صورة حقيقية لمجموعة من الناس من رأس الكثيب شمال مدينة الحديدة وجدت بهدا الشكل سنة 1891 خلدها طابع بريدي صادر عن سنجق الحديدة
.. الدكتور عبدالودود قاسم مقشر، الكوارث الطبيعية والحرائق والمجاعات في تهامة 1849 -1921
.. الدكتور عبدالودود قاسم مقشر، الكوارث الطبيعية والحرائق والمجاعات في تهامة 1849 -1921
زيد يحيى المحبشي، مركز البحوث والمعلومات، 14 أكتوبر 2020
"14 أكتوبر ثورة شعب حر، طال انتظاره لثوار النصر الأكتوبري، لتحريره من أذيال الاستعمار البريطاني".
ادّعت بريطانيا في العام 1837 قيام الصيادين اليمنيين بنهب سفينة هندية ترفع علمها تسمى "دريا دولت"، كانت راسية بالقرب من ساحل عدن، ووضعت سلطان لحج "محسن بن فضل العبدلي" أمام خيارين: إما التعويض أو تمكينها من السيطرة على ميناء عدن، فاختار "العبدلي" الخيار الأول، لكن بريطانيا سرعان ما تراجعت عن قبول التعويض، وأصرت على ضرورة احتلال مدينة عدن، فوافق "العبدلي" في 22 يناير 1838 على تسليم عدن مقابل شطب ديونه البالغة نحو 15 ألف وحدة من عملة سلطنته، وبقاء وصايته على رعاياه، وفي 16 يناير 1839 هجمت السفن الحربية الإنجليزية على عدن، واحتلّتها بعد ثلاثة أيام من القصف العنيف، بعد أن وفر لها "العبدلي" الغطاء الشرعي.
ويعود اهتمام الاستعمار البريطاني بعدن والمناطق الساحلية اليمنية الى العام 1609، في اطار المنافسة التجارية الأوربية، حيث بدأت شركة الهند الشرقية في إرسال أولى رحلاتها الى عدن والبحر الأحمر، وتأسيس وكالة تجارية بريطانية في المخا، وظلت تمارس من خلالها أنشطتها في المنطقة الى أن تمكنت من احتلال مدينة عدن في 19 يناير 1839، والتي تم التمهيد لها بعقد معاهدة تجارية مع "العبدلي" في العام 1802، بموجبها أصبح ميناء ثغر اليمن الباسم مفتوحاً أمام البضائع الإنجليزية، وضمنت فيها توفير الحماية الخاصة لرعاياها وتأسيس وكالة تجارية.
وخلال الفترة "1802 – 1837" اتسعت رقعت نفوذ بريطانيا بعدن، ونجحت في تكبيل السلطان "العبدلي" بالديون، وبالتالي فبركة قصة نهب السفينة "دريا دولت"، واستخدامها كذريعة لاحتلال عدن والمناطق اليمنية الجنوبية والشرقية، ومع مرور السنين نجحت في تكبيل سلاطين السلطنات المجاورة لعدن، باتفاقيات ومعاهدات بعناوين وتسميات مختلفة، هدفت من ورائها إلى إحكام القبضة على كامل المناطق الجنوبية والشرقية من اليمن، وإدارتها من خلال شركة الهند الشرقية، والتي كانت تتخذ من "مومباي" مقراً لها، ليتم في 1 أبريل 1937 فصلها عن "مومباي"، وإلحاقها بوزارة المستعمرات البريطانية، ومعها بدأت بممارسة نوع جديد من السياسات الاستعمارية في المناطق اليمنية المحتلة، لضمان تثبيت بقائها، وضمان الاحتفاظ بالنفوذ والمصالح بعد جلائها.
ومثلما كانت السفينة "دريا دولت" ذريعة بريطانيا لاحتلال عدن قبل 181 عاماً، ها هي أذيال الاستعمار البريطاني بالخليج العبري اليوم تعاود احتلال اليمن انطلاقاً من عدن، بذرية إعادة شرعية الرئيس المنتهية ولايته والفار من وجه العدالة العبدلي الجديد "عبدربه منصور هادي"، ومن المفارقات العجيبة أن "العبدلي الجديد" وشقيقه "ناصر" كان قبل ثورة 14 أكتوبر 1963 المجيدة من أهم المقربين للحاكم العسكري البريطاني في السلطنة الفضلية، ما دفع الرئيس "سالمين" في مطلع السبعينيات من القرن العشرين الى الاعتراض على تعيينه مديراً للكلية العسكرية في عدن، محتجّاً بارتباط عائلته بالاستعمار البريطاني.
وهاهو صنيعة الإنجليز ينافح اليوم وللسنة السادسة على التوالي وبأريحية مخزية من أحد فنادق الدرعية عن الحرب التي تشنها السعودية والإمارات على بلاده، خدمة لأسياده في لندن والبيت الأسود وتل أبيب، والأكثر إثارة للتعجب إرتضاء من تبقى من الإكتوبريين لهذا المسخ، قائداً وسائساً، وارتضائهم قذفه لهم الى جحيم الإستعمار مجدداً.
بين 14 أكتوبر 1963، و14 أكتوبر 2020، 57 عاماً، وثورة تحرر وطني أنهت تراكمات 130 عاماً من الطغيان والعبث الاستعماري البريطاني، وقدمت في سبيل ذلك عشرات الألاف من الشهداء، وللأسف لم يتبقَ من هذه الثورة سوى الإسم فقط، الصورة إنقلبت رأساً على عقب، والمفاهيم تغيرت، والأدوار تبدلت، والمستعمر لم يعد مستعمراً بل محرراً، ومقاومة المستعمرين لم تعد عملاً وطنياً بل عمالة وخيانة وإرهاباً، وبقي المشترك بين زمنين: الخاصرة الجنوبية للجزيرة العربية، بما تتوافر عليه من موقع استراتيجي وثروات، ساحة لعبث الغرباء، ومسرحاً للأطماع ونهب المهيمنين، القدماء والجدد، وما بين الزمنين لا زالت ثورة 14 أكتوبر تبحث عن الأكتوبريين، بلا كلل ولا ملل، بعد أن تبخرت كل أهدافها.
ألغام بريطانيا تفجر الجنوب:
حرصت السياسة الانجليزية في المناطق اليمنية المحتلة في طابعها العام على تمزيق الوحدة اليمنية والنسيج اليمني، وتعميق اليأس في أوساط أبناء الشعب اليمني من عودة التحام جسدهم الواحد، وتلغيم حياتهم بسموم الكيانات والكانتونات المناطقية المتنافرة والمتصادمة من سلطنات وإمارات وولايات ومشيخات، وها هي عاصفة عدوان أذيال الاستعمار البريطاني تعيد إنعاشها من جديد، مع تغيير مسمياتها، وبقاء هدفها.
عناوين السياسة الاستعمارية واحدة في معانيها ومبانيها منذ عام 1839 وحتى انطلاق شرارة ثورة 14 أكتوبر في العام 1963 من جبال ردفان، بدءاً بسياسة "فرق تسد"، ومروراً بسياسة معاهدات واتفاقيات الحماية، وانتهاءاً بسياسة التقدم نحو الأمام وإعمال نظام الانتداب والاستشارة، تبعاً لمقتضيات التجزئة ومتطلبات كبح جماح نمو الوعي الوطني، والواصلة ذروتها في 1959 بإنشاء اتحاد الجنوب العربي، بدعم وتواطؤ رابطة أبناء الجنوب والجمعية العدنية، أملاً في تمديد سيطرة الاستعمار السياسية والعسكرية على المنطقة أكبر مدة ممكنة.
وتكمن خطورة ذلك في توجه الاستعمار منذ بداية عام 1934 إلى سلخ هوية الأجزاء الجنوبية والشرقية من اليمن، عن هويتها التاريخية والجغرافية، من خلال تغليب الثقافات والهويات المحلية، وتغذية النزعات الانفصالية، وتعميق هوة الخلافات والصراعات البينية، بهدف طمس الثقافة والهوية الوطنية اليمنية، وتكبيل ووأد أي هبة شعبية تحررية، وتفخيخ مستقبل الأجيال بألغام العنصرية المناطقية والعشائرية والفئوية.
ومع إطلالة العام 1952 بدأ الانجليز بترجمة سياستهم الجديدة عبر الترويج لإقامة كيانين اتحاديين فيدراليين حسب التقسيم الإداري في الإمارات ومستعمرة عدن، وتوحيدها في دولة جديدة تسمى "دولة الجنوب العربي الاتحادية"، على أن تبقى مستعمرة عدن خارج الاتحاد، وفي 1954 قدموا وجهة نظرهم بشأن الاتحاد الفيدرالي وإدارته، على أن تتكون من المندوب السامي، وتكون له رئاسة الاتحاد والعلاقات الخارجية والقرار الأول في حالة الطوارئ، ومجلس رؤساء يضم رؤساء البلاد الداخلية في الاتحاد، ومجلس تنفيذي وآخر تشريعي، وفي 11 فبراير 1959 أُعلن رسمياً عن قيام اتحاد إمارات الجنوب العربي.
ضم الاتحاد في البداية 6 إمارات من محميات عدن البالغ عددها 20 إمارة مع تخلف سلطنة لحج، وهي مجموعة من القبائل المتنافرة والمتناحرة، وكان الهدف من هذه الخطوة تصفية قضية تحرير جنوب اليمن، وإبقاء عدن قاعدة عسكرية استراتيجية لبريطانيا، واستغلال الاتحاد لتهديد شمال اليمن، والضغط على السلطات الجنوبية للحصول على المزيد من التنازلات للمستعمر في الجنوب، وجعل الاتحاد قاعدة متقدمة لضرب الحركات التحررية العربية، وقمع أية انتفاضة شعبية وطنية.
حدث إعلان دولة الجنوب العربي المزيف والمجافي للحقائق التاريخية والسياسية والاجتماعية والثقافية، لم يشذ عن مخطط تدجين الهوية الوطنية لصالح الهويات المحلية المصطنعة، وتعميق الهوة بين علاقات أبناء هذه المناطق وهويتهم الوطنية الأم، وتعميق النزعة الانفصالية، التي وجدت في الجمعية العدنية ورابطة أبناء الجنوب العربي ضالتها المنشودة، على أمل الحلول مكان الاستعمار، بعد رحيله، لتنفيذ مخططاته.
والحقيقة أن الاستعمار وجد حينها أن قوة وجوده واستمراره ومقومات أمانه، متوقفة على تجزئة المجتمع اليمني، واغراقه في الخلافات والصراعات البينية، لأنها ستبقى إذا اُضّطر للرحيل.
وهو ما بدى واضحاً في تباين وجهات نظر رفاق الكفاح المسلح واختلاف صفوفهم ووصولهم الى مرحلة الصدام الدامي في أكثر من مرة، خلال مرحلة النضال لنيل الحرية والاستقلال، وما بعد نيل الحرية والاستقلال للأسف الشديد، وما نراه اليوم بالمحافظات الجنوبية والشرقية مجرد صدى واجترار شائه وممجوج لآثار تلك الحقبة المظلمة من تاريخ اليمن.
الفعل الثوري الأكتوبري:
خلقت سياسات الاستعمار منذ اليوم الأول لدخول مدينة عدن موجة غضب شعبية، قابلها المحتل بعنف مفرط، وبقية العلاقة بين الاستعمار والمقاومة الوطنية في حالة مد وجذب، تبعاً لشخصية قادة النضال الوطني وقوة حضورهم وتأثيرهم، بالتوازي مع تفنن الاستعمار في تخليق سياسات التركيع والتطويع، ومع إطلالة العقد الثالث من القرن الماضي بدأت المقاومة الشعبية تأخذ طابعها التنظيمي تحت مظلة حركة وطنية جامعة تُسيِّر وتُنظم الفعل الثوري التحرري.
ومرت الحركة الوطنية التحررية في المناطق الجنوبية والشرقية، بأربع مراحل، هي:
1 - مرحلة العمل السياسي والإعلامي السري في الثلاثينيات من القرن الماضي.
2 - مرحلة الإيقاظ والتيقظ في الأربعينيات.
3 - مرحلة الاحتجاجات والإضرابات في الخمسينيات.
4 - مرحلة التمرد والثورة في الستينيات.
وعلى امتداد سنوات الخمسينيات وبداية الستينيات، كان الشعب اليمني في المناطق الجنوبية والشرقية قد تمرّس على أساليب النضال الوطني، وخاض مختلف طرق النضال السلمي، من أجل تحرره الوطني، كما يذكر "عبدالفتاح إسماعيل"، وفي البداية الأولى للستينيات بدأت تغزو بعض التنظيمات السياسية، أفكار الكفاح المسلح، وكانت في الواقع تجسيداً لجوهر رفضها للوجود الاستعماري في البلاد.
