مقابلة عن الثأر مع شهيد الديمقراطية والدولة المدنية أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء الدكتور محمد عبدالملك المتوكل تنشر لأول مرة
أجراها // زيد يحيى المحبشي - الاثنين 26 أبريل 2004
س: ما هي انطباعاتكم عن ظاهرة الثأر؟
ج: يجب على الدولة أن تتولى قضية مسئولية القتل أي تطبيق آية القصاص، وكان في قضاء يحسم الأمر بسرعة ويصدر الحكم إما يسلم دية أو يعفوا عنه وفق الشريعة وإما يعدموه وتنتهي.
ومعناه أن هذا من الأشياء الأساسية، كما يبدو غابة المؤسسة أين هي ليش غابت؟ يعني اليوم في دبابات أكثر، في طيارات أكثر، في أسلحة أكثر، كيف غابت هذه المؤسسة - مشيراً الى المؤسسة القضائية - وكذا حال القضاء عندنا، قضاء عنده عجز وغير قادر، أو في رضى الناس في الدولة ومؤسساتها بش موجود ومش بش موجود.
يعني هل كانت الاوضاع مثلاً أيام الإمام أحسن بشيئ ممكن؟، يعني اليوم في أوضاع اقتصادية، في طرقات، في كهرباء، في مياه، في مدارس، فمش ممكن يكون الرضا أكثر، لكن ما هو اساس المشكلة؟
فالشيخ مثلاً في الماضي، والمؤسسة القبلية كمؤسسة، هل كانت أكثر التزاماً وأكثر انضباطاً من اليوم؟
يعني كان في مؤسسة قبلية محكومة بأنظمة وقوانين ولوائح داخلة في عادات وتقاليد.
كان الشيخ في معه ديوان مفتوح كبيت المقاول جالس في القرية؛ جالس في البلاد، بينما المشائخ اليوم في العاصمة أو يتجروا في مش عارف أيش، ما عادوش مرتبطين بمنطقتهم ولا بمشاكلهم، ولا عاد الاخرين أيضاً يعطوهم نفس الاحترام، لانهم ابتعدوا عن الناس، والناس بدأوا يبتعدوا عنهم.. ارتبطوا بمصالح ثانية.
فالقضية أيضاً طرف في إطارها وتكوينها، فأصبح نظام القبيلة فيه شيئ من الانفلات، صاحب هذا الانفلات، انفلات في مؤسسات الدولة، صاحب هذا كله أيضاً تغيرات كاملة داخل الاوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.
الشيئ الآخر صادف أيضاً أن النظام حب يخلص من مشاغبات الناس، مشاغبات القبائل، فشجع هذه الثارات وشجع الصراعات بين القبائل، وكان أحيانا صراعات القبائل تتمون من مخزن للأسلحة واحد، علي القبيلي من رام، وهذا الغيثمي لا أدري ما أسمه بيتقاتل معه، أتجهوا مرة أمام مخزن للسلاح للدولة، واحد، كلهم بيتمونوا منه، اذاً الدولة استغلت هذه القضية سياسياً، من أجل أن هؤلاء ينشغلوا بما بينهم، ما يشغلوهاش، ينشغلوا عنها بالصراعات فيما بينهم.
أيضاً هناك سبب آخر، الفساد الاداري كبير والادارة لم تُبنى على أساس حقيقي ..
أولاً: بسألك سؤال: ماهي الأسس التي بيختاروا بها الموظف؟
هل الكفاءة والقدرة والنزاهة أم بيختاروا الثقة، الانتماء المناطقي، الانتماء السلالي، الانتماء القبلي، الانتماء الأسري، أم هناك الوساطة، كيف بيختاروا الموظف؟
إذا كان الاختيار على الأساس الثاني، مثلما ندي سيارة لواحد ما يعرفش يسوق، وبعدى نقول: ليش صدم، ليش يضرب، ليش يقتل، شيئ طبيعي، وأنت بتقول أدي له السيارة، خليه يتعلم من غيره، إذا هذا هو التعلم الذي بيتعلموه اليوم.
