لماذا يكرهون خاتم المرسلين؟
زيد يحيى المحبشي
يعتقد البعض بأن توجه صحف اليمين المتطرف والصحف الشعبية الهابطة "تابليود" في الغرب, إلى نشر رسوم كاريكاتورية مسيئة للنبي محمد والإسلام منذ مطلع العام 2001, وأعيد تكراره بعدها, والتي كان آخرها في 13 شباط/ فبراير الفائت, مجرد صور نمطية مجردة, أو تهكم وازدراء عابرين, إلا أن الحقيقة عكس ذلك, كون ما جرى امتداد لبناء فكري مركب, نما وتكوّن عبر تاريخ الاحتكاك العنيف بين الغرب والشرق, كنتاج طبيعي لعدة عوامل تاريخية, أدى تراكمها إلى تأجيج ثقافة الكراهية, المعاد إنتاجها اليوم برعاية صهيونية, بهدف إحلال الإسلام كعدو بديل للرأسمالية, بعد أفول نجم الشيوعية, وبالتالي الحيلولة دون إقبال الغربيين على الإسلام أو حتى مجرد التعرف عليه, إثر النجاح في زرع بذور الخوف منه ومن كل ما يمت لأتباعه بصلة بما صار يعرف اليوم في لغة الإعلام بشيطنة العدو, والتي عادة ما يتم ربطها بسياقات نظرية مرتبطة بالتحولات السياسية, المتمخضة عن السياسة الدولية, لها أفكار وأهداف محددة, تستمد تغذيتها من خلفيات تاريخية ومعرفية محددة تجاه الآخر, انطلاقاً من انتماءاته العرقية والدينية, والطافحة على السطح عادة خلال فترات حصول أزمة أو نقاش في الغرب تجاه قضية ما من القضايا الإسلامية, مترافقاً مع توجه ماكينات ميديا الكراهية الغربية إلى الإساءة والتشويه لرسول الرحمة والدين الخاتم, بالصور التي ترضي أذواق المشاهدين والقراء, كما رأيناه في قصة سلمان رشدي, وقضية الحجاب بفرنسا, وأحداث 11 أيلول/ سبتمبر 2001, وأزمات العراق وأفغانستان والشرق الأوسط, وكلها تندرج ضمن سيناريو أسلمة وتعريب الإرهاب, وصولاً إلى جعل الإسلام العدو الأول على الأنظمة والحكومات والعمران والحضارات , ومدعوماً بتقديم الإحصاءات المهولة أو الرسوم المثيرة أو التحقيقات الميدانية الباعثة على نقل صور مشوهة عن المسلمين والعرب كمتخلفين ومتطرفين وناقمين على الغرب وغيرهم.
يأتي هذا في وقت تمكن فيه المحافظون الجدد واليمين المتطرف والصهيونية العالمية من تحويل حملات الإساءة والتشويه للنبي الأكرم إلى صواعق لتفجيرات يجري إشعالها من حين لآخر بدعاوى واهية, كيما تبقى حرية التعبير المتشدقين بها سيفاً مسلطاً فوق رقابنا, تُؤلب بواسطته الرأي العام العالمي وتحديداً الغربي ضدنا وقت ما تشاء, تبعاً لمقتضيات صراع المصالح وخدمة لحسابات وأهداف استراتيجية محددة ومدروسة, المستفيد الأول منها اليهود وفقاً للكاتب الأميركي "كريستوفر بولين" في معرض تعليقه على علاقة المحرر الثقافي بصحيفة "جيلاندز بوستن" الدنمركية "فلمنغ روز" في قوله "روز يهودي يقود حملة ضد المسلمين والعرب لحسابات وأهداف استراتيجية صهيونية".
إذاً فالعداء والكراهية الغربية للإسلام ونبيه ما هو إلا امتداد للموقف الغربي التاريخي من الإنسان الشرقي بصورة عامة, والتي شهدت أولى فصولها ما قبل الإسلام بقرون, محركاتها التهديد الوجودي والحضاري في وقت تمكن فيه الفينيقيين والآراميين والكنعانيين من مدّ توسعاتهم إلى قلب أوربا,بما رافق ذلك من إشعاع حضاري وثقافي أخاف الغرب رغم اعتراف مؤرخيهم بما للشرق من فضل عليهم من قبيل ذهاب أساطيرهم إلى أن تسمية أوربا كان تيمناً بأميرة سورية تحمل نفس الإسم فرت إلى أوربا بعد نزاعها مع أخيها فتمكنت من فرض سيطرتها وإسمها وكذا أخذ الغرب آلهتهم ومعتقداتهم الدينية وآرائهم الفلسفية عن الفينيقيين المتمكنين من الوصول إلى بريطانيا والعائد فضل تسميتها إليهم, الأمر الذي دفع الغرب إلى اتهامهم بدلاً من العرفان بالجميل بالمتخلفين والمتوحشين والهمجيين في زمن كانوا فيه أكثر تقدماً وحضارة وأخلاقاً, من اليونان والرومان, الصورة عن الإنسان الشرقي المتوحش ظلت ولازالت إلى يومنا,
إذ من ذلك الحين اتسمت علاقة الغرب بالشرق بالتضاد والصراع والحروب والتربص , رغم نجاح الشرق في خلق جسور للتواصل مع الحضارات الأخرى خارج أوربا, لاسيما بعد ظهور الإسلام بما تمخض عنه من أبعاد جديدة للصراع قادة إلى اعتبار الغرب الدين الجديد تهديداً وجودياً مؤذناً بانقراضهم, ما يعني أن الصراع اليوم أكبر من كونه مجرد اختلاف أيديولوجي في وجهات النظر أو أعراض جاذبية تظهر بين الحين والآخر.
"انطواني ناتنج" في كتابه "الغرب" يشير إلى حقيقة ذلك بقوله "منذ أن جمع محمد أنصاره في مطلع القرن السابع الميلادي, وبدأ أول خطوات الانتشار الإسلامي، فإنه بات على العالم الغربي أن يحسب الإسلام كقوة دائمة وصلبة، تواجهنا نحن أبناء الحضارة الغربية عبر البحر المتوسط" ومن وقتها بدأت ماكينة الكراهية والتشويه ضد نبينا, بدءاً من يهود يثرب ومروراً بالروم المفضلين وقتها تبنى فكرة المواجهة مع المسلمين على عكس الحضارات الأخرى خارج أسوار أوربا وانتهاءً بالعصور الوسطى بما زخرت به من نشر متعمد للأساطير المسيئة والمتهمة للرسول الخاتم بالساحر الكبير المتمكن عن طريق السحر والخداع من تحطيم الكنيسة في إفريقيا وفي الشرق والادعاء بأن العرب أعراق منحطة ومتوحشة يجب إبادتهم كي يتمجد الرب ويعود اليهود إلى وطن آبائهم وأجدادهم كما ورد في كتاب "حياة محمد" لجورج بوش جد الرئيس الأميركي الحالي في القرن السابع عشر المعتبر فيه " أن الإسلام مجرد بلاء جاء به الدعي محمد!!، ساعد الرب على إنتشاره, عقاباً للكنيسة التي مزقتها خلافات البابوات بهرطقاتهم!".
وبهذا صار الاحتفاء بكراهية وازدراء النبي الخاتم معلماً بارزاً للفكر المسيحي الكاثوليكي والبروتستانتي في أوربا الغربية مصحوباً بالعديد من الرسوم والتماثيل المسيئة لنبي الإسلام على حوائط الكنائس والأديرة باستثناء الأرثوذوكسية إلى الحد الذي لا نجد له مثالاً ضد أي شخص آخر في التاريخ الإنساني, وهو موقف لم يشذ عنه سوى القليل من مفكري ومتديني غرب أوربا ممن ليس لهم أي تأثير على صناعة القرار والفكر.