وكانت في نفس الوقت ملجأها الأخير، بعد أن أثبتت تجربة النضال السلمي فشلها، وعدم جدواها في الاطلاع بالمهام الحقيقية للتحرر الوطني، بفعل الطبيعة الاستعمارية.
ميدانياً، بدأت التشكيلات التنظيمية للعمل الفدائي في عدن أوائل عام 1946، وتشكلت قيادة للمدينة مكونة من القطاع العسكري والقطاع الشعبي، وكان يضم قطاعات العمال والمرأة والطلاب والتجار، وتحمّل الشهيد "نورالدين قاسم" في البداية المسؤولية لعدة شهور، ثم تعرض للاعتقال، فخلفه "عبدالفتاح إسماعيل".
والى جانب العمليات الفدائية المتواصلة ضد الاحتلال بعدن، كان هناك نضج ثوري بدأ يتشكل في أوساط المواطنين بمحافظات أبين والضالع وحضرموت ولحج، والأهم من ذلك تحديد المسؤوليات ميدانياً، تمهيداً للثورة المسلحة الشاملة التي فجرت الحرب في وجه المستعمر وأرغمته على الرحيل.
وفي 23 - 24 فبراير 1963 احتضنت صنعاء مؤتمراً للقوى الوطنية اليمنية، انبثق عنه تأسيس "جبهة تحرير الجنوب اليمني المحتل"، وإقرار الثورة المسلحة، بينما شهد يوم 19 أغسطس 1963 تأسيس "الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل"، إنقلاباً على "جبهة تحرير الجنوب"، بتغيير الإسم دون مؤتمر، وحضور 10 أفراد فقط من حركة القوميين العرب، واختزلت تحت مظلتها 7 تنظيمات سرية، أعلنت إيمانها بالكفاح المسلح، هي: فرع حركة القوميين العرب، والجبهة الناصرية في الجنوب المحتل، والمنظمة الثورية لجنوب اليمن المحتل، والجبهة الوطنية، والتنظيم السري للضباط والجنود والأحرار، وجبهة الإصلاح اليافعية، وتشكيل القبائل، ثم التحقت بها ثلاثة تنظيمات أخرى، هي: منظمة الطلائع الثورية بعدن، ومنظمة شباب المهرة، والمنظمة الثورية لشباب جنوب اليمن المحتل.
تُوجت هذه التحركات بانطلاق الشرار الأولى لثورة التحرير الوطني من جبال ردفان في 14 أكتوبر 1963، بقيادة "راجح بن غالب لبوزة"، واستشهد مع مغيب شمس يوم الثورة.
ومنذ اليوم الأول لانطلق ثورة التحرير، شنت سلطات الاستعمار البريطاني حملات عسكرية غاشمة ضد قبائل ردفان، استمرت 6 أشهر، اعتمد فيها العدو على استراتيجية "الأرض المحروقة"، وخلّفت كارثة إنسانية فضيعة، جعلت أحد أعضاء مجلس العموم البريطاني يدين تلك الأعمال اللا إنسانية.
اندلاع الثورة من ردفان هي البداية لمرحلة الكفاح المسلح، الذي استمر ملتهباً طيلة أربع سنوات كاملة (1963 - 1967) إلى أن انتهى باستقلال الشطر الجنوبي من اليمن في 30 نوفمبر 1967، وفي الثمانية الأشهر الأولى من عام 1964، اضطرت بريطانيا إلى القيام بعمليات حربية كبيرة ضد الثوار، عُرِّفت بعضها في الوثائق البريطانية بعمليات "نتكراركر" و"رستم" و"ردفورس"، وكانت تلك المعارك بالفعل أكبر معارك بريطانيا خلال حرب التحرير، اشترك فيها آلاف الجنود، واستخدمت فيها مختلف أنواع الأسلحة الثقيلة، كما أن الصحافة البريطانية أصبحت تسمي ثوار ردفان بـ"الذئاب الحُمر".
هذه التحولات دفعت الجمعية العامة للأمم المتحدة الى إصدار قرار في 11 ديسمبر 1963، تضمن الدعوة لحل مشكلة الجنوب اليمني المحتل، والإقرار بحقه في تقرير مصيره والتحرر من الحكم الاستعماري البريطاني، واعتراف الأمم المتحدة في العام 1965 بشرعية كفاح شعب الجنوب، طبقاً لميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
وفي 2 أكتوبر 1965 أعلنت بريطانيا البقاء في عدن حتى عام 1968، ما أدى الى انتفاضة شعبية عنيفة ضدها، أسفرت عن خسائر بشرية ومادية كبيرة، وفي 22 فبراير 1966 أعادت التأكيد على منح مستعمرة عدن والمحميات الاستقلال في مطلع العام 1968، والاعتراف في أغسطس 1966 بقرارات منظمة الأمم المتحدة لعامي 1963 و1965 حول حق شعب الجنوب اليمني المحتل في تقرير مصيره، وإعلان وزير خارجيتها "جورج براون" في 14 نوفمبر 1967 تحت وطأة اشتداد المقاومة الوطنية، منح الاستقلال لجنوب اليمن في 30 نوفمبر 1967 وليس في 9 يناير 1968، كما كان مخططاً له سابقاً، وبدء التفاوض بجنيف في 21 نوفمبر 1967 بين الجبهة القومية والحكومية البريطانية حول الانسحاب، وتوقيع "قحطان محمد الشعبي"، واللورد "شاكلتون" اتفاقية الاستقلال.
وفي 29 نوفمبر غادر مدينة عدن آخر جندي بريطاني، وإعلان الاستقلال في 30 نوفمبر 1967 عن الاستعمار البريطاني، وقيام جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية.
عوامل عديدة ساعدت على تعجيل خروج الاستعمار في نهاية نوفمبر من عام 1967، بعد أربع سنوات من الكفاح المسلح المتدحرج من السرية إلى العلنية، وما تخلله من تباينات بين فصائل الكفاح المسلح، دفعتهم الى التصادم والاقتتال أكثر من مرة، والالتهاء عن العدو الأكبر المتمثل في الاستعمار البريطاني، أهمها بحسب الأستاذ المناضل محمد سعيد عبدالله "محسن":
1 – توجيه الضربات القوية للعملاء والأجانب من الهنود والصوماليين، الذين كانوا يلعبون دوراً كبيراً في مراقبة ومتابعة الفدائيين، ورصد تحركات المشكوك فيهم، ورفعها إلى الاستخبارات البريطانية.
