Translate

‏إظهار الرسائل ذات التسميات دراسات. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات دراسات. إظهار كافة الرسائل

الثلاثاء، 12 أغسطس 2014

التفريق ببين المذهب والتمذهب، والمذهبي والمتمذهب

بقلم الدكتور/ عبدالله الناصر حلمى
لكي يتوضح لنا الهدف من هذا المقال، ينبغي التفريق ببين المذهب والتمذهب، والمذهبي والمتمذهب، وبدون هذا التفريق سيظل الغبش مخيما؛ المذهب تعبد وجداني يختص بالعلاقة بين الإنسان وربه، وفق رؤية بشرية استمدها علماؤه من فهمهم لآية قرآنية، أو حديث شريف، أو نتيجة اجتهاد، في حين أن مذهبا آخر قد فهم الآية وفهم الحديث على نحو مخالف، لكن كلاهما كانا لا يحتكران الصواب، وإنما يقولان ما قاله الإمام الشافعي (رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب)، وكان للإمام “الشافعي” قبل أن يرحل إلى “مصر” اجتهاد، ولما سكنها أصبح له اجتهاد آخر. ولما ذهب إلى العراق وقدم إماما لصلاة الفجر لم يقنت، مع أن مذهبه القنوت، فلما سئل عن ذاك أجاب بجواب أصبح قدوة ” سبحان الله ما جئت لأفتن على فلان أتباعه”. أو كما قال.
يسلمنا هذا المثل إلى أن المذاهب هي إطار لآراء علماء اختلفوا في الفهم، واجبرتهم الأماكن المختلفة على استنباط ما يتناغم مع حاجة تلك البلدان، وحاجة الناس فيها، ولكنهم لم يدخلوا آرائهم في إطار مقدس، لا يقبل رأيا آخر، أو يفرضونه على غيرهم فرضاـ ومن ثم لم يحتكروا الصواب، وكان التعامل بينهم يتم وفق القاعدة الشافعية، رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب، أو قاعدة ما جئت لأفتن على فلان أتباعه.
 وأدى هذا الانفتاح إلى تطعيم الفكر في عملية تبادلية بمواد جديدة ساعدت على إنمائه في الاتجاهين واستفاد كل واحد من الآخر، إلى أن بدأت السلطة الحاكمة تنشئ لنفسها المذاهب السياسية باسم الدين، فأنشأ الأمويون مذهب الجبر ومذهب المرجئة، وأنشاء العباسيون فرعا من الكيسانية يسمى ”الجريانية” الخ.
 وبدأت هذه المذاهب تخترق رويدا رويدا بقية المذاهب، ولكنها لم تتمكن من اكتساحها- بسبب وجود الأئمة الكبار- إلى أن أقفل خليفة معتوه –المتوكل على الله العباسي- باب الاجتهاد، وأتبع تلك الخطوة بخطوة جائرة، فحصر
الفقه في أربعة مذاهب فقط. وبهذا التصرف الأرعن أقفل على المذاهب نوافذ التجديد ولواقح الأفكار الأخرى، فانعدم الزاد الرافد، ونضب الماء الوافد، فكانت النتيجة أن جفت الينابيع، ويبس الإبداع، وبقي الأتباع داخل هذا الإطار المقفل يقتاتون من تراث يتأسن وزادٍ لم يتجدد، وبالتالي يعيدون خلق أنفسهم من نفس التغذية ويكررون افكارهم من نفس الإناء، فهزلت المذاهب إلى حد بعيد، وكانت النتيجة أن تجمدت داخل أصدافها، ولما تجمدت تعصبت وأفرطت في التعصب، بل أكثر من هذا فلم تكتف بتجميد نفسها، بل سعت جاهدة إلى ان تجمّد غيرها، وبهذا كثرت النوافذ المغلقة ولم تعد تغذيها لواقح الأفكار.
أعطى التحول الذي طرأ على تديين الخليفة والخلافة الحق لرؤساء الدول أن تهيمن على المذاهب، ومنذ أن صلب “معبد الجهني” وسقط راس الجعد بن درهم لقولهما بحرية الإرادة ، ورفضهما مذهب السلطة الجبر، تدحرجت رؤوس مفكرين كثيرين، ومن ثم اصبح الخليفة حامي المذاهب وهو الذي يتصرف بحياة الناس فيقتل من يشاء ويعذب من يشأ، وكان الخليفة المعتصم العباسي هو الذي أمر بتعذيب الإمام احمد بن حنبل وأصبح الفكر في ظل هذه الحماية يكابد الامتحان العسير بل المصير العسير.
جففت السياسة بتحريم الاجتهاد وحصر المذاهب في أربعة –إذن- جذور الإيناع فلم تعد المذاهب الأربعة بالذات -وهي الأكبر والأوسع انتشارا- تطلع جديدا، ولا تثمر نضيدا، وأصبح الأتباع لا يملكون من زاد سوى ما يستجرونه في استرخاء لذيذ، ولم يعد لديهم سوى الموجود المتآكل، وحرصا على المتبقي بزغ التعصب من حمأة الانغلاق، ودخلت المذاهب بحماية السياسة في صراع مع الآخر لفرض مذهبها، مما ادى إلى صراع دام أبيح فيه مالا يباح، ليس بين ما يسمى “الشيعة” وما يسمى “السنة”، وإنما بين المذاهب المتجانسة بين “الحنفية” و “الحنابلة” و “الأشاعرة” و”الشافعية” وشهد التاريخ مذابح مروعة، ومصادرات واحرق كتب ونفي مفكرين وقتلهم، كما دخلت الشيعة مع بقية المتشيعين في صراعات دامية أيضا.
 وهنا دخلت المذاهب في مأزق. لم تعد هناك مذاهب سمحة تثمر، بل أصبح هناك تمذهبٌ شرس يجفف، ولم يعد ثمة اختلاف يوحد ، بل أصبح هناك خلاف يمزق.
كان الاختلاف نعمة مهداه من رب العالمين، و{ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة، ولا يزالون مختلفين } وفسره رسوله الكريم: (اختلاف امتي رحمة) فأصبح خلافا عدائيا. لقد من الله سبحانه على عباده بالاختلاف من أجل الإبداع والتنوع، والإثراء والإخصاب، فجاء هؤلاء فجففوا الأبداع والتنوع، وفي ظل الخلاف تم رفض الآخر وتقوقع كل مذهب داخل صدف التعصب، ومن ثم العقم.
ونتيجة لهذا كله عقم الفكر فجفّت الحضارة ، وعقم الفقه فانتعش التسلط.
(2)
لا ينكر أحد أن الذهنية المذهبية العامة عند المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها قد سكنت في الأعماق واستوطنت الوجدان الجمعي منذ زمن طويل، وعندما داهمها العصر الحديث بأنماط جديدة -وبالذات الحزبية موضوع هذا الحديث- لم تجد مخرجا إلاّ إلى الانتقال إليها- أخذة معها إليها تراثها المتأسن، وتعصبها المقيت، وتصوراتها المغلقة، وحاولت أن تتقمصها، وتظهر بها، فخرجت على الناس بثياب فضفاضة او ضيقة او ناقصة، ولكنها أبقت عليها- يقينا- ثيابها الداخلية.
وعلى ضوء ذلك كله ومن أجل بناء أحزاب حقيقية فعلينا أولا أن نتخلص من الأغلال الداخلية، وأول هذه الأغلال الاعتقاد بأن المذاهب دينا ملزما، في حين أن الدين لا يتمثل في مذهب واحد، وإلا كانت الكارثة، والناحية الثانية علينا أن نتعرف على نشأة الأحزاب العربية لمعرفة العائق الذي جعل من معظم هذه الأحزاب مذاهب كسيحة، ولابأس هنا أن أعيد باختصار ما كتبته في عام 1419/ 1998 وعام 1421هـ/ 2000 من مقالات حملت اسم "نحو ثقافة جديدة" تحدثت فيما تحدثت عنه عن الأحزاب: العوائق وضرورة التغيير، وليس في نيتي إعادة ما كتبت ولكني اشير إلى أهم النقاط التي تناولتها آنذاك وذكرت ان الأحزاب العربية تأسست من البداية على قاعدتين متناقضين، وأضيف الآن قاعدة ثالثة هي التمذهب، وقلت ما معناه: إن التحرك بوسائل معيقة لابد أن يحث عن التفتيش عن السبب، وفي وسعي أن أجزم أن البداية حملت دائها في نفس اللحظة التي تنفست فيها، بل يمكن القول بأن الروح الحزبية قد وئدت ساعة ما ولدت. اقتبس العالم العربي فكرة الحزبية أصلا من الغرب، لكنه سيرها بوقود من الشرق، أعني انه اقتبس لوائحها الداخلية من الحزب الشيوعي بالتحديد، بينما استمر بوقود عربية استوردها من الغرب، ونتيجة لذلك لم يتلاءم الوقود مع المحرك، فأدى إلى أن تغرز عجلة الأحزاب في الرمال واستمرت تراوح مكانها، وكأنها تجري بها رخاءا في كل اتجاه، بينما هي مستمرة تحفر الرمال وتثير الغبار من حولها فيعميها عن حقيقة واقعها المنغرز تماما فتظن أنها تتحرك منطلقة إلى الأمام في سرعة رائعة، في حين أنها تغرق في الرمال المتحركة بسرعة أكبر. لهذا نفهم لماذا معظم الأحزاب العربية دكتاتورية.
هذا الموقف جاء نتيجة تضاد أساسي بين طبيعتين متنافرتين. ومن ثم تجاذب النظام الحزبي العربي منذ مولده عاملان متضادان، أوقعا الحزبية منذ البداية ضحية تخاصمهما الطبيعي، فكان شأنهما أشبه ما يكون بمن يحاول أن يجمع سيفين في غمد واحد؛ فكانت النتيجة أن تمزق الغمد، وتثلّب السيف.
فنشأة الأحزاب في الغرب يختلف عنها في الشرق؛ ففي الغرب ولدت الحزبية مع مولد الديموقراطية، فهي في الحقيقة توأمها، ومنذ اللحظات الأولى تشابكا أذرعا للعمل من أجل حماية المكتسبات وتطويرهما؛ مشكلين سياجا واقيا ضد الدكتاتورية أو العودة إليها، أو إعاقة الخطى الديمقراطية، مستهدفين تقليم أظافر الدكتاتورية وخلع أنيابها، وقلع أضراسها. وبمولد الحزبية في الغرب أصبحت الانتخابات الديمقراطية طريق الأمة لدفع من ترضى الأكثرية عن برامجه الحزبية إلى الحكم.
عملية بسيطة لم تضطر إلى السرية لتكيف وسائلها وفقها، إذ لا حاجة لها بها، فظروفها لا تستدعي ذلك. ومن هنا لم تتطلب إنشاء خلايا ولا فروعا سرية، ولا شيء من تلك التكوينات الطويلة العريضة التي تعتمد على شبكة معقدة ودقيقة من العلاقات التنظيمية داخل سرداب طويل. لقد نشأت الأليات الحزبية في الأقباء المظلمة نتيجة ارهاب سياسي ساحق فكانت تلك الأليات مجنا يحميها البطش السياسي وعندما انتصرت تلك التنظيمات بخلاياها الواسعة تحولت إلى دولة بفعل جهود المنتمين إليها.
كانت الأحزاب الغربية والشرقية مختلفتا النشأة والهدف وجاءت الأحزاب العربية فاقتبست بدون استيعاب كامل طبيعتيهما، واحتفظت في الوقت نفسه بتمذهبها، ومن ثم مشت على عكازات ثلاث: مذهبية، وغربية، وشرقية، وكل واحدة لها مقاييسها الخاصة طولا وعرضا، فعرجت خطاها، واضطرب مشيها، ووجدت الأحزاب العربية نفسها تمارس ما يمارسه الحكام. وعليه فالأساس هو إن لم تخلع الأحزاب (بعد أن ساد نوع من الحرية وانتفت عوامل النزول إلى الأقباء) القداسة الدينية عن التمذهب فإنها-أي الأحزاب- سوف تظل تستجر ماضيها الاحتكاري وتخلد إليه.
إن الحزب وسيلة تهدف إلى تحقيق الرخاء والعدالة الاجتماعية وتحقيق المساواة وضمان المواطنة المتساوية، وإذن فهو-كالمذاهب في أصلها النقي من هذه الناحية- وهو عليه أن يطور نفسه لأنه بكل بساطة لم يستمد شرعيته من الانتخابات فيطرح وفق ثوابته برنامجه الانتخابي حسب مقتضيات الحاجة المطروحة كما هو معروف ويعرفه الناس.
إذا سلمنا بأن المذاهب هي في الأصل نتيجة اجتهادات بشرية فليس من الصعوبة ان نتخلص من التقديس ومن ثم يتعامل الناس وفق اجتهادات بناءة.
وإذا ادركنا مثلا لأن للمذاهب نظريات مختلفة في السياسة الزراعية -وقد كانت الزراعة هي بترول الأيام الخوالي-، فذهب البعض إلى نظام الشراكة وذهب الآخر إلى نظام “القبال”، أدركنا أن هذا التصور نشأ من اجتهادات مختلفة نتيجة حاجة إنسانية اختلفت المذاهب في الاستفادة منها.
وهكذا نجد أنه عندما تنزع المذاهب صبغتها المقدسة تتحول تلقائيا إلى حزب نقي يتعامل وفق رؤى اجتهادية. ومن هنا فإن الأحزاب الحقيقية لا تجد غضاضة أن يكون في اعضائها “زيدي” أو “شافعي” أو “حنفي” أو “إسماعيلي” واليمنيون هم ذلك كله، ولكن أن يكون هناك “حزب زيدي”، و “حزب شافعي” و “حزب حنفي” و “حزب إسماعيلي” فهو التمذهب بذاته، وسيكون الحزب مذهبا ونعود حتما إلى مربع التمذهب. ولدينا من “التمذهب” ما يوجع الرأس.
صحيح أن الحرية تتيح للإنسان او للجماعة ان تشكل أحزابها وفق معتقدها المذهبي، لكن المشكلة ليست في المذهب السمح، وإنما في التمذهب الشرس، والتمذهب في حد ذاته عدو الحرية، وليس من الحرية أن تقتل الحرية باسم الحرية. ولو اكتفى المتمذهبون بالحكم اللفظي لهان الأمر، لكنهم يتبعون القول العمل فيشحذون سيوفهم ومخالبهم فكيف يمكن ان تكون هناك حرية في ظل السيف المصلت والخنجر المسموم؟.
أخلص من هذا إلى القول بأن على الأحزاب الجديدة أن لا ترسي أساساتها على الخلاف، أي التعصب، وإنما على الاختلاف أي تنوع الآراء، وترفض التمذهب، وتقبل المذهب، باعتباره تعبدا ذاتيا واجتهادات تقبل الخطأ وتقبل الصواب.

الأحد، 23 يونيو 2013

لا خلاف ديني بين الزيود والشوافع



كان رجال الدولة العثمانية في جميع أيام حكمهم لليمن يسعون إلى بذر بذور الشقاق بين أهل البلاد، فتارة كانوا يستميلون إليهم الشوافع ويضربون بهم الزيود، وتارة كانوا يستعينون ببعض الزيود لضرب الشوافع!! وقد بثوا داخل بلاد اليمن وخارجها دعاية باطلة خلاصتها أن الزيود والشوافع لا يحب بعضهم بعضاً وأنهم يتحينون الفرص لإيقاع بعضهم ببعض، وأن هناك اختلافاً في العقائد الدينية بينهم.
ومما يُؤسف له أن نجد بعض كُتاب العرب في هذا الوقت يأخذون بهذه الدعاية فيكتبون عن العرب فصولاً في هذا الباب كلها أباطيل.
أنا لا أنكر أن هناك بعض اختلافات مذهبية ثانوية بين الزيود والشوافع، ولكني لا أُعِيرَها أية أهمية، لأنه لا شأن لها من الوجهة القومية، ولا من الوجهة الدينية، واليك بعض الامثلة:
يجوز عند الزيود تحليف اليمين للمدعي والمدعى عليه، ولا يجوز عندهم أن يُقال آمين في نهاية فاتحة القرآن الكريم.
وفي الطلاق لا يعتبر الزيود قول الرجل لامرأته طلقتك ثلاثاً، إلا بمثابة قوله طلقتك مرة واحدة، فيجب على من أراد طلاق امرأته ثلاثاً أن يُعيد هذه العبارة ثلاث مرات – في ثلاث حيضات متتابعة دون مواقعة أو مراجعة - .... إلى غير ذلك من الاختلافات اليسيرة.
والزيود جمع (زيدي) نسبة إلى زيد بن علي، ومذهب زيد بن علي فرع من فروع مذاهب المعتزلة!!، فلا يجوز والحالة هذه أن يُطعن في الزيود من الوجهة الدينية، وما من عاقل من المسلمين يجرؤ على الطعن في مذهب زيد بن علي.
وقد قال أحد الأدباء الذين زاروا اليمن في كتاب كتبه عن رحلته ان حكم الإمام يحيى حكم زيدي لا حكم عربي، وأن الشوافع ليسوا راضين عنه وأنهم محرومون من الوظائف، وهذه الأقوال مُبالغٌ فيها كثيراً، فجلالة الإمام يحكم جميع البلاد على السواء، ولا يفرق بين حقوق رعيته، لإختلاف مذهبهم أو دينهم، وهو لا يحترم الشوافع فقط، بل يحترم اليهود أيضاً، الذين هم أقلية ضئيلة، ويعاملهم كمعاملة الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم في صدر الإسلام لأهل الذمة.
وأما الشوافع فهو يحترمهم كثيراً ويعتمد على بعض كبار رجالهم، وقد عين منهم الكثيرين في وظائف مختلفة، فالمزجاجي من الشوافع وهو عامل الإمام في لحية – اللحية بالحديدة – وأخوه عبدالله عامل في زبيد ومحمد باسلامة عامل إب وهو أيضاً من الشوافع ومأمور خزينة الإمام من الشوافع واسمه الحاج لطف.
كما أن كثيرين من أئمة الجوامع هم من الشوافع، والمثال على ذلك الشيخ طاهر إمام جامع بئر العزب في صنعاء، وجميع من ذكرت هم من الموظفين الكبار.
وأما الموظفون الصغار من الشوافع المستخدمون في اليمن، لا يحصى عددهم، كما أن وزير خارجية الإمام القاضي محمد راغب هو من الشوافع أيضاً ويُنسب إلى أصل تركي.
ويجدر بالذكر هنا أن معظم الكُتاب الذين كتبوا عن اليمن عقيب الحرب العالمية، لا تخلوا كتاباتهم من الدعايات والأغراض، وذلك لأن بعض الدول الأجنبية أخذت تزاحم على هذه البلاد، ولا تمر سنة إلا ونجد في صنعاء مندوبين كثيرين أوفدتهم دول مختلفة أو شركات اجنبية لمفاوضة الإمام في بعض الشئون السياسية والاقتصادية.
وقد إتفق أنني عندما زرت صنعاء في إحدى رحلاتي المتعددة كانت فيها وفود ألمانية وأميركية وإيطالية وبريطانية وروسية.
وبكل أسف أن هذه الدول وتلك الشركات، وجدت لنفسها خارج اليمن بعض الدُعاة المأجورين!! الذين أخذوا يكتبون عن اليمن أشياء كثيرة تسويداً لصفحته!! ومعظم هذه الأشياء إفتراء وإختلاق!!.))
المصدر// نزيه مؤيد العظم "رحلة في بلاد العربية السعيدة سبأ ومأرب"، الجزء الأول، مؤسسة فادي برس- لندن، الطبعة الثانية 1985م، ص 57 - 58

السبت، 18 مايو 2013

اضاءات زيدية

بقلم//القاضي العلامة صلاح بن أحمد فليته رحمة الله تغشاه
إن الاستئثار يُوجب الحسد, والحسد يُوجد البغضاء, والبغضاء تُوجب الفُرقة, والفُرقة تُوجب الضعف, والضعف يُوجب الذل, والذل يُوجب زوال الدولة وزوال النعمة وإهلاك الأمة..
  والتاريخ يُحدثنا والوجدان والعيان يشهدان لنا, شهادة حق, أنها حينما تكون السخائم والمآثم, فهناك فناء الأمم وموت الهمم, وفشل العزائم, وفشل العناصر, والاستعباد والاستعمار والهلكة والبوار,  وتغلب الأجانب, وسيطرة العدو, أما (حينما) تكون الآراء مجتمعة والأهواء مؤتلفة, والقلوب متآلفة والأيدي متماسكة, والبصائر متناصرة والعزائم متآزرة, فهناك العز والبقاء والعافية والنعمة والغلبة والقوة والملك والثروة والكرامة والسطوة, ويجعل الله لهم من مضايق البلاء فرجاً, ومن حال السوء مخرجاً, وكان العز مكان الذل والأمن مكان الخوف..
هيهات أن يتحد المسلمون ما لم يتساعدوا, وهيهات أن يَسعَدوا ما لم يتحدوا, ليس الإتحاد ألفاظاً فارغة وأقوالاً بليغة وحِكَماً بالغة مهما بلغت من دون إعمال جِد ونشاط متحد, وأخلاق فاضلة ونفوس متضامنة, وسجايا شريفة, وعواطف كريمة مع اشتراك في الفوائد, وميزان عدل وقسط, وليس من العدل أن يُهضَم أحد حقوقه, أو يقال له إذا اشتكى: إنك مُفَرق أو مُشَاغب, بل يُنظَر إلى حقيقة الحال, فإن كان طلبه حقاً نصره, وإن كان حيفاً أرشده وأقنعه وجادله بالتي هي أحسن, مجادلة الحميم لحميمه والأخ لأخيه, لا سخط ولا سباب ولا منابزة بالألقاب بل المرونة والصبر والاحتمال, وبالخُلق والأخلاق الحسنة يبلغ غاية المراد, ومقابلة السيئة بالحسنة من أفضل الأعمال, ومعالجة القطيعة بالصلة من أشرف الأفعال... وقد قيل: " عند الشدائد تذهب الأحقاد "...
إذا اجتمعت الأهداف وتآزرت البصائر ووُجِدَ الائتلاف وكان كل واحدٍ منا يسعى في صالح الآخر, واندفع الجميع نحو العمل الجِدِي والحركة الجوهرية, وحرروا أخلاقهم, وكبحوا جماح أهوائهم ونفوسهم بأرسان العقل والروية والحنكة والحكمة, فيجد كل واحد منا أن مصلحة أخيه المسلم هي مصلحة نفسه فيسعى لها كما يسعى لمصالح ذاته, ذلك حيث ينزع الغل من صدره والحقد من قلبه, وينظر كل واحد منا لأخيه نظر الإخاء لا نظر العداء وبعين الرضاء لا بعين السخط, وبلحظ الرحمة لا الغضب والنقمة, ويعلم أنه لا عِزَة له ولا قوة إلا بعزة أخيه وقوته وعونه ..
والملاك في ذلك اقتلاع رذيلة الحرص والجشع والغلبة والاستئثار والحسد والتنافس, لأن هذه سلسلة شقاء وحلقات بلاء يتصل بعضها ببعض ويجر بعضاً إلى بعض حتى تنتهي إلى هلاك الأمة وتهوي بها المهاوي والشقاء والتعاسة ..
وأعلم أنه لم يبقى ذو حس وشعور في أنحاء المعمورة إلا وقد عرف وتحقق بضرورة الإتحاد وجمع الكلمة والاتفاق ومضرة الاختلاف والافتراق, حتى أصبح هذا الشعور والعرفان وجدانياً محسوساً وأمراً واضحاً ملموساً, فلا بُد إذاً من التدارك وجمع الكلمة والوحدة قبل أن يقضي الافتراق على الجنس البشري الحي فيدخل في خبر كان ويعود كأمس الدابر ونعوذ بالله والله المستعان.
* المصدر: القاضي العلامة صلاح بن أحمد فليته, النصيحة العسجدية, مكتبة التراث الإسلامي – صعدة, الطبعة الأولى 1995 (بتصرف من عدة مواضع بالكتاب)

الأحد، 30 مارس 2008

أثر الاكراه على الاعتراف للقاضي محمد محسن المحبشي

تأليف القاضي// محمد محسن علي عبدالله المحبشي
تصحيح ومراجعة// زيد يحيى المحبشي
بسـم الله الرحمن الرحيم
الإهداء
أهدي هذا العمل المتواضع إلى والدي وإلى روح والدتي رحمها الله وإخواني الذين كان لهم الفضل الكبير في تعليمي ومساندتي وإلى كل من كان له فضل الإسهام في مساعدتي لتلقي العلم والمعرفة ... سائلاً من الله أن يجزيهم عني خير الجزاء.
الشكر والتقدير
أتقدم بالشكر والتقدير إلى جميع أعضاء هيئة التدريس بمعهد القضاء العالي لما بذلوه من جهود مخلصة في سبيل توصيل العلم والمعرفة إلينا.
المقدمة
الحمد لله الذي لا يحمد على مكروهٍ سواه والصلاة والسلام على سيدنا محمد نبي الهدى ومرشد البشرية إلى الطريق القويم .
إن مما دعاني للبحث في موضوع أثر الإكراه على الإعتراف كثرة ما يتعرض له الإنسان من أخيه الإنسان من ظلم وجور وتعسف لاسيما في وقتنا هذا لكثرة الحروب والمشاكل السياسية وقد يكون نتيجة لعدم الكفاءة لدى رجال الضبط القضائي والتي بدورها أدت إلى امتهان كرامة الإنسان والإعتداء على حريته وسلامة جسمه بدافع الحصول على الحقيقة أو أي معلومات أخرى تحت ضغط الإكراه والتعذيب والوعد و الوعيد والتهديد ، واستلاب الإعتراف بطرق غير مشروعه وغير إنسانيه يجعله دليلاً غير صحيح ولا يعول عليه لصدوره من إنسان مسلوب الإرادة والاختيار ، والإكراه أو التعذيب فيه إهانة لكرامة الإنسان وإعتداء على حريته الشخصية التي منحها الله سبحانه وتعالي في قوله عز من قائل ((ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا )) سورة الإسراء أية (70) وقوله صلى الله عليه وآله وسلم (( إن دماكم وأعراضكم وأموالكم حرامٌ عليكم كحرمة يومكم هذا )) كما في الحديث أو ما معناه وفي الحديث الشريف "رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما أستكرهوا عليه" لذا أكدت الشريعة الإسلامية الغراء عدم مشروعية الإكراه والتعذيب وما ينتج عنهما من إعتراف مأخوذ بالإكراه والقوة، وبغير الطرق الشرعية الصحيحة التي يصدر بها الإعتراف الصحيح المعتد به كدليل شرعي يبنى عليه الحكم الذي يتسم بالحقيقة ، كما أن المنظمات العالمية لحقوق الإنسان والإعلانات العالمية والمؤتمرات الدولية حرصت أيضاً على تأكيد احترام كرامة الإنسان وتحظر تعذيبه أو معاملته معاملة غير إنسانية وتجريم أي فعل من أفعال التعذيب أو الإكراه بأي صورة من صوره بغرض الحصول على إعتراف أو معلومة قد تكون دليلاً ضد المتهم ناهيك عن أن دستور الجمهورية اليمنية و قوانينها قد حرمت ذلك عملا بمبادئ الشريعة الإسلامية وتأكيداً لما جاء في إعلانات حقوق الإنسان المدنية والسياسية.
جديرٌ بالذكر أن الجذور التاريخية للإكراه على الاعتراف عائدةٌ إلى العصر الحجري في المجتمعات البدائية والمجتمعات القبلية ففي هذه الحقبة من التاريخ القديم كان الإكراه الوسيلة الوحيدة للحصول على الإعتراف ومن تلك الوسائل مثلاً (( الاحتكام إلى المصادفة البحتة)) كمراقبة حركة بعض الحشرات أو اتجاه الطيور في طيرانها, ومن وسائل الإكراه في المجتمعات القبلية كان الإثبات يتم عبر استغلال الصفة الدينية فكانوا عادة ما يلجئون إلى اليمين والصرافة والابتلاء كوسائل للإثبات ، إستمر بعدها التعذيب للمتهم في العصور الوسطى بأوربا وما تلاها حتى الثورة الفرنسية ، ثم أتى التطور العلمي بوسائل علمية حديثة من اجل الوصول إلى كشف الحقيقة ومع ذلك فمنها ما يمس سلامة الجسم ومنها ما يؤثر على اختيار المتهم لعلى أهمها: مصل الحقيقة ، التنويم المغناطيسي ، جهاز كشف, الكذب وترجع جذورها التاريخية إلى فكرة المدرسة الوضعية وعلى وجه الخصوص إلى أحد كبار أقطاب هذه المدرسة وهو (فريكو فري)(1) أما الأصل فيعود إلى العصور البدائية ، ويعتبر جهاز كشف الكذب من الأجهزة الحديثة وإن كانت الفكرة قديمة حيث يعود تاريخ معرفة التغيرات التي تحدث للإنسان إذا حاول الكذب أو إخفاء الحقيقة إلى سنه 30 قبل الميلاد وأول من قام بذلك أرسطو ثم تطورت هذه الفكرة بعدها إلى أن قام العالم (موسو)(2) في العام 1875م بمحاولته مستفيداً من الإجابات السريعة أو البطيئة حيث استخدم ساعة رصد مع وضع كلمات عادية بينها عدة كلمات تتعلق بموضوع الاختيار ليوجه أسئلة إلى الشخص لمعرفة زمن للإجابة فإذا كان الزمن متأخر دل ذلك على محاولة الكذب والعكس.
وعليه فسأتناول في ورقتي البحثية هذه القضية بجوانبها المتعددة وأسأل من الله أن أكون قد وفقت في ذلك
(1) د.محمد راجح نجاد ,حقوق في مرحلة جمع الإستدلالات,ص 478
(2) د.محمد راجح نجاد ,حقوق في مرحلة جمع الإستدلالات ,ص 485
خطة البحث
الفصل الأول
ماهية الإعتراف والإكراه
المبحث الأول : ماهية الإكراه على الإعتراف
المطلب الأول : تعريف الإكراه
المطلب الثاني : أقسام الإكراه وشروطه
المبحث الثاني: شروط صحة الإعتراف وضماناته
المطلب الأول : تعريف الإعتراف
المطلب الثاني : شروط صحة الإعتراف
المطلب الثالث : ضمانات حرية المتهم في إبداء أقواله
المبحث الثالث: صور التأثير على حرية المتهم في إبداء أقواله
المطلب الأول : الوسائل التقليدية
المطلب الثاني : الوسائل العلمية
المطلب الثالث : الموقف الشرعي والقانوني من وسائل الإكراه
الفصل الثاني
أثر الإكراه على الإعتراف
المبحث الأول: قيمة الدليل المتحصل عليه نتيجة الإكراه
المطلب الأول : إكراه المتهم
المطلب الثاني : إكراه غير المتهم
المبحث الثاني: الجزاءات المترتبة على إكراه المتهم لحمله على الإعتراف
المطلب الأول : الجزاء الجنائي
المطلب الثاني : الجزاء الإجرائي
الفصل الأول
ماهية الإكراه والإعتراف
نبحث فيه تعريف الإكراه وأقسامه وشروطه وتعريف الاعتراف وشروط صحته وضماناته - صور التأثير على حرية المتهم في إبداء أقواله واعترافه - الوسائل التقليدية والوسائل العلمية من خلال ثلاثة مباحث رئيسية.
المبحث الأول
ماهية الإكراه على الاعتراف
المطلب الأول : تعريف الإكراه :
في اللغة :
حمل الغير على أمر لا يرضاه قهراً, يقال أكرهته على الأمر إكراهاً حملته عليه قهراً(
[1])، قال تعالى ] وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خيرٌ لكم ,وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شرٌ لكم[([2] ).
وفي الشرع:
الحنفية (
[3] ) :كل فعل يفعله الإنسان بغيره فيزول رضاه أو يفسد اختياره.
المالكية (
[4] ) :كل ما يُفعل بالإنسان مما يضره أو يؤلمه.
ابن القيم (
[5] ) : كل ضغط يقع على العاقد بوسيلة مرهبة تحمله على التعاقد.
أنواع الإكراه في الشريعة الإسلامية:
1. إكراه ملجىء: وهو الذي يعدم الرضاء ويعدم الإختيار لأنه يجعل المكره كالآلة في يد الفاعل.
2. إكراه غير ملجىء : وهو الذي يعدم الرضاء ولا يفسد الاختيار ، وهو مالا يخشى معه فوات النفس أو الأعضاء.
المطلب الثاني : أقسام الإكراه وشروطه في الإصطلاح القانوني :
1. الإكراه المادي:
وهو قوة إنسانية عنيفة ومفاجئة أو غير مفاجئة تجعل من جسم الإنسان أداة لتحقيق حدث إجرامي معين ، دون أن يكون بين هذا الحدث وبين نفسية صاحب الجسم أي اتصال(
[6] ).
طبيعة الإكراه المادي:
الإكراه المادي يعدم المسؤولية لانعدام الإرادة كلياً ولا يمكن إسناد الجريمة إلى الفاعل لأن الإكراه المادي يقطع الرابطة السببية بين عناصر الركن المادي باعتبار الإنسان المكره مادياً يستخدم كالآلة في ارتكاب الفعل ولم تتجه إرادته إلى تحقيق النتيجة المترتبة على الفعل لذا تنعدم مسؤوليته لانتقاء أهم عناصرها وهي الإرادة .
2. الإكراه المعنوي :
وهو الضغط على الإرادة بما يؤدي إلى شلل حركتها والذهاب بقيمتها من حيث القدرة على الاختيار ، لوقوعها تحت تأثير الخوف من خطر وضرر جسيم وشيك الوقوع وليس في الإمكان دفعه أو الإفلات منه إلا بارتكاب الجريمة. (
[7] )
طبيعة الإكراه المعنوي :
الإكراه المعنوي لا يعدم الإرادة بل تضيق فيه حرية الاختيار فقط وهو مانع من موانع المسؤولية لعدم توافر شروط الركن المعنوي وذلك لممارسته الفعل تحت ظروف شاذة لا تسمح له بتكوين إرادة حرة فينتفي الإثم والخطاء ما عدا حالات القتل والجراح فلا تنتفي المسؤولية الجنائية.
شروط الإكراه:
1. أن تكون القوة غير قابلة للرد:
وهي القوة التي تعدم المسؤولية وتبلغ حداً من الجسامة تجعل من المستحيل على المكره تجنبها وعدم الامتثال لأمرها بالفعل أو الامتناع عن الفعل الذي تقوم به الجريمة.
2. أن تكون القوة غير متوقعة:
وأن لا يكون للفاعل دخل في حلول الخطر,كما هو منصوص عليه في المادة (36)من قانون العقوبات اليمني حيث اشترطت (( ... لم يتسبب هو فيه عمداً)) أي أن لا يكون الفاعل قد أوجد بفعله هذا الخطر ولم يكن متوقعاً له والمادة (61) عقوبات مصري (( أن لا يكون للفاعل دخل في حلول الخطر)).
كما جاء في قضاء محكمة النقض المصرية (إنه متى كانت الواقعة ناشئة عن حادث قهري لا يد للمتهم فيه وليس بمقدوره منعه فلا مسؤولية عليه) (
[8] ).
3. أن يكون الخطر مهدداً للنفس والمال:
وهو ما نصت عليه المادة (36) عقوبات يمني في شطرها الأول ((أن لا مسؤولية على من ارتكب فعلا ألجأته إليه ضرورة وقاية نفسه أو غيره أو مال غيره من خطر جسيم محدق))، وهو ما تشترطه الشريعة الإسلامية في الإكراه المعنوي ما نجده حرفياً في نص المادة (61) عقوبات مصري (.. لا عقاب على من ارتكب جريمة ألجأته إلى إرتكابها ضرورة وقاية نفسه أو غيره من خطر جسيم على النفس ) وفي ذلك توافق مع القانون اليمني إلا أنه استبعد ما يهدد المال ولم يجعله سببا للإكراه كما في القانون اليمني.
4. أن يكون الخطر جسيماً على قدر من الجسامة:
وهو ما نصت عليه المادة (36) عقوبات يمني والمادة (61) عقوبات مصري بأن يكون الخطر الذي يهدد الإنسان على قدر من الخطورة بما يهدد الكيان المادي للإنسان كالموت أو العاهة المستديمة أو الجراح البالغة أو المساس بالكيان المعنوي للإنسان كالاعتداء على الشرف أو السمعة أو العفاف شريطة أن يؤدي هذا إلى انعدام حرية الإختيار أو تضييقها .
ويتطلب القضاء المصري أن يكون الخطر جسيما على قدر من الجسامة حيث قضى بأنه لا يعفَ من العقاب من كان صغير السن واشترك في جريمة إحراز مواد مخدرة مع متهم آخر من أهله يقيم معه ويحتاج إليه, ذلك أنه ليس في صِغر سنه وإقامته مع المتهم الآخر وحاجته إليه ما يجعل حياته في خطر جسيم ما لم يشترك مع هذا المتهم في إحراز المواد المخدرة (
[9] ).
5. أن يكون الخطر حالا:
حيث تطلب المشرع اليمني بأن يكون الخطر حال أو وشيك الحلول إذ تنص المادة (36) عقوبات (لا مسؤولية على من ارتكب فعلا ألجأته إليه ضرورة وقاية نفسه أو غيره أو ماله أو مال غيره من خطر جسيم محدق ) فطبقاً لنص المادة يتبين عدم الاكتفاء بأن يكون الخطر ممكن أو محتمل الوقوع بل يجب أن يكون محقق الوقوع ، ولا يدع لدى المكره مجالاً للاستعانة بالسلطة العامة أو الهروب أو التخلص بأي وسيلة ممكنه.
وقد قُضِيَ في هذا الخصوص بأنه كان من البين في محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن قد أشار إلى أن إكراهاً قد وقع عليه من مالك الباخرة وهذا في حقيقته دفع بامتناع المسؤولية الجنائية لقيام حالة الضرورة المنصوص عليها في المادة(61) عقوبات وكان الحكم قد نفى هذه الحالة ، وأما ما ذكره المتهم الأول في إكراهه فإنه لو صح قوله فإن اثر الإكراه يكون قد زال بوصوله إلى المياه المصرية ، واتصاله بسلطات هيئة القناة (
[10] ).
المبحث الثاني
شروط صحة الإعتراف وضماناته
المطلب الأول : تعريف الإعتراف:
في اللغة: يطلق على عدة معان منها الثبوت والإقرار ، فاقر بالحق إعترف به ، وأقره في مكانه فاستقر (
[11] ).
وفي الاصطلاح: الإعتراف بحق مالي أو غيره ، وقيل هو إخبار المكلف عن نفسه أو عن موكله بحق يلزم(
[12] ).
وهو في قانون الإثبات اليمني : إخبار الإنسان شفاهةً أو كتابةً عن ثبوت حق لغيره على نفسه (
[13] ).
وفي الفقه القانوني : إقرار المتهم على نفسه بإرتكاب الوقائع المكونة للجريمة كلها أو بعضها (
[14] ).
لذا فإعتراف متى توافرت شروط صحته وإطمأنة المحكمة إلى صدقه فهو سيد الأدلة,لأن الشخص المعترف يعرف جيداً نتائج اعترافه ومن ثم يكون اعترافه عنوان الحقيقة والأخذ بالإعتراف والعمل به مشروع لقول الله تعالى ((الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين)) (
[15] ), ومن السنة قوله صلى الله عليه وآله وسلم ( يا أنس أعد الى مرأة هذا,فإن اعترفت بالزنا فارجمها ) ومن ذلك قيامه صلى الله عليه وآله وسلم برجم ماعز والغامدية بعد إقرارهما ([16] ).
المطلب الثاني : شروط صحة الإعتراف:
لا يكون الإعتراف صحيحاً إلا إذا صدر عن إرادة حرة ولا يكون كذلك إلا إذا توافرت له عدة شروط للأخذ به كدليل إثبات في الدعوى الجنائية هي :
1. الأهلية الإجرائية للمتهم:
أي أهليته لمباشرة نوع من الإجراءات على نحو يُعد معه هذا الإجراء صحيحاً وتنتج آثاره القانونية, ولكي تتوافر الأهلية الإجرائية يجب أن يكون المعترف متهماً ويتمتع بالإدراك والتمييز سواء كان فاعلاً أصلياً أو مساهماً وينعدم الإدراك والتمييز بصغر السن والجنون والعاهة العقلية والغيبوبة الناشئة عن السكر والمواد المخدرة لقوله صلى الله عليه وآله وسلم (رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ ، وعن الصغير حتى يكبر، وعن المجنون حتى يفيق ) (
[17] ).
2. تمتع المعترف بحرية الاختيار:
لا يعتد بالإعتراف الصادر عن المتهم إلا إذا كان إراديا صادراً عن إرادة حرة واعية دون أي تدخل من المحقق بضغط أو تهديد ويستبعد من ذلك أي دليل أو إعتراف تم الحصول عليه تحت تأثير أي صورة من صور الإكراه المادي أو المعنوي التي يمكن أن يتعرض لها المتهم, حيث أكدت محكمة النقض المصرية ضرورة أن يكون الإعتراف إرادياً، لأنه لا يصح التعويل على الإعتراف ، ولو كان صادقاً متى كان وليد الإكراه كائناً ما كان قدره (
[18] ).
3. أن يكون الإعتراف صريحاً ومطابقاً للحقيقة :
إذ أن غموض أقوال المتهم من حيث دلالتها على ارتكابه للجريمة المنسوبة إليه ينفي عنها صفة الإعتراف,لأنها تحتمل أكثر من تأويل,ولهذا لا يجوز بأي حال من الأحوال استنتاج الإعتراف من هروب المتهم إثر وقوع الحادث ، كما لا يجوز اتخاذ صمت المهتم قرينة على إدانته بل الواجب أن ينص الإعتراف على الواقعة الإجرامية لا على ملابساتها ، كما يجب أن يكون الإعتراف مطابقاً للحقيقة لأن الواقع العملي أثبت أن الإعتراف قد يكون مصدره مرضاً عقلياً أو نفسياً وقد يكون صادراً عن الإيحاء أو التخلص من الاستجواب المرهق أو التضحية من أجل المتهم الأصلي بسبب رابطة القرابة أو الصداقة أو المحبة ، وما لم يكن الإعتراف مطابقاً للحقيقة فلا يعول عليه(
[19] ) .
الشريعة الإسلامية في موقفها من الإعتراف اشترطت أيضاً ضرورة أن يكون صريحاً ظاهر الدلالة والوضوح لما روي عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه إستفصل ماعزاً عندما اقر بالزنا كما في رواية ابن داود أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال لماعز: (لعلك قبلت أو غمزت أو نظرت,قال : لا، فقال: حتى غاب ذلك منك في ذلك منها,قال:نعم ، قال: كما يغيب المرود في المكحلة والرشا في البئر, قال: نعم ) (
[20] ).
4. أن يكون الإعتراف وليد إجراءات صحيحة :
يقع الإعتراف باطلاً إذا كان ثمرة إجراءات باطلة كأن يصدر الإعتراف نتيجة إستجواب مطول للمتهم أو تحليفه اليمين أو عدم دعوة محاميه للحضور قبل الاستجواب في غير حالتي التلبس والإستعمال ، أو نتيجة قبض أو تفتيش باطلين ؟أوكان وليد تعرف الكلب البوليسي وهو ما قضت به محكمة النقض المصرية (
[21] ).
والشريعة الإسلامية حريصة على تطبيق القاعدة القائلة أن (ما بني على باطل فهو باطل) وهناك أدلة كثيرة على هذا أبرزها حادثة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه كما يروى أنه ذات ليلة مر في المدينة فسمع صوتاً في أحد بيوتها ، فساوره الارتياب من أن يكون صاحب البيت يرتكب محرماً ، فتسلق المنزل وتسور الحائط فرأى رجلاً وامرأة ومعهما خمر ، فقال له الرجل: لا تستعجل يا أمير المؤمنين إن كنت عصيت الله في واحدة فقد عصيته أنت في ثلاث ، قال الله تعالى (ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضاً ) (
[22] ) وأنت قد تجسست وقال تعالى (وأتوا البيوت من أبوابها واتقوا الله لعلكم تفلحون ) ([23] ) وأنت لم تفعل ذلك,وقال تعالى (يا أيها الذين ءامنوا لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها) ([24] ) وأنت لم تسلم ،فخجل عمر وبكى ، وقال للرجل : هل عندك من خير إن عفوت عنك قال نعم : قال اذهب فقد عفوت عنك([25] ).
المطلب الثالث : ضمانات حرية المتهم في إبداء أقواله:
كفل المشرع للمتهم مجموعة من الضمانات حتى تتوافر له حرية الإرادة عند الإدلاء باعترافه كضمانة الإحاطة بالتهمة ، وحق الصمت وحق الاستعانة بمحامي ومترجم وحق عدم تحليف المتهم اليمين.
1. حق الإحاطة بالتهمة المنسوبة إليه :
يجب إخطار المتهم بالتهمة المنسوبة إليه حتى يتمكن من الدفاع عن نفسه وفي هذا المعنى أكد العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية بوجوب إخطار المقبوض عليه بالتهمة المنسوبة إليه كما في المادة (9/2) وإخطاره في اقصر فترة باللغة التي يفهمها بتفاصيل التهمة المنسوبة إليه وفقاً للمادة (14/3) إلى جانب تأكيد مشروع حقوق الإنسان على المبادئ المتعلقة بالحق في عدم الخضوع للقبض أو الحبس التعسفي كما في المادة (9).
وفي جميع الأحوال يجب إحاطة المتهم بالتهمة المنسوبة إليه قبل استجوابه لأول مره من قبل النيابة العامة ، ولهذا الضمان قيمة دستورية في اليمن فقد نصت المادة (48/ج) على أن (( كل من قبض عليه بصفة مؤقتة بسبب الاشتباه في ارتكاب جريمة يجب أن يقدم إلى القضاء خلال أربع وعشرين ساعة من تاريخ القبض عليه على الأكثر وعلى القاضي أو النيابة العامة تبليغه بأسباب القبض واستجوابه وتمكينه من إبداء دفاعه واعتراضاته ويجب على الفور إصدار أمر مسبب لإستمرار القبض أو الإفراج عنه )).
وقد أتت المادة (76)إجراءات جزائية موافقة لنص الدستور كما دعت المادة (182)إجراءات جزائية إلى ضرورة مواجهة المتهم بالتهمة المنسوبة إليه ، ناهيك عن توافق الدستور المصري في المادة (71) مع ما جاء في الدستور اليمني في وجوب إحاطة المتهم بالتهمة الموجهة إليه وكذا نص المادتين (123، 139) من قانون الإجراءات المصري اللتان أوجبتا مواجهة المتهم بالتهمة المنسوبة إليه .
ومنطلق ذلك ما أقرته الشريعة الإسلامية للمتهم من حقوق عظيمة بما فيها حق الفرد في المحاكمة العادلة وحقه في الإحاطة لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: (البينة على المدعي واليمين على من أنكر).
2. حق المتهم في الصمت:
يقصد به حرية المتهم في الإجابة أو الامتناع على ما يوجه إليه من أسئلة ، كون الأصل في ذلك عدم إجبار الشخص على الكلام بأي وسيله كما في مضمون المادة (25) من مشروع لجنة حقوق الإنسان (( لا يجوز إجبار الشخص على الشهادة ضد نفسه)) وكل مقبوض عليه أو محبوس يجب قبل استجوابه أو سماع أقواله أن يخطر بحقه في السكوت وفقاً للمادة (14/2) من الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان والمادة (155/2ب) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ومن ثم لا يجوز للنيابة العامة أن تستخلص من صمت المتهم قرينة ضده لأنه حق مقرر بمقتضى القانون.
وبالرجوع إلى نصوص قانون الإجراءات الجزائية اليمني يتضح بأنه لا يوجد نص صريح يلزم المتهم بالكلام أو الإدلاء بأقواله ، وإنما تقرر ضمناً حق المتهم في الصمت وذلك في مرحلة المحاكمة حيث نصت المادة (360) إجراءات جزائية في فقرتها الأولى (( لا يجوز للمحكمة أن تستجوب المتهم إلا إذا قبل ذلك)) والمادة (361) (( إذا أمتنع المتهم عن الإجابة أو إذا كانت أقواله في الجلسة مخالفة لأقواله في محضر جمع الاستدلالات والتحقيق ، جاز للمحكمة أن تأمر بتلاوة أقواله الأولى)) في حين أن الدستور قد نص صراحة في المادة( 48/ب)على حق المتهم في الامتناع عن الإدلاء بأية أقوال إلا بحضور محاميه,وعلى ذات النسق قضت محكمة النقض المصرية بحق المتهم في الصمت وعدم الإجابة على الأسئلة الموجهة إليه (نقض 3يونيو 1968م س(19) رقم (133) ص(657)).
3. حق المتهم في الدفاع عن نفسه بنفسه أو الاستعانة بمحامي:
أ/ للمتهم الحق في الدفاع عن نفسه أو الاستعانة بمحامي ليتولى الدفاع عنه:
ويظهر ذلك جلياً في نص المادة (49) من دستور الجمهورية اليمنية بأن حق الدفاع أصالة أو وكالة مكفول في جميع مراحل التحقيق وأمام جميع المحاكم ، والمادة (179) إجراءات جزائية ((على المتهم أن يعلن اسم محاميه بتقرير في دائر الكتاب أو إلى مأمور المنشأة العقابية ويجوز لمحاميه أن يتولى ذلك عنه ... )).
كما تنص المادة (181) إجراءات جزائية ((في غير حالة الجرائم المشهودة وحالة السرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة لا يجوز للمحقق في الجرائم الجسيمة أن يستجوب المتهم أو يواجه بغيره إلا بحضور محاميه )) ومفاد ذلك كله أن المشرع تطلب ضمانات خاصة بكل متهم في جريمة جسيمة وجوب دعوة محاميه قبل الاستجواب عن طريق خطاب أو محضر أو أحد رجال السلطة العامة وأن توجه إليه الدعوة في وقت مناسب كما جاء في المادة (180)إجراءات جزائية (( يسمح للمحامي بالإطلاع على التحقيق في اليوم السابق على الاستجواب أو المواجهة, ما لم يقرر المحقق غير ذلك)).
ب/ حق الاستعانة بمترجم:
إذا تبين للمحقق أن المتهم يتكلم لغة أجنبية أو لهجة غير معروفة بحيث يصعب التفاهم معه باللغة الرسمية وهى اللغة العربية فإنه يتعين وفقاً للمادة (335) إجراءات جزائية ((في حال كان المتهم أو احد الشهود غير ملم باللغة العربية فللمحكمة أن تستعين بمترجم وتسري على المترجمين أحكام الخبراء)).
متناغماً في ذلك مع المبادئ العامة لحقوق الإنسان وتحديداً المادة (14/ز) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية حيث أوجب تزويد المتهم مجاناً بمترجم إذا كان لا يفهم أو لا يتكلم اللغة المستخدمة في المحكمة والاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان والحريات الأساسية المادة (6/هـ) والميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والدستور المصري في مادته(71) وفي نص المادة (77) من قانون الإجراءات الجزائية المؤكدة على أن (( للنيابة العامة وللمتهم وللمدعي بالحقوق المدنية وللمسئول عنها ولوكلائهم أن يحضروا جميع إجراءات التحقيق وللخصوم الحق دائماً في استصحاب وكلائهم في التحقيق)) وكذا ما نصت عليه المادتين (139)،(141) من نفس القانون.
4. عدم جواز تحليف المتهم اليمين:
القاعدة العامة أنه لا يجوز إرغام أي شخص متهم بارتكاب فعل جنائي على الإعتراف بالذنب أو الشهادة على نفسه .
ما نجده في المادة(14/3) من العهد الدولي لحقوق الإنسان المدنية والسياسية (( لا يكره على الشهادة ضد نفسه أو الإعتراف بالذنب)),والاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان بالمادة (5) في تقريرها لحق المتهم (( أن لا يجبر على أن يكون شاهداً ضد نفسه أو أن يعترف بالذنب)).
فلا يجوز للمحقق عند استجوابه للمتهم أن يحلفه اليمين لأن ذلك اعتداء على حريته في الدفاع عن نفسه أو إبداء أقواله كما أنه يضعه في حرج.
وقد تنبه المشرع اليمني إلى ذلك في نص المادة (178) من قانون الإجراءات الجزائية (( لا يجوز تحليف المتهم اليمين)).
وعليه فمتى وجه عضو النيابة المحقق اليمين للمتهم عند سؤاله أو إستجوابه استجوابه له وحلفها فهو من قبيل الإكراه المعنوي المترتب عليه بطلان الاستجواب وما ترتب عليه من أدلة ومنها الإعتراف ، كون البطلان متعلق بالنظام العام، لا يجوز للمتهم التنازل عنه.
المبحث الثالث
صور التأثير على حرية المتهم في إبداء أقواله واعترافه
المطلب الأول : الوسائل التقليدية :
العنف والإكراه المادي من أهم صور التأثير على إرادة المتهم وحرية اختياره عند الإستجواب والعنف.
والإكراه المادي : هو كل قوة مادية خارجية تطال جسم المتهم ويكون من شأنها تعطيل إرادته .
ويتحقق الإكراه المادي بأي درجة من العنف مهما كان قدرها طالما أن فيها مساس بسلامة الجسم وبغض النظر عن إلحاقه الألم بالمتهم من عدمه يظل عنفاً كتعذيب المتهم أو قص شعره أو شاربه أو حرمانه من الاتصال بأهله أو حرمانه من الغذاء أو الغطاء أو النوم أو وضعه في زنزانة مظلمة قبل استجوابه ، أو الإطالة في الإستجواب حتى يرهق المتهم أو الضرب أو نزع أظافره وإطفاء السجائر في جسده ....
وحق المتهم في عدم التعذيب أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية حق كفلته كافة الدساتير والقوانين وإعلانات حقوق الإنسان كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في عام 1948م والذي حظر تعذيب المتهم في المادة (5) المؤكد أيضاً في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية المادة(7) كما أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 9 ديسمبر عام 1975م إعلاناً خاصاً بشأن حماية جميع الأشخاص ضد التعذيب وغيره من العقوبات أو المعاملات القاسية أو غير الإنسانية أو المهينة (القرار رقم (3453) )حيث نصت المادة الأولى منه على أن التعذيب يشمل ((كل فعل يستلزم إحداث ألم أو معاناة بدنية أو عقلية ضد أحد الأشخاص بواسطة موظفين عموميين أو بناءًا على تحريضهم وذلك لتحقيق أهداف معينة وخاصة فيما يتعلق بالحصول على المعلومات أو الاعترافات ...)) بينما حظرت المواد (4، 5، 6، 7 ) الالتجاء إلى التعذيب أما المادة (12) من الإعلان المذكور فقد نصت على أن الأقوال التي تصدر بناءًا على التعذيب لا يمكن الاستناد إليها كدليل سواء ضد المتهم أو ضد أي شخص آخر.
هذا وقد نصت الفقرة الثانية من المادة (32) من مشروع المبادئ على حماية جميع الأشخاص الخاضعين لأي شكل من أشكال الحجز أو الحبس و عدم جواز استعمال الإكراه أو التهديد دون حق أو استعمال أو أي سائل أخرى من شأنها حرمان المتهم من حريته في القرار أو الذاكرة أو الحكم على الأمور.
وللإكراه المادي أو التعذيب أو العنف الواقع على المتهم صور متعددة قاسمها المشترك هو حدوث الألم أو المعاناة البدنية أو النفسية أو العقلية التي تصيب المتهم جراء ذلك الإكراه أو التعذيب.
فإذا وقع على المتهم عنف أو إكراه مادي قبل الاستجواب كان هذا الاستجواب باطلاً ما يعني بداهة امتداد البطلان إلى جميع الأدلة المستمدة منه بما فيها الاعتراف حينها يتوجب استبعادها كدليل إثبات وفقاً للمادة (27) من مجموعة مبادئ الأمم المتحدة للحقوق المتعلقة بالأشخاص.
ناهيك عن احتمال دفع التعذيب في بعض الأحيان شخصاً بريئاً إلى الإعتراف للتخلص من آلامه ولعله الباعث لتوجه المشرع الدولي إلى وضع القوانين الحاضرة على المحقق اللجؤ إلى وسائل الإكراه لحمل المتهم على الإدلاء باعتراف يحمل دليلاً ضده وقد نصت المادة (48/ب) من الدستور اليمني على(( أن كل إنسان تقيد حريته بأي قيد يجب أن تصان كرامته ويحظر التعذيب جسدياً أو نفسياً أو معنوياً ويحظر القسر على الاعتراف أثناء التحقيقات ويحرم التعذيب أو المعاملة غير الإنسانية عند القبض أو أثناء فتره الاحتجاز أو السجن)).
وكذا في نص المادة (6)إجراءات جزائية (( يحظر تعذيب المتهم أو معاملته بطريقة غير إنسانيه أو إيذائه بدنياً أو معنوياً لقسره على الإعتراف, وكل قول يثبت أنه صدر من أحد المتهمين أو الشهود تحت وطأة شيء مما ذكر يُهدر ولا يعول عليه)).
والمادة (166) من قانون العقوبات (( يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على عشر سنوات كل موظف عام عُذِبَ أثناء تأدية وظيفته أو استعمل القوة أو التهديد بنفسه أو بواسطة غيره مع متهم أو شاهد أو خبير لحمله على الإعتراف بجريمة أو على الإدلاء بأقوال أو معلومات في شأنها وذلك دون إخلال بحق المجني عليه في القصاص أودية أو الأرش).
إذاً فالاعتراف تحت الإكراه يُهدر ولا يُعول عليه لان إرادة المتهم غير حرة ولا تعِ ما يصدر عنها وهو ما قضت به محكمة النقض المصرية(
[26] ).
المطلب الثاني : الوسائل العلمية :
والمقصود بها تلك التي تباشر أو تقع على الفرد بما يؤدي إلى إفقاد الشخص قدرة التحكم الإرادي فيما يريد الإفضاء به أو عدم البوح به منها:
أولاً: مصل الحقيقة:
وهو عبارة عن عقاقير مخدرة تستخدم لإحداث نوع من التخفيض أو التعطيل في التحكم الإرادي للفرد ، ونزع حواجز عقله الباطن بالصورة التي يمكن معها التعرف على المعلومات المختزنة في العقل الباطن ، وهو يؤدي إلى حالة من النوم أو الاسترخاء لمدة قد تصل من عشرين إلى أربعين دقيقة تُسلب فيها إرادة الشخص دون أن يتأثر إدراكه ولكن تضعف مقاومته في إخفاء ما يود إخفاءه (
[27] ).
وبذلك يسهل انقياده للإيحاء وتتولد لديه رغبه في المصارحة عن مشاعره الداخلية، وبهذا يتعطل تحكم المتهم في إرادته و اختياره فيبوح بأقوال واعترافات لا يريد البوح بها لولا هذا الإجراء(
[28] ).
فيكون حكمه في هذه الحالة حكم السكران الفاقد لعقله بفعل المسكر أو المخدر لمشابهة الحالتين حالة المجنون .
كما أن الجرح الذي تسببه إبرة مصل الحقيقة وإن كان صغيراً يعتبر من قبيل الاعتداء على جسم المتهم ولو كان حقيراً، وبالتالي فاستخدامه يشكل إكراها مادياً ومعنوياً في نفس الوقت وأي اعتراف نتيجة لهذا فهو اعتراف تحت الإكراه.
ثانياً: التنويم المغناطيسي:
ويقصد به التنويم لبعض ملكات العقل الظاهرة الممكن إحداثه صناعياً، أي أنه عملية إيحائية يستخدمها المنوم لإعطاء الأوامر أثناءها للشخص النائم(
[29] )، بما يودي إلى سلب إرادة النائم وسيطرته على ذاته ، لوقوعه تحت سيطرت المُنَوِم بما يجعله متصلاً بالعقل الباطن وبالتالي يتمكن من اكتشاف محتوياته ، أي أن ما يدلي به المَُنوَّم مستمد من عقله الباطن واستجواب المتهم بعد تنويمه مغناطيسياً للحصول منه على الاعتراف هو نوع من أنواع الإكراه المادي لهذا المتهم ، المفضي إلى إستطالة جسم المتهم وذاته ، ويصبح المنوم هو المسيطر على النائم ، لأن النائم غالبا ما ينفذ أوامر المنوم الذي أوحى بها إليه ومن ثم فإجابات المنوم ما هي إلا صدى لإيحاء المنوم ([30] ).
ثالثاً: جهاز كشف الكذب:
أحد الأجهزة المستخدمة في رصد الإضطرابات أو الانفعالات النفسية من خلال إثارة الأعصاب أو الحواس ومن ثم قياس ردة الفعل كالخوف أو الخجل أو الشعور بالمسؤولية أو الجرم، ورصد كل التغيرات التي تحدث في النفس وضغط الدم(
[31] ).
ورغم ذلك فهو لا يستطيع تحديد سبب الانفعال ، ما إذا كان نتيجة الانفعال المتهم ، أو هو نتيجة لخوف البريء الخاضع للجهاز أو نتيجة للمرض(
[32] ).
واستخدام الجهاز يعد من قبيل الإكراه المادي ، لما فيه من تعدي على حق المتهم في الصمت والدفاع عن نفسه ، وأي إعتراف نتيجة لهذا الجهاز يعد باطلاً لعدم صدوره عن إرادة حرة .
المطلب الثالث : الموقف الشرعي والقانوني من وسائل الإكراه:
إن الله سبحانه وتعالى كرم الإنسان وفضله على سائر مخلوقاته ما نجده في إرساء الإسلام لقواعد العدالة والمساواة ، والحفاظ على كرامة الإنسان ومنع أي اعتداء على عرضه أو دمه أو ماله وتحريم أي إكراه للمتهم أو تهديده في دمه أو عرضه أو ماله.
يقول تعالى ((ولقد كرمنا بني أدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثيرٍ ممن خلقنا تفضيلا)) (
[33] ).
ويقول ((إلا من أُكره وقلبه مطمئن بالإيمان)) (
[34] ).
وقال الرسول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم (( إن دمائكم وأعراضكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا)) (
[35] ).
وكذا (( رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما أستكرهوا عليه)) (
[36] ),وقوله صلى الله علية واله وصحبه وسلم (( أول ما خلق الله العقل, فقال له : أقبل فاقبل ثم قال له : أدبر فأدبر, ثم قال : وعزتي وجلالي ما خلقت خلقاً أكرم علي منك ، بك أخد وبك أعطى وبك أثبت وبك أُعاقب )) ([37] ) .
على ذات الصعيد جاء دستور الجمهورية اليمنية متوافقاً مع ما جاءت به الشريعة الإسلامية كونها الدستور الأعلى والأسمى على كافة الدساتير والشرائع لا سيما فيما يتعلق بكرامة الإنسان وحريته حيث نصت المادة (48/ب) (( كل إنسان تقيد حريته بأي قيد يجب أن تصان كرامته ويحظر التعذيب جسدياً ونفسياً ومعنوياً وحظر القسر على الإعتراف أثناء التحقيقات ويحرم التعذيب أو المعاملة غير الإنسانية عند القبض أو أثناء فترة الاحتجاز أو الحبس)),و المادة (6) من قانون الإجراءات الجزائية (( يحظر تعذيب المتهم أو معاملته بطريقة غير إنسانية أو إيذائه بدنيا أو معنوياً لقسره على الإعتراف وكل قول يثبت أنه صدر من أحد المتهمين أو الشهود تحت وطأة شيء مما ذكر يهدر ولا يعول عليه)).
وكذا الحال في الإعلان العالمي الصادر في 10 ديسمبر عام 1948م في مادته الخامسة التي نصت على عدم جواز (( إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة )) وهي ذاتها في العهد الدولي للأمم المتحدة الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان الصادرة في روما في 4 نوفمبر عام 1950م والاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان الصادرة في 22/11/1969م والميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب والبيان العالمي لحقوق الإنسان في الإسلام الصادر في21 للقعدة 1401هـ- الموافق 19/9/1981م حيث نص البند السابع منه على:
أ‌ - لا يجوز تعذيب المجرم فضلاً عن المتهم (( إن الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا)),كما لا يجوز حمل الشخص على الاعتراف بجريمة لم يرتكبها وكل ما ينتزع بالإكراه باطل (( إن الله رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)).
ب‌ - مهما كانت جريمة الفرد وكيفما كانت عقوبتها المقدرة شرعاً ، فإن إنسانيته وكرامته الآدمية تظل مصونة.
الفصل الثاني
اثر الإكراه على الاعتراف
نتناول فيه قيمة الدليل المتحصل عليه نتيجة إكراه المتهم و غير المتهم ، و الجزاءات المترتبة على إكراه المتهم على الاعتراف .
المبحث الأول
قيمة الدليل المتحصل عليه نتيجة الإكراه
المطلب الأول : إكراه المتهم:
بديهي أن صحة الاعتراف كدليل جنائي متوقفة على توافر شروط صحة الاعتراف ، مع ضرورة أن لا يشّوبه عيب الإرادة و إلا فقد قوته كدليل إثبات جنائي وذلك ما ذهب إليه المشرع اليمني في المادة (402) من قانون الإجراءات في حسمه النتيجة المترتبة على عدم مشروعية الإجراء ، وعدم مشروعية الدليل إذا كان نتيجة إجراء باطل حيث نصت على ( التقرير ببطلان أي إجراء يشمل بطلان كل الآثار المباشرة له ويتعين تصحيح هذا البطلان متى كان ذلك ممكنا من آخر إجراء تم صحيحاً) وهو ما أكدته المادة (331) من قانون الإجراءات المصري.
إذاً فشرط صحة الاعتراف كدليل جنائي:صدوره عن إرادة حرة غير معيبة ، ألا يكون الحصول عليه نتيجة إكراه مادي أو معنوي ومتى توفر هذا كان دليلاً صحيحاً وبناءاً على المادة(352) إجراءات يمني (( يسأل القاضي المتهم بعد انتهاء الإجراءات المذكورة في المادتين السابقين عن التهمة الموجهة إليه ما إذ كان مقراً بالجرم الموجه إليه أم لا فإذا أقر بارتكاب الجريمة ناقشته المحكمة تفصيلا واطمأنت أن إقراره صحيحا سجل إقراره بكلمات تكون اقرب إلى الألفاظ التي استعملها قي إقراره ولها أن تكتفي بذلك في الحكم ، كما أن لها أن تتم التحقيق إذا رأت داعيا لذلك)).
ومن ذلك ما ذهبت إليه المادة (271/2) من قانون الإجراءات الجزائية المصري ، المؤكدة على أن للمحكمة الموضوع الحرية المطلقة في الأخذ بالاعتراف كدليل والحكم به متى صدر خالياً من أي عيب يشوبه أما إذا صدر عن إرادة غير حرة وتحت وطأة الإكراه والضغط فيهدر ولا يعول عليه وفي كل الأحوال فللقاضي الجنائي الحرية الكاملة في اختيار الدليل الذي يستند إليه والطريق الذي ينتهجه في الإثبات الجنائي وفي تكوين عقيدته وهو ما نصت عليه المادة(367) إجراءات جزائية يمني (( يحكم القاضي في الدعوى الجنائية بمقتضى العقيدة التي تكونت لديه بكامل حريته من خلال المحاكمة ...)) كما أكدت ذلك محكمة النقض المصرية في حكمها الصادر بتاريخ 5 إبريل عام 1995م س45 رقم 75.
المطلب الثاني : إكراه غير المتهم:
أولاًَ: الدليل المتحصل عليه نتيجة إكراه الشاهد:
بالعودة إلى ماهية الشهادة المتلخصة في إخبار شخص ما بما يكون قد رآه أو سمعه بنفسه أو أدركه على وجه العموم بحواسه كونها أحد أدلة الإثبات في المسائل الجنائية لذا فالإدلاء بها لا يكون إلا أمام التحقيق الابتدائي أو النهائي كما جاء في المادة (323) من قانون الإجراءات الجزائية اليمني ومنه فالشاهد شخص تستعين به السلطة القضائية في مجال الإثبات ، قد يكون لشهادته مجال في تكوين عقيدة القاضي الجنائي الذي يحكم بمقتضاها ،لذا يجب أن تتوافر في الشاهد الشروط المنصوص عليها في القانون إضافة إلى شروط الإرادة والتمتع بالحرية في إبداء أقواله والاختيار التام أما إذا صدرت أقواله تحت تأثير مخدر أو إكراه مادي أو معنوي بوسائله المختلفة فإن إرادته في هذه الحالة مقيدة ، وقد كفل دستور الجمهورية اليمنية للموطنين حريتهم الشخصية وحفظ كرامتهم و أمنهم كما في نص المادة(48/ب) (( كل إنسان تقيد حريته بأي قيد يجب أن تصان كرامته ويحظر التعذيب جسدياً أو نفسياً أو معنوياً ويحظر القسر على الاعتراف أثناء التحقيقات وللإنسان الذي تقيد حريته الحق في الامتناع عن الإدلاء بأي أقوال...)) معتبراً جرائم الإكراه من الجرائم التي لا تسقط بالتقادم لأن في ذلك مساس بحرية الإنسان وكرامته وهو ما ذكرته المادة (48/هـ) والمادة (16) من قانون الإجراءات الجزائية.
وعليه فالدليل المستمد من الشهادة تحت الإكراه لا يمكن أن يعتد به ، لافتقاره إلى المشروعية والإرادة الحرة التي يجب توافرهما في كل إجراء صحيح وهذا ما قررته المادة (6) من قانون الإجراءات الجزائية والمادة(302/2) من قانون الإجراءات المصري حيث نصت (( كل قول يثبت أنه صدر من أحد المتهمين أو الشهود تحت وطأة التهديد يهدر ولا يعول عليه )) وكذا قضاء محكمة النقض المصرية في نقض 3 يناير 1977م س 28 رقم 4 ص 45.
ثانياً : قيمة الدليل المتحصل عليه نتيجة إكراه الخبير:
شهادة الخبير من أهم الإثبات الجنائي التي يستعين بها المحقق والقاضي في تكوين عقيدته للوصول إلى الحقيقة المساعدة في النطق بالحكم المتسم بالصواب وقد نصت المادة(323) من قانون الإجراءات اليمني على أن اعمال الخبرة من أدلة الإثبات ، كما أن القانون أعطى للمحكمة الحق في الاستعانة بخبير أو أكثر في المسائل الفنية المستعصي فهمها لإبداء الرأي فيها مشفوعاً بتقرير مكتوب أملاً في الوصول إلى إظهار الحقيقة وتكوين عقيدة القاضي في حكمه وهو ما نصت عليه المادة (334) إجراءات جزائية يمني كخبير البصمات والطبيب الشرعي المعني بفحص جثة المجني عليه لمعرفة أسباب الوفاة والأداة المستخدمة في الجريمة ومنه فقد أوجبت المادة (207/5) من قانون الإجراءات اليمني على الخبير ضرورة أداء اليمين أمام المحقق ما لم يكن قد حلفها بحكم وظيفته (يجب على الأطباء والخبراء الذين يكلفون بأعمال الخبرة أن يحلفوا أمام المحقق اليمين القانونية قبل مباشرتهم العمل ما لم يكونوا قد أدوها بحكم وظائفهم وعليهم أن يقدموا تقريرهم كتابة ) والمـادة (86) من قانون الإجراءات الجزائية المصري الموجبة على الخبير اليمين أمام المحقق على أن يبدي رأيه بذمة وأن يشهد بالحق وعليه فامتناعه عن أداء اليمين لا يعيب شهادته طالما وأنه قد حلفها عند مباشرته وظيفته وفي ذلك إكتفاء عن تحليفه في كل قضيه يحضرها أمام المحكمة (( نقض 22 يونيو 1954م مجموعة أحكام محكمة النقض المصرية س5 رقم 63 ص 817)).
الجدير ذكره هنا أن تقرير الخبير لا يكون ذا قيمة وقوة تدليلية ما لم يكن خالياً من أي عيب يشوبه والأهم من ذلك صدوره عن إرادة حرة ، أما إذا صدر تحت تأثير الإكراه المادي أو المعنوي فيهدر ولا يعول عليه حكمه في ذلك حكم الشهادة تحت الإكراه وهو ما نصت عليه المادة (6) من قانون الإجراءات الجزائية اليمني ، فضلاً عن إجماع فقهاء الشريعة الإسلامية وأئمة المذاهب على إهدار الدليل المتحصل عليه نتيجة الإكراه وعدم الاعتداد به.
المبحث الثاني
الجزاءات المترتبة على إكراه المتهم لحمله على الاعتراف
المطلب الأول : الجزاء الجنائي:
تنص المادة (166) من قانون العقوبات اليمني على أن (( يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على عشر سنوات كل موظف عام عذب أثناء تأدية وظيفته أو استعمل القوة أو التهديد أو بواسطة غيره مع متهم أو شاهد أو خبير لحمله على الاعتراف بجريمة أو على الإدلاء بأقوال أو معلومات في شأنها وذلك دون إخلال بحق المجني عليه في القصاص أو الدية أو الأرش)).
المقصود بالموظف العام:
لم يعرف قانون العقوبات في مواده الموظف العام ولا في غيره ، وبما أن تعذيب المتهم مرتبط بممارسة الجاني لسلطان وظيفته إذاً لا مناص من الإقرار بحقيقة وجود علاقة ارتباط بين الموظف ووظيفته وعليه فالموظف العام المعني في هذه الجريمة لا يمكن أن يكون شخصاً لا صلة له بالدعوى الجنائية ،لأنه غالباً ما يكون من رجال الضبط القضائي ومعاونيهم ،كما لا يشترط أن يكون التعذيب أثناء ممارسة أعمال الوظيفة بل يكفى أن يقع مع وجود ارتباط سببي بين الموظف وأعمال الوظيفة كأن يأمر ضابط الشرطة بتعذيب متهم وهو غير موجود في مكان الوظيفة أو هو في إجازة أو في فترة الراحة إذاً فالمقصود بالموظف العام : كل من يعمل باسم السلطة ولحسابها بصرف النظر عن الإسم الذي يطلق عليه وهو ما قضت به محكمة النقض المصرية ((طعن 8 مايو 1995م رقــم 5732 لسنه 63 ص 58)).
المقصود بالتعذيب:
لم تعرف المادة (166) من قانون العقوبات اليمني التعذيب ،كما لم يحدد المشرع لنصوص قانون العقوبات ماهيته بوضوح إلا أن الاتفاقيات والدساتير الدولية بمختلف توجهاتها توافقة على تحريم استخدامه كوسيلة للحصول على الاعتراف كما في المادة(5) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (( يحظر إخضاع أي فرد للتعذيب ، أو للعقوبة أو الوسائل الوحشيه أو الغير إنسانية أو الحاطة من الكرامة البشرية)) والمادة (12) (( يحظر إخضاع الفرد لتدخلات تحكمية في حياته الخاصة أو أسرته أو مسكنه أو مراسلاته ولكل شخص الحق في حماية القانون له ضد مثل تلك التعديات )) ونص الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب في مادتها الأولى (( يقصد بالتعذيب أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد جسدياً كان أم عقلياً يلحق عمداً بشخص ما بقصد الحصول من هذا الشخص أو شخص ثالث على معلومات أو على اعتراف ، أو معاقبته على عمل إرتكبه أو أشتبه في أنه ارتكبه هو أو شخص ثالث أو تخويفه أو إرغامه هو أو شخص ثالث ، أو عندما يلحق مثل هذا الألم أو العذاب لأي سبب من الأسباب يقوم على التمييز أياً كان نوعه أو يحرض عليه ، أو يوافق عليه أو يسكت عنه موظف رسمي أو شخص آخر يتصرف بصفة رسمية ، ولا يتضمن ذلك الألم أو العذاب الناشئ فقط عن عقوبة قانونية أو اللازمة لهذه العقوبة ، أو نتيجة تعرضه لها)).
كما أن دستور الجمهورية اليمنية قد حرم التعذيب جسدياً أو نفسياً أو معنوياً وحظر القسر على الاعتراف و المعاملة غير الإنسانية أثناء التحقيق أو الاحتجاز أو السجن واوجب احترام كرامة الإنسان كما في المادة (48/ب) منه والمادة (6) من قانون الإجراءات الجزائية اليمني.
عقوبة الإكراه على الإعتراف:
تنص المادة (166) من قانون العقوبات اليمن على أن (( يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على عشر سنوات كل موظف عام عذب أثناء تأدية وظيفته أو استعمل القوة أو التهديد بنفسه أو بواسطة غيره مع متهم أو شاهد أو خبير لحمله على الاعتراف بجريمة أو على الإدلاء بأقوال أو معلومات في شأنها دون أن يخل ذلك بحق المجني عليه في القصاص أو الدية أو الارش الناتجة عن الجريمة)) كون ذلك من الجرائم الجسيمة(مادة (16) عقوبات)ومن الجرائم التي لا تسقط بالتقادم لمساسها بكرامة الإنسان و حياته الخاصة (مادة (16) إجراءات جزائية يمني) , متفقاً في ذلك مع أحكام الشريعة الإسلامية في إعطائها الصلاحية الواسعة للقاضي في تقدير العقاب ومراعاة حق المجني عليه في طلب القصاص والديه والارش وهو ذات التوجه لدى القانون المصري في تقدير العقوبة إلا أنه أتى بالأشغال الشاقة تحديد الحد الأدنى والأعلى لها كما هو الحال في القانون اليمني وقد نصت المادة (126) عقوبات مصري ((بأن كل موظف أو مستخدم عمومي أمر بتعذيب متهم أو فعل ذلك بنفسه لحمله على الاعتراف يعاقب بالأشغال الشاقة أو السجن من ثلاث سنوات إلى عشر سنوات وإذا مات المجني عليه يحكم بالعقوبة المقررة للقتل عمداً)).
المسئولية المدنية عن الإكراه :
يترتب على الجريمة كعمل غير مشروع حدوث ضرر جسدي أو مادي أو معنوي لأحد الأفراد سواء كان المجني عليه أو المضرور من الجريمة ، ويترتب على هذا الضرر حق للمضرور في التعويض عما لحقه ، برفع دعوى التعويض إستقلالاً أمام المحاكم المدنية أو الجنائية بالتبعية للدعوى الجنائية ، لنص المادة (304) من القانون المدني (( كل فعل أو ترك غير مشروع سواء كان ناشئاً عن عمد أو شبه عمد أو خطأ ,إذا سبب للغير ضرر يلزم من ارتكبه بتعويض الغير عن الضرر الذي أصابه ...))والمادة (43) من قانون الإجراءات الجزائية (( يجوز لكل من لحقه ضرر من الجريمة رفع الدعوى المدنية مهما بلغت قيمتها بتعويض الضرر الناشئ عن الجريمة أمام المحاكم الجزائية لنظرها مع الدعوى الجزائية ))والمادة (44) من قانون الإجراءات الجزائية ، كما إعتبر المشرع اليمني رفع دعوى التعويض في هذا الجرائم من الدعوى التي لا تنقضي وهو ما أكده المشرع المصري أيضاً في المادة (163) مدني مصري ((كل خطأ سبب ضرراً للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض )) كما أعطته المادة (220) إجراءات مصري حق رفع دعوى مدنية تبعية للدعوى الجنائية ، التي لا تسقط بالتقادم (ادة (259)إجراءات مصري).
المطلب الثاني : الجزاء الإجرائي :
محله العمل الإجرامي وهو: العمل القانوني الذي يرتب عليه القانون إنشاء الخصومة أو تعديلها أو انقضائها.
والجزاء الإجرائي هو: البطلان والسقوط وعدم القبول وأي إجراء يغفل شرط أو إجراء جوهري يعد باطلاً بطلاناً مطلقاً لتعلقه بالنظام العام طبقاً لنص المادة (396) من قانون الإجراءات الجزائية اليمني (( يقع باطلا كل إجراء جاء مخالفاً لأحكام هذا القانون إذا نص صراحةً على بطلانه أو إذا كان الإجراء الذي خولف أو اغفل جوهرياً..)) ناهيك عن عدم مراعاته لشروط صحة الإعتراف كشرط الأهلية والتمتع بحرية الاختيار والصراحة ومطابقة الحقيقة وأن يكون وليد إجراءات صحيحة وكلها شروط موضوعية يترتب على مخالفتها البطلان المطلق المتعلق بالنظام العام.
كما في المادة ( 397) من قانون الإجراءات الجزائية اليمني (( إذا كان البطلان راجعاً لعدم مراعاة أحكام القانون المتعلقة بكيفية رفع الدعوى الجزائية أو تشكيل المحكمة أو ولايتها بالحكم في الدعوى أو علانية الجلسات أو تسبيب الأحكام أو حرية الدفاع أو علانية النطق بالأحكام أو إجراءات الطعن أو العيب الإجرائي الجوهري المهدد لأي حق من حقوق المتقاضين فيها أو غير ذلك مما هو متعلق بالنظام العام جاز التمسك به من جميع الأطراف في أية حالة كانت عليها الدعوى وتقضي به المحكمة من تلقاء نفسها ....)).
ومما لا شك فيه أن تعذيب المتهم أو إكراه للحصول على الاعتراف متعلق بالنظام العام لأنه يتعلق بسلامة الإرادة وحرية الاختيار والواجبات العامة للأفراد طبقا لنص المادة (48/ب) من دستور الجمهورية اليمنية (( لا يجوز القبض على أي شخص أو تفتيشه أو حجزه إلا في حالة التلبس أو بأمر توجيه ضرورة التحقيق وصيانة الأمن يصدره القاضي أو النيابة العامة وفقاً لأحكام القانون ، كما لا يجوز مراقبه أي شخص أو التحري عنه إلا وفقا ً للقانون وكل إنسان تقيد حريته بأي قيد يجب أن تصان كرامته ويحظر التعذيب جسدياً أو نفسياً أو معنوياً أو القسر على الإعتراف أثناء التحقيقات وللإنسان الذي تقيد حريته الحق في الامتناع عن الإدلاء بأيه أقوال ألا بحضور محامية ويحظر حبس أو حجز أي إنسان في غير الأماكن الخاضعة لقانون تنظيم السجون ويحرم التعذيب أو المعاملة غير الإنسانية عند القبض أو أثناء فترة الاحتجاز أو السجن)) والمادة (6) من قانون الإجراءات الجزائية اليمني (( يحظر تعذيب المتهم أو معاملته بطريقة غير إنسانية أو إيذائه بدنيا أو معنوياً لقسره على الإعتراف وكل قول يثبت أنه صدر من أحد المتهمين أو الشهود تحت وطأة شيء مما ذكر يهدر ولا يعول عليه)).
ومن ثم فالإعتراف المتحصل عليه نتيجة الإكراه باطل بطلاناً مطلقاً ومتعلق بالنظام العام لمخالفته لنص دستوري المادة (48/ب) ونصوص المواد(396، 397، 6) من قانون الإجراءات الجزائية اليمني.
لذا اعتبر المشرع اليمني التعذيب للحصول على الإعتراف جريمة قائمة بذاتها مقرراً لها عقاب كما هو في نص المادة (166) من قانون العقوبات اليمني.
ويبطل أي دليل مستمد من هذا الإعتراف ويمتد البطلان إلى جميع الآثار المباشرة له والمترتبة عليه اعمالاً للقاعدة الإجرائية التي تقول (( ما بني على باطل فهو باطل )) وتطبيقا لنص المادة (402) من قانون الإجراءات الجزائية التي تنص (( التقرير ببطلان أي إجراء يشتمل بطلان كل الآثار المباشرة له ويتعين تصحيح هذا البطلان متى كان ذلك ممكنا ً من آخر إجراء تم صحيحاً، وقد قضت محكمة النقض المصرية بأن الأصل في الإعتراف الذي يعول عليه وجوب كينونته اختيارياً وهو لا يعتبر كذلك - ولو كان صادقا - إذا صدر إثر إكراه أو تهديد كائنا ما كان هذا التهديد أو ذلك الإكراه)) ( نقض 23 نوفمبر 1949م س ، رقم 32 ص 87..)....
الخاتمة
إن من أهم حقوق الإنسان التي كفلتها الدساتير ونادت بها الجمعيات العالمية والمنظمات الدولية لحقوق الإنسان حفظ حياته وحريته وكرامته وعدم الاعتداء على سلامة جسمه أو التأثير على حريته في الاختيار وتحريمها لأي نوع مـن أنواع الإكراه أو التعذيب بقصد الحصول على الاعتراف أو الحصول على المعلومات التي من شأنها أن تُحَمَل كدليل ضد المتهم وكل دليل نتيجة للإكراه لا يُعمل به ولا قيمة له أيضاً وقد نص الدستور اليمني في مادته (48/ب) علـى وجوب احترام وصيانة كرامة الإنسان وتحريم تعذيبه جسدياً ونفسياً ومعنوياً وحظر قسره على الاعتراف كما أعطى للمتهم الحق في الصمت وعدم البوح بأية أقوال أو معلومات لا يريد البوح بها .
وهو بذلك يحرم الإكراه على الاعتراف وفي ذات الوقت يحمي حرية الإنسان ويصون كرامته في جعله الإكراه على الاعتراف من الجرائم التي لا تسقط بالتقادم, مستنداً في ذلك إلى روح الشريعة الإسلامية السمحة التي هي مصدر كل القوانين إلى جانب الانسجام مع الإعلانات العالمية لحقوق الإنسان.
كما أن قانون الإجراءات الجزائية اليمني قد نص صراحة على إعطاء عدد من الضمانات للمتهم في إبداء أقواله واعترافاته كمواجهته بالتهمة المنسوبة إليه وحقه في الصمت وعدم تحليفه اليمين وحقه في الاستعانة بمحامي ومترجم واشترط القانون لصحة الاعتراف عدة شروط كما عرفناه سابقاً معتبر مخالفتها أو مخالفة أحدها مبطلٌ لها ولكل ما يترتب عليها من اعتراف, كما أوجب القانون اليمني في المادة (166)عقوبات, معاقبة الموظف العام الذي يُعذب أو يُكرِه غيره للحصول على الاعتراف سواء بنفسه أو بواسطة غيره, بالحبس مدة لا تزيد عن عشر سنوات دون إخلال بحق المجني عليه في القصاص أو الدية أو الارش, وهي عقوبات في رأينا غير كافية حيث كان الأجدر بالمُشرِع اليمني أن ينص على حرمان ذلك الموظف من الوظيفة العامة كعقوبة تبعية كما نص على ذلك في صدر المادة (168) عقوبات, الخاصة باستعمال القسوة في الموظف العام وهي أقل خطراً من سابقاتها,,,كما أن عقد الدورات الدورية لمأموري الضبط القضائي ضرورية لتوعيتهم بأهمية إحترام حرية الإنسان وحقوقه التي كفلتها الشريعة الإسلامية والدستور اليمني وكل الدساتير والمواثيق الدولية ومعاهدات ومنظمات حقوق الإنسان ولا يكون ذلك إلا بالرقابة المستمرة عليهم وإتخاذ الخطوات الجادة في ذلك ومنها إلحاق مصلحة السجون بمكتب النائب العام لما لذلك من أهمية كبيرة في الرقابة عليها وكذلك كضمانة من ضمانات الرقابة على مأموري الضبط القضائي في أعمالهم إن لم يتم ترقيتهم إلا بعد الحصول على شهادة تقدير لحسن أداء عملهم ومدى إلتزامهم بالقانون
وبهذا تكون الصورة عن محور دراستنا قد قاربت في الإحاطة بتفاصيل الموضوع.....,,,,
قائمة المراجع
أولاً: مراجع تم الإشارة إليها في هوامش الدراسة
1. د. محمد راجح نجاد ، حقوق المتهم في مرحلة جمع الاستدلالات.
2. د. محمد السعيد عبد الفتاح ، أثر الإكراه على الإرادة في المواد الجنائية ، الطبعة الأولى .
3. د. محمد حسين الشامي ، مذكرات في شرح قانون الإثبات اليمني.
4. شمس الدين الشريف، مغني المحتاج ، الجزء الثالث.
5. القرطبي ، الجامع لأحكام القرآن الكريم ، المجلد الثامن ، الجزء (16).
ثانياً: المراجع الأخرى التي اعتمدنا عليها في دراستنا
1. د. احمد محمد العلفي ، تأثير الإكراه في الإجراءات الجنائية ، الطبعة الثانية.
2. د. عيسى زكي شقره ، الإكراه وأثره في التصرفات ، الطبعة الأولى.
3. د. عمر الفاروق الحسين ، تعذيب المتهم لحمله على الإعتراف.
4. دائرة المعارف القانونية ، الإعتراف في الإثبات الجنائي، موقع البوابة القانونية على شبكة المعلومات الدولية ، شركة لادس.
5. د. محمد حسام محمود لطفي ، نحو نظرية أوسع لتصحيح أحكام النقض من الأخطاء المادية والإجرائية ، البوابة القانونية.
6. د.احمد البهادلي ،الإكراه حقيقته _ مقوماته _ حكمه ، مجلة رسالة التقريب ، العدد (16).
7. د. هاني السباعي ، إثبات جريمة القتل العمد... دراسة في الفقه الجنائي المقارن ، مركز المقريزي _ لندن ، طبعة 2006م.
8. من أجل قانون للإجراءات الجزائية يحمي المجتمع ويكفل حقوق الإنسان, حلقة نقاش أقامتها منظمة هود اليمنية, موقع هود أون لاين,15/3/2007م.
الفهرست
الموضوع
الصفحة
الإهداء
2
الشكر والتقدير
3
المقدمة
4- 5
خطة البحث
6
الفصل الأول :ماهية الإكراه والاعتراف
7-22
المبحث الأول : ماهية الإكراه على الإعتراف
7- 10
المطلب الأول : تعريف الإكراه
7- 8
المطلب الثاني : أقسام الإكراه وشروطه في الاصطلاح القانون
8-10
المبحث الثاني : شروط صحة الإعتراف وضماناته
11-17
المطلب الأول : تعريف الإعتراف
11
المطلب الثاني : شروط صحة الإعتراف
11- 13
المطلب الثالث : ضمانات حرية المتهم في إبداء أقواله
14- 17
المبحث الثالث : صور التأثير على حرية المتهم في إبداء أقواله وإعترافه
18- 22
المطلب الأول : الوسائل التقليدية

18- 19

المطلب الثاني : الوسائل العلمية
20- 21
أولاً: مصل الحقيقة
20
ثانياً : التنويم المغناطيسي
20-21
ثالثاً : جهاز كشف الكذب
21
المطلب الثالث:الموقف الشرعي والقانوني من وسائل الإكراه
21- 22
الفصل الثاني: أثر الإكراه على الإعتراف
23- 29
المبحث الأول: قيمة الدليل المتحصل عليه نتيجة الإكراه
23- 25
المطلب الأول : إكراه المتهم
23-24
المطلب الثاني : إكراه غير المتهم
24- 25
أولاً: الدليل المتحصل عليه نتيجة إكراه الشاهد
24
ثانياً: الدليل المتحصل عليه نتيجة إكراه الخبير
25
المبحث الثاني :الجزاءات المترتبة على إكراه المتهم لحمله على الإعتراف
26-29
المطلب الأول : الجزاء الجنائي
26- 28
المقصود بالموظف العام
26
المقصود بالتعذيب
26- 27
عقوبة الإكراه على الإعتراف
27
المسؤولية المدنية عن الإكراه
المطلب الثاني : الجزاء الإجرائي
الخاتمة
27-28
28-29
30
قائمة المراجع
31
الفهرست
32-33

الهوامش والمراجع[1] د/ محمد راجح نجاد ، حقوق المتهم في مرحلة جمع الاستدلالات ، ص(471). [2] صورة البقرة آية رقم (216).[3] د/ محمد راجح نجاد ، حقوق المتهم في مرحلة جمع الاستدلالات ، ص(472).[4] د/ محمد راجح نجاد ، حقوق المتهم في مرحلة جمع الاستدلالات ، ص(472).[5] د/ محمد راجح نجاد ، حقوق المتهم في مرحلة جمع الاستدلالات ، ص(472).[6] د. محمد السعيد عبدالفتاح ، أثر الإكراه على الإرادة في المواد الجنائية ، ص (62). [7] د. محمد السعيد عبدالفتاح، أثر الإكراه على الإرادة في المواد الجنائية ، ص (73).[8] نقض 20 ابريل 1959م, أحكام محكمة النقض س 10، رقم 99, ص(43). [9] حكم نقض 28 نوفمبر 1929م, مجموعة القواعد القانونية ,الجزء الأول, رقم (344) ,ص (391).[10] نقض 24 فبراير 1988م, مجموعة أحكام محكمة النقض ،س (39) رقم (1), ص(5).[11] د. محمد حسين الشامي ، مذكرات في شرح قانون الإثبات اليمني ، ص(103).[12] د. محمد حسين الشامي ، مرجع السابق ، ص(103).[13] مادة (78) إثبات.[14] د. محمد السعيد عبدالفتاح ، المرجع السابق ، ص(162).[15] سورة يوسف آية (51).[16] د. محمد حسين الشامي ، المرجع السابق ، ص(102).[17] شمس الدين الشريف ، مغني المحتاج ، ج(3) ، ص(269).[18] نقض 15 مايو 1967م س (18) رقم (127),ص (651).[19] طعن رقم (1303) لسنه 54ق جلسة 14/2/1985م.[20] د. محمد السعيد عبدالفتاح ، مرجع سابق ، ص(251).[21] نقض 5 مايو 1941م,مجوعة القواعد القانونية ، ج-(5) رقم (251) ص(455) ، نقض 12 مارس 1934م,مجموعة القواعد القانونية ج-(3) رقم (219), ص (29).[22] سورة الحجرات آية رقم (12).[23] سورة البقرة آية رقم (189).[24] سورة النور أية رقم (27).[25] القرطبي ، الجامع لأحكام القرآن الكريم ، المجلد الثامن ،ج (16)، ص (302).[26] 15/10/1980م, مجموعة أحكام النقض, س (30) رقم (172), ص(890) .[27] د. محمد راجح نجاد ، مرجع سابق ، ص (478).[28] د. محمد السعيد عبدالفتاح ، مرجع سابق ، ص(200).[29] د. محمد راجح نجاد ، مرجع سابق ، ص(481) ، د. محمد السعيد عبد الفتاح ، مرجع سابق ، ص(194).[30] د. محمد السعيد عبدالفتاح ، مرجع سابق ، ص(195).[31] د. محمد راجح نجاد ، مرجع سابق ، ص(486).[32] د. محمد السعيد عبدالفتاح ، مرجع سابق ، ص(129).[33] الإسراء أية (70).[34] سورة النحل أية رقم (106).[35] د. محمد راجح نجاد ، مرجع سابق ، ص(493).[36] د. محمد راجح نجاد ، مرجع سابق ، ص(490).[37] رواه الطبري في الأوسط من حديث ابن أُمامه.