Translate

السبت، 27 يوليو 2013

لك الله يا علي ما أنصفوك في شيئ


"الامام علي بن أبي طالب عظيم العظماء، نسخة مفردة لم يرى الشرق ولا الغرب صورة طبق الأصل لا قديماً ولا حديثاً"..
بهذه الكلمات البسيطة اختصر الكاتب "شبلي شميل" حكاية الامام علي وشخصيته.. إنه وليد الكعبة وشهيد المحراب .. رجلٌ مهما حاول المرء الإلمام بصفاته وسجاياه فلن يستطيع ذلك..
في الهزيع الأخير من ليلة التاسع عشر من رمضان من سنة 40 هـ فُجعت الأمة بإقدام أشقى الأشقياء عبدالرحمن بن ملجم المرادي على إغتيال الإمام علي وهو خارج لأداء صلاة الفجر بجامع الكوفة .. فلق سيف الشقي هامة الوصي سال الدم على اللحية الطاهرة نظر الإمام إلى من حوله باسماً مستبشراً بلقاء ربه: ((فزت ورب الكعبة)).. وفي صبيحة ليلة الواحد والعشرين رحلة الروح الطاهرة الى بارئها لتحل ضيفاً طال إنتظاره إلى جوار الحبيب والحبيبة المصطفى وبضعته الطاهرة..
مؤامرة حاكتها الأيدي الأثمة .. نسجت خيوطها شيطانة الكوفة "قطا" ونفذها الشقي أخو مراد بعدما منته الشيطانة بالزواج منها إن هو أمهرها رأس أخو الصادق الأمين بِئست المقايضة ..
حسن سبط النبوة يلتقط أنفاس الفاجعة خاطباً في القوم:((لقد فارقكم في هذه الليلة، رجلٌ لم يسبقه الأولون ولا يدركه الآخرون كان يبعثه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للحرب وجبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره.. ))
وكانت أخر كلمات الوصي تشهد على حبه لهذه الأمة التي لم تعرفه حق المعرفة .. وعلى إخلاصه لهذه الأرض التي ما وفته حقه أبداً لا في الحياة ولا بعد الممات: ((الله الله في جيرانكم .. الله الله في الفقراء والمساكين فأشركوهم في معايشكم .. الله الله في ما ملكت أيمانكم .. قولوا للناس حُسناً كما أمركم الله .. ولا تتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيتولى ذلك غيركم وتدعون فلا يُستجاب لكم .. وعليكم بالتواضع والتباذل والتبار .. وإياكم والتقاطع والتفرق والتدابر ..))
العالم السني المصري محمود أبو ريه في كتابه القيم "أضواء على السنة المحمدية" تملكته الدهشه مما لحق الوصي من جفاء وتجاهل وغمط في حياته على قرب عهد من رسول الله ومن قوم يفترض أنهم الأكثر معرفة بحق ومكانة هذا الرجل وفي هذا نكتفي باشارة عابرة لما ضمنه هذا العالم السني المنصف حيث اثار الحديث في صفحة 249 عن تعمد المشايخ ومن تابعهم من المحدثة والرواة وكتبة التاريخ تجاهل ذكر اسم الامام علي فيمن قام بجمع القرآن رغم سابقته وأعلميته وأحجيته وإجماع الجميع على أنه أعلم الصحابة بعد رسول الله: ((... حقاً إن الأمر لعجيب .. وما علينا إلا أن نقول كلمة لا نملك غيرها، هي: "لك الله يا علي ما أنصفوك في شيئ!!!"))

الخميس، 25 يوليو 2013

فضيلة القاضي العلامة صلاح بن أحمد بن عبدالله فليته




المركز: رازح
القرية: القلعة
القرن الذي عاش فيه العلم: 15هـ / 21م
تاريخ الميلاد:  1355 هـ /     1935 م
ولد في قرية (القلعة), في مديرية (رازح), في محافظة صعدة
(تاريخ الوفاة: توفي في الساعة الثامنة من بعد مغرب يوم السبت 17 مايو 2008م بمدينة نجران ومواراة جثمانه الطاهر بمقبرة القرضين بمدينة صعدة بعد الصلاة عليه بجامع الإمام الهادي يوم الثلاثاء 20 مايو 2008)
السيرة الذاتية للعلم:
عالم, فاضل, مؤلف. هاجر إلى مدينة صعدة؛ فدرس فيها على عدد من العلماء؛ منهم: (مجد الدين المؤيدي), وأجاد في علوم كثيرة, ثم عمل بالتدريس والإفتاء والإصلاح بين الناس, وبنى مدرسة بجوار منزله في مدينة صعدة (مدرسة الامام الهادي ببني معاذ)؛ فتخرج عليه جماعة من العلماء.
من مؤلفاته المطبوعة:
1- القول المبين في الرد على المتطرفين – ط. 2- القول الحق – ط. 3- العقيدة الأصولية – ط. 4- النصيحة العسجدية – ط. 5- النور الواضح – ط. 6- أساس الإيمان – ط. 7- مفاهيم الإسلام – ط. 8- الفضائل الحسنة – ط. 9- مختصر سيرة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)– ط. 10- مختصر أصول الفقه – ط. 11- مختصر النحو – ط. 12- الجواب على رسالة علماء الأهنوم – ط. 13- تفسير جزء (عمَّ) و(تبارك) – ط. 14- منسك الحج والعمرة – ط. 15- منسك الزيارة – ط. 16- النظم البديع. ديوان شعره.
ومن مؤلفاته غير المطبوعة:
 1- روضة الأخيار. 2- مختصر المغني. 3- حياة أمير المؤمنين. 4- حياة (زيد بن علي). 5- ترتيب الأئمة. 6- رجال طبقات الفقهاء. 7- رجال الأمالي. 8- الفرقة الناجية. 9- أركان الإسلام. 10- الجمع بين الصلاتين. 11- جمع آيات الأحكام. 12- الجواب القاضب في الرد على النواصب. 13- القضاء والقدر. 14- الجواب التام على من يسب السادة الأعلام. 15- الفوائد السنية في تحريم النسية. 16- الرسالة المنجية. 17- ديوان شعر في المناسبات والمراثي والنصائح وأغراض شعرية دينية يغلب عليها طابع النظم.
المصدر// د. عبدالولي الشميري، موسوعة الأعلام