2 – وقوف الشعب إلى جانب الثورة بمدينة عدن.
3 – السلوك والأخلاق الجيدين اللذين كان يتحلى بهما الثوار في علاقاتهم وتعاملهم مع المواطنين.
4 – العلاقة الرفاقية الحميمة بين رفاق النضال، والثقة الكاملة وعدم التفكير إلا بنجاح مهماتهم، وحفاظهم على بعضهم.
المراجع:
1 - الموسوعة الدولية الحرة "ويكيبيديا"، ثورة 14 أكتوبر
2 - زيد يحيى المحبشي، 30 نوفمبر عيد الجلاء للاستعمار البريطاني من عدن، مركز البحوث والمعلومات، 28 نوفمبر 2019
3 - عامر الدميني، كيف تشكلت جبهة التحرير بصنعاء وكيف استشهد لبوزة بردفان؟، الموقع بوست، 13 أكتوبر 2018
4 - العميد الركن ثابت حسين صالح، ثورة 14 اكتوبر 1963 لمحة موجزة، المشهد العربي.
https://almashhadalaraby.com
5 - المركز اليمني للإعلام، ثورة 14 أكتوبر من المهد الى النصر، 13 أكتوبر 2017
6 - خليل كوثراني، عودة الإنكليز: العين على القواعد والجزر، صحيفة الأخبار اللبنانية، 14 أكتوبر2017
7 - دعاء سويدان، أين "رفاق" الأمس؟، الأخبار اللبنانية، 14 أكتوبر2017
8 - محمد سعيد عبدالله "محسن"، عدن كفاح شعب وهزيمة إمبراطورية، دار بن خلدون/ بيروت، الطبعة الثانية 1989
9 - مركز البحوث والمعلومات، اليمن في 100 عام، الطبعة الأولى 2000
1 - "اليمن والدول الكبرى"/ الجزء الثاني
كتاب من الحجم الكبير، يضم 450 صفحة، صدرت الطبعة الاولى في مايو 2004 عن مركز البحوث والمعلومات بصنعاء، وهو عبارة عن دراسات تحليلية وتوثيقية وتأصيل تاريخي لعلاقات اليمن مع ألمانيا وهولندا واليابان وإيطاليا وكندا
الكتاب من تأليف:
زيد يحيى المحبشي
د. سامي محمد السياغي
فؤاد محسن ثامر
زايد محمد جابر
2 - "اليمن والصين: خمسون عاما من العلاقات"
كتاب من الحجم الكبير يقع في 270 صفحة
صدرت الطبعة الاولى عن مركز البحوث والمعلومات بوكالة سبأ بالشراكة مع وزارة التخطيط والتعاون الدولي في مارس 2006
وهو من تأليف:
زيد يحيى المحبشي
فؤاد ثامر
أحمد الشرعبي
عبدالله سنان
الكتاب أطر للعلاقات الثنائية بين اليمن والصين في مراحلها المختلفة بدءا بالقرن الأول الميلادي وحتى 2005 تحليلا وتوثيقا وتأصيلا تاريخا وتفاعلات الطرفين من القضايا التي تهم بلديهما محليا واقليميا ودوليا ولها تأثير مباشر او غير مباشر على علاقتهما ومصالحهما القومية ..
3 - "ظاهرة الثأر في اليمن"
صدرت الطبعة الاولى عن مركز البحوث والمعلومات في أغسطس 2004 ويضم 260 صفحة تناولت الابعاد المختلفة لظاهرة الثأر في اليمن وتداعياتها والمعالجات الواجب اتخاذها للحد من هذه الظاهرة المؤرقة لليمنيين منذ القدم
الكتاب من تأليف:
زيد يحيى المحبشي
زايد محمد جابر
د.علي أحمد عمر العبسي
فؤاد محسن ثامر
عبدالله أحمد سنان
إبراهيم المزعقي
4 - "اليمن ودول الخليج العربي"
كتاب من الحجم الكبير، يقع في 451 صفحة، صدرت الطبعة الأولى عن مركز البحوث والمعلومات في سبتمبر 2005؛
وهو من تأليف:
زيد يحيى المحبشي
فاتك عبدالله الرديني
فؤاد محسن ثامر
د. علي علي العبسي
عايش عواس
مجيب الرحمن أحمد عبيد
أحمد عبدالحافظ الحضرمي
وهو تحليلي توثيقي؛ أطر للعلاقات اليمنية مع دول مجلس التعاون في مختلف المجالات وتفاعلاتها، والعوامل والظروف التي أثرت فيها: صعودا وهبوطا، تقاربا وتنافرا، إنسجاما وتصادما،والجذور التاريخية لهذه العلاقات منذ ما قبل ميلاد المسيح وحتى العام 2004 ..