إذاً مادام ليس لديك أسس هل تنظر الى الادارة أنها أداة إنجاز؟
تنجز عمل أم تنظر اليها أنها أداة إرضاء وتوزيع مغانم؟
ولهذا الدولة هي المكنة التي تدير، هي التي تحفظ لك الأمن، وهي التي تعمل لك التعليم، الصحة، التنمية، والادارة، وعندما لا توجد هذه الادارة لا تقدم لا صحة لا تنمية لا تطور، فشيئ طبيعي أن يوجد هذا، وبالأخص عندما تزداد الضائقة الاقتصادية عند الناس.. فالحال في الوطن سواء داخل السجن وخارجه سواء.
كل هذه الأشياء من الأسباب التي تؤدي الى الثارات، ولهذا إصلاح نقطة معينة وحدها لا يتأتى، إذ لابد من إصلاح إداري، التوجه الى إصلاح أساسي، إصلاح النظام السياسي، بدونهما ستظل كل البلاوي.
تتبين جرائم داخل المدينة، جرائم النهب، جرائم السرقة، جرائم اختطاف البنات، يعني التي لا تكاد توصف وهي داخل المدينة.
س: هل تقصد أن لدينا قوانين ولكن ما ينقصها هو التطبيق؟
ج: القوانين ممتازة جداً جداً، لكن هل نحن نطبق هذه القوانين أم أنها حبر على ورق؟، ولهذا قدمت مبادرة حول الاصلاح السياسي والاداري وبعدها، بش مشكلة إذا قد عندك الجهاز القادر على العمل، اليوم اعمل أحسن البرامج، ولكن مابش هناك عمل مثل ما تريد قماش فاخر وما عندك المصنع الذي ينشئ القماش.. فأنت من أين تريد أن نبدأ؟
س: أريد أن نبدأ من الجانب التشريعي: في تصورك كيف يمكن تطوير القانون اليمني في سبيل احتواء وتجريم ظاهرة الثأر واعادة هيبة الدولة؟
ج: أولا:ً يجب أن توجد دولة، وبصراحة لدي قناعة تامة بدون أن تصلح الاداة التي تنظم الحياة في مجتمعنا، يعني القضاء الذي نحن فيه، يعني الحكام بيعبثوا بالناس، عبث كبير، والحكام أحياناً يعبث بهم من مراكز القوى، إذاً القضية فيها شيئ ما.
فإذا بدأنا بتشريع ماهي الاسباب التي جعلت ظاهرة الثارات خطيرة،، فإذا عرفت الأسباب كيف يتم معالجتها؟ بدون هذا لا يصبح الحديث له معنى، فلما نقول والله قضية التشريع، ماله التشريع، التشريع كويس نفذه، ليش ما بينفذوه؟
س: لكن الجهات القضائية تقول أنه ليس لديها الى الآن نص واضح وجازم حول قضية الثأر؟
ج: الله قد جرمه "من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً" .
كيف هذا الكلام، فلا بُد لكل هذه الأشياء، أن تناقش وتعمل، فأنا في رأيي ان من الأسباب الرئيسية في قضية الثأر، أولا: غياب النظام السياسي.
لابد أن يكون لدينا بصراحة فصل بين مؤسسات الدولة، يجب أن يكون هناك فصل حقيقي بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية والسلطة القضائية.
اليوم لا يوجد فصل حقيقي، رئيس السلطة التنفيذية هو رئيس السلطة القضائية.
الشيئ الآخر: جهاز الحكومة: ليست مسؤولة مسئولية كاملة أمام البرلمان، هذا أعتبره بداية أساسية. بدون أن يوجد نظام سياسي قائم على احترام الدستور واحترام الانظمة والقوانين والفصل بين السلطات، لا يمكن أن يوجد جهاز إداري كفؤ وقادر، لأن الجهاز الاداري الكفؤ والقادر والارادة السياسية، هل الارادة السياسية تنظر الى الادارة أنها أداة للإنجاز أم أداة للإرضاء وتوزيع المغانم؟ فإذا كانت في نظرتها هي أداة للإرضاء وتوزيع المغانم، فهو جهاز معطل، الناس بيتعيشوا فيه بس، بش ليؤدوا عمل، مادام أنت تحب واحد لا قادر ولا كفؤ، إلا أنه قريب، وإلا محل ثقتك، وإلا من القرية، وتشتي ترضي الحزب الفلاني، وإلا..