فما الدافع بهم إلى هذا ؟ سؤال يدور اليوم بخلد الكثير، فؤاد كاظم في كتابه "الإسلام وشبهات المستشرقين" يخلص إلى أن ذلك ناجم عن معرفة حقيقية بالإسلام ساهم في تشكيلها البنيوي ثلاثة قوالب متداخلة وغير متعارضة هي "الميثولوجية واللاهوتية والعقلانية" ما نجد مداليله في الخطبة الشهيرة للبابا "أوروبانس" الثاني بمجمع "كليرمون" بفرنسا عام 1905م, الداعي فيها حكام وملوك أوربا إلى استعادة أراضيهم المقدسة من قبيلة الفرس والأتراك التي تخدم القوى الشيطانية حد قوله.
وبصورة أكثر بساطة تظل مركزية توحيد الله وعبادته لدى المسلمين الداعي إليها نبي الرحمة, من أهم العوامل المهددة بانقراض الغرب المسيحي, المعتقد بأن الفرد لا سواه مركزية الكون, وبالتالي صيرورة هذا التنازع من أهم المشاكل المتأججة في مسار العلاقات الغربية بالعالم الإسلامي والعربي, والدافعة بالغرب إلى كراهية النبي الخاتم, بحيث كانت الحملات الصليبية السبع في القرون الوسطى, بمثابة أول رد فعل جمعي غربي, لإهدار قيمة كل مقدس بعد فشلهم في تحجيم التأثير الإسلامي العالمي, المعيق لتطور وتوسع المسيحية والغرب, والحامل رايتها المسمومة اليوم الرموز الدينية اليمينية المتطرفة والصهيونية والتيارات العلمانية والقادة السياسيون بزعامة المحافظون الجدد والعديد من وسائل الإعلام المرتبطة باليهود, دافعها عقدة الخوف من تحول الإسلام إلى قيادة بديلة للقيادة الدينية النصرانية للعالم ,إلى جانب عقدة الشعور بالنقص أو ما يعرف بالمعجزة الإغريقية.
الصورة بمجملها تنم الانتقائية العدائية المعاصرة الغربية في صراعها القائم مع الإسلام لأحداث غابرة يعاد استحضارها, في وقت تدعي فيه أن مجتمعاتها أسست على قيم سامية, فإذا هي تنفخ في كير صندوق الشرور والكراهية بما يتلاءم مع نواياها ومصالحها ومخططاتها الرامية إلى إبقاء المسلمين والعرب أذلاء خانعين بعد بروز الإسلام كأكبر تحد حضاري وديني بما يؤثر سلباً على مفاعيل حوار الحضارات والثقافات والأديان, وكفانا بياناً ما ذهب إليه القس اليهودي "جير فولويل" في قوله "أعتقد أن محمداً كان إرهابياً" ,وهو الهدف المراد ترسيخه خدمة للصهيونية العالمية بحيث يصير معه كل من يعتنق الإسلام ملاحقاً بتهمة الإرهاب.
القس "فرانكلين جراهام" يذهب هو الأخر إلى أن " الإرهاب جزء من التوجه السائد في الإسلام، وأن القرآن يحض على العنف، والإرهاب لا يرتبط بعدد محدود من المتطرفين المسلمين, لأنه نابع من الإسلام نفسه، وإذا اشتريت القرآن فاقرأه وستجد الإرهاب فيه" بينما يعتقد رئيس وزراء أسبانيا السابق "خوسيه ماريا آثنار" بأن "مشاكل أسبانيا مع القاعدة بدأت مع فتح الأندلس" أي منذ القرن الثامن الميلادي مستخدماً هنا كلمة القاعدة وليس الإسلام, ما يعني بداهة أن كل المسلمين تنظيم قاعدة وإرهابيين, مضيفاً في معرض رده على المطالبين بابا الفاتيكان بالاعتذار عما ألحقه من إساءة لنبي الإسلام أواخر العام 2006 "ما السبب الذي يجعل الغرب فقط هو الذي يقدم الاعتذار بينما هم – أي المسلمون- احتلوا أسبانيا لمدة ثمانية قرون، وفي الوقت الذي أسمع دعوات البابا لتقديم اعتذاره عن تصريحات حول الإسلام فإني لا أسمع أي مسلم يعتذر عن احتلال أسبانيا!".