5 - "اليمن ودول القرن الأفريقي"
كتاب من الحجم الكبير، يقع في 316 صفحة، صدرت الطبعة الأولى عن مركز البحوث والمعلومات بصنعاء في نوفمبر 2003
وهو عبارة عن دراسة تحليلية توثيقية وتأصيل تاريخي لعلاقات اليمن مع كلا من جيبوتي والصومال وأثيوبيا وارتيريا والسودان خلال الفترة الممتدة من القرن العشرين قبل ميلاد المسيح عليه السلام وحتى العام 2002
الكتاب من تأليف:
زيد يحيى المحبشي
عبدالله أحمد سنان
أحمد عبدالحافظ الحضرمي
عائش علي صالح عواس
6 - "المبادرة اليمنية لتفعيل العمل العربي المشترك .. رؤية تحليلية"
كتيب يقع في 170 صفحة، صدرت الطبعة الأولى عن مركز البحوث والمعلومات بصنعاء في سبتمبر 2003
وهو من تأليف:
زيد يحيى المحبشي
فاتك عبدالله الرديني
د. سامي محمد السياغي
فؤاد محسن ثامر
عبدالله احمد سنان
توجد نسخ من اصدارات مركز البحوث والمعلومات والتي قاربت نحو 74 اصدار غطت مختلف مجالات المعرفة في دار الكتب اليمنية وفروعها بالمحافظات والمكتبات العامة باليمن ومكتبات مراكز البحوث والدراسات ودور الثقافة اليمنية وبعض المكتبات العامة العربية والدولية منها مكتبة جامعة محمد بن سعود ومكتبة الاسكندرية والمكتبة الوطنية الصينية
وليس لها نسخة الكترونية على الشبكة العنكبوتية
وكانت قبل 2011 تباع بمكتبة أبو ذر بصنعاء وبعض المكتبات التجارية ومعارض الكتاب السنوية
توضيح:
كان العمل جاري لاطلاق مكتبة الكترونية خاصة بإصدارات المركز، غير أن أحداث 2011 قضت على كل شيئ وتم خلالها للاسف نهب المركز وتدمير محتوياته بما في ذلك نحو عشرة كتب كانت معدة للنشر
.. البروفيسور قاسم المحبشي
لايجب النظر إلى مفهوم التسامح في بعده كقيمة أخلاقية فحسب، أو مطلبا سيكولوجيا يتصل برغبة هذا الفرد أو ذلك، بوضع يده في يد صاحبه ويقول له (أنا سامحتك؛ سامحك الله) على طريقة جبر الخواطر (وعفى الله عما سلف)، أو بغرض المصالحة والتصالح مما جرى من خطأ وعداء وعنف وقتل ودماء على النمط التقليدي كما وصفه الشاعر:
إذ احتربت يوماً وسالت دماءها .. تذكرت القربى فسالت دموعها
بل يجب النظر إليه (التسامح) في بعده كحاجة وضرورة حيوية، وإستراتيجية تفرض ذاتها على الجميع بدرجة متساوية من الأهمية والقيمة والواجب دون أن تستثني أحدا من الفاعلين الاجتماعيين الراغبين في العيش المشترك في المجتمع المتعين، ولسنا بحاجة إلى التذكير هنا بمدى احتياج مجتمعاتنا العربية والاسلامية إلى فضيلة التسامح، لاسيما بعد أن شهدنا تاريخا طويلا من النزاعات الدموية والحروب الكارثية منذ منتصف القرن الماضي ..
لقد شاء لنا القدر أن نكون شاهدين على حقبة من أشد حقب التاريخ قتامه ومأساوية .. حقبة هي خليط من المتناقضات الصاخبة وخيبات الأمل المريرة ..
فما الذي جناه جيلنا منذ أكثر من نصف قرن غير تلك الدوامة المهلكة، من القلق والتوتر المفني والعبث المرهق بسبب تكرار الحالات ذاتها من الاندفاعات العمياء والأزمات والصراعات والخصومات والحروب والدماء والتدمير والدمار، من الآلام والعذابات والخوف والرعب والاغتراب، من البغضاء والحقد والغل والكراهية، من التفكك الاجتماعي والتشظي السياسي والمؤامرات والدسائس والضياع والضعف ..
لقد بتنا أشبه بسفينة تتقاذفها الأمواج وتعصف بها الرياح في كل اتجاه، ولا تلوح في الأفق البهيم بارقة أمل للنجاة بعد أن سقطت أحلامنا بالاستقلال والحرية والتقدم والعدالة والرفاه ..
وما دمنا لم نغرق بعد فإن الموقف الممكن الوحيد اليوم هو الموقف النقدي، نقد الذات، نقد الذات الفردية والذات الجمعية، ونقد التاريخ، ونقد الماضي بكل ما فيه، نقداً عقلانياً علمياً خال من الأحكام المتسرعة أو التشفي وخبث النوايا والتعصب الأعمى مع أو ضد، فالانفعالات والشهوات لا تفسر شيئاً أبداً، ومهما كان موقفنا من الماضي فإنه تاريخنا ولا جدوى من الثأر منه أو السخرية منه، بل ينبغي إدراكه على حقيقته، فالحقيقة مستقلة دائماً في آخر المطاف ..
كما أن حبنا للماضي وإجلاله لا يغيران من حقيقته شيئاً، وحينما يكون الماضي الذي يتطلب النقد ماضياً سياسياً مليئاً بالأحداث والصراعات الدموية القاتلة، فإن المهمة ستكون عسيرة وشاقة، غير أنه ليس لدينا من خيار آخر، إذا كنا نتصف بصفة البشر الذين يمتلكون العقل والحكمة، لا قطيع من الماشية، لا تدري كيف تعيش ولا تدرك بأي ذنب قتلت والى اين ينتهي بها المصير؟!
بيد أن تجليات الواقع مكرورة دائماً وليس في الإمكان المعرفة إلا ضد معرفة سابقة عن طريق تحطيم معارف أسيئ تكوينها .. وكما قال فيلسوف العلم المعاصر باشلار: "ستكون الحقيقة خطأ مصححاً أو لا تكون" .. فإذا ما عرفنا الأخطاء استطعنا تجاوزها ..
بيد أن ما يدعو إلى الأسف أننا لم نقرأ شيئاً جديرا بالقيمة والاعتبار في نقد وتقييم ماضينا القريب لاسيما بعد انقضاء فترة كافية لاسترجاع الماضي والجلوس مع الذات ونقدها نقداً فردياً وجماعياً وتاريخياً، وفضح الأخطاء وتعريتها بلا هوادة في سبيل تجاوزها في المستقبل المنشود ..
ومن المهين أن يكون سر أزمة حياتنا والتقييم الدقيق لأخطائنا وقفاً على أناس لم يولدوا بعد!!
والسؤال الذي ينتصب أمام أعيننا الآن هو: أما آن لهذا الشعب أن يستريح؟ أما آن للغة العنف والقوة والعدوان والخوف أو لغة اللاتسامح أن تخرس، لتحل محلها لغة العقل والحوار والتسامح والتصالح والتضامن والتعايش والوئام والحب والتفاهم والتآخي والسلم والسلام؛
أي لغة اللاعنف؟؟
وإذا كان الخلاص يقع في أيدينا نحن جيل مابين الجيلين، فعلاً، فإنني سأجيب على هذا السؤال الحارق بـ"نعم" ..
وتدفعني إلى قولها تلك القوة المفكرة وتلك الشجاعة المثقفة التي أحس بها متأججة الحماسة لدى بعض الشباب والشابات، النساء والرجال، ممن أعرفهم ولا أعرفهم من أبناء هذا الوطن الحبيب الخصيب، الذين لم يفقدوا إيمانهم الهادئ المستقر بالله سبحانه وتعالى ولطفه ورحمته وبالإنسان وبالقيم الانسانية السامية، من اللذين نذروا جهودهم لتنميتها في مجتمعنا المسلوب، أولئك الذين أخذوا على أنفسهم دمل جراح الروح والجسد وبعث ربيع الحياة على هذه الارض المعطاة ..
إن حاجتنا إلى السلام كحاجتنا إلى الهواء والنوم، فليس بمقدور الإنسان أن يعيش زمناً طويلاً في قلق وتوتر مستفز، في كنف الخوف والرعب والفزع، في ظل غياب شبه تام لشبكات الحماية والأمن والأمان والعدل والحرية ..
بيد أن السلام كشرط ضروري لاستمرار حياة أي جماعة إنسانية مزقتها الحروب والخصومات لا يتم من تلقاء ذاته، بل يحتاج إلى جهود جبارة من العمل والمثابر والإصرار العنيد على ترسيخ قيم التسامح والتصالح والتضامن والثقافة السلمية وأدواتها في حل النزعات والمشكلات كما أشار خبير السلام الدولي، "جين شارب" في كتابه (البدائل الحقيقية)
ف"التسامح" هو الفضيلة التي تيسر قيام التعايش الاجتماعي والسلم والسلام بين الناس، ويسهم في إحلال ثقافة النضال السلمي، ثقافة اللاعنف، محل ثقافة الحرب والعنف والقتل والتدمير والدمار، بل يمكن القول أن فضيلة التسامح هي الحد الأدنى من إمكانية العيش والتعايش المشترك في مجمع سياسي مدني مستقر قابل للنماء والتقدم والازدهار ..
واليكم الفرق بين التسامح السلبي والإيجابي:
أولا: "التسامح السلبي":
الذي يعني ترك الأمور تمشي على أعنتها دون أن يكون للمتسامحين موقفا محددا منها وهو يتساوي مع اللامبالاة والانعزال والاهمال أو غياب الاهتمام بمعنى عدم التفاعل والتعاون والتضامن الفعّال، إذ تجد فيه كل فرد من أفراد المدينة أو المجتمع أو المؤسسة العامة منشغل بأمور حياته الخاصة ويعزف عن الاهتمام بالموضوعات العامة التي يتشارك به مع غيره من أعضاء المؤسسة أو الحي أو المدينة أو المجتمع عامة، ويتصرف وكأنها لا تعنيه!
وهذا هو المستوى الأدنى من التسامح الهش الذي لا يمكن البناء عليها لأنه لايدوم على حال من الأحوال بل يظل سريع التبدل والتحول والزوال ..
ثانيا: "التسامح الإيجابي":
الذي يعني أن الفاعلين الاجتماعيين المستهدفين بالتسامح قد استشعروا الحاجة الحيوية إلى بعضهم وأن لديهم مشاعر واعية ومشتركة باهمية التعايش والاندماج في مجتمعهم ويمتلكون القناعة الراسخة بأهمية الحفاظ على سلمه وسلامته ونظامه واستقراره وتنميته وترسيخة بالتسامح الفعّال بالافعال والأقوال بوصفه قيمة اخلاقية وثقافية مقدرة خير تقدير في حياتهم المشتركة وحق من حقوق كل الإنسانية الذي تستحق التقدير والاحترام ..
وهذا النمط من التسامح لا يكون ولا ينمو إلا في مجتمع مدني منظم بالقانون والمؤسسات العامة التي يجب أن تقف على مسافة واحدة من جميع أفراد المجتمع بما يجعلهم على قناعة تامة بأنها مؤسساتهم، هم، وأن الحفاظ عليها وصيانتها وتنميتها هي مسؤوليتهم جميعا، ويستشعرون في أعماقهم الدافع والحماس للعمل والنشاط والتضامن الفعّال ..
وبذلك يمهد التسامح الشرط والمزاج العام للتضامن العضوي بين جميع أفراد المجتمع في مشروع اعادة بناء مؤسستهم السياسية الوطنية الجامعة، أي الدولة، على أسس عادلة ومستقرة جديرة بالجهد والقيمة والاعتبار ..
والافراد يأتون ويذهبوا، أما المؤسسات فهي وحدها التي يمكن أن تدوم، إذا ما وجدت من يتعهدها بالصيانة والحرص والاهتمام ..
والنَّاس هم الذين يشكلون مؤسساتهم ثم تقوم هي بتشكيلهم!، فكيف ما كانت مؤسساتهم الحاضرة يكونون في مستقبل الأيام!، ..
هذا هو التسامح المطلوب في واقع حياتنا الراهنة، انه التسامح الذي لا يعني أن على المرء أن يحب جاره بل أن يجهد في احترامه ويصون حقوقه وفقا للقاعدة الأخلاقية: "عامل الناس كما تود أن يعاملوك"! ..
على هذا النحو يمكن اعتبار "التسامح" هو الشرط الأولي لكل عيش اجتماعي مشترك ممكن ومستقر، ينتهج طريق وأساليب سلمية عقلانية رشيدة في حل مشاكله ونزاعاته التي لا سبيل الى تجاوزها، وهذا لا يتم إلا بالتفاوض والتفاهم والحوار الايجابي بين الفاعلين الاجتماعيين في سبيل تحقيق العدالة والإنصاف وتكافؤ الفرص بين جميع الفاعلين الاجتماعيين ..
هذا معناه: أن أي حوار وتفاوض وتفاهم وتنسيق لا يمكنه أن يقوم ويتحقق وينمو ويزدهر ويثمر بدون التسامح الإيجابي، الذي يرتكز على الاعتراف المتبادل بين الأطراف بالأهلية والقيمة والندية والقدرة والسلطة والنفوذ، بما يكفل لكل طرف من الأطراف قول رأيه والتعبير عما يعتقده صوابا بحرية كاملة وظروف متكافئة ..
فالتسامح هو الشرط الضروري للتعايش والعيش بسلام والتفاهم بشأن المشكلات والأزمات والنزاعات الاجتماعية التي تنشأ في سياق الحياة الاجتماعية للناس الساعيين وراء إشباع حاجاتهم وتأمين شروط حياتهم ..
ويمكن تلخيص أهم شرط من شروط التسامح الفعّال بأنه: الاعتراف بقيمة الآخر وجدارته ونديته وحقوقه المتساوية مع الجميع أعضاء المجتمع المعني، وهو نمط من أنماط العلاقة بين الذات والآخر .. يعني التقدير والاحترام وتكافؤ الفرص والعدالة والإنصاف والاعتراف، إذ أن أكبر المصائب التي يمكن أن تصيب الإنسان هو غياب التقدير والانصاف والاعتراف ..
ويمكن أن يتحمل المرء كل المصائب الخارجية مقارنة بالظلم والإهمال والاحتقار.؛ ومن هنا يعد التسامح ضرورة العيش الفعال والمشجع في الحاضر العادل الآمن المستقر، الذي يجعل من الانتقال الى المستقبل أمرا ممكنا بما يوفره من بيئة سلمية مستقرة وسليمة ومتعافية وصالحة للتضامن والتعاون والتعاضد والتراحم والتأزر وتأليب الجهود والطاقات في سبيل تأسيس المداميك الصحيحة للمجتمع الذي نريد ان نُكوِّنه، مجتمع المستقبل ودولته العادلة الآمنة المستقرة المزدهرة ..
وبهذا المعنى يكون التضامن مرتبة قائمة على التسامح الايجابي الفعال بين المتسامحين الذين ينشدون الذهاب إلى المستقبل الأفضل ..
و"التسامح" بإيجاز:
يهدف إلى إيجاد الحد الأدنى من التعايش بين الناس الذين يعيشون الحاضر وهو بذلك يختلف عن التصالح الذي يتحدث عن الماضي بكل عرجه وبجره، إذ بدون التصالح يستحيل العيش في مجتمع مستقر ..
ومعنى "التصالح":
هو تصالح المرء مع ذاته ومع تاريخه مع أهله ومع جيرانه ومع الاخرين، خصوم، منافسين، فعليين أو متخيلين، وكل ما يعتقدهم مختلفين أو مغايرين، ممن يتقاسم معهم العيش المشترك في المجتمع كضرورة لا مفر منها، إذ يستحيل أن يتعايش مجموعة من الناس في مكان وزمان ممكنيين وهم في حالة تنافر وتنازع وصراع مستمر، هذا معناه أن "التصالح" ليس هبة أو مكرمة أو أمر عابر قابل للمساومة والتوافقات والرغبات، بل هو أول شروط الحياة الإجتماعية الممكنة في حدها الأدنى، إنه شرط سابق للعيش في الحاضر، وضرورة لا مفر منها للجميع، لايعني كما يعتقد البعض "عفا الله عما سلف"، وتوافقنا واتفاقنا التنازل عن خصوماتنا التي لم تكن بإرادتنا واختيارنا ..
واعني هنا الخصومات "السياسية" و"الايديولوجية" السابقة، العنفية المتعددة بكل أنماطها وأطرافها وأثارها ..
التصالح من حيث هو قيمة اخلاقية ثقافية سيكولوجية عظيمة الأهمية، والتصالح المقصود هنا هو أن: ندرك حقيقة وضعنا وأن نفهم ونعي الأسباب العميقة والدقيقة التي أفضت بنا الى ما نحن فيه من حال ومآل فاجع ومصير كارثي، ونتعلم من اخطائنا ..
واذا كان التصالح يتصل بالماضي ومعناه فانه الشرط الضروري للتسامح الذي يعني الحاضر ويتصل بالآني الفوري الراهن الحي المباشر ..
من هنا يعد التسامح ضرورة العيش الفعال والمشجع في الحاضر العادل الآمن المستقر الذي يجعل من الانتقال الى المستقبل أمرا ممكنا، بما يوفره من بيئة سلمية مستقرة وسليمة ومتعافية، صالحة للتضامن والتعاون والتعاضد والتراحم والتأزر، وتأليب الجهود والطاقات في سبيل تأسيس المداميك للمجتمع الذي نريد أن نكونه، مجتمع المستقبل ودولته العادلة الآمنة المستقرة المزدهرة ..
وبهذا المعنى يكون التضامن، مرتبة قائمة على البناء الايجابي الفعال للعلاقات الاجتماعية بين الفاعليين باتجاه المستقبل المنشود ..
هكذا يمكن لنا فهم العلاقة الجدلية بين هذا الثالوث المتناسق والمترابط والمتشابك في علاقة عضوية وظيفية متلازمة ومتبادلة التأثير والتأثر والدعم والاسناد، اقصد التصالح والتسامح والتضامن ..
رفيق الطفولة صديقي
الصدوق الزاهد الورع التقي النقي وجيه الدين وعمدة الشبيبة وجبل الصبر وجوهرة
الأخلاق ولؤلؤة التواضع.
مولده بقرية جبل
المحبشي في محافظة حجة عام 1977؛ ووفاته في ظهيرة الأربعاء 10 شعبان 1423 هـ،
الموافق 10 أكتوبر 2002.
درس الأساسي
والثانوية بالمحابشة، ودرس مقدمات العلوم الدينية بجامع القرانة في المحابشة،
وجامع الحيد بقرية جبل المحبشي، والجامع الكبير بصنعاء.
عرفته براً تقياً
صابراً محتسباً؛ سبّاقاً لفعل الخير، ومد يد العون للناس، وصاحب نخوة ونجدة، ورجل
مواقف في الملمات.
ورغم الحياة
القاسية التي عاشها لم تكن الابتسامة تفارق وجه البشوش.
فارقنا وعمره لم
يتجاوز الخامسة والعشرين بسبب نوبة اغتالت قلبه النقي الطاهر.
لم أرى في حياتي
أبناء قريتي يبكون أحداً كعبدالوهاب، لما تركه من أثر طيب استوجب حب الجميع وحزن
الجميع.
ارقد بسلام أخي
وصديقي رحمة الله تغشاك
قائد عسكري، إداري،
أمين شرعي، مرشد، إمام وخطيب جامع.
مولده بقرية
المداير من أعمال مديرية ظليمة حبور بمحافظة عمران في العام 1350 هـ، الموافق
1931، ووفاته في يوم الأحد ليلة الإثنين 8 شوال 1441 هـ، الموافق 31 مايو 2020،
ومواراة جثمانه الطاهر الثرى بمقبرة بيت المحبشي في مسقط رأسه صباح الإثنين 9 شوال
1441 هـ، الموافق 1 يونيو 2020.
ينحدر من أسرة
كريمة عُرِفت بالفضل والصلاح والورع والتقوى وفعل الخير والإصلاح بين الناس والكرم
والجود والنخوة والسخاء والنجدة والشهامة.
التحصيل العلمي:
أخذ العلوم الشرعية
عن والده وعمه القاضي العلامة أحمد بن عبدالله بن يحيى المحبشى، وكانوا من وجهاء
وعِلية القوم في منطقة حبور، ومن أصحاب المكانة لدى حُكام الملكية، وكان لهم صوت
مسموع لدى مشائخ القبائل ولدى أبناء منطقتهم.