السلطة القضائية الاساسية، أنت تريد أن تحقق العدل ليش الناس يلجؤوا الى الثأر؟
لانهم لم يجدوا المؤسسة القضائية العادلة، التي تكون قادرة على إنجاز ما يمكن أن يقوموا به هم وحدهم.
يقتل هذا لا يجد أحداً يقبضه، ولا أحداً يحبسه، ولا أحداً يقدمه الى قضاء عادل، فيصير في حكم الله، وشيئ طبيعي عندما تجد نفسك غير قادر على فعل شيئ، تصيح يا بيت المحبشي يا عصابة رأسي.
إذاً لا يمكن أن تقضي على هذه الظاهرة، ما لم تُوجد مؤسسات الدولة التي تقوم بإصلاح النظام السياسي، ومن ثم إصلاح النظام الاداري، والفصل بين السلطات.
فيجب أن يوجد قضاء مستقل أولاً، لا يتدخل فيه أحد، والوحيد له احترامه، كما يجب الالتزام بتنفيذ جميع القوانين والانظمة.
إذا كان لدينا الذي بينتهكوا الدستور والقوانين هم المسئولين.. اليوم الناس يطلبوا منك إنجاز، يطلبوا منك تنمية يطلبوا منك تطور.
فيجب على سلطات الدولة أن توقف محاولة خلق الصراعات.
الشيئ الأخر: جاءني قبل أيام أشخاص من أبناء القبائل المستنيرين، هؤلاء هم أدرى اليوم بأوضاع دوائرهم، بأوضاع مناطقهم، فلماذا لا يستقطبوا؟ ويجعلوا منهم هم الاداة التي تتولى هذه القضية، وبالتالي يشكلوا منهم مؤسسة تدعمها الدولة وسيعرفون كيف يتعاملوا مع القبائل..
أولاً: أنهم يجمعون بين العلم الحديث ويجمعون بين التقاليد والعادات في قبائلهم.
ثانياً: أنهم أولاد مشائخ لايزال لهم نفوذهم.
وأنا أعرف عدد منهم/ عبدالله عبدالوهاب قاضي، مثلاً من خولان ، نزيه بن محسن نشطان..
مثل هؤلاء يُدعون ويشكلوا منهم هيئة معينة، وهم الآن يفكروا في عقد ندوة، وعندهم مشروع سوف يطرحونه، كيف يجب أن تُحل مشكلات الثارات، بعدما سمعوا دعوة الرئيس، قالوا إذا كان صحيح إحنا مستعدين نتعاون في هذا المجال.
طيب لماذا لا يستقطب هؤلاء؟
الى جانب الاتجاه الحقيقي لإصلاح النظام السياسي والنظام الاداري والقضاء بشكل خاص، في مثل هذا الحال صدقني إنه لن يمر عام واحد إلا وتكون هذه المشكلة في ذمة التاريخ.
وهذا هو رأيي بكل وضوح.
س: هناك من يعتبر كثرة انتشار السلاح في اليمن بأيدي المواطنين من الدواعي المفضية الى استفحال ظاهرة الثأر؟
ج: لا أعتقد؛ اليمنيين كانوا عبر التاريخ مسلحين، والسلاح على الأقل أحياناً يسموه "توازن الرعب"، لما واحد خصمك مسلح وأنت مسلح كل واحد منكم يتفادى الثاني، اليمنيين لم يصلوا الى مرحلة القتال فيما بينهم عندما لا يجدوا المؤسسات المنصفة، إذا لم يجدوا السلاح سيتقاتلون حتى بالحجار، عندما يجدون ظلماً ولا يجدوا إنصافاً، فقضية السلاح عذر قامر، على الدولة أن تبني مؤسساتها ..
فإذا كانت الدولة جادة وأحتمل أن الرئيس جاد، ولابد أن يلزم الاخرين أن يكونوا جادين، وإلا ستعتبر هذه الدعوة مثلها مثل أي دعوة أخرى تقال ولا ينفذ فيها شيئ..
الناس يبحثون عن العدل، الناس ضائقين، اليوم حتى القبائل ضائقين من الاوضاع التي يعيشونها، الخوف الذي يعيشوه، والثارات التي يعيشونها، كلهم بيطالبوا بالدولة.