الاثنين، 8 يوليو 2013

ولادة هلال رمضان..قراءة شرعية فلكية


بقلم/ زيد يحيى المحبشي
منذ سنوات والأمة الإسلامية منقسمة على نفسها حول أهم فريضة من فرائض الإسلام وهي تحديد دخول وخروج شهر رمضان المبارك بعد أن صار للسياسة دورها في هذا الانقسام المقيت والمزري فهل سيكون رمضان هذا العام بعيداً عن آفة ولعنة الساسة لنشهد ولو لمرة واحدة صوماً موحداً يلملم شتات الأمة المكلومة؟!.. لا أعتقد ذلك، فما نشهده اليوم من انقسامات وصراعات على كل الأصعدة لا يبشر بخير ...
في هذه الوقفة التأملية لن نتطرق لدور السياسة والساسة في تحديد دخول شهر الله بعد أن فقدنا الأمل في توحدهم .. بل سنكتفي بتقديم قراءة سريعة ومتواضعة لموقف الشريعة المحمدية وموقف علماء الفلك من تحديد ولادة هلال الشهر الكريم لعلّها تقود إلى توحيد المنقسم السياسي ..
** الرؤية الشرعية
يقول الله سبحانه وتعالى: (ونزلنا عليك الكتاب "تبياناً" "لكل شيئ" وهدىً ورحمةً وبشرى للمسلمين) .. والملاحظ في الآية الكريمة أن كلمة "تبياناً" أتت منكرة – أي مجردة من أحرف التعريف (ال) – والتنكير في الخطاب القرآني كما هو متعارفٌ عليه لدى علماء اللغة يعني أن الخطاب موجه للعموم وليس للخصوص وفي الكلمة التالية "لكل شيئ" توضيح لا جدال فيه .. ما نجد مداليله في قوله تعالى: (يسألونك عن الأهلة قل هي "مواقيت" للناس "و" الحج ) فقد وردت كلمت "مواقيت" منكرة وهذا يعني أنها للعموم وليس للخصوص لأن الله لم يقصر ذلك على فريضة "الحج" حصراً بل جعل "الحج" عطفاً على "مواقيت للناس" أي لكي يسترشد بها الناس في معرفة دخول الأشهر القمرية عموماً وشهر رمضان منها.
لقد جعل سبحانه وتعالى فرائض الإسلام من صلاة وصيام وحج مرتبطة بأشياء حسية يشترك في معرفتها كل من أحسن المراقبة لتلك العلامات، وكلها متعلقة بالشمس والقمر .. وجعل الأهلة "مواقيت" يُعرف بها بداية العقود ونهايتها، إذا رُبِطَت بالأشهر القمرية، كما هي مواقيت ركنين من أركان الإسلام، وهي الصوم والحج.
وسنة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم هي الفصل في هذا، والتي أولت اهتماماً كبيراً بدخول وخروج شهر الصيام، لأنه من أهم الأشهر، لما يترتب عليه من أداء فريضة الصيام التي افترضها الله على أمة محمد مرة واحدة من كل عام وجعلها في المرتبة الثالثة في قائمة أركان الإسلام بعد الشهادتين والصلاة لما لها من أهمية كبيرة في البناء الروحاني الإنساني واختصها لذاته عكس بقية الأركان (الصيام لي وأنا أجزي به).
لهذا لا غرابة أن نجد الشريعة المحمدية حريصة أشد الحرص على توضيح وتبيين هذه الفريضة بأتم بيان وربط دخولها وخروجها بالأهلة كما هو واضحٌ في آية المواقيت، حيث جعل الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم الرؤية شرطاً في تحديد ولادة هلال الشهر القمري.
والمشكلة هنا لا علاقة لها بموقف السنة النبوية من تحديد ولادة الشهر القمري المشروطة بالرؤية المجردة، بل بما حدث من خلاف كبير حول شرط الرؤية وماهيتها بين علماء المسلمين في القرون التالية للحقبة المحمدية: فهناك من قال بأن الرؤية بالعين المجردة فقط؟ .. وهناك من أفسح المجال في حال تعذر الرؤية المجردة لإمكانية الاعتماد على الحسابات الفلكية لإثبات ولادة الهلال القمري .. وهناك من أجاز الرؤية بالمناظير المكبرة (المراصد الفلكية) بالنظر إلى ما شهده العالم من تقدم تكنولوجي كبير .. ومنهم من رأى جواز استخدام الأقمار الصناعية لتحديد ولادة الهلال القمري.
وبعيداً عن الاختلاف المتواصل لعلماء المسلمين حول الوسيلة الأنجع والاسلم لتحديد ولادة الهلال القمري .. فقد حفلت السنة المحمدية بالكثير من الأحاديث الدالة على الرؤية وأبرزها قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (إذا رأيتموه فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا فإن غُم عليكم فأقدروا له) كما في رواية البخاري ومسلم وفي لفظ: (لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه فإن غُم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين) وهو حديث متفق عليه وفي رواية مسلم: (فأقدروا ثلاثين) وفي رواية مسلم والبخاري: (فصوموا ثلاثين يوماً) وفي رواية عبدالله بن عباس: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن حال بينكم وبينه سحاب فكملوا العدة ولا تستقبلوا الشهر إستقبالاً).
هذه الأحاديث وغيرها الكثير تصب في خانة واحدة هي الاعتماد على الرؤية المجردة لا الحسابات الفلكية ولا حسابات الحاسب الآلي .. والسر في اشتراط الرسول الأكرم للرؤية المجردة دون سواها ما أورده صاحب التاج المذهب لأحكام المذهب من أحاديث نبوية توضيحية منها قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (إنا أمةٌ أمية لا نكتب ولا نحسب، الشهر كذا وكذا ثلاثاً حتى ذكر تسعاً وعشرين) وفي بعضها: (لا تصوموا حتى تروه .. ) إلى أخره.
ومعنى: (لا نكتب ولا نحسب) أي أننا لا نعتمد لعبادتنا الحساب والكتابة وإنما نعتمد على ما أمرنا الصادق المصدوق طاعة لله سبحانه واعتقادا منا أنه الحق.
ويذهب فريق من علماء الإسلام إلى أنه صلى الله عليه وآله وسلم لو أجاز العمل بالحسابات الفلكية لأصبح ذلك تكليفاً على جميع المسلمين في تحديد دخول الأشهر القمرية.
ومعلومً أن أكثرية الأمة على عهد رسول الله أمية ولذا سيكون في اقرار العمل بالحسابات الفلكية تعسير ومشقة كبيرة على المسلمين في حين أن الإسلام دين يسر ألم يقل صلى الله عليه وآله: (بعثة بالشريعة السهلة السمحاء), ويقول: (يسروا ولا تعسروا قربوا ولا تنفروا) ..
صحيح أن تحفظ الرسول الأكرم على مسألة الحسابات الفلكية كان لمصلحة عموم المسلمين لأن غالبيتهم على عهده لا تجيد الكتابة .. لكن بالعودة الى القرآن الكريم المبتدأ تنزيله بالحض على القراءة وما يترتب عليها من كتابة والخاتم تنزيله بالنهي عن الظلم، فهذا يعني أن الإسلام دين "العلم والعدل" وعليه يمكن تفسير توجيه الرسول الأكرم على أنه توجيه وقتي إلى أن يأتي من الأمة الإسلامية أجيالٌ تفقه علم الكتابة والقراءة وما يترتب على ذلك من علوم فلكية لا سيما وأن الحسابات الفلكية كما أثبت العلم الحديث فيها شيئ من الواقعية.
** الرؤية الفلكية
تعميماً للفائدة نورد هنا نبذة مختصرة عن رؤية علماء الفلك حول تحديد ولادة الهلال القمري إجتزئناها من دراسة مطولة للشيخ محمد أديب قبيسي نشرها موقع السيد العلامة محمد حسين فضل الله رحمة الله تغشاه في شهر رجب عام 1425 هـ ..
الولادة الفلكية للهلال القمري تتم عندما يقع مركز الشمس والأرض والقمر بينهما على خط وهمي واحد يقال له: "لحظة الإقتران" أو "فترة المحاق".
حسابات ولادة الهلال القمري"الاقتران" وإن كانت دقيقة جداً ويقينية بحيث لا يمكن احتمال الخطأ فيها من الناحية الواقعية إذا رُوعِيت الحسابات بدقة، إلا أن هذا لا يعني أن الهلال القمري يمكن أن يُرى لحظة الولادة، وهو ما دفع علماء الفلك قديماً وحديثاً إلى وضع معايير معينة وشروط محددة للتنبؤ بإمكانية الرؤية بعد تحديد لحظة ولادة الهلال القمري.
أولاً: المعايير القديمة: وهي التي تم العمل بها حتى بداية القرن العشرين الميلادي وأهمها:
(1) معيار الـ 12 درجة: والمقصود به من الناحية العملية أن رؤية الهلال القمري ممكنة مساء 29 من الشهر القمري إذا كان غروب القمر متأخراً عن غروب الشمس بمقدار 12 درجة، أي بمقدار 48 دقيقة من الناحية الزمنية .. وعلى اساس هذا المعيار وضعت الجداول من قبل علماء المسلمين المسماه بالأزياج وأبرزها زيج الخوارزمي.
(2) معيار انخفاض الشمس: تكون رؤية الهلال ممكنة إذا كان انخفاض الشمس تحت الأفق الغربي عند غروب القمر يساوي مقداراً معيناً يبلغ 9 درجات.
هذه المعايير والتعديلات التي جرت عليها قائمة على علاقة هندسية بين موقع القمر والشمس والمشاهد سواء من حيث الزمان كالمعيار الأول أو من حيث لمعان ضوء الشمس وأثره في الأفق بعد الغروب كالمعيار الثاني.
ثانياً: المعايير الحديثة: توالت التعديلات للشروط المقترحة المساعدة على التنبؤ بإمكانية رؤية الهلال وهي في غالبها مبنية على اعتبارات هندسية وفلكية حتى من قبل علماء فلك العصر الحديث وأهمها:
(1) المنظار الفيزيائي: تمكن الباحث الفرنسي في المرصد الفلكي للجامعة الأميركية ببيروت(فرانس برون) في العام 1977 من احداث تطور نوعي في هذا المجال عندما تطرق إليه من منظار فلكي فيزيائي مركزاً على الظروف الحقيقية والخاصة بالمشاهد والتي لاحظ فيها قدرة العين المجردة على التقاط صور الأجسام الساطعة.
(2) معيار يالوب: اقترح معياراً جديداً قائماً على المعايير القديمة ولكنه أكثر تطوراً وتعقيداً بالاستفادة من خبرته الطويلة في مجال الرصد حيث كان يعمل مديراً لمرصد غرينتش ورئيساً للجنة الأزياج التابعة للاتحاد الفلكي الدولي.
يقوم عمل معيار يالوب على تقسيم إمكانية الرؤية إلى أربع حالات، لأنه حسب اعتقاده يمكن رؤية الهلال بالمرقب أو بالمنظار فقط أو بمساعدة ذلك أولاً .. ثم من الممكن رؤية الهلال بالعين المجردة .. وإما يمكن المشاهدة بالعين المجردة كما في حالات الصحو التام وأخيراً الرؤية بسهولة بالعين المجردة مطلقاً.. وبناءً عليه قام يالو بتحديد ثلاثة عوامل رئيسية لعمل معياره هي:
أ – (عمر الهلال): والمقصود به مقدار الزمن الممتد بين لحظة الإقتران ولحظة غروب الشمس في منطقة معينة وهذا يختلف من مكان إلى أخر .. وتشير احصاءات ما يزيد على 50 سنة أن أصغر عمر للهلال تمت رؤيته بالعين المجردة كان 14 ساعة و48 دقيقة.
ب – (مكوث الهلال): وهو مقدار بقاء الهلال بعد غروب الشمس، أي الفترة الممتدة بين غروب الشمس وغروب القمر, ومعلومٌ أن أقل مكوث للقمر تمت رؤيته بالعين المجردة كان 29 دقيقة.
ج – (الاستطالة): وتعني بُعد مركز القمر عن مركز الشمس بالدرجات كما يرى من الأرض ويقال له"قوس النور- الشفق الاحمر بلهجة اليمن" وذلك لأن الرؤية ممكنة إذا كان الهلال "مركز الهلال" قد ابتعد عن مركز الشمس بحيث صار القمر يعكس مقداراً ممكناً من الضوء يمكن من خلاله رؤية ذلك.. ومعلومٌ أن أقل استطالة مسجلة كانت 6 – 7 درجات.
نسبة اضاءة القمر من العوامل المهمة أيضاً في إمكانية الرؤية.. فإذا كانت الاستطالة بين الشمس والقمر "صفر درجة" فإن الرؤية مستحيلة لأن القمر يكون في فترة المحاق وهذا يعني أنه مظلم ظلاماً تاماً أما إذا كانت درجة الاستطالة بين الشمس والقمر " 180 درجة " فإن القمر يكون بدراً.
** قاعدة عامة:
(1) إذا كانت ولادة الهلال قبل غروب الشمس وكانت فترة مكوثه بعد غروب الشمس بحيث يكون غروب الهلال بعد غروب الشمس أمكن القول بأن اليوم الثاني هو بداية الشهر الجديد.
"اذا كانت ولادة الهلال قبل غروب الشمس وغروب الهلال بعد غروب الشمس فإن اليوم الثاني بداية الشهر القمري الجديد".
(2) إذا كانت ولادة الهلال بعد غروب الشمس أو كان غروب القمر قبل غروب الشمس كان اليوم التالي مكملاً للشهر الأول.
"إذا كانت ولادة الهلال بعد غروب الشمس أو كان غروب الهلال قبل غروب الشمس فإن اليوم التالي المتمم للشهر الاول"
* نموذج تطبيقي:
شهر رمضان باليمن عام 1434 هـ
تمت ولادة هلال رمضان فلكياً صبيحة يوم الاثنين 8 يوليو 2013 الساعة العاشرة و16 دقيقة بتوقيت اليمن وفي مساء نفس اليوم مكث القمر بالأفق الغربي لمدينة الحديدة 5 دقائق فقط بمعنى أنه غرب بعد غروب الشمس بـ 3 دقائق و7 ثواني, ما جعل رؤيته بالعين المجردة متعسرة لكنه كان موجود فوق الأفق حكماً .. وكانت إضاءته أقل من واحد بالمائة من القرص وارتفاعه عن الأفق الغربي درجة واحدة قوسية وزاوية استطالته من الشمس 5 – 6 درجات قوسية تقريباً وكان اتجاه الهلال جنوب شرق وبالتالي وقوعه جنوب الشمس بـ 5 درجات
عمر الهلال لحظة غروب شمس يوم الاثنين 8 يوليو(والتي غابت عند الساعة السادسة و42 دقيقة حسب توقيت مدينة الحديدة) هو 8 ساعات و26 دقيقة
وعندما جمعنا لحظة ولادة الهلال ولحظة غروب الشمس كان الناتج 16 ساعة و58 دقيقة وبطرح عمر الهلال من ناتج جمع ولادة الهلال وغروب الشمس وإضافة ناتج الطرح الى الفترة الزمنية فالناتج (( 29 يوماً و8 ساعات و32 دقيقة)) وهذا يعني أن الشهر القمري الجديد قد دخل فعلا ولذا كان يوم الثلاثاء 9 يوليو 2013 هو اليوم الأول من شهر رمضان لعام 1434هـ بالنسبة لليمن،،،

الأربعاء، 26 يونيو 2013

العلامة الحجة محمد بن يحيى بن هادي السعيدي السيراني الأهنومي الشهير بـ "يايه"


(1297 هـ/ 1880 م - 1369 هـ/ 1950 م)

عالم رباني، فقيه مجتهد، قاضي جليل، مُفتي، مُرشد، مُدرس.

مولده ببلاد بني سعيد، من بلاد الأهنوم، في 1297 هـ، الموافق 1880 م، ووفاته بمدينة المحابشة، من بلاد حجة، في 1369 هـ، الموافق 1950.

تأصيل أُسري:
آل يايه لقب أسرة من أبناء عزلة جبل "سِيران الغربي" في بلاد الأهنوم بمديرية شهارة، وقد يُعرفوا بلقب "آل بني سعيد" ومن أعلامها صاحب الترجمة، توطن المحابشة حاكماً للإمام يحيى حميد الدين، فصارت موطناً لأولاده وأحفاده وأحفادهم.
وآل الأهنومي، بفتح الألف الثانية وسكون الهاء وضم النون، أسرة كبيرة نِسبتها إلى الأهنوم بن الحارث بن حُديق بن عبدالله بن قادم بن زيد بن عُريب بن جُشم بن حَاشد، وهي بلدة واسعة تقع شمال حجة، وتتكون من عشرات القبائل، تمتد على جبال المدان وشهارة، منها جبل "سِيرَان"، وإليها يُنسب آل يايه في المحابشة من بلاد الشرف، ومنها أسر توطنت مناطق متفرقة من محافظة الشرفين، كالأمرور والمحابشة والمفتاح، وهذا ما يهمنا هنا.
من أعلامهم في المحابشة:
1 - أحمد بن أحمد بن أحمد الأمين الأهنومي (1362 هـ/ 1943 م - 1401 هـ/ 1981 م)، فقيه وتربوي ومُرشد وداعية، مولده بقرية مشن جنوب مدينة المحابشة، من المناصب التي شغلها: مُدير ومُؤسس معهد النور العلمي بمدينة المحابشة، مُدير المعاهد العلمية بالشرفين يوليو 1980، مُرشد الشرفين بوزارة الأوقاف، مُؤسس جمعية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في محافظة حجة ومعهد الحسنين العلمي بمذروح من أعمال مديرية المحابشة ومعهد الزهراء للبنات بمدينة المحابشة ومعهد بيت غيلان بمديرية أفلح اليمن ومعهد بني مدخية بمديرية الشاهل، ومن ملفاته: تبرئة الإمام زيد بن علي مما نُسِب إليه تحقيق نجله الأستاذ الجامعي والداعية الدكتور أحمد بن أحمد الأمين الأهنومي.
2 - أحمد بن محمد بن يحيى بن هادي السعيدي السيراني الأهنومي الشهير بـ "يايه" (1344 هـ/ 1926 م - 1421 هـ/ 2001 م)، مرجعية دينية وشيخ الزاهدين وزين العابدين في زمانه، وهو من العلماء القلائل الذي وهبوا حياتهم لله تنسُّكاً وعبادة، وابتعدوا عن بهارج الدنيا وفتنتها، مولده بقرية الجرد جنوب مدينة المحابشة، من مؤلفاته "منسك الحج والعمرة على أقوال أئمة العترة".
3 - عبدالله بن محمد بن محمد بن يحيى بن هادي يايه (1966 - معاصر)، أكاديمي وأستاذ ومُحاضر جامعي في كلية الزراعة بجامعة صنعاء والجامعة اليمنية في مجال هندسة المكائن والآلات الزراعية والتقنيات الحديثة، حصل على درجة البكالوريوس من جامعة الملك فيصل بالسعودية في مجال الهندسة الزراعية 1989 ودرجة الماجستير من جامعة بغداد في مجال المنشآت الزراعية 1994 ودرجة الدكتوراه من جامعة الموصل العراقية في مجال الهندسة الزراعية 1998، من المناصب التي شغلها: نائب عميد كلية الزراعة بجامعة صنعاء لشؤون الطلاب "2002 - 2007"، نائب عميد كلية الزراعة بجامعة صنعاء لشؤون البيئة وخدمة المجتمع "2007 - 2013"، رئيس مجلس إدارة مزارع كلية الزراعة بجامعة صنعاء "2007 - 2013"، نائب رئيس الجامعة اليمنية لشؤون الطلاب "2009 - 2014"، نائب رئيس الجامعة اليمنية للشؤون الأكاديمية "2014 - 2018"، رئيس الجامعة اليمنية 2018 ، قائم بأعمال نائب عميد الشؤون الأكاديمية بكلية المجتمع في سنحان، ، عضو لجنة التحكيم بالهيئة العليا للابتكار، حصل على جائزة رئيس الجمهورية في مجال المياه والبيئة 2009، له أكثر من 25 بحث منشور.
ومن أعلامهم في المفتاح:
1 - حمود بن عبدالله الأهنومي (1970 - معاصر)، فقيه وأستاذ ومحاضر جامعي وباحث ومحقق، مولده بقزعة المفتاح من الشرف الأعلى، وأصل أسرته من قفلة صوانة سِيران الأهنوم، حقق العديد من الكتب وله العديد من المؤلفات والعشرات من الأبحاث الدينية منها: حركة الأسود العنسي في اليمن، المسعودي ومنهجه التاريخي في مروج الذهب، يزيد بن معاوية والحركات الثائرة عليه، الامام المهدي بن يحيى المرتضى حياته ودوره السياسي والحضاري، ملكية أراضي المدينة في عهد رسول الله، الحياة العلمية في القاهرة في القرن الثامن الهجري من خلال الكتابات التاريخية لابن حجر العسقلاني، مذبحة حُجاج اليمن في تنومة وسدوان.
2 - عادل بن علي بن علي الأهنومي - رئيس لجنة التخطيط والتنمية والمالية بمحلي المفتاح.
3 - عبدالرحمن بن عبدالله الاهنومي ( .. - معاصر)، من مواليد سبعينيات القرن العشرين الميلادي، إعلامي وكاتب ومُذيع، من المناصب التي شغلها: مُذيع ومقدم برامج بقناة المسيرة، رئيس مُؤسستي الثورة والإذاعة والتلفزيون.
ومن أعلامهم في الأمرور: شاري بن علي بن حسين بن أحمد شاري الأهنومي (1389 هـ/ 1969 م - معاصر)، مولده بسعدان الأمرور في الشاهل، وهو أديب وكاتب ومُخرج مسرحي، حصل على درجة البكالوريوس في مجال الجغرافيا من كلية التربية بجامعة صنعاء 1997، من المناصب التي شغلها في محافظة حجة: مدير المركز الثقافي "1996 - 1997"، مدير إدارة الثقافة بمكتب الثقافة "1997 - 1999"، مدير إدارة التخطيط والإحصاء بمكتب الثقافة والسياحة "1999 - 2005"، مديراً إدارة المتاحف والمخطوطات بمكتب الأثار "2005 - 2009"، نائب مدير عام مكتب الثقافة يناير 2013.

التحصيل العلمي:
أخذ العلوم الشرعية عن كوكبة من علماء الأهنوم وصنعاء وشهارة وساقين.
من علماء الأهنوم: العلامة قاسم بن محمد الوادعي.
من علماء صنعاء: العلامة علي بن محمد حميد الدين، العلامة محمد بن علي زائد، وغيرهما.
من علماء شهارة: العلامة عبدالله بن أحمد المجاهد، العلامة محمد بن سعد الشرقي، العلامة محمد بن عبدالله الغالبي، وغيرهم.

السجل الوظيفي:
تولى القضاء في مقام الإمام يحيى بن محمد حميد الدين بعدة مناطق، منها:
1 - حجور الشام، 1326 هـ، الموافق 1908.
2 - بلاد الشرفين، 1345 هـ، الموافق 1926.
3 - ساقين من أعمال خولان بن عامر بصعدة.
وكان يقوم بتدريس العلوم الشرعية إلى جانب عمله.
كلّفه الإمام يحيى بن محمد حميد الدين بتأسيس مدرسة علمية في مدينة المحابشة سنة 1361هـ الموافق 1942، فقام بذلك، وتولى إدارتها والتدريس فيها.

قال عنه العلامة إسماعيل بن علي الأكوع: 
ولما طلب منه الإمام أحمد مبايعته إماماً، اشترط موافقته بتسهيل الإمام أحمد الحُجَّاب للناس، للدخول إليه لقضاء حوائجهم، فقال الإمام: هذا آية وليس يايه.
كان صُلباً في رأيه، قوياً في عقيدته، آمراً بالمعروف، ناهياً عن المنكر.

الإنتاج الفكري:
له كما يذكر العلامة الراحل "عبدالسلام عباس الوجيه" رسالة في تفضيل أمير المؤمنين وذكر فضائله.

أولاده: أحمد، عبدالله - مولده في العام 1332 هـ عمل في القضاء، محمد - وفاته في يوم الأحد 8 شعبان 1442 هـ الموافق 21 مارس 2021 عمل في القضاء، وكلهم علماء أجلاء مجتهدين.

مراجع ذُكر فيها العلم:
1 - إبراهيم المقحفي، موسوعة الألقاب اليمنية، الجزئين الأول والسابع، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع - بيروت، الطبعة الأولى - 2010.
2 - إسماعيل بن علي الأكوع، هجر العلم ومعاقله في اليمن، الجزء الرابع، دار الفكر المعاصر - دمشق/ بيروت، الطبعة الأولى - 1995.
3 - عبدالسلام بن عباس الوجيه، أعلام المؤلفين الزيدية، الجزء الأول، مؤسسة الإمام زيد بن علي الثقافية، الطبعة الثانية - 2018.
4 - عبدالولي الشميري، موسوعة أعلام اليمن ومؤلفيه، مؤسسة إبداع للثقافة والآداب والفنون، الطبعة الأولى، 2018، ترجمة رقم 6178 و10717.
5 - يحيى محمد جحاف، حجة معالم وأعلام، مكتبة خالد للطباعة والنشر، صنعاء، الطبعة الأولى - 2013.
6 - الموقع الإلكتروني لكلية الزراعة بجامعة صنعاء.
7 - الموقع الإلكتروني للجامعة اليمنية.
8 -  - مذكرات الباحث زيد المحبشي. 

الأحد، 23 يونيو 2013

لا خلاف ديني بين الزيود والشوافع



كان رجال الدولة العثمانية في جميع أيام حكمهم لليمن يسعون إلى بذر بذور الشقاق بين أهل البلاد، فتارة كانوا يستميلون إليهم الشوافع ويضربون بهم الزيود، وتارة كانوا يستعينون ببعض الزيود لضرب الشوافع!! وقد بثوا داخل بلاد اليمن وخارجها دعاية باطلة خلاصتها أن الزيود والشوافع لا يحب بعضهم بعضاً وأنهم يتحينون الفرص لإيقاع بعضهم ببعض، وأن هناك اختلافاً في العقائد الدينية بينهم.
ومما يُؤسف له أن نجد بعض كُتاب العرب في هذا الوقت يأخذون بهذه الدعاية فيكتبون عن العرب فصولاً في هذا الباب كلها أباطيل.
أنا لا أنكر أن هناك بعض اختلافات مذهبية ثانوية بين الزيود والشوافع، ولكني لا أُعِيرَها أية أهمية، لأنه لا شأن لها من الوجهة القومية، ولا من الوجهة الدينية، واليك بعض الامثلة:
يجوز عند الزيود تحليف اليمين للمدعي والمدعى عليه، ولا يجوز عندهم أن يُقال آمين في نهاية فاتحة القرآن الكريم.
وفي الطلاق لا يعتبر الزيود قول الرجل لامرأته طلقتك ثلاثاً، إلا بمثابة قوله طلقتك مرة واحدة، فيجب على من أراد طلاق امرأته ثلاثاً أن يُعيد هذه العبارة ثلاث مرات – في ثلاث حيضات متتابعة دون مواقعة أو مراجعة - .... إلى غير ذلك من الاختلافات اليسيرة.
والزيود جمع (زيدي) نسبة إلى زيد بن علي، ومذهب زيد بن علي فرع من فروع مذاهب المعتزلة!!، فلا يجوز والحالة هذه أن يُطعن في الزيود من الوجهة الدينية، وما من عاقل من المسلمين يجرؤ على الطعن في مذهب زيد بن علي.
وقد قال أحد الأدباء الذين زاروا اليمن في كتاب كتبه عن رحلته ان حكم الإمام يحيى حكم زيدي لا حكم عربي، وأن الشوافع ليسوا راضين عنه وأنهم محرومون من الوظائف، وهذه الأقوال مُبالغٌ فيها كثيراً، فجلالة الإمام يحكم جميع البلاد على السواء، ولا يفرق بين حقوق رعيته، لإختلاف مذهبهم أو دينهم، وهو لا يحترم الشوافع فقط، بل يحترم اليهود أيضاً، الذين هم أقلية ضئيلة، ويعاملهم كمعاملة الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم في صدر الإسلام لأهل الذمة.
وأما الشوافع فهو يحترمهم كثيراً ويعتمد على بعض كبار رجالهم، وقد عين منهم الكثيرين في وظائف مختلفة، فالمزجاجي من الشوافع وهو عامل الإمام في لحية – اللحية بالحديدة – وأخوه عبدالله عامل في زبيد ومحمد باسلامة عامل إب وهو أيضاً من الشوافع ومأمور خزينة الإمام من الشوافع واسمه الحاج لطف.
كما أن كثيرين من أئمة الجوامع هم من الشوافع، والمثال على ذلك الشيخ طاهر إمام جامع بئر العزب في صنعاء، وجميع من ذكرت هم من الموظفين الكبار.
وأما الموظفون الصغار من الشوافع المستخدمون في اليمن، لا يحصى عددهم، كما أن وزير خارجية الإمام القاضي محمد راغب هو من الشوافع أيضاً ويُنسب إلى أصل تركي.
ويجدر بالذكر هنا أن معظم الكُتاب الذين كتبوا عن اليمن عقيب الحرب العالمية، لا تخلوا كتاباتهم من الدعايات والأغراض، وذلك لأن بعض الدول الأجنبية أخذت تزاحم على هذه البلاد، ولا تمر سنة إلا ونجد في صنعاء مندوبين كثيرين أوفدتهم دول مختلفة أو شركات اجنبية لمفاوضة الإمام في بعض الشئون السياسية والاقتصادية.
وقد إتفق أنني عندما زرت صنعاء في إحدى رحلاتي المتعددة كانت فيها وفود ألمانية وأميركية وإيطالية وبريطانية وروسية.
وبكل أسف أن هذه الدول وتلك الشركات، وجدت لنفسها خارج اليمن بعض الدُعاة المأجورين!! الذين أخذوا يكتبون عن اليمن أشياء كثيرة تسويداً لصفحته!! ومعظم هذه الأشياء إفتراء وإختلاق!!.))
المصدر// نزيه مؤيد العظم "رحلة في بلاد العربية السعيدة سبأ ومأرب"، الجزء الأول، مؤسسة فادي برس- لندن، الطبعة الثانية 1985م، ص 57 - 58

الأربعاء، 5 يونيو 2013

(لقد رأى من آياتِ رَبِه الكبرى)

زيد يحيى المحبشي
يحتفل المسلمون في أنحاء المعمورة في 27 رجب من كل عام بذكرى عظيمة على قلوب المؤمنين هي ذكرى "الإسراء والمعراج" إمتثالاً لقوله سبحانه وتعالى: "ومن يُعَظِم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب" الحج/32 .
معجزة الإسراء والمعراج واحدة من الآيات الإلهية الكبرى التي أيد الله بها نبيه صلى الله عليه وآله وسلم بعد حصار قريش لبني هاشم في الشعب وموت الناصر - أبي طالب شيخ الأبطح -  والونيس - خديجة الكبرى - ونكبة وصد أهل الطائف، فكان فرج الله لنبيه بالإسراء والمعراج: "لنُرِيَهُ من آياتنا.." الإسراء/1
(من) تبعيضية بمعنى بعض آياتنا وليس كل آياتنا؛ تثبيتاً لقلب نبيه حتى يتحمل كل ما يلاقيه من سخرية واستهزاء وعذاب قريش وغيرها.
الإسراء والمعراج هدية ربانية أتت لتنفيس وتفريج كرب المصطفى عما كان يلاقيه من ألم صدود وجحود أهل الطائف وألم تعقب ورفض كفار قريش، وهي بالمرتبة الأولى رحلة استكشاف للكون .. وما في قوله تعالى: "لقد رأى من آيات ربه الكبرى" النجم/ 18
(من) تبعيضية بمعنى بعض آيات ربه الكبرى وليس كلها، من الغموض وعدم الإفصاح وعلامات التعجب والاستفهام عما رآه صلى الله عليه وآله وسلم ما يكفي لتبيين أهمية هذه المعجزة التي كرم الله بها نبيه.
معجزة الإسراء والمعراج التي يحتفي بها المسلمون في السابع والعشرين من شهر رجب الأغر كما هو واضح من مسماها تتكون من مرحلتين
الأولى: الإسراء من المسجد الحرام - محطة الإنطلاق - على ظهر البراق إلى المسجد الأقصى - محطة الإستراحة - والصلاة بأرواح الأنبياء إماماً في تلك البقعة الطاهرة والتهيؤ النفسي والمعنوي لبدء المرحلة الثانية: من الرحلة المقدسة وهي العروج إلى السماوات العلى؛ والمعراج كالسلم يصعد فيه إلى سماء الدنيا ثم إلى سِدرة المنتهى وهي مجرد رمزية لتوصيف عملية الانتقال من عالم الخلق الى عالم الخالق .. وفي كليهما تنقل صلى الله عليه وآله وسلم روحاً وجسداً .. وفي كليهما لم يتحدث صلى الله عليه وآله وسلم عن كل ما رآه بل عن شيئ يسير فقط تناقله الرواة فأضافوا إليه ما خُيل لهم أنه صالح لشرح آيات الله الكبرى التي رآها صلى الله عليه وآله وسلم .. فكان بعضها بحسن نية وبعضها من دس المنافقين ليشوشوا علينا أمر ديننا وليجعلوه مع العقل السليم والفطرة السليمة والسنة السليمة على اختلاف وتناقض .. فيتسرب الشك إلى القلوب ثم الكفر والجحود.
وحسبنا أن القرآن الكريم قد وصفها بـ"الكبرى" وهذا الإجمال في الوصف لطفٌ من الله لنا .. لأن عقولنا أقل من مستوى تلك المعلومات التي اختص الله بها نبيه مع أنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يرى إلا ما أذن الله له أن يراه .. وقد وصف سبحانه وتعالى محافظة نبيه على حدود اللياقة والأدب وعدم مد النظر إلى ما لم يُأذن له برؤيته فقال سبحانه: "ما زاغ البصر وما طغى، لقد رأى من آيات ربه الكبرى" النجم/17 – 18
ولنا أن نتصور ما شئنا من آيات الله الكبرى التي أطلع عليها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لكن شريطة أن نعرض ذلك على كتاب الله فما وافقه فهو الصواب وما خالفه فهو باطل مردود .. وعقل المخالف بلا شك محتاج إلى طبيب وليس القصد الإطالة وتصحيح وتنقية ما روي عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في هذه الرحلة العظيمة المباركة وإنما الوقوف على الحكمة من هذه المعجزة الإلهية ..
وقد عرفنا أن القرآن الكريم جعل الحكمة "الصريحة" في ذلك: تثبيت قلب الرسول الخاتم بما رآه من آيات ربه الكبرى ليزداد هُدى ونوراً وصبراً على تحمل ما لاقاه ويلاقيه بعد موت أبي طالب وخديجة من ضروب الإهانة والسخرية والتعذيب ..
 والحكمة "الضمنية": اشعار الرسول الخاتم وأمته بوحدة الشريعة السماوية المنزلة عليه والرسل من قبله فهو صلى الله عليه وآله وسلم لم يأتِ بشيئ جديد ولم يكن أول من تلقى الإهانة والتعذيب في سبيل الله، فقد تلقاها من قبله إبراهيم الخليل وموسى الكليم، ويشير إلى هذا رحلته صلى الله عليه وآله وسلم إلى بلد الأنبياء "القدس الجريح" وتعريجه على طور سيناء جبل الكليم موسى عليه السلام وإتفاقه بأرواح الأنبياء عليهم السلام.
لذا وجدت قريش في هذه الحادثة التي سمتها "خرافة" مرتعاً خِصباً لنشر الأقاويل والأكاذيب والدعايات المغرضة ضد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .. ويأبى الله إلا أن يُتِمَ نوره ولو كره الكافرون .. وتظهر آيات ذلك في وصفه صلى الله عليه وآله وسلم لبيت المقدس وصفاً دقيقاً كأنه يراه الساعة وإخباره صلى الله عليه وآله وسلم ببعير لقريش في الطريق وما شرد منها وما جرى لماء قافلتهم ومتى يصلون مكة .. وبرغم من كل ذلك: أمن من أمن وصدق، وكفر المعاند الجهول الغوي.
الاسراء والمعراج ببساطة إعجازٌ أبهر الكافر والمعاند والزنديق والمنافق .. وأظهر مدى علم الله وضآلة العلوم الحديثة التي لا زالت تدور في محك بسيط من سماء الله المليئة بالأسرار والعجائب