Translate

‏إظهار الرسائل ذات التسميات مقابلات صحفية. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات مقابلات صحفية. إظهار كافة الرسائل

الأحد، 8 مارس 2020

مقابلة مع الدكتور عبدالملك عبدالله الجنداري

مقابلة عن الثأر مع القاضي الدكتور عبدالملك عبدالله الجنداري تنشر لأول مرة
أجراها // زيد يحيى المحبشي بتاريخ 26 أبريل 2004
*ماهو المفهوم العام للثأر؟ وماهي أنواعه؟
- المفهوم العام للثأر - من وجهة نظري - أن يُقتل شخص فيقوم ولي دمه - أو شخص من عشيرته أو قبيلته- بقتل أحد أقارب القاتل أو احد اعيان عشيرته انتقاما للمقتول. أما قيام ولي الدم بقتل قاتل مؤرثه فلا يُعد ثأراً، عملا بقوله تعالى ((ومن قُتِلَ مَظلوماً فقد جَعَلنا لِوَليهِ سُلطاناً فلا يُسرِف في القتل))، ومع ذلك فقد أوجب المقنن اليمني معاقبته بالحبس تعزيراً له على افتئاته على حق الدولة في إقامة القصاص. وعليه فالإسراف في القتل هو الثأر، سواء بقتل أكثر من شخص غير القاتل أو بترك القاتل وقتل غيره بحجة أن المقتول أعلى شأناً من القاتل.
* ما مسببات بروز ظاهرة الثأر واستفحالها، في ضوء القصور التشريعي والاختلال القضائي في اليمن؟
وماهي المعالجات القانونية المطلوبة والإصلاحات القضائية المتخذة لاحتواء ظاهرة الثأر؟
- إن للثأر - كفعل أحادي- أسباب عدة ، ولاشك أن ثمة قصور تشريعي وخلل قضائي بهذا الصدد.
أما الثأر - كظاهرة - فوراءه سببان رئيسان ، الأول الجهل، والثاني بروز سلطة القبيلة - في بعض المناطق - على حساب سلطة الدولة بجوانبها الثلاثة التنفيذية والتشريعية والقضائية. لذلك من التجني وعدم الإنصاف تحميل إحدى سلطات الدولة دون غيرها وزر الثأر كظاهرة. فكثيرون يزعمون أن القضاء هو المسئول الأول عن ذلك، وهذا غير صحيح بدليل أن أولياء الدم في معظم قضايا القتل - في المحافظات التي ينتشر فيها الثأر - يرفضون التقدم بدعواهم بالحق الشخصي إلى القضاء، لقناعتهم الراسخة بأن عدم أخذهم حقهم بأيديهم نقيصة كبيرة. كما أنهم يعلمون أن القضاء سيقتص من القاتل الذي يرون غالباً أنه غير كفء للمقتول.
وقد يقول قائل: إن عدم ثقتهم بالقضاء هو دافعهم لأخذ حقهم بأيديهم. فنقول: إن هذا الوهم كان سائداً إلى عهد قريب، وهذا ما حدا بالمقنن اليمني عند تعديل مشروع قانون الجرائم والعقوبات - الذي أستمر العمل به استئناساً لعدة سنوات فيما كان يعرف بالشطر الشمالي من الوطن- إلى استحداث حكم يجيز للنيابة العامة حق طلب القصاص من المحكمة في قضايا القتل العمد. في حالة امتناع أولياء الدم عن طلب القصاص . بل وأوجب على المحكمة أن تحكم بالقصاص إكتفاء بطلب النيابة العامة (المادة "50" من القرار بالقانون رقم "12" لسنة 1994م). إلا أن المقنن علَّق تنفيذ الحكم الصادر بالقصاص على طلب أولياء الدم، باعتبار أن ذلك حق شرعي لهم دون غيرهم، عملا بقوله تعالى: ((ومن قُتِلَ مَظلوماً فقد جَعَلنا لوليه سُلطاناً)). ورغم ذلك النص القانوني وتطبيقه على الواقع وصدور أحكام مقررة بالقصاص، إلا أن أولياء الدم - في المناطق المشهورة بالثأر - يمتنعون عن طلب تنفيذ الحكم انتظاراً لخروج المحكوم عليه من السجن ليقتصوا منه بأنفسهم، أو لأنهم لا يريدون المحكوم عليه بل يسعون للثأر بقتل غيره.
ومع ذلك - وكمعالجة قانونية لهذا الوضع - يمكن العمل على استحداث نص يمكن المحكمة من إجبار أولياء الدم على الحضور أمامها وتخييرهم بين ثلاثة أمور لا رابع لها: إما طلب القصاص أو الدية أو العفو، عملا بقول الرسول صلى الله عليه وآلهوسلم : (من أصيب بدم أو خَبلٍ "جراحٍ" فهو بالخيار بين إحدى ثلاث إما أن يقتص أو يأخذ العقل "الديه" أو يعفو ، فإن أراد الرابعة فخذوا علي يديه، ومن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم). وقوله صلى الله عليه وآله وسلم : { من قُتِلَ له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يعفو وإما أن يقتل}. ومع ذلك فإن وجود مثل هذا النص القانوني لن يجدي إلا بتفعيله، وهذا لن يتأتي إلا بوجود آلية تنفيذية تمكن جهات الضبط القضائي - في مناطق الثأر المعروفة- من إجبار الخصوم على المثول أمام القضاء.
هذا ما يتعلق بتلافي القصور التشريعي، أما القصور القضائي بهذا الشأن - وإن كان لا يخلو- إلا أن تأثيره في بروز ظاهرة الثأر ليس بالصورة التي يتوهمها الكثيرون، بدليل العدد الكبير من الأحكام القضائية التي تصدر سنويا بالقصاص والتي ينفذ العديد منها في معظم محافظات الجمهورية، كما أن ثمة مئات منها لم تلق طريقها للتنفيذ بسبب سعي الكثيرين للتدخل بالصلح بتنازل أولياء الدم، وبسبب تدخل كثيرين أيضاً لإعاقة تنفيذها بالتشكيك بصحة أحكام القضاء، وبغير ذلك من الأسباب. المهم هنا أن القضاء اليمني - وبالذات في قضايا القتل - يقوم بدوره على نحو يفوق غيره في معظم دول العالم سواء من حيث مدد التقاضي أو من حيث سلامة الإجراءات.
ولاشك أن من بين العدد الكبير من الأحكام الصادرة في قضايا القتل ما يكون بالقصاص ومنها ما يكون بالدَية وفي أحيان قليلة بالبراءة، كل ذلك بحسب مدى كفاية الأدلة التي يطرحها الخصوم أمام المحاكم. ولمن يريد التأكد من صدق ما ذكرناه الرجوع الى أرشيف المحاكم والنيابات العامة وإحصائياتها.
هل يمكن تحديد رقم معين للقضايا المتعلقة بالثأر المطروحة أمام المحاكم اليمنية؟
- قضايا الثأر تدخل في التصنيف القضائي ضمن قضايا القتل، وهذا الصنف من القضايا ينقسم إلى قتل عمد وقتل خطأ، ولا يوجد تصنيف لقضايا القتل باعتبار السبب. ومن ثم فتحديد رقم معين لقضايا الثأر يحتاج إلى باحثين لاستخلاص ذلك من بين قضايا القتل العمد المنتهية المؤرشفة في خزائن النيابات العامة.
كيف يمكن الحد من الاختراقات العرفية، وخصوصاً قاعدة "المواخاة" وقاعدة "الرباعة"؟
- المواخاة والرباعة ونحوها هي قواعد قبلية عريقة لها جذور عميقة - ليس في تاريخ اليمن فحسب بل في التأريخ العربي عموماً - تمتد إلى عصر ما قبل الاسلام ، وهي مما قال عنه صلى الله عليه وآله وسلم "{ إنما بعثت لإتمم مكارم الأخلاق}، ومن ثم فالخلل ليس في القواعد ذاتها بل في تطبيقها، فتلك القواعد ليس على إطلاقها بل لها ضوابط وأسس استمر العمل بها بين قبائل اليمن مئات السنين. بيد أن تطبيق تينك القاعدتين- شأنهما شأن غيرهما من القواعد القبلية - قد أعتراه الكثير من الخلل بسبب تدني المفاهيم القبلية الأصيلة، نتيجة الجهل المستمر بتلك الأعراف والقواعد، وهذا نوع من ا لجهل الذي اشرنا إليه في بداية حديثنا كسبب رئيس من أسباب تفشي الثأر الذي كان وما يزال مذموماً عند عقلاء قبائل العرب منذ العصر الجاهلي حتى اليوم.
كلمة ختامية:
- أخيراً نقول إن أية معالجة لظاهرة الثأر لن تنجح إلا بتفاعل وتكاتف الجميع. ومن ثم فإن الحملة الوطنية التي تبناها فخامة الاخ رئيس الجمهورية المشير علي عبدالله صالح لمحاربة هذه الظاهرة هي الخطوة الصحيحة والطريقة المثلى للتغلب عليها. لذلك نأمل من الجميع - وبالذات مشائخ القبائل - من بذل أقصى جهودهم في المشاركة في الحملة الوطنية والتفاعل معها.

