بقلم/علي العابد وحمود الأهنومي
هو السيد العلامة العابد السجاد، بقية الأبدال،
ورأس الزهاد، جمال الدين علي بن إبراهيم -الملقب بالعابد - بن علي بن محمد بن صلاح
...ينتهي نسبه إلى محمد بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل
بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب سلام الله عليهم*.
ارتحل لطلب العلم إلى جهات بعيدة؛ فقد أخذ
القرآن على بعض علماء (بيت الفقيه) ابن عجيل بتهامة،
وأقام فيه مدة لقراءة القراءات السبع والعربية، وشارك السيد العلامة علي بن إبراهيم (العالم)
في كل فضيلة، وأقاما بـ(صنعاء) لقراءة الفقه، ومن مشائخه هو والسيد (العالم) الفقيه عبد
الله بن علي راوع.
وهو صاحب المقامات السامية في الزهد والعبادة؛
غلب عليه اسم "العابد" لكثرة عبادته، واعتزاله
الناس، وتلاوة القرآن بتأدية لم يسمع في وقته أحسن منه بترتيل وتأمل للمعاني، وكان
من أعيان العلماء، له في كل فن مشاركة حسنة، اشتغل بأنواع الطاعات، واستفاد عليه خلق،
وكانت له هيبة أهل التقوى، وجلالة في القلوب، وكان يحيي الليل عبادة، وتلاوة للقرآن، ومن
عجائبه أنه كان يتسوق الأسواق لا لحاجة دنيوية، بل ليصلي في كل مسجد على الطريق، وليدعو
في السوق بالدعاء المأثور، وهو:"لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله
الحمد يحي ويميت وهو على كل شيء قدير".
واتفقت له قضية عام حجه إذ انقطع عن القافلة،
فلقيه أسد يتنصنص له بلسانه، ويعسل بذنبه، كالشاكي
عليه، وتبدو دموعه سائلة، فسار معه والأسد يتقدمه، فكان إذا أبطأ العابد – رحمه الله
- انتظره الأسد حتى بلغ إلى الأجمة، وإذا هنالك لبوة في يدها شظية قد شاكتها، وورمت يدها،
فوثب الأسد على ظهر اللبوة ليمسكها حتى يتمكن العابد من إخراج الشظية، وأخذ السيد
شفرة حادة مرهفة كانت معه، وشق يدها، واستخرج الصديد، ثم استخرج الشظية، وخرج فصحبه
الأسد حتى لحق بالقافلة.
ولما رجع من صنعاء إلى بلده، أقام فيه للتدريس
والعبادة، حتى توفي المطهر بن الإمام شرف الدين
سنة ثمانين وتسعمائة من الهجرة النبوية، وحين أفلت زمام العدل في بلاد الشرفين كما
ذكر في ترجمة العالم الشرفي في العدد السابق طلب أهالي المحابشة من السيد العابد الاحتساب
لدفع الظالمين فقام بالأمر هو وتلميذه علي بن إبراهيم العالم وكان ما ذكر في ترجمته،
ولما نكصت القبائل عن نصرته هاجر إلى عفار للتدريس ونشر العلم، وبقي هناك على التدريس
بهجرة كحلان تاج الدين حتى توفي بـ (صبر) من أعمال عفار بألم الطاعون سنة ثلاث وثمانين
وتسعمائة*، وكان قد أوصى أن يقبر بجوار القاضي الزاهد عبد الله بن زيد العنسي، فاختلف
أهالي كحلان وأهالي بني موهب كلٌّ يريد دفنه في بلاده وكادت تحدث فتنة لولا تدخل أحد
الولاة هناك بينهم، واستقر الأمر بأن د فُن بعرقة عفار، ثم نقله حفيده ولد السيد علي
بن الحسين بن علي في شوال سنة ثلاث وثلاثين
وألف إلى هجرة القويعة، وعمرت عليه قبة، وبنى حفيده
بجانبها جامعاً كبيراً رحمة الله عليه، وصارت القويعة من أهم هجر العلم والمعرفة في الشرفين.
وخلَّف الحسين بن علي، والحسن بن علي، وقد
أعقب الحسين بن علي خمسة أولاد، وأعقب الحسن
ولدا اسمه عبد الله، كما خلّف بنتا تزوجها الإمام المنصور بالله القاسم بن محمد وأنجبت ولديه
الأسدين الغضنفرين والقمرين النيرين والعالمين المجاهدين الحسن والحسين سلام الله
عليهما، والأخير هو صاحب كتاب الغاية في أصول الفقه الذي قاد مع أخيه الحسن وأخيهما الأكبر
الإمام المؤيد معارك ضارية في سبيل تحرير اليمن من حكم الأتراك، ولما دعا الإمام القاسم
سلام الله عليه إلى الله عز وجل مجاهدا للطغاة من الأتراك ترك ولديه عند أخوالهم ابني
العابد إذ كان في مرحلة التخفي في بداية مشوار جهاده.وجدير بالذكر أن أسرة آل العابد الشهيرة
في الشاهل هم من ذرية المترجم له.
--
المصادر: مطلع البدور، وطبقات الزيدية الكبرى،
والنبذة المشيرة، والجواهر المضيئة، وبلوغ الأرب
*وقع خطأ في طبعة طبقات الزيدية أنه توفي
سنة 933 هـ رغم أنه ورد فيها أنه هاجر إلى عفار بعد وفاة المطهر
سنة 980 هـ؛ الأمر الذي يرجح ما ورد في المصادر الأخرى ومنها مطلع البدور والجواهر
المضيئة ويؤكد تصحف ما ورد في طبعة الطبقات.
نقلاً عن مجلة مفتاح المجد، العدد(8) مديرية المفتاح-حجة، 15 شعبان
1433هـ
* السيد
علي بن إبراهيم بن علي بن المهدي بن صلاح بن علي بن أحمد بن الإمام محمد بن جعفر القاسمي
المعروف بالعالم الشرفي ومحمد بن جعفر المذكور في نسبه هو المقبور في جبل حرام من الشرف
مشهور مزور عليه قبة عظيمة ابن الحسين بن فليته بن علي بن الحسين بن أبي البركات بن
يحيى بن علي بن القاسم بن محمد بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن
بن الحسن بن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق