Translate

الخميس، 21 مايو 2020

صفحات مشرقة من تاريخ الوحدة اليمنية



زيد يحيى المحبشي، 21 مايو 2020
الوحدة اليمنية في مفهوم الراحل محمد أحمد نعمان: " أمٌ لكل اليمنيين، وينبغي التعامل معها على هذا الأساس، كأم وليس كزوجة, فالأم في هذا السياق لا يمكن إلاّ أن نحبها مهما كانت، وبأي شكل بدت، أما الزوجة فنحن نختارها أو أقل شيء نقبل بها، لهذا لا مناص من أن الوحدة هي بالنسبة لليمنيين (الأم), قدرنا الذي لا يمكن أن نوجد بدونه".
وحدة اليمن أرضاً وإنساناً من المسلمات الثابتة ثبوت وجود الشعب اليمني والأرض اليمنية، والسمة الغالبة على تاريخ هذا الشعب، والقاعدة العاكسة لجوهر الإرادة اليمنية، النازعة على الدوام إلى التوحد والاتحاد، باعتبار ذلك من عوامل القوة في مواجهة أخطار الطبيعة وتطويعها لصالح الإنسان اليمني ومواجهة الأطماع الاستعمارية الخارجية.
ورغم تقاسم الحكم في بعض الفترات بين أكثر من دولة, إلاّ أن هذه الدويلات لم تنجح في إرساء أي شكل من أشكال الانفصال, لأن الوحدة الجغرافية والتاريخية والاجتماعية والثقافية كانت أكثر قوة وصلابة ومتانة من النزعات الانفصالية الشاذّة والغريبة على اليمن وشعبه الواحد الموحد في مساره ومصيره منذ فجر التاريخ.
في الاتجاه الأخر شكلت حالات التجزئة والانشطار التي شابت اليمن في بعض المراحل التاريخية، ظاهرة استثنائية وعابرة، فرضتها ظروف استثنائية، وصنعتها إرادة غير يمنية، أي أنها لم تكن في يوم من الأيام أمراً طبيعياً بل ظاهرة غريبة ودخيلة على اليمن وشعبه وتاريخه الوحدوي المشرق.
ومن خلال قراءتنا السريعة لتاريخ اليمن الوحدوي منذ الألف الخامسة قبل ميلاد المسيح عليه السلام وحتى أخر نموذج للوحدة اليمنية في العام 1990، تأكد لنا أن فترات التوحد كانت على الدوام الأطول زمنياً وأحد أهم عوامل القوة والأمن والاستقرار والازدهار والانتعاش الاقتصادي والفكري والحضاري ليس لليمن فحسب بل ولمحيطها الإقليمي، في حين كانت فترات التجزئة قصيرة جداً, كما أن ما شهدته اليمن من ممالك ودول متعددة سواء قبل الإسلام أو بعد استقلال اليمن عن الدولة العباسية وصولاً إلى العام 1914 إنما كان تعدد وتنوع يثري قاعدة التوحد ويعززها، لسببين هما:
1 - استمرار بقاء التواصل والاتصال الثقافي والمعيشي, ناهيك عن حرية تنقل الناس فيما بينهم.
2 - عدم تجاوز سقف الاختلاف المستوى السياسي، ودون أن يتعداه إلى المستويات الأخرى سواء كانت اقتصادية أو ثقافية أو اجتماعية, وهو ما حافظ على وحدة الشعب ووحدة خصائصه، كما لم تشهد تلك الفترة وجود حدود سياسية مرسومة بالمعنى المتعارف عليه بين الدول.

* الوحدة اليمنية قبل الإسلام
ذُكِرت اليمن في الكثير من الكتب القديمة كالتوراة وكتب مؤرخي الإغريق واليونان ووصفت باليمن السعيد ولم يوصف أي بلد غيرها بهذا، ووصفها القرآن الكريم بالجنة والبلدة الطيبة، ولم يصف أي بلد سواها بهذا, وخصها بسورتي سبأ والأحقاف ولم تكن سبأ سوى مملكة اليمن القديمة، وهو تعبير لغوي مجازي المقصود منه السلطة اليمنية والشعب اليمني وحضارته الضاربة التي قامت بسبأ مأرب وأحقاف حضرموت.
وسبأ والأحقاف أسماء لمناطق يمانية، ومن القصص القرآنية الخاصة باليمن: أصحاب الجنة وأصحاب الأخدود والفيل وأبرهة الأشرم وإرم ذات العماد وذو القرنين السيار وملكة سبأ والسيل العرم وقوم تبع.
وعندما أسلم أهل اليمن طواعية خصهم الله بسورة النصر، وقال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وهو يستقبل وفودهم: "جاءكم أهل اليمن ....".
هكذا تحدث القرآن والرسول الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم عن أهل اليمن ومملكة سبأ في إطار منطق الوحدة وليس منطق التجزئة، وعن مكانة هذا البلد ودوره الحضاري قبل مجيء الرسول الخاتم، على أن هذا الدور وتلك المكانة لم تأتي من فراغ، بل كان هناك شعب عظيم وقادة كبار استطاعوا توحيد أيادي سبأ منذ فجر التاريخ في كيان حضاري موحد، توفرت له كل أسباب القوة والازدهار، بما جعله يصل إلى مستوى تنظيم نفسه، في نُظم سياسية قوية، فرضت نفسها على قبائل الجزيرة العربية وما وراءها من الأمم، وما كان لها أن تصل إلى هذا المستوى لو لم تكن موحدة أرضاً وإنساناً، في وقت تعاقبت على حكم اليمن العديد من الممالك هي معين وسبأ وحمير، وفي فلكها أوسان وقتبان وحضرموت.. إلخ.
وهناك أكثر من 5000 نقش أثري، تتحدث عن هذه الممالك، وما شهدته من بروز قادة كبار، كان لهم الكأس المُعلا في تحقيق الوحدة اليمنية والحفاظ عليها، وكان بين كل وحدة وأخرى فترات من الضعف والتفكك العابرة.
وشهدت تلك الحقبة التاريخية تحقيق نوعين من الوحدة، هي:
1- الوحدة الشاملة: ضمت اليمن والجزيرة العربية وما وراءها من الأمم، ومن أبرز قادتها: "يعرب وسبأ والحارث الرائش وذو القرنين وكرب آل وتر" وغيرهم.
 2– الوحدة القُطرية: اقتصرت على اليمن أو الجزء الأكبر منه، كما هو حال دولة حضرموت وأوسان وحبان وسمعي حاشد قبل الإسلام , والرسوليين والصليحيين والقاسميين في التاريخ الوسيط.
وفي كليهما فقد كان لتوحد اليمن أهمية كبيرة في استقرار وأمن الجزيرة العربية، والعكس في حالة التفرق والتشرذم، وهذه الحقيقة لا تزال السمة الغالبة إلى يومنا، كون اليمن المركز الرئيسي للأمن والاستقرار الإقليمي، نظراً لأهميتها الموقعية والجيوسياسية، وهذه أحد أهم أسباب عدوان تحالف الاستعمار السعودي الإماراتي اليوم، لأن وحدة اليمن وقوته يعني ببساطة "كش ملك" لصنائع الاستعمار البريطاني في الجزيرة العربية وأسيادهم في لندن وواشنطن ومن ورائهم ربيبتهم إسرائيل، ولهذا السبب حرصت السعودية منذ قيام دولتها الأولى وحتى يوم الناس على تكبيل اليمن بالمؤامرات وإغراقه بالصراعات المحلية، كي يظل على حاله من الضعف والتشضي.
مرَّ اليمن قبل ظهور الإسلام بمرحلتين هما:
1 - المرحلة المشرقة: استمرت من القرن 15 قبل الميلاد وحتى العام 115 ق.م، وهي مرحلة الدولة السبئية.
2 - المرحلة المظلمة: استمرت من العام 50 ق.م وحتى القرن 6 الميلادي، وهي مرحلة الدولة الحميرية، وذلك بسبب وقوعها تحت تأثير الأطماع الخارجية كالبطالسة اليونان والرومان والأحباش والفرس.

الممالك القديمة الكبرى:
1 - معين:
وهو اللقب الثاني لـ"عبد شمس بن يشجب بن يعرب" إلى جانب لقب الشهرة "سبأ الأكبر"، ومعين وسبأ من أعظم دول العهد القديم وبينهما تداخل كبير، ظهرت معين من الجوف في نحو 4000 - 900 ق.م، وقد عثر على نصب تذكاري بابلي ذُكرت فيه معين وصِلاتها بمملكة بابل، يعود تاريخه إلى 3750 ق.م، وما يهمنا هنا أنها كانت دولة تجارة وفتح اقتصادي وسلام، وفي عهدها تحققت وحدة اليمن والجزيرة، ووصل نفوذها الاقتصادي إلى حوض البحر الأبيض المتوسط، وإليها يعود فضل اكتشاف فنون الملاحة البحرية، وكان نظام الحكم فيها ملكي وراثي معتدل واستشاري، واقتصر تدخل الملك فيها على المسائل العليا المتعلقة بحقوق الملك والشعب فقط.
2 - سبأ:
مؤسسها "سبأ الأكبر بن يشجب بن يعرب"، ومرت بمرحلتين هما:
أ - سبأ الأولى: عاصرت الحضارة السومرية في بلاد الرافدين، وعثر على وثائق سومرية تعود إلى الفترة 5000 - 3500 ق.م، تكلمت عن وجود علاقات ربطتها بمملكة سبأ الأولى السابقة لظهور معين.
ب - سبأ الثانية: قامت خلال الفترة 950 - 115 ق.م، واستطاعت القضاء على معين والحلول مكانها، وكانت دولة حروب وفتح، وربطتها صلات مع ملوك "آشور"، وأكثر ملوك سبأ كانوا من موحدي اليمن والجزيرة العربية.
وينقسم عهد سبأ إلى مرحلتين هما:
أ - مرحلة المكارب 850 - 620 ق.م وفي عهدهم تم الجمع بين الحكم والكهانة والرياسة الدينية.
ب - مرحلة الملوك 610 - 115 ق.م.
وشهدت فترة دولة سبأ مقاومة عنيفة من ملوك وأمراء الإقطاع، الذين اصطدمت سياسة توسعها بمصالحهم واستقلالهم, وكان النظام فيها ديني أكثر منه سياسي.
3 - حمير:
تنسب إلى "حمير بن سبأ", قامت خلال الفترة 115 ق.م - 525 م، ويسمى عهدها بعهد "التبابعة"، وفيه تطورت الألقاب الرسمية للملوك تبعاً لتوسع نفوذ الدولة، وشهدت بعض فتراتها توحد اليمن والجزيرة.
 وكانت سبأ المملكة وحمير الملوك والدولة، وكان بينها وبين ملوك سبأ وكهلان تنافس وتداخل, لا صراع وتنافر، وكل منهما كان يسعى لتوحيد اليمن تحت نفوذه بشتى الوسائل من تحالفات ومعاهدات واندماجات وحروب.

عمالقة الوحدة قبل الإسلام:
زخرت مرحلة ما قبل ظهور الإسلام بالعديد من عمالقة التوحيد منهم على سبيل المثال:
1 – "يعرب بن قحطان" 5700 - 5000 ق.م: الجد الجامع لكل اليمنيين والعرب، وأول الملوك في التاريخ القديم، وأول من أقام دولة يمانية موحدة عاصمتها صنعاء، دامت من بعده قرابة 500 سنة.
وإسمه "يمان" أو "يمن" أو "يامن" بحسب الهمداني، وبه سميت اليمن، وكونه أول من اشتق وحذف واختصر وأوجز وأعرب في كلامه لُقِّب بـ"يعرب"، ومن حينها ظهر اسم العرب، وفي هذا يقول بن أبي الحديد في الجزء الثاني من شرح نهج البلاغة ص 495: "إن يعرب أول من أقام دولة يمانية عربية في التاريخ القديم، أي وحدّ القبائل القحطانية، وكانت قد تكاثرت وانتشرت وانتقلت إلى أطوار الحضارة، بما جعلهم يقيمون دولتهم".
2 – "عبد شمس - سبأ الأكبر- بن يشجب بن يعرب" 3750- 3500 ق.م: أول من أعاد وحدة اليمن الطبيعية مع الجزيرة العربية، واهتم بالزراعة والري والتجارة، واشتهر بكثرة غزواته، وأسس الإمبراطورية السبئية بعهديها المعيني والسبئي، وكان يمارس السلطة بواسطة ممثلين عن الشعب من ثلاث طبقات، هي: المزود والأقيال والأذواء.
3 – "عبد شمس وايل – سبأ الثاني- بن وائل بن الغوث" نحو 2750 ق.م: ثالث الموحدين، وإليه يعود فضل إنشاء سد مأرب، ومن بعده ظلت اليمن موحدة في عهد خلفائه.
4 – "تبع ذي مرائد- الرائد تبع الأكبر" نحو 2150 ق.م: الموحد الرابع، واستمرت الوحدة في عهد ابنه "شمر ذو الجناحين الأول"، والملك الصعب "ذو القرنين السيار" - تبع بن تبع الأقرن بن شمّر يرعش بن إفريقيس - وعهد الملك "شدد بن قيس بن صيفي" في نحو 1500 ق.م، وصولاً إلى أخر الموحدين قبل الإسلام وهو سيف بن ذي يزن 575 - 596م.
واشتهر هذا العهد بالكثير من العمالقة الذين استطاعوا أن يوحدوا اليمن والجزيرة، وأن يفرضوا أنفسهم على غيرهم من الأمم، وبين كل وحدة وأخرى فترة ضعف ووهن وتشرذم، لكنها ظلت في إطار الحدود السياسية دون أن تطال الجوانب الأخرى، كما شهدت تلك الفترة تنافس بين ملوك اليمن، ترك بصماته على المنطقة، ولذا كان من الطبيعي أن يجتمع العرب ويتحدوا باجتماع ملوك اليمن وتوحدهم، ويتفرقوا بتفرقهم.

مظاهر الوحدة:
1- وحدة الأرض والإنسان:
بإجماع المؤرخين ظلت اليمن في مساحتها الطبيعية وحدة لا تتجزأ منذ أن سكنها نبي الله نوح وحتى منتصف العقد الثالث من القرن العشرين، مع عدم ورود أي ذكر لشمال أو جنوب، وعليه يحدد المؤرخون مساحتها الطبيعية بالقسم الجنوبي من شبه الجزيرة العربية والذي يشمل ما بات يُعرف اليوم بـ الجمهورية اليمنية وسلطنة عمان والجزء الأعظم من جنوب السعودية، وهي الأرض التي أخذت مُسمّاها من الملك "يمن بن قحطان" الملقب بـ"يعرب"، وقحطان ليس الأب المباشر ليعرب، بل بينهما نحو ثلاثة آلاف سنة، وسُمي شعبها باليمنيين ودولتها باليمن، ومن ذرية هذا الملك تناسلت قبائل العرب قاطبة، يقول ابن هشام: "ان يعرب بن قحطان سمي يمناً، وبه سميت اليمن"، ويضيف ابن منظور: "وهو أبو اليمن كلهم".
ولا زالت القبائل اليمنية عبر العصور تحتفظ بأنسابها وأصولها وفروعها المكونة فيما بينها نسيجاً اجتماعياً واحداً، ناهيك عن التجانس في العادات والتقاليد والقيم والأهداف والهموم والطموحات والتطلعات.
2 - الوحدة الاقتصادية والحضارية:
من الأمور اللافتة إدراك الممالك اليمنية مُبكراً مساوئ تعدد الكيانات القبلية ذات النفوذ المحلي والكيانات الإقطاعية، لما لها من ضرر على وحدة اليمن، فحاولت تلافي ذلك عبر إقامة روابط اجتماعية على أُسس اقتصادية، قُسِّمت بموجبها قبائل اليمن إلى وحدات "مجمعة" زراعية وصناعية ومهنية، وربطت بينها بروابط العمل والإنتاج بدلاً من أواصل القرابة والدم.
 أي أن تلك الممالك فضلت ربط القبائل بالروابط الدينية والاجتماعية والاقتصادية لا رابطة الدم والنسب، وعلى أساسه برز ما يسمى بالعمل الجماعي التعاوني.
وتعددت وتنوعت صور الحضارات القديمة، ما نجد دلالته في آثارها ونقوشها، وفي وضع أسس السدود وإنشاء المحافد والمدن والقصور والمدرجات الزراعية والمعابد وشبكات الري والصهاريج والحاميات التجارية والمنارات, وأقامت مستوطنات حضارية في مختلف المناطق وسنّت ما يستلزمها من التشريعات والتنظيمات.
والطابع العام للنظام السائد قبل الإسلام هو النظام الإقطاعي, لكنه كان أقرب إلى التعاونيات الجماعية, فيما كانت الحياة الاجتماعية تتسم بالطابع القبلي مع هيمنة واضحة للسلطة الدينية.
وشهدت تلك الفترة حضارة إنسانية رفيعة من أبرز مظاهرها اللغة السبئية القديمة والخط المسند, وأظهرت الآثار والنقوش المنتشرة في أنحاء اليمن تشابهاً وتجانساً كبيراً بين أسماء الأوائل في السكن ومحال الإقامة.
3 - الوحدة السياسية:
ضمت اليمن عدداً من مراكز القوى الساعي كل منها إلى مد النفوذ والاستقطاب على سائر المجال الحيوي لليمن، في وقت كانت الوحدة فيه تمثل قوة وسلاح في وجه الغزاة والمحتلين وغضب الطبيعة، وغالباً ما كان يصحبها نُظم سياسية شوروية، تعطي للشعب حق المشاركة الفعلية في صناعة القرار، سواء عبر اتحادات مجالس القبائل أو المجالس الاستشارية "المسود".
ومن مظاهر الوحدة السياسية أيضاً الأسماء والمسميات التي أُطلقت على الأماكن، والتعاريف الفنية كـ"المحفد" و"المخلاف"، حيث أطلق الأول على القصور والقلاع المحصنة، والثاني على الأقاليم، وهي تسميات إدارية, ويعد "يعرب" أول من قسّم جزيرة العرب إلى ولايات، وجعل على كل منها والي، فيما كان "سبأ بن حمير" أول من وضع التقسيمات الإدارية، فجعل "المحفد" مسمى للناحية أو المديرية عليها أمير، و"المخلاف" مسمى للإقليم عليه قيل/ جمع أقيال, وتحدث الهمداني عن 30 مخلاف يمني، سُمّي كلٌ منها بمن سكنه من ملوك حمير وكهلان المتغلبين في عصورهم، ومن الطبيعي أن تكون أسماء أماكن سُكنة الممالك اليمنية القديمة وأسماء أعلامها ومشاهيرها متشابهة ومتجانسة.

العوامل المؤثرة على وحدة اليمن:
يأتي في مقدمتها نزعات التسيُّد والاستئثار بالسلطة إلى جانب العوائق الطبيعية والنزعات السياسية وجماعات المصالح والضغط خصوصاً أمراء الإقطاع، مع دخول العامل الخارجي منذ النصف الثاني من القرن الأول قبل الميلاد، وتحديداً في العام 24 ق.م، عندما حاول الرومان احتلال اليمن ومن بعدهم الأحباش والبطالسة اليونان والفرس، وما أوجده هذا التنافس الاستعماري الحاد على موقع وثروات اليمن من صراعات وتعصبات لازالت اليمن تكتوي بنارها إلى يومنا.
ناهيك عن ضعف بعض ملوك تلك الفترة وخلودهم إلى الترف والاسترخاء، وتخليهم عن القيم السياسية لبناء الأسرة والمجتمع والفرد، ما جعل القرون السبعة المستبقة ظهور الإسلام نقطة مظلمة في تاريخ اليمن القديم باستثناء فترات متقطعة منها.

* الوحدة اليمنية بعد الإسلام
أتى الإسلام واليمن في ذروة الانقسام والتشرذم والتمزق والحروب، الأمر الذي ساعد في مسارعة أبنائه إلى اعتناق هذا الدين حُباً وطواعية، لأنهم وجدوا فيه الطريقة المُثلى لاستعادة وحدتهم، وبالفعل تمكن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من توحيد أبناء اليمن والقضاء على الطبقات وحكومات الأقاليم والأقيال، فأرسل إليها رجالاً كثيرين، ليسوا جميعاً حُكاماً أو ولاة بقدر ما كانوا يحققون التوعية بالإسلام، وتحقيق سيادة الدولة المركزية، وبالتالي التعامل مع اليمن كوحدة إدارية وسياسية متكاملة.
ورغم نجاح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في معالجة الصراعات التي سادت اليمن قبل ظهور الإسلام, لكن ذلك سرعان ما عاد إلى الواجهة تحت مسميات آخر مع نهاية العام 40 هـ، وقفت حجر عثرة أمام توحد اليمن باستثناء فترات قصيرة ومتقطعة, كما أتاح ذلك فسحة وفرصة ذهبية للأطماع الخارجية في اليمن كالعثمانيين والجراكسة والأيوبيين، والفاطميين والمماليك والاستعمار الغربي، وخاتمة الأثافي الاستعمار السعودي الإماراتي وهو أكثرها قذارة وبشاعة، وما بينهما شهدت اليمن العديد من الإمارات والممالك والدول كانت تتوسع وتنكمش حسب الظروف الداخلية والخارجية وشخصية الحكام.

عمالقة الوحدة بعد الإسلام:
1 – "محمد بن عبدالله بن زياد": أول من وحد معظم أجزاء اليمن في العصر الوسيط، وأول من أقام إمارة يمنية مستقلة عن الدولة العباسية عام 207 هـ الموافق 819 م، واستمرت الوحدة في عهده ثلاثة عقود، ومما ساعد على ذلك تحقيقه رزمة من الإصلاحات العمرانية والثقافية، ومن بعده نجح "حسين سلامه" مولى بني زياد في توحيد اليمن لفترة قصيرة وامتد سلطانه من الشحر إلى مكة المكرمة.
2 – "علي بن مهدي الحميري": تمكن في 1159م من القضاء على الدولة النجاحية في تهامة، وإخضاع معظم أجزاء اليمن، وإقامة نظام قريب من الاشتراكية، ما أدى الى تأليب القوى الإقطاعية ضده، وتحالفها مع الأيوبيين لإسقاط دولته  1173م.
وبالفعل استطاع الأيوبيين بالتعاون مع أمراء الإقطاع المحليين من احتلال اليمن باستثناء القسم الأعلى الواقع تحت نفوذ أئمة الزيدية، وما أشبه الليلة بالبارحة فقد نجح الاستعمار السعودي الإماراتي بالتعاون مع أمراء الإقطاع المحليين المتضررين من إقامة دولة يمنية حرة مستقلة ذات سيادة بعد ثمانية عقود من الهيمنة السعودية على القرار والسيادة اليمنية، في السيطرة على معظم أجزاء اليمن باستثناء القسم الأعلى الواقع تحت نفوذ أنصار الله، والذي ظل على الدوام عصياً على الغزاة والمحتلين ومنطلق دحرهم من اليمن، وهو أمل اليمن الحاضر للتحرير والاستقلال وإعادة الوحدة وتصحيح الاختلالات التراكمية، المتوالدة من رحم التدخلات والهيمنة السعودية ما بعد اتفاقية الطائف.
3 – "علي بن الفضل الخنفري" 889 – 914م: شملت دولته أغلب أجزاء اليمن، لكن ذلك لم يدم سوى 17 عاماً، ومما ساعده على إقامة دولته نجاحه في إسقاط إمارات الإقطاعيين.
4 – "عمر بن علي بن رسول" 1230 - 1455م: أحد أشهر موحدي اليمن بعد الإسلام، واستمرت في عهد خلفائه قرابة 93 سنة، ووصل نفوذه الأدبي إلى عمان شرقاً والحجاز غرباً.
5 - "علي بن محمد الصليحي" 1048 - 1150م: ثاني الموحدين لليمن بكاملها بعد بني رسول، واستمرت إلى آخر عهد الملكة "سيدة بنت أحمد الصليحي"، ومما ساعده على ذلك أخذه أمراء الإقطاع وإسكانهم في العاصمة صنعاء، ليكونوا تحت رقابته المباشرة، وامتد نفوذه الأدبي إلى الحجاز.
6 - الإمام المتوكل على الله "إسماعيل بن القاسم" 1654- 1686م: آخر الموحدين في العصر الوسيط، وخُطب له في الحرم المكي وبسط نفوذه على معظم أجزاء اليمن.
7 – وحدة 22 مايو 1990: أخر نموذج لوحدة اليمن في العصر الحديث، أتت نتاج مخاضات أربعة عقود، وتعمدت بدماء الشهيد "إبراهيم الحمدي" والتي كانت بمثابة الدينمو المحرك لعجلة الوحدة المتباطئة، لتعم الفرحة وتزهر دمائه الطاهرة حلما انتظره الشعب بفارغ الصبر في 22 مايو 1990، بعد 12 ربيعاً من رحيل الأب الروحي للوحدة اليمنية "إبراهيم الحمدي".
أخطاء كثيرة رافقت السنوات الأولى لقيام الوحدة، عجلت بوضعها في العام 2007 على مفترق الطرق، ليأتي تحالف عدوان العاصفة في العام 2015 ويرمي بكل ثقله لصالح مشاريع التقسيم والتشضي، وتلغيم الأمن والسلم المجتمعي في اليمن، لأهداف وغايات استعمارية قديمة متجددة لا يتسع المقام للحديث عنها بل تحتاج الى دراسة مستفيضة في مباحث مستقلة.
كل ما سبق يؤكد لنا بوضوح أن تعدد الدول والدويلات في اليمن، وتداخلها واستعانة بعضها بالقوى الخارجية، قاد في نهاية المطاف إلى إنهاكها وضعفها وتلاشيها، وكون العامل الاقتصادي في طبيعته من العوامل القابلة للتفجير في أية لحظة، فإننا نلحظ جلياً أهمية تعامل الدول اليمنية المتعاقبة والمتداخلة مع أمراء الإقطاع، باعتبار معيار التحكم فيهم من العوامل الحاسمة في توحيد اليمن وأمنه واستقراره، في حال تمكن ملوك تلك الدول من تحجيم الإقطاعيين وتقليص نفوذهم والعكس في حالة الفشل، ما نجد دلالته في السمات العامة لفترات التوحد والتي حملت معها الأمان والاستقرار والانتعاش الاقتصادي النسبي والرضا الجماهيري وحماية البلاد من أطماع الغزاة والمستعمرين.

* المراجع:
- محمد ناصر ناصر حسن هادي, عمالقة الوحدة اليمنية في التاريخ القديم والحديث, مركز عبادي, ط1, 2001.
- محمد سالم شجاب, الوحدة والثورات اليمنية عبر العصور, ط1 , 2007.
- القاضي عبدالله الشماحي, اليمن الإنسان والحضارة, منشورات المدينة - بيروت, ط3 , 1985.
- محمد يحيى الحداد, التاريخ العام لليمن, ج 1- 4, منشورات المدينة - بيروت, ط1, 1986.
- سلطان أحمد عمر, نظرة في تطور المجتمع اليمني, دار الطليعة, ط1, شباط 1970.
- حسن قاضي, متى تجزأت اليمن؟ بدلاً من: متى توحدت اليمن؟, مجلة الحكمة, اتحاد الأدباء والكتاب - صنعاء, العدد 149, سبتمبر1987.
- د. أحمد الأصبحي, قراءة في تاريخ اليمن الوحدوي, معهد الميثاق 20 مايو 2007.
- د. عبدالعزيز الشعيبي, الخلفية التاريخية للوحدة اليمنية, معهد الميثاق 20 مايو 2007.

الاثنين، 18 مايو 2020

يوم القدس العالمي .. الرمزية والدلالات

زيد يحيى المحبشي، مركز البحوث والمعلومات،18 مايو 2020
"قضية الأقصى والمقدسات وفلسطين شعباً وأرضاً تعنينا كأمة إسلامية بشكل مباشر، وموقع القضية يعبر عنه يوم القدس الذي اختاره الإمام الخميني رضوان الله عليه في آخر جمعة من شهر رمضان، ليكون ذلك بنفسه معبراً عن أهمية هذه القضية وعن موقعها وعن مرتبتها في سلم المسؤوليات، وعن طبيعة هذه المسؤولية باعتبارها مسؤولية إيمانية دينية تتصل بمسؤولياتنا الدينية وبالتزامنا الديني، وجزء من مسؤولياتنا وواجباتنا التي فرضها الله سبحانه وتعالى، فهي فريضة دينية والتفريط بها خلل كبير في التزامنا الديني والإنساني والأخلاقي.
يوم القدس فرصةً مهمة للالتفات إلى القضية الفلسطينية التفاتةً عملية، بدلاً من الانتظار، والجمود، والتفرّج، والتعامل مع الموضوع وكأنه لا يعني الأمة إلا من واقع التعاطف، أن تدخل الأمة في إطار الموقف، في إطار المسؤولية والفعل، والتعبير والتحرك الجاد، وفرصةً كبيرة لتدارس هذه القضية، وتدارس ماذا تعنيه بالنسبة لنا كأمةٍ مسلمة، وفي نفس الوقت ما هي الحلول والخطوات العملية المناسبة والصحيحة والحكيمة تجاه هذه القضية" .. السيد عبدالملك الحوثي.
يحتفل المسلمون في الجمعة الأخيرة من شهر رمضان بيوم القدس العالمي، وهو حدث سنوي اقترحه قائد الثورة الإسلامية في إيران الإمام الخميني رحمة الله عليه عقب احتلال الصهاينة لجنوب لبنان، وأعلنه على الملأ في بيان أصدره بتاريخ 13 رمضان 1399هـ، الموافق 7 أغسطس 1979، ودعا الى إحيائه وتخصيصه لخلق الوعي في صفوف المسلمين، وتهيئة أنفسهم ليكونوا بمستوى المواجهة لأعدائهم:
"إنني أدعو المسلمين في جميع أنحاء العالم لتكريس يوم الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك ليكون يوم القدس، وإعلان التضامن الدولي من المسلمين في دعم الحقوق المشروعة للشعب المسلم في فلسطين.
وأطلب من جميع المسلمين في العالم والحكومات الإسلامية العمل معا لقطع يد هذه الغاصبة – إسرائيل – ومؤيديها".
وتسمى الجمعة الأخيرة من شهر رمضان بالجمعة اليتيمة أو جمعة الوداع، ولهذا تم اختيارها، لعلى المسلمين بعد شهرٍ حافل بالصوم والعبادة وصالح الأعمال يتذكرون قضية القدس والأقصى أولى القبلتين وثاني الحرمين الشريفين وفلسطين السليبة، وما يمارسه الصهاينة في هذه البقاع الطاهرة من أفاعيل تهدف الى تهويد مدينة الأنبياء وطمس المعالم الإسلامية والمسيحية فيها كلية، وجعلها عاصمة أبدية لكيانهم اللقيط.
لهذا قرر الإمام الخميني جعل هذه الجمعة اليتيمة، يوماً عالمياً للقدس السليب واليتيم، بعد أن تخلى عنه قادة العرب والمسلمين، وحوّلوا القضية الفلسطينية المُحِقة والعادلة الى مجرد ورقة للمزايدة في بازار مصالح الأنا الهادمة لصرح الدين والقضية، خدمة لأسيادهم في البيت الأسود وتل أبيب.
يأتي إعلان يوم القدس بعد ستة أشهر من عودة الإمام الخميني إلى إيران 1  فبراير 1979، سبقه استقبال الإمام للزعيم الفلسطيني "ياسر عرفات" 17 فبراير 1979، وهو أول ضيف يزور إيران بعد ستة أيام من إعلانها انتصار الثورة الإسلامية 11 فبراير 1979، وقام خلال زيارته برفع العلم الفلسطيني على مقر البعثة الاسرائيلية في طهران، بعد أن وجه الإمام بجعلها مكتباً لمنظمة التحرير الفلسطينية، وفي 10 أبريل 1979 عُقد اجتماع في طهران  بين "هاني الحسن" وآية الله "الطالقاني"، تم فيه الاتفاق على تنظيم حملة سياسية وإعلامية في إيران لمواجهة اتفاقية السلام، ومن يومها أصبحت القضية الفلسطينية الشاغل الأول للجمهورية الإسلامية في إيران، في كل تفاعلاتها وتحركاتها الإقليمية والدولية، وصارت إيران الحاضن الرئيسي لمحور المقاومة والممانعة في المشرق العربي، والراعي الحصري للقوى المناوئة لعربدة الكيان الصهيوني وغطرسة الإمبريالية الاميركية.
وبسبب هذا الموقف الديني والإنساني والاخلاقي المفقود في عالمنا العربي بكل أسف وحزن تجاه القضية الفلسطينية، فرضت الولايات المتحدة الأميركية قائمة طويلة من العقوبات على ايران، دون أن يثنيها ذلك عن مواصلة مسيرة الإمام "الحسين بن علي" في مناصرة المظلومين والمستضعفين ومقارعة الطغاة والمستكبرين، وإيصال مظلومية القضية الفلسطينية الى كل العالم، وبفضل تلك الجهود نال الفلسطينيون اعتراف 80 دولة بحقهم في الحياة وحقهم في اقامة دولتهم المستقلة.

