Translate

الثلاثاء، 14 أبريل 2020

القطاع الصحي في اليمن حقائق وأرقام صادمة


زيد يحيى المحبشي، مركز البحوث والمعلومات، 14 أبريل 2020
الكثير من الأوبئة والمشاكل هي نتاج لأعمال الإنسان وتصرفاته وسلوكياته، وهذا ما يؤكده القرآن الكريم .. الإنسان يتسبب في الأوبئة والكوارث من خلال عدة أمور منها عدم ارتقائه في تعامله وسلوكه في الحياة على أساس الرشد والتعليمات الإلهية .. وقد تأتي الأوبئة بسبب خلل في تعامل البشر مع الطبيعة، بحيث أن الخطأ البشري قد يترتب عليه أضرار كبيرة .. السيد عبدالملك الحوثي
تعددت وتنوعت أساليب أعراب تحالف العدوان في حربهم الإجرامية ضد اليمن، من استخدام آلات الدمار والقتل العسكرية بتلاوينها، إلى استخدام الأوبئة والأمراض والآلام ونشرها في أوساط اليمنيين، أملاً بتحقيق ما عجزت عنه تحقيقه ترسانتهم الحربية وماكيناتهم الإعلامية ومناوراتهم السياسية وألاعيبهم الدبلوماسية، ولسان حالهم يقول: أيها اليمنيون من لم يمت منكم قصفاً، سيموت جوعاً ومرضاً، في جريمة هي الأكثر بشاعة وقذارة في تاريخ البشرية.
خمس سنوات من العدوان الآثم على اليمن، لم يوفر المعتدون شيئا إلا ودمروه، ولم يرعوا حرمة لشيئ، خمس سنوات من الجمر تحول فيها الشعب اليمني الأعزل الى حقل تجارب لأخر منتجات العالم العسكرية، بما فيها الأسلحة المحرمة دولياً، من بيولوجية وميكروبية وجرثومية وفيروسية، خمس سنوات من إغراق اليمن بمختلف أنواع الأوبئة والأمراض المنقرضة والمندثرة والمتخلِّقة من رحم التكنولوجيا الغربية، خمس سنوات من حفلة الزار الكابوية، المتلذذة بتعذيب وقتل وإبادة اليمنيين الرافضين للذل والخنوع والتبعية والوصاية، وارتكاب كل المحرمات فيهم، بشهادة قائمة طويلة من المنظمات ومراكز الأبحاث الدولية وأحرار العالم، وبدعم ومساندة كاملة من أولياء نعمة الأعراب الأجلاف في البيت الأسود وتل أبيب.

* فاتورة باهضة:
تسبب العدوان بخسائر فادحة للقطاع الصحي في اليمن، ما أدى الى خروج 50 بالمائة منه عن الخدمة، وإلحاق أضرار بالغة تقدر بنحو 10 مليار دولار، وبلغة الأرقام يمكن إيجاز ذلك على النحو التالي:
الخسائر البشرية: 245 جريح و 103 شهداء من الأطباء والكوادر التمريضية والإسعافية.
خسائر المنشآت: 469 - 600 منشأة تعرضت لتدمير جزئي وكلي، منها 181منشأة صحية تعرضت لأضرار متفاوتة، و288 منشأة تدمير كلي، بينها 244منشأة حكومية و150 منشأة قطاع خاص، وتضرر 45 مستشفى و121 مركز و89 وحدة صحية، و170 مبنى ومنشأه صحية خاصة، و72 سيارة اسعاف، ومصنع دواء، ومصنعين لإنتاج الأوكسجين.
 خروج 60 بالمائة من المراكز الصحية عن الخدمة بسبب الغارات، و97 بالمائة من المعدات والأجهزة الطبية في المستشفيات معرضة للتوقف لانتهاء العمر الافتراضي، و93 بالمائة من الاجهزة الطبية خارج عن الخدمة، و50 بالمائة من المرافق والمستشفيات معطلة، والبقية لا تؤدي خدماتها بشكل كامل، بسبب نقص الأدوية والمحاليل الخاصة.
كما تسبب العدوان والحصار الجائر في مغادرة 95 بالمائة من الكوادر الطبية الأجنبية العاملة في اليمن، وكلهم من ذوي التخصصات الحيوية، وعدم توفر 12 صنفاً من أدوية ذوي الأمراض المزمنة خاصة السرطان، وتعثر نقل 362 صنفاً من الأدوية، وحظر بعض المواد الطبية اللازمة للصناعات الدوائية، ومنع دخولها وعرقلة وصول شحنات الأدوية والمستلزمات الطبية رغم حيازتها لوثائق الموافقة على الاستيراد، وفرض إجراءات تعسفية على دخول السفن والبواخر المحملة بالأدوية، ما تسبب في إتلافها.
عجز 320 ألف مريض عن تلقي العلاج بالخارج بسبب إغلاق مطار صنعاء الدولي، منهم 230 ألف مريض مسجلين في السجلات الرسمية بحاجة ماسة للعلاج في الخارج، توفي منهم 32000 - 43000 مريض، بينهم 30 بالمائة أطفال، و30 ألف مريض بالقلب مهددون بالموت، بسبب تعطل جهاز القسطرة القلبية الوحيد بمستشفى الثورة العام بصنعاء، وإغلاق 7 مراكز غسيل كلوي، بسبب عدم توفر الأجهزة.

* أسلحة قذرة: 
أمعن العدوان منذ اليوم الأول في تدمير المنشآت والمرافق الصحية وإخراج العديد منها عن الخدمة، وتدمير مصادر المياه والصرف الصحي وبنيتها التحتية، وهو ما أوجد أرضية خصبة للتفرغ للجزء الثاني من مشروعه التدميري لليمن أرضاً وإنساناً، بعد أن حرم اليمنيين من أهم دعامتين للحياة، هما المرافق الصحية ومياه الشرب النظيفة، ليضيف لها حصاره الخانق، لهذا الشعب الصامد والصابر آفة "الجوع"، ما أدى إلى تدهور الأحوال المعيشية والصحية، واتساع رقعة المجاعة وسوء التغذية، واستسلام أجساد ملايين اليمنيين للأمراض والأسقام التي تنفثها أسلحة العدوان بأنواعها.
ولم يكتفوا بذلك بل وقاموا بتوظيف الجماعات الإرهابية الموالية للمساعدة في إنجاز أهداف حربهم البيولوجية القذرة في اليمن، كما حدث في 2017 عندما سيطرة مجاميع دينية متشددة موالية للسعودية على مركز زراعة بكتيريا السل في مستشفى تعز، واستخدام البكتيريا المزروعة في المختبر لأغراض إرهابية، منها تلويث آبار ومصادر المياه، الأمر الذي تسبب في انتشار عدد من الجوائح الوبائية بعد أسبوع واحد فقط من استيلائهم على المركز.
وتعمد العدوان بصورة ممنهجة الى جانب تدمير المؤسسات والمرافق الصحية، تلويث مياه الشرب والهواء من خلال استهداف خزانات المياه والمضخات والينابيع بأسلحة تحمل البكتريا أو الفيروسات، كما حدث في أمانة العاصمة وصعدة والحديدة وتعز وإب وغيرها، بهدف تدمير مصادر المياه النقية وتلويثها، أو التفجير في الهواء فوق المناطق المزدحمة والمستهدفة بالقنابل الحاملة للبكتريا والجراثيم أو نقلها بواسطة الحشرات الحاملة للميكروبات، والتي لا زال يستخدمها بين الحين والآخر هنا أو هناك ..ألخ.
استخدم العدوان العديد من الفيروسات والفطريات والميكروبات والغازات والسموم الضارة بالإنسان والنبات والحيوان في حربه القذرة باليمن، منها على سبيل المثال لا الحصر:
1 - ساكيلوكوكن انتروتوكسين جي: ينتج عن البكتيريا العنقودية البرتقالية، وعوارضه تشبه تسمم الطعام، فتاكٌ إذا اقترن بجفاف الجسد.
2 - بوتش لينل توكسين: سم عصبي ينتج عن بكتيريا "Clostridium botulinum" الحيوية، ويعد من الجراثيم الفتاكة الموجودة في الطعام المتسمم، ويتم انتاج هذا السم مخبرياً، ويدخل الجسد عن طريق العين أو الرئتين أو الجهاز المعوي، ويقتل الإنسان بعد فترة تتراوح بين 3 – 8 أيام.
3 - غاز الكيمتريل: من الغازات السامة، يقوم الطيران الحربي المعادي بنشره في السحب أثناء طوافه في الأجواء، وينزل مع المطر، ويصل إلى المياه الجوفية، ويتسبب في تلوثها، ومن ثم إصابة من يستخدمها بالكوليرا وغيرها من الأوبئة القاتلة.
ويؤكد الكاتب والممثل الأميركي "مارك رافالو" في مقال مطول، نشر طيران التحالف هذا الغاز في الأجواء اليمنية مرات عديدة، وظهور أعرض الكوليرا في الأطفال بعد عشرة أيام فقط، من آخر ضربة حصلت بالكيمتريل، كما أكد ذلك أيضاً الناطق باسم القوات المسلحة بصنعاء، في تصريح نشرته وكالة يقين للأنباء في 24 مارس 2018.
واستخدم العدوان هذا الغاز بكثرة خلال عامي 2016 و2017، ومن تداعياته الصحية التأثير على الرئة وتهييج مشاكل وعيوب التنفس، والتسبب بالتهابات حادة في الحلق والجيوب الأنفية والسعال وفشل عام في الجهاز التنفسي، وتورم في الغدد اللمفاوية، ويمكن أن يسبب مرض الزهايمر، لاحتوائه على الألمنيوم، كما أنه يلحق أضراراً فادحة بالقلب والكبد.
ولهذا لم تستبعد العديد من المنظمات المحلية والدولية استخدام العدوان سلاحاً بيولوجياً، تسبب في نشر الكوليرا في اليمن، ومعلومٌ أن الكوليرا من أهم الأسلحة البيولوجية المستخدمة في الحروب، والأكثر نجاعة لإيقاع أكبر عدد من الضحايا.
وفي العام 2017 توصّلت مجموعة من الأطباء اليمنيين، بعد فحص 118 مصدراً للمياه في مناطق مختلفة، الى وجود 50 مصدراً ملوثاً بنوع واحد من البكتيريا المستخدمة في الأسلحة البيولوجية، سبق للولايات المتحدة وأن استخدمتها لقتل الآلاف في هاييتي والعراق، كانت السبب وراء انتشار الكوليرا في اليمن.
الظهور التراتيبي المتدحرج للأوبئة في اليمن خلال سنوات العدوان بدءاً بالكوليرا ومروراً بالدفتيريا ثم الحصبة فإنفلونزا الخنازير فحمى الضنك ووو ..ألخ, هو الأخر يؤكد حقيقة الارتباط الوثيق بين الحرب والمرض، إذ أنه ليس من المنطقي بحسب مديرة مستشفى السبعين بصنعاء، ظهور أوبئة قد اختفت من الدول، في هذا التوقيت، وبهذا الترتيب، وهذا يعد نوعاً من أنواع الحروب البيولوجية التي يستهدف بها العدوان بلادنا.
4 - قنابل النابالم والعنقودية والنووية التكتيكية "النيترونية" التي استخدمت في اليمن، وكلها تحتوي على مادة اليورانيوم المنضب، والذي تصدر عنه اشعاعات نووية، تتسبب في حدوث العديد من حالات موت الأجنة والتشوهات الخلقية في المواليد. 

* شهادات دولية:
شهدت سنوات العدوان الخمس ظهور قائمة طويلة من الشهادات الدولية، المؤكدة بما لا يدع مجالاً للشك، لجوء العدوان الى استخدام العديد من الأسلحة البيولوجية المحرمة دولياً، بعد فشل طائراته وصواريخه في تحقيق الأهداف التي حاول تسويقها لتبرير احتلال اليمن، وهو ما تسبب في حدوث أكبر وأسوأ كارثة وبائية في اليمن، في التاريخ المعاصر، المسؤول الأول عنها هو النظام السعودي بحسب صحيفة الغارديان البريطانية، لا سيما فيما يتعلق بجائحة الكوليرا.
ويرى الباحث بمركز أبحاث العولمة الكندية "مارك تاليانو"، في مقال له بصحيفة "أمريكان هيرالد تريبيون": أن الوفيات بين المدنيين كالقتل الجماعي، مقصودة، ومخطط لها، والأمراض المتوقعة، والكوليرا أيضاً، وقد أدانت الأمم المتحدة ذلك، واعتبرت وباء الكوليرا في اليمن "كارثة من صنع الإنسان"!!.
وتحدث موقع J V N الأميركي في ديسمبر 2019 عن نشر الطيران الحربي السعودي قبل عامين وثلاثة أشهر – نهاية 2016 – فيروسات بيولوجية فوق سماء العديد من المدن اليمنية، والأمم المتحدة تتغاضى عن فضح الحقيقة، لتجنب إتهام ‎السعودية بقتل الشعب اليمني.
موقع "ليبرتي فيذر" الغربي هو الأخر أكد في تقرير مطول أن الكوليرا وحمى الضنك في اليمن ناجم عن هجوم أميركي سعودي في مؤامرة مشتركة، وحمّل أميركا المسؤولية المباشرة.
وقال الكاتب الغربي "جوردان دوف" أن وباء الكوليرا في اليمن أصبح الآن ورسمياً "أمراً مثيراً للريبة"، وهناك احتمال كبير بأن تكون هذه حرب بيولوجية بالوكالة، ولا توجد وسيلة للتملص من ذلك، والولايات المتحدة متورطة، فهي تدعم السعودية، التي تسلمت من إسرائيل أسلحة محظورة أكثر من مرة بضوء أخضر من واشنطن.
وخلُّص الصحفي الغربي "ديفيد بير" في مقال له بعنوان "الإبادة الجماعية وتدمير اليمن بقيادة الولايات المتحدة"، الى تسبب الحرب البيولوجية في انتشار وباء الكوليرا في اليمن منذ 2015، وأعادت تأكيد ذلك شركة "أمريكن ديفنس سوليوشنز"، وهذه بمثابة جريمة حرب بحسب "الديلي تايمز"، ويجب كشف نفاق القلق الغربي المزعوم حول جنوب عالم الكرة الأرضية تحت إمرة واشنطن، فقد قامت واشنطن، أساساً وقبل كل شيء، بعقد صفقة أسلحة كبيرة بأكثر من 400 مليار دولار مع السعودية، تسببت لليمنيين بالكثير من الآلام والكوارث.
بالمختصر المفيد الكوليرا وغيرها من الأمراض والأوبئة العاصفة باليمنيين منذ عام 2015، حرب بيولوجية في واحدة من أفقر البلدان في العالم، مدعومة من إدارتين أميركيتين، في ظل انعدام ما يشي بالتخلي عنها، بحسب الباحث الأميركي "وليام بوردمان"، تسببها بكتيريا "فيبرو"، التي تنتجها أسلحة تصنعها أميركا واليابان، واستخدمت في الحرب العالمية الثانية وجنوب أفريقيا تحت نظام الفصل العنصري والعراق في عهد صدام حسين ودول أخرى.