زيد يحيى المحبشي
يعتقد البعض بأن توجه صحف اليمين المتطرف والصحف الشعبية الهابطة "تابليود" في الغرب, إلى نشر رسوم كاريكاتورية مسيئة للنبي محمد والإسلام منذ مطلع العام 2001, وأعيد تكراره بعدها, والتي كان آخرها في 13 شباط/ فبراير الفائت, مجرد صور نمطية مجردة, أو تهكم وازدراء عابرين, إلا أن الحقيقة عكس ذلك, كون ما جرى امتداد لبناء فكري مركب, نما وتكوّن عبر تاريخ الاحتكاك العنيف بين الغرب والشرق, كنتاج طبيعي لعدة عوامل تاريخية, أدى تراكمها إلى تأجيج ثقافة الكراهية, المعاد إنتاجها اليوم برعاية صهيونية, بهدف إحلال الإسلام كعدو بديل للرأسمالية, بعد أفول نجم الشيوعية, وبالتالي الحيلولة دون إقبال الغربيين على الإسلام أو حتى مجرد التعرف عليه, إثر النجاح في زرع بذور الخوف منه ومن كل ما يمت لأتباعه بصلة بما صار يعرف اليوم في لغة الإعلام بشيطنة العدو, والتي عادة ما يتم ربطها بسياقات نظرية مرتبطة بالتحولات السياسية, المتمخضة عن السياسة الدولية, لها أفكار وأهداف محددة, تستمد تغذيتها من خلفيات تاريخية ومعرفية محددة تجاه الآخر, انطلاقاً من انتماءاته العرقية والدينية, والطافحة على السطح عادة خلال فترات حصول أزمة أو نقاش في الغرب تجاه قضية ما من القضايا الإسلامية, مترافقاً مع توجه ماكينات ميديا الكراهية الغربية إلى الإساءة والتشويه لرسول الرحمة والدين الخاتم, بالصور التي ترضي أذواق المشاهدين والقراء, كما رأيناه في قصة سلمان رشدي, وقضية الحجاب بفرنسا, وأحداث 11 أيلول/ سبتمبر 2001, وأزمات العراق وأفغانستان والشرق الأوسط, وكلها تندرج ضمن سيناريو أسلمة وتعريب الإرهاب, وصولاً إلى جعل الإسلام العدو الأول على الأنظمة والحكومات والعمران والحضارات , ومدعوماً بتقديم الإحصاءات المهولة أو الرسوم المثيرة أو التحقيقات الميدانية الباعثة على نقل صور مشوهة عن المسلمين والعرب كمتخلفين ومتطرفين وناقمين على الغرب وغيرهم.
يأتي هذا في وقت تمكن فيه المحافظون الجدد واليمين المتطرف والصهيونية العالمية من تحويل حملات الإساءة والتشويه للنبي الأكرم إلى صواعق لتفجيرات يجري إشعالها من حين لآخر بدعاوى واهية, كيما تبقى حرية التعبير المتشدقين بها سيفاً مسلطاً فوق رقابنا, تُؤلب بواسطته الرأي العام العالمي وتحديداً الغربي ضدنا وقت ما تشاء, تبعاً لمقتضيات صراع المصالح وخدمة لحسابات وأهداف استراتيجية محددة ومدروسة, المستفيد الأول منها اليهود وفقاً للكاتب الأميركي "كريستوفر بولين" في معرض تعليقه على علاقة المحرر الثقافي بصحيفة "جيلاندز بوستن" الدنمركية "فلمنغ روز" في قوله "روز يهودي يقود حملة ضد المسلمين والعرب لحسابات وأهداف استراتيجية صهيونية".