* المراسيم والفعاليات
تشهد جمعة القدس العديد من الفعاليات المؤيدة للقضية الفلسطينية، وحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها مدينة القدس، ومن أبرز تلك الفعاليات:
1 – إقامة المهرجانات والندوات ومعارض الصور والرسوم الكاريكاتيرية والقاء الخطب والبيانات من الشخصيات والتكتلات الإسلامية والسياسية المؤيدة للفلسطينيين وقضيتهم العادلة، والمعارضة للاحتلال ومخططات التهويد والاستيطان ومنع حق العودة لعرب 1948، والمحاولات المستميتة من الاحتلال لشطب مدينة القدس من قائمة الحلول النهائية للقضية الفلسطينية، التي تحاول واشنطن بكل ما أوتيت من قوة تمريرها تحت مظلة ما بات يُعرف بصفقة القرن، بعد أن اعترف بها عرّاب القرن رونالد ترامب عاصمة أبدية للكيان الصهيوني الغاصب.
2 – تسيير المظاهرات المناهضة للكيان الصهيوني الغاصب، والمعارضة لاحتلال القدس في العديد من الدول العربية والإسلامية والمجتمعات والتجمعات الإسلامية والعربية والحرة في مختلف أنحاء العالم، ورفع شعارات الاستنكار والشجب لجرائم الاحتلال الصهيوني، ومن أهم تلك الشعارات، شعار البراءة: "الموت لإسرائيل Down with Israel"، ولهذا الشعار أهمية كبيرة في الفكر الثوري للإمام الخميني: "لو أن كل المسلمين في العالم خرجوا يوم القدس من بیوتھم وصرخوا (الموت لأميركا، الموت لإسرائيل) فان نفس قولهم الموت لهذه القوى سوف يجلب الموت له".
ولم يقتصر التفاعل مع يوم القدس على الدول والتجمعات الإسلامية، بل وشهدت تفاعلات إيجابية في أوساط العديد من الدول والمجتمعات والتجمعات غير الإسلامية، حتى في داخل أميركا الداعم الأساسي والراعي الحصري للكيان الصهيوني، وكان لافتاً في السنوات الأخيرة مشاركة مجاميع وازنة وشخصيات بارزة من اليهود "الأرثوذكس" المعادين للصهيونية والاحتلال الصهيوني لفلسطين.
في الاتجاه الأخر يشهد هذا اليوم مظاهرات وفعاليات مؤيدة للكيان الصهيوني في أميركا وأروبا والأراضي الفلسطينية المحتلة، ومنددة بيوم القدس، تُسيّرها منظمات وقوى وشخصيات موالية للصهاينة، وتحضى باهتمام ورعاية وتمويل عربي خليجي غير مسبوق.
على أن تزايد الفعاليات الإحيائية ليوم القدس في السنوات الأخيرة لا يبدو متاحاً اليوم بسبب رُهاب وباء كورونا العاصف بالعالم، لكن مكانة القدس تستدعي إجتراح الوسائل البديلة لإحياء هذا اليوم المقدسي، بعيداً عن المظاهرات والندوات والفعاليات بما فيها من تجمعات بشرية تُعد بيئة خصبة لانتشار كورونا، من قبيل تخصيص وسائل الإعلام الحرة بتلاوينها الجمعة القادمة يوما إعلاميا لنصرة القدس والقضية الفلسطينية، ورفع الأعلام الفلسطينية وصور بيت المقدس والمسجد الأقصى فوق المؤسسات والمنازل والشوارع العامة والسيارات وبروفايلات الصفحات الشخصية بمواقع التواصل الاجتماعي، وإغراقها بالتغاريد المؤيدة للقضية الفلسطينية، وإعتمار القبعات والشالات الفلسطينية، وذلك أقل ما يجب علينا تجاه أم القضايا وقدس الاقداس، من أجل توجيه رسالة للصهاينة بأن مكانة القدس والقضية الفلسطينية لا زالت وستبقى كما كانت في أيام الإمام الخميني حاضرة بقوة في قلوب ووجدان كل الأحرار.

*الأهداف والأهمية:
جمعة القدس ترجمة عملية لموقف المظلومين والمقهورين والمستضعفين والمعذبين في الأرض من الظلم والظالمين والطغاة والمتجبرين بمختلف تلاوينهم ومشاربهم، وأيُ ظلم أبشع من تشريد شعب من أرضه بدون وجه حق، وتوطين شعب في غير أرضه بقوة وجبروت طغاة الإمبريالية العالمية، ومن هنا تتجلى أهمية يوم القدس في ذاكرة ووعي الأمة بمختلف تلاوينها ومشاربها، لعدة اعتبارات، أهمها:
1 – إظهار المسلمين بمختلف توجهاتهم وطوائفهم ومذاهبهم، المنزلة الرفيعة لمدينة القدس والمسجد الأقصى في وجدانهم وذاكرتهم، وتوضيح مدى أهمية الحفاظ على هذه الأماكن المقدسة وعدم التفريط بها، مهما كانت الأسباب والمغريات والضغوطات.
2 - التأكيد على عدم مشروعية الكيان الصهيوني المحتل، ووجوب التحرك الجاد على كافة الأصعدة لتعرية جرائمه وتطهير القدس من رجسه، وإيقاف الحفريات الرامية الى هدم المسجد الأقصى وطمس معالمه، وإيقاف مشروع حذف فلسطين من خارطة الجغرافيا العالمية، والمطالبة بالحقوق القانونية المشروعة للشعب الفلسطيني المظلوم.
3 – توحيد كلمة المستضعفين في كافة أقطار الأرض، وضرورة التلاحم فيما بينهم لمواجهة مخططات ودسائس القوى الإستكبارية، التي تستهدف تمزيقهم ونهب ثرواتهم واحتلال أرضهم والتحكم بمصيرهم، يقول الإمام الخميني: "يوم القدس، يوم يجب أن تتحدد فيه مصائر الشعوب المستضعفة، يوم يجب فيه أن تعلن الشعوب المستضعفة عن وجودها في مقابل المستكبرين، يوم القدس يوم يجب أن نُخلّص فيه كل المستضعفين من مخالب المستكبرين، يوم يجب أن تعلن كل المجتمعات الإسلامية عن وجودها وتطلق التحذيرات الى القوى الكبرى".
 ويشكل هذا اليوم المقدس في مفهوم الدكتور "محمد رضا جمالي": "طاقة كبيرة، يمكنها أن تُفشِل كافة المخططات التي تحاك ضد العالم الإسلامي وتهدد مصالح وأمن الدول الإسلامية، إضافة إلي كونه يوماً عالمياً للدفاع عن قضية العالم الإسلامي الأولى".
4 - تعبير الشعوب عن إرادتها ورأيها تجاه القضية الفلسطينية، وإشعار الفلسطينيين بأنهم ليسوا وحدهم في ميدان المواجهة مع الكيان الصهيوني، خصوصاً بعد تخلي قادة العرب عن القضية الفلسطينية، وتحولها الى مجرد مشكلة اقتصادية وحقوقية تخص الفلسطينيين، على خلفية نجاح الرُهاب الأميركي والسُعار الصهيوني والمال الخليجي في استلاب البعد العالمي الذي أكسبها إياه يوم القدس، وتجريدها من ألقاب القضية المركزية للمسلمين، وتالياً القضية المركزية للعرب، لتصبح القضية المركزية للفلسطينيين وحدهم، والنجاح أيضاً في تفكيك تلازم وتوحد المسارات في أي حل شامل لقضايا الصراع العربي الصهيوني، واستبدالها بمعزوفة المفاوضات الثنائية والحلول والصفقات الأحادية، بالانفراد الصهيوني مع كل دولة من دول الطوق على حدة، ابتداءً باتفاقية كامب ديفيد ومروراً باتفاقية وادي عربة وانتهاءً بصفقة العار الأميركية، وهو ما يهدد في خاتمة المطاف بالقضاء على القضية الفلسطينية نهائياً.
من هذا المنطلق يمكن لنا أن نقرأ في مبادرة الإمام الخميني ثلاث رسائل مهمة، هي بحسب الدكتور "عباس خامه يار":
1- أن القدس بما يحظى به من المكانة الرفيعة لدى المسلمين كافة، يعتبر رمزاً لوحدة‌ المسلمين، ويمكن رفع القدس شعاراً للوحدة الإسلامية.
2- أن القضية الفلسطينية، قضية المسلمين، وليس فقط قضية شعب فلسطين، الذي اُحتُلَّت أرضه وشُرِّد من بيته وأُغتُصِب حقه، وأيضاً ليس فقط قضية‌ العرب باعتبار الشعب الفلسطيني جزءا من القومية العربية.
3- أن الحل للقضية‌ الفلسطينية لا يأتي إلاّ من خلال وحدة المسلمين وتركيز جهودهم لاسترجاع حقوق الفلسطينيين المسلوبة.
وتبقى وحدة العرب خاصة والمسلمين عامة البوابة الوحيدة لتحرير وتخليص فلسطين من الاحتلال الصهيوني، وتطهير بيت المقدس من عبث قتلت الأنبياء، وهو ما حاول الإمام الخميني رحمة الله عليه تأكيده في أكثر من مناسبة: "ثمة أمر يحيرني، وهو أنَّ الدول الإسلامية والشعوب المسلمة تُشخِّص الداء جيداً وتعلم أنَّ للأجانب دوراً كبيراً في إشاعة التفرقة بينهم، كما أنها تدرك أنَّ نتيجة هذه التفرقة ليس غير ضعفهم وزوالهم، وهي ترى أنَّ دولة خاوية كإسرائيل تقف في مقابل المسلمين، الذين لو اجتمعوا وصبَّ كل واحد منهم دلواً من الماء على إسرائيل لجرفها السيل، ولكنهم مع ذلك يقفون عاجزين أمامها .. منذ ما يقارب العشرين عاماً وأنا أوصي البلدان العربية بالوحدة والقضاء على جرثومة الفساد هذه، فإذا ما توفرت لإسرائيل القدرة لن تكتفي ببيت المقدس، ومما يؤسف له أنَّ النصيحة لا تجدي مع هؤلاء .. إنني أسال الله أن يوقظ المسلمين".

الأربعاء، 29 أبريل 2020

دردشة حول انفصال جنوب اليمن



زيد يحيى المحبشي
* انفصال الجنوب لا زالت المراحل طوال لاسباب تتعلق بالجنوبيين انفسهم
وعن اتجاه اليمن فلا وجهة لها غير الهاوية وتاريخها طافح بالنثرات والارتكاس في مجاهيل الهاوية
وبالنسبة للامارات فهي كما السعودية تتعامل بالاساس مع الحقائق على الأرض والحقائق على الارض لا زالت في حدود تقاسم النفوذ بين الرياض وابو ظبي المتفق عليها في طنجة المغربية نهاية 2016 وبما ان الحراك محصور في عدن وأبين وليس كلها لذا فالامارات مع الانفصال وضد الانفصال في نفس الوقت على الاقل في الوقت الراهن وبالاصح الى ان تتغير الوقائع على الارض .. وموقف السعودية ايضا اتى على لسان الحقائق على الارض بسيل من البيانات الرافضة لخطوة الحراك من قيادات شبوة والمهرة وحضرموت ولحج ..
وعن الحوثيين فهم ملتهون ببناء دولتهم وكما قال أحد قادتهم قبل سنوات يكفي ان نتديول ولو على محافظة واحدة أهم شي نقيم دولتنا وسبق لهم وان دعوا الحراك لاقامة دولة الجنوب في اكثر من مناسبة وابدوا كامل الاستعداد لدعمها .. ولذا لا نستبعد وجود تنسيق ايراني اماراتي حوثي حراكي في كل ما يجري ..
كما ان الاصلاح لن يسلم بسهولة بانفصال الجنوب ليس حبا في الوحدة بل خوفا على مصالح علي محسن الأحمر وحميد الاحمر في الجنوب والتي ستكون الضحية الاولى للانفصال .. ما يعني اننا سنكون امام فصل ساخن من الاغتيالات المدوية في حال أصر الحراك على المضي في اجراءات الانفصال الناجز والتي لا زالت حتى اللحظة ضمن سقف الادارة الذاتية وتحت مظلة التحالف العربي اي لا زال الحراك محافظ على شعرة معاوية لحاجة في نفس يعقوب
* في تسعينيات القرن العشرين ذهب مجموعة من شباب قرية جبل المحبشي الى الأردن للعلاج فدخلوا أحد مطاعم مدينة عمان فوقع بينهم وهم متجمعين حول طاولة المطعم صفاط ومزاح ثقيل من حق اليمنيين في الشمال انتهى بسكبان العصير فوق أحدهم وكان لابس سنج عشرة .. فالتفت اليهم بغضب قائلا: والله نحن اليمنيين لو دخلنا الجنة ننجسها ..
يعني ما جرى بالمحافظات الجنوبية والشرقية من متهبشي المحافظات الشمالية والغربية بعد الوحدة ليس بالأمر الهين؛ فلا لوم عليهم فيما أقدموا عليه ولا زالوا .. ولله في خلقه نظر
* اعلان الانتقالي الجنوبي الادارة الذاتية للمحافظات الجنوبية والشرقية في حدود 1989 يعني تحمله كامل المسؤولية فيها وبالتالي اعلانه رسميا وفاة اتفاق الرياض وانتهاء ولاية هادي وحكومة الاخوان على الجنوب .. فهل نحن امام اتفاق سري لبدء تطبيق سيناريو الدويلات الثلاث بتوافق الاثافي الثلاث: السعودية؛ الامارات؛ ايران، ورعاية كريمة من الطغاة الثلاثة: أميركا؛ بريطانيا؛ روسيا ..
مع العلم ان هذا السيناريو سبق لواشنطن طرحه في نهاية 2016 كمخرج وحيد لتحالف الاعراب في اليمن وأعادة التذكير به بريطانيا في 2018 وها هو اليوم يخرج للنور بعد ان تم تهيئة البيئة المحلية لتقبله
ومن شأنه الحفاظ على مصالح أقطاب الصراع الاقليمي ورعاتهم الدوليين بالمقام الاول وتاليا وهو الأهم تكريس وشرعنة الحقائق على الأرض ..   لاستحالة عودة الأوضاع باليمن الى ما كانت عليه قبل 2011 للأسف باتفاق أطراف الصراع المحلي وتوافق الدول المتصارعة على اليمن

الاثنين، 27 أبريل 2020

شاب يمني يسبق الزمن ويبتكر جهازا تنفسيا اصطناعيا

صحيفة 26 سبتمبر؛  26 أبريل 2020
 المهندس المحبشي: أنا بحاجة لدعم مادي ومعنوي لتصنيع كميات تجارية من الجهاز
يسابق مبتكر يمني شاب الزمن في اختراع جهاز أشد ما تكون الحاجة إليه مُلِحّة هذه الأيام في ظل اكتساح جائحة كورونا للعالم أجمع .. الجائحة التي لم يرحم شبحها من هم في سن الصبا ولا من يقفون على عتبات آخر العمر.. حتى باتت أغنى الدول وأفقرها على السواء تعاني نقصاً حاداً في المعدات الطبية التي تتطلبها مواجهة هذه الجائحة.. ولعل جهاز التنفس الاصطناعي (Continuous Positive Airway Pressure
CPAP)
هو من أهم الأجهزة الطبية طلباً هذه الأيام وندرة في نفس الوقت حيث يهاجم فيروس كورونا الجهاز التنفسي للمصاب فيوقفه عن العمل.
المهندس اليمني الشاب, الذي عمل في صمت لإنجاز جهاز (CPAP) تلبية لدعوة الواجب فلم يتوقف عن التفكير والبحث والدراسة حتى تمكن من تصميم الجهاز وتنفيذه بشكل يتناسب مع الوضع الاقتصادي الصعب الذي يخيم على الكرة الأرضية جمعاء.. لؤي طه المحبشي الذي حول فكرته الصغيرة إلى واقع ملموس يلبي حاجة الملايين الذين ينتظرون أن تنفتح لهم نافذة الحياة من أنبوب جهاز تنفس.
بداية يقول لؤي:” إن عملي كمهندس للأدوات الطبية في المستشفى الجمهوري بحجة جعلني ألمس الحاجة الملحة لهذه الأجهزة وضرورة أن يتوفر منها القدر الكافي لمواجهة الأزمات الصحية التي لانعرف متى قد تخيم علينا إحداها, و الهلع الكبير الذي أحدثته جائحة كورونا حول العام الأمر الذي رافقة انكشاف البنية التحتية الطبية في البلدان المتقدمة والمتأخرة على السواء. برزت الحاجة بشكل مصيري لإنتاج اجهزة تنفس اصطناعي محلياً في ظل توقف حركة الاستيراد والتصدير وإغلاق المنافذ بين الدول.. ومع أن بلدنا والحمد الله لم تصله الجائحة بعد لكن الأمر لا يسلم.. لذا فكرت أنه من الواجب ابتكار جهاز يساعد في مواجهة الفيروس.. فقرأت الكثير من الدراسات حول طريقة عمل أجهزة التنفس الاصطناعي وفكرتها والمواد و القطع المكونة لها.. وإمكانية تنفيذه محليا وعندما شعرت بتوفر المواد شرعت في العمل.
وعن فكرة الجهاز وطريقة عمله يوضح المهندس بالقول: أمضيت فترة معقولة في دراسة آلية عمل الجهاز والقطع المكونة له و طرق تنفيذه والتعرف على أحدث النماذج المصنعة منه.. وبعد الدراسة والبحث تخمرت الفكرة في رأسي وعكفت على عمل تصميم أولي للجهاز وبما يتناسب مع المواد المتوفرة محلياً.. بعدها قمت بمسح السوق للبحث عن القطع المطلوبة للجهاز وعندما وجدتها شرعت في تنفيذه .. وبحمد الله تكللت التجربة بالنجاح وخرج الجهاز للنور.. وتمت تجربته ومراقبة أدائه وكانت النتائج مبشرة.. حسب إدارة المستشفى الجمهوري في حجة التي واكبت الفكرة منذ البدء.
وأكد أن الاختلاف كبير من حيث آلية العمل والتكلفة بين الجهاز الذي ابتكره وجهاز التنفس الاصطناعي المعروف فآلية عمل الجهاز المتوفر في الاسواق تعتمد على دخول أنبوب الجهاز إلى الرئتين لإيصال الهواء للجسم وهذا مؤلم ويرهق المريض ويزيد من معاناته لكن الجهاز الذي قمت بابتكاره يعمل عن طريق الأنف حيث يقوم الجهاز بمعايرة كمية ونوعية الهواء الذي يحتاجه المصاب كل بحسب حالته الصحية فيصل إلى الرئتين عن طريق الفم بسهولة ويسر.. كما أن تكلفة جهاز التنفس المعروف تزيد عن خمسين ألف دولار وهذا مبلغ مرتفع جداً في ظل الحاجة لأعداد كبيرة منه في حين لا تزيد قيمة الجهاز الذي ابتكرته عن ألفي دولار.. فنكون قد سهلنا طريقة العمل وقللنا التكلفة.. حيث يصبح بالإمكان انتاج الكثير منه بكلفة جهاز اصطناعي واحد.
ويعمل الجهاز على مساعدة عملية التنفس عندما يكون قناع الأكسجين غير كافي (Oxygen Mask) ويجعل المصابين الذين يجدون صعوبة في التنفس وخاصة المصابين بكورونا من القيام بعملية التنفس بسهولة أكبر ويمكن لهذا الجهاز أن يساهم في إنقاذ العديد من الأرواح من خلال التقليل بصورة كبيرة من استخدام أجهزة التنفس الاصطناعي وكذلك العناية المركزة والعاملين عليها، إلا للحالات الحرجة فقط.
ويشير لؤي إلى أن هناك نسبة كبيرة من المصابين بكورونا اكتفوا باستخدام أجهزة ( CPAP) وقضوا على الفيروس ولم يحتاجوا الى أجهزة التنفس الصناعي خاصه في الصين وإيطاليا.,
مؤكداً ان ما يميز الجهاز إمكانية استخدامه للمرضى, سواء في المستشفى أو البيت لكل من يعاني من صعوبة في التنفس, ويعمل الجهاز على إدخال كمية من الأكسجين مع الهواء عن طريق الفم والأنف بدرجة معينة وبصورة مستمرة.. حيث يجعل مجرى التنفس مفتوحا ويزيد من كمية الأكسجين في مجرى الدم.

الاثنين، 20 أبريل 2020

لمعلوماتك

* ‏لم نتخلى عن سقطرى في ٨٥١م
لم نتخلى عن مسقط في ١٦٥٠
لم نتخلى عن البحرين في ١٧١٧
لم نتخلى عن البصرة في ١٧٧٥
لم نقاطع مصر في ١٩٧٨
لم نتخلى عن الكويت في ١٩٩٠
لم نقصف العراق في ٢٠٠٣
لم نحارب اليمن في ٢٠١٥
لم نقاطع قطر في ٢٠١٧
فمالذي يدعو البعض للاعتقاد بأننا سنتخلى عن فلسطين اليوم
* باب المندب الأسم والمعنى
 الأساطير حول باب المندب: كانت الأساطير القديمة تطلق على البحر المحيط بجزيرة ميون اسم "بحر الموت"، ربما بسبب كثرة الشعاب المرجانية والجزر الصغيرة التي تعترض طريق الملاحة  فيه وتعرض السفن التي تمخر عبابه لكثير من المخاطر، ومن هنا جاءت تسمية "باب المندب" أو "بوابة الدموع"، نظرا لما يعانيه البحارة المغامرون بالإبحار في مياهه من الفزع والموت. وقيل  أن "المندب" هو الموضع الذي  يندب فيه الناس الموتى، وقيل تتجمع في المندب دموع العصاه وتضفي على البحر لونه واسمه، وقيل جاءت التسمية من دموع النساء اللاتي يودعن احبابهن المسافرين بين ضفتي المندب.
.. الدكتور محمد أحمد جرهوم
* ‏الصمصام
هو سيف "عمرو بن معد يكرب" تغنت به العرب وقالت فيه الشعر فلما سمع به عمر بن الخطاب أرسل إلى عمرو أن يبعث إليه بالسيف، فبعثه إليه، فلما ضرب به وجده دون ما كان يبلغه عنه فكتب إليه في ذلك، فردَّ عمرو: (إنما بعثت إلى أمير المؤمنين بالسيف، ولم أبعث إليه بالساعد الذي يضرب به)
* ‏الدوغمائية : هي حالة من الجمود الفكري،يتعصب فيهاالشخص لأفكاره لدرجة رفضه الاطلاع على الأفكار المخالفة،وإن ظهرت له الدلائل التي تثبت ان أفكاره خاطئة،سيحاربها بكل قوة ويصارع من اجل اثبات صحة أفكاره .. حالة شديدة من التعصب للأفكار والمباديء والقناعات لدرجة معاداة كل مايختلف عنها
* معلومات طريفة
س: هل يجوز أن يذبح الرجل خاله للأضحية؟
ج: يحوز؛ لأن الخال في اللغة معناه البعير الضخم
س: هل يجوز أن تصوم المرأة وهي في ضحك؟
ج: لا يجوز، لأن الضحك في اللغة معناه الحيض
س: هل يجوز للإنسان أن يبيع الريحان؟
ج: لا يجوز، لأن الريحان في اللغة معناه الولد
س: هل يجوز لجابر أن يأكل أمه؟
ج: يجوز، لأن أم جابر في اللغة معناها الخبز
س: ما الفرق بين اليتيم واللطيم والعجي؟
ج: اليتيم من مات أبوه،
واللطيم من مات أبواه،
والعجي من ماتت أمه وهو تحت سن الاحتلام

تغاريد حرة يكتبها زيد المحبشي

* زرت جامع الشيخ مقبل الوادعي رحمه الله في دماج أواخر العام 1995 فدخلت المكتبة وعلى بابها مكتوب اخلع نعلك انت في مكان علم ثم صعدت الى الجامع وكان في الدور الاخير ولم أجد لافتة تحث على خلع النعال ومع ذلك خلعته ودخلت فإذا الأنظار تحلق في العبد لله وكأني ارتكبت جرما لا يغتفر فحدثني رفيقي ارجع والبس الصندل قبل أن يحدث لنا مكروه ففعلت ودخلت به الجامع  وبدأت اتفحص الداخلين فرأيت العجب العجاب الكل يتقاطرون إلى ساحة الجامع بنعال تقطر .. من الحمام عزكم الله الى الجامع مباشرة وعندما سألنا أحدهم قال هذه سنة وعجبا لتلك السنة التي تدنس دور العبادة بالقاذورات وتنزه المكتبات منها
* موظف بلوشي مصطلح علمي يطلق حصريا على الموظفين العاملين في المؤسسات الحكومية غير الإيرادية التابعة لدولة صنعاء
* لا فرق بين
الحب في زمن الكوليرا
والحب في زمن كورونا
كلاهما ممنوع من الصرف
* ثلاثة أنظمة تعاقبت على حكم البلاد وحملة المباخر والمطبلين والمتسلقين على عهدهم القديم لم يتغيروا بل ولا زالوا يتمتعون بالحضوة والشوكة
وهذا الذي مودي البلاد في ستين داهية مع احترامنا للمستغفرين بالأسحار لكن لا فائدة من الاستغفار بدون استفادة من الدروس ومراجعة للنفس وتقويم للفعل ولله عاقبة الأمور
* لعنة مارس
في 21 مارس 2011 انقسم النظام بكل مكوناته والشعب بكل أطيافه بين مؤيد للساحات ومعارض ومناوئ لها
وفي 26 مارس 2015 انقسم النظام بكل مكوناته والشعب بكل أطيافه بين مؤيد للعاصفة ومعارض ومقاوم لها
فضاعت اليمن وتاه اليمنيون وتكالبة عليهم الأمم وتبددت كل احلام الاستقرار والرفاه والعيش الكريم
.. إنها لعنة الساحات
* س: هل للمجوسية الايرانية وجود في اليمن؟
ج: المجوسية لم يعد لها وجود في ايران فكيف للمعدوم وجود في اليمن .. والمجوس هم من يعبدون النار وكانت المجوسية سائدة في إيران قبل ظهور الاسلام وفتح بلاد فارس على يد أجداد اليمنيين؛ وفي اليمن كان لها وجود في عدة مناطق قبل الاسلام ولا تزال معابدها بعدن شاهدة على حقبة نصرتهم لسيف بن ذي يزن؛ ولهذا فهي من الأديان الأرضية المنقرضة؛ وبالنسبة للمذهب الجعفري السائد في ايران والعراق وأجزاء من السعودية والكويت والبحرين وغيرها من دول العالم فهو من المذاهب الاسلامية المعتبرة بشهادة مشائخ الأزهر المعتبرين في مقدمتهم الشيخ شلتوت ولا مشكلة لنا مع المذاهب الاسلامية بتلاوينها فكلها تعدد وتنوع تحت مظلة الاسلام دين الرحمة والتسامح والسلام؛ كي تكون الصورة واضحة؛ انما مشكلتنا مع  سياسات الهيمنة والوصاية التي تمارسها بعض الدول أيا كانت اسلامية أو عربية أو دولية وعدم احترامها لحقوق الجوار وسيادة الدول الاخرى
* اذا كانت الكوليرا قنبلة الفقراء النووية بيد الدول العظمى لتحقيق مخططاتها الإجرامية في دول العالم الثالث الأكثر فقرا وبؤسا وشقاءا
فهل سيكون الكورونا قنبلة الأغنياء الذرية وبوابة الأمل لتخليص الفقراء من عبث وطغيان الدول العظمى واعادة التوازن والعدالة والتراحم والإنسانية الى عالمنا المتوحش
* محطات الحوار  بين جماعة هادي وجماعة الحوثي
جنيف ١ يونيو ٢٠١٥
جنيف ٢ ديسمبر ٢٠١٥
الكويت ١ إبريل ٢٠١٦
الكويت ٢ يوليو ٢٠١٦
جنيف ٣ سبتمبر ٢٠١٨
استكهولم ديسمبر ٢٠١٨
ناهيك عن مفاوضات ظهران الجنوب ومفاوضات مسقط السرية والعلنية وكلها حرث في الهواء وسراب بقيعة فماذا نأمل بعد؟
* ارتفاع مخيف في الأوبئة العاصفة باليمن  منذ بداية العاصفة وتحذيرات من موجة رابعة من وباء الكوليرا بالتوازي مع تزايد حالات الاصابة بإنفلونزا الخنازير وتزايد المخاوف من تسونامي كورونا في بلد قطاعه الصحي منهار ولا يمتلك المواد والأجهزة الخاصة بفحص كورونا باستثناء مقياس الحرارة وهو ما فتح باب التكهنات حول وجوده من عدمه والخلط التشخيصي بينه وبين انفلونزا الخنازير كما حدث اليوم من احد الزملاء بوكالة سبأ بنشر تغريدة عن وجود حالة اشتباه ثم شطبها
ولو وجدت المواد الخاصة بفحص كورونا لما حدث هكذا خلط ولبس واشتباه
وعموما لا تزال مناطق سيطرة أنصار الله خالية حتى اللحظة
* من طرائف التاريخ ان الحسن بن أبي الحفاظ كان له ثلاثة اولاد وكانوا دعاة للدولة الفاطمية وكانت لهم دولة بالشرفين وعاصمتها الجريب في بني جل في حدود سنة 470 هجري قمري وكان سليمان الاكبر والملك وكان الخطاب الاكثر حكمة وشقيقا لاروى الصليحية من الرضاعة وأصغرهم أحمد ولهم أخت شك احمد في عفتها فقتلها لمجرد الشك ..  فقام سليمان بقتله فنشبت بسبب ذلك حرب طاحنة استمرت عشرين سنة بين سليمان والخطاب أكلت الاخضر واليابس وقتل فيها خلق كثير
وفي الأخير جاء من قرشهم مع دولتهم وذهبوا مع دولتهم الى حيث القت ام قشعم برحلها غير مأسوف عليهم ..
ولله في خلقه نظر
* ‏نسأل الله العظيم أن يكفينا شر الأشرار وكيد الفجار وشر طوارق الليل والنهار وأن يصرف عنا كل شر ويصلح الحال ويعيد الأمن والاستقرار الى الوطن والبسمة والأخوة الى المواطنين ويرفع عنا ما حل بنا من بلاء ويعجل بالفرج فقد ضاق الحال وبلغ الضر منتهاه وأن يسحق الظالمين المستبدين والغزاة المعتدين وأن يجعل لنا مخرجا جميلا
اللهم إنا غافلون ليس لنا حول ولا قوة إلا بك وأنت لست بغافل عما يعمل الظالمون والمعتدون وتجار الازمات وأمراء الحروب
اللهم رد كيدهم في نحورهم وانصر المواطنين المستضعفين في اليمن يا أرحم الراحمين
أنت حسبنا ونعم الوكيل
* بعد خمس سنوات من التجييش وحرق الحجر والشجر والبشر وقادمون يا صنعاء؛ سقوط مدينة صنعاء اليمنية بيد الحوثيين؛ وتوقعات باحتلالهم محافظة مأرب السعودية وتضييق الخناق على محافظة الجوف القطرية واشتعال المعارك في محافظة الحديدة الإماراتية ..
.. اللهم احقن دماء اليمنيين واجعل لهم مخرجا جميلا
* في تسعينيات القرن العشرين ذهب مجموعة من شباب قرية جبل المحبشي الى الأردن للعلاج فدخلوا أحد مطاعم مدينة عمان فوقع بينهم وهم متجمعين حول طاولة المطعم صفاط ومزاح ثقيل من حق اليمنيين في الشمال انتهى بسكبان العصير فوق أحدهم وكان لابس سنج عشرة .. فالتفت اليهم بغضب قائلا: والله نحن اليمنيين لو دخلنا الجنة ننجسها ..
يعني ما جرى بالمحافظات الجنوبية والشرقية من متهبشي المحافظات الشمالية والغربية بعد الوحدة ليس بالأمر الهين؛ فلا لوم عليهم فيما أقدموا عليه ولا زالوا .. ولله في خلقه نظر
* ‏‎لو ينزل سلاطين الامر الواقع من ابراجهم العاجية ويختلطوا بالبسطاء ويتلمسوا حوائجهم وأحوالهم لتكشفت لهم حقيقة شعاراتهم ولخجلوا من أنفسهم ولا أحسبهم فاعلون
* أنصار الله: قوة ضاربة لا يستهان بهم
الاخوان: قوى ضاربة لا يستهان بهم
الحراك: قوة ضاربة لا يستهان بهم
طارق: قوة ضاربة لا يستهان بها
المواطن: قوة مضروبة لا محل لها من الاعراب في قاموس القوى المتصارعة
‏والحقيقة المرة التي تتجاهلها القوى المتصارعة هي أن هناك وطن اسمه اليمن للاسف لم يتبقى منه سوى مسماه على خريطة مهترئة وواقع ممزق ودم يمني لم يتوقف عن النزيف ومواطن يتلوى من الجوع دون أن يرق لحاله أحد
* سنة 1437 استقبلنا رمضان بلا كهرباء
سنة 1438 استقبلناه بلا مرتبات وبلا كهرباء
سنة 1439 استقبلناه بلا مرتبات وبلا كهرباء وبلا غاز
سنة 1440 استقبلناه بلا غاز وبلا بترول وبلا مرتبات وبلا كهرباء
سنة 1441 استقبلناه بلا ملابس وبلا فيوزات وعاد زد الكورونا والسيول الجارفة كملت السيرة 😂😂😂😂

السبت، 18 أبريل 2020

هلال رمضان: قراءة دينية فلكية

زيد يحيى المحبشي؛  18 أبريل 2020
منذ سنوات والأمة الإسلامية منقسمة على نفسها حول تحديد دخول وخروج أهم فريضة من فرائض الإسلام، وهي شهر رمضان المبارك، بعد أن صار للسياسة دورها في هذا الانقسام المقيت والمزري، في ظل هيمنة الوهابية السعودية على المشهد الديني الإسلامي، واختزاله فيما تراه ويريده أولياء نعمتها في البيت الأسود، لا ما يراه الله ويريده من سدنة البيت الحرام، وتوظيفه لما يخدم مصالحها وأجندتها المشبوهة وصراعاتها الإقليمية، وإفراغ العبادات والفرائض من محتواها، والتلاعب بمواقيتها، وتحويلها الى مجرد طقوس روتينية ميتة في مارثون الانسلاخ والتغريب والتهجين والترويض.
 فهل سيكون رمضان هذا العام بعيداً عن آفة السياسة ولعنة الساسة، لنشهد ولو لمرة واحدة صوماً موحداً يلملم شتات الأمة المكلومة، ويعيد لفريضة الصيام روحانيتها ودورها التربوي في بناء الذات المؤمنة الرسالية؟!.
 لا أعتقد ذلك، فما نشهده اليوم من انقسامات وصراعات على كل الأصعدة، لا يبشر بخير.
في هذا المبحث لن نتطرق لدور السياسة والساسة في تحديد دخول شهر القرآن، بعد أن أفقَدَنا المال السعودي، وفتاوى الوهابية السلطانية الأمل في توحدهم، بل سنكتفي بتقديم قراءة سريعة ومتواضعة لموقف الشريعة المحمدية وموقف علماء الفلك من تحديد ولادة هلال الشهر الكريم، لعلّها تقود إلى توحيد المنقسم السياسي.

* الرؤية الشرعية
يقول الله سبحانه وتعالى: (ونزلّنا عليك الكتاب "تِبياناً" "لكل شيئ" وهدىً ورحمةً وبشرى للمسلمين) النحل 89، الملاحظ في الآية الكريمة أن كلمة "تِبياناً" أتت منكرة – أي مجردة من أحرف التعريف (ال) – والتنكير في الخطاب القرآني، كما هو متعارفٌ عليه لدى علماء اللغة، يعني أن الخطاب موجه للعموم وليس للخصوص، وفي الكلمة التالية "لكل شيئ" توضيح لا جدال فيه، ما نجد مداليله في قوله تعالى: (يسألونك عن الأهِلّة قل هي "مواقيت" للناس "و" الحج ) البقرة 189 .. فقد وردت كلمت "مواقيت" منكرة، وهذا يعني أنها للعموم وليس للخصوص، لأن الله لم يقصر ذلك على فريضة "الحج" حصراً، بل جعل "الحج" عطفاً على "مواقيت للناس"، أي لكي يسترشد بها الناس في معرفة دخول الأشهر القمرية عموماً وشهر رمضان منها.
لقد جعل الله سبحانه وتعالى فرائض الإسلام من صلاة وصيام وحج، مرتبطة بأشياء حسية، يشترك في معرفتها كل من أحسن المراقبة لتلك العلامات، وكلها متعلقة بالشمس والقمر، وجعل الأهِلَّة "مواقيت" يُعرفُ بها بداية العقود ونهايتها، إذا رُبِطَت بالأشهر القمرية، كما هي مواقيت ركنين من أركان الإسلام، هما الصوم والحج.
وسُنّة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم هي الفيصل في هذا، والتي أولت اهتماماً كبيراً بدخول وخروج شهر الصيام, لأنه من أهم الأشهر, لما يترتب عليه من أداء فريضة الصيام، التي افترضها الله على أمة محمد مرة واحدة من كل عام، وجعلها في المرتبة الثالثة في قائمة أركان الإسلام بعد الشهادتين والصلاة، لما لها من أهمية كبيرة في البناء الروحاني الإنساني، واختصها لذاته عكس بقية الأركان: "الصيام لي وأنا أجزي به"، وجعلها طُهرة وزكاة وجُنّة لبدن المؤمن من العام الى العام.
لهذا لا غرابة أن نجد الشريعة المحمدية حريصة أشد الحرص على توضيح وتبيين هذه الفريضة، بأتم بيان، وربط دخولها وخروجها بالأهِلّة، كما هو واضحٌ في آية المواقيت، حيث جعل الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم الرؤية شرطاً في تحديد ولادة هلال الشهر القمري.
والمشكلة هنا لا علاقة لها بموقف السُنّة النبوية من تحديد ولادة الشهر القمري المشروطة بالرؤية المجردة، بل بما حدث من خلاف كبير حول شروط الرؤية وماهيتها بين علماء المسلمين في القرون التالية للحقبة المحمدية، فهناك من قال بأن الرؤية لا تكون بالعين المجردة فقط، وهناك من أفسح المجال في حال تعذر الرؤية المجردة لإمكانية الاعتماد على الحسابات الفلكية لإثبات ولادة الهلال القمري، وهناك من أجاز الرؤية بالمناظير المكبرة - المراصد الفلكية - بالنظر إلى ما شهده العالم من تقدم تكنولوجي كبير، ومنهم من رأى جواز استخدام الأقمار الصناعية لتحديد ولادة الهلال القمري.
وبعيداً عن اختلاف علماء المسلمين حول الوسيلة الأنجع لتحديد ولادة الهلال القمري، فقد حَفِلَت السُنّة المحمدية بالكثير من الأحاديث الدالة على الرؤية، وأبرزها قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "إذا رأيتموه فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا فإن غُمّ عليكم فأقدروا له" كما في رواية البخاري ومسلم، وفي لفظ: "لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه فإن غُمّ عليكم فأكملوا العدة ثلاثين"، وهو حديث متفق عليه، وفي رواية مسلم: "فأقدروا ثلاثين"، وفي رواية مسلم والبخاري: "فصوموا ثلاثين يوماً"، وفي رواية عبدالله بن عباس: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن حال بينكم وبينه سحاب فكملوا العدة ولا تستقبلوا الشهر إستقبالاً".
هذه الأحاديث وغيرها الكثير تصب في خانة واحدة هي الاعتماد على الرؤية المجردة لا الحسابات الفلكية ولا حسابات الحاسب الآلي، والسر في اشتراط الرسول الأكرم للرؤية المجردة دون سواها، ما أورده العلامة أحمد بن قاسم العنسي في "التاج المذهب لأحكام المذهب"، من أحاديث توضيحية: "إنا أمةٌ أُمِّية لا نكتب ولا نحسب، .."، "لا تصوموا حتى تروه ..".
حيث يقول رحمة الله عليه: ولا عبرة بحساب المنازل وغيره من الأمور المستندة الى أمور التجربة، كما روى "بعض" علمائنا، أنهم عرفوا بالتجربة، أن الهلال متى طلع مع الفجر، فاليوم الرابع من أول الشهر الثاني، وأنهم جربوا ذلك 40 سنة، قلنا: لم يعتبر ذلك الشارع، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته".
ومن قال بحساب المنازل فقوله مردودٌ بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: " إنّا أمّةٌ أُمِّيةٌ لا نحسب ولا نكتب، الشهر هكذا وهكذا"، لأن الناس لو كُلِّفوا بذلك، لضاق عليهم، لأنه لا يعرف الحساب إلا أفراد في الأمصار .. ألخ.
ومعنى: "لا نكتب ولا نحسب"، أي أننا لا نعتمد لعبادتنا الحساب والكتابة، وإنما نعتمد على ما أمرنا الصادق المصدوق، طاعة لله سبحانه واعتقاداً منا أنه الحق.
ويذهب فريق من علماء الإسلام إلى أنه صلى الله عليه وآله وسلم لو أجاز العمل بالحسابات الفلكية، لأصبح ذلك تكليفاً على جميع المسلمين في تحديد دخول الأشهر القمرية.
ومعلومً أن أكثرية الأمة على عهد رسول الله أُمِّية، ولذا سيكون في إقرار العمل بالحسابات الفلكية تعسير ومشقة كبيرة على المسلمين، في حين أن الإسلام دين يُسر، ألم يقل صلى الله عليه وآله وسلم: "بعثة بالشريعة السهلة السمحاء", "يسروا ولا تعسروا قربوا ولا تنفروا".
صحيح أن تحفظ الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم على مسألة الحسابات الفلكية، كان لمصلحة عموم المسلمين، لأن غالبيتهم على عهده لا تجيد الكتابة والقراءة، لكن بالعودة الى القرآن الكريم المبتدأ تنزيله بالحض على القراءة وما يترتب عليها من كتابة، والخاتم تنزيله بالنهي عن الظلم، فهذا يعني أن الإسلام دين "العلم والعدل"، وعليه يمكن تفسير توجيه الرسول الأكرم على أنه توجيه وقتي ومرحلي، إلى أن يأتي من الأمة الإسلامية أجيالٌ تفقه علم الكتابة والقراءة وما يترتب على ذلك من علوم فلكية، لا سيما وأن الحسابات الفلكية كما أثبت العلم الحديث فيها شيئ من الواقعية.

* الرؤية الفلكية
تعميماً للفائدة نورد هنا نبذة مختصرة عن رؤية علماء الفلك حول تحديد ولادة الهلال القمري إجتزئناها بتصرف من دراسة مطولة للشيخ محمد أديب قبيسي نشرها موقع العلامة محمد حسين فضل الله رحمة الله تغشاه في شهر رجب عام 1425هـ.
تتم الولادة الفلكية للهلال القمري عندما يقع مركز الشمس والأرض والقمر بينهما على خط وهمي واحد، يقال له: "لحظة الإقتران" أو "فترة المحاق" أو "المحاق المركزي".
حسابات ولادة الهلال القمري "الاقتران" وإن كانت دقيقة جداً ويقينية، بحيث لا يمكن احتمال الخطأ فيها من الناحية الواقعية، إذا رُوعِيت الحسابات بدقة, إلا أن هذا لا يعني أن الهلال القمري يمكن أن يُرى لحظة الولادة، وهو ما دفع علماء الفلك قديماً وحديثاً إلى وضع معايير معينة وشروط محددة للتنبؤ بإمكانية الرؤية بعد تحديد لحظة ولادة الهلال القمري.
أولاً: المعايير القديمة: وهي التي تم العمل بها حتى بداية القرن العشرين الميلادي، وأهمها:
(1) معيار الـ 12 درجة: والمقصود به من الناحية العملية أن رؤية الهلال القمري ممكنة مساء 29 من الشهر القمري، إذا كان غروب القمر متأخراً عن غروب الشمس بمقدار 12 درجة، أي بمقدار 48 دقيقة من الناحية الزمنية، وعلى أساس هذا المعيار وُضِعَت الجداول من قبل علماء المسلمين المسماه بالأزياج، وأبرزها زيج الخوارزمي.
(2) معيار انخفاض الشمس: تكون رؤية الهلال ممكنة إذا كان انخفاض الشمس تحت الأفق الغربي عند غروب القمر يساوي مقداراً معيناً يبلغ 9 درجات، (أي بمقدار 36 دقيقة، طيب إذا كان الفارق بين غروب القمر وغروب الشمس أو ما يسمى بمدة مكوث القمر أقل من 36 دقيقة، مثلاً في حدود 23 دقيقة كنموذج، حينها تستحيل رؤية الهلال بالعين المجردة بسبب ضعف وخفوت الضوء المنبعث من القمر).
هذه المعايير والتعديلات التي جرت عليها، قائمة على علاقة هندسية بين موقع القمر والشمس والمشاهد، سواء من حيث الزمان كالمعيار الأول، أو من حيث لمعان ضوء الشمس وأثره في الأفق بعد الغروب كالمعيار الثاني.
ثانياً: المعايير الحديثة: توالت التعديلات للشروط المقترحة المساعدة على التنبؤ بإمكانية رؤية الهلال، وهي في غالبها مبنية على اعتبارات هندسية وفلكية، حتى من قبل علماء فلك العصر الحديث وأهمها:
(1) المنظار الفيزيائي: تمكن الباحث الفرنسي في المرصد الفلكي للجامعة الأميركية ببيروت "فرانس برون" في العام 1977 من إحداث تطور نوعي في هذا المجال، عندما تطرق إليه من منظار فلكي فيزيائي، مركزاً على الظروف الحقيقية والخاصة بالمشاهد، والتي لاحظ فيها قدرة العين المجردة على التقاط صور الأجسام الساطعة.
(2) معيار "يالوب": يقوم على المعايير القديمة، لكنه أكثر تطوراً وتعقيداً، بالاستفادة من خبرته الطويلة في مجال الرصد، حيث كان يعمل مديراً لمرصد غرينتش ورئيساً للجنة الأزياج التابعة للاتحاد الفلكي الدولي.
يعمل معيار "يالوب" على تقسيم إمكانية الرؤية إلى أربع حالات، لأنه حسب اعتقاده يمكن رؤية الهلال بالمرقب أو بالمنظار فقط أو بمساعدة ذلك أولاً، ثم من الممكن رؤية الهلال بالعين المجردة، كما في حالات الصحو التام، وأخيراً الرؤية بسهولة بالعين المجردة مطلقاً، ووضع "يالوب" ثلاثة عوامل رئيسية لعمل معياره، هي:
أ – "عمر الهلال": وهو مقدار الزمن الممتد بين لحظة الإقتران ولحظة غروب الشمس في منطقة معينة، وهذا يختلف من مكان إلى أخر، وتشير احصائيات ما يزيد على 50 سنة، أن أصغر عمر للهلال تمت رؤيته بالعين المجردة كان 14 ساعة و48 دقيقة.
ب – "مكوث الهلال": وهو مقدار بقاء الهلال بعد غروب الشمس، أي الفترة الممتدة بين غروب الشمس وغروب القمر, ومعلومٌ أن أقل مكوث للقمر تمت رؤيته بالعين المجردة كان 29 دقيقة.
ج – "الاستطالة": وهي بُعد مركز القمر عن مركز الشمس بالدرجات، كالنور الذي يرى من الأرض، ويقال له "قوس النور- الشفق الاحمر بلهجة اليمن"، وذلك لأن الرؤية ممكنة إذا كان الهلال "مركز الهلال" قد ابتعد عن مركز الشمس، بحيث صار القمر يعكس مقداراً ممكناً من الضوء، يمكن من خلاله رؤية ذلك، ومعلومٌ أن أقل استطالة مسجلة كانت 6 – 7 درجات (24 – 28 دقيقة).
نسبة اضاءة القمر من العوامل المهمة أيضاً في إمكانية الرؤية، فإذا كانت الاستطالة بين الشمس والقمر "صفر درجة"، فإن الرؤية مستحيلة، لأن القمر يكون في فترة المحاق، وهذا يعني أنه مظلم ظلاماً تاماً، أما إذا كانت درجة الاستطالة بين الشمس والقمر "180درجة " (12 ساعة)، فإن القمر يكون بدراً.

* قاعدة عامة
(1) إذا كانت ولادة الهلال قبل غروب الشمس، وكانت فترة مكوثه بعد غروب الشمس، بحيث يكون غروب الهلال بعد غروب الشمس، أمكن القول بأن اليوم الثاني هو بداية الشهر الجديد.
"اذا كانت ولادة الهلال قبل غروب الشمس وغروب الهلال بعد غروب الشمس، فإن اليوم الثاني بداية الشهر القمري الجديد".
(2) إذا كانت ولادة الهلال بعد غروب الشمس أو كان غروب القمر قبل غروب الشمس، كان اليوم التالي مكملاً للشهر الأول.
"إذا كانت ولادة الهلال بعد غروب الشمس أو كان غروب الهلال قبل غروب الشمس، فإن اليوم التالي المتمم للشهر الاول".

* يوم الشك
وهو اليوم المشكوك فيه هل هو المتمم لشعبان أم الأول من رمضان وهو يوم الثلاثين من شعبان، لعدم وضوح رؤية هلال رمضان بسبب الغيوم والضباب أو بسبب قلة إضاءة الهلال وقربه من الأفق عند غروبه، وفي هذه الحالة استحسن الفقهاء صيام يوم الشك بنية التخيير لا بنية القطع لمن أراد الحِيطة في دينه، بمعنى أن تصومه بنية مشروطة إن كان من رمضان فواجب تؤديه، وإن كان من شعبان فنافلة تتقرب بها الى الله، والمتفق عليه بين الفقهاء تحريم صيام يوم الشك بنية القطع على أنه من رمضان، لأن القطع في موضع الشك لا يجوز، ومن أفطر يوم الثلاثين من شعبان ثم انكشف له أنه من رمضان وجب عليه الإمساك بقية اليوم، حرمة للشهر الكريم، والقضاء بعد انقضاء رمضان.
يقول الإمام الهادي يحيى بن الحسين عليه السلام في "الأحكام": الذي رأينا عليه أشياخنا، ومن سمعنا من أسلافنا أنهم كانوا يصومون يوم الشك، وفي ذلك ما حدثني أبي عن أبيه علي أمير المؤمنين رحمة الله عليه، أنه قال: "لأن أصوم يوماً من شعبان أحب إلي من أن أفطر يوماً من رمضان"، وينبغي لمن صام يوم الشك أن ينوي إن كان هذا اليوم من شهر رمضان فصيامي من رمضان، وإن كان من شعبان فهو تطوع، فإنه إذا فعل ذلك، وكان ذلك اليوم من شهر رمضان فقد أدى صومه بما اعتقد من نيته، وإن لم يكن من رمضان كُتِبَ له من تطوعه.
ولا ينبغِ لأحدٍ يفهم أن يفطره – يعني لا يجوز على من يفهم هذا الكلام إفطار يوم الشك -، لأنه إن كان من شهر رمضان لم يستخلفه ولم يلحق يوماً مثله – أبداً – ويومٌ من شهر رمضان أهلٌ أن يُحتاط له ويُطلَب بكل سبب صومه، وإن كان يوماً من شعبان لم يرزأه – يضره - صيام يومٍ، وكان له تطوعاً وأجراً، فأما ما يزخرفه كثيرٌ من الناس في ترك صيامه فذلك مالا يصح ولا يجوز القول به لبعده من الاحتياط والصواب، وقربه من التفريط في الصوم والارتياب، بل الصحيح في ذلك مالا يشك فيه من أنصف، من أن يوم الشك والإحتياط فيه أفضل وأقرب إلى الله وأسلَّم.
وبحسب القراءات الفلكية فإن يوم الخميس 23 نيسان/ أبريل 2020 يوم شك لدى معظم الدول العربية، بسبب تعذر روية الهلال ليلة الأربعاء 22 نيسان/ أبريل 2020 لخفوت ضوئه، لذا تذهب تلك الدول الى أن الخميس هو المتمم لشهر شعبان، والجمعة 24 نيسان/ أبريل 2020 هو الأول من شهر رمضان لسنة 1441، بسبب إنعدام الرؤية، بينما يرى الفلكي اليمني الشهير الشيخ عبدالواسع يحيى الواسعي في كتابه "كنز الثقات في علم الأوقات" أن يوم الخميس  23 نيسان/ أبريل 2020 هو الأول من شهر رمضان لسنة 1441 هجري قمري، وعلى العكس من ذلك تقول حسابات موقع "طقس العرب"، ليوم الأربعاء 22 أبريل 2020 في اليمن أن غروب القمر في صنعاء سيكون في تمام الساعة 14.55، وغروب الشمس الساعة 15.19، بالتالي غروب القمر قبل مغيب الشمس بـ 24 دقيقة، ما يجعل رؤية هلال رمضان ليلة الأربعاء مستحيلة بالعين المجردة والتسلكوب لضعف الضوء المنبعث منه، نظراً لغروب القمر قبل الشمس في معظم الدول العربية، ناهيك عن عدم حدوث الإقتران وعدم تولُّد الهلال، ووفقاً لهذه الحسابات، فإن اليوم التالي/ الخميس مكملاً للشهر الأول، لكن ليس كل علماء الفلك متفقون مع هذه الحسابات بما فيهم العلامة الواسعي كما عرفنا آنفاً.
لهذا يظل يوم الخميس 23 أبريل من أيام الشك بسبب استحالة الرؤية، وفي هذا يقول الإمام الهادي عليه السلام: فإن كانت في السماء علة من سحاب أو غبار أو ضباب أو غير ذلك من سبب أوفيت أيام الصيام ثلاثين يوماً، وكذلك رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " صوموا لرؤيته فإن غُمّ عليكم فعدوا ثلاثين يوما"، يريد صلى الله عليه وآله وسلم من يوم رأيتموه وصح عندكم أنه قد أهلَّ – ظهر - فيه، وهذا الحكم خاصٌ بهلال رمضان وهلال شوال.
وتبقى الرؤية بالعين المجرد هي الأحوط والأسلم، كما عرفنا آنفاً، لتحديد دخول الشهر الكريم، لأنها من الأخبار المتواترة الغير قابلة للشك، ويكفي لذلك خبر عدلين أو عدلٌ وعدلتين، للإخبار برؤية الهلال أو توارد الأخبار بذلك – لجنة مختصة بمتابعة الأهِلّة كما هو حال اللجنة المختصة بالحديدة – أو تأكيد مرور 30 يوما من يوم رؤية هلال شعبان أو رمضان، أو يخبرا بأن حاكماً أو مفتياً موافق لمذهبهما، قال صح عندي رؤية الهلال، أو أن أول الشهر كذا، فإذا أخبرا بأي هذه الوجوه وجب على السامع العمل بقولهما، ويلزم في حالنا اليوم متابعة دار الإفتاء للدولة التي تقع تحت نفوذها وفوق أراضيها، وهي من يجب السمع له، ومن يتحمل كامل المسؤولية أمام الله، ولا يجوز تقليد دولة أخرى بأي حال من الأحوال.
وإذا انفرد أحد الناس – غير المفتي والحاكم - برؤية هلال رمضان أو هلال شوال، ولم يرى ذلك غيره من الناس، وجب عليه الصيام والإفطار وكتمان ذلك، لئلا يتعرض للتهمة في دينه وعقوبة السلطان، والاكتفاء بالتعريض، لا التصريح، كأن يقول: إن رجلاً رأى الهلال، لجواز أن يشهد بذلك معه غيره، لا أن يقول: رأيته، لأنه ينافي شرط كتمان الصوم والافطار.