* التشوهات الخُلقية للأجنة:
ارتفعت نسبة التشوهات الخلقية المسجلة رسمياً الى 3 بالمائة خلال سنوات العدوان، جراء استخدام الاسلحة المحرمة دوليا، وهي من الجرائم المنسية والمغيبة عن الرأي العام العالمي، وتم تسجيل نحو 436 حالة وفقاً لتقرير صادر عن منظمة  "ناجون" في منتصف 2017، وتصدرت محافظة الحديدة المرتبة الأولى بواقع 114 حالة، تليها محافظة صعدة، ثم الأمانة والمحويت وحجه وعمران وصنعاء وتعز وإب.
 وتقول المنظمات الدولية أن سبب ارتفاع أعداد الأجنة المشوهة يعود الى القنابل والصواريخ والذخائر المحرمة المستخدمة في العدوان على اليمن، ومنها القنابل الفوسفورية والعنقودية، وأكثرها بشاعة "النيترونية" التي استهدفت فج عطان في 20 أبريل 2015، ولا زالت آثارها ماثلة للعيان الى يوم الناس في التربة والهواء ومواليد سكان تلك المنطقة المنكوبة، كما استخدم العدوان أنواع عديدة من الأسلحة والذخائر المحتوية على مادة اليورانيوم المنضّب، والذي تصدر عنه اشعاعات نووية، تسببت في حدوث العديد من حالات موت الأجِنّة، وهو ما وثقته بعض المنظمات الطبية غير الحكومية العاملة في اليمن.
وأورد الكاتب الغربي "جوردان دوف" في تقرير مطول العديد من الأدلة التي تؤكد استخدام التحالف سلاح نووي تكتيكي مرة واحدة على الأقل – قنبلة جبل نقم – تم استنباطها من خلال دراسة أشرطة الفيديو، التي وثقت هذا الهجوم من قبل العالم الفيزيائي ومفتش الوكالة الدولية للطاقة الذرية "جيف سميث"، وقال أن هذه ليست المرة الأولى التي يشن فيها التحالف العربي حرباً بيولوجية في اليمن، حيث ســبق وأن اســتخدم غــاز "الكيمتريل" في تفريق الســحب، لإحداث الجفاف ونشر الاوبئة.
وحتى الآن توفرت العديد من الأدلة التي تثبت استخدام النظام السعودي أسلحة ممنوعة وأخرى غير تقليدية، مثل الفسفور الأبيض، والغازات السامة، وتحدثت مصادر يمنية عن مقتل قرابة 700 مواطن اثر انفجار قنابل سعودية أطلقت غازات مجهولة.
كما استخدم العدوان أسلحة تسببت بحروق غريبة، انتهى المطاف بموت العديد من الحالات المصابة، بعد أن عجز الأطباء عن معالجتها، وفهم مسبباتها.
وكانت وزارة الصحة بصنعاء قد طلبت من الأمم المتحدة توفير الجهاز الإشعاعي الخاص بكشف الحالات المرضية التي تتسبب بها الأسلحة "النيترونية"، لكنها رفضت ذلك.

* الجوع وسوء التغذية:
قفزت معدلات سوء التغذية خلال سنوات العدوان إلى 200 بالمائة، وفقاً لتقارير منظمات إنسانية دولية.
20 مليون يمني يعانون من انعدام الأمن الغذائي، بينهم 8400000 مواطن يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، ويصنّفون عالمياً في المرحلة الخامسة "مرحلة المجاعة أو الكارثة الإنسانية"، و7 ملايين يمني يشرفون على الدخول في مرحلة المجاعة حسب تصنيفات برنامج الأغذية العالمي ومنظمة الأغذية والزراعة "الفاو"، و10 ملايين يمني لا يعرفون من أين ستأتي وجبتهم التالية.
24 مليون يمني (80 بالمائة من السكان) بحاجة إلى مساعدات غذائية منقذة للحياة، بحسب مسؤول الإعلام والاتصال في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية. 
250 ألف يمني يعانون من سوء التغذية الحاد، وهم الأكثر عرضة للخطر، وعلى شفا المجاعة.
6300000 - 11000000 شخص يعانون من سوء التغذية، خلال الفترة "2015 – 2019"، بحسب منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، منهم 1100000 امرأة حامل.
5 ملايين من الحوامل والمرضعات والاطفال بحاجة الى مكملات غذائية طبية.
3.2 ملايين طفل وامرأة مصابون بسوء التغذية الحاد، و50 بالمائة من الأطفال يعانون من "التقزّم" الدائم، بحسب الصليب الأحمر.
2.9 مليون طفل دون الخامسة مصابون بسوء التغذية، من أصل 5.4 ملايين طفل، وبنسبة 55 بالمائة.
500 ألف طفل مصابون بسوء التغذية الوخيم ومهددون بالوفاة.
15 ألف طفل يمني يعانون من سوء التغذية الحاد، بحسب منظمة الصحة العالمية، نوفمبر 2019.
86 بالمائة من الأطفال دون سن الخامسة يعانون من أحد أنواع "فقر الدم"، و46 بالمائة منهم يعانون من "التقزّم".
8 من كل 10 أطفال يعانون من سوء التغذية، وفقًا لأرقام إحدى الوكالات التابعة للأمم المتحدة.
وفاة طفل كل 10 دقائق، بسبب سوء التغذية وأمراض أخرى يمكن الوقاية منها، و 15 حامل يومياً، وامرأة كل يوم عند الولادة، بحسب الأمم المتحدة، سبتمبر 2018.
وفاة امرأة و6 مواليد كل ساعتين، بسبب مضاعفات الحمل أو الولادة، وتدهور خدمات الرعاية الصحية، بحسب منظمة "اليونيسيف" يونيو 2019، والأمم المتحدة 24 نوفمبر 2019.
ارتفاع معدل وفيات الامهات عند الولادة من 148 لكل 100 ألف حالة ولاده قبل العدوان، إلى 385 لكل 100 ألف حالة ولادة في ظل العدوان، بزيادة تصل الى 160 بالمائة.
1000 طفل يمني يموتون يومياً، و150 ألف طفل يموتون سنوياً، بسبب العدوان والحصار ونقص الأجهزة والأدوية، بحسب تقارير المنظمات الدولية.
85 طفل دون الخامسة من أصل ألف طفل يموتون بسبب نوع من أنواع الأمراض التي يمكن الوقاية منها، وموت 80 مولود من أصل 1000 ولادة.
265 ألف طفل يموتون سنوياً بسبب أحد الأمراض الخمسة "الالتهاب الرؤي، الإسهال، الحصبة، الملاريا، سوء التغذية"، ولم تكن نسبة الوفيات السنوية قبل العدوان تتجاوز 80 ألف طفل.
52800 امرأة حامل معرضات للإجهاض.
مليون امرأة يمنية بحاجة ماسة إلى توفر التمويل اللازم، كيلا يفقدن إمكانية الوصول إلى خدمات الصحة الإنجابية المنقذة للحياة.
7.4 ملايين طفل يمني بحاجة إلى مساعدات إنسانية، بحسب مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية.
15 -  17.8 مليون يمني لا يستطيعون الوصول إلى مياه صالحة للشرب أو مرافق صحية آمنة، وهو ما ساعد على انتشار الكثير من الأوبئة.
24 مليون يمني يحتاجون إلى المساعدة، منهم 19.4 مليون بحاجة ماسة إلى الرعاية الصحية.
14 مليون يمني لا يستطيعون الحصول على خدمات صحية مباشرة.
7 من كل 10 يمنيين، لا يستطيعون الحصول على الخدمات الصحية، بحسب الصليب الأحمر.
80 ألف طفل مصابون باضطرابات نفسية، بسبب أصوات الطائرات وانفجارات الصواريخ.
مليون يمني يعانون من الأمراض المعدية، وعدم تلقي العلاج المنقذ للحياة، من بينهم مرضى الفشل الكلوي، وارتفاع نسبة السكر في الجسم، بحسب منظمة الصحة العالمية.

 * الأوبئة والأمراض:
قائمة طويلة من الأمراض القاتلة والمعدية تفشت في اليمن خلال سنوات العدوان الخمس، راح ضحيتها عشرات الآلاف من المدنيين الأبرياء، ولا توجد إحصائيات دقيقة وشاملة لضحايا الأوبئة والأمراض المُزمنة والمُعدية حتى اللحظة، لكن أبرز الأرقام المسجلة من خلال المنظمات الدولية والجهات المحلية ومنظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام بتلاوينها، تفيد بأننا أمام أرقام مرعبة، وحقائق صادمة، وكارثة إنسانية غير مسبوقة في تاريخ البشرية، وحديث الأرقام حُجّةٌ دامغة، وهو محور حديثنا في هذا المبحث، وسنكتفي فيه بعمل مقاربات رقمية وفقاً لما استطعنا الوقوف عليه من تقارير محلية ودولية رسمية وغير رسمية، وتقديم قاعدة بيانات تقريبية تكشف للعالم حجم الكارثة التي ارتكبتها دول العدوان في اليمن.
سجلت المشافي اليمنية خلال العام 2018 فقط، كنموذج، نحو 4900000 مصاب بالأمراض الوبائية المختلفة، واستأثرت أمراض الجهاز التنفسي بنحو 3200000 حالة مرضية، ما يوضح حجم الكارثة التي حلّت باليمنيين بسبب أسلحة العدوان المحرمة التي استخدامها في اليمن، في ظل صمت دولي مخزي، وتعاون ومساندة أميركية وإسرائيلية لم تعد خافية على أحد.
1 - الكوليرا: 
تعرض اليمن خلال سنوات العدوان الخمس، لثلاث موجات من وباء جائحة الكوليرا، هي الأعنف على مدى التاريخ الإنساني المعاصر، وتزايدت معدلات الوفيات والإصابات بشكل مرعب وغير عادي من عام لآخر، في ظل تحذير المنظمات الدولية من موجة رابعة قد تكون الأكثر كارثية من سابقاتها، مع تزايد معدل الإصابات والوفيات في الأشهر الأولى من العام الجاري 2020.
وتحدث منظمة الصحة العالمية عن تسجيل 2352812 - 2500000 حالة إصابة بوباء جائحة الكوليرا خلال الفترة "مارس 2016 – مارس 2020"، وتسجيل 50 حالة إصابة في الساعة طوال سنوات العدوان الخمس على اليمن، والوفيات 3500 – 4000 شخص، معظمهم من كبار السن والأطفال، في حين تحدثت إحصائيات وزارة الصحة عن 2326568 إصابة، ووفاة 3786 شخصاً، يمثل الأطفال 32 بالمائة منهم.
أ - الموجة الأولى "أكتوبر 2016  - 26 أبريل 2017": أسفرت عن 25800 إصابة ووفاة 129 شخصاً، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، وتسببت هذه الموجة في إعلان الامم المتحدة والمنظمات الدولية، اليمن "بلداً منكوباً" بالكوليرا، وامتدت هذه الموجة الى 19 محافظة.
وتوصلت دراسة تحليلية الى أن الموجة الأولى الصغيرة لجائحة وباء الكوليرا في 2016، كان لها دور رئيسي في زرع البكتريا في جميع أنحاء اليمن خلال موسم الجفاف، وعندما عادت الأمطار في أبريل 2017، تسببت في انتقال الكوليرا على نطاق واسع، مما أدى إلى حدوث الموجة الثانية، والتي شملت 21 محافظة بزيادة محافظتين عن الأولى.
ب – الموجة الثانية "27 أبريل - نوفمبر 2017": أسفرت عن 503484 إصابة، ووفاة 2641 شخصاً، حتى نوفمبر2017 وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، بينما تحدثت تقارير محلية عن 1493828 حالة إصابة، في حين رصدت وزارة الصحة بصنعاء نحو 1493828 إصابة، و 2919 حالة وفاة خلال الفترة "27 أبريل 2017 - 14 مارس 2018".
وبكل حزن استأثر الأطفال بنصف حالات الإصابة وربع حالات الوفيات خلال هذه الموجة، وتعدى معدل الاصابة اليومي في النصف الثاني من هذا العام 5000 حالة، وهي مؤشرات تجاوزت المعدلات الطبيعية وفاقت قدرة النظام الصحي المتهالك، وبذلك سجلت اليمن أسوأ معدل انتشار للكوليرا في العالم.
ج - الموجة الثالثة "يناير – سبتمبر 2019": تم فيها تسجيل 696537 حالة إصابة، منهم نحو 25.5 بالمائة أطفال دون سن الخامسة، وفاة 913 شخصاً، بحسب منظمة الصحة العالمية، وكانت 305 مديريات من أصل 333 مديرية يمنية، قد أبلغت خلال العام 2019 عن وجود الوباء فيها.
بينما سجلت وزارة الصحة بصنعاء 654747 حالة إصابة، و872 حالة وفاة، وتتحدث تقارير محلية عن 854000 حالة إصابة و1000 حالة وفاة، 53 بالمائة من الوفيات من كبار السن ما فوق 60 عاماً ، و 15 بالمائة من الأطفال دون الخامسة، ومعدل الإصابة الشهري 40000 واليومي 1300 حالة في مختلف المحافظات.
وارتفعت مستويات الإصابة بالكوليرا وسوء التغذية بنسبة 132 بالمائة في 2019 مقارنة بـ 2018.
وكانت وزارة الصحة قد رصدت خلال الفترة يناير - مارس 2019 حوالي  162463 حالة إصابة و327 حالة وفاة، استأثرت منها أمانة العاصمة "صنعاء" بـ 37485 حالة إصابة و50 حالة وفاة بينها طبيبان.
وتحدثت منظمتا اليونيسيف ومنظمة الصحة العالمية عن 536000 إصابة ووفاة 773 شخصاً، وارتفاع معدل الاصابة اليومي بنحو 95 بالمائة، خلال الأشهر الأولى من عام 2019.
وأشارت تقديرات منظمة الصحة العالمية في النصف الأول من العام 2019 إلى أن نحو 4800000 يمني مهددون بالكوليرا، وكانت الإسهالات والأمراض المتعلقة بالكوليرا قد سجلت في العام 2018 نحو ٣٦١٢٦٦ إصابة، توفي منهم 493 شخصاً، ما يعمق مأساة اليمنيين الذين ينجون من الموت قصفا وجوعا من قبل تحالف العدوان. 
وقالت الأمم المتحدة أن نحو 7600000 يمني یعیشون في المناطق المعرضة لخطر انتقال الكولیرا، مضيفة في بيان لها بتاريخ 22 أغسطس 2019 ، أن وباء الكوليرا في اليمن لا يزال الأكثر انتشار حول العالم.
وحذرت منظمة أوكسفام من موجة رابعة مع بداية موسم الأمطار باليمن في أبريل 2020، وتوقعت إصابة أكثر من مليون يمني بالكوليرا في العام2020، مقدرة عدد الإصابات منذ بداية 2017 بنحو 2300000.
وسجلت الأسابيع السبعة الأولى من عام 2020 نحو 56000 حالة إصابة بحسب لجنة المخاطر التابعة للمجلس النرويجي للاجئين ومنظمة أنقذوا الأطفال، وهو ما ينذر بكارثة محققة.
2 – التهابات "السحايا" الدماغية:
ثاني وباء ينتشر في اليمن بعد الكوليرا، أبلغ بتفشيه مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن "أوك لوتسما"، في العام 2017، وتم تسجيل نحو 1847 - 2576 حالة إصابة خلال العام 2018، أغلبها في تعز وأمانة العاصمة.
3 – الدفتيريا "الخناق":
ثالث وباء يظهر في اليمن منذ بداية العدوان بعد الكوليرا والتهاب السحايا.
تم تسجيل نحو 4541 - 5517 إصابة، ووفاة 338 شخص، منها 4000 إصابة ووفاة 257، خلال الفترة "12 أغسطس 2017 - 12 أكتوبر 2019 "، 16 بالمائة منهم أطفال دون الخامسة، بحسب منظمة الصحة.
120 حالة إصابة و14 حالة وفاة في 2017، معظمهم من الأطفال، بحسب منظمة الصحة العالمية.
2573 حالة إصابة بينهم 1491 طفلاً، ووفاة 142 حالة، بينهم 126 طفلاً، خلال الفترة "أغسطس 2017 - 17 أكتوبر  2018"، بحسب وزارة الصحة بصنعاء.
1600 حالة إصابة، و95 حالة وفاة،  خلال الفترة "يناير -  27 أكتوبر،2019" بحسب منظمة الصحة.
4 - إنفلونزا الخنازير (H1N1):
انتشرت بشكل لافت في محافظتي تعز وصنعاء وعدد من المحافظات الجبلية الشمالية، وهو من أمراض الجهاز التنفسي التي تسببها فيروسات إنفلونزا تنتمي إلى أسرة "أورثوميكسوفيريداي" (Orthomyxoviridae).
930 إصابة، و196 حالة وفاة، خلال الفترة "يناير 2018 - 14مارس 2019".
418 إصابة ووفاة 85 شخص خلال أسبوعين فقط من العام 2018.
1500 حالة إصابة، و54 حالة وفاة خلال الفترة "يناير – فبراير 2020".
وشهد العام 2019 والأشهر الأولى من 2020 تزايد ملفت في عدد الإصابات والوفيات، وبحسب مكتب الترصد الوبائي فقد تم تسجيل 34 إصابة ووفاة 7 حالات في يوم واحد فقط، "17 ديسمبر2019".
وفي 25 ديسمبر 2019 أعلنت وزارة الصحة بصنعاء عن وفاة 94 شخصاً منهم 8 أطفال.
2371 إصابة، ووفاة 134 شخصاً، خلال الفترة "أكتوبر -  ديسمبر 2019"، بحسب وزارة الصحة بصنعاء.
وسجلت محافظة إب خلال العام 2019 نحو 149 حالة اشتباه، و 48 حالة وفاة، بحسب تقارير محلية.
بينما سجلت محافظة تعز خلال الأسبوع الأول من شهر ديسمبر 2019 نحو 5 وفيات، بحسب مكتب الصحة.
تسجيل 39 حالة وفاة في أمانة العاصمة خلال أسبوع واحد من شهر ديسمبر 2019، بحسب مكتب الترصد الوبائي، في حين أعلن مكتب الصحة بأمانة العاصمة في يناير 2019، عن إصابة 107 أشخاص ووفاة 22 شخصاً خلال ذات الشهر، بينما تتحدث تقارير محلية عن 1533 إصابة، ووفاة 564 شخص خلال عامي "2018 – 2019".
5 - حمى الضنك "المكرفس": 
تنتشر في المناطق الساحلية والتهامية والمرتفعات الجبلية، وتعز وشبوة.
154556 إصابة، ووفاة 432 شخص.
36000 إصابة ووفاة 146 بحسب وزير الصحة في ديسمبر 2019.
28031 إصابة خلال عام 2018.
3813 حالة إصابة بعدد من المحافظات، تصدّرتها الحديدة وتعز وأبين خلال 2018.
65747 إصابة، ووفاة 245 في محافظات الحديدة وحجة وريمة والمحويت وتعز وإب وصعدة، خلال الفترة "أكتوبر – ديسمبر 2019".
23000 حالة إصابة، و62 حالة وفاة، بحسب إحصائيات وزارة الصحة والسكان بصنعاء.
محافظة الحديدة: 3000 إصابة ووفاة 33 شخصاً، خلال الفترة "أكتوبر - نوفمبر 2019"، منها في مدينة الحديدة 2000 إصابة و 50 حالة وفاة، بحسب السلطات المحلية.
3500 إصابة، و50 حالة وفاة بمدينة الحديدة، بحسب رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر "روبير مارديني" في نوفمبر 2019.
محافظة تعز: 7990 إصابة، ووفاة 10 أشخاص، خلال الفترة "يناير – نوفمبر 2019"، بحسب نائب مدير إدارة الإعلام والتثقيف الصحي بتعز "تيسير السامعي".
8000 حالة إصابة بالحميات الموسمية منها حمى الضنك منذ مطلع 2019، ووفاة 10 أشخاص.
وتحدثت تقارير محلية عن رصد 9849 حالة إشتباه على مستوى المحافظة و10 وفيات منذ بداية 2019
عدن: وفاة 11 شخصاً، بحسب وسائل إعلام محلية في مارس 2020، نقلا عن مصادر طبية.
مأرب: 486 إصابة، منذ مطلع 2019، بحسب منسق الترصد الوبائي في مكتب الصحة بمديرية الجوبة "عوض الرملي"، نوفمبر 2019.
شبوة: 224 إصابة خلال الفترة "أكتوبر – ديسمبر 2019"، وفاة 8 حالات بمديرية بيحان بينهم 3 أطفال خلال أسبوعين، بحسب مصدر طبي لوسائل إعلام محلية، ديسمبر 2019.
البيضاء: 30 إصابة، وحالة وفاة واحدة خلال أسبوعين، بحسب السلطة المحلية بمديرية ناطع ديسمبر 2019.
حجة: 900 حالة إصابة في مدينة عبس، خلال 6 أسابيع، بحسب منظمة أطباء بلا حدود، أكتوبر 2019.
6 - الملاريا:
سجلت سنوات العدوان نحو 2377142 إصابة، استأثر العام 2018 بنحو ٦١٢٧٤٢ حالة إصابة، منهم 203297 طفلاً، واحتلت محافظة الحديدة المرتبة الأولى، ثم محافظة حجة، فتعز.
وبلغت حالات الإصابة في العام 2019 نحو 1020000.
وتتحدث تقارير محلية غير رسمية عن وفاة 18 ألف يمني سنوياً بسبب الإصابة بالملاريا
7 - الأمراض والأورام السرطانية:
تزايد حالات الإصابة بأنواع مختلفة من السرطانات نتيجة استخدام عدوان العاصفة أسلحة محرمة دولياً، وما تحمله تلك الأسلحة من إشعاعات وفيروسات مسببة لأمراض كثيرة، بعضها معروفة والكثير منها لم تعرف حتى الآن، وتتحدث التقارير الدولية عن تسجيل المستشفيات اليمنية في السنوات الأربع الأولى من العدوان وتحديداً حتى مطلع 2019 نحو 172000 إصابة سرطانية، بمعدل 40 ألف حالة إصابة سنوباً، و40 ألف مريض بالأورام السرطانية مهددون بالوفاة نتيجة عدم إدخال جهاز الإشعاع الخاص بعلاج الأورام، ووفاة 28000 مريض بسبب عدم توفر الادوية والاجهزة الطبية اللازمة، وتقول الإحصائيات الرسمية أن محافظتي صعدة وحجة كنموذج، كانت كل واحدة منهما قبل عدوان العاصفة تسجل سنوياً حالتي إصابة بالسرطان فقط، ليرتفع العدد المسجل سنوياً في المحافظة الواحدة منذ عام 2015 إلى 600 حالة سنوياً.
وأكدت تقارير طبية توسع انتشار الأمراض الجلدية والأورام الخبيثة يوماً بعد آخر، في مديرية حيدان والمديريات الحدودية الأخرى في محافظة صعدة بسبب الأسلحة المحرمة، التي تلقى بشكل يومي على تلك المناطق.
8 - فيروس حمى "غرب النيل": 
وهو من الأوبئة الغامضة العاصفة باليمن خلال سنوات العدوان، ظهر للمرة الأولى في نهاية العام 2017 بشرعب تعز، وانتشر في عدة مناطق من محافظة تعز والساحل الغربي والمناطق الحدودية مع السعودية في حجة وصعدة.
واتهم وزير الصحة بصنعاء في ديسمبر 2019 دول العدوان بنشره من خلال المرتزقة السودانيين "الجنجويد"، الذين يتواجدون ضمن صفوف العدوان في الحدود السعودية الجنوبية والساحل الغربي.
وينتقل فيروس غرب النيل عن طريق لدغات البعوض الحامل للعدوى، ويمكن أن يتسبّب في الإصابة بمرض عصبي، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية.
ولا توجد إحصائية محددة حول عدد المصابين بهذا الفيروس حتى اللحظة، باستثناء إحصائية يتيمة لنائب مدير الإعلام والتثقيف الصحي في تعز "تيسير السامعي" في ديسمبر 2019 تحدثت عن 300 إصابة، بينها 24 حالة مؤكدة مخبرياً.
9 - الجمرة الخبيثة:
أعلن مكتب الصحة بمحافظة تعز في نهاية العام 2018 تسجيل حالة إصابة واحدة بمرض الجمرة الخبيثة، وهو ما يمكن اعتباره الوباء الرابع الذي يظهر في ظل العدوان لأول مرة باليمن، وإن لم ينتشر كثيراً.
والجمرة الخبيثة من الأمراض البكتيرية التي تصيب الحيوانات الثدية آكلة العشب، وينتقل في الغالب عبر الاتصال المباشر بين الإنسان والحيوانات المصابة، ويصيب الجهاز التنفسي والبلعوم والجلد.
10 - الحصبة: انتشرت بالتوازي مع انتشار الكوليرا والدفتيريا، وبلغت حالات الإصابة المسجلة خلال سنوات العدوان نحو34520، منها 29131 حالة إصابة تم رصدها خلال العام 2018، والوفيات 273 حالة، 65 بالمائة من الإصابات والوفيات أطفال.
11 - البلهارسيا: ٢٤٨٧١ حالة إصابة خلال العام 2018، أكثرها في محافظة حجة تليها صعدة.
12 – الحميات الموسمية: 
الحميات النزفية: 1524 إصابة.
الحمى الفيروسية: وفاة 5 حالات في مديرية شرعب السلام بتعز نهاية ديسمبر 2019.
الحمى الملطية: 44913 إصابة، خلال عام 2018، وتحتل ذمار المرتبة الأولى في عدد الإصابات، تليها أمانة العاصمة.
حمى التيفوئيد: ٢٤٠٢٠٨ إصابة، خلال العام 2018.
13 – الجهاز التنفسي:
الجهاز التنفسي العلوي: 2250000 -  ٢٢٥٤٧١٤ إصابة، خلال العام 2018.
الجهاز التنفسي السفلي: 940000 – ٩٤٠٣١٨ إصابة، خلال العام 2018.
الإنفلونزا الموسمية: ١١٦٢٦٩ إصابة، خلال العام 2018.
الالتهاب الرئوي الحاد: 16000 إصابة.
السل الرئوي: 4002 إصابة، خلال العام 2018.
السعال الديكي: 73654 إصابة خلال العام 2018، وتتحدث وسائل إعلام محلية عن 14000 إصابة.
النكاف "التهاب الغدة النكفية": ٣٢٨١١ – 67000 إصابة، خلال العام 2018.
14 – الكبد:
التهابات الكبد: 29400 إصابة منهم 19321 إصابة، خلال العام 2018.
التهاب الكبد الوبائي B .C: ٥٠٩١ حالة إصابة، خلال العام 2018.
التهاب الكبد الوبائي A.E: ١٤٢٣١ حالة إصابة، خلال العام 2018.
15 - الفشل الكلوي: 8000 إصابة.
16 - داء الكلب: 14500 إصابة، منها 1000 حالة إصابة و 54 حالة وفاة، خلال العام 2019.
٦٩٤٣ إصابة، خلال العام 2018، تأتي ذمار ثم إب على رأس القائمة، مع شحة كبيرة في الأدوية الخاصة بهذا المرض.
17 – الكزاز الوليدي: 400 إصابة، منها 122 إصابة، خلال العام 2018.
18 - الجدري المائي: 62000 إصابة، منها 36672 إصابة خلال العام 2018.
19 - اليشمانيا: 10000 حالة إصابة، منها ٤٧٤٢ إصابة، خلال العام 2018.
20 - الجرب: 2500 إصابة.
21 - مرض السكري: 500000 إصابة.