كما أخذ عم كوكبة من علماء حبور، وكان طالباً،
ذكياً، فذاً، نبيهاً، حصيفاً، لبيباً.
السجل الوظيفي:
فقد والده وعمه،
وهو في الثالثة عشرة من عمره، فتسلم إدارة شؤون الأسرة باعتباره أكبر إخوانه،
والإشراف على أموالها.
في العشرين من عمره
انتقل الى منطقة بني موهب بالسودة، فعمل في الارشاد والتدريس وامامة جامع المحدور،
والإصلاح بين القبائل.
عينه سيف الإسلام
يحيى المتوكل وكيلا على جميع أملاكه، وهو والد وزير التجارة والصناعة السابق يحيى
بن يحيى المتوكل.
عمل في العهد
الجمهوري بالتجارة، وبعد استقراره بصنعاء في ثمانينيات القرن العشرين شغل وظيفة
الأمين الشرعي حتى وفاته.
السجل النضالي:
عند قيام ثورة 26
سبتمبر 1962 انخرط في صفوف الملكيين، وكانت له صولات وجولات، وكان أحد قادتهم
العسكريين في منطقة السودة.
من أبرز الوقعات والمعارك التي شارك فيها، صد
زحف الجمهوريين على بلاد السودة، وكان قائد الهجوم حينها الشيخ "عبدالله بن
حسين الأحمر"، وتمت مهاجمة السودة من غربان خمر.
وخلال تلك الفترة
نشأت صداقة بينه وبين الأمير "أحسن بن إسماعيل المداني"، وقاتل معه في
عدة مناطق، منها:
السودة وسفيان
وساقين ورازح وصعده، كما ولاه مسؤولية منطقة "قارة" من بلاد حجور،
ومسؤولية المالية الخاصة بالأمير، ومسؤولية صرف اعتمادات المشائخ والجنود وتوزيع
الذخائر والسلاح.
وخلال فترة عمله مع
الأمير المداني، وكان نازلاً حينها بمنطقة الخوبة، اُستدعي لأداء مناسك الحج مع
البعثة الملكية برئاسة العلامة الحجة الورع الزاهد "مجدالدين المؤيدي"،
وأتت لهم طائرة خاصة تقلهم من نجران الى جده.
بعد انتصار
الجمهورية عاد إلى منزله في بني موهب بالسودة، وطلب منه الجمهوريون تولي مكتب
التربية بمديرية السودة، أو أي منصب أخر يريده بالدولة، لكنه رفض ذلك، واختار
العودة الى مسجده وصومعته ومنبره.
مواقف لا تُنسى:
في العهد الملكي
حلّ القحط بمنطقة تهامة، فنزح بعض أبنائها إلى منطقة "المداير" بظليمة
حبور، وبادر عم صاحب الترجمة القاضي العلامة أحمد بن عبدالله بن يحيى المحبشي، لاستضافتهم،
رغم ضيق الحال، وكانت أسرته من المشتهرين بكرم الضيافة، ففتح لهم بيته ومدافن
الحبوب الخاصة بأسرته، وبعد نفاذها اضطر لرهن بعضاً من الأراضي الزراعية لدى عامل "حبور"
مقابل تسليفه مدفن حبوب، كي يتمكن من الاستمرار في إطعامهم، الى أن فك الله كربهم
وعادوا الى ديارهم، وهذه من صنائع المعروف والكرام، لا يقوم بها في تلك الفترة سوى
قلة من الناس، ممن وهبهم الله نعمة سخاء النفس والقلب واليد.
ومما يذكره أهالي
السودة وظليمة له رحمة الله عليه، وقوفه إلى جانب الضعفاء والمساكين والمظلومين،
والدفاع عنهم، وحمايتهم من بطش وتسلط النافذين في السلطة القضائية والمشائخ والأعيان.
وكان محباً للعلم
والعلماء وطلبة العلوم الشرعية، وباذلاً كل ما في مقدوره لهم، وديوانه في صنعاء
مفتوحٌ لكل أبناء منطقته، وأوصى بأن يظل بيته مفتوحاً لكل محتاج ومنقطع.
أولاده:
علي، عبدالحفيظ،
يحيى، عبدالواسع، عبدالصبور - قيادي إداري في وزارة الشباب والرياضة.
مناضل سبتمبري، شيخ
قبلي، مصلح اجتماعي
مولده في قرية
الملو التابعة لعزلة قطابه من مديرية السود في محافظة عمران؛ يوم الجمعة 19 صفر 1345
هـ، الموافق 27 أغسطس 1926، ووفاته ببني جيش من محافظة عمران؛ يوم الأحد 5 رجب 1435
هـ، الموافق 4 مايو 2014.
أخذ العلوم الشرعية
عن كوكبة من علماء الدين بمحافظة عمران، منهم والده القاضي الأجل محمد بن حسن
المحبشي، والعلامة أحمد بن علي بن يوسف، ولازم والده في حله وترحاله واستقر به
المقام في منطقة بني جيش؛ واستقى من والده محامد الأخلاق وجميل الخصال.
وهو أحد مناضلي
ثورة 26 سبتمبر 1962؛ والشقيق الأكبر للشهيد السبتمبري عبدالرحمن المحبشي.
انخرط في سبعينيات
القرن العشرين في التعاونيات، الى جانب عمله بالواجبات بمديريته؛ ومن خلال
التعاونيات عمل على متابعة وتوفير العديد من الخدمات لمديرتي السود وكحلان عفار.
له اسهام بارز في
متابعة وشق الطريق الى قريته، ومما يحسب له رحمة الله عليه التبرع بأرضية لبناء
مدرسة واخرى تم تخصيصها مقبرة لأبناء منطقته؛ وفي العام 2003 قام بوضع وثيقة قبلية
ملزمة لأبناء عزلته، حدد فيها مهور النساء وتوابع المهور من شرط وكسوة وغيرها،
بغرض التخفيف على الشباب وتسهيل الزواج.
كان ديوانه وبيته
في بني جيش، عامر بالزوار من أصحاب الحاجة وأصحاب الخصومات، من أبناء السود وكحلان
عفار، وكان صاحب رؤية وبصيرة وبعد نظر وحكمة عركتها السنين، وسعة صدر وكرم ونخوة
ونجدة وشهامة ونبل، وهو ما جعله محل احترام وتقدير كل من عرفه، ومرجعية قبلية لفض
الخصومات والاصلاح بين الناس.
أولاده: عبدالله، محمد، عبدالوهاب، علي