الأحد، 2 نوفمبر 2014

مقابلة مع الدكتور محمد عبدالملك المتوكل

مقابلة عن الثأر مع شهيد الديمقراطية والدولة المدنية أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء الدكتور محمد عبدالملك المتوكل تنشر لأول مرة
أجراها // زيد يحيى المحبشي - الاثنين 26 أبريل 2004
س: ما هي انطباعاتكم عن ظاهرة الثأر؟
ج: يجب على الدولة أن تتولى قضية مسئولية القتل أي تطبيق آية القصاص، وكان في قضاء يحسم الأمر بسرعة ويصدر الحكم إما يسلم دية أو يعفوا عنه وفق الشريعة وإما يعدموه وتنتهي.
ومعناه أن هذا من الأشياء الأساسية، كما يبدو غابة المؤسسة أين هي ليش غابت؟ يعني اليوم في دبابات أكثر، في طيارات أكثر، في أسلحة أكثر، كيف غابت هذه المؤسسة - مشيراً الى المؤسسة القضائية - وكذا حال القضاء عندنا، قضاء عنده عجز وغير قادر، أو في رضى الناس في الدولة ومؤسساتها بش موجود ومش بش موجود.
يعني هل كانت الاوضاع مثلاً أيام الإمام أحسن بشيئ ممكن؟، يعني اليوم في أوضاع اقتصادية، في طرقات، في كهرباء، في مياه، في مدارس، فمش ممكن يكون الرضا أكثر، لكن ما هو اساس المشكلة؟
فالشيخ مثلاً في الماضي، والمؤسسة القبلية كمؤسسة، هل كانت أكثر التزاماً وأكثر انضباطاً من اليوم؟
يعني كان في مؤسسة قبلية محكومة بأنظمة وقوانين ولوائح داخلة في عادات وتقاليد.
كان الشيخ في معه ديوان مفتوح كبيت المقاول جالس في القرية؛ جالس في البلاد، بينما المشائخ اليوم في العاصمة أو يتجروا في مش عارف أيش، ما عادوش مرتبطين بمنطقتهم ولا بمشاكلهم، ولا عاد الاخرين أيضاً يعطوهم نفس الاحترام، لانهم ابتعدوا عن الناس، والناس بدأوا يبتعدوا عنهم.. ارتبطوا بمصالح ثانية.
فالقضية أيضاً طرف في إطارها وتكوينها، فأصبح نظام القبيلة فيه شيئ من الانفلات، صاحب هذا الانفلات، انفلات في مؤسسات الدولة، صاحب هذا كله أيضاً تغيرات كاملة داخل الاوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.
الشيئ الآخر صادف أيضاً أن النظام حب يخلص من مشاغبات الناس، مشاغبات القبائل، فشجع هذه الثارات وشجع الصراعات بين القبائل، وكان أحيانا صراعات القبائل تتمون من مخزن للأسلحة واحد، علي القبيلي من رام، وهذا الغيثمي لا أدري ما أسمه بيتقاتل معه، أتجهوا مرة أمام مخزن للسلاح للدولة، واحد، كلهم بيتمونوا منه، اذاً الدولة استغلت هذه القضية سياسياً، من أجل أن هؤلاء ينشغلوا بما بينهم، ما يشغلوهاش، ينشغلوا عنها بالصراعات فيما بينهم.
أيضاً هناك سبب آخر، الفساد الاداري كبير والادارة لم تُبنى على أساس حقيقي ..
أولاً: بسألك سؤال: ماهي الأسس التي بيختاروا بها الموظف؟
هل الكفاءة والقدرة والنزاهة أم بيختاروا الثقة، الانتماء المناطقي، الانتماء السلالي، الانتماء القبلي، الانتماء الأسري، أم هناك الوساطة، كيف بيختاروا الموظف؟
إذا كان الاختيار على الأساس الثاني، مثلما ندي سيارة لواحد ما يعرفش يسوق، وبعدى نقول: ليش صدم، ليش يضرب، ليش يقتل، شيئ طبيعي، وأنت بتقول أدي له السيارة، خليه يتعلم من غيره، إذا هذا هو التعلم الذي بيتعلموه اليوم.
إذاً مادام ليس لديك أسس هل تنظر الى الادارة أنها أداة إنجاز؟
تنجز عمل أم تنظر اليها أنها أداة إرضاء وتوزيع مغانم؟
ولهذا الدولة هي المكنة التي تدير، هي التي تحفظ لك الأمن، وهي التي تعمل لك التعليم، الصحة، التنمية، والادارة، وعندما لا توجد هذه الادارة لا تقدم لا صحة لا تنمية لا تطور، فشيئ طبيعي أن يوجد هذا، وبالأخص عندما تزداد الضائقة الاقتصادية عند الناس.. فالحال في الوطن سواء داخل السجن وخارجه سواء.
كل هذه الأشياء من الأسباب التي تؤدي الى الثارات، ولهذا إصلاح نقطة معينة وحدها لا يتأتى، إذ لابد من إصلاح إداري، التوجه الى إصلاح أساسي، إصلاح النظام السياسي، بدونهما ستظل كل البلاوي.
تتبين جرائم داخل المدينة، جرائم النهب، جرائم السرقة، جرائم اختطاف البنات، يعني التي لا تكاد توصف وهي داخل المدينة.
س: هل تقصد أن لدينا قوانين ولكن ما ينقصها هو التطبيق؟
ج: القوانين ممتازة جداً جداً، لكن هل نحن نطبق هذه القوانين أم أنها حبر على ورق؟، ولهذا قدمت مبادرة حول الاصلاح السياسي والاداري وبعدها، بش مشكلة إذا قد عندك الجهاز القادر على العمل، اليوم اعمل أحسن البرامج، ولكن مابش هناك عمل مثل ما تريد قماش فاخر وما عندك المصنع الذي ينشئ القماش.. فأنت من أين تريد أن نبدأ؟
س: أريد أن نبدأ من الجانب التشريعي: في تصورك كيف يمكن تطوير القانون اليمني في سبيل احتواء وتجريم ظاهرة الثأر واعادة هيبة الدولة؟
ج: أولا:ً يجب أن توجد دولة، وبصراحة لدي قناعة تامة بدون أن تصلح الاداة التي تنظم الحياة في مجتمعنا، يعني القضاء الذي نحن فيه، يعني الحكام بيعبثوا بالناس، عبث كبير، والحكام أحياناً يعبث بهم من مراكز القوى، إذاً القضية فيها شيئ ما.
فإذا بدأنا بتشريع ماهي الاسباب التي جعلت ظاهرة الثارات خطيرة،، فإذا عرفت الأسباب كيف يتم معالجتها؟ بدون هذا لا يصبح الحديث له معنى، فلما نقول والله قضية التشريع، ماله التشريع، التشريع كويس نفذه، ليش ما بينفذوه؟
س: لكن الجهات القضائية تقول أنه ليس لديها الى الآن نص واضح وجازم حول قضية الثأر؟
ج: الله قد جرمه "من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً" .
كيف هذا الكلام، فلا بُد لكل هذه الأشياء، أن تناقش وتعمل، فأنا في رأيي ان من الأسباب الرئيسية في قضية الثأر، أولا: غياب النظام السياسي.
لابد أن يكون لدينا بصراحة فصل بين مؤسسات الدولة، يجب أن يكون هناك فصل حقيقي بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية والسلطة القضائية.
اليوم لا يوجد فصل حقيقي، رئيس السلطة التنفيذية هو رئيس السلطة القضائية.
الشيئ الآخر: جهاز الحكومة: ليست مسؤولة مسئولية كاملة أمام البرلمان، هذا أعتبره بداية أساسية. بدون أن يوجد نظام سياسي قائم على احترام الدستور واحترام الانظمة والقوانين والفصل بين السلطات، لا يمكن أن يوجد جهاز إداري كفؤ وقادر، لأن الجهاز الاداري الكفؤ والقادر والارادة السياسية، هل الارادة السياسية تنظر الى الادارة أنها أداة للإنجاز أم أداة للإرضاء وتوزيع المغانم؟ فإذا كانت في نظرتها هي أداة للإرضاء وتوزيع المغانم، فهو جهاز معطل، الناس بيتعيشوا فيه بس، بش ليؤدوا عمل، مادام أنت تحب واحد لا قادر ولا كفؤ، إلا أنه قريب، وإلا محل ثقتك، وإلا من القرية، وتشتي ترضي الحزب الفلاني، وإلا..
السلطة القضائية الاساسية، أنت تريد أن تحقق العدل ليش الناس يلجؤوا الى الثأر؟
لانهم لم يجدوا المؤسسة القضائية العادلة، التي تكون قادرة على إنجاز ما يمكن أن يقوموا به هم وحدهم.
يقتل هذا لا يجد أحداً يقبضه، ولا أحداً يحبسه، ولا أحداً يقدمه الى قضاء عادل، فيصير في حكم الله، وشيئ طبيعي عندما تجد نفسك غير قادر على فعل شيئ، تصيح يا بيت المحبشي يا عصابة رأسي.
إذاً لا يمكن أن تقضي على هذه الظاهرة، ما لم تُوجد مؤسسات الدولة التي تقوم بإصلاح النظام السياسي، ومن ثم إصلاح النظام الاداري، والفصل بين السلطات.
فيجب أن يوجد قضاء مستقل أولاً، لا يتدخل فيه أحد، والوحيد له احترامه، كما يجب الالتزام بتنفيذ جميع القوانين والانظمة.
إذا كان لدينا الذي بينتهكوا الدستور والقوانين هم المسئولين.. اليوم الناس يطلبوا منك إنجاز، يطلبوا منك تنمية يطلبوا منك تطور.
فيجب على سلطات الدولة أن توقف محاولة خلق الصراعات.
الشيئ الأخر: جاءني قبل أيام أشخاص من أبناء القبائل المستنيرين، هؤلاء هم أدرى اليوم بأوضاع دوائرهم، بأوضاع مناطقهم، فلماذا لا يستقطبوا؟ ويجعلوا منهم هم الاداة التي تتولى هذه القضية، وبالتالي يشكلوا منهم مؤسسة تدعمها الدولة وسيعرفون كيف يتعاملوا مع القبائل..
أولاً: أنهم يجمعون بين العلم الحديث ويجمعون بين التقاليد والعادات في قبائلهم.
ثانياً: أنهم أولاد مشائخ لايزال لهم نفوذهم.
وأنا أعرف عدد منهم/ عبدالله عبدالوهاب قاضي، مثلاً من خولان ، نزيه بن محسن نشطان..
مثل هؤلاء يُدعون ويشكلوا منهم هيئة معينة، وهم الآن يفكروا في عقد ندوة، وعندهم مشروع سوف يطرحونه، كيف يجب أن تُحل مشكلات الثارات، بعدما سمعوا دعوة الرئيس، قالوا إذا كان صحيح إحنا مستعدين نتعاون في هذا المجال.
طيب لماذا لا يستقطب هؤلاء؟
الى جانب الاتجاه الحقيقي لإصلاح النظام السياسي والنظام الاداري والقضاء بشكل خاص، في مثل هذا الحال صدقني إنه لن يمر عام واحد إلا وتكون هذه المشكلة في ذمة التاريخ.
وهذا هو رأيي بكل وضوح.
س: هناك من يعتبر كثرة انتشار السلاح في اليمن بأيدي المواطنين من الدواعي المفضية الى استفحال ظاهرة الثأر؟
ج: لا أعتقد؛ اليمنيين كانوا عبر التاريخ مسلحين، والسلاح على الأقل أحياناً يسموه "توازن الرعب"، لما واحد خصمك مسلح وأنت مسلح كل واحد منكم يتفادى الثاني، اليمنيين لم يصلوا الى مرحلة القتال فيما بينهم عندما لا يجدوا المؤسسات المنصفة، إذا لم يجدوا السلاح سيتقاتلون حتى بالحجار، عندما يجدون ظلماً ولا يجدوا إنصافاً، فقضية السلاح عذر قامر، على الدولة أن تبني مؤسساتها ..
فإذا كانت الدولة جادة وأحتمل أن الرئيس جاد، ولابد أن يلزم الاخرين أن يكونوا جادين، وإلا ستعتبر هذه الدعوة مثلها مثل أي دعوة أخرى تقال ولا ينفذ فيها شيئ..
الناس يبحثون عن العدل، الناس ضائقين، اليوم حتى القبائل ضائقين من الاوضاع التي يعيشونها، الخوف الذي يعيشوه، والثارات التي يعيشونها، كلهم بيطالبوا بالدولة.

الأحد، 12 أكتوبر 2014

لقاء صحفي مع الإمام علي عليه السلام

على حُبك يا أبا الحسن

من يستطيع أن يصل إلى بلاغة وفصاحة وشعر أمير المؤمنين عليه السلام
لا تُسيئ الظن اقرأ وأحكم
بين أيدينا لقاء صحفي مُتخيل نشرته مجلة المستقبل في العدد 314، الصادر بتاريخ 26 فبراير 1983، وهو من إعداد الكاتب والصحافي اللبناني المتميز: "رياض نجيب الريس". 
استفسر فيه الكاتب من الإمام علي عليه السلام عن شؤون مُعاصرة في حياتنا اليومية وشغلت بال الجميع، واستهل موضوعه بمقدمة شيقة ونفيسة، اجتذبت الكثيرين من مُفكري أوربا وآسيا وقتها، ووردت للمجلة الناشرة أسئلة مختلفة من وزراء إعلام عرب حول هذا اللقاء الصحفي الأكثر من رائع.

النص:

في زمن الأبواب المغلقة، ليس أمام الصحافي خيارات كثيرة، وفي زمن البحث عن طريق آمن وسط ظُلمة هذه الأيام، ليس هناك من يجرؤ أن يتباسط مع صحافي عن مدلولات اليوم طُموحاً للوصول إلى معالم الغد داخل هذا الزمن العربي الرديء، وفي أشهر التمزق الذي عاشه المواطن العربي منذ الغزو الإسرائيلي للبنان، وسُقوط الأمة العربية من محيطها إلى خليجها، باعترافها ومن دون اعترافها، تحت ظلال "السلام الإسرائيلي"، لم أجد أحداً أعرفه في العالم فأطرق بابه لأسأله عن الذي يجري، ولماذا جرى، وكيف يمكن أن يقف؟ صار اليأس كلمة نكررها صباح أو مساء كل نهار.
لذا رُحت أبحث عمن يقول لي شيئاً.
قلت لنفسي: ليس في هذا العصر من هو على استعداد لأن يمد رأسه من أية كوة مهما صغرت. حاولت أن أطرق باباً أساسياً من أبواب المعرفة، لعل صاحبه يُجيب السائل الحيران، وقررت أن أزور الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام خليفة رسول الله وأمير المؤمنين.
ولم يسبق لي أن عرفت علي بن أبي طالب من قبل، كانت معرفتي به سطحية تاريخية، كمعرفة المئات من المسلمين أمثالي، فكان لا بُد أن أطرق كتاب السيد الشريف الرضي ليقودني إلى باب علي بن أبي طالب ويفتحه لي في "نهج البلاغة" وهو الذي اختاره من كلام أمير المؤمنين عليه السلام.
وفتح السيد الشريف الرضي الباب في "نهج البلاغة" على مصراعيه، وكان هذا الباب بالنسبة لي في ساعات الظلمة الكثيرة التي مرت علينا: نُوراً ساطعاً.
ومن أنقاض الذُل الذي تمسّحنا فيه كلنا، ومن بين دركات العار التي وصلناها، أتاح لي الشريف الرضي عبر أسابيع طويلة، راحة كُبرى ساعدني فيها شرح الأستاذ الشيخ "محمد عبده".
وتوالت الأسئلة، وما كان أكثرها، وطالت الأجوبة وما كان أسخاها.
ولأن الأسئلة كانت من واضع اليوم فلم أشأ أن أجرح سيدي الإمام بأن أضع أجوبته في أيدي رُقباء هذا العصر.
لذلك ليس في حديثي المنشور اليوم: رأيه في أهل العراق، ولا رأيه في أهل مكة والكوفة والبصرة، وكما يقول سيدي الإمام: "من تذكر بُعد السفر استعد "، فقد استعددت بأن يكون حديثي بعيداً عن مزالق أيامنا المعاصرة هذه، ولعل أهم ما في أرائه غير المنشورة هو أنها تختصر الزمن كله، وكأن التاريخ لم يُغيّر من طبائع هذه الشعوب ولم يُعلمها درساً واحداً، وكان لا بُد من بداية لحديثي مع الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام. فأستأذنه بسؤالي الأول:

1 - سيدي أمير المؤمنين ما هذا الزمان الذي تعيشه أمتك؟.
"يأتي على الناس زمان لا يُقرّب فيه إلا الماحل، ولا يظّرف فيه إلا الفاجر، ولا يُضعّف فيه إلا المنصف.
يعدون الصدقة فيه غُرماً، وصلة الرحم منّاً، والعبادة استطالة على الناس، فعند ذلك يكون السلطان بمشورة النساء، وإمارة الصبيان، وتدبير الخصيان، (... لكن) إذا تغير السلطان تغير الزمان، (... و) صاحب السلطان كراكب الأسد يغبط بموقعه وهو أعلم بموضعه (... و) آلة الرياسة سعة الصدر، (... لكن) من ملك استأثر".

2 - لكن كيف يواجه المرء يا أمير المؤمنين آلة الحكم، وسُلطان الحاكم، والوضع العربي كما نعرفه اليوم عاجز ومشلول؟.
"لا خير في الصمت عن الحُكم كما أنه لا خير في القول بالجهل".

3 - وهل يعمل الحاكم بمشورة المحكومين يا أمير المؤمنين؟
"من استبد برأيه هلك، ومن شاور الرجال شاركها في عقولها (... و) من استقل وجوه الآراء عرف مواقع الأخطاء".

4 - لقد أصبح الظلم من معالم أمتك يا سيدي الإمام، أليس لهذا الظلم نهاية؟ 
"الظلم ثلاثة: ظلم لا يُغفر، وظلم لا يُترك، وظلم لا يُطلب (...) ويوم المظلوم على الظالم، أشد من يوم الظالم على المظلوم (...) ويوم العدل على الظالم، أشد من يوم الجور على المظلوم".

5 - لكن سُلطان هذا الزمان يضيق صدره بالعدل يا سيدي؟.
"من ضاق عليه العدل فالجور عليه أضيق".

6 - أليس لهذا السلطان يا سيدي أمير المؤمنين من مواصفات؟.
"لا ينبغي أن يكون الوالي (...) البخيل، فتكون في أموالهم نهمته، ولا الجاهل، فيُضِلهم بجهله، ولا الجافي، فيقطعهم بجفائه، ولا الحائف للدول فيتخذ قوماً دون قوم، ولا المرتشي في الحكم، فيذهب بالحقوق ويقف بها دون المقاطع".

7 - أين الوطن يا سيدي الإمام، وقد أصبحنا كلنا نعيش في غربة قاسية؟؟
"ليس بلد بأحق بك من بلد، خير البلاد ما حملك (...) الغنى في الغربة وطن، والفقر في الوطن غربة".

8 - الفقر يا أمير المؤمنين، ليس هو غربتنا الوحيدة، يكاد الفقر يكون مُقيماً معنا في عصر الغنى العربي؟.
ألم أقل لابني محمد بن الحنفية: يا بني اني أخاف عليك الفقر فاستعد بالله منه، فإن الفقر منقصة للدين، مدهشة للعقل، داعية للمقت (...) الفقر هو الموت الأكبر (...) ولو كان الفقر رجلاً لقتلته.

9 - لقد شحّ عطاؤنا يا أمير المؤمنين، حتى يوم كثُر مالنا؟.
"لا تستح من إعطاء القليل فإن الحرمان أقل منه (...) ومن كثُرة نعم الله عليه كثُرت حوائج الناس إليه (...) وإن إعطاء المال في غير حقه تبذير وإسراف، وهو يرفع صاحبه في الدنيا ويضعه في الآخرة، ويُكرِّمه في الناس ويُهينه عند الله (... لكن) ما أقبح الخضوع عند الحاجة والجفاء عند الغنى (...) فالمال لا يبقَ لك ولا تبقَ له".

10 - لكن الحاجة تدفع إلى الطلب أحياناً كثيرة يا سيدي الإمام؟.
"حفظ ما في يديك أَحبُ إلي من طلب ما في يد غيرك، ومرارة اليأس خير من الطلب إلى الناس".

11 - والطمع؟
"الطمع رق مؤبد".

12 - والعلم يا سيدي، أين منه المال؟
"العلم خير من المال، العلم يحرسك وأنت تحرس المال، المال تنقصه النفقة والعلم يزكو على الإنفاق (...) العلم حاكم والمال محكومٌ عليه (...) المال من غير علم كالسائر على غير طريق".

13 - أحوال العبادة في عالمنا قد ساءت يا سيدي الإمام، لم تعد تدري كيف يتعبد الناس يا أمير المؤمنين، وبماذا تؤمن؟.
"إن قوماً عبدوا الله رغبة فتلك عبادة التجار، وإن قوماً عبدوا الله شكراً فتلك عبادة الأحرار".

14 - ما الفرق بين العاقل والأحمق يا أمير المؤمنين؟.
"لسان العاقل وراء قلبه، وقلب الأحمق وراء لسانه".

15 - والأحمق ماذا يريد عادة؟.
"انه يريد أن ينفعك فيضرك".

16 - والبخيل؟.
"فإنه يبعد عنك أحوج ما تكون إليه".

17 - والفاجر؟.
"فإنه يبيعك بالتافه".

18 - والكذاب؟.
"فإنه كالسراب يُقرِّب عليك البعيد ويُبعِّد عليك القريب".

21 - أليس من الصعب الحكم على النوايا يا سيدي الإمام؟.
"وما أضمر أحدٌ شيئاً إلا ظهر في فلتات لسانه وصفحات وجهه".

22 - كيف نُعامل الناس يا أمير المؤمنين في ظل هذه الظروف الصعبة؟. 
"خالطوا الناس مُخالطة إن متم معها بكوا عليكم، وإن عشتم حنوا إليكم (...) ولا يمكن لك إلى الناس سفير إلا لسانك ولا حاجب إلا وجهك (... لقد) هانت عليه نفسه من أمّر لسانه".

23 - وأعداؤنا؟.
"إذا قدرت على عدوك فاجعل العفو عنه شُكراً للقدرة عليه".

24 - وهل نُصالح أعداءنا يا سيدي الإمام؟.
"لا تدفعن صُلحاً دعاك إليه عدوك ولله فيه رضا، فإن الصُلح دِعة لجنودك، وراحة من همومك، وأمناً لبلادك (...) ولكن الحذر كل الحذر من عدوك بعد صُلحه، فإن العدو ربما قارب ليتغفل، فخُذ بالحزم واتهم في ذلك حسن الظن".

25 - كيف نسعى يا سيدي أمير المؤمنين بين الحق والباطل؟.
"الباطل أن تقول سمعت والحق أن تقول رأيت (...و) الراضي بفعل قومٍ كالداخل فيه معهم، وعلى كل داخلٍ في باطلٍ إثمان: إثم العمل به وإثم الرضا به (...و) من صارع الحق صرعه".

26 - وكيف نعمل إذن يا أمير المؤمنين؟.
"احذر كل عمل يعمل به في السر ويستحي منه في العلانية، واحذر كل عمل إذا سُئل عنه صاحبه أنكره أو اعتذر منه".

27 - والحياة، كيف نواجهها والحالة هكذا يا سيدي؟. 
"ليس من شيء إلا ويكاد صاحبه يشبع منه ويمله، إلا الحياة فإنه لا يجد له في الموت راحة".

28 - والدهر كيف نُعامله يا مولاي الإمام؟.
"الدهر يومان: يوم لك ويوم عليك، فإذا كان لك فلا تبطر، وإذا كان عليك فأصبر، فكلاهما زائل".

29 - لكن اللؤم يكاد أن يطغَ على دهرنا هذا يا سيدي؟.
"احذروا صولة الكريم إذا جاع واللئيم إذا شبع".

30 - بل كيف ندفع التهمة عنا؟.
"من وضع نفسه مواضع التهمة لا يلومن من أساء له الظن".

31 - والإصرار على الجهل، كيف نحترس منه يا سيدي؟.
"من كثر نزاعه بالجهل دام عماه عن الحق".

32 - حتى لو أصبحنا اليوم من غير أصدقاء؟.
"أعجز الناس من عجز عن اكتساب الإخوان، وأعجز منه من ضيّع من ظفر به منهم (...) 
لكن لا تتخذن عدو صديقك صديقا فتُعادي صديقك".

33 - أين الأمل في كل هذا يا أمير المؤمنين؟.
"من وثق بماء لا يظمأ".

34 - أليس من مسك لختام حديثنا هذا يا سيدي أمير المؤمنين؟.
"ما أكثر العبر وأقل الاعتبار".

(اعتمد هذا اللقاء على ماورد في كتاب (نهج البلاغة) بأجزائه الأربعة، وهو مجموع ما اختاره الشريف الرضي من كلام الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، وكما شرحه الأستاذ الشيخ محمد عبده مفتي الديار المصرية).
السلام عليك يا أمير المؤمنين
اللهم ارزقنا الإخلاص في القول والفعل والعمل.

السبت، 30 نوفمبر 2013

مقابلة مع الدكتور عبدالكريم احمد جدبان علي

مقابلة صحفية حول قضية الثأر أجريتها مع الشهيد الدكتور العلامة/ عبدالكريم احمد جدبان علي ... وذلك بمنزله بصنعاء يوم الخميس 22/ 4/ 2004

س1: بدءاً نشكر الاستاذ عبدالكريم جدبان عضو مجلس النواب وعضو لجنة العدل والاوقاف على رحابة صدره وتلبيته دعوة الوكالة لإجراء هذه المقابلة والهادفة الى استكشاف الرؤية حول القضية الشاغلة للرأي العام حالياً وهي ظاهرة الثأر في ظل توجه القيادة السياسية لاستئصالها وإيجاد الحلول المنجعة لها لما لها من آثار سلبية على الامن والسلم الاجتماعي والاقتصاد الوطني والروابط الاجتماعية وزهق الأرواح البريئة وبدءً نود من أستاذنا إعطائنا نبذة تعريفية عن ظاهرة الثأر والجذور التاريخية لبروز هذه الظاهرة في المجتمع اليمني؟

ج: بسم الله الرحمن الرحيم إبتداءً الثأر مشكلة قديمة وليست وليدة العصر، لا من بعد الملكية أو من قبل الملكية ، ولاهي من بعد الثورة بل هي ضاربة في التاريخ لها جذور قديمة من أيام الجاهلية ولها تاريخ طويل.
وتنشأ هذه الظاهرة في ظل الأوضاع المتردية، في ظل الجهل وفي ظل غياب العدالة؛ فنبحث مظلوم الذي قُتِلَ أخوه أو أبوه أو قريبه للانتصاف فإذا لم يجد من ينصفه أضطر أن يأخذ حقه بيده، فهي قديمة جداً وليست خاصة باليمن، يعني كانت من أيام الجاهلية الأولى وجاء الاسلام وعالجها وكان للرسول صلى الله عليه وسلم دور كبير في إزالة هذه الظاهرة حتى أنه ورد عنه صلى الله عليه وسلم "ألا وإن كل رباً موضوع وأول ما أمنع ربا العباس بن عبد المطلب ألا وإن كل دم الجاهلية موضوع وأول ما أمنع هو دم ربيعة بن الحارث…" يعني أن القضية أو الظاهرة قديمة ضاربة في التاريخ بجذوره وكما اسلفت أنها تنشأ في ظل غياب العدالة فكل من لم يُنصف ولم يُعمل في قضيته بعدل يتولد لديه ردود أفعال أنه لابد أن يأخذ حقه بيده فمن هنا تنشأ الظاهرة.
ربما زادت في اليمن من بعد الثورة، حقيقة أقول: يعني من قبل كان هناك قوانين صارمة أو كان هناك تنفيذ صارم لكثير من القوانين الشرعية فلذلك كانت محدودة جداً قضية الثأر، بينما في هذه الايام من بعد الثورة ، كثير من التلاعب في قضايا الناس، عدم البت، التطويل في المحاكم، الاختلالات الامنية اختلال كبير في القضاء، يولد هذه الظاهرة فنمت هذه المشكلة بشكل أكبر في السنوات الأخيرة.

س2: ذكرت جملة من الأسباب ولكن يظل السبب الرئيسي هو القضاء لما تم فيه من اختلالات وخاصة عدم تطبيق القانون الجزائي فيما يخص القضايا الجنائية لكن هناك من يقول أن قواعد الاخاء والرباعة في العرف القبلي دور كبير في عرقلة القضاء عن أداء رسالته ما صحة هذه المعلومة؟

ج: هناك أعراف تتوافق مع الشرع وتخدم القانون وتنفيذه وهناك أعراف مخالفة . لكن بشكل عام ما دامت الاعراف موجودة في اليمن لا تخرج عن إطار الشريعة ، كثير منها ولا عن اطار القانون، لكن التلاعب الذي يحدث أحياناً من الاعراف، النزعات الشخصية لدى الزعامات القبلية، الاحقاد، البحث عن دور لدى الكثير من الشخصيات هو الذي يولد هكذا مشاكل، أما أن هناك خلافاً ما كبيراً بين الاعراف والشريعة والقوانين فليس هذا بصحيح.

س3: تزامناً مع دعوة الرئيس علي عبدالله صالح الحكومة الى تشكيل لجنة وطنية عليا لمعالجة الثأر، فقد تم تشكيل اللجنة ومباشرة عملها، ومن خلال نزولها الميداني لبعض المحافظات وجدت بعض العراقيل والضغوط من قبل بعض الشخصيات النافذة فما رأيك في هذا ؟

ج: هذا الذي أشرت إليه سابقاً أن هناك تجار حروب، الذين لا يعيشون إلا في ظل أوضاع مختلة، إلا في ظل ثارات وحروب، تجار حروب، لكن الدعوة التي أطلقها فخامة الاخ الرئيس كانت دعوة موفقة للغاية ولقيت أذاناً صاغية، وكل الناس متحمسون لها كثيراً، لان كلاً منهم قد أكتوى بنار الثأر، فلا تكاد تجد قبيلة إلا ومنها كذا كذا قتلى، كذا كذا مطارد، كلهم كنتيجة طبيعية للثأر، فلذلك مجرد أن سمعوا بالدعوة من فخامة الاخ الرئيس، استجابوا لها ، الأغلب وقرأت في كثير من الصحف ووجدت كثيراً من الناس يثنون على هذه الدعوة ويبادرون للاستجابة لها حتى في المناطق التي تكثر فيها عملية الثأر بشكل عنيف.
الجوف مثلاً وبعض المناطق الأخرى وجدت تجاوباً كبيراً مع تلك الدعوة، هناك من سيقف حائلاً دون تحقيق العدالة ، دون تنفيذ وترسيخ هذه الدعوة. دعوة التصالح والترفع عن الثأر لان لهم مصالح، لانهم يريدون إثارة الفتنة في البلد لانهم لا يعيشون إلا في ظل هذه الأوضاع.
لكن أعتقد أن التوجه العام لدى السلطة لدى القيادة السياسية ممثلة في الاخ الرئيس وفي وجهة الجماهير كلها تصب في هذا المنحى: أنها ترفض الثأر وتعمل على خلق جو من الإخاء والتعاون وترك كل ما من شأنه أن يثير الثأر والعصبية، كل هذا أستطيع أن أقول أنه سيقضي على هذه الظاهرة، فقط نحن بحاجة إلى جدية من القيادة للضغط في الاتجاه الأمني، يعني أن تؤدي الجهات الأمنية دورها كاملاً، أن يوجه القضاء بسرعة الفصل في قضايا الناس وسرعة التنفيذ، هذه من أهم ما يمكن أن يحد من هذه الظاهرة.

س4: بصفتك عضواً بمجلس النواب كسلطة تشريعية ، هل توجد إشارة الى معالجة قضية الثأر في التشريعات  اليمنية الموجودة حالياً؟.

ج: بشكل نصي هكذا لم ألحظ لكن معظم توجهات وجهة النصوص التي تدعو الى الاخاء، كالتي تدعو الى السلم، التي تدعو الى الحد من حمل السلاح، كلها تصب في هذا المنحى، وقرأت قبل يومين في صحيفة السياسة التي تصدر عن الوكالة حديثاً مطولاً مع رئيس الدائرة السياسية في المؤتمر: ويتحدث عن قانون حمل السلاح ، فيقول أن هناك من يحول دون النزول الى مجلس النواب، وهناك التفاف من قديم من دورة ماضية، شيء من هذا، أعتقد لو فُعِل هذا القانون ونزل لمجلس النواب أنه سيكون له دور كبير في الحد من حمل السلاح أو في جهة تنظيمه، يعني نحن لا ندعو الى التخلي عن حمل السلاح، كما أكد الاخ الرئيس في هذا لأننا شعب مسلح كتقليد متوارث، ولا يمكن أيضاً تجريد اليمني من سلاحه، على الاقل كما نشاهد اليوم في العراق وغيرها من المناطق المتفجرة لا يقف أمام المستبدين أو أمام الغزاة كالأمريكيين مثلاً إلا الشعوب، فلو جردنا الشعوب من السلاح من الذي سيقاوم؟.
فالعلاقة القائمة تبدأ منه ولكن الذي قاوم من بعد سقوط النظام هو الشعب رغم أنه لم يكن شعباً مسلحاً مثل اليمنيين ولذلك وجود السلاح مع اليمنيين صمام أمان من الاحتلال من الغزو من المؤامرات على اليمن فندعو الى تنظيم السلاح تنظيم حمله وحيازته وفق الرؤى القانونية التي يمكن ألا تجرد الناس من حمل السلاح بتاتاً.
وأعتقد أن توجهات السلطة والقيادة السياسية ممثلة في الاخ الرئيس تصب في هذا التوجه ,أنها تنظم قضية حمل السلاح وحيازته لا امتلاكه على الاطلاق.

س5: مؤشرات الدراسات الغير رسمية تقول أن المواطنين اليمنيين يمتلكون أكثر من 60 مليون قطعة سلاح بينما لا يتعد تعدادهم السكاني 20 مليون نسمة والمشكلة اننا ندعو الآن الى عملية تنظيم حمل السلاح كيف لذلك أن يتم مع هذا الرقم الكبير لاسيما وأن السلاح من أسباب استفحال الثأر؟.

ج: لا تعارض في وجود السلاح وتفعيل قانون تنظيم وحيازة السلاح، لأنه حقيقة  كل بيت مسلح بكذا كذا قطعة ، أنا نفسي لدي أكثر من خمس قطع صغيرة كسلاح شخصي وغيري كذلك والثاني والثالث، أما على مستوى الكبير فالبعض يمتلك ربما مئات من القطع، لكن إذا فُعِل هذا القانون وأيضاً بُت في مسائل القضاء في القضايا المتعثرة، أيضاً نداء عام، قام كثير من العلماء وأصحاب الصوت المتميز والدعاة الصادقين الذين لهم نفوذ شعبي لدي الجماهير بتوعية الناس بأهمية تنبه حيازة وحمل السلاح سيحد كثيراً من مشكلة الثأر.

س6: بالنسبة لأسواق بيع السلاح ومنها سوق الطلح وهي بطبيعة الحال خارج إطار رقابة الدولة كيف يتم معالجة هذه المسألة؟.

ج: أعتقد إذا سار قانون حمل السلاح وحيازته وتنظيمه سارياً فسيفرض على الأفراد وعلى الجماعات وعلى الاسواق وغيره.
س7: من خلال اطلاعي على تقارير لجنة الثأر التابعة لمجلس الشورى وجدت عدم الاشارة الى صعدة هل يعني هذا نسبية قضايا الثأر فيها؟.
ج: أنا أعيد هذا ربما لوجود الكثير من العلماء في هذه المحافظة والدعوة المستمرة للإخاء، الدعوة الى الصلح والكثير من الاباء العلماء لهم دور متميز في الاصلاح بين القبائل وأشهر دور كان يقوم به الوالد العلامة /إبراهيم الشهاري رحمة الله عليه أحد العلماء البارزين وصاحب الكلمة النافذة لدى القبائل كان إذا سمع أو بمجرد أن يسمع باقتتال بين قبيلتين إلا ويذهب ويرمي بنفسه بينهم ويرمي بعمامته فيتوقف الناس بمجرد أن يروا هذا الشخص، فربما من أجل أن الدور الكبير والاساسي كان للحركة العلمية المتمثلة في العلماء والوعاظ والمرشدين في تلك المنطقة للحد من ظاهرة الثأر ، ومع أن المفهوم عند الكثير من الناس أن صعدة بلاد قتل وقتال وسلاح ورغم هذا وجود السلاح على ما تكون، وكانت خارج القاعدة شذت عن القاعدة الموجودة في اليمن بالنسبة للثأر أنها ، قليلة الثأر لوجود العلماء الدعاة الى  الصلح بين الناس والى دعوة الإخاء والمحبة ووجود الوازع الديني الذي يردع الكثير من الاقتتال.

س8: لو تكرمتم بإعطائنا معلومات توضيحية عن قضية الثأر المشتعلة حالياً في منطقة منبه إحدى مديريات صعدة والتي ذكرتها بعض الصحف مؤخراً؟

ج: ليس لدي تفاصيل بالموضوع نتيجة انشغالنا كثيراً هذه الأيام في المجلس.

س9: عندما تكلمنا عن اللجنة الوطنية العليا التي دعا الى تكوينها الرئيس لمعالجة قضايا الثأر بصفتك شخص مشرع هل تعتقد أن صدور قانون ينظم عمل هذه اللجنة ويفعل آليات عملها أمر ضروري؟
ج: أنا أرى أن هناك أكثر من عامل طبيعي يجب أن يحشد في هذا التوجه: الجانب القانوني، الحسم في الجانب القضائي، قيام العلماء والمرشدين الصادقين بالدعوة والتبليغ والارشاد في أوساط الجماهير، ربما هذه العوامل وغيرها من العوامل الأخرى الثانوية المساعدة سيكون لها الدور الاساسي في التقليل من مسألة الثأر.

س10: كلمة أخيرة في هذا الخصوص؟

ج: أؤكد على الاستجابة للدعوة التي تفضل بها الاخ الرئيس للحد من الثأر والدعوة الى الصلح بين الناس وأخص بالذكر الجماهير لانهم هم الذين يرفعوا السلاح ويضعونه بإذن الله.
ان لا يصغوا الى الدعوات الهدامة، أن لا يصغوا إلى اصوات المتاجرة بالحروب، أن يراقبوا الله سبحانه وتعالى، أن يصغوا الى كلمة الحق والعدل، أن يبادر كل من الناس كل من لديه حق إلى إعطاء ما عليه من الحق وأخذ ما له من الحق بصفة أو بصورة ودية حتى دون اللجوء الى القضاء، خاصة ولدينا أعراف وتقاليد يمنية مستمدة من روح الاسلام يمكن الاحتكام اليها في إقامة صلح شامل وعام بين القبائل ورد المظالم إلى أهلها والتعاون مع الجهات المختصة وأخص منها الامنية والقضائية في تنفيذ مثل تلك الدعوة الرائعة والتي كلنا لها دعم وصوت وسند ونشكر الاخ الرئيس.