أجراها // زيد يحيى المحبشي - الاثنين 26 أبريل 2004
س: ما هي انطباعاتكم عن ظاهرة الثأر؟
ج: يجب على الدولة أن تتولى قضية مسئولية القتل أي تطبيق آية القصاص، وكان في قضاء يحسم الأمر بسرعة ويصدر الحكم إما يسلم دية أو يعفوا عنه وفق الشريعة وإما يعدموه وتنتهي.
ومعناه أن هذا من الأشياء الأساسية، كما يبدو غابة المؤسسة أين هي ليش غابت؟ يعني اليوم في دبابات أكثر، في طيارات أكثر، في أسلحة أكثر، كيف غابت هذه المؤسسة - مشيراً الى المؤسسة القضائية - وكذا حال القضاء عندنا، قضاء عنده عجز وغير قادر، أو في رضى الناس في الدولة ومؤسساتها بش موجود ومش بش موجود.
يعني هل كانت الاوضاع مثلاً أيام الإمام أحسن بشيئ ممكن؟، يعني اليوم في أوضاع اقتصادية، في طرقات، في كهرباء، في مياه، في مدارس، فمش ممكن يكون الرضا أكثر، لكن ما هو اساس المشكلة؟
فالشيخ مثلاً في الماضي، والمؤسسة القبلية كمؤسسة، هل كانت أكثر التزاماً وأكثر انضباطاً من اليوم؟
يعني كان في مؤسسة قبلية محكومة بأنظمة وقوانين ولوائح داخلة في عادات وتقاليد.
كان الشيخ في معه ديوان مفتوح كبيت المقاول جالس في القرية؛ جالس في البلاد، بينما المشائخ اليوم في العاصمة أو يتجروا في مش عارف أيش، ما عادوش مرتبطين بمنطقتهم ولا بمشاكلهم، ولا عاد الاخرين أيضاً يعطوهم نفس الاحترام، لانهم ابتعدوا عن الناس، والناس بدأوا يبتعدوا عنهم.. ارتبطوا بمصالح ثانية.
فالقضية أيضاً طرف في إطارها وتكوينها، فأصبح نظام القبيلة فيه شيئ من الانفلات، صاحب هذا الانفلات، انفلات في مؤسسات الدولة، صاحب هذا كله أيضاً تغيرات كاملة داخل الاوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.
الشيئ الآخر صادف أيضاً أن النظام حب يخلص من مشاغبات الناس، مشاغبات القبائل، فشجع هذه الثارات وشجع الصراعات بين القبائل، وكان أحيانا صراعات القبائل تتمون من مخزن للأسلحة واحد، علي القبيلي من رام، وهذا الغيثمي لا أدري ما أسمه بيتقاتل معه، أتجهوا مرة أمام مخزن للسلاح للدولة، واحد، كلهم بيتمونوا منه، اذاً الدولة استغلت هذه القضية سياسياً، من أجل أن هؤلاء ينشغلوا بما بينهم، ما يشغلوهاش، ينشغلوا عنها بالصراعات فيما بينهم.
أيضاً هناك سبب آخر، الفساد الاداري كبير والادارة لم تُبنى على أساس حقيقي ..
أولاً: بسألك سؤال: ماهي الأسس التي بيختاروا بها الموظف؟
هل الكفاءة والقدرة والنزاهة أم بيختاروا الثقة، الانتماء المناطقي، الانتماء السلالي، الانتماء القبلي، الانتماء الأسري، أم هناك الوساطة، كيف بيختاروا الموظف؟
إذا كان الاختيار على الأساس الثاني، مثلما ندي سيارة لواحد ما يعرفش يسوق، وبعدى نقول: ليش صدم، ليش يضرب، ليش يقتل، شيئ طبيعي، وأنت بتقول أدي له السيارة، خليه يتعلم من غيره، إذا هذا هو التعلم الذي بيتعلموه اليوم.
إذاً مادام ليس لديك أسس هل تنظر الى الادارة أنها أداة إنجاز؟
تنجز عمل أم تنظر اليها أنها أداة إرضاء وتوزيع مغانم؟
ولهذا الدولة هي المكنة التي تدير، هي التي تحفظ لك الأمن، وهي التي تعمل لك التعليم، الصحة، التنمية، والادارة، وعندما لا توجد هذه الادارة لا تقدم لا صحة لا تنمية لا تطور، فشيئ طبيعي أن يوجد هذا، وبالأخص عندما تزداد الضائقة الاقتصادية عند الناس.. فالحال في الوطن سواء داخل السجن وخارجه سواء.
كل هذه الأشياء من الأسباب التي تؤدي الى الثارات، ولهذا إصلاح نقطة معينة وحدها لا يتأتى، إذ لابد من إصلاح إداري، التوجه الى إصلاح أساسي، إصلاح النظام السياسي، بدونهما ستظل كل البلاوي.
تتبين جرائم داخل المدينة، جرائم النهب، جرائم السرقة، جرائم اختطاف البنات، يعني التي لا تكاد توصف وهي داخل المدينة.
س: هل تقصد أن لدينا قوانين ولكن ما ينقصها هو التطبيق؟
ج: القوانين ممتازة جداً جداً، لكن هل نحن نطبق هذه القوانين أم أنها حبر على ورق؟، ولهذا قدمت مبادرة حول الاصلاح السياسي والاداري وبعدها، بش مشكلة إذا قد عندك الجهاز القادر على العمل، اليوم اعمل أحسن البرامج، ولكن مابش هناك عمل مثل ما تريد قماش فاخر وما عندك المصنع الذي ينشئ القماش.. فأنت من أين تريد أن نبدأ؟
س: أريد أن نبدأ من الجانب التشريعي: في تصورك كيف يمكن تطوير القانون اليمني في سبيل احتواء وتجريم ظاهرة الثأر واعادة هيبة الدولة؟
ج: أولا:ً يجب أن توجد دولة، وبصراحة لدي قناعة تامة بدون أن تصلح الاداة التي تنظم الحياة في مجتمعنا، يعني القضاء الذي نحن فيه، يعني الحكام بيعبثوا بالناس، عبث كبير، والحكام أحياناً يعبث بهم من مراكز القوى، إذاً القضية فيها شيئ ما.
فإذا بدأنا بتشريع ماهي الاسباب التي جعلت ظاهرة الثارات خطيرة،، فإذا عرفت الأسباب كيف يتم معالجتها؟ بدون هذا لا يصبح الحديث له معنى، فلما نقول والله قضية التشريع، ماله التشريع، التشريع كويس نفذه، ليش ما بينفذوه؟
س: لكن الجهات القضائية تقول أنه ليس لديها الى الآن نص واضح وجازم حول قضية الثأر؟
ج: الله قد جرمه "من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً" .
كيف هذا الكلام، فلا بُد لكل هذه الأشياء، أن تناقش وتعمل، فأنا في رأيي ان من الأسباب الرئيسية في قضية الثأر، أولا: غياب النظام السياسي.
لابد أن يكون لدينا بصراحة فصل بين مؤسسات الدولة، يجب أن يكون هناك فصل حقيقي بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية والسلطة القضائية.
اليوم لا يوجد فصل حقيقي، رئيس السلطة التنفيذية هو رئيس السلطة القضائية.
الشيئ الآخر: جهاز الحكومة: ليست مسؤولة مسئولية كاملة أمام البرلمان، هذا أعتبره بداية أساسية. بدون أن يوجد نظام سياسي قائم على احترام الدستور واحترام الانظمة والقوانين والفصل بين السلطات، لا يمكن أن يوجد جهاز إداري كفؤ وقادر، لأن الجهاز الاداري الكفؤ والقادر والارادة السياسية، هل الارادة السياسية تنظر الى الادارة أنها أداة للإنجاز أم أداة للإرضاء وتوزيع المغانم؟ فإذا كانت في نظرتها هي أداة للإرضاء وتوزيع المغانم، فهو جهاز معطل، الناس بيتعيشوا فيه بس، بش ليؤدوا عمل، مادام أنت تحب واحد لا قادر ولا كفؤ، إلا أنه قريب، وإلا محل ثقتك، وإلا من القرية، وتشتي ترضي الحزب الفلاني، وإلا..