إذاً فالعداء والكراهية الغربية للإسلام ونبيه ما هو إلا امتداد للموقف الغربي التاريخي من الإنسان الشرقي بصورة عامة, والتي شهدت أولى فصولها ما قبل الإسلام بقرون, محركاتها التهديد الوجودي والحضاري في وقت تمكن فيه الفينيقيين والآراميين والكنعانيين من مدّ توسعاتهم إلى قلب أوربا,بما رافق ذلك من إشعاع حضاري وثقافي أخاف الغرب رغم اعتراف مؤرخيهم بما للشرق من فضل عليهم من قبيل ذهاب أساطيرهم إلى أن تسمية أوربا كان تيمناً بأميرة سورية تحمل نفس الإسم فرت إلى أوربا بعد نزاعها مع أخيها فتمكنت من فرض سيطرتها وإسمها وكذا أخذ الغرب آلهتهم ومعتقداتهم الدينية وآرائهم الفلسفية عن الفينيقيين المتمكنين من الوصول إلى بريطانيا والعائد فضل تسميتها إليهم, الأمر الذي دفع الغرب إلى اتهامهم بدلاً من العرفان بالجميل بالمتخلفين والمتوحشين والهمجيين في زمن كانوا فيه أكثر تقدماً وحضارة وأخلاقاً, من اليونان والرومان, الصورة عن الإنسان الشرقي المتوحش ظلت ولازالت إلى يومنا,
إذ من ذلك الحين اتسمت علاقة الغرب بالشرق بالتضاد والصراع والحروب والتربص , رغم نجاح الشرق في خلق جسور للتواصل مع الحضارات الأخرى خارج أوربا, لاسيما بعد ظهور الإسلام بما تمخض عنه من أبعاد جديدة للصراع قادة إلى اعتبار الغرب الدين الجديد تهديداً وجودياً مؤذناً بانقراضهم, ما يعني أن الصراع اليوم أكبر من كونه مجرد اختلاف أيديولوجي في وجهات النظر أو أعراض جاذبية تظهر بين الحين والآخر.
"انطواني ناتنج" في كتابه "الغرب" يشير إلى حقيقة ذلك بقوله "منذ أن جمع محمد أنصاره في مطلع القرن السابع الميلادي, وبدأ أول خطوات الانتشار الإسلامي، فإنه بات على العالم الغربي أن يحسب الإسلام كقوة دائمة وصلبة، تواجهنا نحن أبناء الحضارة الغربية عبر البحر المتوسط" ومن وقتها بدأت ماكينة الكراهية والتشويه ضد نبينا, بدءاً من يهود يثرب ومروراً بالروم المفضلين وقتها تبنى فكرة المواجهة مع المسلمين على عكس الحضارات الأخرى خارج أسوار أوربا وانتهاءً بالعصور الوسطى بما زخرت به من نشر متعمد للأساطير المسيئة والمتهمة للرسول الخاتم بالساحر الكبير المتمكن عن طريق السحر والخداع من تحطيم الكنيسة في إفريقيا وفي الشرق والادعاء بأن العرب أعراق منحطة ومتوحشة يجب إبادتهم كي يتمجد الرب ويعود اليهود إلى وطن آبائهم وأجدادهم كما ورد في كتاب "حياة محمد" لجورج بوش جد الرئيس الأميركي الحالي في القرن السابع عشر المعتبر فيه " أن الإسلام مجرد بلاء جاء به الدعي محمد!!، ساعد الرب على إنتشاره, عقاباً للكنيسة التي مزقتها خلافات البابوات بهرطقاتهم!".
وبهذا صار الاحتفاء بكراهية وازدراء النبي الخاتم معلماً بارزاً للفكر المسيحي الكاثوليكي والبروتستانتي في أوربا الغربية مصحوباً بالعديد من الرسوم والتماثيل المسيئة لنبي الإسلام على حوائط الكنائس والأديرة باستثناء الأرثوذوكسية إلى الحد الذي لا نجد له مثالاً ضد أي شخص آخر في التاريخ الإنساني, وهو موقف لم يشذ عنه سوى القليل من مفكري ومتديني غرب أوربا ممن ليس لهم أي تأثير على صناعة القرار والفكر.
فما الدافع بهم إلى هذا ؟ سؤال يدور اليوم بخلد الكثير، فؤاد كاظم في كتابه "الإسلام وشبهات المستشرقين" يخلص إلى أن ذلك ناجم عن معرفة حقيقية بالإسلام ساهم في تشكيلها البنيوي ثلاثة قوالب متداخلة وغير متعارضة هي "الميثولوجية واللاهوتية والعقلانية" ما نجد مداليله في الخطبة الشهيرة للبابا "أوروبانس" الثاني بمجمع "كليرمون" بفرنسا عام 1905م, الداعي فيها حكام وملوك أوربا إلى استعادة أراضيهم المقدسة من قبيلة الفرس والأتراك التي تخدم القوى الشيطانية حد قوله.
وبصورة أكثر بساطة تظل مركزية توحيد الله وعبادته لدى المسلمين الداعي إليها نبي الرحمة, من أهم العوامل المهددة بانقراض الغرب المسيحي, المعتقد بأن الفرد لا سواه مركزية الكون, وبالتالي صيرورة هذا التنازع من أهم المشاكل المتأججة في مسار العلاقات الغربية بالعالم الإسلامي والعربي, والدافعة بالغرب إلى كراهية النبي الخاتم, بحيث كانت الحملات الصليبية السبع في القرون الوسطى, بمثابة أول رد فعل جمعي غربي, لإهدار قيمة كل مقدس بعد فشلهم في تحجيم التأثير الإسلامي العالمي, المعيق لتطور وتوسع المسيحية والغرب, والحامل رايتها المسمومة اليوم الرموز الدينية اليمينية المتطرفة والصهيونية والتيارات العلمانية والقادة السياسيون بزعامة المحافظون الجدد والعديد من وسائل الإعلام المرتبطة باليهود, دافعها عقدة الخوف من تحول الإسلام إلى قيادة بديلة للقيادة الدينية النصرانية للعالم ,إلى جانب عقدة الشعور بالنقص أو ما يعرف بالمعجزة الإغريقية.
الصورة بمجملها تنم الانتقائية العدائية المعاصرة الغربية في صراعها القائم مع الإسلام لأحداث غابرة يعاد استحضارها, في وقت تدعي فيه أن مجتمعاتها أسست على قيم سامية, فإذا هي تنفخ في كير صندوق الشرور والكراهية بما يتلاءم مع نواياها ومصالحها ومخططاتها الرامية إلى إبقاء المسلمين والعرب أذلاء خانعين بعد بروز الإسلام كأكبر تحد حضاري وديني بما يؤثر سلباً على مفاعيل حوار الحضارات والثقافات والأديان, وكفانا بياناً ما ذهب إليه القس اليهودي "جير فولويل" في قوله "أعتقد أن محمداً كان إرهابياً" ,وهو الهدف المراد ترسيخه خدمة للصهيونية العالمية بحيث يصير معه كل من يعتنق الإسلام ملاحقاً بتهمة الإرهاب.
القس "فرانكلين جراهام" يذهب هو الأخر إلى أن " الإرهاب جزء من التوجه السائد في الإسلام، وأن القرآن يحض على العنف، والإرهاب لا يرتبط بعدد محدود من المتطرفين المسلمين, لأنه نابع من الإسلام نفسه، وإذا اشتريت القرآن فاقرأه وستجد الإرهاب فيه" بينما يعتقد رئيس وزراء أسبانيا السابق "خوسيه ماريا آثنار" بأن "مشاكل أسبانيا مع القاعدة بدأت مع فتح الأندلس" أي منذ القرن الثامن الميلادي مستخدماً هنا كلمة القاعدة وليس الإسلام, ما يعني بداهة أن كل المسلمين تنظيم قاعدة وإرهابيين, مضيفاً في معرض رده على المطالبين بابا الفاتيكان بالاعتذار عما ألحقه من إساءة لنبي الإسلام أواخر العام 2006 "ما السبب الذي يجعل الغرب فقط هو الذي يقدم الاعتذار بينما هم – أي المسلمون- احتلوا أسبانيا لمدة ثمانية قرون، وفي الوقت الذي أسمع دعوات البابا لتقديم اعتذاره عن تصريحات حول الإسلام فإني لا أسمع أي مسلم يعتذر عن احتلال أسبانيا!".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق