الصفحات

الخميس، 20 أكتوبر 2022

محمد بن أحمد بن علي النهاري


(1347 هـ/1929 م - 1413 هـ/ 1992 م)


إداري، فني، مناضل سبتمبري، الأب الروحي لمطابع صحيفة الثورة.


مولده في العام 1347 هـ، الموافق 1929، ووفاته بالعاصمة الأردنية في يوم الأربعاء 13 ربيع الأول 1413 هـ، الموافق 9 سبتمبر 1992، وتم تشييع جثمانه الطاهر الى مثواه الأخير بمقبرة برقان في وادي ظهر من أعمال همدان صنعاء في يوم الإثنين 18 ربيع الأول 1413 هــ الموافق 14 سبتمبر 1992.


من رواد العمل الفني في مجال الطباعة الصحفية في شمال اليمن، ومن الأوائل القُدامى العاملين في المطابع التابعة لوزارة الإعلام اليمنية، والمساهمين في وضع اللبنات الأولى لبناء المؤسسات الإعلامية الرسمية اثناء وعقب ثورة 26 سبتمبر 1962، والمشاركين في تأسيس مطابع صحيفة "الثورة"، وأحد الثوار المشاركين في صناعة ملحمة الثورة السبتمبرية وكسر حصار السبعين.

أشتهر في أوساط زملائه بالأب الروحي لمطابع صحيفة الثورة.


تأصيل أُسري:

آل النَّهاري، بضم النون المُشددة من الأُسر الحسنية الكريمة التي سكنت صنعاء ونواحيها، أتى جدهم من حضرموت فمر بالمخا فمدينة إب ليستقر به المُقاوم في المحروسة صنعاء، وهو: محمد بن الطاهر بن علي بن أحمد بن علي بن عبدالله بن محمد بن يحيى بن علي بن محمد بن حسين بن علي بن خالد بن علي بن عبدالله بن زيد بن علي بن عقيل بن يحيى بن محمد بن علي بن القاسم بن محمد بن إسماعيل بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب، ومنهم بيوت توطنت المخا وبني يوسف بالحجرية وجبل صبر تعز ومُذيخرة إب ووادي ظهر وخولان صنعاء، من أعلامهم بصنعاء:

1 - يحيى بن حمود بن علي بن محمد بن الطاهر النهاري - لُغوي وعالم فاضل، تولى العديد من المناصب في أيام الإمام أحمد وتم إعدامه في الأيام الأولى لثورة 26 سبتمبر 1962، من أولاده: محمد - من المهام التي شغلها مدير مكتبة الجامعة العربية في ألمانيا، عبدالله - دبلوماسي، يحيى - من المهام التي شغلها مدير الأملاك بتعز.

2 - صاحب الترجمة.

وآل النهاري من الأُسر الكريمة التي سكنت قعار جبين ريمة، ومنهم بيوت توطنت نعمان وصاب السافل وبُرع وظَّاهر خبت المحويت وجزيرة كمران ودُّمن ضَّامر باجل والقناوص ورَّوية زبيد وغيرها من بلاد تهامة ومنهم بيوت توطنت جورانة وحضونة أخدوع أعلا مقبنة شَمير تعز، وهم حُسينيون جذورهم من ينبع، جدهم اسمه نهار ولهذا عُرفوا بلقب النهاري، وبعضهم قال أنهم حسنيون وأن جدهم وجد آل القليصي أشقاء أو أبناء عم قدموا من الحجاز، من أعلامهم في ريمة:

1 - عبدالحفيظ بن عبدالباري بن عبدالحفيظ النهاري - شاعر وسياسي وصحفي ومؤلف، مولده بحجار جبين ريمة عام 1962، من مؤلفاته الشعرية: أشواق في كف الريح 1992، الجبال التي أنكرتني، وجه البنفسج.

2 - محمد بن عمر بن موسى بن محمد بن علي بن يوسف النهاري - عالم فاضل صاحب كرامات، توفي في رباط النهاري بريمة في 7 محرم 747 هـ.

3 - محمد بن عمر النهاري - فقيه وقاضي ومؤلف، مولده في العام 815 هـ ووفاته في شوال 893 هـ، عاش في وصاب وزبيد، من مؤلفاته: الكفاية - فقه، زواهر الجواهر، مفتاح الأرتاج في شرح المنهاج.

ورباط النهاري، بلدة وقرية في جبين ريمة.

ودير النهاري، بلدة وقرية بقناوص الحديدة.


التحصيل العلمي:

أخذ تعليمه الأولي ببلدته، وأكمل مشواره العلمي بصنعاء، وبرع في الجمع والصف اليدوي على آلة الطباعة العثمانية، وكانت السائدة في شمال اليمن في العهد الملكي، والمُستخدمة في طباعة صحيفة "الثورة" عند انطلاقتها في تعز وبعد انتقالها الى صنعاء.


السجل الوظيفي: 

تنقّل في عدة أعمال بمطابع صحيفة الثورة، ووزارة الإعلام، والإذاعة، والمؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون، منها:

1 - موظف جمع يدوي في مطابع وزارة الإعلام بتعز ثم صنعاء.

2 - أول مدير عام لمطابع صحيفة الثورة بعد نقلها من تعز الى صنعاء، 1967. 

 3 - مدير عام إدارة المحروقات بمؤسسة الإذاعة والتلفزيون - قطاع الإذاعة، البرنامج العام، وهو أخر عمل له قبل وفاته.

أكثر من أربعة عقود من التفاني في خدمة الوطن والدفاع عن الثورة السبتمبرية، وترسيخ دعائمها، كان في كل المهام التي أُوكلت له بشهادة رفاق دربه، نموذجاً للموظف المثالي، واكتسب بطيبة قلبه وصدقه وحبه لعمله وتفانيه في خدمة وطنه وبساطته، حب كل من عرفه، وتخرّج على يديه أجيال من العاملين في المؤسسات الإعلامية الرسمية.


الشهائد التقديرية:

حصل على العديد من الشهائد التقديرية من عدة جهات حكومية، منها وزارة الإعلام والثقافة ممثلة بوزيرها الأسبق "حسن أحمد اللوزي".


قالوا عنه:

1 - الأستاذ "أحمد إسماعيل الأكوع":

 الأستاذ "محمد النهاري" من أبرز العاملين القُدامى في مطبعة صحيفة الثورة، كان مثالاً للأخلاق في تعامله مع زُملائه من عمال المطبعة، ما جعلهم يضعون ثقتهم فيه وترشيحه لمنصب مدير المطابع حينذاك.

وبعد مُعاناة طويلة في العمل بسبب احتكاكه بالمواد "الرصاصية"، وتعرُّض معظم زملائه للتسمُم الرصاصي"، فضّل الانتقال إلى الإذاعة في مجال الإشراف على المحروقات، بعد تحويل المطابع إلى شركة الطباعة والنشر، رغم أن العمل الأخير لا يقل خُطورة عن الأول.

رحل عنا وقد تعرّض جسمه لآثار المادتين "الرصاص" و"البترول"، ولم يكن يتوقع أن هذه المواد ستُؤثر على صحته على المدى البعيد.

كرَّس حياته لعمله، وخاصة في مثل تلك الظروف الصعبة أثناء حصار العاصمة صنعاء، حيث كانت الإذاعة في حالة طوارئ مُستمرة ليلاً ونهاراً، وكان عليه كمسؤول عن المحروقات أن يظل في عمله على مدى 24 ساعة. 


2 - الرائد "عبدالكريم قاسم":

ما زال حديث الأستاذ "محمد النهاري" أمام أعيُننا، بابتسامته المُشرقة، وحديثه المُتفائل بالخير والحب والصدق والوفاء، ونبراته الهادئة، التي لا تعرف التذمُّر أو التزلُّف أو الخداع أو الشماتة.

كان في كل المهام التي أُسندت إليه مثالاً للإخلاص في واجبه نحو عمله ووطنه.

وأذكر من خلال مجاورتي له أكثر من أربعين عاماً، أنه كان خلال أيام الثورة، ومنذ اندلاع الشرارة الأولى لها، يعمل ليل نهار، لدرجة أنه كان ينسى أن له أسرة مُحتاجة إليه في ذلك الوقت العصيب، وكان يبقى في عمله أسبوعاً أو أكثر أحياناً، دون أن يتمكن حتى من إشعار أسرته التي لا تعرف عنه شيئاً، سوى أنه ذهب للعمل، ولم يعد.

كان يُقدِّس عمله أكثر من أي شيئ أخر سواه.

وكان له دور في أيام السبعين "أيام حصار صنعاء"، فكان يذهب إلى عمله دون أن يُعيقه عن واجبه دوي المدافع وهديرها، كان يذهب تحت نيران الرصاص والرشاشات ومدافع الهاون دون خوف، ولا هم له سوى نجاح عمله، واستمرار صدور صحيفة "الثورة".


 3 - الأستاذ "أحمد علي محيي الدين":

إن قُدامى العاملين في حقل الصحافة والإعلام يعرفون حق المعرفة أن الأستاذ "محمد النهاري" كان في مُقدمة الرجال الذين جنّدوا أنفسهم للعمل ليل نهار في المجال الطِباعي، وكان مع نفرٍ قليل من زملائه يتولون طباعة صحيفة "الثورة"، بعد نقلها من تعز الى صنعاء، وطباعة الجريدة الرسمية وغيرها من المطبوعات بجهود جبارة عن طريق "الجمع اليدوي" لحروف "الرصاص"، وبآلة "عثمانية" مُنهكة، في وقتٍ تكالبت فيه كل قوى الظلام والردة بكل امكانياتها من أجل اسكات أي صوت يمُت إلى الثورة بصلة.

وكانت الكلمة المطبوعة والمسموعة في معركة الحق ضد الباطل هي الرديف للبندقية وطلقة المدفع والرشاش.

وكان الرجال الأوفياء يصلون الليل بالنهار، كلٌ في موقعه، وهم يخوضون معارك الدفاع عن الثورة ونظامها الجمهوري، ولا يعرفون الكلل ولا يفكرون في المقابل الذي سيعود عليهم نظير السهر والعمل الجاد والجهود المُضنية، لأن الحرية وترسيخ دعائم النظام الجمهوري العادل نصب أعينهم.

أما المقابل المادي فكان أخر شيئ يُفكرون فيه، حتى مُرتباتهم الشهرية لم يكونوا يهتمون، هل سيتسلمونها في نهاية الشهر أم يتأخر استلامهم لها شهوراً.

وكان "النهاري" واحداً من أولئك الرجال الأوفياء الذين عملوا في وقتٍ لم تكن قد وُجِدت فيه المُكافآت والأجور الإضافية، بينما نحن اليوم في زمنٍ أصبح فيه المقابل المادي والتفكير فيه يسبق التفكير في الوطن، والعمل من أجل تطويره والنهوض به.

إن الجيل الذي سبقنا هو الجدير بالحياة، لأنه جيلٌ أعطى بلا حدود، وبلا مقابل، وعمل في صمت، ودون ضجيج، أما الغالبية العظمى من جيلنا فإنهم يفكرون، ويعملون من أجل الأخذ، وليس بهدف العطاء، على الرغم من رفعهم شعار "الحياة أخذ وعطاء".


4 - الأستاذ "علي الأشموري":

كل من عمل تحت إدارة الأستاذ "محمد النهاري"، أو احتك به وعرفه، ذكر فضائله ومحاسنه، فهو الأب البشوش ذو الابتسامة التي لا تُفارق شفتيه حتى في أحلك الظروف.

كان صُلباً، قوياً، كتوماً، لا يُشرك أحداً في مشاكله الخاصة.

رحل عن أولاده وأسرته ومُحبيه عفيفاً، نظيفاً، شريفاً، لم يجرح أحداً أثناء حياته.


5 - الأستاذ "أحمد سعدان":

عز الهدى والحب أجمعه .. وأخا المودة والوفاء الحسن

عفواً إذا ما عقّني قلمي .. أو خانني الإلهام بالوهن

أرثيك يا عز الهدى وفمي .. بالدم يفغر والأوجاع في بدن

وعلى فؤادي الجرح مقصلة .. وبأدمعي شُعلٌ من الشجن

في خاطري ذكراك أغنية .. في الصحو تُطربني وفي الوسن

أبياتها من مقلتي نُسجت .. وحروفها من قلبي الوهن

كم كُنت تُسعدنا بمكرمة .. وبداهة التنكيت والفطن

قلبٌ أشف من البلور وأسفي .. أني توقف طي الرمس والكفن

ما كان أنقاه وأطيبه .. واشفاه في ظلمه الزمن

ما خار في يومٍ ولا سكنا .. حتى توارى ولم يهدأ ولم يهن

حبٌ وإخلاصٌ ومكرمةٌ .. وتواضعٌ جمٌ بلا إحن

خمسون أفناها بلا كلل .. جِدٌ وإخلاصٌ بلا وهن

لم يشتك يوماً ولم يخنِ .. أو قال يوماً ضِقت يا وطني


أولاده: عبدالملك - من أولاده: أحمد ومحمد وإبراهيم وحمزة، وهو من القامات الوطنية، شغل العديد من المناصب الإدارية في المؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون، تُوفي بصنعاء في يوم الجمعة 25 رجب الأصب 1441 هـ الموافق 20 مارس 2020 عن عمر يُناهز الـ 65 عاماً.


مراجع ذُكر فيها العلم:

1 - أحمد إسماعيل الأكوع، المرحوم "محمد النهاري" كان مثالاً للعامل المُخلص، صحيفة الثورة، 17 سبتمبر 1992.

2 - إبراهيم بن أحمد المقحفي، موسوعة الألقاب اليمنية، ج 7، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر - بيروت، الطبعة الأولى - 2010.

3 - عبدالولي الشميري، موسوعة أعلام اليمن ومُؤلفيه، مؤسسة إبداع للثقافة والآداب والفنون، الطبعة الأولى - 2018، تراجم رقم 4791 و10327 و10342.

4 - علي بن عبدالكريم الفضيل، الأغصان لمشجرات أنساب عدنان وقحطان، مكتبة العزيزية - الرياض، الطبعة الثانية - 1995.

5 - محمد بن أحمد الحجري، مجموع بلدان اليمن وقبائلها، ج 2، دار الحكمة اليمانية، طبعة عام 1984.

6 - محمد بن محمد بن يحيى بن عبدالله زبارة، نيل الحُسنيين بأنساب مِن في اليمن من بيوت عترة الحسنين، نُسخة إلكترونية طبعتها قديمة نشرتها مكتبة علوم النَّسب.

7 - محمد عبدالملك النهاري، مجموعة من المقالات التي كُتِبت عن جده ونبذة عنه.

8 - مُذكرات الباحث زيد المحبشي.

9 - صحيفة الثورة، كتابات متنوعة لرفاق صاحب الترجمة وتلاميذه بمناسبة مرور أربعين يوماً على رحيله، 27 أكتوبر 1992.

10 - صحيفة 22 مايو، العدد 64، 16 سبتمبر 1992.