السلطة القضائية الاساسية، أنت تريد أن تحقق العدل ليش الناس يلجؤوا الى الثأر؟
لانهم لم يجدوا المؤسسة القضائية العادلة، التي تكون قادرة على إنجاز ما يمكن أن يقوموا به هم وحدهم.
يقتل هذا لا يجد أحداً يقبضه، ولا أحداً يحبسه، ولا أحداً يقدمه الى قضاء عادل، فيصير في حكم الله، وشيئ طبيعي عندما تجد نفسك غير قادر على فعل شيئ، تصيح يا بيت المحبشي يا عصابة رأسي.
إذاً لا يمكن أن تقضي على هذه الظاهرة، ما لم تُوجد مؤسسات الدولة التي تقوم بإصلاح النظام السياسي، ومن ثم إصلاح النظام الاداري، والفصل بين السلطات.
فيجب أن يوجد قضاء مستقل أولاً، لا يتدخل فيه أحد، والوحيد له احترامه، كما يجب الالتزام بتنفيذ جميع القوانين والانظمة.
إذا كان لدينا الذي بينتهكوا الدستور والقوانين هم المسئولين.. اليوم الناس يطلبوا منك إنجاز، يطلبوا منك تنمية يطلبوا منك تطور.
فيجب على سلطات الدولة أن توقف محاولة خلق الصراعات.
الشيئ الأخر: جاءني قبل أيام أشخاص من أبناء القبائل المستنيرين، هؤلاء هم أدرى اليوم بأوضاع دوائرهم، بأوضاع مناطقهم، فلماذا لا يستقطبوا؟ ويجعلوا منهم هم الاداة التي تتولى هذه القضية، وبالتالي يشكلوا منهم مؤسسة تدعمها الدولة وسيعرفون كيف يتعاملوا مع القبائل..
أولاً: أنهم يجمعون بين العلم الحديث ويجمعون بين التقاليد والعادات في قبائلهم.
ثانياً: أنهم أولاد مشائخ لايزال لهم نفوذهم.
وأنا أعرف عدد منهم/ عبدالله عبدالوهاب قاضي، مثلاً من خولان ، نزيه بن محسن نشطان..
مثل هؤلاء يُدعون ويشكلوا منهم هيئة معينة، وهم الآن يفكروا في عقد ندوة، وعندهم مشروع سوف يطرحونه، كيف يجب أن تُحل مشكلات الثارات، بعدما سمعوا دعوة الرئيس، قالوا إذا كان صحيح إحنا مستعدين نتعاون في هذا المجال.
طيب لماذا لا يستقطب هؤلاء؟
الى جانب الاتجاه الحقيقي لإصلاح النظام السياسي والنظام الاداري والقضاء بشكل خاص، في مثل هذا الحال صدقني إنه لن يمر عام واحد إلا وتكون هذه المشكلة في ذمة التاريخ.
وهذا هو رأيي بكل وضوح.
س: هناك من يعتبر كثرة انتشار السلاح في اليمن بأيدي المواطنين من الدواعي المفضية الى استفحال ظاهرة الثأر؟
ج: لا أعتقد؛ اليمنيين كانوا عبر التاريخ مسلحين، والسلاح على الأقل أحياناً يسموه "توازن الرعب"، لما واحد خصمك مسلح وأنت مسلح كل واحد منكم يتفادى الثاني، اليمنيين لم يصلوا الى مرحلة القتال فيما بينهم عندما لا يجدوا المؤسسات المنصفة، إذا لم يجدوا السلاح سيتقاتلون حتى بالحجار، عندما يجدون ظلماً ولا يجدوا إنصافاً، فقضية السلاح عذر قامر، على الدولة أن تبني مؤسساتها ..
فإذا كانت الدولة جادة وأحتمل أن الرئيس جاد، ولابد أن يلزم الاخرين أن يكونوا جادين، وإلا ستعتبر هذه الدعوة مثلها مثل أي دعوة أخرى تقال ولا ينفذ فيها شيئ..
الناس يبحثون عن العدل، الناس ضائقين، اليوم حتى القبائل ضائقين من الاوضاع التي يعيشونها، الخوف الذي يعيشوه، والثارات التي يعيشونها، كلهم بيطالبوا بالدولة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق