Translate

الثلاثاء، 10 ديسمبر 2019

بين أحضان الطبيعة وجمالها الساحر:رحلة إلى مدينة العوجاء












يحيى محمد جحاف
في يوم السبت الموافق 30 /11 /2019م قمت برحلة خاطفة إلى مدينة العوجاء(المحابشة) وهي الأولى للتعرف على هذه المدينة الجميلة بطبيعتها الساحرة وتضاريسها العجيبة وتكوينها الطبيعي بتلك القمم الموزعة على جوانب مداخلها ومخارجها.
بدأت نقطة الانطلاق لهذه الرحلة من مدينة حجة عاصمة المحافظة في الساعة السابعة والنصف صباحا اتجهنا من الطريق المسمى ساق الغراب ومن نقطة النصيرية كانت البداية في اتجاه مديرية مبين شمسان وقاع شمسان أصبح من الأسواق الشعبية اليومية لبيع القات والخضروات والكثير من الاحتياجات اليومية للناس القادمين من مناطق متفرقة من المديرية وغيرها حتى اصبح يشكل اختناقاً مرورياً للقادم والمغادر ثم اتجهنا شمالا حيث كان الطريق معبداً(اسفلت) مررنا بصاية بني عكاب والصاية من المناطق الفريدة بمبانيها الجميلة بطابعها المعماري المتميز وآثارها التاريخية الظاهرة التي لازال البعض منها قائماً ناهيك عن طبيعة أرضها وجبالها الخضراء الخلابة وعلى امتداد النظر لم يتغير ذلك البساط الأخضر ثم دار حاجب ثم بيت المسهلي ومن بيت المسهلي بدأ النزول الى بني الشومي ثم الحكامية وهي ارض تقترب من مناخ السهل التهامي ومناخ السهل المعتدل ويبدو أن الناس هنا يهتمون برعي المواشي والجمال ،فوادي مور لازال الناس يضطرون للسير فيه لعدم اكتمال العمل في الجسر الرابط بين الضفتين ثم الصعود إلى جبل حرام ،هذا الجبل الشاهق الذي تدور فيه السيارة يميناً ويساراً إلا انك تتمكن من مشاهدة مناظر وقرى جميلة متناثرة هنا وهناك، الأمر الذي ينسيك مشقة التعب، وجبل رام لا يزرع إلا القات على ما يبدو، حتى وصلنا إلى سوق سعدان الذي يعد سوقاً كبيراً وسط القرية مكتظاً بمتسوقين وباعة ومشترين ويشكل صعوبة في المرور للقادمين والمغادرين، أما المكان فيشهد نهضة معمارية حديثة وهذا ظاهر من خلال بناء المساكن والنمط المعماري ، ومن المرتفع الشاهق لجبل حرام بدأنا النزول التدريجي وقد واجهنا صعوبة في الطريق لوعورته والذي يبدو نتيجة عدم الاهتمام بترميم الطريق من قبل الجهات ذات العلاقة وإعادة تأهيله وعمل تصريفات لمياه الأمطار هذا الموضوع لم نجده في هذا المكان بل وجدناه على امتداد الطريق بنسب متفاوتة لكن هذه المنطقة أخذت نصيب الأسد من الإهمال.
بعد أن تمكنا من تجاوز وعورة الطريق تم الهبوط إلى وادي الزيح ثم الاتجاه إلى مدينة العوجاء مررنا من تحت جبل المحبشي الشامخ هذا المعلم التاريخي الذي يمثل حماية طبيعية لهذه المدينة بالإضافة إلى تلك الحصون الأخرى المتناثرة شمالا وجنوبا ما يؤلم الناظر هو ،وما حل بدار الشرف التاريخي من خراب ودمار من قبل تحالف الشر ،هذا العدوان الذي لم يترك شيئاً في اليمن أرضا وإنسانا وتاريخا إلا وقام بالانتقام منه .
وبعد أن وصلنا القطف ولفينا على المدينة من جهة الغرب من تحت حصن القرانة الذي كان يعتبر المجمع الإداري والسكني للسلطة المحلية سابقا وملحقاته المكونة من الجامع وسكن طلبة العلم ومن جهة الشرق إلى طرف العارضة وأخذنا صورة من هناك للمدينة ببعض مكوناتها التاريخية مثل حصن القرانة، وحصن أبو فارع وعدنا الى القطف ونزلنا في فندق برج الشرفين ،الفندق الوحيد في المدينة، وبعد استراحة بسيطة تناولنا وجبة الغداء في المطعم القريب من الفندق وقمنا بشراء قات والصلاة قصرا وارتحنا بعض الوقت وفي الساعة الثانية والنصف توجهنا إلى طريق المعمش غرب مدينة المحابشة وهو عبارة عن نقيل يلتف حول جبل شاهق، وكلما هبطت السيارة اكثر كلما غابت عنا تلك المناظر الجميلة والجبال الأخرى التي تمثل أجزاء من مديريات هي في الأساس تتبع قضاء الشرفين ،مررنا بربوع امجوانة ثم إلى سوق المحرق- مديرية حيران ،وهذا السوق من الأسواق التاريخية القديمة ويعتبر ملتقى لأبناء السهل والجبل وهنا بدأنا نلمس التغير المناخي بين الجبل والسهل التهامي ثم اتجهنا غربا على طريق مديرية اسلم لنسير في السهل التهامي ،فمررنا من سوق الثلوث في اسلم ومديرية اسلم تنفرد ببعض الصناعات اليدوية مثل الكوافي الخيزران(الطاقية) البديعة دون غيرها من مديريات الجمهورية.
استمر سيرنا على الطريق الإسفلتي في الرحلة والتي كانت ممتعة جدا حتى وصلنا إلى مدينة عبس بن ثواب فكانت جوانب الطريق تكسوها الخضرة لكنها تختلف عما شاهدناه في الجبل من انتشار شجرة القات التي غطت كل المساحات إذ كانت جميعها من محاصيل حبوب الذرة المختلفة ومنها إلى مدينة شفر التابعة لمديرية عبس إلا أنها أصبحت من المحطات التجارية الناشطة بسبب وقوعها على الطريق الدولي ولكونها ملتقى لمديريات متعددة ومن شفر واصلنا السير إلى خميس ابن الهيج (خميس الواعظات)وهذا السوق كبير ويعد ملتقى للعديد من الباعة والمتسوقين في يومه الأسبوعي ثم واصلنا السير إلى سوق المعرس الذي يتبع إداريا مديرية الزهرة التابعة لمحافظة الحديدة وهذا السوق شعبي ويقع على الطريق الدولي ثم واصلنا السير الى مثلث الخشم ليتحول الاتجاه شرقا أي إلى الطريق المؤدي إلى حجة مرورا بقاع البوني المكسو بالخضرة المتمثلة بزراعة المحاصيل الزراعية والأشجار المختلفة ومن ثم الحامضة وبيت مصلح حيث يوجد هناك تكاثر للأشجار المعمرة كما يتم القيام بقطع الأشجار وحرقها كفحم وبيعها بعد تجفيفها كأحطاب للوقود وبكميات كبيرة جدا، الأمر الذي يهدد بانقراض معظم الأشجار مستقبلاً، وكان من المفترض إيجاد بدائل لتشغيل الأيدي العاملة والقضاء على البطالة، هذه الظاهرة تنتشر على طول الطريق الممتد إلى مدينة الطور مركز بني قيس التي تدخلها من خلال جسر وادي لاعة الشهير ثم الحكامية ثم المهادلة وهذه المناطق تكسوها الخضرة بمناظرها الخلابة ويمارس أهلها نفس الأسلوب والطريقة في قطع الأشجار وإحراقها على امتداد الطريق المؤدي إلى سوق الأمان، والملفت للانتباه هو تواجد عدد كبير من رعاة النحل لتوفر المراعي من أشجار العلب واشجار أخرى جميعها منتشرة على امتداد الطريق ،ويبدو ان أولئك الرعاة من مناطق مختلفة من اليمن ،وبعد اجتياز سوق الأمان مرورا بوادي خائفة الشهير الذي تعرض جسره الرابط بين الضفتين لاستهداف من قبل طيران العدوان البربري السعودي الأمريكي ما أخرجه عن الخدمة وجعل المسافرين لزاماً يعبرون بسياراتهم جزءاً من الوادي للصعود إلى عيان من خلال العقبة التي كانت تشكل عائقا كبيرا للمسافرين نتيجة الحفريات الكبيرة الموجودة على امتداد مسافة الطريق الى مدينة حجة، لكن الطريق اليوم في أحسن حال فقد تمت إعادة تأهيله واختفت كل تلك الحفريات، حتى وصلنا إلى النصيرية نقطة الانطلاق ومدخل المدينة في رحلة العودة إذ كانت الساعة تشير إلى الخامسة والنصف عصرا ،هذه المدينة لا شك أن لها سحراً وجمالاً وحركة وسكوناً وأصبحت مدينة متناثرة الاطراف حتى معالمها التاريخية تقاوم الحديث بكل قوة نظرا للتوسع المعماري المنتشر بطول وعرض المدينة وهذا ما شاهدناه في كل المدن الثانوية للمحافظة خصوصا الجبلية منها.
أرجو ألا أكون قد أطلت عليكم متمنيا لكم دوام الصحة…