Translate

الاثنين، 15 يناير 2018

عبودية الأذهان

عبودية الأذهان أشد فتكا وخطورة وتدميرا من عبودية الأوطان ولذا فعلينا أولا كي نحرر وطننا من دنس المحتلين تحرير عقولنا من عقدة الأنا والتطهر من وباء الانتقام والاحقاد والمصالح الشخصية والفئوية والعمل على تفعيل قواسم التقارب لا التنافر  والبحث عما يجمع الناس لا ما يفرقهم
.. زيد يحيى المحبشي

لماذا أكلنا الديك؟!

يحكى أن شيخا أجمع الناس على تقديره واحترامه، وكان صاحب كلمة مسموعة من الجميع، وكان لديه عادة يومية هي أن ينام الظهر حتى يستطيع ان يكمل يومه بنشاط ويقضي حوائج الناس. ولكن في كثير من الاحيان كان لا يستطيع النوم بسبب ديك الجيران الخبيث، حيث كان يصعد الجدار الفاصل بين منزله ومنزل الجيران في فترة نومه، ثم يبدأ (المواويل) بأعلى صوته حتى يستيقظ الشيخ.
ضج الشيخ وغضب كثيرا، وبدأ يبحث عن حل ينهي معاناته مع الديك اللئيم، فقد كاد أن يسبب له الجلطة. فكر الشيخ جيدا، وفي صباح اليوم التالي ذهب الى منزل صاحب الديك، فاستقبله بحرارة، واعتبر زيارة الشيخ شرفا كبيرا. قال الشيخ: أرغب أن أتغدى عندك ظهر اليوم. فقال الجار: هذا شرف كبير يا شيخ. فقال له: بشرط أن لا تكلف نفسك ولا ان تدعو أحدا، أنا أشتهي أن اكل هذا الديك. فقال الجار: لعينيك يا الديك وصاحب الديك.
فعلا، غادر الشيخ، ثم عاد على موعد الغداء، وحين قدم له الديك مطبوخا، انتقم منه الشيخ وبدأ برقبته الى ان فصفص كامل عظام الديك، وبعدها شكر المعزب على كرم الضيافة وغادر وهو سعيد جدا بأن انتهت معاناته مع هذا الديك. حين وصل منزله وضع رأسه فورا على المخدة واستعد للنوم دون ازعاج الديك اللعين، وما هي الا دقائق معدودة حتى بدأ يسمع أصواتا غريبة ومختلفة وبنبرة أعلى. قام الشيخ مفزوعا وركض ليرى مصدر الأصوات، وحين أطل من النافذة رأى 14 ديكا تتجلى جميعها بضرب (المواويل). صعق الشيخ وذهب مسرعا لجاره وسأله عن الديوك وكيف قام بشرائها بهذه السرعة وكيف صعدت مباشرة على الحائط؟! وابدى سخطه وغضبه خصوصا أنه كان يعاني أشد المعاناة مع ديك فكيف سيصبح الحال مع 14. ضحك الجار وقال: صدقني يا شيخ لم أقم بشراء أي ديك، وهم عندي من زمان، ولكن الديك الذي أكلناه اليوم لم يكن يسمح لأي ديك أن يتنفس!!

الحكمة من القصة :

من كوارثنا ومصائبنا ، أننا لم نكن نعرف في السنوات الماضية سوى ديك واحد فاسد ، مستبد، مزعج ، متسلط، ولكن هاجمناه واكلناه ، فظهر لنا من بعده 14ديكا فاسدا، اكلوا الأخضر واليابس!