الأربعاء، 8 أبريل 2020

الحروب البيولوجية أسلحة خفية وجرائم منسية



زيد يحيى المحبشي، مركز البحوث والمعلومات، 8 أبريل 2020
إن دول الاستكبار وعلى رأسها أميركا تتحمل المسؤولية بالدرجة الأولى عن نشر الأوبئة والأمراض والكوارث الموجودة في العالم .. غير بعيد أن يكون هناك توجه أميركي لنشر وباء الكورونا واستغلاله حتى لو أضر بالمجتمع الأميركي نفسه.
هناك وسائل عسكرية لنشر الجراثيم والفيروسات لمجتمع معين لاستهدافه بتلك الأوبئة ونشأ عنها ما يسمى بالحرب البيولوجية .. السيد عبدالملك الحوثي
الحروب متوالية لا متناهية من جحيم الدمار والخراب والعبث والفساد في البر والبحر والجو، لهذا حرم الله القتل والحرب والتدمير منذ أن خلق الأرض وما عليها، لما تسببه من تداعيات قد تبقى آثارها على الإنسان والحيوان والنبات والحياة بمكوناتها المختلفة لعشرات السنين، فقال سبحانه وتعالى: "مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا"، وعندما خلق الله الانسان، جرى حوار لطيف بينه وبين ملائكته المسبحة بقدسه حول هذا المخلوق الجديد المسمى بالإنسان ومخاوف الملائكة من تملُّك نزعات الشر كيانه وأفعاله: "وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ: إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً، قَالُواْ: أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء، وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ، قَالَ: إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ".
وقد أراد الله سبحانه وتعالى من هذه الحوارية تنبيه البشرية من غلبة نزغات الشيطان، وتوجه تفكير العقل البشري الى تدمير جرثومته ومحيطه من تراب وهواء وماء وحياة وكائنات ونبات، ومع ذلك لم تستوعب البشرية التحذير والتنبيه الإلهي، فكانت الحروب المتناسلة من رحم جدلية الصراع بين الحق والباطل السمة الغالبة على التاريخ الإنساني في مراحله المختلفة.
تعددت مسميات الحروب وتنوعت أهدافها واستراتيجياتها وأسلحتها وكوارثها، من بدائية الى نظامية الى بيولوجية الى تكنولوجية، ومن محدودة الى شاملة، وفي جميعها كانت هناك علاقة ارتباط مقدسة بين الحروب والأمراض، وتبقى الحروب البيولوجية الأكثر بشاعة في تاريخ الحروب البشرية، والأكثر تعقيداً وتأثيراً وتدميراً، فهي لا تميز بين الأهداف المدنية والعسكرية، ولا يمكنك رؤية خصمك والاستعداد له وتوقع هجومه، وهي تستخدم أسلحة غير مرئية، لكنها فاتكة وقاتلة للحياة ومدمرة للكون، وتبقى آثارها عشرات السنين.
وتعتمد هذه الحروب بشكل أساسي على تصنيع الأمراض الوبائية واستخدامها في المواجهات العسكرية، في زمن لم تعد فيه الحروب مواجهة بين جيشين، بل يكفي ارسال فيروس قاتل لإثارة الرعب والفزع والهلع والإرهاب، وتدمير دول وأمم، وانجاز ما عجزت عنه الجيوش بجبروتها وهيلمانها، وما نراه اليوم من فيروس كورونا الأميركي الصنع كافٍ للوقوف على كوارث هذه الحروب القذرة، والأكثر قذارة تحكم الدول التي تستخدمها في تصنيع الأدوية المضادة واللقاحات والأمصال الخاصة بها، مما يجعل الأمر يتحول إلى مافيا تتصارع فيها شركات الأدوية المصدرة لتلك اللقاحات، في سباق مفتوح لجني مليارات الدولارات غالباً ما تكون من أقوات الفقراء والمستضعفين.

* مفهوم معوّم:
الحروب البيولوجية Biological Warfare، أو الجرثومية أو الميكروبية أو البكتيرية، مصطلح عسكري يقصد به جميع الوسائل والمسببات التي تستخدم لنشر الأمراض المعدية والفتاكة في صفوف القوات المعادية، من أجل التأثير على كفاءتها القتالية وسهولة إلحاق الهزيمة بها وحسم نتيجة المعركة بأقل كلفة وأقصر وقت.
وتستخدم هذه الحروب مسببات الأمراض أو الكائنات التي تسبب المرض، وتشمل مسببات الأمراض البكتيريا والفيروسات والفطريات والسموم التي تنتجها الماشية أو النباتات، بحسب خدمات المرجعية العلمية في مكتبة الكونغرس، أي الجمع بين جميع العوامل المُسببة للأمراض والأوبئة المختلفة، من خلال الاستزراع والاستخدام لبعض الكائنات الحية الدقيقة وإفرازاتها السامة، لإحداث المرض أو القتل الجماعي للإنسان، أو ما يملكه من ثروة نباتية أو حيوانية، أو تلويث لمصادر المياه والغذاء، أو تدمير للبيئة الطبيعية التي يعيش فيها، والتي قد يمتد دمارها لسنوات طويلة.
 ويندرج تحت هذا المصطلح العسكري كل من البكتيريا، والفطريات، والفيروسات، والميكروبات وجميع السموم المُنتَجة بواسطة هذه الكائنات، أو المستخلصة من النباتات والحيوانات.
لذا فهي حرب صامتة باردة، لا تترك شظايا أو رائحة، ولا تملأ الجو دُخاناً أو باروداً، ولا تُخلِّف وراءها آثار تُدمي، ولا ترى فيها فوهة مدفع ولا دانة دبابة ولا صاروخاً موجهاً، ولا تمنعھا حدود ولا تستطيع مقاومتھا جيوش، ولا أي قوة عسكرية، إنها سلاح العصر القاتل والأكثر شراسة وفتكاً بكل الكائنات بمختلف صور حياتها على هذا الكوكب.
وهي من الأسلحة المحرمّة دولياً، وهناك العديد من المعاهدات الدولية المجرِّمة لتصنيعها واستخدامها والإتجار بها، وتصنف ضمن أسلحة الدمار الشامل، ولا تقل شراسة وضراوة عن الحروب النووية والكيميائية، بل هي الأكثر خطراً، لأنها الأقل كلفة والأوسع انتشاراً والأبطئ احتواءً.

* تاريخ أسود:
الحروب البيولوجية ليست وليدة العصر بل هي أقدم أنواع الحروب على الإطلاق، وهي حرب في الخفاء لا يمكن الإعلان عنها، والتاريخ البشري حافل بنماذج كثيرة لهذا النوع من الحروب القذرة، وسنكتفي هنا بالوقوف على أبرزها، لمعرفة مدى فداحة تداعياتها التدميرية على البشرية والحياة بمكوناتها المختلفة.
1 - استعمال رماة الأسكيثيين  - من بدو أوربا الشرقية - في الألف قبل الميلاد نشّاب مسمومة،  ذُكرت هذه الحادثة في معركة طروادة، وكانت الأعراض الناتجة الإصابة بالغرغرينا والكزاز التي تسببها بكتيريا الكلوستريديوم.
2 - تسميم الآشوريون في العام 500 قبل الميلاد مصادر مياه الشرب للعدو وتلويثها بالبراغيث، وفطر الإرغوت الطفيلي المسبب للهلوسة.
3 - تسميم اليونان في نحو العام 590 قبل الميلاد، مصادر المياه لمدينة كيرا، بوضع الجثث الميتة والحيوانات النافقة والفئران والطيور الميتة في مجرى وآبار مياه الشرب، وجذور نبات الخربق، وهو ما تسبب في إصابة أعدائهم بالإسهال.
4 - قذف البيثينيون في العام  ١٨٤ قبل الميلاد بالمنجنيق جِراراً مملوءة بالأفاعي السامة على سفن الأعداء.
5 - قذف التتار في العام 1346 ميلادي بالمنجنيق جثث ضحايا الطاعون على مدينة كافا – فيودوسيا .. حاليا - بشبه جزيرة القرم، وكانت الجثث تحتوي على بكتيريا اليرسينيا، وهو ما تسبب في تحولها إلى مدينة مهجورة.
6 - بيع إسبانيا في العام ١٤٩٥ ميلادي ، أعدائها خمراً مخلوطاً بدم المصابين بمرض الجذام.
7 - إلقاء الصليبيين خلال ما سُمِّي بالحروب الصليبية في العهد الوسيط جثث الموتى المصابين بالطاعون في معسكرات المسلمين.
8 - نشر بريطانيا في العام 1763 فيروس الجدري في أوساط الهنود الحمر، عبر توزيع بطاطين وملابس ملوثة من مستشفى الجدري، وكانت النتيجة انتشار فيروس "فايولا" المسبب للجدري، ما أدى الى مقتل الملايين من الهنود الحُمر، وهو من الأسلحة البيولوجية عالية الخطورة، لقدرته على الفتك بشعوب بأكملها في غضون شهر واحد، وبذلك تمكنوا من احتلال أرضهم وتأسيس ما عرف لاحقاً بالأميركتين.
9 - استخدام ألمانيا في الحرب العالمية الأولى"١٩١٥ – ١٩١٨" الكوليرا والجمرة الخبيثة والجدري والطاعون ومرض الرعام "داء الخيل" في حربها ضد إيطاليا وروسيا.
10 - استخدام بريطانيا جرثومة الجمرة الخبيثة "أحد أنواع الأنثراكس الثلاثة" كسلاح بيولوجي في الحرب العالمية الثانية، في جزيرة "جرونارد الإسكتلاندية" وظلت اسكتلاندا تعاني من آثار هذه الجمرة حتى عام 1987.
11 - استخدام اليابان في الحرب العالمية الثانية "١٩٣٢ – ١٩٤٥" أسرى الحرب في غينيا للتجارب مع الغرغرينا الغازية، والجمرة الخبيثة، والكوليرا، والدوسنتاريا، والطاعون، مما أسفر عن مقتل 3000 شخص على الأقل في الميدان، كما قامت الوحدة اليابانية 731 برش ميكروب الكوليرا والبراغيث الموبوءة بالطاعون على قرى وآبار المياه الصينية، ما تسبب في قتل 10000 صيني، و1700 شخص من قواتھم الخاصة، وتشويه عدد كبير.
12 - تجريب الاتحاد السوفيتي في سبعينيات القرن العشرين الجمرة الخبيثة، والجدري، وماربورغ - وهو فيروس شبيه بفيروس إيبولا يسبب الانهيار الوعائي-، وتصميم طاعون مقاوم للأدوية المتعددة.
13 - اضافة برنامج الأسلحة البيولوجية الذي وضعه الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، البوتولينوم والجمرة الخبيثة والأفلاتوكسين، الى الرؤوس الحربية لقذائف صواريخ اسكود.
14 -  تسميم العصابات الصهيونية المسلحة "بالماش وبوم" ما بين ديسمبر 1947 ومايو 1948، آبار القرى الفلسطينية بالتيفوئيد والدوسنتاريا - حالة الاسهال الشديد - بتوجيهات من المجرم "مناحيم بيجن"، وهذا العمل الاجرامي جزء من حملة التطهير العرقي التي أدت إلى قيام دولة الكيان الصهيوني، ولا زال هذا الكيان اللقيط يمارس كل أنواع وأساليب الحروب القذرة بحق الفلسطينيين الى يومنا، كما قام بتزويد السعودية والإمارات بالعديد منها لتجريبها في حربهم الظالمة على اليمن، وتجريب بعضها بواسطة طيار صهيوني وطائرة صهيونية وقذيفة صهيونية، لا زالت آثارها في عطان شاهدة على قبحهم وقبح من استجلبهم من أعراب الجزيرة وعبيد اليمن.
15 - تصدر الولايات المتحدة الأميركية منذ تأسيسها على جماجم الهنود الحمر في القرن الـ 17 الميلادي، هذا النوع البشع من الحروب البيولوجية القذرة، بدءاً بالجمرة الخبيثة ومروراً بفيروس نقص المناعة والكوليرا وحمى الضنك، وقائمة طويلة من الأوبئة التي عصفت بالبشرية ما بعد العالمية الثانية وقتلت مئات الملايين من الأبرياء، وأخرها كورونا، واستخدام هذه الأسلحة التدميرية في حروبها الكونية التي لا تنتهي، كما جرى في فيتنام وكوريا وكوبا وأفغانستان والعراق وسورية وليبيا .. ألخ، وصولاً إلى تزويد تحالف العدوان على اليمن بتلك الاسلحة المحرمة ما تسبب في انتشار العديد من الأوبئة، وهو محور حدثنا في المبحث القادم.
وبدأت أميركا منذ العام 1943، بإجراء سلسلة من التجارب البيولوجية، لصناعة أسلحة كيميائية فتاكة، بتوجيه من الرئيس الأميركي حينها "فرانكلين روزفلت"، وبالفعل نجحت بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية في إنشاء مخزون ضخم من الاسلحة البيولوجية والكيميائية، وفي 1956 أجرت أول تجربة لها تمثلت بنشر بكتيريا "الجمرة الخبيثة" في مناطق السود، ما أدى إلى مقتل الكثير منهم.
وفي 1981 اعلنت الحكومة الكوبية رسميا أنه تم تشخيص 300 ألف من مواطنيها، مصابين بمرض "حمى الضنك" عقب الهجوم البيولوجي الذي شنه الجيش الأميركي على مناطق متفرقة من كوبا.
وتشير دراسات أجراها البروفيسور بجامعة تكساس "جارث نيكلسون" وزوجته الدكتورة نانسي، أن الولايات المتحدة تخفي استخدامها لميكروبات من نوع الميكوبلازما، الذي يحدث أعراض ما أطلق عليه بأعراض حرب الخليج التي ظهرت عند العديد من الجنود الأميركيين، وبسببها تعرض البروفيسور وزوجته للملاحقة والعديد من العقوبات الأكاديمية.
ومن ذلك تأكيد عالم البيولوجيا الألماني "جالوب سيجال" قيام واشنطن بصناعة فيروس "نقص المناعة المكتسبة" HIV المسبب لمرض الإيدز، في أحد المعامل البيولوجية العسكرية في "فورت ديريك" بمريلاند، عن طريق دمج نوعين من فيروسات HTLV-1 و Visna، كما أكدت ذلك الحائزة على جائزة نوبل للسلام الدكتورة "فاجناري مآثاي"، وذكر الدكتور "آلان كانتويل" أن الذي أشرف على تصنيع الفيروس هو الدكتور "وولف زمنوس"، وأن واشنطن أخفت هذه التجارب عن وسائل الإعلام.
وكشف موقع معهد بيربرايت الأميركي، عن تقديم عدد من الباحثين الأميركيين "إيريكا بيكرتون، سارة سارة، بول بريتون" بحثاً عن فيروس كورونا  في 23 يوليو 2015 ، وحصلوا في 20 نوفمبر 2018 على براءة اختراع برقم 10130701، وهو ما بات اليوم يعرف بكوفيد - 19، وظهر الفيروس في مدينة أووهان الصينة بعد عام واحد فقط من حصول واشنطن على براءة الاختراع، لتكون أول المكتوين بناره بعد شهرين فقط من نشره في الصين.

* أسلحة خفية:
تستطيع تصنيع ترسانة كاملة من الأسلحة البيولوجية في زمن قصير، كل ما تحتاج إليه غرفة معمل وبكتيريا معدية، وبمقدور خلية بكتيرية واحدة إنتاج مليار نسخة جديدة خلال عشر ساعات فقط، وبالتالي فزجاجة واحدة من البكتيريا المعدية كافية للقضاء على مدينة بحجم واشنطن الأميركية أو أووهان الصينية، ويقول العلماء أن نسبة واحد على المليون من جرام واحد فقط من بكتيريا الأنثراكس كافٍ لقتل شخص بمجرد استنشاقه.
عملت العديد من الدول بدرجات متفاوتة على تطوير عدد من الأسلحة الجرثومية، بغرض استعمالها كسلاح دمار شامل، مستخدمة في ذلك أنواع فتاكة من الفطريات والبكتريا والفيروسات، والمواد السامة "التو كسينات" التي تنتجها، ويقول العلماء أن جرام واحد منها كافٍ لقتل نحو مليون شخص.
كما عملت بعض الدول على تطوير استخدام الميكروبات كأسلحة جرثومية، ولجأوا الى وسائل بيولوجية جزئية لهندسة هذه الميكروبات وراثياً، وجعلها أكثر قدرة وفعالية في الإضرار بصحة الانسان، بمعنى اخر، التوصل الى فيروسات أو ميكروبات أو جراثيم ذات خصائص مختلفة، يمكنها مقاومة المضادات الحيوية المتاحة، وتنتشر كالوباء عند استخدامها، وأبرز الدولة شهرة في هذا المجال أميركا وبريطانيا والكيان الصهيوني، وتتحدث تقارير دولية عقد هذه الدول صفقات كبيرة وسرية مع السعودية لبيع هذه الاسلحة واستخدمها في اليمن بصورة مباشرة وسورية والعراق من خلال الارهابيين.
وأهم الأسلحة المستخدمة في الحروب البيولوجية: سم البوتولينوم - يمكن لصاروخ SCUD محمل بسم البوتولينوم أن يؤثر على مساحة تبلغ 3700 كيلومتر مربع -، والجمرة الخبيثة (Anthrax)، وفيروس إيبولا، والكوليرا، والدفتيريا، والخناق، وإنفلونزا الخنازير والطيور، والجدري المائي، والطاعون، والملاريا، وحمى الضنك، والسرطانات بأنواعها، والتيفوئيد والسل، والكورونا، والحمِّيات بأنواعها، و سارس SRAS .. ألخ.
منها ما يتم ادخاله في مكونات رؤوس الصواريخ والقذائف والقنابل العنقودية، ومنها ما يتم نشره ورشه بالطائرات والرذاذ الهوائي، ومنها ما يتم توزيعه عبر التبادل التجاري من خلال حقن المساعدات والمواد الغذائية والمواد التكميلية المصنعة وتلويثها بهذه الكائنات حتى ولو بعد تغليفها، ومن أبرز الأمثلة على ذلك توقيت انتشار فيروس كورونا في الصين بعد اتفاق الصين وأميركا على التبادل التجاري، ووصول البضائع الأميركية للصين وتداولها بين الصينيين.
ومن أهم المكونات المستخدمة  في تصنيع هذه الأسلحة:
الكائنات الدقيقة مثل البكتيريا والفيروسات والفطريات، والسموم الجرثومية الحيوانية والنباتية، وناقلات العدوى مثل الحيوانات المعضلية كالقمل والبراغيث، والحشرات والنباتات المؤذية، والمركبات الكيماوية المضادة للمزروعات.
1 - الجرثومية: هي كائنات عضويه حيه، ميكروبات وجراثيم صغيره لا ترى بالعين المجردة.
2 - الفطريات: وهي أكبر من الميكروبات والجراثيم حجما وتستخدم ضد النبات ويمكن تكاثرها اصطناعيا مثل البنسلين.
3 - البكتيريا، والخمير: وهي ميكروبات وجراثيم مثل المنتجة للتيفوئيد والسل، تنمو في الطعام وتموت في درجة غليان لمده 15 دقيقه.
4 - الريكستيا: تشبه البكتيريا في الشكل وتسبب حمى التيفوئيد.
5 - الفيروسات: وهو أصغر أنواع الجراثيم، ولها أثر سام على الانسان والحيوان، مثل التي تسبب الجدري والانفلونزا، وتعتبر الجمرة الخبيثة أحد أنواع الاسلحة البيولوجية التي استخدمت قديما وحديثا.

* آثار كارثية:
يكفي رزم كمية قليلة من البكتيريا أو الفيروسات أو الميكروبات أو الجراثيم  في قنبلة رخيصة الثمن، لقتل ملايين من البشر، بكبسة زر واحدة،  من خلال نشر الجراثيم الخبيثة والأمراض والأوبئة المعدية والفتاكة في صفوف العدو.
وإذا تم تصديرها الى البلدان المستهدفة عبر حقنها في المواد الغذائية، تصبح أسلحة مدمرة للإنسان والبيئة والمناخ والزراعة والتربة ومصادر المياه والحيوانات والنبات، وأخطارها ليست آنية بل طويلة المدى، لأنها تؤثر على الجينات الوراثية ذاتها، ناهيك عما تُحدِثُهُ من إعاقات وعاهات وتشوهات مستديمة واختلالات جينية للبشر تنتقل عبر الأجيال.
وتؤكد الدراسات والأبحاث الغربية أن أغلب الأوبئة والفيروسات والميكروبات التي اجتاحت العالم في السنوات الأخيرة وحصدت أرواح الملايين من البشر، كانت مُصَنعَة ومُستخدَمة في حروب بيولوجية قذرة لا توجد وسائل سهلة للحماية من آثار هجماتها المميتة.

* المراجع:
- رجاء حمود الإرياني، آثار الحروب على البيئة، 10 يونيو 2015
- ريهام أبو عياش، أثر الحروب في تدمير البيئة ، ١٨ يونيو ٢٠١٩
- وليام بوردمان، الحرب البيولوجية لقتل اليمنيين، موقع غلوبال ريسيرش الأميركي للأبحاث Global Research، ديسمبر 2017
- جوردان دوف – جندي سابق بالبحرية الأميركية، "اليمن، الكوليرا، إسرائيل، وأسلحة الدمار الشامل"، مجلة فيترين توداي الأميركية، 18مايو 2017
- ريميل صومو، نظرة شاملة على الأسلحة البيولوجية، 12 مايو 2017
- الدكتور أحتيوش فرج احتيوش، الجديد تحت الشمس - تأثير الإنسان على البيئة 8 آثار الحروب، 10 أبريل 2011، https://www.ehtuish.com
- محمد مرشد عقابي، الحرب البيولوجية أشد فتكاً بالحياة من الحروب الأخرى، اليوم الثامن، 7 مارس 2020
- الدكتور مهيوب الحسام، الحرب القذرة، 20 فبراير 2020
- النجم الثاقب، ما هي نوعية السلاح البيولوجي الذي استخدمه العدوان في اليمن؟،30 يوليو 2017
- موقع أنصار الله، حرب أميركا البيولوجية على الشعب اليمني، 14 مايو  2018

الأربعاء، 25 مارس 2020

القطاع السمكي اليمني خمس سنوات من العدوان والصمود


زيد يحيى المحبشي، مركز البحوث والمعلومات 25 مارس 2020
خمس سنوات من العدوان العبري على اليمن، لم يوفروا شيئاً إلا ودمروه، ولم يرعو حرمة لشيئ، خمس سنوات من عربدة أعراب بني سعود وبني نهيان في بلاد السعيدة، مهد العروبة وخزانها البشري الأول، في سابقة فاقت فضاعت أفاعيلها عربدة بني صهيون في فلسطين المحتلة، دمروا كل شيئ وقتلوا كل شيئ وعبثوا بكل شيئ وسرقوا كل شيئ، باستثناء شيئ واحد عجزوا عن انتزاعه منا هو العزة والإباء والكرامة والصمود العربي الأصيل، والحلم المتنامي بالخلاص من كابوسهم المتهاوي، وتخليص الأمة من شراكهم، وتطهير المقدسات من أوساخهم.
ركز العدوان العبري خلال سنوات الجمر الخمس على تدمير كل القطاعات، المرتبطة بصورة رئيسية بقوت المواطن اليمني، وأهمها قطاع الزراعة وقطاع الأسماك، ونالهما القسط الأوفر من التدمير الممنهج، وسنقتصر في هذا المبحث على القطاع السمكي.
تزخر سواحل اليمن الممتدة على أكثر من 2500 كيلو متر، بتوافر نحو 400 نوع من أنواع الأسماك والأحياء البحرية الأخرى، وسبب هذه الوفرة في أنواع الاسماك، وجود المواد الغذائية بكثرة في سواحل الجزر التي يبلغ عددها أكثر 182 جزيرة، وبالتالي مساهمة القطاع السمكي بـ 1.7 % من الدخل القومي، مما يؤهل اليمن لأن تكون دولة رئيسية في إنتاج الأسماك في المنطقة، ولهذا تم وضع القطاع السمكي على قائمة الأهداف للعدوان، ومع ذلك لن ينالوا من صمود اليمنيين وستبوء كل محاولاتهم بالخسران، وسينهض القطاع السمكي كما نهضت الزراعة.

* أرقام نازفة:
ألحق العدوان أضرار بليغة بالقطاع السمكي، شملت الأسماك والحياة البحرية والصيادين والقوارب والموانئ والمصائد  والمؤسسات، في ظل صمت دولي مخزي، واذا تحدثت الأرقام سكتت الألسن، من ذلك سبيل الإيجاز بحسب الاحصاءات الحكومية:
استشهاد ، 268وإصابة 216، وفقدان 53، واحتجاز 115 صياد يمني في السعودية بدون تهم بينهم 3 أطفال، لفترات تراوحت بين 40 يوماً وأكثر من سنتين ونصف.
استهداف 454 قارب صيد، تُقدّر الكلفة الإجمالية لما تم تدميره منها 6224605 دولار، والبالغ عددها 249 قارب صيد في سواحل الحديدة وحجة فقط.
40 ألف صياد و102 موظف و21612 من الأيدي العاملة المساعدة في القطاع السمكي، تأثروا أو فقدوا مصادر رزقهم بسبب عمليات العدوان في حجة والحديدة.
  حظر نشاط الصيد التقليدي في 12 منطقة بحرية منذ اليوم الأول للعدوان، ما تسبب بحرمان أكثر من 50 ألف صياد تقليدي يمارسون مهنة الصيد في سواحل البحر الاحمر من ممارسة أعْمَـالهم.
  تدمير الموانئ البحرية واَسْوَاق ومراكز تجميع الاسماك، وبلغ عدد مراكز الإنزال والتجميع السمكية المستهدفة في سواحل البحر الأحمر فقط خلال عامي 2018 – 2019 نحو 93.
تضرر 26 ميناء إنزال سمكي من إجمالي 30 ميناء، تتبع وزارة الثروة السمكية في سواحل البحر الأحمر، ولم يعد يعمل منها سوى 4 موانئ إنزال فقط.
توقف 56 شركة ومصنعاً ومعملاً كانت تعمل في تجهيز الأسماك وتصديرها للخارج.
تدمير 14مصنعاً حكومياً للثلج بشكل كلي.
تدمير مركز الصادرات ومختبر الجودة بمنفذ حرض، وتقدر قيمته بنحو 13 مليوناً و33 ألف دولار.
توقف نشاط 5086 قارباً، بسبب استهداف موانئ ومراكز الإنزال أو وقوع بعضها على خطوط التماس للمواجهات العسكرية، ومعظم هذه القوارب من ميدي بمحافظة حجة، وذوباب وباب المندب والمخا بمحافظة تعز، ويقدر فاقد إنتاجها بـ 1779051928 دولارا.
13032558دولاراً، الخسائر الناتجة عن تدمير البنية التحتية لمينائي ميدي واللحية.
انخفاض الإنتاج في القطاع السمكي بواقع 90 % وارتفاع نسبة الفقر في أوساط الصيادين أو العاملين في القطاع السمكي ضمن سلسلة القيمة المتكاملة لهذه الأعمال.
انخفاض الصيد التقليدي في تعز والحديدة بنسبة 75 %، وتراجع عدد المستفيدين من الصيد البحري إلى أقل من 20%.
تسبب العدوان بأضرار مباشرة على معيشة أكثر من مليونين و500 ألف من أهالي المدن والقرى الساحلية على امتداد الشريط الساحلي للبحر الأحمر.
1294702005 دولار، الخسائر المترتبة على توقف تنفيذ المشاريع السمكية في البحر الأحمر.
6750454000 دولار، خسائر القطاع السمكي حتى شهر يوليو 2019.

* تدمير ممنهج:
لم يكتف العدوان بتنفيذ الهجمات على مراكب الصيادين في المياه والسواحل الإقليمية اليمنية، وارتكاب أبشع المجازر بحق الصيادين، واحتجاز واختطاف الصيادين وتعذيبهم بصورة وحشية، مخالفاً لكل المعاهدات والمواثيق الدولية والإنسانية، بل وعمد الى تدمير وتلويث السواحل والجزر اليمنية وشعابها المرجانية والبيئة البحرية.
 ويؤكد مدير عام الرقابة البحرية بوزارة الثروة السمكية المهندس محمد عباس الفقيه أن الأنظمة الدولية لا تجيز للسفن الاصطياد على مسافة 60 ميلا من الشاطئ و6 أميال من الجزر، مشيرا إلى أن هناك تدمير ممنهج لبيئة الجزر اليمنية، ترعاه وتغض الطرف عنه دول العدوان وخاصة في أرخبيل حنيش، من أخطرها  قلع الشعاب المرجانية التي تحتاج إلى 150 عاما للنمو مرة أخرى، كما أن تجاوز سفن الصيد المحمية من العدوان – سعودية وإماراتية ومصرية - للمسافات القانونية للصيد يتسبب في تدمير البيئة البحرية، ولفت إلى أن التدمير الكيماوي للبيئة البحرية أخطر بكثير من عمليات التجريف القاعي، فهي تقضي على كل أشكال الحياة ويمتد أثرها لقرون، وبين أن الملوثات الكيماوية التي يجري رميها  في سواحل وجزر اليمن تقضي على الكائنات الحية الموجودة حاليا، وبيوضها على الكائنات النباتية، وتؤثر مستقبلاً على صحة المستهلك للأحياء البحرية.
ومن أخطر ممارسات العدوان في هذا الصدد، تفريغ زيوت البوارج الحربية في المياه الإقليمية اليمنية، وافراغ ودفن المخلفات الكيمائية في الجزر والسواحل اليمنية، ما تسبب بأكبر كارثة بيئية، ونقوق كميات مهولة من الأسماك كما حدث في مديرية الخوخة بالحديدة، بسبب استخدام بحرية العدوان أسلحة محرمة.
وقيام الشركات الإماراتية بسرقة وتجريف وتدمير الشعاب المرجانية ونقلها الى الامارات، بما لذلك من تداعيات كارثية في الإخلال بالتوازن البيئي، والنهب والتجريف العشوائي للأسماك، بهدف  تدمير الثروة السمكية التي تزخر بها السواحل اليمنية، بما لذلك من تداعيات قد تمتد آثارها الكارثية لعشرات السنين.
والاصطياد في الأخوار والمحميات الطبيعية والمناطق ذات الأعماق الضحلة، التي تعتبر مناطق تكاثر وحضانة وغذاء للأحياء البحرية، والجرف العشوائي للأعشاب البحرية، وجرف الأحجار الكريمة والصدف عن طريق التفجير بالديناميت، وغيرها من سائل الاصطياد المحرمة، والتي يعمل من خلالها العدوان على تدمير مواقع التجمعات السمكية التي تكون غنية بالأعشاب البحرية.
وتحدثت الهيئة العامة لحماية البيئة التابعة لوزارة المياه والبيئة في تقرير مطول بتاريخ 18 مارس 2020 عن تسبب النفايات السامة لسفن العدوان في المياه اليمنية بنفوق أعداد كبيرة من الأسماك خلال شهر مارس 2020 في أبين وعدن، وتغير لون مياه البحر إلى أخضر مع صعود رائحة كريهة من البحر بسبب تسرب كيميائي، ونفوق آلاف الأسماك في أكتوبر ٢٠١٩ على سواحل منطقة بئر علي في مديرية رضوم وبلحاف جنوب محافظة شبوة بسبب تسرب نفطي، ونفوق اسماك السردين بساحل أبين بعدن، ونفوق أسماك الجمبري على ساحل المكلا بحضرموت في مايو 2019، ونفوق كبير للأسماك في فبراير ٢٠١٩ في مديرية رضوم وبلحاف بسبب تسريب نفطي، وقيام سفن إماراتية في مايو ٢٠١٨ بجرف آلاف الأطنان من الأسماك وتدمير البيئة والشعاب المرجانية وعمل تفجيرات تحت الماء لجرف الأحجار الكريمة والصدف، وبسبب هذا الجرف الجائر تدمرت بيئة الأسماك وحصول تسمم لها، ونفوق أسماك التبانة في مارس 2018 على ساحل فوه في مدينة المكلا بحضرموت، وتكرر الأمر في ديسمبر ٢٠١٧ بمديرية رضوم بشبوة  قبالة ميناء تصدير النفط بالنشيمة بسبب تسرب النفط في مياه البحر، ومنطقة شوعب بسقطرى  في أكتوبر 2017 بسبب التجريف البحري الذي تقوم به سفن أجنبية.
وتتحدث وزارة الثروة السمكية عن تلقي أكثر من 12 بلاغاً في البحر الأحمر فقط، عن رمي سفن لملوثات كيميائية، وهذه البلاغات لا تعكس سوى 10 % من الواقع الكلي.
وأكدت أن الأضرار البيئية للاصطياد المخالف من سفن الصيد الأجنبية وغير المرخصة تحت حماية دول العدوان، توزعت على 630 مليون دولار خسائر ناتجة عن رمي الأحياء المرتجعة وتأثيرها على الشعاب المرجانية،  و630 مليون دولار خسائر أضرار في المخزون السمكي المستقبلي نتيجة صيد الأسماك الصغيرة.
وأفادت أن الأضرار البيئية جراء رمي الملوثات المختلفة، تسببت في خسائر بـ420 مليون دولار، في حين بلغ إجمالي تقييم الأضرار البيئية لسفن الصيد الأجنبية المخالفة ملياراً و 680 مليون دولار، بينما بلغت خسائر الصناعات والخدمات المصاحبة للنشاط السمكي 13 مليوناً و282 ألف دولار، وخسائر الرسوم والعائدات 71 مليوناً و 162 ألف دولار.

* قنبلة صافر المؤجلة:
جرائم العدوان العبري في اليمن لم تتوقف على قتل الصيادين، وقتل الاسماك والحياة البحرية، ودفن المخلفات الكيمائية في السواحل والجزر والمياه الاقليمية لليمن، وتجريف وسرق الشعاب المرجانية، والصيد الفوضوي المهدد باختلال توازان الحياة والنظام البحري، وو، بل تجاوزت ذلك الى ما هو أكثر فضاعة في تاريخ جرائم قوى الاحتلال والطغيان على مدى التاريخ البشري، من خلال التخطيط الاجرامي منذ اليوم الأول لعدوانهم الأثم على اليمن لوضع اليمن والمنطقة برمتها بدءا من مضيق هرمز وحتى قناة السويس على فوهة بركان قد يستغرق التعافي منه أكثر من 150 عاماً.
ذلك البركان هو خزان صافر العائم بميناء رأس عيسى، وبالأصح القنبلة الضخمة العائمة في البحر الأحمر كما وصفته منظمة The Atlantic Council الأميركية في أبريل 2019.
مع بداية العدوان على اليمن 26 مارس 2015، اتجهت أنظار الدول المعتدية الى السواحل والجزر والموانئ اليمنية قبل الداخل اليمني، لما لها من أهمية جيوسياسية واقتصادية، ولتسهيل هذه المهمة عملت تلك الدول على ضرب حصار بحري خانق أملا في قتل اليمنيين بالجوع، وخلق قنابل موقوتة، لإشهارها بوجه اليمنيين متى وجد العدوان نفسه في مأزق عسكري، لعلى أكثرها خطورة منع أعمال الصيانة في خزان صافر العائم، ومنع تشغيله ومنع إفراغ ما به من مخزون نفطي للعام الخامس على التوالي، مع تزايد التحذيرات المحلية والدولية من تآكل وصدأ الخزان، وتزايد المخاوف من تسرب النفط منه وانفجاره في أي وقت، بما يهدد بتلوث بحري قد تمتد مساحته الى أكثر من 939 ترليون متر مربع، ما يجعل المنطقة برمتها وليس اليمن فقط أمام كارثة بيئة تقارب أربعة أضعاف حجم التسرب النفطي في "أكسون فالديز" بالولايات المتحدة (ألاسكا 1989)، والتي تعد من أكبر الكوارث البيئية في التاريخ البشري بحسب تحذير مركز الدراسات الأميركي "ذا أتلانتك كاونسل"، ويبقى أثرها على الحياة البحرية في المياه الإقليمية اليمنية لأكثر من 150 سنة، كما يهدد انفجاره وفقاً لتقارير محلية أكثر من 150 ألف صياد في اليمن وحده، وتهديد حياة أكثر من مليون و350 ألف أسرة تعتمد في معيشتها على الصيد.
تقع باخرة/ سفينة/ ناقلة صافر النفطية بميناء رأس عيسى، وهي عبارة عن خزان عائم ومثبّت بشكل دائم في واحدٍ من بين أكبر ثلاثة موانئ نفطية عائمة في العالم، ويضم 34 صهريج نفط خام بأحجام وسعات مختلفة، تتسع لـ 3 ملايين برميل من النفط، تمت صناعته في اليابان عام 1976، وتعود ملكيته لشركة صافر للإنتاج والاستكشاف اليمنية، وأرسلته الشركة في العام 1988 الى قبالة ميناء رأس عيسى بالحديدة، ويقع على بُعد 8 كيلو متر من الساحل اليمني على البحر الأحمر.
 وهو محطة التصدير الرئيسية للنفط الخام الخفيف المستخرج من القطاع 18 في منطقة صافر بمحافظة مارب، والقطاع 9 في منطقة مالك بمحافظة شبوة.
بعد عدوان تحالف العاصفة 26 مارس 2015 تعذر تصدير مخزونه النفطي، والمقدر بنحو مليون و200 ألف برميل من النفط الخام، قيمتها 60 مليون دولار بحسب أسعار النفط في شهر يوليو2019، وتم سحب الموظفين وإنهاء أعمال الصيانة الدورية، والتي تكلف سنوياً نحو 10 ملايين دولار، ومنع التحالف وصول فرق الصيانة اليه، ومنع تزويده بمادة المازوت الضرورية لتشغيله، ومنع تفريغ النفط المتواجد فيه، رغم المناشدات المحلية والدولية، خصوصاً مع انتهاء العمر الافتراضي للخزان قبل 10 سنوات، وتوقف المراجل الداخلية له " الغلّايات" عن انتاج الغاز الخامل في صهاريج الخزان، الضروري للحيلولة دون حدوث أي انفجار أو تفاعل كيماوي، نتيجة الغازات المُنبَعِثة من النفط المخزَّن في السفينة، بسبب عدم توافر مادة المازوت اللازمة لتشغيل تلك الغلايات.
ويرى مرصد النزاعات والبيئة (CEOBS) البريطاني أن انعدام المازوت، يعني أن محركات خزان صافر لا تعمل منذ سنوات عدة، وقد تعرّض الهيكل للرطوبة والتآكل مع شحة الصيانة، في ظل وجود هيكل واحد، قد يكون معرضاً للخطر.
وسبق لمسؤولي حكومة الإنقاذ وشركة صافر التحذير في عدة مناسبات من تسبب توقف العمل في الخزان، بكارثة لا تُحمد عُقباها، لكن كل تلك التحذيرات لم تجد آذاناً صاغية حتى اللحظة، وأخرها تحذير وزير النفط والمعادن بحكومة الانقاذ أحمد عبد الله دارس خلال لقائه منسقة الشؤون الإنسانية في اليمن "ليز غراندي" 13 ديسمبر 2019  من أن عدم صيانة خزان "صافر" أصبح يشكل قنبلة موقوتة تهدد البيئة البحرية في المنطقة.
كما أطلقت صنعاء عدة مبادرات لتلافي الخطر المحدق بالجميع دون استثناء من أبرزها مبادرة الشهيد الرئيس صالح الصماد مطلع 2017 بمنح الأمم المتحدة دور للعمل على السماح بتصدير المخزون النفطي بالخزان وبيعه مقابل أدوية للشعب اليمني، وفي 4 نوفمبر 2018 طالب وزير خارجية حكومة الإنقاذ، أمين عام الأمم المتحدة بالضغط من أجل السماح باستخدام نفط خزان صافر لتوليد الطاقة الكهربائية للمدن اليمنية من أجل التخفيف من الأوضاع الإنسانية، وتجنب الكارثة البيئية التي قد يتسبب بها أي تسرب للخزان المتهالك، وأخرها دعوة محمد علي الحوثي في 1 مايو 2019، الأمم المتحدة ومجلس الأمن إلى وضع آلية تقوم على بيع النفط الخام اليمني ومنه نفط خزان صافر مقابل توفير واستيراد البترول والديزل والغاز المنزلي، وإعادة ما يتم بيعه إلى بنكي صنعاء وعدن لصرف مرتبات الموظفين التابعين لنطاق سيطرتهما، وكلها قابلتها دول العدوان وحكومة الفنادق بالرفض، غير مهتمة بالتبعات الكارثية لهذا الرفض.
ومن أول ضحايا هذه الكارثة المؤجلة الشعاب المرجانية الحاضنة لتكاثر الأسماك، والعوالق البحرية الصغيرة التي تشكل الغذاء الرئيسي للأسماك الكبيرة، علاوة على الضرر الذي ستخلفه في القاعيّات، إذ تترسب أجزاء النفط الثقيلة إلى أعماق البحر، وهذا تأثيره طويل المدى، وعملية معالجته صعبة ومعقدة ومُكلفّة.

* المراجع:
- ساري نصر، استهداف الصيادين وتدمير البيئة البحرية.. جرائم حرب يرتكبها العدوان في السواحل اليمنية، صحيفة الثورة اليمنية، 4 فبراير2020
- رشيد الحداد، الاقتصاد اليمني عامان من التدمير عامان من الصمود، موقع أنصار الله، 3 ديسمبر 2019
- تحذيرات من كارثة بيئية في اليمن جراء حصار النظام السعودي، موقع صحيفة البعث اليمنية، 13 ديسمبر 2019
- قوى العدوان تستهدف الثروة السمكية اليمنية بأسلحة محرمة، المسيرة نت، 27 يناير 2020
- تقرير صادر عن وزارة الثورة السمكية، وكالة الأنباء اليمنية بصنعاء، 11 يوليو 2019
- وزارة المياه تجدد إدانتها لما تتعرض له البيئة اليمنية من تدمير ممنهج ورمي النفايات السامه في البحار اليمنية، وكالة الصحافة اليمنية، 18مارس 2020
- تحذيرات من انفجار ميناء نفط يمني عائم وكارثة بيئية تهدد البحر الأحمر، سبوتنيك، 24 يوليو 2019
- عبد القادر عثمان، قنبلة اليمن العائمة.. كارثة بيئية تهدد الجزيرة العربية، موقع درج، 5 سبتمبر 2019
- التحذير من كارثة بحرية عالمية وشيكة ستنطلق من البحر الأحمر، يمني برس، 29 يوليو 2019
- عربي بوست، قنبلة عائمة على ساحل اليمن.. قصة السفينة التي لم تتحرك من مكانها منذ 5 سنوات، 27 ديسمبر 2019

السبت، 21 مارس 2020

تأملات في محراب ثائر مران



زيد يحيى المحبشي، 21 مارس 2020

 "قلنا لهم في اليوم الأول من أيام الحرب، عندما اتصلوا بنا وهددونا، وقالوا لنا إنّ مصيرنا، أن يقتلونا، وأن ينهوا وجودنا، ككيان إيماني قرآني: الأرض لله، إنّها له، وهو من يقرر ما يجري عليها" .. السيد عبدالملك الحوثي.
ما بين الإيمان المطلق بالله، والإيمان الراسخ بالأرض، كان التمكين الإلهي، لحركة انطلقت مسيرتها القرآنية من منطقة لم يسمع عنها العالم، على يد ثلة قليلة من المؤمنين مستضعفة ومطاردة، يقودهم شاب لم يكمل بعد عقده الرابع، شاب فاق أبناء جيله في العلم والوعي والحكمة والرزانة والنقاء والطهر والبساطة والبصيرة والكرم والبذل والعطاء والسخاء ودماثة الأخــلاق والتعقل والصبر وسعــة الصدر والتواضع والشجاعة والعزة والإباء والنجدة ونصرة المظلوم وإغاثة الملهوف والرحمة، والإحساس بالأمة، واستشعار المسؤولية الدينية والوطنية تجاه بلده وأمته، ورفض الضيم والذل والخنوع والقهر، شاب لم يكن يدور في خَلَد أحد من أبناء جيله أن فكره سيغير وجه اليمن والمنطقة ذات يوم، وسيكون لأتباعه دور محوري في رسم سياسات وتفاعلات المنطقة، وتقرير مصيرها، والتحكم في مسارها.
إنه السيد العلامة الحجة حسين بدرالدين أميرالدين الحوثي، تحفه قلة قليلة من المؤمنين الصابرين المحتسبين، في قرية لا تتجاوز مساحتها بضعة كيلو مترات، ونظام يترصد كل حركاتهم وأنفاسهم، وقوى أمنية تبطش بكل المتعاطفين، ولا ترعى حرمة لصغير أو كبير، فإذا بهذه الثلة القليلة من المجاهدين المخلصين بعد عقد ونيف من الزمن يغيرون وجه اليمن والمنطقة، ويصبحون في سنوات معدودة رقماً سياسياً لم يعد بمقدور أحد من الفاعلين السياسيين في اليمن والإقليم تجاهله أو تجاوزه.

* التحصيل العلمي:
"عاش مع القرآن منذ نعومة أظافره، وتربى في بيتٍ من بيوت القرآن، وفي مرحلة من مراحله العمرية هيأ اللهُ له بعض الأسباب ليعيش مع القرآن الكريم، عيش المتأمل الواعي، والمتدبر الخاشع، الذي يتألم لواقع الأمة، وينشد الحل".
مولده في قرية الرويس ببني بحر وفي رواية بقرية آل الصيفي من مديرية حيدان بصعدة، وتراوحت الآراء حول سنة ميلاده ما بين 1956 و20 أغسطس 1959 وشعبان 1379هـ/ فبراير 1960، والأخير هو الأرجح.
ينحدر من أسرة علمية كريمة، وهي من الأسر الهاشمية العلوية المشار اليها بالبنان في اليمن، وجُل أبنائها من علماء الدين، وأجدادهم من المراجع الدينية المعتبرة في التاريخ اليمني.
 نشأ وترعرع في كنف والده السيد العلامة الحجة بدرالدين بن أميرالدين الحوثي، أحد مراجع الزيدية المعتبرة بصعدة الى جانب السيد العلامة الحجة مجدالدين المؤيدي رحمة الله عليهم، ونهل من والده وكوكبة من علماء الزيدية مختلف علوم الشريعة حتى صار الغرة الشاذخة في أعيان زمانه، وهو لا يزال في العقد الثالث من عمره، وأُجيز من كبار علماء الزيدية، ولازم والده في حِلِه وترحاله، وتشرّب منه محامد الأخلاق وجميل الفضائل، وحصد من صفات وسمات الكمال ما لم يحصده غيره من الأتراب والأقران.
ولم يكتفِ بتحصيل العلوم الشرعية، فالتحق بالتعليم النظامي بمراحله المختلفة، وحصل على شهادة البكالوريوس في الشريعة والقانون من جامعة صنعاء، وشهادة الماجستير في علوم القرآن من السودان عام 2000، وتحدثت بعض المصادر عن حصوله على درجة الدكتوراه في علوم القرآن الكريم، وتعمق رحمة الله عليه في دراسة أصول المذهب الزيدي وعلومه الشرعية وتاريخه السياسي في اليمن.
وخلال دراسته الجامعية بالسودان، كان له بصماته الإيمانية وحضوره المهيب ومداخلاته ومطارحاته العلمية الرصينة، ويشهد له زملاؤه وأساتذته وأصدقاؤه بالذكاء والتفوق والتوسع في الدراسات الاسلامية والمذهبية، وكان مثار إعجاب وثناء الدكاترة والطلاب، وحظي بمكانة مرموقة وشعبية كبيرة بين أوساط المثقفين.
انخرط بعد عام 1994 في منتدى الشباب المؤمن مدرساً ومحاضراً ومديراً، وقد تشرفت بحضور بعض محاضراته خلال العام 1995 بالمعهد العالي في مدينة صعدة ومدرسة الإمام الهادي في بني معاذ بمنطقة سحار، وبعد خروجه من مجلس النواب 1997 تفرغ لنشر أفكاره ومعتقداته من خلال الدروس والمحاضرات والخروج الدعوي إلى المناطق، وفي العام 2000 قرر مغادرة المنتدى والتوجه لتشكيل نواة الثقافة القرآنية حسب اجتهاداته، ونشر فكرها النوراني، وتأسيس المدارس الخاصة بالمسيرة القرآنية في محافظة صعدة وبعض المحافظات المجاورة.

* التفاعل السياسي:
كان له إسهام بارز في تأسيس حزب الحق عام 1990والفوز بأحد المقعدين التي حصدها الحزب في الانتخابات البرلمانية لعام 1993، ممثلاً لمديرية حيدان في محافظة صعده للفترة النيابية 1993 - 1997 .
ومن الأشياء اللافتة للمتابعين حينها، العبارة التي أطلقها السيد خلال فترة الانتخابات: "أنا لا أعدكم بشيئ، ولكني أعدكم أن لا أمثلكم في باطل"، وهي تختلف كليةً عن سائر العبارات التي نقرأها أو نسمع عنها في أي انتخابات تُقام، وخاصة عند احتدام التنافس يبن المرشحين، بما تخفيه في ثناياها من المعاني والقيم الصادقة والواقعية، ومن النادر أن نجدها فيمن يمثلون الناس في السلطات التشريعية اليوم.
وكان له اسهام بارز خلال تواجده بالبرلمان في سن القوانين ومحاربة الفساد المتفشي داخل السلطة، وعُرف بين زملائه برؤيته الحكيمة وبُعد النظر وقدرته الخطابية وبلاغته العالية وجرأته في مواجهة الباطل وقول كلمة الحق.
 ومما يُحسب له خلال فترة تواجده بالبرلمان عدم توقيعه على القروض الخارجية المقدمة لليمن، والتي تم رفعها الى البرلمان للمصادقة، لعلمه المسبق بأن هذه القروض تذهب إلى جيوب المتنفذين داخل النظام، وأنها لا تعني الشعب لا من قريب ولا من بعيد، وهذا الموقف المشرف للسيد من الأشياء التي لا يمكن للشعب أن ينساها.
والى جانب عمله البرلماني كانت له بصماته الإنسانية والاجتماعية، من أبرزها انشاء جمعية مران الاجتماعية الخيرية، ومن خلالها قدم السيد العديد من المشاريــع الخدمية لأبناء دائرته والمناطق المجاورة من مدارس وشق طرق ومراكز صحية وكهرباء وبناء مصلى للعيد بمنطقة مران، وتلمس معاناة الناس وتقديم المساعدات لهم، في ظل غياب تام للدولة ومؤسساتها .. ألخ.

