ما قالت بنو اسرائيل لموسى "اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون"، ولكن نقول: "اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكم مقاتلون".

 

الطابور الخامس:

 

كان الطابور الخامس حاضراً بقوة في تلك المعركة المصيرية، وكعادة هذه الفئة المخذولة والمُثبِّطة في كل زمان ومكان، استغل المنافقين واليهود المتخلفين في المدينة فارق العدد في المقاتلة بين المسلمين والمشركين، وخشيتهم من انتصار الرسول والمسلمين، لبث الشائعات والفزع والرعب في أوساط سكان المدينة المنورة، فأشاعوا بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قُتل، وهُزم أصحابه في المعركة، وذلك من أجل نشر الفوضى والاضطراب واليأس، لكن مراميهم خابت وخسرت.

ولخطورة ذلك سارع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بعد انتهاء المعركة مباشرة بإرسال "عبدالله بن رواحة" و"زيد بن حارثة" إلى المدينة، لإخبار سُكانها بنصر الله لعباده المستضعفين، ليقطع الطريق على ذلك الطابور الشائه.

 

الإمام علي بطل المعركة الأول:

 

لم يكن تسليم راية "العقاب" للإمام علي عليه السلام حدث عابر، بل خُطوة مدروسة، لها دلالاتها التي لا يمكن فصلها عن عملية التهيئة للولاية التي أمر الله تبليغها للناس في واقعة الغدير الشهيرة، وهذا يعني ببساطة أن القيادة العامة في المعركة كانت للإمام علي بعد النبي، وفي ذلك تأكيدٌ جلي على قدراته سلام الله عليه، وموقعه في الإسلام، وأنه يُشكِّل الملاذ الآمن للمسلمين، بالنظر إلى البلاء الذي أبلاه في واقعة بدر، ومدى اطمئنان النبي والمسلمين لقيادته رغم صِغر سنه.

سجّل سلام الله عليه بُطولات خارقة في هذه المعركة، وكان قُطبُ رحاها وبطلها بلا منازع.

قال الإمام الباقر عليه السلام: نادى مُنادٍ من السماء يوم بدر يُقال له رضوان، لا سيف إلّا ذو الفقار، ولا فتى إلّا علي.

نظراً لشدة نكايته بالمشركين وفريه لرقابهم، واستئثاره بقتل أكثر من نصف ضحاياهم، منهم كبار قادتهم وأشجع مقاتليهم، وأصحاب ألويتهم.

ويذكر المؤرخون أن رجلاً من بني كنانة دخل على معاوية، فقال له: هل شهدت بدراً؟.

 

قال: نعم.

 

قال: صف ما رأيت؟

 

قال: رأيت علي بن أبي طالب غُلاماً شاباً ليثاً عبقرياً يفري الفري لا يثبت له أحد إلا قتله ولا يضرب شيئاً إلا هتكه، ولم أرَ أحداً من الناس يحمل حملته ويلتفت التفاته، وكان له عينان في قفاه وكأن وثوبه وثوب وحش.

لا نُبالغ إذن إن قلنا أن معركة بدر وضعت الإمام علي عليه السلام في مركز الصدارة بين المسلمين، وأنه أحق الناس بخلافة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سواء على مستوى الميدان، أو ما يتمتع به من حكمة وصواب ورأي، أو من جهة قُدرته وتفانيه في سبيل المبدأ، وأنه لولاه لم تكن نتائج الحرب في صالح المسلمين.

 

نتائج المعركة:

 

لحقت بالكفار هزيمة مُنكرة، وفقدوا فيها كبار القوم وصناديدهم وأشجع شُجعانهم وأعزّ أبنائهم، وبلغ عدد قتلاهم 70 وقيل 72 قتيلاً، وأُسر منهم 70، ومن أبرز قتلاهم: عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة، وأمية بن خلف، وأبو جهل عمرو بن هشام.

 

وقتل الإمام علي "22 - 35" شخصاً من صناديدهم، منهم:

 

1 - حنظلة بن أبي سفيان

2 - العاص بن سعيد بن العاص.

3 - عبدالله بن المنذر.

4 - حرملة بن عمرو.

على الصعيد الإسلامي، ارتقى 22 شهيداً، 14 من الأنصار و8 من المهاجرين، وقيل ما بين "9 - 14" رجلاً، ولم يُؤسر منهم أحد.

 

التعامل الراقي مع الأسرى:

 

عاد المسلمون بالأسرى إلى المدينة، وتعاملوا معهم بطريقة إنسانية راقية كتعاملهم مع أي واحدٍ منهم، على عكس عادة العرب في التعامل مع أسرى الحروب، ثم قبلوا منهم الفداء، ومن لم يكن لديه ما يفدي به نفسه طلبوا منه تعليم 10 من أولادهم مقابل إطلاق سراحه.

 

ومن أهم المبادئ التي أرساها الإسلام في هذا الجانب:

1 - احترام الأسرى والرحمة بهم وعدم إيذائهم.

2 - عدم التنكيل بجثث قتلى العدو.

 

عوامل وأسباب النصر:

 

هناك عدة عوامل ساعدت مُجتمعة في صناعة سيمفونية النصر البدرية، أهمها:

1 - الإيمان المُطلق بالله، والتوكل عليه، والثقة بنصره وتأييده لعباده المستضعفين في أرضه.

2 - عشق الشهادة وإخلاص النية للجهاد في سبيل الله وإعلاء كلمة الله.

3 - الإيمان بالقضية والمظلومية، والاستعداد الكامل للتضحية بالغالي والنفيس في سبيل هذه الغاية السامية، والإخلاص والصدق في مواجهة العدو حتى لو كان من أقرب المقربين.

يقول الإمام علي عليه السلام: كنا مع رسول الله نُقاتل آباءنا وأبناءنا وإخواننا وأعمامنا ما يزيدنا ذلك إلا إيماناً وتسليماً وجِدّاً في جهاد العدو، فلمّا رأى الله صدقنا أنزل بعدونا الكبت، وأنزل علينا النصر حتى استقرّ الإسلام.

كما وجد الأنصار أنفسهم أمام أول تجربة في حماية رسول الله ونُصرته، والوفاء بما قطعوه على أنفسهم في بيعة العقبة، فكان قتالهم شديد الضراوة.

4 - التسديد واللطف والعناية الإلهية، بما في ذلك إمداد الله لعباده المؤمنين بالملائكة، وإرسال النُعاس والمطر، وإلقاء الرعب في قلوب المشركين، وتقليل عدد المشركين في عيون المؤمنين.

5 - التخطيط والتدبير الحربي الجيد، وإعداد العدة والرصد الواعي، ومعرفة نقاط ضعف العدو.

6 - وضع رسول الله أقاربه في الخط الأول للمواجهة، فاختار الإمام علي وحمزة وعبيدة بن الحارث للمبارزة الأولى، ليُبرهن للمسلمين والمشركين على حدٍ سواء أنه صاحب رسالة إلهية، وليس صاحب مشروع شخصي، لذا فهو يبدأ بأهل بيته، ولا يستغلّ الناس للوصول إلى أهداف دنيوية خاصة، مُحيّداً أهل بيته وأقاربه عن المخاطر، كما يفعل الكثيرون من الملوك والزعماء السياسيين ممن يرسلون أبناءهم إلى خارج البلاد في أوقات الحروب ويقاتلون بأبناء الآخرين، وهذا الفداء والتضحية من أهم عوامل النصر.

7 - إدارة رسول الله المعركة بطريقة تُراعي العوامل المادية والمعنوية، وعبّأ أصحابه تعبئة إيمانية فائقة، وأحسّ بهم وأحسّوا به وامتزج بهم، وأصبح أغلى من أنفسهم، واستشارهم وطَّيب خواطرهم، وجعلهم هم الذين يقررون الإقدام على القتال.

8 - تحكُّم المسلمين في مُجريات المواجهة فكانوا أبطال ضرباتهم منذ بداياتها، وسبقوا العدو إلى الميدان والسيطرة على أرض القتال المناسبة، وتحكّموا في الماء، ووراء ذلك كله عناية الله بهم.

 

القيم والدلالات:

 

أسس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في هذه المعركة جملة من المفاهيم والمبادئ والأسس المهمة، منها:

 

1 - التأكيد على أن الغلبة للقوة الروحية وليس للقوة العسكرية كما يتوهّم أباطرة العالم المادّي، متى توافرت شروط الإيمان.

2 - أهمية دور القائد في احتواء المقاتلين ودعمهم مادياً ومعنوياً بالتشجيع والدعاء.

3 - التأكيد على أن أخوّة المسلمين الحقيقية بالعقيدة والإيمان، وجعلها أهم من الأخوّة في الدم إن كان الأخ كافراً بالله.

4 - التأكيد على أن الشورى أمان من الخطأ، وحرز من الخطر، وأن الاستبداد سبب كل الكوارث العاصفة بالبشرية عبر التاريخ.

 

المراجع:

 

1 - الدكتور المرتضى بن زيد المحطوري، السيرة النبوية، مكتبة بدر للطباعة والنشر، نسخة إلكترونية.

2 - أسعد عبدالله علي، قراءة في أبعاد نتائج معركة بدر، شبكة النبأ المعلوماتية، يونيو 2019.

3 - حاتم إسماعيل، دور علي عليه السلام في معركة بدر، موقع شبكة المعارف الإسلامية الثقافية.

4 - عبير المنظور، غزوة بدر الكبرى، انتصار ومنهج حياة، موقع مدونة الكفيل.

5 - علي الصلابي، غزوة بدر الكبرى .. حدث عظيم في شهر رمضان وبداية لانتصارات المسلمين، الجزيرة نت، 23 مايو 2019.

6 - محسن باقر محمد صالح القزويني، بدر: معركة الوجود، جامعة أهل البيت - كلية العلوم الإسلامية.

7 - محمد أحمد حسين، غزوة بدر الكبرى: دروس وعبر، موقع بوابة السيرة النبوية.

8 - محمد طاهر الصفار، معركة بدر .. بوصلة السماء، موقع العتبة الحسينية، 15 مايو 2019.

9 - موقع العلامة حسين الخشن، معركة بدر.. دروس وعبر.

10 - موقع حسين أنصاريان، بطولة الإمام علي عليه السلام في معركة بدر.

11 - موقع محمد نبي الرحمة، معركة بدر، 10 نوفمبر 2019.

12 - موقع مركز الاشعاع الإسلامي للدراسات والبحوث الإسلامية، معركة بدر الكبرى.