البحث عن الثقة الضائعة

بقلم زيد يحيى المحبشي
عامل الثقة مفقود بين المؤتمر وأنصار الله
عامل الثقة مفقود بين زعامات مؤتمر الداخل والخارج ومؤتمر أبو راس - الراعي ومؤتمر هادي ومؤتمر أحمد علي
عامل الثقة مفقود بين الإصلاح والسلفيين
عامل الثقة مفقود بين الحراك والشرعية
عامل الثقة مفقود تماما بين أنصار الله والقوى الموالية للعدوان
عامل الثقة معدوم تماما بين المؤتمريين بتلاوينهم والقوى الموالية للعدوان باستثناء مغازلة يتيمة ولن ترى النور بين طارق عفاش وعيدروس الزبيدي
عامل الثقة معدوم تماما بين القوى الموالية للعدوان: الإصلاح وهادي والحراك والسلفيين والناصريين والاشتراكيين والسلاطين والمشائخ
عامل الثقة مفقود تماما بين تحالف الحوثي وتحالف الرياض
عامل الثقة مفقود بين السعودية والإمارات
عامل الثقة مفقود بين إيران والسعودية ونص خمدة بين إيران والإمارات ونص خمدة بين روسيا وأميركا
ومن يدفع الثمن وسط هذا البحر الهائج من إنعدام الثقة هو المواطن اليمني المسكين واليمن الممزق
والنتيجة: المزيد من الصراع على حساب اليمن أرضا وإنسانا وثروة وأمل يزداد كل يوم بعدا بقرب انفراج الأزمة لأن إعادة ترميم وبناء الثقة بين هذا الشبكة المعقدة دونها مراحل طويلة في حال صدقة النوايا للحلحلة وإحلال السلام قد تستغرق أعواما
ما لم يكن هناك متغيرات ميدانية تفرض نفسها بقوة على مائدة المفاوضات من هذا الطرف أو ذاك بحجم إسقاط مدن استراتيجية لازالت حتى الآن تعد خطوط حمراء بالنسبة للرعاة الدوليين وحتى أدواتهم المحلية والاقليمية
أو حدوث تفاهمات وانفراجات روسية أميركية حول الملفات المشتعلة بالمشرق العربي برمته تمهد الطريق لتفاهمات إيرانية سعودية
أو عودة القوى المحلية المتصارعة إلى رشدها وتقديمها تنازلات متبادلة ومؤلمة لبعضها من أجل إنقاذ وطن لم يعد له وجود يسمى اليمن الذي كان ذات يوم سعيدا فصار اليوم أتعس بلد على ظهر البسيطة وتصالحها بعيدا عن تدخلات وأجندات الخارج
أو نزول صاعقة من السماء تخارج اليمنيين منهم جميعا
وكلها أماني تحتاج إلى معجزة
والله أرحم بعباده

خواطر محبشية

ما أحوجنا في ظل المآسي التي نعايشها والنكبات التي نتعرض لها والابتلاءات التي نمر بها الى:
 أن نروي ظمأ القلوب المتنافرة بالتسامح والتصالح والتصافح البيني، عذبا فراتا لذة للشاربين المتعطشين لنخب الأخوة المفقودة؛ وما أكثر الظمأء ..
أن نطحن بذور المحبة المقدسة، لتصير خبزا ملائكيا؛ وما أكثر الجياع ..
أن نرسم من الوجع؛ أقواس فرح ..
أن نصوغ من الألم؛ شموس أمل ..
من الجرح النازف؛ أقمار تفاؤل ..
من البشاعة؛ ينابيع جمال ..
من الكراهية؛ أشجار مودة ..
من الرجمة؛ سهول رحمة ..
من الكآبة؛ حدائق غبطة ..
من القلق؛ أزهار طمأنينة ..
من البرد والقحط؛ صلوات دفء ..
من الحرمان؛ دعوات مغفرة وعطف وحنان ..
ايامكم طيبة كطيبة قلوبكم الصابرة الصامدة المحتسبة ..
حياتكم معطرة بذكر الله والصلاة والسلام على رسول الله وآل بيته الطيبين الطاهرين وصحابته الأخيار المنتجبين ..
حياتكم عامرة بالتسامح والتصافح والتواصل والتزاور والتأخي والتسامي على كل الجراح ..
حياتكم مزهرة بالحب والأمل والتفاؤل وتفريج الكرب وإغاثة الملهوف وصلاح ذات البين 

لو تكاشفتم لما تباغضتم


زيد يحيى المحبشي
جاء في الاثر الشريف: "لو تكاشفتم لما تباغضتم" ..
هذا المبدأ السامي يحتل أهمية كبيرة في بناء منظومة العلاقات الإنسانية السليمة والانطلاق الواثق نحو بناء ذات إنسانية مؤمنة لا تعرف البغضاء والكراهية والحقد وغيرها من الأمراض المشوهة لحياة الإنسان وعلاقاته الاجتماعية والحياة الإنسانية برمتها.
والعكس فحب الذات والأنا والتمسك بهما ومتابعتهما يجران الإنسان إلى مهاوي الانحراف والابتعاد عن حقيقة الإنسان القائمة على "الأنسنة"..لأن المحور المنظم لعلاقة الإنسان مع أخيه الإنسان حينها، يصبح "الأنا" وحركته تكون كلها من أجل "الأنا" حتى عبادته ومواقفه تصبح من أجل "الأنا".
ولنا هنا أن نسال: لماذا كرم الله سبحانه وتعالى الإنسان بالعقل والروح، وميزه وفضله على سائر المخلوقات؟.
الجواب: لأنه سبحانه وتعالى أراد من المخلوق البشري أن يسمو عن شيئ اسمه "ذات" وأن يتعالى عن آفة "الأنا" الهادمة لصرح مُسمَّى "الإنسان" الذي أراده الله خليفةً له في أرضه.
حب "الذات" و"الأنا" تقود الإنسان بإجماع كل العقلاء إلى الحقد والكره والبغضاء.. ونتائج هذه الأمراض النفسية العداوة والصراع والحروب والقتل والخراب والدمار.. وهذه بذرات الشيطان الرجيم العدو الأول لأبو البشر والبشرية، يزرعها في خلجات النفوس البشرية التي لا يجد الحق سبيله إليها..هذا الإنسان غير السوي قطعاً ليس بخليفة الله في الأرض، بل عدو الله، لأن خلافة الله مشروطة بالخير والإصلاح والإعمار والفضيلة والحب والعدالة..
كم نحن اليوم بحاجة إلى الخروج من دائرة النفس وبؤرتها الإجرامية الممتلئة بهذه الأمراض النفسية ذات العواقب الوخيمة على الفرد والأسرة والمجتمع، وفي النطاق العام والخاص.. خصوصاً ونحن بهذه المرحلة الحرجة من تاريخ أمتنا بما يحوطها من يأس وحرمان وقنوط وملل وغيرها من الأسباب الدافعة بالإنسان إلى التعامل مع محيطه بحيوانيته لا بإنسانيته!!.
وهنا تأتي أهمية إعمال مبدأ المكاشفة كمنطلق إيماني لمعالجة أمراض الذات والأنا البشرية تأسياً بخاتم المرسلين وآل بيته الطاهرين وصحابته ومن تلاهم من الأولياء والصالحين والذين جسدوا هذا المبدأ السامي بدقة متناهية فخلقوا أمة عامرة بالخير والفضيلة ذاع صيتها في مشارق الأرض ومغاربها لا بحد السيف بل بضرب المثل الأعلى في أنسنة الإنسانية.
وهذا التأمثل والتأسي قد يكون شاقاً وعسيراً على الكثيرين في عصرنا المليئ بالأهواء المبتدعة والنزوات المتبعة إلا من رحم ربي، وذلك لأسباب كثيرة وقفت مجتمعة حجر عثرة أمام إمكانية إعادة روح المصارحة إلى جسد المكاشفة رغم ما يعتصرنا من أزمات ومآسي وكوارث ما عادت تبارح مصطبحنا، لعلى أهمها باختصار شديد:
- الخوف من الرؤية الخاطئة: العلاقات الإنسانية السليمة المبنية على قواعد وأسس صحيحة تتعامل بالمكاشفة لفهمها لذاتها وتقبلها للنقد ولا تخاف من الرؤيا الخاطئة وإن طُرِحت وتفهم حركة النفس والعكس بالنسبة للعلاقات القائمة على حب الذات والأنا فهي تتوجس من المكاشفة خشية أن تكون رؤيتها خاطئة وخوفاً من اظهار ما تخفيه من أهداف غير نبيلة فتعرض نفسها للإحراج والإنتقاد.
- عدم فهم العلاقات الإنسانية الصحيحة: لأنها لا تعرف الصدق في العلاقة ولا تعرف الإخلاص لهذه العلاقة الشريفة القائمة على حب الخير للأخر والإيمان بحق العيش المشترك والمواطنة المتساوية ورحمة التعدد والتنوع.
- عدم فهم النفس البشرية وما يدور في خلجاتها: معرفة النفس البشرية لا تعيق حركة الإنسان في مسيرته لكن الذي لا يفهم حركتها يتخوف من المكاشفة لأنه لنفسه غير فاهم ولا مدرك لحقيقتها فكيف له أن يفهم أخيه الإنسان ويكاشفه؟.
- الخوف من النقد: النفس البشرية المريضة غير قابلة للتطور والنمو والارتقاء لماذا؟..لأنها لا تعمل بالمكاشفة والمصارحة خوفاً من النقد وتغير نظرة الاخر نحوها.. لكن الإنسان الواثق الرؤية والسليم المنطق والنبيل المقصد يحب أن يُنتقد ويُوجه من خلال النقد لأجل أن يرتقي ويتطور.

المولد النبوي تأملات عابرة في حدث عظيم

بقلم زيد يحيى المحبشي
* يا رسول الله يا نبي الرحمة يا من كنت تقول حتى جاءك ملك الموت عليه السلام: "أمتي أمتي"، وتسأله وأنت في نزعك الأخير: "أهكذا تنزع أرواح أمتي"، فيقول لك: "وأشد من ذلك"، فترمق بطرفك الشريف إلى السماء مناجياً ربك: "إلهي شدد علي وخفف عنهم" .. ها هي أمتك يا حبيب الله تعيش النزع الأخير، وها هم الطغاة الذين أسقطت عروشهم ينتزعون أرواح أحبابك بلا رحمة وبلا إنسانية وبلا وازع وبلا ضمير ؟؟!!
ما أحوجنا ونحن نحتفل بمولد النور طه الذي أضاء دروب ربيع الإنسانية، وبدد ظلمات حيواتها البهيمية، وبشّر بما لم يكن في حسبان أحد منهم روحياً ومادياً .. إلى التذكير بأنه صلى الله عليه وآله وسلم "الآن"، ليس جسداً يرقد بالمدينة المنورة، بل هو: "موقف وشعار وجبهة وراية وسيف" .. موقف الحق ضد الباطل، وشعار الفضيلة ومكارم الأخلاق ضد الرذيلة والعادات الجاهلية الرعناء، وجبهة العدل ضد الظلم، وراية الحرية ضد العمالة، وسيف العدل في وجه الطاغوت والشيطان .. فلا تضيعوا جبهته فتضيعوا، ولا تنكسوا رايته فتسقطوا .. فو الله إنّ محمداً رفيق الله لا السلاطين وأحزابهم.
ما أحوجنا ونحن نحتفل بميلاد النور طه إلى التذكير بأن الرسالة المحمدية، ليست مجرد طقوس وشعائر جامدة، بل هي: ثورة على مبادئ وعادات وأخلاق الجاهلية الجهلاء, ثورة على تاريخ طالما احتضن الفساد لا سواه، ثورة على حياة جاهلية شبيه بحياة البهائم السائمة على وجوهها، ثورة رسالية عالمية غير مسبوقة في تاريخ الإنسانية غيّرت مجرى التاريخ البشري كله، لأنها أكبر من التاريخ، وأقوى منه على الصمود والديمومة والخلود، ثورة رسالية حملت بين ثناياها آمال الإنسانية وأحلامها وتطلعاتها، واحتضنت بين آياتها وسورها خيرات الأمم والشعوب وعزتها وكينونتها وكرامتها، ورفعت على الرؤوس لواء الحق والعدل والحرية والأمن والسلام والرحمة والتسامح والتعايش والإنصاف.
هذا هو رسولنا وهذه هي رسالته فمن هو رسول قتلة أحبته وما هي رسالتهم؟؟!!
* "نبينا يوحدنا .. ويحقن دماءنا"
"وحدتنا .. سرور نبينا"
شعارات يكثر تداولها دون أن نلمس لها أي أثر في واقعنا العربي والإسلامي ..
هذه هي أمتك يا نبي الرحمة والمستضعفين وهذا هو حالها .. أمتك يا نبي الرحمة والعزاء لك لم تعد تحفظ من سجل الرسالة الخالدة سوى الاسم ولم تعد تجيد سوى رفع وترديد الشعارات المجافية لواقعنا الذي بات أشبه ما يكون بالجاهلية الأولى ..
يا حبيب الله ها هو أبو لهب يطل على أمتك من جديد رافعاً رايتك ومنادياً بشعاراتك ..
يا حبيب الله ها هو أبو لهب باسم الحفاظ على دينك ينشر في أوساط أمتك الكبت والإرهاب ويصادر حريتهم ويشتري ذممهم وضمائرهم وولائهم .. يا حبيب الله هاهو أبو لهب يعود إلينا بأمواله وبناياته وعماراته ليحتقر أمتك ويستهين بها ويتلاعب بمصائرها، بينما أمتك كالسوائم
* الحديث عن حياة رسول الرحمة المهداة صلى الله عليه وآله وسلم؛ حديث عن شخصية عجزت عن إدراك غاياتها عقول البشر؛ لأن حياته صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين تجمعت فيها كل معاني النبل والفضيلة والكمال وأصبحت مصدر إشعاع لكل القيم الشريفة والمثل العليا؛ وهو من أدبه ربه فأحسن تأديبه، وحقائق تخضع لها عقولنا ونور ينسج ليل أفكارنا وظلمات صدورنا .. لذا كلما زاد اهتمام المسلم بدراسة حياة نبيه؛ زادته شوقا إليها وعلما ونورا وعقلا وخيرية ..
إننا أمام حياة نبوية خالدة، فياضة بالنور والهدى؛ متجددة بتجدد الأيام، متطورة بتطور العقل، حياة نبوية لها في كل جيل أثر، وفي كل أمة آية، وفي كل عصر قيمة ومكانة هامة .. فهل من وقفة صادقة للوقوف على تفاصيلها وتمثلها في حياتنا قولا وفعلا وسلوكا

ربيع الحرية المتصرم

زيد يحيى المحبشي
الحرية كلمة بسيطة النطق مكونة من ستة حروف، لكنها عميقة المعنى، لأنها تلخص تاريخ كفاح البشرية نحو الإنسانية والسلام، لذا فمن المستحيل لأي أمة من الأمم أن تتحرك نحو الحضارة والتقدم، دون أن تستنشق رحيق الحرية والاستقلال.

حب الحرية يتعارض كلية مع حب القوة.. حب الحرية هو حب الآخر وحب القوة هو حب النفس

حب الحرية الايمان العملي بالتعدد والتنوع والمواطنة المتساوية والتنمية المتوازنة والعدالة الاجتماعية، انها ببساطة حكم الشعب، حكم المؤسسات، مشاركة الجميع في بناء الحاضر والمستقبل.. حب القوة يقوم على الضد.

حب الحرية ثورة شعب ثورة أمة ضد طغيان سلطة قفصية تديرها دكتاتورية الأنا المتسلطة والمتحكمة دون سواها بغرفة الأقدار لأمة مسحوقة مظلومة مقهورة.

حب الحرية ثورة من ثلاثة مراحل متلازمة ومتداخلة هي: (الهدم وهو اسهلها، التحول/الانتقال وهو اخطرها لأنه يمثل جسر العبور الآمن بالثورة الى المرحلة الثالثة ونقطة الفصل في الحكم على نجاح الثورة من عدمه، البناء بناء اوضاع ونظام جديد يتوافق مع الاهداف التي قامة الثورة من اجلها).

وهذا يعني أنه لا قيمة للهدم ما لم يكن بهدف البناء، فهدم نظام فاسد بدون وجود خطة حقيقية لإقامة نظام عادل هو اخطر من النظام الفاسد ذاته والمستقبل الواضح المعالم لا يُبنى بالهدم فقط بل برؤى علمية واضحة الترتيب لما بعد الهدم.

انفجار ثورات الربيع العربي المتصرم على ايدي شباب الطبقات الوسطى والدنيا بقدراتهم المادية البسيطة وخبرتهم السياسية والتنظيمية والحزبية الضحلة بعيدا عن الاحزاب ودون قيادة واضحة تدير الفعل الثوري ورؤية عملية واضحة المعالم لما بعد الهدم.. لكن رغم ما سجلوه من مواقف ثورية جسورة بالنظر الى مشروعية المنطلقات الدافعة بهم الى ساحات وميادين الحرية والكرامة.. إلا أن وثبتهم الثورية المتطلعة الى المستقبل وصمودهم الأسطوري امام جبروت الديناصورات المتغولة، لم يكن سوى عامل واحد من عدة عوامل أخرى لعبة دور المساعد وبالأصح المخرج لفيلم السقوط المدوي وخدش طهر ونقاء الربيع العربي ومنعه من الانتقال نحو حسم الصراع لصالح الحرية في الوقت ذاته، ورغم النجاح الساحق لشباب الربيع في اسقاط الديكتاتور/ الديناصور فقد مني الفعل الثوري بالفشل الذريع عندما اراد التطلع للإطاحة بالمنظومة الديكتاتورية/ الديناصورية التي خلفها الديكتاتور العربي المتهاوي.

عوامل كثيرة قادة الى فشل الفعل الثوري في اسقاط المنظومة الديكتاتورية منبعها غياب القيادة الكارزمية الثورية وغياب الرؤية الثورية الواضحة لما بعد الهدم مضافا إليها بروز ثلاثة ظواهر متلازمة ومتداخلة لعبة دورا محوريا في خدش مشروعية احلام وتطلعات الفعل الثوري وخلق الارضية الملائمة لخروج افاعي وخفافيش الابواب الخلفية من جحورها وانقضاضها على حصان الثورة وكبح جماحه، وهي: (انقسام المعارضات، عسكرة الثورات، الاستنجاد بالأجنبي وطلب التدخل الخارجي).

ولهذا قلنا ان عملية الهدم المتمثلة في تغيير أو اسقاط أو رحيل أو هروب أو قتل الديكتاتور لا تعني بالضرورة تغيير النظام وسقوط منظومته الديكتاتورية (اعوانه، قيمه، أجهزته القمعية) ولا تعني بالضرورة ان طريق الاصلاح والبناء بات مفروشا بالورود، لأن مرحلة التحول ملغومة وحافلة بالكثير من المفاجآت الكفيلة بنسف واجهاض كل الآمال المعلقة على التغيير الآمن والسلس، خصوصا أن الحرس القديم بتلاوينه – وليس صانعي الثورة – هو الذي يضمن ويشرف ويدير هذا التغيير بدعم وإسناد وتوجيه منقطع النظير من طغاة الامبريالية العالمية وأعوانهم الاقليميين.

والحقيقة المرة أن الحرس القديم ما كان له تسنُم ظهر الثورة والثوار وما كان لقوى النفوذ الاقليمي والدولي هذا التدخل الموغل في الفحش لو كانت هناك قيادة ثورية موحدة ورؤية ثورية واضحة الترتيب لأولويات التحول والبناء.. وهو ما لمسناها في تغير وتزايد وتضارب مطالب الثوار كل يوم وتخبط رؤاهم وتشعبها وتضادها وما خلفته من كوارث ونتائج غير محسوبة العواقب.

والنتيجة استحالة بناء مستقبل واضح المعالم على رؤى غير واضحة واستحالة الانتصار للحرية لأن هدم الباطل يفوق بكثير القدرة على اقامة الحق بديلاً.

اليمن أحد بلدان الربيع العربي المتصرم كنموذج لم يحرز شيء بعد عامين من عمر الفعل الثوري، فالجمعة الجمعة والخطبة الخطبة والديمة الديمة، باستثناء متغير وحيد ويتيم الاحزان طبعا انصافا للتاريخ هو: (الانتقال من خطف الثورة إلى خطف الدولة والسيادة) وهكذا تحولت الحرية الحلم الوردي الى غابة اشواك اقحوانية فتاكة والثورة المحقة في منطلقاتها الاكثر من مشروعة الى كابوس وذعر ومخاوف لا تنتهي من اهاويل حاضر متشظ ومستقبل غير واضح المعالم وحرية لم تجد لها مكانا في عالمنا العربي بعد.. إنها ببساطة فتنة الفوضى بعد سكرة الثورة!!.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 30/نيسان/2013 - 19/جمادى الآخرة/1434