* حرب صيف 94:
لم يمنعه تواجده في مجلس النواب من الوقوف في وجه الباطل ورفض الضيم والظلم، حتى ولو كانت الدولة التي يمثلها مصدر هذا الظلم، ومما يذكره له اليمنيون وتحديدا أبناء المحافظات الجنوبية والشرقية، موقفه النبيل والشجاع من حرب صيف عام 1994 ووقوفه الى جانب الحزب الاشتراكي، ورفضه عدوان قوات الرئيس اليمني حينها علي عبدالله صالح وميليشيات حزب الإصلاح على المحافظات الجنوبية والشرقية، ما جعل الاشتراكي يومها يُفَضِّل الانفصال على البقاء تحت مظلة وحدة تحكم بالقوة والإكراه.
وانطلاقاً من استشعار المسؤولية الوطنية والدينية، حاول السيد في بادئ الأمر السعي لإصلاح ذات البين ورأب الصدع بين قادة طرفي الصراع، من خلال موقعه في عضوية لجنة المصالحة، وعندما وجد أن الأمور تتجه نحو الحرب، خصوصا بعد انكشاف خديعة دعوة صالح للبيض لعقد لقاء في الجند، ونكث صالح بما تم الاتفاق عليه في الأردن/ وثيقة العهد والاتفاق، أعلن السيد رفضه الواضح والصريح لاجتياح قوات صالح وميليشيات الاصلاح للمحافظات الجنوبية والشرقية، وقرر مغادرة صنعاء للتعبير عن رفضه، رغم توجيه صالح بمنع مغادرة أعضاء مجلس النواب العاصمة صنعاء؛ من أجل إضفاء الشرعية على تلك الحرب الجائرة، ونظم العديد من المظاهرات الرافضة للحرب بصعدة، ما دفع نظام صالح الى اتهامه بمساندة الانفصال ومناصرة قوات الحزب الاشتراكي اليمني.
بعد انتهاء الحرب لصالح صنعاء، لم يُخفِ نظام صالح غضبه من السيد وأنصاره في صعدة وهمدان، فأرسل حملات عسكرية كبيرة الى مران وهمدان في 16 يونيو 1994، وشن حملة اعتقالات واسعة في أوساط أبناء مران، وقام بتدمير منزل السيد بدرالدين الحوثي وبيت السيد حسين الحوثي في 27 أغسطس 1994، وإبقاء بعض المعتقلين في السجن لأكثر من عام، دون محاكمة.
 مثّل هذا الموقف الوطني والديني والأخلاقي والإنساني نقطة تحول فارقة في حياة السيد، وفي علاقته مع النظام الحاكم وعلاقة النظام معه، فمن جهة زادت قوة وعزيمة السيد في مواصلة دوره الجهادي في مقارعة ظلم النظام وتعرية الفاسدين في أروقة الدولة، ومن جهة زادت كراهية وحقد ونقمة النظام على هذا الثائر القادم من مران، بعد عقود من حياة النعام، ومحاولة تصفيته أكثر من مرة بصنعاء، الى أن تم لهم ما أرادوه في 10 سبتمبر 2004، ففاز بالشهادة، وفازت مسيرته بالقيادة والريادة بعد عقد ونصف من الزمن فقط، فأين هو اليوم وأين قتلته، إنها عدالة الله ووعده لعباده المستضعفين.

* صرخة المستضعفين:
تمتاز الزيدية عن غيرها من المذاهب الاسلامية بالخروج على الحاكم الظالم ومقارعته مهما كانت الأثمان، ولذا فهي حركة فكرية ثورية، ثورية ضد الظلم بتلاوينه، وثورية ضد الانغلاق الفكري، وثورية ضد جمود الخطاب الديني، وهو ما جعلها على الدوام محل غضب ونقمة الحُكام، وليست مدرسة المسيرة القرآنية سوى قبس من نورها، لما أحدثته من ثورة جذرية في تجديد الخطاب الديني، وإعادة الأمة الى قرآنها في كافة مناشط حياتها، بعد طول سبات، وثورة على الظلم السلطوي والهيمنة الإقليمية والاستباحة الأميركية للسيادة الوطنية.
وتعود بداية محاولات النظام للتصادم مع الفكر الزيدي في عرينه، إلى العام 1979، عندما قام بنقل الشيخ السلفي المتشدد "مقبل بن هادي الوادعي الصيلمي" ومن فر معه بعد فتنة جهيمان الشهيرة بالحرم المكي الى منطقة دماج بصعدة، وكان هدف النظام من هكذا خطوة القضاء على الزيدية في مهدها، ومعها بدأ الخطاب الديني التكفيري التصادمي ضد أبناء الزيدية يجتاح المساجد ووسائل الإعلام اليمنية، وينتزع منابرها ومساجدها التاريخية، ولم يقتصر الأمر على الزيدية فقط، بل وطالت شظاياه أتباع الشافعية والصوفية والإسماعيلية، وقد شهدنا وعايشنا شيئاً من ذلك في تسعينيات القرن الماضي.
وعززت السلطة هذا التوجه القمعي باعتقال عدد من علماء الزيدية، والحكم على بعضهم بالإعدام، ونفي بعضهم الى خارج الوطن، كما جرى للسيد العلامة الحجة بدرالدين الحوثي والسيد حسين الحوثي، ومنع إحياء مناسبة الغدير، والحديث عنها في المساجد، خصوصاً في نهاية تسعينيات القرن الماضي وسنة 2004 وما تلاها من أحداث.
بعد موقف السيد من حرب 1994 بدأ النظام يشعر بالخوف من هذا الرجل، بسبب تزايد قاعدته الشعبية في أوساط الناس والنخب، وجرأته في قول كلمة الحق، ومقارعة الباطل، وتعرية فساد النظام، والتصدي لمحاولات التماهي مع سياسات الهيمنة والغطرسة الأميركية في المنطقة.
وزاد من مخاوف النظام، إطلاق السيد بعد عودته من الخارج مباشرة 17 يناير 2002 صرخة الحق والعزة الكرامة في وجه المستكبرين من الأميركان والصهاينة ومن سار في فلكهم من المطبعين والمنبطحين العرب، بالتوازي مع تزايد الانتشار الأميركي في المنطقة، وتزايد التشبيكات الأمنية العربية مع الأميركان للمشاركة في يسمى بمحاربة الإرهاب، وفي مقدمتها النظام اليمني.
 وهو ما تسبب في اثارة غضب النظام اليمني وسفير واشنطن بصنعاء "أدموند هول"، المبادر من فوره بإجراء بعض الجولات الميدانية في صعدة وصنعاء، واللقاء بالمشائخ، دون إي اعتبار للدولة وسيادتها، وتحريضهم ضد السيد وطلابه، والتوجيه بسحب الأسلحة من سوق الطلح، وخدش الشعار من على جدران محافظة صعدة، وبعض مديرياتها، وقال يومها بوضوح أن عداء الشعب العربي لأميركا قد تحول إلى عداء ديني، وأن حكومة بلاده تستشعر ما يشكله "حسين بدرالدين الحوثي" من خطر على مصالحها في المنطقة.
بالتوازي مع زيادة الضغط الأميركي على نظام صنعاء، ومطالبته بملاحقة واعتقال مرددي الصرخة في صنعاء وصعدة وحجة وغيرها من المناطق اليمنية التي يتواجد فيها أتباع السيد، وتكثيف حملات التشويه لصورة السيد والفكر القرآني في وسائل الإعلام ومنابر المساجد، وتسويق سيل كبير من الاتهامات والأباطيل ضد السيد والحركة القرآنية، وفصل العديد من موظفي الدولة بتهمة التعاطف مع فكر المسيرة القرآنية.
ولم تكن تلك الحملة المسعورة سوى مقدمة لتبرير وشرعنة العمل العسكري، ليأتي الانفجار الكبير في منتصف 2004.
بعد احتلال أميركا للعراق في أبريل 2003 زادت تحركات السيد الرافضة للهيمنة الأميركية في المنطقة، ما جعل النظام في موقف محرج أمام واشنطن، ومعها بدأ التخطيط لعمل عسكري ضد السيد وأتباعه، موضع بحث في أروقة النظام، ومع حلفائه في واشنطن والرياض.
 وفي 2003 قرر صالح الذهاب إلى الحج براً، وتوقف أثناء مروره بمدينة صعدة بجامع الإمام الهادي لأداء صلاة الجمعة، ليتفاجأ بعد الفراغ من الصلاة، بالمصلين يصرخون بالشعار، على إثرها اعتقل النظام أكثر من 600 شخص، ورفض اطلاق صراحهم رغم الوساطات المتعددة.
 ويومها أحس صالح بخطورة السيد والمسيرة على حكمه، في وقت كان يعمل فيه جاهداً على تهيئة البيئة السياسية، لتوريث الحكم لإبنه أحمد، وبما أن السيد كان خطه ونهجه واضح في مقارعة أطماع الإمبريالية الأميركية وأذيالها الصهيونية في المشرق العربي، حاول صالح استغلال انخراطه مع أميركا في مكافحة الإرهاب لصالح تمرير مشروع التوريث، وبذلك يتمكن من تحقيق عدة أهداف بضربة واحدة، أهما الحصول على الدعم الخارجي لإبنه، وتصفية خصوم الداخل بما فيهم المعارضين لولايته، وشرعنة أي عمل عسكري ضد السيد وأتباعه، أمام أميركا بذريعة تشكيل السيد وأتباعه خطراً على مصالحها في المنطقة، وأمام الشعب اليمني بدعوى سعي السيد لإسقاط الجمهورية وإعلان نفسه إماماً، رغم تأكيد السيد في أكثر من خطاب ومقابلة على احترامه للدستور والقانون والنظام الجمهوري، وتوضيحه المتكرر بأن سبب خلافه مع النظام هو موالات صالح لأميركا والسعودية.
اتسعت الهوة بين النظام والسيد في العام 2004، واتسعت معها قائمة الاتهامات للسيد، بما فيها من تناقض فاضح عجل بانكشاف زيفها وتهاويها، وزادت الاعتقالات في أوساط طلاب السيد لتصل في يونيو 2004 فقط الى 640 معتقل، وأوقف النظام مرتبات المدرسين الحكوميين المشاركين في الأنشطة التي نظمها السيد، وأرسل الى السيد سيل من رسائل التهديد والوعيد بتسليط "من لا يرحم" إذا لم يتخلَّ السيد عن الشعار، وبالفعل تم انتداب الجنرال "علي محسن الأحمر"، لإتمام مهمة الجنرال "شمر بن ذي الجوشن".

* أيقونة الشهادة:
قرر النظام في 17 يونيو 2004 شن الحرب على السيد وأتباعه في معقله بصعدة، بعد فشل عدة محاولات لتصفيته في صنعاء، وفشل محاولات اعتقاله، ورصد مبلغ قدره 55 ألف دولار، لمن يدلي بمعلومات تساعد على اعتقاله.
شارك في هذه المهمة الإجرامية أكثر من 30 ألفاً من الجيش النظامي و14 ألفاً من ميليشيات حزب الاصلاح والجماعات التكفيرية، مدججين بمختلف أنواع الأسلحة، مقابل بضع مئات من الطلاب والمواطنين العُزّل، وعلى مدى 90 يوماً من القصف والتدمير للمنازل، والحصار الخانق، فشلوا في اقتحام مران وكسر شوكة أهلها، ما دفع النظام الى استخدام الغازات المحرمة دولياً.
وفاق ما صبّه الطيران الحربي على أبناء مران في يوم واحد فقط، أضعاف ما صبّه العدوان الأميركي على حيٍ من أحياء بغداد أو الفلوجة من نيران العذاب، كما أخبر السيد في اتصال له مع شبكة البي بي سي البريطانية.
بعد 90 يوماً من المقاومة والصمود والاستبسال لأبناء مران وما جاورها، تمكنت قوات صالح وميليشيات الإصلاح والجماعات التكفيرية، من محاصرة السيد وأطفاله ونسائه وعدد من المجاهدين في "جرف سلمان"، وقاموا بوضع قنابل كبيرة في فتحة الجرف من الأعلى، وصب البترول فيه، ومحاولة إشعاله، في وحشية أعادة الى الأذهان ما جرى للإمام الحسين بن علي بن أبي طالب وأطفاله ونسائه وأهل بيته وأصحابه في كربلاء العراق.
 واقتربوا من السيد، وكان مُثخناً بالجراح، وأمطروه برصاصات الحقد والكراهية اليزيدية، لتصعد روحه الطاهرة الى بارئها في يوم الجمعة 25 رجب 1425 الموافق 10 سبتمبر 2004، ولسانه يتمتم: "اللهم ثبتني بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة".
 ولم يكتفوا بقتله، بل ومارسوا حفلة الزار اليزيدية بحق جثمانه الطاهر، فقاموا بسحله في الشوارع، والتمثيل به، والتباهي بابتذالهم على وسائل إعلامهم، ورفض تسليم الجثمان لذويه، وإخفاء مكان دفنه لأكثر من 9 سنوات.
استشهد في تلك الحرب الظالمة نحو 473 من المواطنين الأبرياء، ومقتل 2588 من قوات صالح وميليشيات الإصلاح والجماعات التكفيرية، وبلغت خسائرها المادية 274 مليون دولار بحسب التقرير المرفوع من جهاز الأمن القومي في نظام صالح الى مجلسي النواب والشورى في 10 نوفمبر 2007.
وبعد تسع سنوات من استشهاده، واخفاء جثمانه عن ذويه وطلابه ومحبيه، سلم النظام الجثمان الطاهر في 5 يونيو 2013، واعترفت حكومة صنعاء رسمياً في 21 أغسطس 2013 بأن الحروب التي شنها نظام علي عبدالله صالح على صعدة، كانت حروب ظالمة وغير مشروعة، وقدمت اعتذار رسمي لأنصار الله، وأعلنت اعتذارها الرسمي لكل أبناء محافظة صعدة والمناطق المجاورة لها عن تلك الحروب الظالمة.